أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل بشير الصاري - اللغة العربية كما درسْتُها في الجامعة














المزيد.....

اللغة العربية كما درسْتُها في الجامعة


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 3640 - 2012 / 2 / 16 - 18:54
المحور: سيرة ذاتية
    


فتحتُ عينيَّ مبكرا على مكتبة تضم ألافا من كتب التراث في الدين والتاريخ واللغة والبلاغة والأدب والنقد ، حببت إليَّ اللغة العربية وعلومها ودفعتني ـ حين اجتزت المرحلة الثانوية ـ إلى المبادرة بالتسجيل في قسم اللغة العربية ، كلية التربية بطرابلس ، عام 1978م ، وهناك درستُ اللغة العربية عن قناعة ورغبة في تعلمها وإتقان موادها ، وبخاصة الأدب والنقد والبلاغة والعروض ، ولكن حظي العاثر وكذا حظ من درس معي أن أغلب أساتذتنا ـ سامح الله الأحياء منهم والأموات ـ قد كانوا من ذوي الاتجاه السلفي الكلاسيكي ، تطغى ثقافتهم الدينية واللغوية على المواد التي يدرسونها ، فكان الواحد منهم يدخل علينا مسلما ، ثم يستهل درسه بما يستهل به الشيوخ والدعاة دروسهم : البسملة والحمد والصلاة على النبي والصحابة والتابعين وتابعي التابعين ، ولا ينسى أثناء حديثه المطعَّم باللهجة الدارجة أن يسبحل ويستغفر ويحوقل ويسدي النصح ، ويلقي لنا بالمواعظ الأخلاقية والدينية ، فكنتُ أهمس لنفسي قائلا : هل هذا المحاضر جاء ليدعونا للإسلام ، أم أنه جاء ليعلمنا علما في العربية ؟
في السنة الأولى درَّسنا الدكتور عدنان حسين قاسم ( فلسطيني ) مادتي البلاغة والنقد بطريقة عصرية ، فكان يذكر لنا نصوصا من الشعر الحديث ، ومنه تعرفتُ على نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني ، وعلى تطور مفهوم الشعر عند شعراء الحداثة ، كما تعرفتُ منه على نصوص لأدونيس وعبد الوهاب البياتي ومحمود درويش وسميح القاسم وغيرهم ، ولا زلت أذكر حديثه عن قصيدة إليوت الشهيرة ( the waste land ) ، ولو استمر معنا لاستفدنا منه كثيرا ، لكن شاءت الأقدار أن يؤتى لنا من بعده بأستاذين كلاسيكيين ، حشوَا أدمغتنا بقواعد علميْ البيان والبديع وبأمثلة معظمها سمجة من عينة : ( محمد كالأسد في الشجاعة ـ الهلال نون لجين ـ حاجباها قوسان قاتلان ـ بِيض المطابخ ـ شموس الحق ـ فدارهم ما دمت في دارهم ـ ضربت الباب حتى كلَّ متني ) .
أحد الأستاذين درَّسنا علم البيان ، وكان يأتي بشواهد كثيرة للتشبيه من القرآن والحديث ، ويخرج من كل شاهد منها المضامين الدينية ، ثم يعرِّج على معاني مفردات الشاهد ويعربها ، ثم أخيرا يقول لنا : إن في هذه الآية أو الحديث تشبيها أركانه كذا وكذا ، ثم ينتقل إلى شاهد آخر ، وهكذا كان ـ بحمد الله ـ يمضي درس البلاغة .
وفي السنة الرابعة درَّسنا الدكتور محمد حسين ( مصري ) علم المعاني ، وكان ينتقد كثيرا ولع البلاغيين القدامى بالتقعيدات ، ويهزأ بشواهدهم ، ويرميها بالتكلف والتعسف ، فدل عقولنا وأذواقنا على أمور كنا نجهلها ، فله ولأستاذنا الدكتور عدنان حسن قاسم كل التقدير والإجلال حييْن كانا أم ميتين .
وحين أذكر الآن مادة الأدب فإن تدريسها في السنوات الأربع اقتصر على تاريخ الأدب في عصر من العصور ، ففي كل عام ندرس العوامل الثقافية والاجتماعية والسياسية المؤثرة في أدب عصر ما ، وندرس معها الأغراض الشعرية السائدة فيها ، ثم يقرأ علينا الأستاذ نصوصا مختارة .
وقد درستُ الأدب الحديث فلم أسمع من أستاذ المادة شيئا يذكر سوى مفهوم كلمة أدب ومعنى الحداثة بتفسير القرون الوسطى ، والعوامل المؤثرة في الأدب المعاصر ، ولم نأخذ من الشعر الحديث سوى بعض النصوص لشعراء المرحلة الإحيائية كالبارودي وشوقي وحافظ ، وهكذا تخرجت ولا أعرف شيئا عن الشعر الحر وقصيدة النثر، ولا عن فن القصة أو الرواية أو المسرح ، ولا زلت إلى اليوم أحتفظ بوريقات وزعها علينا عنوانها ( تطور الصحافة في ليبيا ) حسبها ـ غفر الله له ـ ضمن مقرر مادة الأدب الحديث .
ودرستُ أيضا النقد فلم أعرف منه سوى بعض موضوعات في النقد العربي واليوناني القديمين ، أما النقد الحديث فلم نتعرف من مدرِّسه إلا على معناه اللغوي والاصطلاحي عند نقاد العصر، وموضوعات قديمة مثل حد الشعر واللفظ والمعنى والسرقات الأدبية ، أما قضاياه كقضية الذاتية والموضوعية في النقد وقضية الالتزام والتحرر، وأما مناهجه المتعددة كالمنهج التاريخي والاجتماعي والأسلوبي والبنيوي والتفكيكي وغيرها ، فهذه كلها لم أسمع بها في حينها قط .
ولا أريد الاستطراد في ذكر ما درسته من مواد أخرى ، ولكن أريد أقول إني لم أدرس علوما ومقررات درسها أبناء جيلي في دول عربية أخرى شهدت نهضة تعليمية راقية مثل : فقه اللغة ـ فقه اللغة المقارن ـ النقد الأدبي المقارن ـ الأدب المقارن ـ علم الدلالة ـ علم الإيقاع ـ علم النص ـ جماليات التلقي .
ولولا تنبيه والدي إلي ـ فور تخرجي من الجامعة ـ بأن ما درسته في قسم اللغة العربية لا يؤهلني إلا لمدرس مرحلة ابتدائية ، ولولا طموحي ورغبتي في تعليم وتثقيف نفسي ومواصلة تعليمي العالي لكنت اليوم في حال غير التي أنا فيها الآن .



#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيدٌ .. ولكنْ لا أقولُ سعيدُ
- أما آن لهؤلاء الأيتام أن يعتذروا ؟
- أمنيات عربي أهبل
- لبنان .. دولة أم منتجع سياحي ؟
- أدونيس .. الشاعر الجائع
- نساء الصعيد وهوانم Garden city
- لو كان الإسلام رجلا لقتلته
- وصية ابن الراوندي
- انتظروا الزحف المليوني نحو القدس
- إشكالية وصول الكلام إلى المتلقي
- عذراً .. لا تعجبني هذه الأسماء
- فاكهة صغار الملحدين
- مراتب المؤمنين بالله
- نبي المسلمين بين محبيه وشاتميه
- بين يدي إبليس
- القذافي .. ضحية التهريج الإعلامي
- ترانيم قداس عام جديد
- الحب كما تصوره الرومانسيون الأوائل
- ثرثرة حول غربة الشعر الحديث
- كيفية الصلاة على الميت الملحد


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل بشير الصاري - اللغة العربية كما درسْتُها في الجامعة