أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جواد البشيتي - -التمويل الأجنبي- مَصْدَر إفساد ل -الربيع العربي-!















المزيد.....

-التمويل الأجنبي- مَصْدَر إفساد ل -الربيع العربي-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3638 - 2012 / 2 / 14 - 14:39
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



"التمويل الأجنبي" مَصْدَر إفساد لـ "الربيع العربي"!

جواد البشيتي

بصرف النظر عن الدوافع الكامنة في الموقف السلبي الجديد لـ "المجلس العسكري" الحاكم في مصر من المنظمات واللجان والجمعيات.. الأهلية التي لا تَتْبَع الحكومة (المصرية) والتي تُعْنى بقضايا وحقوق ومطالب شعبية ديمقراطية، وتتلقَّى الدَّعم المالي، وغير المالي، من مصادِر في الولايات المتحدة ودول أوروبية غربية، فلا يسعني، ولا يسع، كل حريص على النقاء الثوري لثورة الخامس والعشرين من يناير الرائدة المُلْهِمَة إلاَّ الوقوف، وبحزمٍ، ضدَّ هذا "التمويل الأجنبي (الغربي الإمبريالي)"، وضدَّ الدوافع والأغراض (غير المُعْلَنة) الكامنة فيه، وضدَّ كل من يَحْصَل، ويستمر في الحصول، عليه؛ فهذا التمويل كالمساعدات المالية التي تقدِّمها الولايات المتحدة لمصر، والتي هي في قسمها الأكبر مساعدات مالية لأغراض عسكرية، لا يمكن فهمه إلاَّ على أنَّه أداة في يد القوَّة الإمبريالية العظمى في العالم لجعل مصر، حكومةً وشعباً، أكثر استخذاءً لمشيئتها، وإنْ تسربل بقيمٍ ومبادئ وفضائل، إنْ فَهِمْناها بحدِّ ذاتها (وهذا يقود إلى الفهم الخاطئ) بدا لنا هذا التمويل منزَّهاً عمَّا يَكْمُن في الدافع الحقيقي إليه من رذائل.

لقد جاهدت الولايات المتحدة، وغيرها من القوى الغربية الإمبريالية، في سبيل فَتْح أبواب أسواقنا الاقتصادية والفكرية على مصاريعها؛ فالغَلَبَة يجب أنْ تكون لبضائعها كافَّة، والتي منها "بضائعها الفكرية المغشوشة"، التي هي شكلاً تشتمل على القيم والمبادئ والحقوق الديمقراطية؛ لكنَّها إمبريالية في محتواها؛ وكأنَّ تريد الوصول إلى غاياتها الإمبريالية من طريق "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان"..

إنَّ الانتهازيين، وضعاف النفوس، من المثقَّفين، ومن أهل الفكر والقلم، في مصر، وفي سائر البلاد العربية، ما زالوا ينافِحون عن "الغايات النبيلة" الكامنة في التمويل الغربي الذي ينعمون به، مع منظماتهم، ويسعون إليه؛ فما من مشروع "جديد" و"رائد" إلاَّ ويُموَّل بسخاء من "مصادِر التمويل الأجنبي"، التي تتوفَّر مع "القوى غير الظاهرة في الصُّورة" على مَدِّ الولايات المتحدة بمزيدٍ من الأسلحة والذخائر الفكرية، لعلَّها تُحْرِز نصرها الإمبريالي في "حرب الأفكار"، والتي غايتها، على ما أعلنت، غير مرَّة، "استمالة عقول وقلوب العرب".

إنَّ مِنْ "حقِّ" الولايات المتحدة أنْ تحاول حُكم العالم والسيطرة عليه، فأنتَ لا تستطيع أنْ تدعو "القوي" إلى استثمار قوَّته (العسكرية والاقتصادية والمالية والسياسية..) في مجالات، وفي طرائق وأساليب، تعود بالضرر على مصالحه الحقيقية الواقعية مِنْ دون أنْ تتحوَّل، فوراً، إلى مخلوق مِنْ مخلوقات الوَهْم. حتى دعوته إلى الرأفة السياسية بالضعفاء، وإلى انتهاج سياسة تقوم على "توازُن المصالح"، فيها مِن "الكهانة" أكثر كثيراً ممَّا فيها مِنَ "السياسة".

الولايات المتحدة لن تشذَّ عن القاعدة التاريخية في سعيها للهيمنة، ولمزيدٍ مِنَ الهيمنة (الإمبريالية) على العالم، فالفرصة التاريخية تهيأت لها، وينبغي لها اغتنامها. على أنَّ ذلك لا يعني أنَّها ترفض اختبار "أساليب ووسائل جديدة"، فالقوَّة الإمبريالية العظمى في العالم لديها مِنْ أسباب القوَّة والتفوُّق ما يغريها ببسط هيمنتها الإمبريالية مِن خلال "السيطرة على المجتمعات نفسها"، فالأسلوب القديم، أي الانقلابات العسكرية، وتبنِّي ودعم حكومات معادية لشعوبها ومجتمعاتها، ما عاد يليق بـ "تفوُّقها العالمي والتاريخي"، الذي خَلَقَ ونمَّا فيها مِن "الثقة بالنفس" ما جعلها تعتقد أنَّ في مقدورها أنْ تعيد خَلْق الشعوب والمجتمعات على مثال مصالحها وأهدافها الإمبريالية، وأنْ تُزاوِج، من ثمَّ، بين "الإمبريالية" و"الديمقراطية". إنَّها تُمارِس مِنَ "الإمبريالية" في حُكم الشعوب والمجتمعات ما يقي مصالحها وأهدافها الإمبريالية "شرور" ما يُمْنَح لهذه الشعوب والمجتمعات من "ديمقراطية"؛ وهي تريد مَنْح شعوبنا ومجتمعاتنا من "الديمقراطية" ما يفي بـ "الغرض"، وهو استمرار وزيادة هيمنتها الإمبريالية.

هذه الهيمنة الإمبريالية تحتاج، في نموذجها الجديد هذا، إلى غزو العقول، أوَّلاً، وإلى تذليل كل عقبة حكومية (عربية) من طريق هذا الغزو، فـ "الحكومات القديمة"، وبعض القوى الفكرية، يجب أنْ تُنهي "احتلالها" لعقول الناس، على أنْ تتولَّى الولايات المتحدة عبر "نُخَب فكرية محلية" ملء "الفراغ"؛ ولقد أقامت "المنظَّمات غير الحكومية"، أو "الأهلية"، تلبية لهذه الحاجة الإمبريالية إلى تغيير أنماط التفكير عند الناس وموازينهم ومعاييرهم الفكرية. هذا الغزو لعقل المجتمع بدأ بإنشاء "مراكز بحثية وعلمية وأكاديمية" لها من "قوَّة الجذب المالي" ما يكفي لإسقاط فئة واسعة مِن المثقَّفين والإعلاميين والباحثين والأكاديميين، الذين ذاقوا مرارة الإحباط والفشل والعوز، في قبضتها. لقد اغتنوا سريعاً بعد فقر مزمن، وأضاءوا بعد طول إظلام، فالراتب الشهري عشرة آلاف دولار؛ والرحلات والزيارات والنشاطات المختلفة وإنتاج الأبحاث والدراسات في شأن حقوق الإنسان والمرأة والطفل والحرِّيات والديمقراطية والبيئة والسكان والأسرة والصحة الإنجابية وسن الزواج وقوانين الأحوال الشخصية والانتخابات و"الكوتا" النسائية والنقابات المهنية والعمالية والتعليم وثقافة السلام وجرائم الشرف.. هي كلها، أيضاً، مصادر للثراء، للفساد والإفساد. لقد اشتروا "الانتلجينسيا"، أي هذا الوكيل لغزوهم الفكري والثقافي الإمبريالي، ومنحوا تلك "المراكز" و"المنظَّمات" كل ما تحتاج إليه في عملها ونشاطها مِن "حرِّيات ديمقراطية" مغرِضة، فالهدف النهائي إنَّما هو إنتاج قيادات جديدة للدول والمجتمعات، واستخدام بعض "الحرِّيات" الإعلامية والسياسية والفكرية في تفعيل سياسة "فَرِّق تَسُد"، ذات "المحتوى الإمبريالي" و"الشكل الديمقراطي"!

ولغايات "التسويق" احتاجت القوَّة الإمبريالية العظمى في العالم إلى "وكلاء" و"وسطاء" مِن أبناء جلدتنا، ولهم مِن "الخواص السياسية والفكرية والأخلاقية" ما يُماثِل خواص تلك البضائع والمنتجات الفكرية المغشوشة. وقد أقامت الولايات المتحدة، عندنا، ما يشبه "مزارع الدواجن"، التي فيها تتوفَّر على إنتاج "وكلاء للديمقراطية". واختارت أنْ تسمِّي تلك "المزارع" تسمية خادعة مضلِّلة هي "المنظَّمات غير الحكومية"، التي يُصرُّ "الكونغرس" على أنْ تُسْتَثْمَرُ فيها، وحدها، "أموال الدعم الخارجي". ويجيئون إلى تلك "المزارع" بكل المُحْبطين المتساقطين مِن قيادات وأعضاء أحزاب وتنظيمات "قديمة"، زال من نفوسهم، مع زوال "الحرب الباردة"، كل وازع أو رادع أخلاقي، فلم يبقَ لديهم من مهنة أو حرفة غير الزِّنى بالمبادئ والقيم الديمقراطية، فـ "الديمقراطية الرخيصة" تحتاج إلى ما يشبهها مِن "الديمقراطيين"!

وهذه "الديمقراطية الرخيصة"، التي يتوفَّرون على نشرها في مجتمعاتنا العربية، لا هدف لها سوى "نَقْل السُلْطة" من أيدي "الطبقات السياسية القديمة"، التي اسْتَنْفَدَت دورها "التاريخي"، وتحوَّلت إلى عبء على كاهل الولايات المتحدة، إلى أيدي "طبقات سياسية جديدة"، تُنْتِجها "المنظَّمات غير الحكومية"، ولها مصلحة في جعل رياح "الربيع العربي" تجري بما تشتهي سفينة مصالحها وأهدافها الإمبريالية؛ فَلْنَحْذَر جميعاً "منظَّمات الاسخريوطي"، التي فيها من الرُخْص الديمقراطي والقومي والأخلاقي والإنساني ما يُسوِّل لها أنْ تبيع كل ما لا يُباع بثلاثين من الفضة أو أقل!

"لا" لحُكْم العسكر في مصر؛ و"لا" أخرى، لا تقلُّ وزناً، لـ "التمويل الأجنبي"، ولكل المنتفعين منه، أفراداً ومنظمات.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خصوصية الصراع في سورية!
- منعطف مصر التاريخي!
- -المادية- في التفكير!
- -الأكوان الأخرى- و-إشعاع هوكينج-!
- في إشكالية -الأبعد- و-الأقدم- في الكون!
- -الصراع الدولي- الكامن في -الربيع العربي-!
- الإيجابية الكامنة في -الفيتو المزدوج-!
- في -التَّزامُن- Simultaneity
- في -الاقتصاد السياسي- ل -الربيع العربي-
- أهي -ديمقراطية- أم -دينقراطية-؟!
- ما معنى -انحناء الزمن-؟
- ما يَسْتَحقُّ الاهتمام في -المبادرة العربية-!
- دُوَلٌ لنفي الحقوق!
- -25 يناير-.. ثورة بدأت ولم تنتهِ!
- -المستقيم- في فضاءٍ مُنْحَنٍ
- -سَدُّ الذرائع- إذ أصبح سياسة فلسطينية!
- شيءٌ من -فلسفة التاريخ-
- شَرُّ البليَّة ما يُضْحِك!
- -الزمن- إذا -تمدَّد-!
- أسئلة تثيرها -الأزمة السورية-!


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جواد البشيتي - -التمويل الأجنبي- مَصْدَر إفساد ل -الربيع العربي-!