أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمودي جمال الدين - تهيؤآت وهلوسات منتفض















المزيد.....

تهيؤآت وهلوسات منتفض


حمودي جمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 3637 - 2012 / 2 / 13 - 09:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تهيؤ آت وهلوسات منتفض
عزيزي القارئ أرجو ان تكون متأنيا و صبورا معي, كي تواصل فصول حكايتي التي تتلاقح, وانا ضمين من انها ستسرك وستشفي غليلك, وتطفي تساؤلاتك لتستدل بها الى بعض ما يعتري عمليتنا السياسيه اليوم من امراض وعلل, لكون جذورها تمتد الى اعمق مما بدأتُ به من فصول حكايتي, فأرجو مخلصا التواصل معها وان أثقل عليك بالسرد والافاضه والتمطيط , فعمليتنا السياسيه شائكه ومعقده ومتورمه وبحاجه الى التوسع في الدراسه والتمحيص ومحاولة تتبع العروق والتغلغل بين المنابت والمنابع وكل التشعبات التي كانت تحيق بمعارضتنا العراقيه السابقه للنظام البائد وهذا لا يتاتى إلا بتضافر الجهود والآراء الحياديه الصادقه والمخلصه لتتلمس مواطن الخلل والاحاطه بها .
ليس للأفق في الصحراء من حدود أو سواتر تحجبه, لهذا يعطي مساحة منفتحة للخيال ,تمكنه من النهوض والحركة , و تحفز كوامنه المكبوته والمتراكمه في خزين الذاكرة الراكدة والمستقرة ,فيوقظها من سباتها بغية العمل بحرية ونشاط ,وبما ان ذاكرة صاحبنا ورفيق رحلتنا المنتفض ممتلئة بالمآسي و التضحيات والإحزان لكونها تنحدر من رحم مجزرة غارقة بالفجيعة والدم والدمار,وبينما هو في غمرة حلمه اليقظ وسرحانة في تيه فضائه ,ينعكس في ذهنه إخفاق وفشل مشروع انتفاضته التي شارك باندلاعها , إلى فوز ونصر مؤزر يبيح له استثمار ثمنه الذي أفاض في تقديم اسمى واعز ما يملكه من تضحيات . فيتخيل نفسه عائدا الى وطنه متوجا باكاليل النصر, وموشحا بالانواط والنياشين, تستقبله الجماهير المحتشده على الطرقات بانتظار القائد الظافر الجسور , وتتعالى الهتافات لتشق عنان السماء احتفاء وبهرجة بمقدمه الميمون ,لكنه يتخطاها غير آبه او مكترث تعففا ونكران ذات.. ليبدأ في عمله الشاق الذي عاد من اجله وهو تشكيل كابينة حكومته التي سترسي دعائم حكم طالما ناضل من اجله, و التي سترضي جميع أطياف مجتمعه, بكل ألوانه وإشكاله وسيوزع مناصب حكومته ومراكزها الحساسة على مناطق ومحافظات بلده كل حسب استحقاقه, بدون تميز وإقصاء, أو تحفظ و تهميش ,فيرفع بذلك الحيف والغبن عمن أصابهم في حكوماتهم السابقة . ويبدوا انه وفي لجة عمله واصطخابها يصطدم بالامزجه المتباينه, والطلبات الجمه والمتفاوته, والاعتراضات المتنافره على الكيفيه التي تمت بها طريقة التوزيع والمحاصصه, فتضطرم امامه المناكفات والمهاترات والمشاجرات. وبينما هو في غمار سرحان خياله الخصب, تنفلت من بين شفاهه عبارات وكلمات متقطعة ,وحركات مضطربة بأصابعه ويديه ,تنم على انه في تلك اللحظة كان في حالة هيجان وتململ, وفي حرج وصعوبة إقناع وإرضاء لمن حوله, من الجلاس الذين توافدوا واجتمعوا اليه ,والذين جاءوا من أشتات وأعراق ومناطق مختلفة, ,ضمها النسيج العراقي المزركش,( فيقول ما ذا افعل ؟؟ والله إنا في حيره من أمري أعطيت الناصرية وزارة النفط والكهرباء لا تعجبهم, ومنحت ألعماره وزارة ألزراعه أيضا رفضوها ,والبصرة التخطيط وأيضا امتنعوا عن قبولها , فماذا افعل ؟؟ وانا عاجز عن الكيفيه التي ارضي بها شعبي فيطلب الاستغاثه والعون على الموقف الذي وضع نفسه به .
ولما أضحى في قمة هستيريته وهلوسته وحركات يديه يمينا وشمالا, وعلى حين غفلة, يفيق من غفوته فيجد الاخوه من حوله ,محيطين به ممسكين يديه برفق ,مهدئين من روعه ,مربتين على كتفيه بحنو وود ومتلاطفين معه, بضحكات وابتسامات ليعيدوا إليه سكينته ووداعته المعهودة ,ولكي يلطفوا الجو من حوله يرددوا على مسامعه بظرافه ,لا تخلوا من النكته والضحك, العبارات التي أطنب اسماعهم بها قبل قليل, فيسود المرح والحبور ويبعدوا عن صاحبنا مس الهوس السلطوي الذي سكنه قبل قليل .
بعد ان عزلنا المسؤولون السعوديون في معسكر النعيريه في مخيم بعيدا عن الضباط العراقيين الأسرى بطلب منا تجنبا لشتائمهم وكلماتهم المقرفه والمقذعة والمخدشه للحياء.
نمكث في هذا المخيم قرابة الأسبوعين, وقبل الرحيل منه بيوم واستكمالا لهلوسات قائدنا السابق ,يطل علينا احد الشباب من رفاق رحلتنا, بطوله الفارع وسمرته الجنوبية, ليختلي بي ويسرني بأمر أدهشني وأربكني. مدعيا انه ضابط مخابرات عراقي ,مكلف من قبل النظام للاختلاط بين المنتفضين الفارين إلى السعودية ,ليقوم بمهام أمنيه واستخباريه, يوصلها عن أي طريق للنظام ,تبين نشاط وحركات المنتفضين, ومحاولة زرع الفتن والبغضاء بين صفوفهم, أو محاولة القيام بعمليات اغتيال أو التسميم لبعضهم ,وانه لم يكن بمفرده عندما التحق بالمنتفضين, وإنما كانوا مجموعه من العناصر المخابراتيه الذين اسندت اليهم هذه المهمة . إلا ان الأمريكان ضبطوهم متلبسين ببعض الجرائم في مخيم صفوان الحدودي, واحتجزوهم هناك, إلا انه استطاع الهرب والنفاذ من رقابتهم وعيونهم, وتمكن من والوصول إلى معسكر الحفر الباطن,ولكي يؤكد ادعائه ويعزز الثقة بحديثه ,يخرج لنا من بين ملابسه حافظة نقود, كانت تحوي على عملات أجنبيه مختلفة, من بينها الدولار والباون والمارك وغيرها ,وكان دافعه للاعتراف حسب ادعائه ,هي صحوة ضميره ,كي لا يسبب الضرر والأذى لأي عراقي ,و يرجوا منا إخبار المسئولين الامنين السعوديين بحقيقة شخصيته ومهمته التي كلفه النظام بها ,فعلا كان موضوعا يلفت النظر والتفكير, في مدى صدقيته وصحته والمغزى الذي يريده من ورائه .ونظرا لجسامته اضطرني الى استدعاء بعض الاخوه للتحقيق معه ومعرفة هويته وشخصيته ومدى صدق ادعائه ,وبقينا في تساؤل وارتياب طيلة رحلتنا من معسكر النعيريه الى تبوك, لكن الشاب كان محتفظا بوداعته ولطفه وسموا أخلاقه ,طيلة فترة بقائه بصحبتنا ولأكثر من شهرين ,إلى ان افترق عنا في تبوك إلى جهة لا نعرفها وربما تندرج هذه الحاله ضمن التهيؤآت والهلوسات العراقيه .
نحن ألان في الطريق الى تبوك ,والتي استغرقت رحلتنا اليها زهاء 36 ساعه مسيرا متواصلا, في قافلة من 33 حافله حديثه ,أقلّت جميع الضباط العراقيين الأسرى المتواجدين في النعيريه لإخلائه من الأسرى, وخصصوا لنا حافلتين اتخذّت موقعها خلف الرتل طيلة الرحلة خوفا من الاحتكاك بالأسرى.
اخترقنا في مسيرنا مدينة عرعر, والتي تبعد عن الحدود العراقية 65 كم, وتقع أقصى شمال المملكه السعوديه ويقال انها سميت بهذا الاسم نسبة الى وادي عرعر أو لكثرة شجر العرعر فيها .
إذا نحن ألان على مقربة من حدود وطننا ,نشم نسيم هوائه وعبق شذاه ,رغم ما علّق به من شوائب وسموم لوثها به المارقون الحاقدون ,نعمد الى فتح نوافذ العجلات رافضين الممانعه التي ابداها الحرس السعودي الذي كان برفقتنا ,نستنشق بعمق لنملئ رآنا بأنفاس وطننا العطرة , والتي لامست نداوتها شغاف قلوبنا وجوهنا برفق, فرقرقت محاجر عيوننا, لتنساب من بينها دموع حارقة حرى, ارتشفناها لعل فيها طعم الاحبه والأبناء ,الذين تركناهم خلفنا لمصير مجهول لاندري ماسيؤلون اليه .
وبعد مشاق هذه الرحلة الطويلة, نصل مدينة تبوك ,التي يؤرقنا تاريخها واسمها الراسخ في أذهاننا ,ونحن لم نزل في الصفوف الأولى على مقاعد الدراسة ,لنستذكر معركة تبوك التي قادها النبي الكريم لغزو الروم ,حيث قال النبي لمعاشر المسلمين وهم في طريقهم لغزوها ستأتون غدا( عين تبوك). هذه المدينة التي عمرها يقدر ب3500 سنه قبل الميلاد ,كانت عاصمة لعدة دول وامبراطوريات ,وكانت مصيف لقياصرة الروم .تقع على البحر الأحمر شمال المملكة السعودية وقريبه من الحدود الاردنيه.
ستكون محط رحالنا, ولكن بعيدا عن حاضرتها ,وفي إطرافها ,حيث مدينة الملك عبد العزيز العسكريه ,والتي تستقبلنا ظهرا ,لنسمع هدير وضجيج واصوات العراقيين من بين ثنايا الجملونات الكونكريتيه, التي توقفنا بمحاذاتها,والتي تضم ألاف من الضباط العراقيين الأسرى, الذين سبقونا بأيام ليحتلواها بكل شهامة واقتدار.
هذه الأقفاص المبنية بالبلوك الأسمنتي والمسقفة بالصفيح والحديد المضلع, ويبدوا انها كانت عبارة عن براكسات او كراجات مخصصه للعجلات او الدبابات, أضافوا إليها تحسينات كمرافق صحية وحمامات مصنوعه من الجتري والصفيح , وزودوها بسرائر حديديه وفرش اسفنجيه .
كان مقرنا البراكس الأخير حسب طلبنا أيضا ,لنفس الاعتبارات السابقة ,ولأول مره نسند ابداننا على منادر اسفنجيه وسرائر حديد ,بعد رحلة ثلاث شهور افترشنا فيها الأرض بقطعة من القماش أو برواق من الخيم. والأكل هنا يأتي ألينا جاهز ومطبوخ ,ويوزع بإشراف سعودي وعلى شكل حضائر نظمنا أنفسنا عليها حسب التآلف والانسجام.
يفتح الباب الحديدي المحكم الإقفال , ليلج منه الطباخين بمعية الحرس ,ويعاد إحكامه من خلفهم بعد صلاة الظهر لوجبة الغداء وبعد صلاة العشاء. وفي الركن الجانبي من البناء جُهزت قاعه مفروشة, لتكون مسجد للمصلين .تولى مهمة الأذان من بيننا في أوقات الصلاة, احد الاخوه الغارقين في الدين, والذي كان يصر في أدائه للأذان على طريقة المذهب الشيعي مما سبب ذلك بعض الإشكاليات ,.
حيث اعترض مسئول الحرس السعودي على بعض الفقرات في نص الأذان, وسماها بالبدع ألخارجه عن ملة الإسلام .في حين هي من مستلزمات المذهب الشيعي ومن ركائزه وضرورياته التي لا يستقيم المذهب بدون ذكرها سواء في أداء الأذان أو في طقوسياته وتعاليمه وهي نقاط الاختلاف الرئيسية بين المذاهب الاسلاميه وبالأخص المذهب الوهابي.
الذي يراه السعوديون الوهابيون بانه خير المذاهب الاصلاحيه في الاسلام المحمدي . وان الدوله لابد وان تحكم بالشريعه الاسلاميه, وإعادة التركيز على المعتقدات المحمدية الاصيله ,وهم يكفرون كل من يختلف معهم وبالأخص ألشيعه الاماميه, ويعتبروهم مشركين ,ويحق سلب أموالهم وثرواتهم , والوهابية ترفض كل المعتقدات التي قبلها ألسنه, وعدم الاعتراف بأي سلطه روحيه ,سواء للخلفاء او الائئمه من ال الرسول وذريته او القديسين والاولياء ,والسعوديون ينظرون الى أنفسهم استنادا إلى مذهبهم الوهابي الذي اعتنقوه أهل ألسنه الحقيقيون ,ومن خالفهم إما كافر أو مبتدع ضال, فالوهابية انتهجت المنهج السلفي, وحاربت كل العادات والتقاليد التي انتشرت في بلاد المسلمين, ومنعت كل إشكال التوسل أو التبرك بالقبور والأولياء, وحاربت كما يعتقدون البدع بكافة اشكالها والرجوع الى الإسلام الصافي, وهو طريقة السلف الصالح في إتباع القران وألسنه وبذلك رفضت إتباع المذاهب الفقهية الاربعه .
عاملونا باساليب رخيصة وفجه, تتضمنها إرشادات ونصائح وتوجيهات دينيه, وكأننا لأول مره نعتنق الإسلام, وكانوا يزودنا بكتيبات وكراريس يتهجمون بها على المذهب الشيعي بكل وقاحة وازدراء, دون اعتبار لمشاعرنا و لحرية الفكر والانتماء أو الاعتقاد, ويظنون اننا لسنا مسلمين مثلهم, وإنما أهل بدع وخرافات وضلاله ,وخروج على الإسلام وتعاليمه , فكراريسهم التي طبعوها خصيصا لنا ,توحي لذلك, ومن بينها كان كراس يحمل عنوان ( نصيحتي إلى كل شيعي) والذي نستشف منه إننا لسنا بمسلمين ,وان لنا قرآننا الخاص بنا وحسب تسميته في كراسهم اسمه( مصحف فاطمة) ولا نخرج هذا المصحف للقراءة إلا في شهر رمضان, ثم نعيده الى زاويته في مكان يقال له( الاهطار) حسب تعبيرهم ,وليس لنا أي اعتراف بقرآنهم ,ولا نقرب الصلاة إلا في المناسبات والمواسم, إما طقوس عاشوراء التي يمارسها ألشيعه بخشوع وحزن, فاتهاماتهم للشيعة ما انزل الله بها من سلطان, تصل بهم الوقاحة إلى إن يتهموا ألشيعه في العاشر من محرم بانهم يعلنون المشاعيه الجنسية حتى مع المحارم , والكثير من الاتهامات التي يتعذر علينا حصرها وذكرها رافقتنا إلى معسكر رفحاء الحدودي.
الجو كان معتدل الحرارة رغم إننا في شهر تموز, ولم تخلو حياتنا التي قضيناها في هذا المخيم من هنات ومناكفات وحزازات, خلقتها التكتلات على أساس مناطقي أو ولائي أو شخصي,.
وبالأخص حين أراد السعوديون التحقق من هوياتنا, هل المتواجدين في المخيم من صنف الضباط في الجيش العراقي أم مدعين,؟؟ لكون اغلبنا لايحمل معه مستمسكات ثبوتيه تشير الى هويته ومهنته ,ولكي يقفوا على حقيقة هوية بعضنا, شكلوا لهذه المهمة لجنة من ضابط استخبارات سعودي برتبة عقيد, واثنان من بيننا كنت احدهم , وكانت هذه معضلة وإحراج شخصي لانظير له بالنسبة لي, فلا يسعني التفريط وقول الحقيقه عن أي شخص حتى وان تعرفت على هويته الحقيقه ,فمعناه فك عرى الصداقه والتعارف طيلة هذه الفترة المنصرمة معهم ,لهذا لم تتوصل اللجنة المشكلة إلى النتيجة المرضية التي كان يتوخاها السعوديون, وظلت هوية بعض الاخوه مدغمه حتى وصولنا معسكر رفاء .
ولكن رغم قلة عددنا والالفه والتقارب والانسجام الذي انصهرنا به طيلة أربع شهور, ولكن يبقى حب الزعامة نفسا طاغيا لدى بعض العراقيين, حتى وهم في المعتقلات والسجون وهو من ضمن الهوس الذي يداخلهم .
حيث استكثر علي احد الإخوان ,من كان برتبة اعلى واكبر مني سنا, ان أكون انا ممثلهم بالرغم من إني حصدت القناعة والانتخاب والرضا من كل الاخوه في المعسكر, فكثر الهمس واللمس واللغط الذي كان يحيكه مع من التف من حوله من أصدقاء رحلتنا ,ولكوني تعبت من هذه المهمة ,التي أوكلوها لي الإخوان ,والتي سببت لي بعض الاحراجات و المطبات والإشكالات ,وحتى أغلق هذا الهمس الذي بدأ يطفوا على سطح مخيمنا ونزولا عند رغبة الأخ الكبير كلفته ان يتولى هذه المهمه .
ولكن على العموم لم يصل بنا سوء التفاهم حد العداء والخصام, بل سرعان ما تذوب وتختفي ويبقى الوئام سيدا بيننا ,وكأننا إفراد عائلة واحده والتي جلها لا يخلو من المشاكل .التي تنتابها بين الفينه والأخرى.
استغرق مكوثنا حتى نهاية تموز, حيث تمت عملية تبادل وتسليم الضباط العراقيين الأسرى, تحت إشراف الصليب الأحمر الدولي, ولم يبقى في المخيم غيرنا, ولكي يخلى هذا المكان من جميع ساكنيه, ارتأى السعوديون نقلنا إلى مكان آخر ,وهو عبارة عن عمارات سكنيه كانت مبنية بالأصل للمدربين الطيارين من الجيش الباكستاني, وهناك توزعنا على الغرف الذي احتواها المبنى, وقريبا من عمارتنا كان يقطن احد الضباط العراقيون الكبار, ممن اشتركوا في ألانتفاضه مع معية من صحبه ,حيث التقينا به والتففنا حوله, وصارت تجمعنا عدة لقاءات ,تتخللها أفكار وطروحات ومفاهيم وخطط, تبلورت في نتيجتها عن محاوله لتشكيل نواة للجيش العراقي ,من جميع المنتفضين الفارين إلى الأراضي السعودية, والمتواجدين في منطقة الارطاويه ورفحاء ,وشكلنا لجنه تتبنى وتتبابع هذا الغرض وبالأخص مع الجانب السعودي في طرح الموضوع عليهم ومحاولة إقناعهم بمساعدتنا وتبني أفكارنا لتشكيل نواة لهذا الجيش, على الأراضي السعودية, طالما كان لنا هذا العدد الكبير من العراقيين الفارين, واغلبهم من الجنود العراقيين,وفعلا أوصلنا الفكرة إلى الجانب السعودي ورحبو بها على ان يوصلوها الى مراجعهم العليا لعلها تجد صدى ومقبوليه لديهم ,وضلت هذه الفكره تراوح مكانها معسولة بالآمال والوعود لتباطأ السعوديين ومراوغتهم. وربما كانوا يسخرون من هذه الرؤى والتهيؤآت التي اختلجتنا , فهي بعيدة كل البعد عن اذهانهم ومفاهيمهم, فحاولو الضحك على ذقوننا عند قبول طرحها عليهم مسبقا, لانهم كانوا يضمرون لنا موضوعا اشد وقعا وايلاما علينا من هذه الهلوسات في تصورهم .وهو نقلنا الى مكان آخر وبهذه الفتره الزمنيه يستطيعون تميع وتعجيز واذابت هذا الهوس والتهيؤآت من عقولنا وتصوراتنا ,وفعلا جاء يوم ابلاغنا لتهيئة انفسنا للرحيل من هذا المكان الى مكان افضل وأنجع لكم مما انتم عليه, وسيحقق لكم ماتريدوه وتأملوه, ولم يعلمونا الجهة التي سنؤمها والتي ستكون موطننا الآخر الذي نلجئ اليه وأضحت امرا محيرا يكتنفها الغموض والريبة ومثار للتكهنات والاستفسارات والتساؤلات والتي امتنعوا تماما عن البوح والتصريح لنا بها حتى مغادرتنا في صباح اليوم التالي باتجاه مطار جده.
حمودي جمال الدين



#حمودي_جمال_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكته امنيه
- الانتهازيه معول للهدم والتخريب
- امراض المعارضه متجذره في نفوس السلطه
- صدام خلافك..........إإإ
- الحيتان جاهزه لابتلاع قانون الاحزاب قبل نضوجه
- هل مقص الرقيب كان وراء حذف مقالي ...؟؟؟
- ظاهرة التفريخ والانشطار في الاحزاب والتكتلات السياسيه العراق ...
- ملينا الظلم ونريد حريه
- فصول من حكاية تتلاقح
- امام المتقين...لم نقتفيك لا طبيعة ولا تطبعا
- حقوق سجناء رفحاء امانة بأعناقكم فلا تبخسوها
- هل يكفي الاعتذار سيدي السفير...؟؟؟
- نحن مواطنون من الدرجه الثالثه
- نظرية المؤامره والانقلاب
- سيد قوافي النخيل..مصطفى جمال الدين
- حتى الله لم يسلم من سرقاتكم
- الشراهةوالجشع ركائز ومقومات عمليتنا السياسيه
- البصرة في عيون شبابها
- المواطن بين الكهرباء والمسؤل
- تضارب التصريحات حول جاهزية القوات العراقيه بعد الانسحاب الام ...


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمودي جمال الدين - تهيؤآت وهلوسات منتفض