جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3635 - 2012 / 2 / 11 - 11:03
المحور:
حقوق الانسان
هل سأقول لناطحة السحاب التي بنيتي من مشاعري بأن التبني حرام وبأنني من اللازم أن أتزوج الناطحة التي بنيتها طوال تلك السنين لألغي حقيقة التبني؟..سؤال يطرح نفسه على مخيلتي الجامحة نحو المعقول واللامعقول,ماذا لو تركتُ عَمارتي تكبر ثم تكبر لأبني وأشيد الأعظم ثم فجأة وبدون سابق إنذار تركتها تهوي على الأرض ثم تهوي لأثبت للعالم بأن عمارتي هي الأكبر وبأنني أنا الأصغر,ماذا عن الخراب الذي سيحل ببيتي وماذا عن الدمار الذي ارتكبته بيدي حين تسلحت بأسلحة الشيطان الأكبر وحين رقصت في وسط الريح مع القراصنة,هل يستطيع أي إنسان أن يعيد بناء شخصيتي من جديد؟وهل تستطيع الملايين أن تعوضني عن حنان الأبوة الذي افتقدته,ابنتي بالتبني أو ابني بالتبني,ماذا لو تخليت فجأة عن كل ما وهبتهم إياه من حنان؟ماذا لو تركتُ عمارتي نهبا للرياح والظروف المناخية العاتية؟ماذا عن مشاعري؟كيف أتخلى عنها لأتفه الأسباب؟ هل يستطيع أي أب في الدنيا أن يعطي لأي فتاة ليست ابنته مشاعر الأبوة وفي لحظة عاثرة يتخلى عن مشاعره تلك؟من الذي يعطينا جميعا الإحساس بالأبوة ومن الذي يعطينا الحق بأن نمنح لأبناء ليسوا أبناءنا حق الأبوة وفجأة نتخلى عن كل ما أعطيناهم إياه: هل هو الدم أم الثقافة؟بمعنى آخر هل التربية من تزرع فينا الحنان الأبوي أم قرابة الدم مع الأولاد؟ وماذا عن ابنتك التي لم تراها طوال حياتك هل ستعاملها كإبنة حين تلتقي بها بعد عشرين أو ثلاثين سنة؟ أم ستعاملها كتمثال نحتته أصابعك ثم هدمته بنفس الإزميل الذي بنيته به ؟سؤال واحد بودي لو أستطيع الإجابة عليه بعيدا عن التاريخ وعن كل المرجعيات العلمية والأيديولوجية,وبعيدا عن كل الذين تبنوا أبناء لهم ثم نظروا إليهم كنزوة عابرة,هل يجوز لي أن أذهب إلى ملجأ خاص بالأيتام وأن أتبنى بنت(فتاة) صغيرة ما زالت تعيش على الحليب فقدت أمها وأبيها وأن أمنحها كل الحب والحنان الأبوي وبعد عشرين سنة أو أربع عشر سنة (14) أطلبها لنفسي وأتخذها زوجة وحبيبة أرقد فوقها في ليلة شتاء باردة وترقدُ فوقي تاركا أعضائي الخسيسة تتمددُ عليها؟ كيف سأواجه نفسي أولا قبل أن أواجهها بالحقيقة؟وماذا عن ضميري هل سيؤلمني أم سأقوم بتخديره في مساء كل ليلة خميس أو جُمعة أرنو إليها بخاصرتي ؟ وماذا عن (مراجيح )العيد التي كنت أأرجحها فيها وألقي بها في الهواء وكأنها ريشة حمام عندما تصرخ في وجهي طالبة الاستغاثة بكلمة واحدة هي (باااابااا) ,وماذا عن قطع الحلوى والبسكويت التي كنت أهديها إياه تعبيرا عن محبة الأب لأبنته كيف سيكون منظري فعلا بعد أن أتحول عن هذا الدور حين أحضر لها الحلوى والبسكويت لقضاء ليلة دافئة معها في السرير حين يسدل الظلام علينا ستارته المخملية؟كيف سيكون منظري وأنا أتفنن في جنوني,وكيف سألعب ب(الجينات) الثقافية التي كنت أزرعها فيها وكيف سأحول صورتي في داخلها من صورة أب إلى صورة رجل له نزوة جامحة حيوانية مع نظرة شهوانية؟ وكيف سأناقش الموضوع مع نفسي:أنا الذي كنت أطعمها البسكويت والشوكولاته تحت اسم: حنان الأب الآن وبدون سابق إنذار أهديها الحلوى لأتقرب منها جنسيا؟يا للهول!!ويا للفاجعة,سأكون عندها إنسانا مجنونا ولست عاقلا وهذا معناه أنني سأقضي معها بقية عمري مجنونا ومعتوها وينقصني كثيرا من الرتوش التي تجعل مني أبا حنونا,أنا لا أكاد أصدق نفسي,أنا أكاد أن أضرب رأسي في الحائط كلما تخيلت نفسي معها في السرير بذاك المنظر المقرف جدا والمقزز,أنا إنسان عاقل ولكن كيف تأخذني تصورات مثل تلك التصورات الجنونية إلى ذاك العالم الموحش في القذارة,أنا سأغرق في قذارتي إلى (شوشتي) وسأغني وقتها:(غرقان لشوشتي(أذني) وما في مي,ما كون وهمان؟ماكون خرفان؟بصير الأمر إني عشقان ومحبوبي امخربطني إشوي).
وحين أصحو من النوم في أول ليلة أدخلت فيها الوساخة على جسدي سأكسر المرايا وسأحرق الصور قبل أن آخذ معها الحمام الصباحي المعتاد,من المستحيل أن أكون بذاك التصرف إنسانا عاقلا؟كيف أخون معاهداتي الدولية واتفاقياتي السرية مع نفسي؟ وماذا عن مشاعر الأبوة التي منحتها إياها طيلة تلك السنين التي خلت؟ لقد كانت ابنتي بالتبني,هل سأدوس عليها لأستن شريعة جديدة ألغي فيها الحنان الأبوي وكأنني ألغي الحواجز الجمركية بين دولتين أو بين منطقة حرة وأخرى غير حرة؟ وهل من الممكن أن أتصور نفسي مثل الأفعى العاصرة التي نشأت في حجر إنسان وبعد أن كبرت التفت على خصره وقطعت أنفاسه وابتلعته بكل هدوء؟ هل من الممكن أن أتصور نفسي بعد طوال السنين التي كنت أعتقد فيها بأنني أب حنون فهل من الممكن أن أتخيل نفسي حيوانا أو حقيرا أو تافها أو مجنونا؟ سؤال جريء وسؤال يطرح نفسه.
ومرة أخرى هل من الممكن أن تتبنى أي امرأة طفلا من ملجأ الأيتام وبعد أن يبلغ ويكبر هل يجوز لتلك السيدة أن تتخذه في الليل زوجا وفي النهار ابنا تحن عليه كما تحن الأم على ولدها؟ هل من الممكن أن تقبل شهيتها بأن تعيش معه عشرين سنة أما وعشرين سنة أخرى زوجة؟,بعيدا عن كل المرجعيات العلمية والثقافية,ماذا يحدث لي في لحظة من اللحظات بعد أن أتبنى ابنة لي هل يجوز لي أن أشتهيها في الليل زوجة وفي النهار ابنة أحن عليها وأعطيها من مشاعر الأبوة ما يكفيها حتى حلول الظلام؟ هل أنا مضطرب عاطفيا؟ هل ينقصني فيتامين الحنان ؟ماذا عن اضطراباتي العاطفية وتخيلاتي المجوسية, وماذا عن حالتي النفسية والشعورية؟وكيف سأتخيل نفسي بعدها أنني إنسان أحترم نفسي وأحترم الاتفاقيات التي تعهدت بها بيني وبين نفسي؟ماذا عن ابروتوكولاتي وماذا عن ذهنية السطحية؟وكيف سأنظر لنفسي بعد أن أقضي منها حاجتي وشهوتي,وأين ما تربيت عليه وربيتها عليه؟,وهل سأقول لها بعين قوية:التبني مرفوض؟ هل يجوز لي.. أو هل يسمح لي شعوري أن أعاركها في الليل كما يعارك العاشق معشوقته وكما يعارك الزوج زوجته بالفراش؟كيف سأمسك بها من يديها لأدللها دلال العاشق لمعشوقته بعد أن كنت أمسكها من يديها كما يمسك الأب الطبيعي ابنته الطبيعية,أسئلة محيرة بالنسبة لي ولا أستطيع أن أتخيل نفسي بعدها بأنني إنسان محترم يحترم نفسه.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟