أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (43): اليابان ومصر ما بين فوكوشيما والثورة















المزيد.....

على هامش الثورة المصرية (43): اليابان ومصر ما بين فوكوشيما والثورة


عبير ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 3635 - 2012 / 2 / 11 - 10:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل شهر على الذكرى الأولى لزلزال ١١ مارس الذى ضرب اليابان، ومع ذكرى عام على تنحى الرئيس المصرى الأسبق محمد حسنى مبارك عن السلطة تعود أحداث اليابان لتشكل جزء من مشهد ما يحدث فى مصر بعد أن انتشرت عبر وسائل التواصل الإجتماعى مقولة لكاتب مصرى تقارن بين رد فعل المواطن اليابانى فى مواجهة الزلزال ورد فعل المواطن المصرى فى مواجهة الثورة. ولم يكن الزلزال الذى ضرب اليابان هو الجزء الوحيد من الكارثة التى واجهت اليابان، ولعل العامل الأكثر تأثيرا لم يكن الزلزال نفسه ولكن ما تبعه من مد بحرى ضخم -تسونامى- وما ترتب عليهم من أثار كبرى على المدن المتضررة بالإضافة إلى المشكلة النووية المعروفة باسم فوكوشيما نسبة للمدينة التى تقع فيها المفاعلات التى أثير حولها الجدل والتى لازالت تطرح العديد من التساؤلات حول سلامة استخدام الطاقة النووية وما يمكن أن يترتب عليها من مخاطر مقارنة بغيرها من مصادر الطاقة سواء بشكل عام أو فى اليابان تحديدا بوصفها دولة تشهد حدوث العديد من الزلازل. وعلى هامش هذه الصورة وجد البعض المجال كما يحدث دوما للمقارنة بين اليابان ومصر بالإشارة إلى وضع اليابان والشعب اليابانى بعد الزلزال وما تبعه وارتبط به من مشكلات وبين ما شهدته مصر بعد الثورة. وتركزت المقارنة بشكل أساسى فى تصرف المواطن اليابانى مقابل تصرف المواطن المصرى، فالأول وفقا لتلك المقارنة عمل على تقديم ما يمكن من أجل الخروج من الأزمة وخاصة زيادة ساعات العمل كما قيل، فى حين أن المواطن المصرى عمل على زيادة المطالبات ولم يساعد على بناء مصر وهنا تبدو المقارنة بالنسبة لى وكما علقت عليها عبر وسائل التواصل الاجتماعى شكلية وغير كافية أن أردنا النظر بعمق لما يحدث والخروج برؤى حقيقية.

أعتبر التعليق الذى قارن بين موقف الشعب المصرى واليابانى تجاه الأزمة والذى أنتشر بسرعة وبشكل كبير عبر وسائل التواصل الاجتماعى، أن الشعب اليابانى لم يركز على التعبير عن حبه لوطنه بالأغانى، ولم يستغل الفرصة للإضراب عن ما أسماه الايواء والانقاذ طلبا لزيادة الأجور، ولم يقم بوقفات احتجاجية للتعويض عما لحقهم من خسائر لأنهم وفقا للكاتب يدركون أن الوطن فى محنة، وهو ما يعنى بالضرورة أن الكاتب يدين المواطن المصرى الذى قام بكل تلك التصرفات والتى تشمل الأغانى الوطنية والإضراب والوقفات الاحنجاجية لأنها تعبير عن عدم إدراك المرحلة وعدم حب الوطن بشكل حقيقى. ولكن السؤال ما هو تعريف الوطن؟ وهل يمكن المقارنة بين حدث الثورة وحدث الزلزال والتسونامى والكارثة النووية والتى أسميها كارثة ثلاثية الأبعاد؟ هل يمكن المقارنة دون توفر عواملها الأساسية؟ وهل ستكون المقارنة سليمة بتلك الطريقة؟ وما الذى يفترض أن تقودنا إليه تلك المقارنة؟

بالطبع يعد هذا الانتشار السريع الذى تمكنه وسائل التواصل الاجتماعى سلاح ذو حدين، فكما هى التكنولوجيا عادة لها أبعادها الايجابية وأبعادها السلبية ويظل المحك الأساسى هو قدرة الفرد على إدارة حوار حول الكم الكبير من المقولات والمداخلات والتعليقات التى تمر عليه يوميا. ولعل الملاحظ خلال الأيام الماضية ظهور واضح لتعليقات لها رسائل واضحة يتم وضعها فى سياقات متعددة تجذب الانتباه إليها وتساعد على انتشارها ولكن المشكلة أن بعضها يعتمد كما ظهر على معلومات غير حقيقية. ولكننا هنا لسنا أمام معلومات ولكن أمام رؤية والرؤى حرة وتعتمد على الجدل حولها وتحتمل الاختلاف معها وحولها وهو حالى مع تلك المقارنة.

من ناحية تفتقد المقارنة فى تلك الحالة سياق تاريخى يتعلق ليس فقط بالثقافة ولكن بالعلاقة بين المواطن والدولة، أو بمعنى أساسى دور الدولة ودور مؤسساتها، والعلاقة بين المواطن وتلك المؤسسات، وما تقدمه تلك المؤسسات للفرد. ولعل الانتقاد الذى يمكن لقارئ تلك الكلمات أن يوجهه هو أن العلاقة بين المواطن والدولة يفترض بها الا تكون نفعية، وأن المواطن لا يفترض به أن يقيس الوطن بما يقدمه الوطن ألم نتعلم دوما أن حب الوطن فرض وأننا لا يجب ان نسأل عما أعطاه لنا الوطن ولكن ان نسأل عما فعلناه للوطن كما تقول الأغانى التى ينتقدها الكاتب بشكل غير مباشر!! ولكن مثل هذا التعليق يعبر عن جزء من الصورة وليس كل الصورة، كما أنه يعبر عن حالة مثالية لما يفترض أن تكون عليه الأشياء ولكن الواقع أمر أخر، كما أنها تفتقد ما أشرت إليه سابقا فيما يخص سياق الأزمة أن صحت التسمية لما شهدته اليابان وما شهدته مصر والسياق التاريخى للأحداث والعلاقات داخل كل دولة.

ما شهدته اليابان هو أزمة فى نظام قائم تتشابه بدورها مع أزمات أخرى كثيرة شهدتها مصر ولكنها لم ترتب خروج الجماهير فى وقفات احتجاجية أو طلبات بزيادة أجور كاستغلال للأزمة كما تصور الكاتب. لم يخرج الشعب المصرى خلال عقود طويلة من الظلم مستغلا الأحداث التى تمر بمصر من أجل مصالح "شخصية" أن صحت التسمية!! لم يخرج المواطن ليقطع طريق أو يتوقف عن العمل من أجل أجر لا يكفيه أو تعليم لا يخرج متعلم أو مستشفيات لا تعالج مرض أو دخول لا توفر تكلفة العلاج أو شهادات لا توفر وظيفة... تحمل المواطن المصرى الوطن وتحمل فساد وظلم النظام الحاكم لعقود ولم يقل أحد لحكامه أن اليابان لا تعامل مواطنيها بتلك الطريقة ولم يقل لهم أحد أن اليابان تقدم لمواطنيها رعاية صحية ممتازة وتعليم ممتاز بتكلفة فى إمكانية المواطن اليابانى، ولم يقل أحد للنظام أن المواطن اليابانى لا يحتاج للشكوى من مواصلات غير أدمية ولا أن يقف طوابير موت أحيانا للحصول على رغيف خبز تحول لأمل لمواطن مصرى مطحون... للآسف لم يحدث هذا ويجد البعض لديه القدرة للقول بأن المواطن المصرى لم يتحمل الوطن!!

كذلك فأن الأزمة محل المقارنة مختلفة ففى حالة اليابان نحن نتحدث عن كارثة طبيعية، وفى حالة مصر نتحدث عن ثورة بفعل كارثة بشرية ممثلة فى تصرفات نظام مراد اسقاطه فسد وأفسد لعقود طويلة. فى حالة اليابان يضاف ما سبق حول وجود نظام يقوم على خدمة مواطنيه إلى طبيعة الكارثة التى لم يكن بأمكان أحد تجنبها -على الأقل فيما يخص الجزء الطبيعى منها- ويصبح الحكم على طريقة التعامل مع الكارثة وكيفية أدارتها. فى حين أننا فى مصر ننظر لحدث مختلف، فالمشكلة لا تخص مصر ككيان ووطن ولكنها تخص نظام فاسد قامت ثورة من أجل أسقاطه وبناء نظام جديد يفترض به ان يقوم على أساس إعلاء حقوق المواطن ومكانة المواطنة كما يفترض أن تكون. فى اليابان لا يحتاج المواطن لثورة لتغيير موظف عام، ولا يحتاج لثورة للمطالبة بأبسط حقوقه كمواطن، ولكن فى مصر يحتاج الأمر لثورات بدليل أن ثورة واحدة وعام من التضحيات لم تحقق المرجو بعد لمصر.

وفى خلفية ما سبق نجد أن هناك تاريخ وثقافة وسمات مجتمع نمت عبر عقود طويلة نتيجة للعلاقة بين تلك الأبعاد السابق الإشارة إليها. فى اليابان ومع تأسس فكرة الدولة التى تعمل لصالح المواطن، والتى لا يفترض أن تخرج عما يحقق مصالحه يضمن المواطن حصوله على حقه ما دام حقه، وأن ظلت هناك الكثير من الانتقادات والتعليقات حول أداء المسئولين ووسائل الإعلام حتى فيما يخص فوكوشيما ولكن الكاتب وغيره فى عالمنا العربى يتجاوز عن تلك النقاط أحيانا من أجل توصيل رسالة واحدة لديهم. فى مصر بالمقابل تختلف الصورة، فلعقود طويلة يغيب المواطن ويهمش من أجل مصالح قلة، ويغيب الوطن نفسه ويغيب من أجل مصالح نفس القلة وما الوقوف أو الاحتجاج فى تلك الحالى إلا محاولة لاسترداد أحساس المواطن بالوطن واستعادة وطن غائب ومغيب لعقود عن مواطنيه. فى اليابان تحدث الأزمة على خلفية وطن قائم فى ظل عقد اجتماعى صحيح بين الدولة ومواطنيها، وفى مصر فأن الحدث هو ثورة تتم على خلفية عقد اجتماعى تم أفساده بين النظام الحاكم من جانب والوطن ومواطنيه من جانب أخر ومؤكد ان تلك الصور لا تقارن ولا يمكن أن تقارن. وبشكل عام لا يمكن الانتقاص من وجود عوامل إيجابية كثيرة فى المشهد اليابانى ليس فيما يخص الزلزال والتعامل معه فقط ولكن بصفة عامة، ولكن الموضوعية تقتضى تعمق فى الرؤية والتحليل لأن رسالة الكاتب التى يتم ترويجها لا تعنى إلا انتقاد المواطن المصرى، وانتقاد كل التحركات التى تمت بعد الثورة ومطالبة كل فرد بالانتظار لأن التغيير قادم وكأن المواطن لم يكن ينتظر لعقود وكأن كل ما تم بعد الثورة يؤكد ويضمن حدوث تغيير حقيقى على الأرض؟

بشكل عام تختلف حالة اليابان عن حالة مصر سواء فى طبيعة العلاقة بين المواطن والدولة، أو فى طبيعة الأزمة التى حدثت وبالتالى فى طبيعة التعامل معها، أما المقارنة الشكلية فلن تقود الإ إلى ترويج رؤى سلبية حول الثورة أو حول المواطن المصرى أو المواطنة والاحساس بالوطن وهى أمور خطيرة خاصة فى تلك المرحلة التى تمر بها الثورة المصرية وأهدافها الكبرى وخاصة إقامة دولة قائمة على الحرية وسيادة القانون وحكم الشعب.



#عبير_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الثورة المصرية (42): وقفات على هامش أحداث بورسعيد
- على هامش الثورة المصرية (41): مقولات على الهامش
- على هامش الثورة المصرية (40): مصر والحب فى اتجاه واحد
- على هامش الثورة المصرية (39): تساؤلات على هامش ذكرى الثورة
- على هامش الثورة المصرية (38): المحلف الهارب والمواطن المهان
- على هامش الثورة المصرية (37): الثورة والأيام الضائعة
- بشار وخطاب فى اللغة العربية
- على هامش الثورة المصرية (36): محاولات على هامش الوطن والثورة
- على هامش الثورة المصرية (35): التهمة امرأة
- على هامش الثورة المصرية (34): حكومة الجنزورى ومواجهة الثورة
- على هامش الثورة المصرية (33): رسائل الانتخابات بين المواطن و ...
- على هامش الثورة المصرية (32): خط أحمر
- على هامش الثورة (31): مصر الحائرة بين الوردة والعرى
- على هامش الثورة (30): فيلم يقولو واختراع الخوف
- على هامش الثورة المصرية (29): وثيقة السلمى والمادة التاسعة م ...
- القذافى قتيلا: الجلاد والضحية
- على هامش الثورة المصرية (28): أحداث ماسبيرو: كيف نواجه الأزم ...
- على هامش الثورة المصرية (27): الثورة بين التغيير والتنقيط
- على هامش كارثة (8): من قانون الطوارئ لطائرة العودة
- على هامش الثورة المصرية (26): السياسة المصرية وزيارة أخرى لل ...


المزيد.....




- تحطيم الرقم القياسي العالمي لأكبر تجمع عدد من راقصي الباليه ...
- قطر: نعمل حاليا على إعادة تقييم دورنا في وقف النار بغزة وأطر ...
- -تصعيد نوعي في جنوب لبنان-.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إ ...
- البحرية الأمريكية تكشف لـCNN ملابسات اندلاع حريق في سفينة كا ...
- اليأس يطغى على مخيم غوما للنازحين في جمهورية الكونغو الديمقر ...
- -النواب الأمريكي- يصوّت السبت على مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- شاهد بالفيديو.. العاهل الأردني يستقبل ملك البحرين في العقبة ...
- بايدن يتهم الصين بـ-الغش- بشأن أسعار الصلب
- الاتحاد الأوروبي يتفق على ضرورة توريد أنظمة دفاع جوي لأوكران ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (43): اليابان ومصر ما بين فوكوشيما والثورة