أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - منذر الفضل - الحقوق الكوردية ومستقبل العراق















المزيد.....



الحقوق الكوردية ومستقبل العراق


منذر الفضل

الحوار المتمدن-العدد: 1072 - 2005 / 1 / 8 - 10:45
المحور: القضية الكردية
    


الحقوق الكوردية ومستقبل العراق 5 Jan 2005
بقلم الدكتور منذر الفضل*

أولا - الاعتراف بحقوق الكورد مفتاح للسلام والديمقراطية
على الرغم من مرور ما يقارب 85 عاما من عمر الدولة العراقية , ما تزال القضية الكوردية هي المحور الاول في اهتمامات مختلف أنظمة الحكم التي تعاقبت على العراق وهي محط اهتمام دول الجوار الاقليمي والعالم أجمع لما للاهمية التي تحتلها هذه القضية عبر سنوات طوال والدليل على ذلك هو عدد الضحايا من الشعب الكوردي وعدد القتلى من الجيش العراقي ناهيك عن المدنين العزل الذين تضرروا من الحروب التي دارت رحاها في كوردستان وحتى خارج حدود كوردستان منذ عام 1961 حين انطلقت ثورة البارزاني مصطفى في العصر الحديث وحتى تاريخ سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان 2003 . وهذا يعني ان مفتاح بناء الديمقراطية والاستقرار في العراق الجديد لن يكون الا بفهم صادق وسليم وبحسن النوايا لحقوق الكورد التي قدموا من اجلها في نضالهم الطويل مئات الالاف من الضحايا قرابين من اجل نيل الحرية والحياة الحرة الكريمة .
وفي المقابل لابد من فهم عقل الانسان الكوردي كيف يفكر ؟ وماذا يريد ؟ ولماذا يقاوم ؟ فالكورد امة تستحق كل الاحترام والتقدير , فرغم الظلم والغبن الذي اصابها من الامم الاخرى وبخاصة من الامة العربية باعتبارها اقرب الامم للكورد بفعل سياسة الاستعلاء الفارغة وللسياسة الشوفينية الضيقة من كثير من العرب ممن لهم دور في صنع القرار السياسي الا ان الشخصية الكوردية ليست عدوانية ولا توسعية وتؤمن بالتسامح وتتميز في اكرام الضيف وتقديره وحمايته والاعتزاز به الى حد كبير وهو ما يثبت زيف المناهج الدراسية التي درسناها في المراحل الابتدائية من حصر هذه القيم بالعرب فقط دون غيرهم من خلال نموذج شخصية حاتم الطائي في الكرم العربي وشخصية عنتر بن شداد العبسي في الشجاعة العربية ..!!
ومع ذلك فان الشخصية الكوردية لن تساوم على حق من حقوقها ويبقى الكوردي يقاتل عشرات السنين حتى يستعيد حقه ومن هنا يجب ان نبنى المقومات الصحيحة لحل الاشكاليات القائمة الان في مدينة كركوك التي هي قلب كوردستان وجزء من حدود اقليم كوردستان وفي ايجاد الحلول لقضايا الصهر القومي والتعربي والتبعيث والترحيل والابعاد وغيرها من الجرائم التي طالت الشعب الكوردي والتي يجب ان يرفضها كل منصف له صحوة الضمير الانساني وحب الاخر .فماتزال هناك اشكاليات قائمة رغم سقوط نظام صدام ظلت دون حلول قانونية بينما ظلت نصوص قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية مجرد حبر على ورق في خضم سيل التصريحات من المسؤولين في الحكومة المؤقته في كل صغيره وكبيرة بينما يستشري الفساد المالي والاداري في كل زاوية من زوايا الدولة والمجتمع في الحكومة الفيدرالية بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق والمنطقة أيضا مما يزيد من تعقيد المشكلات الجوهرية ويهدد مستقبل العراق ووحدته واستقراره .

ثانيا – علاقات تاريخية مع الكورد
قبل أكثر من 35 عاما , عرفت الكورد وعشقت الشعب الكوردي , رغم ان علاقاتنا الاسرية والتجارية والاجتماعية مع الكورد في كردستان والنجف الاشرف تمتد الى ما قبل ولادتي حيث كنت اسمع منذ الطفولة ان الانسان الكردي يتميز بالصدق والامانة و بوفاء العهود فاذا وعد أوفى واذا أتمن صدق واذا قال فعل , وصار اقتران صفة الوفاء بالكرد مضربا للمثل بين العرب في الفرات الاوسط وجنوب العراق فضلا عن مميزات الشجاعة في القتال والصلابة في المواقف لما لطبيعة كردستان وتقاليد وعادات الكورد المتوارثة جيلا بعد جيل من تأثيرات على شخصية الانسان الكوردي حيث دلت التجارب من صفحات الحروب الداخلية المؤسفه بين الكورد والقوات الحكومية على قوة وشجاعة وبسالة المقاتلين من البشمركة وفنون القتال التي يجيدونها سواء في ميدان حرب العصابات ام في الحروب البرية وكذلك من خلال شجاعة الكورد في مقاتلة الارهابين ونشاطاتهم التخريبية بعد تحرير العراق .

وقد ارتفعت وتيرة العلاقة والمحبة بيني وبين شعب ميديا كثيرا , فقد اقتربت منهم و من همومهم وتفكيرهم واقتربوا مني أكثر وعرفت جيدا جوهر الصراع بين انظمة الحكم العربية العنصرية وطموحات الكورد القومية والانسانية المشروعة وعرفت كثيرا من اساليب النهج العدواني ضد الكورد , وقد كنت سعيدا بالعلاقة الحميمة الدافئة بيني وبين شعب أصيل وحي قاوم العبودية والاستبداد بشجاعة و قدم القرابين من أجل الحرية والحياة الحرة الكريمة ولم تمنع رغبته الجامحة في نيل الحرية ورفض الدكتاتورية وكل أشكال الاضطهاد واستعمال السلاح الفتاك والمحرم دوليا الذي استخدم ضد المدنين الابرياء في مناسبات متعددة ولا حتى جرائم الابادة التي فاقت في نمط بشاعتها كل ما قرأناه عن اساليب النازية الوحشية وما شاهدناه من طرق اجرامية في معتقلات النازية خلال زياراتي الى بعض دول العالم ومتاحفها التاريخية .

ثالثا – مشاهد من زيف البطولات
لقد اتيحت لي فرصة زيارة أثار البطولات الزائفة للنازية العربية بقياده بطل الفكر الشوفيني المهزوم صدام في كل مناطق كوردستان , فقد زرت حلبجة الشهيدة ولا ادري لماذا حضرت معي روح المفكر الكبير هادي العلوي وتوقفت عندي صناعه الحروف والكلمات وانا انظر لبشاعة الجريمة التي لا يصدقها العقل البشري وفاضت من روحي العروبة التي لا توازي عندي دمعه واحدة من دموع اطفال كوردستان وصرت مؤمنا اكثر بقيم وحقوق هذا الشعب الذي سجدت لتضحياته , تلك التضحيات التي تجاهلها وعاظ السلاطين وكثير من العرب المرتزقه وملايين البشر في البلاد العربية والاسلامية جهلا او تجاهلا مما يشكل وصمه عار لن يغفرها التاريخ والا مالذي يفسر هذا الصمت الذي هو مثل صمت القبور رغم جرائم الابادة المنظمة ضد الكورد عبر اقسى فترة خلال حكم صدام ؟
ونتسأل هنا هل هناك مفكر عربي او باحث او اعلامي او حاكم او محكوم ممن نطق بالحق وذكر اسباب زراعة ملايين الالغام ضد شعب أمن ؟ وهل هناك من قال بصوت شجاع لماذا تحرق ارض الكورد بهذه الوحشية والهمجية ؟ وهل ان تدمر مئات القرى وتنهب الاموال ودفن الاحياء واعدام خيرة الشباب دون محاكمة وبلا ذنب وسيلة لتحرير القدس عبر بوابه كوردستان وفقا لمفاهيم الفكر الشوفيني للبعث ؟ وهل هناك من يجد تبريرا لقصف المدارس الابتدائية في كوردستان بقنابل النابالم والقنابل الفسفورية والعنقودية ؟ وهل من يجد لنا تبريرا عن وجود عشرات المقابر الجماعية في كوردستان وفي انحاء العراق ضحايا الاكبر من الكورد ؟ ولا ادري كيف نستطيع ان نجد تفسيرا لما حصل من جرائم فاقت في بشاعتها ما ارتكبه النازيون والفاشست ابان الحرب العالمية الثانية ؟ وهل تكفي محاكمة رموز النظام السابق ام يجب ان نعيد تفسير الاحداث ونتجنب المأساة لكي لا تتكرر .

رابعا :ضرورة محالكمة صدام والمسؤولين العراقيين عن جرائمهم الدولية ضد الكورد وضد الشيعة وضد الانسانية
وفي شهر ايلول من عام 1998 في لاهاي – هولندا دعوت مع بعض الاخوة الافاضل في المعارضة العراقية الى انعقاد مؤتمر دولي للاعداد لمحاكمة صدام والمسؤولين العرافيين من خلال مؤتمر تحضره شخصيات عديدة ناشطة في حقوق الانسان والقضايا الانسانية رغم مخاطر عقد مثل هذا المؤتمر الذي جاءت الدعوة له في أوج شراسة نظام صدام , وقد تم عقد المؤتمر فعلا بحضور شخصيات عراقية معروفة ( السيد الدكتور محمد بحر العلوم والسيد الدكتور اياد علاوي والشخصية المعروفة حسن النقيب والسيد نوري البدران – وزير الداخلية والاستاذ الدكتور صلاح الشيخلي والسيدة رند رحيم والسيد بختيار أمين وغيرهم كثيرون ..) وزرت كذلك المحكمة الجنائية الدولية في مدينة لاهاي انذاك واتصلنا مع منظمة INDICT في لندن ومع العديد من المنظمات الدولية والعربية – ومنها في دولة الكويت – لتفعيل ملف المحاكمة .

نحن وان كنا لا نحبذ بقاء سياسة عقوبة الاعدام ونسعى لرفع هذه العقوبة من كل التشريعات العراقية القادمة بعد زوال المرحلة الانتقالية الا ان المجموعة القذرة تستحق عقوبة الاعدام لما فعلوه هؤلاء المجرمين بالعراقيين من جرائم خطيرة , ومن الممكن رفع هذه العقوبة بعد ذلك من القوانين العراقية حين تؤسس مقومات دولة القانون والمجتمع المدني , كما اننا ضد سياسة الانتقام والثأر وما ستقرره محكمة مجرمي الحرب العراقية يجب ان نحترمه في كل فقرات الحكم ومنها مكان وطريقة عقاب المسوؤلين العراقيين ولابد ان تكون المحاكمة عادلة وغير سياسية وضمن ضمانات قضائية دولية وان تكون علنية يحضرها الاطراف ذات العلاقة مثل منظمة العفو الدولية وذوي الضحايا ومنظمات حقوق الانسان وغيرها. ونقول : اذا لم يجر تفعيل هذه المحاكمة سريعا فان عاصفة الثأر والانتقام ستجري رياحها في العراق خلافا لما هو مطلوب لبناء دولة المؤسسات القانونية وتفعيل دور القضاء العراقي ولن تعيق مجريات العدالة عمليات الاغتيالات لبعض القضاة الافاضل التي جرت قبل فترة في بعض المحافظات العراقية فالقضاء العراقي معروف بسمعته ونزاهته وقوته امام رياح الباطل.

اننا نعتقد ان العقاب يجب ان يكون للاصلاح والردع لا لزرع بذور القسوة والعنف التي عاشها المجتمع العراقي سنوات طويلة بسبب فقدان دور القانون وغياب معايير حقوق الانسان والديمقراطية. واذا اصدرت المحكمة المختصة ( وهي محكمة عادية ولن تكون خاصة او استثنائية ) عقوبة السجن مدى الحياة – مثلا – ضد البعض من المجرمين العراقيين يمكن حينئذ تنفيذ العقوبة في العراق ونامل ان يكون للامم المتحدة دور في دعم هذه المحاكمة التي ستكون محاكمة كل العصور ...فهي اشهر من محاكمة سلوبودان مليسوفيش وفي مصاف محاكمة مجرمي الحرب من النازية بعد الحرب العالمية الثانية .

أن قضية المقابر الجماعية ومشاهد الموت والرعب التي شاهدها الجميع هي جانب من ماساة العراقيين في عهد الطاغية صدام وحزبه النازي وستكون قضية التطهير العرقي ضد الكورد الفيلية وترحيلهم قسرا وقتل المئات منهم دون ذنب احدى ملفات محاكمة صدام والمسؤولين العراقيين , هذا الى جانب قضية العدوان على دولة الكويت وملف الاسرى وضرب الاكراد بالسلاح الكيماوي وابادة 188 الف كردي في واقعة الانفال عام 1987 – 1988 وابادة مئات العوائل الشيعية في جنوب العراق من الشيعة وبخاصة بعد الانتفاضة ضد الدكتاتور عام 1991 وغيرها من قائمة الجرائم الدولية التي لا نهاية لها . كما ان موضوع التعويضات للمتضررين من الكورد والكورد الفيلية والشيعة وكل عراقي متضرر من نظام النازية العربية الصدامية هي من القواعد الاساسية لترسيخ قواعد العدل والعدالة ووضع الحد ضد تيار الثأر والانتقام .

كما ان الجميع يتطلع الى دعم وتكاتف كل الجهود الخيرة لانجاح المحاكمة ورفدها بالادلة القانونية والتعاون للوقوف الى جانب الضحايا ورعايتهم وتعويضهم بعد ايقاع العقاب على المجموعة الاجرامية التي اطلق عليها وصف او عبارة :( المجموعة القذرة من المتهمين بالجرائم الخطيرة ) وفي مقدمة هؤلاء صدام حسين واكثر من 200 متهم من المسؤولين السابقين وستكون اشهر محاكمة في التاريخ ضد اشرس المجرمين والقتلة . ولهذا لن يكون هناك مكان للسلام والامن والاستقرار دون محاكمة المتهمين بهذه الجرائم الخطيرة وفقا لقواعد العدل والانصاف .

خامسا :مصطفى البارزاني قائد عظيم لشعب عريق يعشق الحرية
أن الشعب الكوردي جزء من أمة عظيمة مجزأه ومغبونة تاريخيا وسياسيا .وهو شعب تواق للحرية والحياة الحرة القائمةعلى اساس حقوقه الثابتة في الديانات والمواثيق الدولية وحقوق المواطنه والتطلع نحو المستقبل المشرق في تحقيق امانيه القومية الثابتة والمشروعة وفي رفض الصهر القومي والتعريب وهو شعب عاشق للجبال لانها ملاذه الامن من سلاح العنصرية ومن اضطهاد الفكر الشوفيني الضيق ومن ممارسة الانظمة الخارجة عن القانون التي تعاقبت على ارض الشرائع في العراق .
لقد كنت من أسعد الناس حين شاهدت زميلاتي ( هلاله, له نجه , أنعام , هيرو , نسرين , وبروين وغيرهن من الجميلات ) وهن بملابسهن الكردية الزاهية الالوان مع زملائي في ساحة كلية الحقوق بجامعة بغداد يرقصون الدبكة الكوردية بفرح غامر بعد اتفاقية اذار في نوروز عام 1970 التي وضعت حدا للاقتتال بين الاخوة العربية – الكوردية بعد سنوات مريرة من القتال المؤسف بين الاهل في البيت الواحد , ولم يدر في خلدي يوما ما انها فرحة لن تدوم , ولم اعرف ان الغدر من طبيعة نظام البكر- صدام وحزب البعث الذين يكرهون الفرح للعراقيين ويسعون الى خراب العراق والعبث بامنه واستقراره حيث جاءت سلسلة خطوات غادرة بعد اتفاقية اذار المذكورة في تهجير خيرة الناس وهم الكورد الفيلية ( خط الدفاع الاول في الحركة الوطنية الكوردية والعراقية عموما ) وتلتها سلسلة من الجرائم الدولية في اتباع سياسة التهجير والتعريب والاختفاء القسري لمئات الالاف من الكورد كان من بين الضحايا اصدقائي واحبتي ربطتني واياهم اجمل الذكريات .
وما ان اشعل صدام فتيل الحرب ضد الجارة ايران حتى قام صدام ونظامه الدموي بضرب حلبجة وقلعة دزه وغيرها من المناطق بالسلاح الكيماوي والغازات السامة وهدم اكثر من 4500 قرية حدودية بحجة الحفاظ على الامن الوطني من (( المخربين !!)) كما اختفى اكثر من 182000 كوردي و8000 من البارزانيين وكان بينهم 73 شخصا من اقارب الرئيس مسعود البارزاني من الدرجتين الاولى والثانية واكثر من 7000 كوردي فيلي دون ذنب يذكر وهو اعلى رقم في تاريخ العالم بعد الحرب العالمية الثانية من المختفين .بل لقد جرت سلسلة من الجرائم الدولية ضد الشعب الكردي امام انظار العالم والدول العربية والاسلامية دون أي تحرك مطلوب في نصرة شعب أمن ومسالم يريد الحياة الكريمة دون اضطهاد وتمييز ويقاوم الابادة .

سادسا :الفرق بين الرمز الوطني وعبادة الاشخاص
ليس هناك أدنى شك في ان هناك فرقا كبيرا بين الرمز الوطني والقومي في حياة الشعوب والامم لوحدة صفوفها وقيادتها نحو تحقيق تطلعاتها المشروعة وتثبيت حقوقها , وبين عبادة الشخصية او الصنم في الانظمة الدكتاتورية او ذات الحزب الواحد او الصنم الواحد كما هو الحال في كثير من انظمة الحكم الشمولية مثل الاتحاد السوفيتي سابقا ورومانيا في ظل عهد شاوشيسكو والعراق في ظل حكم صدام الدموي منذ عام 1979 وحتى سقوطه في 9 نيسان 2003 وتحرر العراق بدعم قوات التحالف للعراقيين .

غير ان الشعوب الحية لابد ان تحترم قادتها ورموزها الوطنية والقومية وتحيي المناسبات التي تثمن دور القادة في حياة الشعوب , وبالنسبة للشعب الكوردي الذي قدم الكثير من التضحيات من خلال حركته التحررية الوطنية التي انطلقت منذ مطلع القرن العشرين – اي قبل بداية تاسيس الدولة العراقية – من خلال ثورة الشيخ محمود الحفيد وما اعقبها من ثورة الشيخ عبد السلام والشيخ احمد البارزاني ومن ثم ثورة القائد الملا مصطفى البارزاني في ايلول عام 1961 الذي عد من أشهر القادة الكورد واصلبهم في مقاومة الدكتاتورية وفي قيادة الشعب الكوردي نحو اهدافه القومية المشروعة من خلال نضال طويل وشاق بحكمته وصبره الذي أذهل العدو قبل الصديق .
وعلى الرغم من هناك العديد من الاحزاب الكوردية التي شكلت جزءا من الحركة الوطنية العراقية بعد الحرب العالمية الثانية ومنها مثلا ( حزب هيوا وحزب شورش ورزكاري وغيرها ) الا ان الحركة التحررية الكوردية تنسب من الناحية الفعلية الى الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي تاسس في 16 اب من عام 1946 حين انضمت هذه الاحزاب الصغيرة في كونفرس الحزب المذكور واختارت طيب الذكر مصطفى البارزاني زعيما للحزب بالاجماع لما يتمتع به من احترام وتقدير من الشعب الكوردي .
كما كان للكورد الفيلية دورا فاعلا في انشاء الحزب المذكور منذ البدايات الاولى للتاسيس وهم من خيرة ابناء العراق في الحركة القومية الكردية التحررية .وكان هذا التنظيم للشعب الكوردي من الامور البديهية بفعل ازدياد الوعي وانتشاره بين المثقفين الكورد حيث نشأت العديد من الاحزاب العربية بعد ذلك نتيجة الوعي القومي وانتشار الافكار اليسارية انذاك ولغيرها من الاسباب.

غير ان بدايات انطلاق الثورة الكوردية المنظمة كانت بقيادة البارزاني في ايلول عام 1961 لما تعرض له الكورد من ظلم واضطهاد وتمييز ضد حقوقهم القومية المشروعة .وظل الكورد يناضلون من اجل طموحاتهم المشروعة كعراقيين بين مد وجزر بقوة السلاح تارة وبقوة الكلمة تارة اخرى رغم الانشقاقات التي حصلت في الحركة التحررية الكوردية عام 1975 بعد اتفاقية الجزائر في 6 اذار عام 1975 وهو امر طبيعي في الشعوب الحية المناضلة مثل الشعب الكوردي. فهذه الانشقاقات زادته صلابة وقوة في الدفاع عن حقوقه والتمسك بهويته القومية رغم حملات التعريب الهمجية وجرائم ابادة الجنس البشري التي قادها نظام صدام سواء في المناطق الكوردية مثل كركوك وخانقين ومندلي وزرباطية وغيرها ام في طرد السكان الاصليين ومنهم الكورد الفيلية الذين هم من خيرة ابناء العراق الذين لم يسجدوا للطاغية والذين تعرضوا الى اضطهاد مزدوج لانهم من الكورد ولانهم من اتباع أهل البيت وبسبب دورهم الوطني المشرف في تاريخ العراق السياسي والاقتصادي وفي مقاومة فكر عفلق والياس فرح والبيطار وتلميذهم صدام ( مخرب العراق وجالب الكوارث والحروب ).

سابعا : من هم الكورد ؟
الشعب الكردي جزء من الآمة الكوردية العريقة المجزأه بين دول متعددة حيث يعود تاريخ الكورد الى أكثر من 5 الاف عام وجدوا على أرضهم التي تسمى ب ( أرض الكورد أو كردستان ) التي هي وطن الكورد .وقد ورد اسم الكورد القديم ( الميديون ) في الكتب القديمة ومنها التوراه او الوصايا القديمة Old testament ( العهد القديم ) , ولهذا فان وجود الكورد على ارضهم في غرب ايران وجنوب تركيا حتى سنجار وجبال حمرين هو ثابت تاريخيا مما يعد وجود الكورد في أرض الجبال او اقليم الجبال ( ميديا ) هو اسبق من الشعوب الاخرى , وقد انقسمت هذه المنطقة فيما بعد و لاسيما بعد الحرب العالمية الاولى وتجزأت الامة الكردية الى شعوب تسكن في كردستان العراق , ( كردستان الجنوبية ) وفي غرب ايران وفي كردستان الشمالية في تركيا وكذلك في سوريا , هذا بالاضافة الى وجود اعداد غفيره هاجرت بحثا عن الامان الى الاردن ولبنان وغيرها .
ونشير الى الكورد الفيلية , وهم جزء من هذه الامة الكوردية , حيث يذكر العديد من المؤرخين الى انهم من بقايا العلاميين او الكوتيين في وسط وجنوب العراق ( مندلي , بدره , جصان , خانقين , زرباطية, كركوك , بعقوبة , بغداد وغيرها من المدن العراقية الى جانب المدن الايرانية الاخرى ) . والكورد الفيليون ينحدرون من عشائر كوردية معروفة عاشت في منطقة خوزستان وشرق العراق وبخاصة في شرق دجلة وهي من اقدم المناطق التاريخية في العراق والتي نشأت عليها اقدم الشرائع .
والحقيقة ان اصل اطلاق تسمية ( الكورد الفيليون ) جاءت من اطلاق تسمية المؤرخين العرب على الكورد الذين جاءوا من كردستان ايران ( جبال زاكروز ) والذين نجحوا في الاندماج منذ مئات السنين بالمجتمع العراقي ونجحوا في امتهان العمل التجاري والزراعي والصناعي وبرزوا اكثر في ميدان الحركة الوطنية العراقية عموما وبوجه خاص في نشاطهم الوطني العراقي ضمن صفوف الحركة التحررية الكردية وضمن صفوف الحزب الشيوعي العراقي والحركات السياسية الاخرى مثل حزب الدعوة , بل ظهرت اسماء لامعة من بين الاكراد الفيلية في الحركة الوطنية العراقية وتاريخ العراق السياسي .ولهذا تعرض الكورد الفيلية الى ابشع صنوف الاضطهاد والظلم في ظل انظمة الحكم المتعاقبة في العراق وبخاصة منذ حكم البعث الاسود عام 1968 وبلغ اشد ه عقب اتفاقية اذار عام 1970 واثناء الحرب ضد ايران التي شنها نظام صدام عام 1980 .
والكورد الفيلية , مواطنون عراقيون , ينتمي اغلبيهم الى مذهب اهل البيت وهو المذهب الشيعي وهناك عدد اخر قليل منهم من غير الشيعة , وهم شعب مسالم تميز بوفاء العهود واحترام المواثيق والصدق والامانة في نشاطاتهم التجارية والاقتصادية عموما ولم تتلوث سمعتهم بأي عمل ارهابي او باعمال العنف السياسي .وهنا يذكر البروفيسور خليل اسماعيل محمد ( كولان العربي 10-2002 ) : الكورد الفيليون الاصل الحقيقي للشعب اللوري والاخير هم قسم من الامة الكردية وفقا لما جاء في موسوعة شمس الدين سامي وغيره من المعاجم والمؤلفات .كما يشير ( مينورسكي ) ان اللور هم قبائل رحالة يعود اصلها الى شعوب الهندو- اوربي .
واذا كان الكورد من الشعوب القديمة المسالمة فهم يسعون مثل باقي الشعوب الى العيش بحرية وممارسة حقوقهم الانسانية التي تقرها الديانات والاعراف والقوانين الوطنية والقانون الدولي والاعلان العالمي لحقوق الانسان والمواثيق الملحقة به , وهي حقوق ثابتهة سلبت منهم دون مبرر وحجبت عنهم دون سبب مما اضطروا الى الدفاع عن وجودهم وعن حقوقهم بالقوة وهو طريق مشروع للاحرار فالشعوب لا تموت .

ثامنا : مصطفى البارزاني الاسطورة الجبلية يؤمن بالسلام ؟
اقترن اسم الكورد مع شهر نوروز او شهر اذار من كل عام حيث تضمن هذا الشهر العديد من المناسبات المفرحة والمؤلمة للشعب الكوردي , فهو شهر تعرض فيه الكورد خلاله الى ابشع صنوف الجرائم والابادة وهو شهر تضمن مناسبات مفرحة واعياد مايزال يتذكرها ويحيها الكورد متجاوزين جروحهم منادين بالسلام و ينشدون بالتسامح من موقع القوة . ففي نوروز ( اذار ) حصلت جريمة حلبجة التي راح ضحيتها اكثر من 5000 مدني قتلوا بالسلاح الكيماوي والغازات السامة في 16 اذار من عام 1986 وفي 14 نوروز 1903 ولد القائد العظيم البارزاني في قرية بارزان وفي 1 اذار 1979 توقف قلب البارزاني في المنفى وفي 11 اذار من عام 1970 ولدت اتفاقية اذار ثم تخلى عنها نظام نظام البعث وصدام وتنصل من بنودها ناكثا العهود وفي 6 اذار عام 1975 وقع صدام وشاه ايران اتفاقية الجزائر التي فرط بموجبها صدام بنصف شط العرب لقاء تخلي شاه ايران عن دعم الثورة الكوردية وفي 1 اذار عام 1991 انطلقت شرارة الانتفاضة الباسلة في كردستان ضد حكم الطاغية وتحررت كردستان من الحكم العنصري الصدامي.
والبارزاني كان أكثر زعيم قوميّ كورديّ بارز في تاريخ الحركة التحررية الكوردية وهو رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني ( KDP ) وعندما مات في 1 مارس 1979 في مستشفى جورج تاون في واشنطن رثاه الملايين من الأكراد و الآخرون من اصدقاء الكورد والمحبين للشعب الكوردي . ولهذا ستبقى ذكراه حيّةً في قلوب كلّ الكورد الذين يساندون الأهداف التي ناضل من اجلها وقدم التضحيات الكثيرة للوصول اليها و جاهد من أجلها كلّ حياته . ولذلك سيبقى مصطفى البارزاني شخصيّةً كردية – عراقية فذّةً في تاريخ الشّعب الكورديّ و سيبقى مصدر الإلهام و المثل للشبابّ الكورد وهو الذي يلقب بالاسطورة الجبلية و الذي لم يتردّد في التزامه بالصّراع الكورديّ من اجل الوصول للسّلام و الحرّيّة و الدّيمقراطيّة .
ولابد من بيان موجز عن حياة البارزاني الشخصية للوقوف على تكوين شخصيته ودوره في الحركة التحررية الكردية كقائد كردي وعراقي يستحق الاحترام :
• اعتقل مع أمّه في سجن الموصل في عام 1906, بسبب مقاومة عشيرته للحكم العثماني وهو في عمر 3 سنوات .

• شارك بدور فاعل في ثورة شيخ محمود الحفيد في عام 1919 وكان تحت قيادته 300 رجل مسلح .
• عام 1932 قاومت قوات البارزاني الحملة الحكوميّة العراقيّة ثم اضطر الذهاب الى تركيا مع قوات البشمركة بينما اعتقل شيخ احمد البارزاني وسلم الى الحكومة العراقية وحين عاد البارزاني الى الموصل اعتقل ايضا.

• تعرض الى النفي لبلدان مختلفة للفترة ما بين 1932-1943
• عام 1945 عين قائدا للجيش في جمهورية مهاباد التي شكلها القاضي محمد الذي اعدم فيما بعد
• 1946 اسس الحزب الديمقراطي الكردستاني وبقي رئيسا للحزب حتى تاريخ وفاته عام 1979
• قاد الثورة الكردية من ايلول 1961 حتى عام 1975 حيث ذهب الى ايران ثم الولايات المتحدة الامريكية للعلاج من سرطان الرئة حتى توقف قلبه في عام 1979 واعيد دفنه في بارزان القرية التي ولد فيها في كردستان العراق .ثم تسلم الراية من بعده اولاده أدريس والذي توقف قلبه عام 1987( وهو والد الاستاذ نيجرفان رئيس وزراء حكومة أقليم كردستان ) والاخ الرئيس مسعود ( أبو مسرور ) مع نخبة من خيرة الاحرار الكورد .
وقد تعرض البارزاني واسرته وعشيرته وكوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني الى العديد من محاولات الغدر والاغتيال والتصفية كان من ابرزها محاولة تفجير مقر البارزاني حين زاره وفد ديني في 29 ايلول 1972 بعد مرور فترة قصيرة من توقيع اتفاقية اذار للسلام وكانت محاولة غادرة بتخطيط من صدام حين كان يشغل منصب نائب الرئيس , كما اغتيل بعض اولاده في بغداد وجرت محاولة اغتيال نجله الاخ الرئيس مسعود البارزاني عام 1979 في فينا عاصمة النمسا وكان من ضمن الفاعلين لهذه الجريمة ( سامي حنا عطا الله ) واغتيل العديد من رموز الحركة الكوردية من الخط الاول كما جرى تسميم العديد منهم بمادة الثاليوم ومنهم مثلا الدكتور محمود عثمان وعدنان المفتي واختفى السيد دارا توفيق و اغتيل السيد صالح يوسفي بطرد ملغوم في بغداد ...هذا عد ممارسات العسف والاضطهاد التي كانت تمارس بوحشية ضد الشخصيات الكوردية المستقلة المناصرة للحقوق الكوردية ولموقف البارزاني ومنهم مثلا المهندس نوري محمد أمين ( أحد مؤسسي حزب شورش عام 1945 وعضو اللجنة المركزية للبارتي في المؤتمر التاسيسي الاول المنعقد عام 1946 ) والاديب الكردي محرم محمد أمين الذي اغتيل عام 1981 في مدينة السليمانية .
لقد وصف البارزاني العديد من الشخصيات التي قابلته او سمعت عنه بأوصاف الشخصيات العظيمة فهو عزيز النفس , شديد التواضع , ومتسامح , يتمتع بشخصية جذابة يحترمها الجميع ويحب الضيوف ويكرمهم انسجاما مع التقاليد العشائرية للكورد وهو يفكر دائما بقضية شعبه من منطلق الحكمة والصبر والثقة بالنفس وكان يرفض الالقاب مثل الزعيم الاوحد او الاستاذ او غيرها من الاوصاف وقد انعكست هذه الشخصية وصفاتها على اولاده واحفاده , واذكر حين التقيت الاخ الفاضل كاك مسعود البارزاني للسلام عليه في لندن يوم 15 ديسمبر 2002 على هامش مؤتمر المعارضة العراقية وكذلك في مناسبات متعددة انه كان في غاية الادب والحكمة والتواضع والاخلاق الرفيعة وذكرت لوسائل الاعلام المختلفة منذ عام 2002 ان يقود العراق شخصية تتحلى بمثل شجاعة مسعود البارزاني ورفعة اخلاقه وحكمته وقدرته السياسية .
والبارزاني – رحمة الله – كان يرفض سياسة العنف والتطرف واي عمل ارهابي ولا يقبل اي تصرف يدل على الغدر مثل الاغتيالات السياسية التي لم تمارس طيلة فترة النضال للحركة التحررية الكوردية ولهذا فقد قال عنه الرئيس الراحل عبد الناصر كلمات مثيرة تليق بمقامه حين قابله في القاهرة كما كان يتمتع باحترام الزعيم عبد الكريم قاسم وقال عنه الرئيس حسني مبارك انه رجل عظيم يستحق القراءه عنه .

تاسعا:الاخوة العربية – الكوردية والمصير المشترك
لم يكن الكورد وحدهم من ضحايا النظام الدكتاتوري وحكم صدام و إنما تعرض العرب والتركمان والآشوريين لجرائم بشعة مثل تدمير وتسميم الاهوار في جنوب العراق وتقييد الحريات العامة وهدم المنازل ومصادرة الأموال والمنع من السفر والتصفيات الجسدية التي أصابت الآلاف منهم وكذلك تصفية العديد من التركمان والاشورين .
و مع ذلك فقد تميزت العلاقات العربية – الكوردية بخصوصية كبيرة قائمة على التلاحم الأخوي والشراكة في الوطن إلى جانب روابط المصاهرة الحميمة بين العشائر العربية والكوردية .ولم يمنع اختلاف القومية أو الدين أو الفكر السياسي أو المذهبي من وجود روابط أخوية متينة بين العرب والكورد .ولم يشعر في أي يوم من الأيام أن العرب هم غرباء عن الكورد أو أن الكورد هم غرباء عن العرب .
ولعل العامل الأول في ترسيخ هذه الروابط هي وحدة الوطن والمصير المشترك والرغبة الصادقة في نبذ الاستبداد ومقاومة الطغيان والتطلع إلى الحرية منذ الاحتلال العثماني وحتى أثناء عهد الاستبداد الأخير من جرائم النظام حيث لحق الكورد أضرار بالغة في أرواحهم وثرواتهم وأولادهم و أملاكهم وكيانهم ومشاعرهم الإنسانية وقد تمثلت في سياسة التعريب والتطهير العرقي والتبعيث بفرض العقيدة السياسية وغيرها من الجرائم الدولية التي لم تنل من الاخوة العربية – الكوردية لأنها جرائم مرتكبة من مجموعة من المجرمين الدوليين لا بد من أن يقدموا إلى العدالة الدولية . ..
ولعل من المفيد أن نذكر بالفتوى الدينية التي أرادتها حكومة نظام عارف و من ثم حكومة البكر من سماحة أية الله العظمى السيد محسن الحكيم لضرب الأكراد وقمع الثورة الكردية عام 1963 إلا أن سماحة السيد الحكيم رفض ذلك رفضا قاطعا داعما الثورة الكردية قائلا لوفد النظام – آنذاك – قولة المعروف ( كيف نعطي فتوى لمحاربة الكرد وهم اخوتنا في الوطن والدين ؟ ) .بل ان القائد المرحوم مصطفى البارزاني كان يرتبط بعلاقات وثيقة مع قادة العشائر العربية ورجال الدين في النجف وكربلاء والفرات الاوسط وكان يفكر بالسياسين العرب المناضلين القابعين في سجون النظام قبل ان يبدأ وفده المفاوض بطرح قضية الشعب الكوردي ويدخل في الوفد المفاوض اولا برجاء من الوفد الحكومي باطلاق سراح السجناء العرب كما قام الخالد البارزاني بحماية مئات الشخصيات والعوائل العربية من بطش نظام البعث وهو الذي وفر الحماية للشهيد مهدي الحكيم في فتره من الفترات العصيبة التي مرت على حركته السياسية قبل اغتياله رحمه الله.
والبارزاني كان يؤمن بالتسامح والعفو عند المقدرة ففي بداية السبعينات واثناء المفاوضات مع الحكم المركزي في بغداد قصده والد عبد العزيز العقيلي ( وزير الدفاع السابق الذي اشتهر بضرب الكرد ومدنهم وقصباتهم ) طالبا منه التدخل لدى حكومة البكر بالغاء عقوبة الاعدام عن ولده وفعلا اتصل البارزاني مع البكر – رغم السجل السئ للعقيلي - وموقفه غير المشرف من الاكراد وقضيتهم العادلة وتم تخفيف العقوبة الى السجن المؤبد الا ان نظام البكر – صدام اعدم العقيلي فيما بعد اثر انهيار اتفاقية اذار وتجدد القتال عام 1975 .
وفي أثناء عهود الطغيان والاستبداد السياسي التي مرت على العراق شكلت جبال كردستان ملاذا أمنا للعرب ولأبناء العشائر من الجنوب والوسط ولكل المضطهدين , كما قام الكثير من العرب بدعم الثورة الكوردية التي قادها الكرد لنيل حقوقهم المشروعة حين قاتل العرب مع اخوتهم الكرد وقام العديد من العرب بتهريب السلاح من وسط وجنوب إلى كردستان وبخاصة بعد هزيمة حزيران عام 1967 دعما للثورة الكوردية وحبا بالشعب الكوردي في نيل حقوقه القومية المشروعة وفي تقرير مصيره . وكانت عمليلت تهريب السلاح للبيشمركة من مدينة النجف الاشرف من خلال المرحوم ( قادر منتك من مدينة أربيل ) وكذلك ( العقيد فضل ابن المرحوم كامل شبيب الشخصية العسكرية المعروفة ) وقد كان لوالدي دورا في تزويد قوات البشمركة بهذا السلاح عام 1967 بحكم علاقات المودة والصداقة التي جمعته مع شخصيات عشائرية من الكورد في كوردستان .
ولهذا لم تكن من الصدفة أن تنهض الانتفاضة في كردستان في الوسط وفي الجنوب في وقت واحد ضد الظلم والطغيان الصدامي عام 1991 . وحين اختار الشعب الكوردي الفيدرالية كنظام للحكم وكنمط للعلاقة مع النظام المركزي في بغداد في انتخابات حرة وديمقراطية عام 1992 , وجب على العرب وعلى جميع الاقليات احترام هذا الخيار ودعمه وتعزيزه لأنه خيار الكورد في كردستان وهو خيار مشروع ناضل من اجله الكرد وقدم مئات الآلاف من الشهداء والتضحيات عبر نضالهم الطويل ضد الأنظمة الشوفينية و الذي استمر عشرات السنين وهو خيار لبناء الديمقراطية لمستقبل العراق .
ولا ننكر هنا دور القيادة الكردية الحكيمة وحرصها على صيانة وتعزيز الاخوة العربية – الكوردية ونشر ثقافة التسامح في العراق - ومن الطبيعي ان لا يكون هناك تسامح مع المجرمين الذين ارتكبوا جرائم دولية - حيث ان للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والاحزاب الكردستانية الاخرى دورا مهما وفاعلا في تعزيز الروابط بين ابناء العراق وفي زرع القيم الخيرة وبخاصة ما يقوم به كل من الاخ الرئيس مسعود البارزاني والاستاذ مام جلال طالباني وكذلك كوادر حزبيهما من دور حيوي لتعزيز الاخوة بين العرب والاكراد وبناء دولة القانون في العراق الفيدرالي التعددي الديمقراطي القائم على احترام حقوق الانسان تنعم به جميع القوميات واتباع الديانات بحقوق متساوية وفقا لدستور دائم ومبدأ سيادة القانون .وهو ما ظهر واضحا في مناسبات متعددة ولا سيما في مؤتمر لندن للمعارضة العراقية الذي انعقد في ديسمبر 2002 ومؤتمر المعارضة العراقية الذي انعقد في كردستان في اواخر شباط 2003 حيث بذلت جهود قيمة من كل من الاخوين الفاضلين - وكذلك الاطراف الاخرى - لرص الصفوف وانقاذ العراق من الغرق في بحر الدكتاتورية .

توصيات
1. محاسبة المسؤولين العراقين عن جرائمهم ضد الكورد واجراء محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم على مسرح الجريمة في كوردستان وجنوب العراق.
2. تعويض المتضررين العراقين جميعا واعادتهم الى وطنهم العراق وبخاصة الكرد الفيلية والكشف عن مصير المحتجزين منهم .
3. انشاء متحف لجرائم نظام صدام وضحايا حقوق الانسان
4. الاعتراف الكامل بحقوق الشعب الكوردي وحقه في تقرير مصيره واحترام نوع الشراكة التي يريدها في المستقبل والاعتراف بحقه في الاستقلال وانشاء دولته المستقله على اراضيه وفقا لقواعد حق تقرير المصير المعترف به دوليا.
5. ضمان حقوق المتضررين العراقين جميعا من الكورد ومن ضحايا التعريب وسياسة الصهر القومي والتهجير والترحيل القسري وجرائم النظام وتعويضهم تعويضا سريعا عادلا .
6- تعويض عوائل الشهداء والمعوقين من الكورد والعرب الشيعة من ضحايا نظام صدام وتخصيص جزء من ميزانية الدولة الفيدرالية لهذا الغرض .
7- تطبيع الاوضاع في مدينة كركوك بتفعيل نص المادة 58 من قانون ادراة الدولة الانتقالية واعتبار كركوك جزء من حدود اقليم كوردستان واعتبارها رمز من رموز التعايش والتسامح القومي والديني بين الجميع.
وفي الختام أقول كمواطن عراقي – عربي ان الواجب الاخلاقي والانساني يوجب علينا الاعتذار من الشعب الكوردي عن جرائم بعض العرب من ذوي الفكر العنصري الذي ارتكبوا جرائم خطيرة وعمدية ضد الكورد في حلبجة والانفال وقلعة دزة وضد الكورد الفيلية حيث كان ينبغي ان نفعل المستحيل للحيلولة بين النازية العربية وجرائمها ضد الشعب الكوردي وان لا نسكت عليها مطلقها و لهذا فانني انحني اجلالا لتضحيات الكورد ولشهدائهم وللبيشمركة الابطال , تلك النسور الجبلية الشجاعة , وان كل ما جرى ضد الكورد من جرائم وويلات لن تخرب مطلقا الاخوة العربية – الكوردية فهم شركاء في الوطن والتاريخ والدين والجغرافية والمصير الواحد وبعقولهم وحكمة الخيرين من ابناء بلاد الرافدين ستبنى الديمقراطية وتؤسس دولة القانون وتغرد الطيور اناشيد الحرية في عراق يقوده الكورد والعرب وكل القوميات الاخرى ومن مختلف الديانات والاطياف السياسية بروح التسامح والمحبة القائمة على احترام الاخر والاعتراف به وبثقافة حقوق الانسان في ظل المجتمع المدني.



#منذر_الفضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية عربية من حركة الاستفتاء الكوردستانية
- مدينة كركوك - المشكلات الاساسية والحلول القانونية
- المبادىء الاساسية للدستور الدائم في العراق الجديد
- الدولة الكوردية وثقافة الاختلاف
- تعقيب على مقال للاستاذ الدكتور عدنان الطعمة
- الوضع القانوني لمدينة كركوك في ظل العراق الفيدرالي
- الفيدرالية في جنوب العراق
- ثوابت للشراكة العادلة بين العرب والكورد
- من الاستبداد القومي الى الاستبداد الديني مخاطر جدية على الدي ...
- غدر بالجار وهدم للديار سياسة عدوانية صدامية – بعثية لن تتكرر ...
- حقوق الانسان والمجتمع المدني
- رؤية عربية من القضية الكردية
- القرار رقم 688 وارتباطة مع القرار 1441 لحماية حقوق الإنسان ...
- توضيح وتأكيد من الدكتور منذر الفضل
- فوزي الاتروشي..مبدع يسبح في بحور كوردستان
- تهنئة وتبريك
- الكورد الفيليون وحقوقهم في مستقبل العراق
- إنتهاكات حقوق المرأة في العراق والحماية القانونية لحقوقها في ...
- الكشف عن ضحايا نظام صدام في الفرات الاوسط وجنوب العراق
- العرب والاكراد مصير مشترك وعلاقات أخوية في الوطن والدين


المزيد.....




- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - منذر الفضل - الحقوق الكوردية ومستقبل العراق