أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - اكرم هواس - انا حر... فقد اصبحت صديقا للشيطان..















المزيد.....

انا حر... فقد اصبحت صديقا للشيطان..


اكرم هواس

الحوار المتمدن-العدد: 3631 - 2012 / 2 / 7 - 04:20
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


انا حر... فقد اصبحت صديقا للشيطان..
انها... ثورة الحباطل...

د. اكرم هواس- اكاديمي عراقي- الدنمارك

منذ اكثر بقليل من ثلاثة اشهر كتبت مقالة بعنوان ثورة ديمقراطية... ام ثورة الثنائيات..؟ و وعدت بالعودة الى الموضوع لاحقا و لكني انشغلت بامور اخرى و كتبت مقالات عن موضوعات مختلفة و الان اعود الى هذا الموضوع الحيوي و الاني الذي نعيشه و نتلمس تطوراته و تغييراته و ان كنا ما زلنا بعيدين جدا عن نتائجه المرتقبة و غير المرتقبة سواء كانت مرغوبة ام .... في هذه المقالة ساطلق العنان للخيال فالخيال هو الذي يصنع الواقع حتى و ان كان ذلك بطريقة و هيئة ممسوخة...سأقدم صورة تتجاوز التصنيفات التقليدية بين الحب و الكره... بين الصالح و الطالح... بين الصح و الخطأ... وبين الحق و الباطل.. هل يمكن ذلك..؟

مخيال الثورة...

يقال ان الثورة حق... وان الذين تدمي معصمهم القيود من حقهم ان يكسروا هذه القيود... و الذين يرزحون تحت نير العبودية من حقهم ان يثوروا ضد السلطان... و يقال ان كل السلاطين ظالمون وان كانوا يختلفون في شدة ظلمهم من زمن لاخر و من مكان لاخر و ضد هذه او تلك من امم الناس.... يقال و يقال...و يقال... ولكن..اذا كان الحق حقا و الحق يعطي لكل ذي حق حقه فهل يحق للباطل ان يكون باطلا و ان يعلن سلطانه على كل راغب في مملكة الله...؟ ....او هل يمكن للحق و هو يحق الحق ان يجعل للباطل حقا في ان يكون باطلا على شاكلة الحق نفسه؟....

في الميثولوجيا الدينية فان الله هو الحق و الشيطان هو الباطل... و ان الله اعطى الحق للشيطان للعمل كما يشاء حتى يأتي يوم الحساب.... و في ميثولوجيا الرؤية المعاكسة التي يطلق عليها البعض بالالحاد فان الشيطان يمثل تمردا على سطوة الله اي ان الشيطان يمثل رمزا للتحرر من قوانين النظام الكوني الذي خلقه الله.... المؤمنون بالله يعتبرون الالتزام بهذه القوانين تحررا من رغبات و شهوات النفس ... والدين يعتبر العبودية لله تحررا من عبودية الذات... اما الشيطان فيعتبر الذات مهربا من عبودية الطاعة لله ... و اتباعه يسعون الى نشر الفساد و الفتن.... او الثورة .....كما يعتبرها بعض المؤمنين بالفقه التقليدي...

هكذا نشأت الثنائية.. ليس فقط بين طرفين متناقضين بل بين طرفين يدعيان نفس الشيء و لكن بمفاهيم مختلفة و باليات متعاكسة... كلا الطرفين يدعيان الحرية و التحرر.... و لكن شتان ما بين هذه و تلك.. الحرية هنا غير الحرية هناك و التحرر هنا يعني غير التحرر هناك لان القيود هنا هي غير القيود هناك...و لكن لابد ان ينتبه الجميع الى ان هناك دوما قيود... حتى ان الهروب النهائي من قيود الدنيا تدخل الانسان في قيود الاخرة سواء كانت هذه الاخرة القبرالذي يعزلنا عن ما دون ذاتنا... او كانت حياة اخرى بقوانين و اليات و انظمة مختلفة... قد نتصورها فيتسع مخيالنا...او قد نجعلها قيدا جديدا يحد من من حرية مخيالنا..

الثنائية تبدأ من مخيالنا و تنشأ من مدى افق خيالنا... انها تتعلق بفهمنا لانفسنا و حريتنا.. انها تبدأ من حبنا لانفسنا و توقنا الى تجاوز حدود ذاتنا.. و في سبيل ذلك فاننا نثور حتى دون ان لماذا نثور و على ماذا نثور... نحن مازلنا لا نعرف ماذا يجب ان يكون... نحن لا نعرف ان كنا نثور لكي نحقق شيئا خارج ذاتنا ام في ذاتنا..

نحن نسير دون ان ندري الى اين و لا ما هو... ربما نسميه..هناك... هكذا... و نقوم بأشياء نعتقد انها تخرجنا من طوق ذاتنا.. ربما تكون ثورة... دون ان نتميز من الخيط الرفيع الفاصل بين الحق و الباطل... ما يهمنا هو ان نتحرك... ان نرفض واقعنا... ان نثبت اننا موجودون و اننا نسير... الى... هناك.. المجهول المرغوب...

ثورة الحباطل...؟

و لكن... في الطريق الى هناك... فاننا نحارب هنا... نحارب بالحرية حرية اخرى لا نعرفها... و نسعى الى التحرر من قيود تؤلمنا لندخل قيودا ستؤلمنا لاحقا... اننا نخوض حرب الحريات ضد انفسنا و ضد الاخرين... نقتل و هنا و هناك و نحتفل بالقتل لاننا من شدة غبائنا... او عقلانيتنا... نظن ان القتل حرية او ان القتل يصنع الحرية.. و نبدي اصرارا غريبا على رفض التعلم من تاريخ اسلافنا...و نتجاوز بعبقرية المستكبر حكمة القاتل الاول....

في الزمن الحديث قتل الاميريكيون الملايين من الاسيويين في فيتنام و لاوس و كوريا و كمبوديا و قبلهم في الفلبين و اندونيسيا.... و كذا فعلوا في اوروبا وما زالوا يفعلون في امريكا الجنوبية و افريقيا... و...و.., هل يوجد مكان على لم يفعلوا فيه... قتلوا و ما زالوا يقتلون باسم الحرية ... حاربوا باسم الله ضد الشيطان الاحمر حيث سبق ان قتل ستالين 25او ربما 50 مليون شخص ...ثم تحول حرب الامريكيين الى الشيطان الاخضر او الاسلاميين الذين فجروا برجي الثنائية الاميركية.... امريكا هي نفسها نعتها البعض بالشيطان الاكبر... ثم ...فجأة.. و يا لها من مفاجأة... صعقت كل الاغبياء و العقلاء.... تماهت الخطوط و الخيوط... و التقى الجميع عند معبد الديمقراطية..

التكنولوجيا الحديثة و المتطورة جدا قضت على ادراكنا و حساباتنا التقليدية عن الخيط الرفيع بين االيل و النهار عند صلاتنا و صيامنا.... و الاعلام الحديث يبدو انه قضى على الخيط الرفيع بين الحق و الباطل... او بين الشيطان الاحمر و الاخضر و الشيطان الاكبر... الجميع اصبحوا ديمقراطيين و كفى...

هل تعانق الله و الشيطان في السماء؟... سؤال سخيف و مخيف...سؤال يؤرق النفس و يودي بصاحبه الى الهلاك الابدي... و لكن المعجزة حصلت هنا على الارض... لقد تعانق الجميع... المؤمنون بهذا و ذاك... لقد تخلى الشيطان الاكبر عن ادواته او اعوانه التقليديين... و تخلى المؤمنون بالحق و الانسانية عن مبادئهم التاريخية.... هذا العناق صنع شيئا جديدا .... مع اعتذاري لكل الثوار و المتحمسين.... انه شيء اود اسميه ثورة الحباطل...انها ثورة ليس لها رأس و لا مبادئ واضحة لبناء مجتمعي ... كل ما فيها انها تنادي بالحرية و لكن اية حرية... حرية الحق ام حرية الباطل...؟ لا نعرف...!! ما نعرفه ان القيود تزداد و ان تغير شكلها..و ان الناس ما زالوا يقتلون... و الاعراض تنتهك... و النساء تغتصب... و الاولاد يغدون يتامى... تحت مسميات مختلفة...بينما يرتفع صخب الاحتفال بالنصر هنا و هناك دون ان يشعر احد بالحرية و دون ان يشبع فقير او يؤوى مشرد...

هل تأكل الثورة ابنائها..؟

مفهوم الثورة و الثورة المضادة مفهوم ينم عن طبيعة التشابك الذي يؤلف الثنائية غير القابلة للتفكيك في الوعي الانساني... منذ شهور قليلة مضت وقف القذافي ليعلن... الثورة... الثورة... في وجه الثوار الذين كانوا يحاربونه قبل ان يطيحوا به... الرجل كان صادقا.. على الاقل فيما يتعلق بما كان الناس يطلقون عليه... كل اصدقائه و اعدائه كانوا يعتقدون ذلك... هل ألهم القذافي الثوار الذين قضوا عليه.... ربما... ولكن هل نعتبر ان قضية القتلى الذين يسقطون هنا و هناك في العالم العربي انما هي مصداق لقول ماكس... الثورة تأكل ابنائها؟..

لا اتفق مع ماركس في هذه الرؤية... قد يصدق الامر على الثورة الفرنسية التي ربما الهمت ماركس... و يصدق الامر كذلك على ثورة اولئك الذين الهمتهم افكار ماركس بدأ بالروس و مرورا باغلب الثورات في اوربا الشرقية و اسيا و البلدان العربية ليست استثناء.... الجميع قتلوا رفاق الامس باسم الحرية و الحفاظ على المبادئ... و مواصلة المسيرة... هي تلك المسيرة التي لا يعرف احد منتهاها..

الحكام العرب و المسلمين لا يحتاجون الى افكار ماركس فهم ورثوا ثقافة القتل و الاحتفال على جثثهم من اسلافهم... وهم يقتلون ليس فقط باسم الحرية و المباديء.. هم يقتلون باسم الله و الشيطان.. باسم الحق و الباطل.. ثوار اليوم الذين تحملوا ظلم السلطان طويلا... لا يختلفون كثيرا عن ظالميهم... فالجميع ينهل من ذات الثقافة و الماركسيون منهم ازدادوا حجة على حججهم التاريخية التقليدية... الجميع يرى في القتل منهاجا قويما و خلاصا و حياة..!!

قديما كان القاتل و القتيل معروفين بل كان القاتل متباهيا مفتخرا تحتفل به الجماهير بطلا... اما الان فنحن نرى قتلى يزدادون كل يوم دون ان يظهر قاتل واحد... السلاطين و اسيادهم و اتباعهم و الثائرين على هؤلاء و هؤلاء... الكل يرفع صوته في التنديد و الشجب و الاستنكار...و لا احد يجرؤ ان يقول ... نعم انا فعلت...يا للعجب...و اللاعجب... انها ثقافة الشيطان... ان يفعل شيئا و يتبرأ منه... ليس خوفا من احد... بل فقط لكي يعلن تمرده... الناس يرمون بانفسهم في اتون الثورات دون ان تكون لديهم رؤية كما كان للسابقين من الثائرين...هم يفعلون ذلك كما يفعل الكثيرون ممن ينتحرون و الذين يشعلون النار في انفسهم دون ان يحققوا شيئا في هذه الدنيا... و دون ان يضمنوا شيئا في الاخرة...

يقال ان الناس كسروا حاجز الخوف...و لكن هل هو خوف من السلطان... من الذات... من الله...ام...؟ اين نحن..هل نعرف ذلك...؟؟؟..هل نحن في مملكة الشيطان و هل بسط الشيطان سلطانه..؟؟... و هل مكنته التكنولوجيا ان يمد يده فيقتل او ان يوحي بالقتل و الانتحار دون ان يرى احد هذه اليد ...؟ ام اصبحنا جميعا يده دون ندري... او ربما لا نريد ان ندري ...فنحن اصبحنا احرارا في مملكة...؟؟؟



#اكرم_هواس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرقنة مصر...وطغيان ديمقراطية القصاص
- اوراق مؤتمر ستوكهولم....6
- اوراق مؤتمر ستوكهولم....5
- اوراق مؤتمر ستوكهولم....4
- اوراق مؤتمر ستوكهولم....3
- اوراق مؤتمر ستوكهولم....2
- اوراق مؤتمر ستوكهولم.... 1
- قوى التغيير و تحديات الثورة
- ثورة ديمقراطية ام ثورة الثنائيات..؟؟
- خاطرة المشهد... الثوار يصنعون من ضحاياهم قديسين..
- بيروستريوكا متأخرة ؟


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - اكرم هواس - انا حر... فقد اصبحت صديقا للشيطان..