أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضا الشوك - كيف أهتدى الأنسان الى الموسيقى ؟














المزيد.....

كيف أهتدى الأنسان الى الموسيقى ؟


رضا الشوك

الحوار المتمدن-العدد: 3629 - 2012 / 2 / 5 - 16:51
المحور: الادب والفن
    


مع قهوة الصباح
منذ مراحِلَ موغلة في القدم لجأ الأنسان الى تقليد أصوات الطبيعة مثل نداءات الطيور وحفيف أوراق الشجر ووقع حوافر وأقدام الحيوانات ثم اجترح بعض الآلات من العظام والقرون والقصب وأستعملها للغرض نفسه وللوقاية من الظواهر التي ترهبه وفي طقوس السحر والعبادة . وقد عثر على آلات مصوته ترقى الى العهد الحجري القديم ، كالصافرة والناي والمصفار التي تصدر عنها أصوات تشبه كثيرا أصوات الطيور وغيرها من الحيوانات . ففي فرنسا عثر المنقبون على مزمار عظمي من العصر الحجري بأربعة ثقوب وفي مولدوفا عثر على نايات مصنوعة من قرون الآيل يرقى عمرها الى 23 ألف سنة ق . م. تقريبا .
إن المرحلة التي أمضاها الأنسان في عملية أكتشاف الموسيقى تنحصر في أنتقائه الأصوات الموسيقية التي تتعذبها الأذن البشرية من أصوات الطبيعة الهجينة وبعبارة أخرى فإن الأنسان توصل الى إصطفاء الأبجدية الموسيقية من ركام الأصوات المتواجدة في الطبيعة ، وإن تقليد الأصوات الطبيعية ربما كان أول أو أقدم المحاولات الموسيقية عند الأنسان . وفي كافة الأحوال فإن التقليد الحقيقي المطابق تماما للأصوات الطبيعية ذخيرة مهمة من موسيقى مجتمعات الصيد البدائي . وإذا توغلنا في أعماق الماضي الى ما قبل نشوء الخطاب اللغوي لوجدنا أمامنا كائنا مؤهلا فيزيولوجيا للنطق بحكم وجود مركز الكلام في دماغه وبفضل مواصفات حنجرته ولسانه وشفتيه القادرة على إجتراح أصوات ، لكنهه يجهل دلالات هذه الأصوات ، إنه يملك كنزا ثمينا لا يعرف بعد كيف يستثمره . إن عدم تخصصه الصوتي الذي تميز به عن سائر الحيوانات المتخصصة بصوت واحد كان نعمة لديه واي نعمة لأنه يمكنه محاكاة أي صوت يسمعه في حدود الذبذبات التي تستطيع أذنه إلتقاطها ، أي أن الأنسان متلقي وناطق بمستوى واحد تقريبا . أما الحيوان فهو في أفضل الأحوال متلق لكنه محدود "النطق " بحكم تكوينه الفيزيولوجي .
إذن الموسيقى واللغة مرتبطان بالإذن والحنجرة ، لكن الأولى وليدة السماع في المقام الأول ، أما اللغة فوليدة الحنجرة واللسان . والكلمة التي تقال للموسيقى هي "السماع" ، وهذا يؤكد على دور اللسان في اللغة والأذن في الموسيقى . وإذا كان البشر متساوين في قدراتهم النطقية فهم ليسوا كذلك في مستوى رهافة آذانهم الموسيقية ، فهناك نسبة محدودة من يملكون ما يسمى بالأذن الموسيقية بالفطرة أو الوراثة ، ولعل هذه الظاهرة أو الحقيقة تكمن وراء صعوبة تمييز الأبجدية الموسيقية عن طريق السماع مباشرة ، ولأن الأنسان يتميز عن الكائنات الأخرى بذكائه وبوجود مركز للكلام في جمجمته وفي أداء أصوات متعددة ، فإن فسيولوجية الأذن البشرية هي التي مكنته من التمييز بين الأصوات الموسيقية والضوضاء ، لأن الأذن ترتاح أو تطرب للأولى أكثر من الثانية وهي التي توصلت بفضل فزيولوجيتها الى أكتشاف السلالم الموسيقية ، وكانت اول خطوة في تكوين السلم الموسيقي معرفة صوت الأوكتاف (الجواب) وهو النغمة الموسيقية نفسها لكن بطبقة صوتية أعلى أو أوطأ من سابقته.
جاء على لسان الراوي في رواية ( فاوستوس ) لـ توماس مان :
- إن الموسيقى والكلام ينتميان الى عالم واحد ، اللغة موسيقى ، والموسيقى لغة ، فإذا تم فصلهما عن بعضهما نرى أن كلا منهما تلجأ الى الأخرى وتحاكي الأخرى وتستعمل أدوات الأخرى .
لقد توصلت الدراسات في هذا المجال : على أن الأنسان الأول لم يكن في البدء معجبا بصوته في أبعاده الموسيقية ، في حين كان يطرب للأصوات الأخرى في الطبيعة كالطيور مثلا . وان الأنسان في بادئ الأمر لم يدرك أن له صوتا موسيقيا لأن هذا الصوت الموسيقي "كامن" وليس "ظاهرا" كما هو عند الطيور . وسبب كونه "كامن" فيعود الى أن الأنسان ليس مختصا بصوت واحد كبقية الحيوانات ، وهذا يدعونا الى القول بأن الغناء ظهر في سياق عملية تقليد أصوات الطبيعة ، وكما ورد في رواية " الدكتور فاوست " عن المرحلة الطويلة التي أستطاع الأنسان خلالها أن يعزل ويغربل الأصوات الموسيقية من الأصوات اللاموسيقية أو الأبجدية اللافنية في الطبيعة بعد أن تعلم وتذوق فن الموسيقى من الطبيعة والحيوانات ، ومع أن الأنسان لديه حنجرة عجيبة في مقدرتها إجتراح مختلف الأصوات ، إلا أنه يختلف عن بقية الحيوانات لأنه لا يمتلك صوتا محدودا أي أنه غير متخصص بصوت معين كتغريد البلبل أو صهيل الحصان أو زئير الأسد ...الخ !
يستثنى من ذلك الضحك والبكاء ، وهما صوتان يصدران عن الأنسان في حالتي الفرح أو الحزن ، وما أدرانا لعلهما كانا من أقدم وسائل التعبير عند الأنسان ، لكن له مزية تقليد أي صوت تقع ذبذبته بين(16 – 20 ) ذبذبة في الثانية و (20.000 )ذبذبة في الثانية وهي الأصوات الداخلية في نطاق قدرة أذنيه السمعية وبهذا الصدد نقول أنه في حين يستطيع الأنسان تقليد أصوات الحيوانات دون أن يفهم لغاتها ، فإن بعض الحوانات تستطيع فهم لغة الأنسان دون أن تملك القدرة على تقليده .
يُعزي "جارلس داروين" صاحب نظرية التطور ، نشوء الأغنية الى تقليد أصوات الحيوانات وهي نظرية تذهب الى أن أغاني الحب كانت أقدم النماذج الموسيقية التي عرفها الأنسان . لكن الأعتراض الذي وجه لهذه النظرية يستند الى أن أغاني الحب في الحضارات القديمة كانت نادرة بالقياس الى المواضيع الميثولوجية ، وهذا الأعتراض ربما يطال أيضا النظرية الفرويدية في تفسير مثل هذه الظاهرة .



#رضا_الشوك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صيحات مغترب
- رحلة مغترب
- تناقص الأوكسجين في الجو
- رياح التغيير في الوطن العربي
- هل الحكم الديمقراطي فيه منافع للناس
- حول مظاهرات - جمعة الغضب - في العراق
- ايام الغضب في الوطن العربي
- ثقافة الخوف
- الذهنية العربية
- الفن في حياة الناس .
- مقارنة بين العلم والفن
- من تاريخ الفكر البشري
- حول انتخابات مجالس المحافظات
- نهاية العالم
- مع قهوة الصباح لعام ٢٠٠٩
- مع قهوة الصباح
- العزل السياسي إجرء تعسفي معادي للديمقراطيه
- الديمقراطية في العالم العربي ورياح التغير .
- نشأة الكتابة العربية
- التصحر الســــياسـي


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضا الشوك - كيف أهتدى الأنسان الى الموسيقى ؟