أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - قبل الكارثة المقبلة















المزيد.....

قبل الكارثة المقبلة


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 1071 - 2005 / 1 / 7 - 09:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لنتخيّل للحظة أن الموجات العارمة ضربت الساحل الغربي من أوروبا وأن عشرات آلاف البريطانيين، الهولنديين، البلجيكيين، الفرنسيين، الإسبانيين والبرتغاليين وقعوا ضحية زلزال سنامي، وأنه قد ضرب الساحل الشرقي من الولايات أيضا.

لكان العالم سينتفض! ولكانت الحكومات ستجند نفسها! وكم ستكون مبالغ الدعم ضخمة خلال ساعات بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه ومنع خطورة تفشي الوباء وتهديد الملايين!

غير أن هذا لم يحدث في أوروبا. لقد حدث في دول آسيوية نائية وفقيرة. وهذا ما يصنع الفرق.



هل كان من المحتّم أن يحدث ذلك؟

لم يكن بالإمكان منع الزلزال أو إصدار تحذير مسبق يكون ناجعا. ولكن عندما حدثت الهزة الأرضية في قلب البحر، كان السنامي متوقعا. بعد أن بدأ عدوه المجنون على وجه المحيط، كان من الممكن فيه تحذير الشواطئ الأكثر بعدا. بضع دقائق كانت تكفي ليهرع عشرات الآلاف إلى أماكن أكثر علوا، أو إلى طوابق أعلى. لم يأت مثل هذا التحذير.

لقد وصل الإنسان إلى القمر. وها هي المركبات الفضائية تصل إلى كواكب أبعد. لقد تم استثمار المليارات لهذه الجهود. إلا أن الشيفرة الجينية الإنسانية لا تكفي لإنقاذ عشرات آلاف الأشخاص من براثم مثل هذه الكارثة الطبيعية.

يمكن دائما الادعاء أن هذه هي "فطنة بعد وقوع الحدث". ولكن لهذا السبب هناك الخبراء الذين من وظيفتهم توقع المخاطر قبل حدوثها. وسائل الإعلام مثقلة بالقصص التي تحكي عن الخبراء الذين أهملوا وظيفتهم، عن مراكز الإنذار التي حصلت على معلومات دقيقة ولم تنقلها إلى غيرها في الوقت المناسب، وعن المؤسسات العلمية التي كانت في عطلة نهاية الأسبوع ولذلك لم يكن بمقدورها التحذير حول وجود حد أدنى من اتصالات الطوارئ في مثل هذه الحالات.

يقولون لنا أن الوضع في المحيط الهادئ أفضل بكثير، فيوجد هناك وعي أكبر لمثل هذه المخاطر. لا عجب في أن كلمة "سنامي" هي كلمة يابانية (نحت للكلمتين "ميناء" و"موجة"). ولكن السؤال هو، هل سكان سواحل المحيطات الأخرى أقل أهمية؟



يعتبر رد فعل العالم الغربي بمثابة فضيحة.

لم يقطع رئيس الحكومة البريطاني، طوني بلير إجازته في مصر، أما كوفي عنان فقد قطع إجازته في اليوم الرابع من الكارثة فقط، وعندها ألقى خطابا مفعما. الرئيس الأمريكي بقي في مزرعته في تكساس وأصدر بلاغا اعتياديا هاجم فيه المنسق من قبل الأمم المتحدة جان إغلمد على انتقاده "لبخل" الدول الغنية. لقد اعتذر ذلك الرجل فورا. أما كولين باول، الذي تحول إلى كاريكاتير ساذج لذاته، فقد رفض الادعاء بأن الولايات المتحدة لم تفعل ما هو ملقى على عاتقها حين خصصت 15 مليون دولار للمساعدة!

وفعلا كانت ردود الفعل العملية تثير السخرية. فبعد مرور عدة ساعات كان من الواضح أن هناك حاجة إلى مليارات الدولارات للإنقاذ، الوقاية ولإعادة الإعمار. لقد تبرعت الولايات المتحدة في بداية الأمر بمليون ثم 15 مليون وبعد ذلك زادت المبلغ إلى 35 مليون - وهو أقل من المبلغ الذي تم تبذيره في احتفالات دخول جورج بوش إلى فترة توليه الثانية. (بعد الضغط الذي تمت ممارسته ارتفع المبلغ بعد ذلك بعشرة أضعاف). بريطانيا تبرعت بمبلغ مماثل. ودول أخرى تبرعت بمبالغ متفاوتة. حتى إسرائيل تبرعت بمبلغ ما، وأقامت ضجة وكأنها أنقذت العالم بأسره.

لم يكن هذا كله إلا نقطة في بحر – استعارة لها معنى حزين في هذه الأيام.

يمكن تبرير ذلك بالصدمة التي انتابت العالم في الأيام الأولى. ومر وقت حتى استوعبت الأوساط السياسية في مختلف أنحاء العالم حجم الكارثة. لقد بث التلفزيون، وهو جهاز يلائم كثيرا مثل هذه الأوضاع، الصور الفظيعة إلى كل البيوت وأثار الرأي العام وأحدث ضغطا على السياسيين. إلا أن هذا كله لم يكن كافيا لإيقاظ رد فعل ملائم. ناهيك عن أن وسائل الإعلام قد ركزت على بعض الأماكن التي يسهل الوصول إليها، متجاهلة آلاف الأماكن صعبة الوصول. بهذا الشكل تبلورت صورة كاذبة تماما عن حجم المساعدات، واحتلت الروايات المحزنة مكان التقارير الحقيقية.



من الممكن الادعاء أنه لا توجد أية إمكانية لتوقع كارثة بحجم كبير كهذا مسبقا والاستعداد لها. ربما يكون ذلك صحيحا. إلا أن العالم لم يكن مستعدا لكارثة أقل حجما.

قبل عدة سنوات، بعد الزلزال الذي ضرب اسطنبول، نشرت الصحيفة العالمية "هارلد طريبيون" نداء وجهته لإحداث ثورة فكرية في هذا المجال، وقد اقترحت إقامة قوة إنقاذ دولية.

ناديت بإقامة قوة دائمة لها غرفة عمليات وسلسلة قيادية، يمكنها توفير رد خلال ساعات على كارثة كبيرة، وتجنيد كل الاحتياجات، خلال أيام، للرد على كارثة عالمية كبيرة.

لهذا الهدف هناك حاجة إلى غرفة عمليات دائمة، تكون على أهبة الاستعداد كل الوقت، على مدار الساعة. يجب أن تكون لغرفة العمليات هذه سيطرة على قوات الإنقاذ في الدول المختلفة، والتي يمكن استنفارها بسرعة. على غرفة العمليات أن تجهز البنى التحتية اللوجستية بهدف الإسراع في المساعدات عن طريق الجو، اليابسة والبحر لأي موقع في العالم، حتى وإن كانت الكارثة قد دمرت الطرقات والموانئ. على غرفة العمليات أن تجهز كوادر منظمة من الخبراء في مجالات الإنقاذ، الطب والإمدادات. عليها أن تحدد مسبقا الموارد في الدول المختلفة التي يمكن استخدامها بتبليغ مسبق وقصير. إذا كانت كل هذه الأمور جاهزة مسبقا، من الممكن إجراء عمليات مكثفة من الإنقاذ والمساعدة خلال ساعات، وزيادتها في الأيام التالية وفقا لمتطلبات الأمر.

يمكن لمثل هذه الهيئة أن تهتم بإنجاز آليات تحذير دولية من الكوارث الطبيعية المختلفة، من خلال استخدام كافة الوسائل المطلوبة، ومن بينها الأقمار الاصطناعية، وضمان توصيل التحذيرات في الوقت الحقيقي إلى السكان الذين يداهمهم الخطر.

لا يجدر بالقوة الدولية أن تحل مكان منظمات المساعدة التطوعية التي تقوم بعمل رائع. بل عليها أن تشكل وحدة التنسيق والقيادة التي بمقدورها العمل بسرعة.

لقد راودتني فكرة بأن مثل هذه القوة يمكنها أن تسهم أيضا في الوحدة الإنسانية. الكوارث الكبيرة توحد الشعوب وتمحو التناقضات، كما رأينا هذا الأسبوع. يمكن لإقامة قوة إنقاذ دولية أن تدفع التعاون الدولي قدما بخطوات سريعة.



لقد حظي اقتراحي بالنشر ولكنه واجه المعارضة الأوتوماتيكية من قبل البيروقراطية الدولية. لقد رد أحدهم، من قبل الأمم المتحدة بنبرة تنبعث منها الإهانة بأنه توجد في الأمم المتحدة مجموعة من الموظفين وهي مسئولة عن هذا المجال، الخ الخ. من الواضح أنه لم يتم فعل أي شيء، وقد رأينا النتائج هذا الأسبوع – لقد مرت أيام ثمينة حتى بدأت الأعمال الفعلية الأولى، ولم يكن هناك أي تلاؤم بين الاحتياجات والردود عليها. إلا أننا رأينا في التلفزيون البيروقراطيين على أنواعهم، ببذلهم المكوية وربطات العنق، يوضحون بأن كل الأمور قد نفذت بشكل صحيح.

يجب إقامة قوة الإنقاذ الدولية لكي تكون مستعدة للكارثة المقبلة. يجب أن يترأس هذه المنظمة شخص ذو نفوذ، له خيال واسع، فكر ثاقب، قدرة على التنظيم وقدرة على إيجاد الحلول بسرعة. يوجد مثل هؤلاء الأشخاص في إسرائيل أيضا. أنا متأكد أن مثل هؤلاء الأشخاص موجودون في دول أخرى. إن ما ينقص هو إرادة عالمية. من شأن الإنسانية في هذه المرة أيضا أن تكتفي بالكلمات الرنانة وبالأعمال التي تهدف إلى القيام بالواجب فقط، وبعد مرور أسابيع ستنسى كل شيء.



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إكليل بلير
- الجبل والفأر
- أعطني فرصة
- تحطيم أبي مازن
- لا تفرح بسقوط عدوك
- مميّز في عصره
- أنهى دوره
- على طريق حرب أهلية
- شكرا لك، يا دوبي
- لا تصدقوا كلمة واحدة
- كل البيض في سلة واحدة
- مفجرو المساجد
- هذه إرادة الله!-
- على اللاعنف السلام
- حرب أحادية الجانب تماما
- قحط في تكساس
- ترتيب الفوضى
- الأوليغارخيون أو: البتول التي تدهورت إلى الزنى
- جلد الدب
- الرجل الطيب والسيدة العجوز


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - قبل الكارثة المقبلة