أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبعوب - الموت هربا من الراسمالية المتوحشة














المزيد.....

الموت هربا من الراسمالية المتوحشة


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 3628 - 2012 / 2 / 4 - 22:44
المحور: حقوق الانسان
    


في يوم من ايام ابريل عام 1996 بكت "كاثي لي" مقدمة برنامج تلفزيوني امريكي يحضى بجمهور كبير لأجل اطفال هندوراس الذين يعملون 20 ساعة في اليوم مقابل 31 سنت في الساعة لانتاج ملابس لشركة ملابس امريكية عملاقة أقمت مصانعها في هذا البلد مستغلة فقر ومعاناة اأهله لتقدم افخر الملابس لزبائنها المرفهين في امريكا باسعار منافسة..

تلك الدموع انقذت اولئك الاطفال الضحايا من جشع الراسمالية المتوحشة التي تهيمن على المجتمع الامريكي، وقد غير الموقف حياة تلك الاذاعية الشهيرة التي يتابعها الملايين في امريكا، وبالتالي غيرت أفكار محبيها الذين وقفوا خلفها في مقاطعتهم لصناعات تلك الشركة، وإجبارها على تغيير سياستها في تشغيل اطفال هندوراس القصر وظروف العمل بمصانعها، وتحولت بفعل صدمة الموقف الى ناشطة في الحملات التي تهاجم المصانع التي لا تخضع للمعايير الدولية المتعارف هليها في مجال العمل ، وذهبت الى إقامة جمعية خيرية مهمتها مراقبة المعامل والوحدات الصناعية و التاكد من عدم استخدامها للاطفال وتطبيق المعايير الدولية على العاملين فيها..

هذه القصة استعادتها ذاكرتي لدى قراءتي لخبر مروع عن 18 عاملا اختاروا الموت انتحارا على العمل في ظروف سيئة للغاية ولساعات طويلة مقابل أجور زهيدة في مصانع لشركات امريكية وغربية أقامتها في الصين مستغلة فقر الصينيين وغياب مؤسسات مجتمع مدني فاعلة تحميهم من جشع الوحش الراسمالي الذي تمدد من ارضه ليغزوا العالم تحت لافتة عولمة السوق وهي عولمة نهش لحوم ودماء الشعوب الفقيرة.. يقول الخبر
تحت عنوان :
"فوكسكون" مصنع الموت
يطلق على شركة "فوكسكون" التي تصنع أجهزة لأكبر شركات التقنية مثل آبل ونينتندو وسوني وإتش بي، اسم شركة الموت، وذلك لارتفاع عدد الموظفين الذين ينتحرون بإلقاء انفسهم من سطح بناية الشركة أو المصنع. ويتناوب الموظفون للعمل 35 ساعة في المصنع مقابل 31 سنت أميركي للساعة (ما يعادل 1.13 درهم إماراتي). وشهد المصنع عام 2010، 18 حالة انتحار لعمال القوا بأنفسهم من سطح مبنى الشركة، توفي منهم 14 عامل. وفي أعقاب ارتفاع حالات الانتحار، اتخذت الشركة اجراءات تمثلت في تركيب شبكات الأمان في بعض مصانعها كما تعاقدت مع مستشارين لمساعدة العاملين لديها.

إن مشهد انسان يلقي بنفسه من فوق بناية يعمل فيها ليتخلص من حياته بقناعة كاملة، يعطينا صورة مريعة للوضع السيء الذي يعيش فيه واوصله الى قناعة الانتحار كمهرب من العذاب الذي يعانيه!!! اي وحشية يمكن تصورها اليوم أمام مشهد الانتحار الجماعي لعمال "فوكسكون" المساكين الذين لم تصل انباء معاناتهم لأسماع مستعملي تقنيات آبل وشريكاتها، ولم يقد القدر كاثي او شبيهة لها الى معسكر السخرة الذي أقامته لهم الرأسمالية المتوحشة في أزقة المدن الصينية المدفوعة بحمى الغنى المتوحشة.

كم من كاثي يلزمنا اليوم امام هذا التمدد والانتشار الرهيب لوحش الراسمالية المنفلتة التي غزت فضاءات الفقر والبؤس في العالم النامي لتزيد من عمق ماساته، وكم من الدموع يلزمنا سفحها أمام كامرات التلفزيونات لاقناع المستهلك الغربي ليلتفت الى ماساة ملايين البؤساء في معسكرات السخرة التي أقامتها شركات متعددة الجنسيات لاستنزاف آخر ما تبقى من دماء العمال الفقراء وتدفع بهم الى هاوية الانتحار التي اصبحت مهربا لهم من واقع لابد انه اكثر بشاعة ومرارة من الموت، مقابل توفير الرفاهية وباسعار متدنية لهذا المستهلك الذي لا يعرف المعاناة الانسانية التي تكمن وراء رفاهيته ..



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روفائيل لوزون .. تطهر.. ثم تقدم.
- لتحتضن قلوبنا من ضاق عليه الوطن.
- وماذا عن عُريِنَا الفاضح؟!!
- صور فيروزية (1)
- هدية للروح بمناسبة العام الجديد
- الاعتراف بالهزيمة ثم العمل ..أول خطوة لنجاح التنوير
- هل يستوعب الليبيون اول دروس الديمقراطية؟
- سيف الاسلام رهن الاعتقال..وماذا بعد؟؟!!
- سقط هبل.. هنيئا للبشرية
- أخطر الطوابير طراً ..
- بعد اسقاط الطاغية.. حان وقت معركة بناء الدولة المدنية
- النظم العربية والغرب يدفعان لعرقنة المنطقة
- طرابلس تضع النظام على سكة الرحيل
- علاجات عقيمة لمعضلة عظيمة
- الكرامة وقف على الحكام العرب دون شعوبهم!!!
- واشنطن لا تريد فهم الدرس!!
- النار فوق الرماد..
- تونس .. أين؟!!
- الجنرال بشير يعلن الانفصال المسبق لشمال السودان عن جنوبه!!
- -اسرائيل- واقع .. لكنها ليست حقيقة


المزيد.....




- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبعوب - الموت هربا من الراسمالية المتوحشة