أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - التاريخ هو سياسة الأمس والسياسة هى تاريخ الغد















المزيد.....

التاريخ هو سياسة الأمس والسياسة هى تاريخ الغد


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3628 - 2012 / 2 / 4 - 00:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد ظهرت فى العشرين عاما الأخيرة مذكرات ويوميات واعترافات لمئات من المشاهير من الادباء والزعماء وكلها من اجل هدف واحد : أن يقول كل واحد منهم حقيقة ما جرى له وما جرى عليه ... وان يكون ذلك على لسانه وبقلمه ... لان هذه هى مشكلة القرن الذى نعيش فيه الآن فليس اسهل من ان يظلمك الناس وخصوصا اذا كنت انسانا قويا ... لأن القوى شخص له سلطة ... وله سلطة لانه يقوم بعمل وهذا العمل يستغرقه فلا يجد وقتا لأن يقول مافى نفسه ... فهو مشغول بالناس عن نفسه ... ثم انه من الصعب ان ينفرد بنفسه ليفكر فى حاله وفى رواية تاريخه ويصحح الأخطاء التى وقع فيها الآخرون او تعمدوها !!!..


لذلك يسارع كل زعيم سياسى بأن يروى قصة حياته من البداية الى النهاية ... او يروى مرحلة من حياته ... حتى لايكون ضحية القوة التى كانت له ... لأن القوة قد اعطته الكثير من اجل الناس ... وسلبته الكثير من نفسه ... من الصعب على اى سياسى او اديب او زعيم ان يتكلم عن الظلم الذى وقع عليه ... ولكن من المستحيل ان يسكت عن ذلك ايضا ... ولا تزال العبارة التى قالها الزعيم الانجليزى ( دزرائيلى ) صادقة , فهو الذى قال : ( انت افضل من يكتب عنك !! ) ... والتاريخ هو قصة حياة الافراد النابهين ... قصة زعماء الشعوب ... ولا يزال التاريخ هو سياسة الامس ... والسياسة هى تاريخ الغد ...


وكل مذكرات سياسية ماهى الا نوع من الاعترافات ... فالزعيم يجلس فى مذكراته امام التاريخ ... اى امام محكمة العدل التاريخية ... ويترافع فى قضيته هو ... فالقاضى والمحامى والواقف فى القفص والمحلفين جميعا من صنعه هو .... ولكن هذه هى المحكمة الوحيدة الممكنة ... وهى المحكمة الوحيدة المريحة لكل من يكتب ... فكل زعيم سياسى يريد ان تنعقد المحكمة وان يكتب ويقرأ ويسمع براءته بنفسه !!! ومن هذا الشعور يتحول الزعيم الى فنان يروى قصته بريشته ... او يصور لوحة ... او يعزف لحنا ... فيعيش القارىء معه ملحمة انسانية .... وبذلك يكسب القارىء مؤرخا وفنانا ... فالمؤرخ يريد العدل ... والقارىء يريد الجمال .... والعدل والجمال وجهان للحقيقة !!!.. لذلك كانت المذكرات السياسية عملا فنيا وكسبا انسانيا فى النهاية ...


وفى السنوات الاخيرة فقط ظهرت عشرات المذكرات السياسية .... فمثلا تشرشل وهو الحائز على جائزة نوبل فى الأدب والذى اصدر عشرات الكتب ... لاتزال مذكراته تتوالى طبعاتها ... بل ان مئات الخطابات قد صدرت له اخيرا ... وفيها تفسير وتبرير لما حدث ... او لما وقع له وما قام بتوقيعه من قرارات فى اقسى الظروف الانسانية ... كما ظهرت مذكرات الجنرال ( ديجول ) فى طبعات انيقة ... فهو شاهد على عصره وصانع لاحداثه ومن الضرورى ان يقول وان يكشف وان يكاشف الناس ... و( حاييم وايزمان ) كتب (( المحاولة والخطأ )) ... وبن جوريون كتب الرسائل ونشر الاحاديث والاعترافات من اجل ان يروى لاجيال اليهود الصغيرة هذا المعنى الذى قاله فى مئات الصفحات : ( يا أبناء اسرائيل غدا وبعد غد ... ترفقوا بنا فقد تعذبنا كثيرا من اجل ان نحصل لكم على هذه الكرامة والحرية !!! ومن اجل ان تهجروا حارات اليهود فى كل عاصمة !! ) ...

وفى بريطانيا ظهرت مذكرات كل الزعماء السياسيين ... ومنها مذكرات ( هارولد ويلسون ) زعيم حزب العمال البريطانى ... وقد جعل كتابه عن فن رياسة الوزراء ... وكتاب ويلسون يعد ثانى كتاب فى تاريخ بريطانيا عن رياسة الوزراء ... ومن العبارات العميقة جدا التى جاءت فى كتابه هذا أن هناك شرطين اثنين ليكون اى انسان رئيس وزراء ناجحا : أن يكون لديه احساس عميق بالتاريخ ... وأن يعرف كيف ينام !!! ولهذا كل وزراء مصر كانوا عبارة عن محموعة من الفشلة لانهم لديهم فقر دم تاريخى وغباء سياسى يحسدهم عليه الغباء .... فالذى يعرف التاريخ , يعرف المسرح الذى تحركت عليه الاحداث ويعرف المصنع الذى تتولد منه طاقة الحركة ... او يعرف الامعاء التى توجع الناس الذين يتطلعون الى الخبز والحرية والقوة ... والذى يعرف كيف ينام : هو الذى لايعرف الأرق قرين التردد والاندفاع ... فالنوم هو العلاج الوحيد الذى يجعل الحاكم قادرا على الرؤية الواضحة وقادرا على العدل بعد ذلك ....

اما ادوارد هيث زعيم المحافظين فى مذكراته اعترف بانه حقق الانسجام العام لشعبه او للاسرة الدولية ... من خلال انه كان يأوى الى الزوارق هربا من مناقشات مجلس العموم ... ويلجأ الى دور الاوبرا فرارا من الخلافات الحزبية .. وانه من الواجب ان يكون للزعيم مكان يهرب اليه ... فالرهبان كانت لهم صوامع ... والانبياء كانت لهم كهوف ... اى كانوا جميعا ينسحبون من اجل الصمت النبيل او العزلة الشريفة !!!

وبعد حرب اكتوبر ظهرت مذكرات فى اسرائيل خاصة بقصة حياة جولدا مائير ... وكيف انها بكت وانها لن تسامح نفسها مدى الحياة على ترددها وخوفها ... حتى موشى ديان اصدر كتابا عن حياته ايضا ... وفصوله الاخيرة عن حرب اكتوبر وذهب يفسر ويبرر لهذه الهزيمة ... الجدير بالذكر ان كلاهما لم يشأ ان يكتب عن حرب اكتوبر مباشرة ... وانما قدم لها بانجازاته هو من اجل الصهيونية العالمية ومن اجل اسرائيل ... فكأن كلا منهما اراد ان يقدم تاريخه الجليل ... لعل هذا يخفف الحكم على اخطائه ... او لعل هذا يشفع له عند القارىء الاسرائيلى او الممول اليهودى فى كل مكان !!!...

الظلم الذى يقع على الزعماء واهل السياسة هو الذى يدفعهم الى رفعه فى اسرع وقت ممكن قبل ان تتمكن الاكاذيب والشائعات من عقول الناس ... والصورة النموذجية لذلك : ( الرئيس نيكسون ) فلم يحدث ان سقط احد هذا السقوط العنيف ولم يحدث ان فضحت كل اجهزة الاعلام القوية رجلا بلا رحمة كما فعلت بهذا الرجل ومعه وضده !!!... ثم ان الخوف من المؤرخين الآخرين ... فليس الخوف من المعاصرين ولكن من الذين يجيئون بعدنا ... الخوف ان يعلقوا صورنا على جدران من الكذب ... ثم انها المتعة ان يعود الانسان الى نفسه وان يخلو بها وان يراجعها ... فاذا كان من معالم الحضارة الاوربية اختراع المطبعة فمن الكوارث الآن الاعلام والصحف والفضائيات والنت او الادوات القادرة على النشر السريع والتأثير العظيم على الناس ... فاذا عرفنا ان الاعلام والصحف قد جعلت الناس سلبيين , يتلقون المعلومات دون تفكير لأدركنا خطورة هذه الاجهزة والادوات الحديثة فى نشر الكذب او الخطأ ...

والفكرة التى تسيطر على صاحب المذكرات او الاعترافات هى انه يريد ان يصنع العدل لنفسه ... وان يوضح موقفه وان يصحح الاخطاء امام المعاصرين ... وان يستريح الى صدى ذلك فى نفوسهم فهل هذا هو حكم الاجيال القادمة ؟! ... ان كل جيل له منطق وله لغة ومقاييس فنحن لانعرف ما الذى سوف تقوله الاجيال القادمة ... ومن هنا اتجهت كل المذكرات السياسية الى ابناء العصر ... لانهم جميعا طرف فى القضية التى يجب ان يترافع ويعترف ويرتفع امامها كل زعماء الشعوب ...

حمدى السعيد سالم



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طنطاوى ومجلسه العسكرى يقودون البلاد لفترة انتقامية وليس انتق ...
- اطفىء السيجارة التى فى يدك وقبلها التى فى يد غيرك
- سبب ما نحن فيه من بلاء ان المجلس العسكرى لايريد الخضوع لسلطة ...
- الهسبانى المتطرف ماركو روبيو مرشح لرئاسة امريكا
- اقسم ....
- جامعة المنصورة حدوتة مصرية
- الطفل هو المستقبل
- انت صانع الكلمات من يرنو لجاهك احرار واسياد
- الدقة هى ام القيم الصحافية التى يتطلبها العمل الصحافى
- سيبنى هنا يا هجر
- هذه شروطى كى تعودى مجددا
- تلاشى الرؤية التنويرية وغياب المضامين جعلوا الصحافة المصرية ...
- النت لا يرحم عزيز قوم فل
- اهرش الانسان يظهر لك الحيوان
- انت سر وجودى
- طهروا الاعلام من اللئام تنتصر الثورة
- الرضا الطلابى كمؤشر لجودة الاداء التعليمى بجامعة كفرالشيخ
- مات الحب
- كيف يحق للمجلس العسكرى استخدام صمت حزب الكنبة كرأى له!!!
- المجلس العسكرى واخطاء ( جالن )


المزيد.....




- دبي بأحدث صور للفيضانات مع استمرار الجهود لليوم الرابع بعد ا ...
- الكويت.. فيديو مداهمة مزرعة ماريغوانا بعملية أمنية لمكافحة ا ...
- عفو عام في عيد استقلال زيمبابوي بإطلاق سراح آلاف السجناء بين ...
- -هآرتس-: الجيش الإسرائيلي يبني موقعين استيطانيين عند ممر نتس ...
- الدفاع الصينية تؤكد أهمية الدعم المعلوماتي للجيش لتحقيق الان ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /20.04.2024/ ...
- ??مباشر: إيران تتوعد بالرد على -أقصى مستوى- إذا تصرفت إسرائي ...
- صحيفة: سياسيو حماس يفكرون في الخروج من قطر
- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - التاريخ هو سياسة الأمس والسياسة هى تاريخ الغد