أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - مولد النجوم البدائية














المزيد.....

مولد النجوم البدائية


هشام غصيب

الحوار المتمدن-العدد: 3626 - 2012 / 2 / 2 - 08:44
المحور: الطب , والعلوم
    


في المقالات الأربع الأخيرة، بينّا المعالم الرئيسية لتاريخ مفهوم الثقب الأسود في النسبية العامة، ملقين الضوء على جذور هذا المفهوم وكمونه في حلّ شفارتزشيلد وحدّ تشاندراسيكار، وعلى المعوقات التي حالت دون خروج هذا المفهوم من كمونه في النصف الأول من القرن العشرين. ثم بينا كيف أدت تطورات رياضية ورصدية في نهاية الخمسينيات من هذا القرن إلى انفلات هذا المفهوم من قمقمه وانطلاقه بزخم متزايد في رحاب البحث الفسيح، بحيث إنه ما إن انتصف العقد السابع من هذا القرن، حتى اكتملت صورة الثقب الأسود من حيث التكون والخصائص والقوانين الأساسية التي تحكمه ومظاهره التي يمكن رصدها والتعّرف عليها. وبلغ اكتمالها حدّ أن أخذت تقارن بالديناميكا الحرارية، المثال الأكبر على العلوم المكتملة. وبدأ العلماء مذاك يعدون العدة للكشف التجريبي والرصدي عن الثقوب السوداء، وهو ما تم بالفعل في العقدين الأخيرين.



وسنبين، في هذه المقالة والمقالات التالية، المعالم الرئيسية لصورة الثقوب السوداء والتي جاءت حصيلة هذا الجهد النظري الجبار. وسنبدأ بالحديث عن تكون النجوم، ثم ننتقل إلى المآل الذي تنتهي إليه النجوم. وسيقودنا ذلك إلى مسألة تكون الثقوب السوداء بأنواعها المختلفة، ومسألة خصائصها وقوانينها وزمكانها ومغزاها الكوني.

ولنبدأ بالحديث عن المكونات الرئيسية لمجرتنا، مجرة درب التبانة. إن مجرتنا تتكون من قلب كروي من النجوم والغازات تنبثق منه أذرع لولبية من النجوم والغازات تدور حول هذا القلب. وتوجد بين هذه الأذرع غمامات سديمية مكونة من الغاز والغبار تمتد الواحدة منها مليارات المليارات من الأميال في جميع الاتجاهات. هذه الغمامات هي مسقط رأس نجوم المستقبل. فهي تتضمن كمية هائلة من المادة (الهيدروجين والهيليوم بخاصة) كفيلة بخلق مئات النجوم الضخمة. ولكن، بالنظر إلى امتدادها الكبير، فإن كثافتها لا تتعدى العشر ذرات للسنتمتر المكعب الواحد، وهي أقل بكثيرمن كثافة أفضل فراغ يمكن خلقه في المختبر. وجل هذه الذرات من الهيدروجين. وهناك ذرة هيليوم لكل ست عشرة ذرة هيدروجين. أما ذرات العناصر الأخرى فهي نادرة جداً في مثل هذه الغمامات السديمية . فلا تتعدى درجة حرارة هذه الغمامات المائة فوق الصفر المطلق . فهي شديدة البرودة . ومع ذلك ، فمنها تنبثق كتل النيران المستعرة المعروفة بالنجوم. وبالطبع، فإن جاذبيتها الداخلية تكون أصغر من أن تغير في تركيبها الداخلي، فتظل رابضة مكانها من دون حراك تنتظر حدثاً كونياً يلهب كيانها. أما هذا الحدث الكوني المنتظر، فهو مرور ذراع لولبي محمل بالأمواج الصدمية عبر غمامة سديمية ، الأمر الذي يقود إلى رصّ ذرات الغمامة معاً وتقليص المسافات الفاصلة بينها. إذّاك تتحول الغمامة من شبه فراغ شفاف إلى غمامة قاتمة لا تسمح للضوء بالنفاذ عبرها. ويمكن الاستدلال على بعض الغمامات القاتمة في مجرتنا، وفي مقدمتها ما يسمى غمامة رأس الحصان، التي سميت كذلك لأنها تشبه بالفعل رأس الحصان.

ولما كانت الغمامة القاتمة لا تسمح للضوء بالنفاذ عبرها، فإنها تزداد برودة وتقترب من الصفر المطلق، ومن ثم تقل سرعة الذرات المكونة لها حتى تكاد لا تتحرك البتة بالنسبة إلى بعضها. لذلك، تبدأ قوة الجاذبية بين الذرات تتحكم بالبناء الداخلي للغمامة ، برغم الضعف الشديد لهذه القوة .

وهنا ينبغي أن نلاحظ أن كثافة الغمامة القاتمة لا تكون منتظمة تماما، بمعنى أن بعض المواضع تكون أكثر كثافة بقليل من مواضع أخرى، الأمر الذى يزيد أيضاً من قوة الجاذبية المؤثرة عندها. من ثم، فإن هذه المواضع تجذب صوبها عدداً أكبر من ذرات الغمامة القاتمة بقوة الجاذبية . وهذا بدوره ينمي قدرتها على جذب المزيد من الذرات. هكذا تتفشى بقع الكثافة الأعلى وتتنامى حتى تبدأ الغمامة القاتمة تتكسر وتتجزأ إلى تكتلات عالية الكثافة نسبياً، أي إلى كريات مكثفة Globules.

وعند تشكلها، يصل قطر الكرية المكثفة النمطية إلى عدة مليارات من الأميال وتبلغ كتلتها عدة مرات قدر كتلة شمسنا ، علماً بأن كتلة شمسنا تبلغ حوالي مليار مليار مليار طن.



بيد أن الكرية المكثفة لا تكون مستقرة، بمعنى أنها لا تكون قادرة على “رفع” وزنها الهائل، فتنهار تحت تأثير وزنها وتتقلص بتسارع متواصل. لكن ذلك يحوّل طاقة وضع جزيئات الغاز المكون للكرية المكثفة إلى طاقة حركة، ومن ثم تتزايد طاقة حركة هذه الجزيئات بصورة مطردة، الأمر الذي يرفع درجة حرارة قلب الكرية المكثفة بصورة متزايدة. ذلك أن درجة حرارة جسم إن هي إلا مظهر لمتوسط طاقة حركة جزيئاته. ومع تزايد درجة حرارة قلب الكرية، تبدأ الكرية تتوهج كالجمر بلون أحمر داكن، معلنة عن مولد النجم البدائي Protostar . لكن النجم البدائي لا يكون مستقراً، وإنما يستمر بالانهيار والتقلص، الأمر الذي يزيد من توهجه ويرفع درجة حرارته. وبالطبع، فإنه كلما ازدادت درجة الحرارة ازدادت فرص اصطدام الجزيئات معاً واختراقها مجالات بعضها، ومن ثم ازدادت فرص التحام بعضها معاً ودخولها في تفاعلات نووية تفجر فيضاً من الطاقة الضوئية. وعند وصول درجة حرارة قلب النجم البدائي إلى حوالي أربعة عشر مليون درجة مئوية، يبدأ الاحتراق النووي للهيدروجين على نطاق واسع مطلقاً مقادير هائلة من الفوتونات (ذرات الضوء) التي يعمل ضغطها على إيقاف الانهيار الجاذبي للنجم البدائي. إذّاك يتحول النجم البدائي غير المستقر إلى نجم مستعر مستقر. وسنتكلم في المقالة القادمة عن مرحلة الاستقرار هذه، أي مرحلة الاحتراق النووي للهيدروجين في قلب النجم.



#هشام_غصيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مادة الشمس وطاقتها
- درب العلم
- لغز الطاقة الشمسية
- مبادىء النسبية العامة
- النجوم والأقزام البنية
- قانون المجال الجاذبي النيوتني
- التصور المجالي لجاذبية نيوتن
- ماخ بلغة آينشتاين
- حوار فلسفي
- كيف نلغي الجاذبية
- هل يمكن أن يتوقف الزمن؟
- انحناء الضوء بفعل الجاذبية
- هندسة إقليدس
- الهندسة اللاإقليدية
- لغز عطارد بين نيوتن وآينشتاين
- كون آينشتاين
- لماذا لا تنفجر الشمس ولا تنهار؟
- هندسة غاوس
- جاذبية نيوتن
- العقل من أجل الثورة


المزيد.....




- أب عراقي يشتكي شركة نفط بريطانية بعد وفاة ابنه بسرطان الدم
- حبوب منع حمل ذكورية.. هل يُقبل الرجال عليها؟
- تراجع أرباح الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال 21% في 2023 ...
- لماذا يتوجه المعماريون للدمج بين الطبيعة والبناء؟
- لافروف يوصي الأوروبيين بقراءة غوغول ودوستويفسكي
- باحثون -يزرعون الجلود ويصبغونها- في الوقت نفسه.. السر في الب ...
- العمليات التشغيلية في مطار دبي الدولي تعود إلى وضعها الطبيعي ...
- العمليات التشغيلية في مطار دبي الدولي تعود إلى وضعها الطبيعي ...
- “الطبيعة تكسب دايمًا” .. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجديد ...
- “نزلها واستمتع بمشاهدة ممتعة” .. تردد قنوات mbc الجديد مجانً ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - مولد النجوم البدائية