أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - نوافذ لا تقوى على صد العواصف














المزيد.....

نوافذ لا تقوى على صد العواصف


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3625 - 2012 / 2 / 1 - 23:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كتب مروان صباح / أليس مثيراً للتأمل أن تكون حالة العربي لهذه الدرجة من سوء المعيش التى ما يحل فصل الشتاء حتى تتكشف جميع المساحيق التجميلية التى يتوارى خلفها ليتسلل الصقيع مخترقاً كل الجدران المغشوشة قاصداً دون إذن مسبق عظام البشر ينخُرّ كما يَحّلوا له ، ومن المفارقات بأن العربي يملك أكبر مخزون لمعادن الأرض التى تنتج طاقة الكهرباء وبها تشتغل جميع الميكانيكيات في العالم بشطريه الدافء والبارد بحيث يتمتع الآخر على مدار الوقت بالدفء دون أن يشكو من الفواتير ، فبمدينة ماكديبورك الألمانية حيث كنت أسكن في بيت مدام كابي طرحتُ سؤال ذات مرة عن عدم مطالبتي يوماً في دفع فواتير الغاز والفحم الحجري التى كانت تُدفىء المنزل بمساحته الكبيرة ومياهه الساخنة المتوفرة دائما بلا إنقطاع على مدار اليوم ، قالت دون تأتأة ولا تلكؤ انها ضمن أجرة المنزل الشهرية يا عزيزي ، أي لا قيمة لها حيث يشملها دعم الدولة لأن من حق المواطن الألماني أن يكون لديه مأوى ودفء وعمل دون الشعور بالإذلال للحصول على ذلك .
معادلة مقلوبة فالقارة الباردة تنعم بالدفء على مدار السنة دون أن يشعر مواطنيها بالتكاليف المرهقة التى تكسر ظهر العربي بينما العربي على إختلاف جغرافيته وحرارته الباردة وصيفه الشاق التى لا يطاق ينخرط في معادلات التقديرات والقياسات بحيث يدخل في حسبت النقاط للسولار التى يحتاجها في صرفها يومياً والتى تشكل توتراً عميقاً لا يبوح بها علناً لكن تقاسيم وجهه تدلل على انه لا ينعم بها إلا ساعات قليلة ، فأكثر ميسوريين الحال الذين تمكنوا في الماضي لتركيب التدفئة المركزية قد وصلت الأمور بأنهم تناسوا ذلك الإختراع أو تنازلوا عنه من شدة إرتفاع الأسعار والأنكى من ذلك فقد قام الأغلبية بالتذاكي على قسوة المناخ والمتحكميين في درجات حرارة الإنسان بالإرتكاز في الأعوام السابقة على مدافيء الكهرباء التى تحولت بأشبه نافورة ماء تلك التى كانت تجتمع العائلة كاملة حولها كي يصلها شعور التبريد ، هي أشبه بحلقات الذكر لكنها مصحوبة بالعضّ على أربعةُ الأسنان الخلفية النواجذ ويرافقها التكتكة من البرد ترتعش الأسنان لتصبح أشبه بتكتكت الساعة التى تسمعَ صوت دقاتها .
طواطأ بعضنا على بعض بعد أن طواطأ المرء على ذاته أولاً فالفقير يختبىء بين الغرور والثقة المبالغ فيهما إلا أن تضاريس وجهه تَفضَح ما أصابه من لطمات شهرية فبدل أن يشهر سيفه كي يهدد الفقر من التوغل به يذوب إبتكاراً كي يهرب من دفع الإستحقاقات التى يدفع ثمن كذبه المتواصل فتتضاعفت وتتراكمت الديون حتى رأيناه يمشي في الشوارع ينتعل حذاءه بيده لا بالقدميين كي يستطيع مواصلة الزحف على الرصيف ويترك وراءه أكوام من الصغار ينطنطون حول السيارات كالفئران المذعورة وهم يحملون بعض المنتجات رقيقة الصنع والتى يزيدها طيناً تعرضها إلى الشمس طيلة النهار ، المصيبة والمسكوت عنه في دائرة الطبقة الوسطى التى تدفع العائلة الواحدة الحد الأدنى ما يقارب المئة وخمسون دولاراً شهرياً للفاتورة الواحدة أي مقدار ثلث راتب رب البيت وفي ذات الوقت تتجمد أفراد العائلة من الصقيع طيلة فصل الشتاء .
كيف يكون محسوس لمن لديه مدافىء لا تنطفىء بالبرد الذي يلسع الأجساد ويخترق العظم ، هؤلاء إحتكاريين النعم على أنفسهم وأولادهم ومن يدور ضمن فلكهم قد أبتلوا ببرد آخر خارج نطاق أزرارهم السحرية أنه من نوع مختلف برد الروح والفراغ القاتل الأشبه بالإنتحار البطيء الذي إنحرم منه الفقراء لعدم إمكانية وجود وقت في التفكير خارج معادلة تأمين المدفوعات والمتطلبات أو جلد الذات لعدم توفير الحد الأدنى من العيش الكريم لعائلاتهم ، فقد تجد غالبية من سيطرت عليهم تخمة العقول قبل الأجساد قد اتخذوا حيوان معين كي يؤنس وحشتهم وتحول دون قصد الصديق الوحيد الصامت المؤتمن وهو القريب المُشكى له والمتنفس الأقل ضرراً والمستمع الجيد الذي مازال يحتفظ على مشاعر مجردة من التصنع وقد يفاجىء في التعبير عن مدى عمق تضامنه وحزنه على حزن صاحبه .
شعور المنافي في الهجرة شيىء طبيعي وقد تعودت البشرية عليه أما أن يتسلل هذا الشعور ويتنامى في البيت وبين الأهل وتصبح الأرواح متباعدة وواقعاً رغم متاخمة الإجساد ، مؤشر غير صحي وتحول إلى وباء بحيث لم تقوى النوافذ على صد العواصف التى هبت على النحو المباغت ، فالفقير الذي مر بمنزل تشتعل فيه نار التدفئة فقرر أن يُعّرض ملابسه على الجدران كي يحتفظ ببعض الدفء لأولاده ، هو يبحث عن تكافل إجتماعي قبل أن يقفد آخر ملابسه ، المطلوب من علماء الإقتصاديين أن يترجموا لنا الأسباب التى أوصلت الناس إلى هذا الحد من التسول وأن يشرحوا لمن يرتجف برداً كيف تحول فائض الثروة والتمر إلى فائض فقر ولعاب ؟ .
كما أنه مطلوب من أساتذة النفسانيين أن يقدموا تفسيراً مقنعاً حول الصقيع الذي ضرب مضاجع الأرواح ولماذا تزداد عزلة الناس بعضها لبعض بينما تقترب من الحيوان أكثر ، فنحن نعيش زمناً كل شيىء فيه أصبح قابلاً للإنقلاب وإعادة النظر الأمر الذي يعكس حجم الأزمة وخطورتها في شتاء بات بارداً على الصعيدين الجسدي والروحي .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخابيط كَشَفَتْ المستور
- السينما وحجم تأثيرها على المتلقي
- تحويل الهزيمة إلى إنتصار
- إستحضار الضمير قبل الممات
- الأحياء يزاحمون الأموات
- ما بين نهر الرقيق ونهر الجوع ...
- إختلط حابل السخط بنابل الغضب
- عند الإمتحان يكرم المرء أو يهان
- بين المكتنزة والمتفجرة
- طواف الباحث عمن يشتري حريته
- الحمّلّ المؤكد
- ممر إجباري للإنتقال
- إختار القِصابَة على طبِّ العيون
- بين المباغت المجهول وطريق نتحسس خطاه
- إفتقار الرؤية
- تَعثُر يؤدي إلى إجهاض في المهد
- نحتاج قدر لو بيسير من البراءة
- الديون المفجعة
- بُكاء من فرط الضحك
- التورط في التقليد


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - نوافذ لا تقوى على صد العواصف