أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - العدالة الانتقالية














المزيد.....

العدالة الانتقالية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3625 - 2012 / 2 / 1 - 22:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكتاب يقرأ من عنوانه. هذه المرة أنا مدين بالشكر للدكتور موفق الربيعي, مستشار الأمن القومي السابق, الذي وفر علي حيرة البحث عن عنوان لمقالتي هذه بعد أن اختار جملة "العدالة الانتقالية" لكي يشرح فيها رأيه بقضية توقيت فتح ملف الهاشمي, وحول ما إذا كان جرى تسييس هذا الملف أم لا.
كان الدكتور الربيعي في حوار مع الدكتور نبيل جاسم الذي يعد ويقدم برنامج بين قوسين على قناة السومرية بتاريخ 30-12.... والذي طرح عليه سؤالا, يمكن لشكل الإجابة عليه, أن تؤكد أو تنفي قضية التسييس.

لقد أعلن المالكي أن قضية الهاشمي هي قضائية بحتة, وأنه لا مجال أبدا للشك في كونها أتت بعيدا عن التوقيتات والنوايا السياسية. والسيد المالكي نفسه كان حاول أن يقنعنا أن قبوله بإثارة قضية الهاشمي كان جرى بضغط من القضاء. إذن كيف يمكن أن نضع الموقفين في جملة مفيدة, الموقف الأول الذي يعترف فيه المالكي انه اضطر لفتح ملف الهاشمي تحت ضغط رجال القضاء وحتى تهديدهم له, والثاني الذي يتعلق باستقلال القضاء ومعه مبدأ الوفاء لدماء الشهداء الذي لا يجوز التردد لحظة لتقديم فروض الولاء له. ألا يجعلنا ذلك نظن أن المالكي كان قد أخفى الملف وأنه لم يفتحه إلا اضطرارا, أو حتى خوفا من ملاحقة القضاء له بتهمة حماية إرهابي والتعتيم على قضيته.
أجد أن من الأسلم أمام حالة كهذه أن ننسى أننا كنا سمعنا المالكي وهو يتفوه بذلك التصريح الخاص بتعرضه للضغط القضائي لأن الوقوف أمامه ولو لحظة قد يرجح إمكانية وضعه مع الهاشمي في خانتين متقاربتين, الأول في خانة الإرهاب, والثاني في خانة الساكت عنه.

لكن نسياننا لهذا الأمر لن يحل المشكلة مطلقا, إذ لا بد من شروح تجعلنا نقتنع بأن قضاءنا المستقل بخير, وأن قضية الهاشمي لم يكن جرى تسييسها أبدا. بدون قناعة كهذه سيكون من حقنا أن نظن, أن ثمة خديعة هنا وثمة كذب هناك, و سيلقي هذا على كتف قضاءنا المستقل عبأ البحث عن مصدر الكذب وعن بيت الخديعة, فالمشهد القضائي لن يكتمل ما لم تجري الإحاطة بالقضية من جميع جوانبها, ثم إصدار الأحكام بما يتناسب ونوع الجريمة, إرهابا كانت أم خديعة أم كذب.
هنا يأتي الرجل الذي سينقذنا جميعا من هذه الورطة.. إنه الدكتور موفق الربيعي الذي يتقدم لنا بتفسير لا أعتقد أن السيد المالكي سوف يكون سعيدا به. فهو وبعد أن استمع إلى سؤال الدكتور نبيل الذي كان يحاوره حول ما إذا كانت قضية الهاشمي قد جرى تسييسها نراه يتصدى بعقلية المفكر والمنظر والخبير ليتحفنا بتعبير ذا نكهة لا تليق إلا بالكبار, فتحت عنوان العدالة الانتقالية راح مستشار الأمن القومي السابق يشرح لنا كيف أن الحال يقتضي في بعض الأحيان تأجيل فتح الملفات الأمنية حتى يكون بالإمكان الوصول إلى مرحلة قوة توفر للقائد أن يفتحها وهو مطمئن تماما إلى إمكانية أن يربح الموقف ضد الخصوم.

هكذا إذن, وبدلا أن نبقى بواحدة خرجنا باثنتين, وتسألوني لماذا أحب الربيعي ؟! الجواب بسيط.. لأنه يذهب إلى الهدف مباشرة فلا يلف ولا يدور, وهو هنا لا يقول أن ضغطا كان قد مورس على المالكي من قبل القضاء لفتح هذا الملف الخطير, كما أنه ينفي أيضا, بمضمون قوله, ما ذكره المالكي حول إلحاحه على الطالباني قبل ثلاثة سنوات بضرورة فتح التحقيق, وإنما هو يؤكد من خلال مفهوم العدالة الانتقالية أن المالكي كان على حق حينما أجل فتح ملف الهاشمي إلى هذه اللحظة حتى يملك القوة اللازمة. وهو بالتالي يأخذ بأيدينا لكي يضعها, ربما دون أن يقصد, على مظاهر الخلل التي صاحبت عرض قضية الهاشمي, فالناس لا تناقش القضية على أساس براءة الهاشمي أم لا, وإنما أيضا فيما إذا كان جرى تسييس القضاء أم لا, وفي هذا الاتجاه سيكون الأمر على مستوى كبير من الخطورة, لأننا حينها سوف لن نكون في مواجهة مسؤول إرهابي فحسب وإنما في مواجهة دولة يتم تكوينها باتجاهات لا علاقة لها بالديمقراطية مطلقا, وفي دولة كهذه لن يكون هناك احترام لطبيعة الفصل بين السلطات كما لن يكون هناك مواثيق واتفاقات بمنأى عن خطورة الحاكم المقدر له الخروج عليها حال الوصول إلى موقع القوة وفق مفهوم العدالة الإنتقالية الذي تحدث به الدكتور الربيعي.

من المؤكد أننا تختلف مع الربيعي هنا, ففي دولة ديمقراطية يجب أن تكون ملفات القضاء بيد القضاء وليس بيد رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية حتى يوقتا فتحها على قاعدة العدالة المتنقلة. كما أن المسألة هنا لا تخضع لأي مقياس غير مقياس العدالة الذي لا علاقة له بقوة رئيس الوزراء ولا بضعفه بسبب أن الدولة في المقام الأول ليست دولته. وأن يكون أجّل هذا الملف يعني بالضبط أنه أخل كثيرا بمفهوم الدولة الديمقراطية ذاتها, ومعناه أنه يتصرف مع الدولة بمفهوم الملك الخاص كما يتصرف بها أي ديكتاتور, حيث القضاء هنا هو بأمر الحاكم وليس مؤسسة مستقلة عن سلطته.

من الأكيد أننا لا نناقش هنا فيما إذا كان الهاشمي إرهابيا أم لا, فالقضية تجاوزت هذا المعنى وصار الحكم النهائي فيها للقضاء, بل إننا نخشى أن تتدخل السياسة مرة أخرى لتجد الحل لهذه القضية من خلال مساومات تجعل من دم الضحايا مجرد سلعة تباع وتشترى في سوق السياسيين. ولهذا فنحن أكثر الناس إصرارا على محاكمة الهاشمي محاكمة عادلة, لأن من شأن هذه المحاكمة أن تقدم عرضا لحقيقة الدولة التي نعيش فيها, كما أنها ستفلح في إقناع الجميع أنهم بمنأى عن خطورة العدالة الانتقالية التي تضعهم في خطر مواجهة حاكم يفصل الدولة على مقاسه ويفتح ملفات القضاء متى ما يشاء, حاكم قد يتمسكن حتى يتمكن.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم اختلف الأسمران.. أوباما وخلفان
- رئاسة الوزراء.. دورتان تكفي
- سليماني.. قصة تصريح
- العراق.. صناعة النفاق الديمقراطي
- قضية الرموز والرجال التاريخين في النظام الديمقراطي
- المؤتمر الوطني.. الفشل الأكيد
- إغلاق مضيق هرمز.. وهل يتعلم الحمقى
- موقف العراق من سوريا.. ميجاهيلية سياسية
- فليحاكم الهاشمي سريعا.. أصل الحكاية 3
- تصنيم القضاء أم توظيفه.. أصل الحكاية.. 2
- بين المطلك وأوباما والمالكي.. أصل الحكاية / القسم الأول
- مثال الآلوسي.. وقانون التسي تسي
- قضية الهاشمي والقضاء العراقي المستقل
- من يتآمر على سوريا.... نظامها, أم قطر والسعودية.. ؟!
- الانتخابات المصرية.. بين المطلبي والسياسي
- اغتيال المالكي.. قصة الكيس وفئرانه الخمسين
- العلمانية.. إنقاذ الدين من ساسته ومن كهنته
- إلى اخوتنا في صلاح الدين.. (3)
- إلى إخوتنا في صلاح الدين... 2
- لا يا إخوتنا في صلاح الدين.. حوار لا بد منه.. (1)


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - العدالة الانتقالية