أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!( عدد 6 / جانفي 2012)إلى التحريفية و الإصلاحية يؤدّى التنكّر للماوية !















المزيد.....



لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!( عدد 6 / جانفي 2012)إلى التحريفية و الإصلاحية يؤدّى التنكّر للماوية !


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3624 - 2012 / 1 / 31 - 23:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!
( عدد 6 / جانفي 2012)

إلى التحريفية و الإصلاحية يؤدّى التنكّر للماوية !

ناظم الماوي

" إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ، و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى. و هذا المبدأ الماركسي-اللينيني المتعلّق بالثورة صالح بصورة مطلقة ، للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء "
( ماو تسى تونغ " قضايا الحرب و الإستراتيجية " نوفمبر- تشرين الثاني 1938؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الثاني)

مقدّمة العدد السادس :
لهذا العدد السادس إخترنا من العناوين عنوان " إلى التحريفية و الإصلاحية يؤدّى التنكّر للماوية " أردناه ملخّصا لحقيقة صارت واضحة جليّة منذ عقود الآن داخل الحركة الشيوعية العالمية. وعربيّا ، من المعلوم أنّ التيّارات الماركسية-اللينينية فى تونس و فى المغرب ،على سبيل المثال ، التى كانت تتبنّى بشكل أو آخر الأطروحات الماركسية-اللينينية – فكر ماو تسى تونغ ( الماوية منذ التسعينات) كانت تيّارات ثورية فى الأساس لا سيما فى السبعينات و عندما أخذت تبتعد عن الماوية ، صارت إصلاحية.
و مجرّد إطلالة بسيطة ، من منظور بروليتاري ثوري ، على مسار الصراعات الطبقية و صراعات الحركة الشيوعية و الواقع الراهن للحركة الشيوعية فى أوروبا تثبت مدى صحّة هذا العنوان. ففى فرنسا و إيطاليا و إسبانيا و تركيا و ألمانيا إلخ الشيوعيون الثوريون حقّا هم المناضلات و المناضلون و المنظمات و الأحزاب المتبنّيين للماركسية-اللينينية-الماوية فى حين أنّ التيارات الخروتشوفية و الأوروشيوعية و التروتسكية و الخوجية ... غارقة فى الإصلاحية .و من هم الشيوعيون الثوريون ، لا الغيفاريون و لا الإشتراكيون الديمقراطيون ، فى أمريكا ؟ من منظور بروليتاري ثوري ، بأمريكا الشمالية هم الماويون فى الكندا و فى الولايات المتحدة الأمريكية ،الذين يجتهجون للإنجاز الفعلي للثورة الإشتراكية هناك. و بأمريكا الجنوبية ، يقوم الماويّون البيروفيون، عبر حرب الشعب، بدكّ ركائز دولة الإستعمار الجديد بينما يعدّ الماويون فى بلدان أخرى للإنطلاق فى حرب الشعب. و بآسيا لا يحتاج المرء إلى التنويه بالماويين فلعقود الآن يقودون حرب الشعب فى أكثر من بلد من الهند إلى الفليبين ...
و بتمسّك البروليتاريين الثوريين بمبادئ علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية - اللينينية - الماوية ، إستطاعوا الحفاظ على الخطّ الإيديولوجي و السياسي الثوري المتماسك الموروث أساسا عن الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ كما إستطاعوا فى بلدان معيّنة أن يتقدّموا و أحيانا أن يقوموا بخطوات جبّارة فى المضي على الطريق الثوري أمّا التيارات الأخرى التى لم تعد تنتمى إلى الشيوعية الحقيقية ، الشيوعية الثورية فإنّها عموما و جوهريّا إمّا إنحلّت أو تفسّخت و إستحالت إلى تيارات إشتراكية ديمقراطية أو هي فى طريقها إلى الإضمحلال والتلاشى ووضع التياّر الخوجي عالميّا أكبر دليل على ذلك.
و مستقبلا ، نضالات الطبقة العاملة و الشعوب و الأمم المضطهَدة بقيادة الأحزاب الماركسية – اللينينية - الماوية هي المرشّحة أكثر من غيرها لإنجاز إختراق فى جدار النظام الإمبريالي العالمي بجعل ثورة ديمقراطية جديدة/ وطنية ديمقراطية فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات او ثورة إشتراكية فى بلد رأسمالي إمبريالي تحقّق الظفر لتعبّد الطريق( الأولى) للثورة الإشتراكية أو تمضي ( الثانية ) فى البناء الإشتراكي مدشّنة موجة جديدة من الثورة البروليتارية العالمية بقيادة الماوية.
و من نافل القول أنّه على الماوية أن تعالج لا فقط أخطاء التجارب الإشتراكية السابقة بل أيضا المشاكل و القضايا النظرية و العملية التى يفرزها الواقع المتطوّر أبدا و تطوّر الصراع الطبقي فى كلّ بلد و عالميا . عليها أن تتطوّر و لا تكفّ عن التطوّر.الماوية هي المرحلة الثالثة و الجديدة و الأرقي فى علم الثورة البروليتارية العالمية :الماركسية - اللينينية - الماوية و من الأكيد أنّ الممارسة و التنظير الشيوعيين حقّا سيثريانها فتعرف تراكمات كمية و قفزات نوعية إلى الأمام .لقد قال ماو تسى تونغ :
" إنّ الجمود العقائدي و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية. و الماركسية لا بدّ أن تتقدّم ،و لا بدّ أن تتطوّر مع تطوّر التطبيق العملي و لا يمكنها أن تكفّ عن التقدّم.فإذا توقفت عن التقدّم و ظلّت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطوّر فقدت حياتها ، إلاّ أنّ المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدان و إن نقضت فسترتكب أخطاء. إنّ النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا ، هو جمود عقائدي، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية. إنّ المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية .و الذى يدعون إليه ليس بالخطّ الإشتراكي فى الواقع بل هو الخطّ الرأسمالي."
و كي تشقّ الماوية طريقها نحو قيادة الموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية ، ينبغى أن تكنس من طريقها شتى ألوان التحريفية و من هنا تأتي ضرورة خوض صراع إيديولوجي و سياسي لا هوادة فيه لنشر الماوية و إستيعابها و رفع رايتها و الدفاع عنها و تطبيقها و تطويرها. و فى هذا الإطار بالضبط يتنزّل توجه نشريتنا هذه و تتنزّل مقالات هذا العدد التى تبيّن بالدليل القاطع و البرهان الساطع أنّ المهاجمين و المتنكّرين للماركسية- اللينينية- الماوية فى تونس مآلهم التحريفية و الإصلاحية و خدمة دولة الإستعمار الجديد و الطبقات الحاكمة و الإمبريالية.
و يتضمّن هذا العدد مقالات أربعة هي على التوالي :
1- تونس :أنبذوا الأوهام و إستعدّوا للنضال! - خطوة إلى الأمام، خطوتان إلى الوراء !
2- من الفليبين إلى تونس : تحريفية حزب العمّال " الشيوعي " التونسي و إصلاحيته بيّنة لمن ينظر بعيون شيوعية حقّا.
3- رسالة مفتوحة إلى أنصار حركة الوطنيين الديمقراطيين : أنبذوا التحريفية وعانقوا علم الثورة البروليتارية العالمية !
4 - تعليق مقتضب على تمهيد "هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا- لينينيا ؟ "

و مجدّدا " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !"
===================================================================
1- تونس :أنبذوا الأوهام و إستعدّوا للنضال! - خطوة إلى الأمام، خطوتان إلى الوراء !
لقد أفرزت إنتخابات المجلس التأسيسي بتونس نتائجا متوقّعة فى بعض جوانبها. و يتمثّل الجانب المتوقّع فى حصول النهضة على أكثر بقليل من الأربعين فى المائة من الأصوات و حصول التكتّل على أحد المراتب الأربعة الأولى. أمّا الوجه غير المتوقّع فهو نسبة المشاركة العالية المقدّرة بأكثر من تسعين بالمائة ؛ وإستحواذ "العريضة" على عدد كبير من المقاعد فى عدّة مناطق ، و تمكّن المؤتمر من أجل الجمهورية من المرتبة الثانية فى ترتيب الأحزاب و المقاعد المتحصّل عليها، و إنحدار مذهل نوعا ما فى تأثير الحزب الديمقراطي التقدّمي ، و عدم قدرة أحزاب و أطراف جبهة 14 جانفي ( لا سيما حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين ؛ و فى هذا المقال لن نتعرّض للمقاطعة: من ، لماذا ، متى و كيف و النتيجة ... فهذا ليس مجالها ) على تجميع و لو خمسة بالمائة شأنها فى ذلك شأن القطب و الوضع أنكى حتى بالنسبة للقوميين و البعثيين.
1- خطوة إلى الأمام ، خطوتان إلى الوراء :
بطبيعة الحال ، تجعل هذه النتائج اليد الطولى للتيّار الإخواني فالنهضة على الأرجح هي التى ستشكّل الحكومة و بتحالف مع قوّة هامة أو قوى صغيرة متفرقة ستكون لها الأغلبية فى المجلس التأيسي و يعدّ هذا فى حدّ ذاته مأساة بالنسبة " للتقدّميين" و للشعب من منظور التطوّر التاريخي نظرا لإنعكاسات النتائج السلبية على كتابة الدستور و تعيين الحكومة و الرئيس المؤقتين .
و من اللافت أنّ هذه النتائج أبعدت بعض القوى ال"اليسارية" و القومية التى كانت القوى الأهمّ فى مساندة و تفعيل إنتفاضة الجماهير ديسمبر-جانفى ،فى الوقت الذى كان فيه الهاشمي الحامدي- العريضة- يطبّل للزين و عائلته و للتجمّع و كان فيه رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية قبل بالإصلاحات التى قدّمها الرئيس الهارب فى خطاباته لا سيما منها خطابه الأخير ( هذا دون التذكير بالمواقف الإنتهازية لكلّ من الحزب الديمقراطي التقدّمي و التجديد و الحزب الإشتراكي اليساري و حزب العمل الوطني الديمقراطي)., و بالمقابل وقع النفخ بوجه خاص فى العريضة / الهاشمي الحامدي و فى المؤتمر من أجل الجمهورية من خلال البترودولار الأمريكي و الخليجي أساسا و من خلال بقايا التجمع و الحكومة و جهاز الدولة القائم بمؤسساته البيروقراطية و العسكرية.
و قد لاحظ الكثير من المراقبين و المتابعين للإنتخابات و حتى بعض التونسيين تصدّر أحزاب الذين كانوا خارج البلاد المراتب الأولى. و فُهم من ذلك مدى الإرتباط بين الغنوشي و الهاشمي الحامدي و المنصف المرزوقي بالأوساط الإمبريالية و مخطّطاتها المتعلقة بالقطر و المنطقة و الشرق الأوسط الكبير ،كما فُهم دى تأثير القوى الإستعمارية على مسار الإنتخابات حتى عبر الشخصيّات و الشعب التجمعية التى إشترت الذمم و أدلت بأصواتها لفائدة أصدقاء بن علي / الحامدي و الخادمين بوفاء لمصلحة المشروع الإستغماري الجديد ، النهضة و المؤتمر من أجل الجمهورية.
و هكذا تمّت عملية الإلتفاف على إنتفاضة الشعب فى تونس و أصبغت الشرعية على عملاء الإمبريالية و خدم دولة الإستعمار الجديد التى تتمّ إعادة هيكلتها لا أكثر و لا أقلّ.
لقد أنجز الشعب فى تونس ، بمشاركة هامة للشباب العاطل خاصة و بمشاركة لا باس بها من قوى " يسارية" بالأساس و قومية ، إنتفاضة شعبية أطاحت برأس السلطة لكنّها لم تطح بالنظام فمثّل ذلك خطوة إيجابية إلى الأمام، غير أنّ عملية إلتفاف النظام الحاكم و طبقات الكمبرادور و الإقطاع المسنودة من قبل الإمبريالية العالمية ، إفتكّت بسرعة المبادرة و إستطاعت أن تلتف على الإنتفاضة بطرق شتى ، من جهة ، و أن تصبغ الشرعية على حكمها بوجوه جديدة تتخفى خلف الدين و سيكون فى منتهى الصعوبة الصراع ضدّها و فضحها شعبيّا لكونها تتقنّع بقناع تطبيق أحكام تنسبها إلى إلاه و ليس إلى بشر فى مجتمع متغلغل فيه إلى حدّ كبيرالفكر الديني ، من جهة ثانية و يمثل هذا خطوتين سلبيتين إلى الوراء ( الإلتفاف على الإنتفاضة و وضع الظلاميين فى موقع السلطة ) فحقّ لنا أن نصف ما حصل ب " خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء!"
و نجمل دواعي هذه الإنتكاسة فى أسباب ثلاثة أساسية ، رئيسيا قوّة القاعدة الإجتماعية و المؤسساتية و العلائقية لدولة الإستعمار الجديد و الطبقات الحاكمة و ثمّ، تدنّى الوعي السياسي الطبقي لدى جماهير شعبنا و أخيرا نشر بعض القوى " اليسارية" للأوهام البرجوازية حول الدولة و الديمقراطية و هذا السبب الأخير هو سنتناوله بالتحليل فى هذا المقال.
2- عودة إلى مسألة ثورة أم إنتفاضة :
" إنّ الثورة إنتفاضة و عمل عنف تلجأ إليه إحدى الطبقات للإطاحة بطبقة أخرى" ( ماو تسى تونغ)
كجزء من مخطّط الإلتفاف على الإنتفاضة الشعبية ، أخذت وسائل إعلام دولة الإستعمار الجديد تبثّ وهم الثورة ناعتة ما حدث بداية بثورة الياسمين ثمّ بثورة الكرامة و سرعان ما رأينا الأوهام تنتشر إنتشار النار فى الهشيم و تغزو غالبية القوى " اليسارية" ،ناهيك عن القومية و غيرها .فطلع علينا ، على سبيل المثال الناطق الرسمي بإسم حركة الوطنيين الديمقراطيين فى وسائل الإعلام ، مؤكّدا أن طبيعة "الثورة " التى حصلت "ثورة ديمقراطية إجتماعية" . و من جانبه سرعان ما تحوّل حزب العمّال من الحديث عن إنتفاضة إلى الحديث عن "ثورة" ديمقراطية و ظلّ " الوطد " لأشهر ينعت الحدث بالثورة ثم أخذ بعضهم يستعمل مصطلح الإنتفاضة و بقي آخرون يستعملون ثورة أو إنتفاضة دون تفرقة أو معا فى ذات الخطاب إلى هذه الأياّم الأخيرة.
و كان المستفيد الأكبر من هذا التضليل و بثّ الأوهام البرجوازية الصغيرة من قبل جبهة 14 جانفي و آخرين هو القوى الرجعية ذلك أنّه ساعدها على توجيه الرأي العام ضد بن علي و عائلته و إنقاذ النظام ككلّ حكومة و مؤسسات و شرطة و جيش إلخ و إعداد العدّة على جناح السرعة للإلتفاف على الإنتفاضة الشعبية بشتى السبل و منها بالأساس توجيه النقد لشخص معيّن لا لنظام كامل إجتماعي - إقتصادي ، و بالتالى جعل بن علي كبش فداء و إنقاذ دولة الإستعمار الجديد و إعادة هيكلها و إخراجها فى ثوب جديد و بوجوه جديدة.
و عمّا تمخّضت " الثورة " المزعومة؟
لقد تمخّضت " ثورة " حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين و غيرهما عن مثلا :
1- حكومات ثلاثة جميعها دستورية تجمعية عمل رؤساؤها مع الجنرال زين العابدين بن علي.
2- توطيد الجيش بالدعاية له على أنّه عامل إستقرار و مساند للشعب و تعزيز صفوفه بإرجاع حتى المطرودين منه مهما كانت الأسباب و تبييض وجهه و كأنّه محايد هو الذى كان يأتمر بأوامر بن علي و يخدمه و قبله بأوامر بوقيبة و شاركهما الحكم و قمع الشعب.
3- تعزيز جهاز الشرطة بإرجاع الآلاف المطرودين و إنتداب آلاف أخرى و رفع أجور الأعوان على نحو لم يجنيه أي قطاع آخر.
4- بقاء جهاز القضاء ،رغم كافة الجهود النضالية المبذولة لتغييره بين أيدى القضاة الفاسدين و من ثمة بين أيدى ذات جهاز الدولة الذى لم يحطّم.
5- إستمرار جهاز الإعلام رئيسيا بيد الحكومات الدستورية التجمعية المتتالية و المحافظة على ذات توجه الدولة منذ بورقيبة إلى بن علي فى خدمة الطبقات الحاكمة و الإمبريالية العالمية ضد مصالح الشعب.
إلخ إلخ...
كلّ هذا ،عدا النتائج الأخيرة لإنتخابات المجلس التأسيسي ،و يدّعى ناشرو الأوهام البرجوازية الصغيرة أنّ ما حدث "ثورة" ديمقراطية أو ديمقراطية إجتماعية و ما إلى ذلك و أنّه ينبغى " إكمال مهام الثورة" و غيرها من الترهات لا لشيئ إلاّ لأنّ النظام أقدم على بعض التنازلات الطفيفة و منها شيئ من الحرّيات الإعلامية و الإعتراف بأحزاب.
لقد لخّصنا فى السابق أنّه لم تتمّ أية ثورة إلاّ فى خيال هؤلاء مدّعي تبنّى الشيوعية لأمرين إثنين متعلقين بالبنية التحتية و البنية الفوقية أي أنّه لا تغيّر نوعي / كيفي فى نمط/ أسلوب الإنتاج و لا تغيّر كذلك فى جهاز الدولة و الطبقات الماسكة به خدمة لمصالحها الآنية و البعيدة المدى و حدّدنا أنّ ما أنجزه الشعب لا يعدو أن يكون إنتفاضة و يبدو أنّ هناك تيّار الان صار يتشكّل و يقترب أكثر فأكثر من تبنّى هذه الحقيقة : إنتفاضة و ليست ثورة. لكن هناك أيضا خطر تكرار ذات الأوهام حتى فى صفوف الفئات الأكثر نضالية و فهما للمهزلة الإنتخابية بفعل رفع شعار " الشعب يريد الثورة من جديد" الذى يُقحم فيه مجدّدا مصطلح الثورة و يقرّ ضمنيّا و صراحة أن ما حصل سابقا " ثورة". و هذا من أفدح الأخطاء و تبعاته وخيمة للغاية و مخيبة الآمال و محبطة حيث عاجلا أم آجلا سيكون من عوامل عرقلة التعبئة الجماهيرية لأنّ غالبية الجماهير تعتقد فى فكرة خاطئة شائعة هي أنّ الثورة أنجزت و إنتهى الأمر و الآن حان وقت المضي نحو الإستقررار و البناء و جني ثمارها ، و لأنّ وجوها و أحزابا جديدة إعتلت سدّة الحكم و لها قاعدة إجتماعية عريضة و لم يقع بعدُ فضحها شعبيّا كبديل إمبريالي و فضج برامجها و القوى التى تمثّلها طبقيّا.
" إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ،و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي-اللينيني المتعلق بالثورة صالح بصورة مطلقة ،للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء " ("مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ص 65).
3- لا للأوهام الديمقراطية الرجوازية ! :
أ – الديمقراطية / الدكتاتورية :
ما إنفكّ حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين و قبلهم و إلى جانبهم على الساحة السياسية ، الحزب الإشتراكي اليساري – فى الحقيقة " الرأسمالي اليميني "- و حركة التجديد و قوى عديد أخرى يبثّون الأوهام البرجوازية الصغيرة حول مسألة الديمقراطية. دون مراوغة و مباشرة نقولها : إنّ حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين الذين يدعيان تبنّى اللينينية ينظّران و يمارسان فى تضارب تام مع اللينينية التى هي منهما براء. إنّهما مرتدّان . متحدثا عن مرتدّ آخر ، كاوتسكي فى"الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ( ص18)، أوضح لينين :
" أنّه طالما هناك طبقات متمايزة ، - و طالما لم نسخر من الحسّ السليم و التاريخ ، - لا يمكن التحدث عن " الديمقراطية الخالصة" ، بل عن الديمقراطية الطبقية فقط ( و نقول بين هلالين إنّ " الديمقراطية الخالصة" ليست فقط صيغة جاهلة تنم عن عدم فهم لنضال الطبقات و لجوهر الدولة على حدّ سواء ، بل هي أيضا صيغة جوفاء و لا أجوف، لأنّ الديمقراطية، ستضمحلّ ، إذ تتطور فى المجتمع الشيوعي و تتحوّل إلى عادة، و لكنها لن تصبح أبدا ديمقراطية " خالصة".)
فلينين أكّد أنّه لا وجود لديمقراطية خالصة ، فوق الطبقات و أنّ ما هناك إلاّ ديمقراطية طبقية و أنّ كلّ ديمقراطية هي فى آن واحد دكتاتورية ؛ ديمقراطية لطبقة أو طبقات و دكتاتورية ضد طبقة أو طبقات ( و قد تعمّقنا فى هذه المسألة فى مقال " أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغيرة حول الإنتفاضة الشعبية فى تونس "، الحوار المتمدّن) فى حين أنّ هؤلاء روّجوا خيالات عن ديمقراطية لا طبقية - سياسية و إجتماعية – و ما من مرّة نعتوها أو حدّدوها طبقيّا و بذلك ساهموا و يا لها من مساهمة فى تضليل المناضلين و المناضلات و الجماهير الشعبية . إنّهم لم يقوموا باللازم لينينيّا لشرح علاقة الديمقراطية بالدكتاتورية طبقيّا و بأنّ كل ديمقراطية هي بالضرورة دكتاتورية : ديمقراطية لأقلية أو أغلبية و دكتاتورية ضد أغلبية أو أقلية و مثال ذلك فى كتاب لينين " الدولة و الثورة" أنّ الديمقراطية البرجوازية ديمقراطية للأقلية و دكتاتورية ضد الأغلبية بينما دكتاتورية البروليتاريا / ديمقراطية البروليتاريا هي فى آن أيضا ديمقراطية الأغلبية دكتاتورية ضد الأقليّة.
و كذلك لم يبذل مدّعو تبنّى اللينينية قصارى الجهد – فى الواقع لم يبذلوا أي جهد – لتفسير أنّ لكلّ طبقة ديمقراطيتها و أنّ الديمقراطية ذاتها كشكل للدولة مآلها تاريخيا الإضمحلال مع إضمحلال الدولة مثلما بيّن ذلك لينين فى " الدولة و الثورة".
ب- إنهيار المنطق البرجوازي الشكلاني :
و فى إرتباط بهذا رصدنا إندحارا عمليّا و فعليّا للمنطق الشكلاني لفهم الديمقراطية لدى كلّ من حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين. و اليوم و بعد أن ركّز حزب العمّال على تكتيك الحريات السياسية الذى تحوّل لديه إلى إستراتيجيا ( نفس التكتيك دام عقودا) نلمس من جهة مدى إنعكاس ذلك التكتيك الإصلاحي الخاطئ الذى ما فتأ يأجّل العمل الحقيقي من أجل الثورة بقيادة البروليتاريا ، على المبالغة فى وصف ما حدث فى البلاد جاعلا إيّاه بمثالية و بعيدا عن التحليل الملموس للواقع الملموس لينينيا " ثورة"؛ و من جهة ثانية نلمس ما أفرزته الإنتخابات من كسب القوى الرجعية فى فترة الحريات السياسية البرجوازية فى ظلّ دولة الإستعمار الجديد.
و كذلك إندحر المنطق الشكلاني الذى خرج به علينا شكرى بلعيد مؤكّدا فى ردّه على حزب العمل الوطني الديمقراطي بأنّ الرئيسي فى هزيمة التجارب الإشتراكية السابقة هو عدم إعتمادها الإنتخابات. فإضافة إلى كون هذا غير صحيح بالنسبة للصين الماوية و خاصة فى حقبة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى 1966- 1976 ( مثلما أشار له مقال فى العدد الرابع من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !") ؛ فإنّ ما جدّ اليوم فى القطر يوجه لتنظيراته الشكلانية طعنة مميتة حيث نرى بأمّ أعيننا كيف أن الإنتخابات معزولة عن جملة عوامل أخرى – و ماويّا رئيسيا الخطّ الإيديولوجي و السياسي الثوري المحدّد – ليست سوى شكل من أشكال إصباغ الشرعية حتى على الظلاميين و المستعمرين ...فهل تقبل دكتاتورية / ديمقراطية البروليتاريا بالإنتخابات الشكلية لوحدها و بمشاركة القوى البرجوازية القديمة منها و الجديدة التى تنشأ فى المجتمع الإشتراكي بما هي مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية ، و قد تفوز و بالتالى تعيد تركيز الرأسمالية؟
و مثلما أنّ الديمقراطية دون تحديد طبقي جدّ ضارة بالوعي الطبقي للطبقات الشعبية ، فإنّ المنطق الديمقراطي الشكلاني ( و النكوصي الذى يتنكّر لتجربة الإشتراكية فى كلّ من الإتحاد السوفياتي و الصين و يعود بنا إلى ما قبلهما) ، فإن المنطق الديمقراطي الشكلاني مخرّب للمنهج المادي الجدلي و المادي التاريخي الذى علينا كشيوعيين نشره فى صفوف الشعب كي يتحوّل إلى سلاح علمي تستخدمه البروليتاريا و الطبقات الكادحة الأخرى لتفسير العالم و تغييره.
4- الدولة و الثورة الحقيقية فى أشباه المسعمرات والمستعمرات الجديدة :
أ- " من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية" (ماو تسى تونغ):
لئن كان حزب العمل الوطني الديمقراطي أعلن بصفاقة ، عقب لقاء مع الوزير الأوّل قائد السبسي ، بأنّه يشاطرالحكومة برنامجها ، فإنّ حركة الوطنيين الديمقراطيين أعلنت و ليس بأقلّ صفاقة من حزب العمل أنّ الجيش التونسي جيش وطني قام بدور عظيم فى حماية " الثورة" و البلاد. و هنا أيضا ينسجون السفاسف و يغالطون المناضلين و المناضلات و الجماهير الشعبية ذلك أنّهم يتزلفون لمؤسسات دولة الإستعمار الجديد و يضعون الجيش فوق الصراع الطبقي و لا يعتبرونه جهازا من أجهزة القمع الطبقي ،فى حين الماركسية-اللينينية الماوية تعلّمنا أن الدولة جهاز قمع طبقة لطبقة أخرى و أنّ كما قال ماو تسى تونغ : " يعتبر الجيش، حسب النظرية الماركسية حول الدولة ، العنصر الرئيسي فى سلطة الدولة ، فكلّ من يريد الإستيلاء على سلطة الدولة و المحافظة عليها،لا بدّ أن يكون لديه جيش قويّ". ( " قضايا الحرب ز الإستراتيجيا" ،من "مقتطفات من أقوال ماو تسى تونغ" ،ص66- 67)
إنّ " اليسار" الماركسي فى غالبيته يسار إنتهازي إصلاحي يرغب فى النشاط السياسي ضمن إطار دولة الإستعمار الجديد بينما أحد الدروس التى إستخلصتها الماركسية من كمونة باريس هي :" تتلخّص فكرة ماركس فى أنّ واجب الطبقة العاملة هو تحطيم " آلة الدولة الجاهزة" و كسرها ، لا الإكتفاء بمجرّد الإستيلاء عليها". ( لينين " الدولة و الثورة" ص 39.)
هدف هذا " اليسار" الإنتهازي الإصلاحي ليس الثورة من منظور بروليتاري ثوري شيوعي حقيقي و إنّما هو المشاركة فى إدارة دولة الإستعمار الجديد لا غير. و لذلك كلّما فتحت له أبواب أو حتى فجوات مؤقتة و محدودة للمشاركة فى النشاط السياسي القانوني و العلني ، إعتبر ذلك مكسبا عظيما و " ثورة" فى حال الفترة الأخيرة.
ب- " بدون جيش شعبي ، لن يكون هناك شيئ للشعب. "(" مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ" ، ص105)
ابدا لا يشغل بال هؤلاء الإصلاحيين إنجاز ثورة ديمقراطية جديدة / وطنية ديمقراطية حقيقية بما تعنيه من تحطيم للدولة القديمة ، دولة الإستعمار الجديد و على أنقاضها بناء دولة الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية بقيادة البروليتاريا. ليس من الوارد لديهم التفكير و العمل على إيجاد جيش شعبي حقّا لحماية مصالح الطبقات الشعبية و خوض المعارك الثورية و إنجاز مهام الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية . و هم يقبلون بجيش دولة الإستعمار الجديد ، دولة الإقطاع و الكمبرادور و الإمبريالية و يشيدون به نتيجة قبولهم بالنشاط السياسي القانوني فى ظلّ قوانين هذه الدولة صنيعة الإمبريالية و عميلتها و بكل مؤسساتها و لا يستهدفون سوى إدخال بعض الإصلاحات عليها و المشاركة فى تسييرها.
إنّهم ليسوا بشيوعيين ، ليسوا بماركسيين ، بل هم تحريفيون ينشرون الأوهام البرجوازية و يضلّلون الشعب لا غير ." و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية. إنّ المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية. و الذى يدعون إليه ليس بالخطّ الإشتراكي فى الواقع بل هو الخطّ الرأسمالي."( ماو تسى تونغ ، مارس 1957)
و من المفيد هنا أن نذكّر بما قلناه فى مقالات سابقة ( و خاصة فى " أنبذوا الأوهلم البرجوازية الصغيرة حول الإنتفاضة الشعبية فى تونس") . حتى إن حصل حزب العمّال " الشيوعي " التونسي أو حركة الوطنيين الديمقراطيين أو ... على مقاعد الحكم ، فإنهم لن يستطيعوا الخروج عن إطار دولة الإستعمار الجديد و لا القطع مع الإمبريالية و سيجدون أنفسهم أمام خيارين : إمّا أن يطبقوا قوانين اللعبة المسطّرة من طرف الطبقات الحاكمة و الإمبريالية العالمية و التكيّف معها و خدمتها و إمّا سيسحقهم الجيش كأداة قمع طبقة لطبقة فى خدمة التحالف الطبقي الحاكم و الإمبريالية العالمية. هذا ما تثبته التجربة التاريخية عالميّا . ففى الهند يخدم الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي) دولة الإقطاع و الكمبرادور و حليفهما الإمبريالية العالمية بمسكه لسنوات مديدة الآن و فى عدّة ولايات السلطة و قمعه الفاشي للقوى الثورية الحقيقية وهو منذ سنوات فى حرب مفتوحة ضد الماركسيين-اللينينيين-الماويين و حرب الشعب الماوية هناك. و فى الشيلي فى بداية السبعينات من القرن العشرين، عندما حاول آلاندى تجاوز الحدود المرسومة و ليس تطبيق البرنامج البروليتاري الثوري – ببعض الإصلاحات و التأميمات- ما كان من الطبقات الحاكمة إلاّ أن حرّكت الجيش ليقوم بإنقلاب دموي و يذبح آلاف الشيوعيين و غيرهم و ليستولي على السلطة و يفرض حكم بينوشتى لعقود. وفى الستينات من القرن العشرين أدّي الخطّ التحريفي و الأوهام البرجوازية بالشيوعيين فى أندونيسيا إلى التعرّض لمجازر رهيبة ...
5- على الشيوعيين أن يكونوا شيوعيين و ينشروا مبادئ الشيوعية لا الأوهام البرجوازية الصغيرة :
أ- لنتصدّى للتحريفية الناشرة للأوهام البرجوازية !
إنّ غالبية " اليسار" بما هي تحريفية لا تسوّق سوى للأفكار و الأوهام البرجوازية بينما من واجب الشيوعيين و الشيوعيات حقّا أن ينشروا المبادئ الشيوعية و النظرة البروليتارية للعالم و بر امج الثورة البروليتارية العالمية بتيّاريها الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة و الثورة الإشتراكية فى البلدان الإمبريالية ،و العمل على مقاومة دولة الإستعمار الجديد و مراكمة القوى لإيجاد الأسلحة السحرية الثلاثة فى أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة : الحزب الشيوعي و الجبهة الوطنية الديمقراطية و جيش التحرير الشعبي و الحزب الشيوعي طليعة البروليتاريا الثورية محور هذه الأسلحة و قائدها.
و لم يكتف " اليسار" الإنتهازي الإصلاحي بنشر الأوهام البرجوازية بل عمد فصيل منه يدّعي الثورية و اللينينية حتى للتحالف مع الإخوانجية بتعلّة مجابهة العدوّ الرئيسي حينها ، بن علي . وفضلا عن عدم صواب هذا التفكير الإنتهازي الذى يسمح بالتحالف مع أكثر القوى الظلامية التابعة للنظام ذاته و البديل الإمبريالي بإمتياز فى المرحلة الحالية ، فإنّ النتائج كانت وخيمة للغاية.
فى الواقع ،ساهم حزب العمال " الشيوعي " التونسي - إلى جانب الحزب الديمقراطي التقدّمي- فى تلميع صورة الظلاميين و جعلهم ديمقراطيين مقبولين شعبيّا و على نطاق واسع جدّا رغم أنّهم لم يشاركوا فى تحرّكات تحالف 18 أكتوبر بتاتا أو شاركوا بإحتشام كبير ، لا سيما عندما تعلّق الأمر بتحرّكات فى شوارع العاصمة. و من هنا إذا الظلاميون " ديمقراطيون" لدى القوى الإمبريالية العالمية و بتأشيرة من حزب " تقدّمي " و آخر " شيوعي "!!! و لدي الفئات الشعبية ذات التجربة المحدودة التى ترى أنّ النهضة و قد صارت " ديمقراطية" بإعتراف الحزب " الشيوعي" و الحزب " التقدّمي" و قد وعدت بإحترام المكاسب الشعبية و تطبيق إسلام وسطي، باتت هي الأقرب للقلب و العقل ! فلماذا ستصوّت لغيرها؟
و عندئذ تكون الإمبريالية جهّزت قطعة الشطرنج الناقصة لتكرّس عمليّا هيمنة ما تسمّيه " الإسلام المعتدل" وقد أضحى مقبولا حتى من " التقدميين" و "الشيوعيين".
و بهذا ندرك حقيقة أن حزب الشابي و حزب حمه ساهما فى فى هزيمتهما و تعزيز تأثير الظلاميين من حيث سعيا للإستفادة منهم. بإختصار ، التحالف الذى تمّ أفاد أيما إفادة الإخوانجية و دولة الإستعمار الجديد و قلّص من فرص إنتشار و تأثير الحزبين المتحالفين مع النهضة فى إطار 18 أكتوبر. و فضلا عن ذلك ، كان جزاء الشابي الذى فتح لهم ذراعيه و أبواب حزبه و جريدته ليبثّوا سمومهم و دافع عنهم بإستماتة ، الطرد من عدّة مناطق و الإهانات تلو الإهانات.
ب- أهمّية المشروع الشيوعي :
و قد بلغنا هذا الحدّ ، نودّ أن نثير سؤالا جوهريّا : هل تعتقدون أنّ الأصوات التى حصلت عليها النهضة مردّها أساسا و رئيسيا المسائل التكتيكية المتصلة بالبرنامج الإنتخابي و مسألة الهويّة ؟ نحن لا نعتقد ذلك . من الأكيد أنم مسألة الهويّة لعبت دورا فى تكديس الأصوات لفائدتها كما لعبت علاقاتها مع القوى الإمبريالية دورا لا ينكره إلاّ الأعمى غير أنّ ما نجلب إليه النظر هو أنّ الظلاميين و منذ عقود الآن أقاموا دعايتهم بصفة جوهرية و مركزية على مشروع المجتمع الذى يعدون به ، على مجتمع إسلامي يعيد للأمّة الإسلامية أمجادها و يشيع العدل فى الأرض ، حسب رأيهم المضلّل للفئات الشعبية.
و هذا يحيلنا على النقيض من ذلك ، على المشروع الشيوعي الذى ما عادت غالبية "اليسار" تدعو له و تروّج و إكتفت بالعمل النقابي الإقتصادوي و المطالبة بالحريات السياسية. و مجرّد نظرة على أدبيّات المدعين تبنّى " الماركسية" تفيد بأنّ أكثريتهم تكرّس فى العمق ما روّجت له طويلا الدعاية الإمبريالية و الرجعية أي " موت الشيوعية" ففضلا عن تبرّء هؤلاء أو أولئك من الماوية أو من اللينينية أو من الماركسية برمّتها فإنهم أمسوا لا يعتبرون أنفسهم شيوعيين فهم وطنيون و هم يساريون و هم إشتراكيون و حتى حزب العمّال فى مؤتمره الأخير ناقش التخلّى عن صفة " الشيوعي"!!! فى الوقت الذى تحتاج فيه الطبقة العاملة عالميّا إلى رفع راية الشيوعية الحقيقية ،الثورية !!!. و هذا ليس غريبا منهم و نحن فيما مرّ بنا قد وضعنا يدنا على معطيات و حقائق تؤكّد أن حزب العمّال ذاته ليس لينينيّا .و قد سبقهم إلى التنكّر إلى الشيوعية الحزب الإشتراكي اليساري – فى الحقيقة "الراسمالي اليميني"- و حزب العمل الوطني الديمقراطي و كلاهما إلتحقا بجلاء بحركة التجديد و شكّلا معها تحالفات ، حركة التجديد – الحزب الشيوعي التونسي سابقا -الشهيرة بمساندتها لدولة الإستعمار الجديد لأكثر من نصف قرن. و التى شاركت فى حكومة الغنوّشي المعادية للشعب و تطلعاته.
و كي نخترق الثنائي الذى تسعى الإمبريالية و عملاؤها ليضعوا الشعب فيه : إمّا الدكتاتورية المفتوحة او الديمقراطية الإستعمارية ، ينبغى أن نبثّ فى صفوف المناضلات و المناضلين و الفئات و الطبقات الشعبية و خاصة فى الشباب المشروع الشيوعي بتاريخه المجيد و مبادئه الثورية و مكاسبه الهائلة و نقد الأخطاء و كيفية تجاوزها و برنامج الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية و مستلزماتها كمشروع وحيد ثوري حقّا و قادر على تحرير الإنسانية تحريرا تاما من كافة ألوان الإضطهاد و الإستغلال القومي و الطبقي و الجندري.
ت- عالم آخر ضروري و ممكن ، عالم شيوعي :
يجب مقارعة مشاريع الإمبريالية و الرجعية بمشروع تحرير الشعب و على رأسه الطبقة العاملة عالميّا ، يجب مقارعة مشاريع أعداء الشعوب و التحرّر الوطني و الطبقي و الجندري بالمشروع الشيوعي الثوري لا بأفكار و أوهام برجوازية صغيرة إصلاحية . و من ثمّة يترتّب علينا بناء تيّار يدافع حقّا عن الشيوعية لتجاوز الثنائية الإصلاحية : سلطة فاشستية أم سلطة ديمقراطية فى إطار دولة الإستعمار الجديد. و بالضرورة يترتّب كسر هذا القمقم كما يترتّب ماركسيّا تحطيم هذه الدولة لإنشاء دولة الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية الممهّدة للإشتراكية فالشيوعية.
ووحده بناء الأسلحة السحرية الثلاثة ( الحزب الماركسي-اللينيني-الماوي ،و الجبهة الديمقراطية الجديدة و جيش التحرير الشعبي ) قادر على أن يوحّد القوى و الطبقات الشعبية تحت راية البروليتاريا الثورية. و قد أثبت التاريخ المعاصر أنّ المشروع الشيوعي فقط قادر على ذلك ، لا القومي و لا الديني و لا الأوهام بإمكانه إنجاز التحرير الفعلي للشعوب و الإنسان من الإضطهاد و الإستغلال القومي و الطبقي و الجندري. هذه حقيقة عميقة علينا أن ندركها جيّدا و أن نعمل طاقتنا لتستوعبها الجماهير الشعبية.
و فى هذا السياق ناكّد أنّه لا مناص من مواجهة النظرة المثالية للعالم و من تمظهراتها الأساسية النظرة الدينية ذلك أنّه لن يكون بمستطاع المشروع الشيوعي النجاح و لا يمكن للثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية أن تحرز الظفر دون كسب الجماهير إلى النظرة البروليتارية المادية الجدلية للعالم و تصفية الحساب و لو بصورة أساسية و ليس كلية مع المثالية وفى حالنا نحن تصفية الحساب جوهريّا مع الإسلام السياسي . و من الواجب التشديد على أنّ الإسلام مثلما بيّن الرفاق الماويون الإيرانيون أداة و إيديولولجيا الطبقات المستغلّة .
و إنطلاقا من كون الحرّية هي وعي الضرورة ( إنجلز) و تغيير الواقع ( إضافة ماو) ، نقول إنّه من الضرورة بمكان أن نواجه بجرأة و جسارة الإيديولوجيا الدينية و أن ندعو المثقّفين و جماهير الشعب لمواجهتها فكريّا و سياسيّا و ميدانيّا. و موقف التهرّب من هذه المواجهة موقف غير ماركسي، غير شيوعي ، تحريفي و لا يفيد فى آخر المطاف ، أصلا و بتاتا سوى مزيد تغلغل الظلاميين حيث لا وجود لفراغ إيديولوجي فإمّا الإيديولوجيا البروليتارية الثورية و إمّا الإيديولوجيا البرجوازية و الرجعية بتلويناتها.
هل يمكن أن ننجز ثورة بروليتارية – ديمقراطية جديدة فى أشباه المستعمرات بقيادة البروليتاريا و إشتراكية فى البلدان الإمبريالية ،- بشعب أو شعوب تهيمن عليها و تتحكّم فيها إيديولوجيا مثالية – دينية؟ طبعا لا! حتى يوجد شعب ثوري مثلما حتى توجد حركة ثورية ، هناك حاجة لنظرية ثورية تنير الممارسة و عملية تغيير العالم ثوريّا . ولنتحمّل مسؤولياتنا كثوريين فى النهوض بهذه المهمّة الديمقراطية العالقة منذ عقود إن لم نقل منذ قرون. و لنوضّح عرضا أنّ هذا لا يعنى السعي إلى القضاء المبرم على النظرة المثالية والدينية تحديدا عدا كونه غير مطلوب و مثالي فلسفيّا غير ممكن واقعيّا و يحتاج إلى رسوخ الشيوعية عالميّا و لمدّة طويلة و حتى فى هذه المرحلة فهذا بعد إنتفاء شروط المعتقدات الدينية و إنتشار النظرة المادية الجدلية و التفكير العلمي.
و بالمناسبة من أوكد الواجبات فى هذا الصدد أن نتجنّب أية تحالفات مع القوى الظلامية لأنّها جزء من نظام دولة الإستعمار الجديد و بديل إمبريالي ينبغى علينا عزله و مهاجمته بإستمرار حتى لا ينقضّ على نضالات الشعب و يركبها و يعيده إلى نقطة الصفر أو أتعس مثلما حصل فى إيران و( و تجربة الرفاق الماويين فى إيران و الدروس التى إستخلصوها مفيدة للغاية فى هذا المضمار) و عليه يغدو جليّا أنّه علينا أيضا أن نفضح كلّ من يدفع نحو أي نوع من التحالف معه مهما كانت التعلاّت...
ليكن الشيوعيون شيوعيون و ينشروا الشيوعية بجرأة !
لنكن من محرّري الإنسانية !
=================================
2- من الفليبين إلى تونس :
تحريفية حزب العمّال " الشيوعي " التونسي و إصلاحيته بيّنة لمن ينظر بعيون شيوعية حقّا
1-- التجربة الثورية فى الفيليبين و تزوير حزب العمّال " الشيوعي " التونسي للحقائق !
يشدّد الحزب الشيوعي الفيلبيني فى أهم وثائقه على أنه إفراز من إفرازات الصراع الطبقي فى الفيليبين وعلى أنّه أيضا إفراز من إفرازات الصراع الطبقي عالميا أي نتاج للجدال الكبير الذى خاضه الماركسيون – اللينينيون عبر العالم بقيادة ماو تسي تونغ والحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفية المعاصرة وخاصة منها السوفياتية ، بعد أن إنتصر الخط التحريفي على الخط الثوري البروليتاري داخل الحزب الشيوعي السوفياتي فتحوّل الحزب إلى جهاز برجوازي قمعي واصبحت الدولة تحت سيطرة البرجوازية الجديدة فأعيد تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي وذلك منذ أواسط الخمسينات. كما يعتبر الحزب أنه إفراز مباشر للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين الماوية ، قمة ما بلغته الثورة البروليتارية العالمية فى تقدمها صوب الشيوعية .
لقد أعاد الشيوعيون الثوريون الماويون بناء الحزب الشيوعي الفيليبيني على أساس الماركسية- اللينينية - فكر ماو تسى تونغ ( آنذاك فى الستينات و الماوية لاحقا ) ووضعوا البرنامج السياسي للثورة الديمقراطية الجديدة /الوطنية الديمقراطية للانجازعبر حرب الشعب طويلة الأمد ومحاصرة الريف للمدن. وعقب الإعدادات اللازمة ،أطلق الحزب الشيوعي الفيليبيني شرارة حرب الشعب راميا إلى إفتكاك السلطة عبر البلاد كافة خدمة للبروليتاريا والشعب الفيليبينيين و الثورة البروليتارية العالمية .
وكجزء لا يتجزأ من هذه الثورة البروليتارية العالمية، دفع الحزب الشيوعي الفيليبيني الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فى مرحلتها الأولى ،الدفاع الإستراتيجي، عاملا وسعه للإرتقاء بها إلى المرحلة التالية أي مرحلة التوازن الإستراتيجي قبل بلوغ مرحلة الهجوم الإستراتيجي. وقد أقام حرب الشعب طويلة الأمد على قراءة وتحليل علميين للمجتمع شبه المستعمر شبه الإقطاعي وتحقيقات ميدانية أكدت صحة كون خط الثورة الديمقراطية الجديدة يستند إلى البروليتاريا كقوة قيادية وإلى الفلاحين لاسيما الفقراء والصغار منهم كقوة أساسية لذلك بذل قصارى الجهد لتطوير تحالف العمال والفلاحين على قاعدة نشاط الجيش الشعبي الجديد خاصة فى الريف وتنظيم الفلاحين حول برنامج الإصلاح الزراعي كأساس جوهري صلب لتحالفات أخرى أوسع .
وبالفعل تمكن الحزب الشيوعي الفيليبيني من مدّ جذور عميقة فى صفوف العمال والفلاحين وتوسيع قاعدته الإجتماعية فى صفوفهم كما تمكن من بناء جبهة واسعة أطلق عليها إسم الجبهة الوطنية الديمقراطية الفيليبينية وبذلك أوجد الأسلحة السحرية الثلاث للثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية ألا وهي الحزب والجيش والجبهة بقيادة الحزب الشيوعي الثوري الماركسي- اللينيني- الماوي . وحقق إنتصارات على الجبهات كافة .
لكن وكما هو طبيعي، شهد تطوّر الحزب وتطوّر الثورة الديمقراطية الجديدة إلتواءات ومنعرجات ولم يكن تطورهما مستقيما فعرف نجاحات وكذلك تراجعات وإنتكاسات خاصة وأن الحزب والجيش الشعبي الجديد الفتي تعرضا لأبشع أشكال القمع والإبادة الوحشيين وتأثرا بالصراع الطبقي على المستوى العالمي. ونجمت عن ذلك وعن عدم فهم جيد للصراعات داخل الحركة الشيوعية العالمية واختلاف التقييمات للتجربة السوفياتية والصينية ، نجمت العديد من الانحرافات فظهرت تيارات إنتهازية يمينية و"يسارية" داخل الحزب الشيوعي الفيليبيني وكادت هذه التيارات ان تحول الحزب الى حزب إصلاحي خاصة فى الثمانينات. وبفضل القوى الثورية داخله ومساندة الماويين عبرالعالم وخوضه صراع الخطين بطريقة مبدئية وعلمية من خلال حملة التصحيح العميقة أعيد وضع الماوية فى القلب من حياة الحزب مما خوّل له إستعادة أنفاسه الثورية وإعادة وضعه على الطريق الثوري الشيوعي الماوي كجزء من الفصائل المتقدمة من الثورة البروليتارية العالمية فتعززت صفوفه إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا وتوطّد كلّ من الجيش الشعبي الجديد والجبهة الوطنية الديمقراطية الفيليبينية فكانت المكاسب نتيجة منطقية لتطبيق علم الثورة البروليتارية العالمية ، الماركسية- اللينينية - الماوية على الظروف الملموسة للفيليبين .وقد ألحق الحزب الشيوعي الفيليبيني الهزيمة بالإنتهازية اليمينية و"اليسارية" والمنادين بتصفية الثورة الديمقراطية الجديدة من خلال تفكيك الجيش الشعبي الجديد وتقنين وجود الحزب والمشاركة فى "اللعبة الديمقراطية" ونسج تحالفات لامبدئية والخلط المتعمد بين الماوية ولفيف من الأفكار التحريفية التروتسكية والخروتشوفية والإشتراكية الديمقراطية وما إلى ذلك.
و يبرهن الوضع الراهن للحزب الشيوعي الفيليبيني وللجيش الشعبي الجديد وللجبهة الوطنية الديمقراطية الفيليبينية على صحة الخط الإيديولوجي والسياسي الذى بات سائدا فى صفوف الحزب والجيش والجبهة. فصحة أو عدم صحة الخط الإيديولوجي و السياسي هي المحدّدة فى كلّ شيئ كما قال ماو تسى تونغ . و لئن كسبت الإنتهازية مهما كانت معركة صراع الخطين وصارت سائدة داخل الحزب و الجيش و الجبهة لتحوّل لون الحزب و الجيش و الجبهة و لتمّت تصفيتهم تمام التصفية و لصار الشعب عرضة لمزيد من التقتيل و الإبادة الجماعية دون أن يقدر على رفع رأسه و المقاومة و ردّ الفعل بأفق تغيير ثوري يطيح بدولة الإستعمار الجديد و الهيمنة الأمريكية و الكمبرادور و الإقطاع. فى وجه المدّ الإنتهازي اليميني و "اليساري "، رفع الشيوعيون الثوريون الماويون عاليا راية الماوية و حقيقة أنه " بدون جيش شعبي ، لن يكون هناك شيئ للشعب" (ماو تسى تونغ -1945).
وتوجه الحزب الشيوعي الفيليبيني لتحطيم أجهزة الدولة الرجعية وعلى أنقاضها طفق يشيّد سلطة الديمقراطية الشعبية فى المناطق المحررة وهو يسعى جاهدا لتحويلها إلى مناطق إرتكاز لحرب الشعب حيث يمارس الشعب سلطته ويتحكم فى مصيره . وفى خضم حرب الشعب طويلة الأمد وتكريسا للخط الشيوعي الثوري الماوي لم يترقب الشيوعيون الماويون من الرجعية أن تمن عليهم بأي حقوق لا على الورق ولا واقعيا بل مارسوا حقوقهم وحموها بدمهم ومثّلوا نماذجا إحتذى بها الشعب فى إفتكاكه لحقوقه.
ولقد إستخلص الحزب من تجاربه ومن تجارب البروليتاريا وشعوب العالم أن الرجعية فى المستعمرات وأشباه المستعمرات حتى وإن نصت على بعض الحقوق الديمقراطية فى الدساتير فهي تبقيها حبرا على ورق لمغالطة الشعب أما فى الواقع فالنظام المأزوم عموما يكشر عن أنيابه إزاء أدنى المطالب الشعبية ويمارس العنف الرجعي بلا حدود .وهذا يصح على البلدان العربية كما صح ّويصح فى الفيليبين وكما بيّنت التجربة الأليمة للحركة الشيوعية الأندونيسية والشيلية وغيرها كثير. ومجددا اطلت الأوهام الإصلاحية والليبرالية فى الفيليبين ومجددا منيت بهزيمة نكراء على أيدى الشيوعيين الماويين . فقد كنس الحزب الشيوعي الفيليبيني من صفوفه الأوهام البرجوازية الإصلاحية القائلة بإمكانية تحقيق الحريات السياسية للشعب فى ظل الإستعمار أو دولة الإستعمار الجديد وحكم الكمبرادور والإقطاع وبطريقة قانونية وكمرحلة ضرورية لا بد منها حسب زعم التيارات الانتهازية الإصلاحية الشبيهة بالتيارات الإصلاحية فى تونس من حزب العمّال" الشيوعي" التونسي إلى حركة "الوطنيين الديمقراطيين" مرورا بالحزب "الإشتراكي اليساري" و حزب العمل "الوطني الديمقراطي"... . وأبرز الرئيس المؤسس للحزب الشيوعي الفيليبيني فى مقال فى 2008 " لماذا لا يقدر نظام آرويو أن يحطم الثورة المسلحة وإنما يتسبب فى تقدمها" حقيقة أن ما إدعي الإصلاحيون زورا بأنه تحقيق للحريات السياسية ليس سوى "ديمقراطية زائفة "وقناعا يغطى به الوجه البشع للنظام العميل والإجرامي فقال بصريح العبارة :" ثورة الشعب الفيليبيني المسلحة من أجل التحرر الوطني والديمقراطية ضد الهيمنة الإمبريالية والإقطاعية قضية عادلة. وبالتالي من المفهوم لماذا من غير الممكن تحطيم هذه الثورة المسلحة التى إستمرت بنجاح ضد دكتاتورية ماركوس الفاشستية والأنظمة التالية له والمتشدقة بالديمقراطية الزائفة . "( التسطير من وضعنا ).
ولخّصت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفيليبيني دروسا من الصراع الطبقي فى الفيليبين فكتبت ضمن"- بيان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفيليبيني بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيسه ": لقد أطلق الإمبرياليون الأمريكان والعملاء العديد من الحملات العسكرية العامة والمحلية لسحق الحزب والجيش الشعبي الجديد والشعب الفيليبيني ساعين بخبث لتحطيم الحركة الثورية المسلحة. فقد حاول النظام القضاء على حرب الحرب الشعب في المهد 1969-1971 "، ثم حرّض الإمبرياليون الأمريكان نظام ماركوس لفرض دكتاتورية فاشستية على الشعب لمدّة أربعة عشر سنة – من 1972 إلى أن ضعف بفضل مقاومة الشعب وأطيح به عبر إنتفاضة 1986.ثم تلى هذا بسلسلة من الأنظمة ما بعد ماركوس تدعى الديمقراطية وتحاول دون جدوى تحطيم الثورة الديمقراطية الشعبية من خلال المكر والعنف"(خط التشديد مضاف). [ موقع الحزب الشيوعي الفليبيني على الأنترنت هو : http://www.philippinerevolution.org]
----------------------------------------------------
فى تونس لا زالت الحركة الشيوعية تعانى من هيمنة التحريفية والإصلاحية التى حاولت فى مناسبات عدة ومنذ عقود إستغلال أي تغيرات ظرفية فى شكل السلطة نحو ما يسمى "إنفتاحا سياسيا" لتعتبر ذلك خطوة إيجابية وأحيانا تحقيقا ل"الحرية السياسية كخطوة حاسمة فى إتجاه الثورة الديمقراطية الوطنية" . و يهمنا هنا أن نشير إلى أن حزب العمال "الشيوعي" التونسي الخوجي والإصلاحي سعى إلى إستغلال ما حدث فى الفيليبين من تغيير الدكتاتورية المفضوحة لماركوس بآكينو فى أواسط ثمانينات القرن العشرين ليغالط المناضلين والمناضلات الشيوعيين والشيوعيات ولينشر الأوهام البرجوازية الإصلاحية فى صفوف الشعب مروجا إلى أن ذلك مثال حي عن نجاح تكتيك الحريات السياسية الذى يتخذه برنامجا له و"خطوة حاسمة فى إتجاه الثورة الديمقراطية الوطنية " كانت تكتيكية فصارت سياسة دائمة وإستراتيجية حيث لم يتخل عنها منذ أكثر من عقدين.
وقد جرى الرد ردا منهجيا على برنامج "الحريات السياسية " ضمن كتيب " حقيقة التروتسكية الجديدة " ( المتوفّر على النات فى موقع الحوار المتمدّن تحت عنوان "حقيقة حزب العمال الشيوعي التونسي") وتحديدا فى جزئه الثاني "الحريات السياسية برنامج إصلاحي" ، منذ 1989.
و تجنبا للإطالة وتكرار الأفكار نقتطف من ذلك الكتيب فقرة معبرة نعتقد أنها كافية لدحض التخريجات التحريفية الخوجية فى علاقة بالموضوع الذى نحن بصدده :
" توهم التروتسكية الجديدة الشعب بإمكانية إحراز "الحرية السياسية " فى ظل الأنظمة العميلة. إن "الحرية السياسية " تتجاهل طبيعة هذه الأنظمة وموالاتها للإمبريالية وتتناسي أن مخططات هذه الأنظمة هي فى جوهرها مخططات إمبريالية مع تصرف العملاء فى هامش ضئيل ضمن الخطة الإمبريالية الشاملة. والشعب يواجه الإمبريالية وعملائها المحليين من برجوازية كمبرادورية وإقطاع ولذلك فإن النضال يأخذ طابعا وطنيا بارزا وهذا الطابع هو الذى أسقطه التروتسكيون. فأجهزة السلطة : الحكومة والأحزاب الرجعية والبرلمان هي فى الحقيقة أدوات لتنفيذ سياسة وقع ضبط خطوطها العامة مسبقا، وهي ولا شك تتصرف فى جزئيات التنفيذ وفق ميزان القوى الإجتماعي مما يؤدى إلى ترقيع بعض الأدوات أو التخلى عن المتآكل منها إذا لم يكن ناجحا وإستبداله بما هو أفضل وأنجع لتنفيذ مزيد من نهب خيرات الوطن وإستغلال جهد الكادحين وفى هذا الإطار يأتى إستبدال العميل بآخر وبرلمان بآخر إلخ.. فى ظل هذه الظروف كيف يمكن للجماهير مثلا أن تشارك فى إنتخاب برلمان يشرع النهب و يقنن القمع ؟
ولكن (ح ع ش ت ) يرى ذلك ممكنا بل يرى أن التحولات التى حدثت فى العديد من البلدان والتى لم تكن إلا تحولات شكلية وقع فيها إستبدال عميل بآخر يراها تحولات من شكل سلطة البرجوازية الفاشي إلى شكلها الليبرالي .
ورد فى برنامج "الحرية السياسية "[ بالصفحتين ]17و 18 ما يلى :" و تشهد بلدان عديدة سواء بأوروبا أو أمريكا اللاتينية أو آسيا أو أفريقيا وكان آخرها بلد الفيليبين،على كون النضال ضد الدكتاتورية الفاشية عسكرية كانت أو مدنية يؤدى إلى إسقاطها والظفر كخطوة أولى بالحرية السياسية". وهكذا يظهر الخلط الواضح فى تصور الجماعة المذكورة لواقع المجموعات فى أوروبا والمقصود هنا تحديدا إسبانيا والبرتغال وبين ما حصل مثلا فى البيرو والسودان والفيليبين ولنتوقف أكثر عند هذا المثال الأخير لأنه ذكر بالإسم .
فالمقارنة تتم فى الواقع بين بلدان رأسمالية وأخرى شبه مستعمرة شبه إقطاعية وبذلك يطمس جانب عمالة الأنظمة فى النوع الثاني، ويغيب النضال ضد الإمبريالية كعدو مباشر للشعب فهو بذلك مثلا يعتبر أن الحرية السياسية قد تحققت فى الفيليبين وهو مجتمع متحرر تقع فيه إنتخابات حرة لمجالس شعبية تعبر عن إرادة الشعب وبالتالى يقع تغييب الطابع الرئيسي لهذا النظام بإعتباره نظاما عميلا للإمبريالية والحال أن كل ما حدث هو أنه تحت ضربات النضال الجماهيري الذى يقوده شيوعيون حقيقيون يشنون حرب الشعب طويلة الأمد منذ مدة وأحرزوا إنتصارات باهرة أدت إلى تحرير العديد من القرى وبناء مناطق حمراء أًنشأت فيها سلطة شعبية من طراز جديد وفاقمت أزمة النظام ككل ، تحت هذه الضربات وإزاء هذا الضغط تراجعت الإمبريالية وعمدت إلى تغيير رموزها فأزاحت ماركوس واستبدلته بأكينو التى دافعت عن جوهر السياسة اللاوطنية واللاديمقراطية سواء تعلق الامر بالقواعد العسكرية الأمريكية فى الفيليبين أو بالإصلاح الزراعي فإن مصالح الإمبريالية وعملائها ظلت محفوظة مع إدخال تغييرات شكلية فى طريق تمرير تلك السياسة ، أي بدلا من أن تمرر تلك السياسة بواسطة حزب واحد وسلطة عسكرية بوليسية مفضوحة يتم ذلك عبر برلمان عميل منتخب شكليا، من خلال تنافس برلماني بين فرق سياسية عميلة وإصلاحية تمثل مختلف الكتل الرجعية والمتذيلة لمختلف الإمبرياليات فى البلاد ومن خلال سلطة عسكرية بوليسية فى زي مدني تمارس تفتحا مزعوما وفق متطلبات وضعها.
يرسم " تكتيك الحرية السياسية " رغم التطرف اللفظي الذى يبقى إحدى سمات التروتسكية طريقا مسدودا أمام الجماهير، إنه طريق الوفاق الطبقي على حساب مصالح الشعب، طريق الإعتراف بشرعية الأنظمة العميلة والتحرك ضمن الإطار القانوني الذى ترسمه وبالتالي يعمل على تزكية جوهر السياسة اللاوطنية، رغم التظاهر ببعض اللفتات النقدية التى لا تمس الجوهر . ويندرج هذا التوجه فى إطار ضرب المسألة الوطنية وضرب مفهوم الصراع الطبقي والإستعاضة عنه بمفهوم الوفاق الطبقي والتحولات السلمية والتنافس البرلماني .
ويلتقى هذا التنظير مع الطرح التحريفي الذى يدعو إلى "إستكمال المهام الوطنية الديمقراطية " ويقر بالإستقلال ويطالب ب" تقليص التبعية الإقتصادية " ويطبق فى المجال الإقتصادي والإجتماعي مفهوم "النقابة المساهمة " أو النقابة المطلبية من منطلق إقتصادوي بحت. "( إنتهى المقتطف)
2- الإنتفاضة الشعبية فى تونس و تضليل حزب العمّال " الشيوعي " التونسي للشعب خدمة لدولة الإستعمار الجديد:
و حتى لا نكرّر ما قلناه فى مقالات أخرى وردت فى أعداد سابقة من هذه النشرية و مقال " تونس :أنبذوا الأوهام و إستعدّوا للنضال! خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء!"، سنركّز بعض الحقائق العامة التى إستخلصها الشيوعيون الحقيقيون عالميّا من الصراع الطبقي ونضالات البروليتاريا و الشعوب و الأمم المضطهَدة عبر العالم ، مجملين أهمّ الأفكار التى عبّر عنها الحزب الشيوعي الفيليبين و الشيوعيون الماويون فى تونس منذ عقود وهي لا تزال صالحة فحسب لصحّتها و إنمّا أيضا لعكسها حقيقة جوانب من الصراع الطبقي فى القطر ينبغى إبرازها .و عليه نسوق هذه الحقائق فى النقاط المقتضبة الست الآتى ذكرها :
1- فى الوقت الذى يؤكّد فيه الحزب الشيوعي الفليبيني أنّ " سلسلة الأنظمة ما بعد ماركوس تدعى الديمقراطية" و أنّها "متشدقة بالديمقراطية الزائفة " إنطلاقا من قراءة علمية مادية جدلية للواقع العياني للصراع الطبقي هناك ، نجد العمّال " الشيوعي " التونسي يزوّر الحقائق و يدّعى أن الفليبين ما بعد ماركوس تتمتّع بالديمقراطية! و إلى ذلك نضيف أوّلا أنّ ما قاله الحزب الشيوعي الفيليبيني لا ينطبق فقط على الفيليبين فحسب و إنّما هو ينسحب على المستعمرات و أشباه المستعمرات جميعها حيث أنّ الديمقراطية البرجوازية القديمة ما عادت ممكنة التحقيق فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية لذلك صاغ ماو تسى تونغ نظرية الثورة الديمقراطية الجديدة و طبقّها و كسب بفضلها الشعب الصيني ثم الشعب الفيتنامي حرّيتهم و مضيا على طريق الإشتراكية لسنوات و ثانيا أنّ ما يدعيه حزب العمّال " الشيوعي " التونسي لا ينطبق و لا على بلد واحد من المستعمرات و أشباهها على كوكبنا بأسره. لم يفعل حزب العمّال فضلا عن تزوير الحقيقة سوى تكريس البراغماتية كفلسفة برجوازية مناهضة للمبادئ الشيوعية إذ هو سعى لإستغلال الإنتفاضة الفيليبينية فى الثمانينات و قولبتها على الشاكلة التى تخدم برنامجه الإصلاحي ضاربا عرض الحائط بمقولة لينين الشهيرة بأنّ الحقيقة وحدها هي الثورية.
2- إعتبر الشيوعيون الماويون فى تونس أنّ برنامج حزب العمّال " الشيوعي" التونسي " يتجاهل طبيعة هذه الأنظمة وموالاتها للإمبريالية ويتناسي أن مخططات هذه الأنظمة هي فى جوهرها مخططات إمبريالية مع تصرف العملاء فى هامش ضئيل ضمن الخطة الإمبريالية الشاملة." و هذا كلام سديد تثبته الأحداث الراهنة فى القطر. أليست المسرحية الإنتخابية و التحالفات المقامة من صنع الإمبريالية الأمريكية و الفرنسية بغرض الإلتفاف على إنتفاضة الشعب و إعادة هيكلة الدولة من جديد خدمة لذات المصالح الطبقية و الإمبريالية ؟ هذه حقيقة ترجمتها الجماهير فى عديد الشعارات ضد أوباما و أمريكا فى الشوارع من مثل " الشعب التونسي شعب حرّ ، لا أمريكا و لا قطر" ...
"إن النضال يأخذ طابعا وطنيا بارزا وهذا الطابع هو الذى أسقطه التروتسكيون" و التروتسكيون الجدد .
3- و أعرب الشيوعيون الماويون عن أنّ "أجهزة السلطة : الحكومة والأحزاب الرجعية والبرلمان هي فى الحقيقة أدوات لتنفيذ سياسة وقع ضبط خطوطها العامة مسبقا،... وفى هذا الإطار يأتى إستبدال العميل بآخر وبرلمان بآخر." ففى الفيليبين " تحت هذه الضربات وإزاء هذا الضغط تراجعت الإمبريالية وعمدت إلى تغيير رموزها فأزاحت ماركوس واستبدلته بأكينو التى دافعت عن جوهر السياسة اللاوطنية واللاديمقراطية ". وهو بالضبط ما وقع فى تونس فالضغط الشعبي و النضالات و التضحيات الجماهيرية جعلت النظام يبعد بن علي من رأس هرم السلطة حفاظا على بقية النظام والحكومات المتتالية عقب هروب بن علي لم تفعل سوى تطبيق مخطّطات إمبريالية و رجعية و منذ أشهر الآن جرى إستبدال حكومة بأخرى و برلمان بآخر لكن الحكومة الجديدة تطبّق ذات سياسة الحكومة القديمة و البرلمان الجديد فى خدمة ذات الطبقات الرجعية و الإمبريالية زهز ما عبّرت عنه الجماهير ب" المسرحية الإنتخابية" وهي تواصل إحتجاجاتها ضد الحكومة و البرلمان الجديدين.
4- و حزب العمّال "الشيوعي " التونسي" يرى أن التحولات التى حدثت فى العديد من البلدان والتى لم تكن إلا تحولات شكلية وقع فيها إستبدال عميل بآخر يراها تحولات من شكل سلطة البرجوازية الفاشي إلى شكلها الليبرالي."و أيضا هذه جملة تترجم الحقيقة بعمق : يروّج هذا الحزب ، إلى جانب حركة الوطنيين الديمقراطيين و كافة ألوان الإنتهازيين إلى كون ما جرى فى تونس هو ثورة وهو أمر يجافى الحقيقة ذلك أنّه لا يعدو أن يكون إنتفاضة شعبية و التغيّرات فى السلطة لم تمسّ جوهر الدولة - الجيش و الشرطة و بيروقراطية الدولة و علاقات الإنتاج إلخ- بل ظلّت شكلية لا غير وهو ما صارت تقرّ به قوى متزايدة يوما فيوما و شيئا فشيئا قد تذهب التنظيرات الإصلاحية لل"بوكت" أدراج الرياح.
5- متناولين بالحديث الفيليبين ، جاء على لسان الشيوعيين الماويين أنّ " مصالح الإمبريالية وعملائها ظلت محفوظة مع إدخال تغييرات شكلية فى طريق تمرير تلك السياسة ، أي بدلا من أن تمرر تلك السياسة بواسطة حزب واحد وسلطة عسكرية بوليسية مفضوحة يتم ذلك عبر برلمان عميل منتخب شكليا، من خلال تنافس برلماني بين فرق سياسية عميلة وإصلاحية تمثل مختلف الكتل الرجعية والمتذيلة لمختلف الإمبرياليات فى البلاد ومن خلال سلطة عسكرية بوليسية فى زي مدني تمارس تفتحا مزعوما وفق متطلبات وضعها." و
يرسم حزب العمّال" رغم التطرف اللفظي الذى يبقى إحدى سمات التروتسكية طريقا مسدودا أمام الجماهير، إنه طريق الوفاق الطبقي على حساب مصالح الشعب، طريق الإعتراف بشرعية الأنظمة العميلة والتحرك ضمن الإطار القانوني الذى ترسمه وبالتالي يعمل على تزكية جوهر السياسة اللاوطنية، رغم التظاهر ببعض اللفتات النقدية التى لا تمس الجوهر . ويندرج هذا التوجه فى إطار ضرب المسألة الوطنية وضرب مفهوم الصراع الطبقي والإستعاضة عنه بمفهوم الوفاق الطبقي والتحولات السلمية والتنافس البرلماني ." و هذا الكلام ينطبق تماما على الوضع فى تونس و موقف هذا الحزب الإصلاحي.
6- " ويلتقى هذا التنظير [ التنظير التحريفي لحزب العمّال] مع الطرح التحريفي الذى يدعو إلى "إستكمال المهام الوطنية الديمقراطية " و يتخذ اليوم لدى "البوكت" شكل الشعار الخادع :" إستكمال مهام الثورة" حيث يريد إستكمال مهام ثورة لم تقع فى الواقع بل هي من صنع خياله الإصلاحي المضلّل للجماهيرو المعادي للثورة البروليتارية العالمية الحقّة بتيّاريها –الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة و الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية-الإمبريالية .
3- حزب العمال و حزب العمل الإصلاحيين البرجوازيين: " حقيقة هنا ضلال هناك"!!!
ولئن كان حزب العمال "الشيوعي" التونسي فى الثمانينات من القرن الماضى يزوّر الحقائق ويغتصب الوقائع ليدخل حركة الصراع الطبقي فى الفيليبين فى زجاجته الخاصة وتكتيكه الإصلاحي وبرنامجه "الحريات السياسية " فإنه فى ماي2007 ودون تقديم أي نقد أو نقد ذاتي لفهمه للصراع الطبقي المحتدم فى الفيليبين يوقع بالإنتهازية كلّها، فى إطار الندوة الشيوعية العالمية فى بروكسال- بلجيكا- على" قرار مساندة نضال الشعب الفيليبيني ضد حرب نظام أرويو- الولايات المتحدة الأمريكية على الإرهاب" مضمونه يذهب ضد الخط الخوجي لهذا الحزب وضد قراءته لطريق الثورة فى المستعمرات وأشباه المستعمرات وضد برنامجه الإصلاحي "الحريات السياسية".
وبمقدوركم التمتع بمساندة "الثورة الوطنية الديمقراطية " فى الفيليبين وبعدم إعتبار الحزب الشيوعي الفيليبيني إرهابيا او شعبويا وبالإقرار بالطابع الإرهابي الفاشستي لنظام آرويو – الولايات المتحدة الأمريكية وبدعم جهود الشعب الفيليبيني فى نضالاته على كافة الجبهات ، فى المدن و" فى الريف حيث يوقع المقاتلون الحمر من الجيش الشعبي الجديد ضربات قاتلة وخسائر جسيمة بالقوى الرجعية " وبرفع شعار" لنفضح الطابع الإجرامي لنظام أرويو- الولايات المتحدة الأمريكية ! " وما إلى ذلك من درر.( موقع ندوة بروكسال على النات - http://www.icsbrussels.org).
أما حزب العمل "الوطني الديمقراطي" الذى كانت جلّ عناصره فى السابق تساند الخط العام للثورة الماوية فى الفيليبين فقد صار هو الآخر يتبنى عمليا ذات التكتيك الإصلاحي "الحرية السياسية" والعمل القانوني ضمن إطار ديمقراطية دولة الإستعمار الجديد لإصلاحها من الداخل منقلبا بذلك على الماوية وعلى الحقائق التى بينتها التجارب الثورية سواء فى الفيليبين أو غيرها من البلدان ومنتهجا طريقا إنتهازيا يمينيا شبيها بالخط الذى هزمه الحزب الشيوعي الفيليبيني بفضل صراع الخطين وحملة التصحيح التى قادها الشيوعيون الماويون. وشأنه شأن حزب العمال "الشيوعي" التونسي وبنفس الإنتهازية ، قد وقّع ذات القرار المساند لحرب الشعب فى الفيليبين .إن هؤلاء من حزب العمال وحزب العمل ونظرا لطبيعتهم الإنتهازية والإصلاحية وعدم مبدئيتهم ، يطبقون مقولة "حقيقة هنا ضلال هناك" : فى تونس الماوية شعبوية و إنعزالية و معادية للشيوعية وفى اللقاءات العالمية ينكّسون رؤوسهم و يمضون على بيانات تذهب ضد نظرتهم التحريفية و تعلى راية النضالات التى يقودها الماويون و مردّ ذلك أمران إثنان أولهما أنّ مضمون البيان الذى أمضيا مثلا فى بروكسال يعكس حقائق دامغة و معترف بها عالميّا – و ينكرها بمثالية التحريفيون بكلّ أرهاطهم لأنّها تفضح خطّهم البرجوازي الإصلاحي – و ثانهما هو أنّ هؤلاء الإصلاحيين يتزلّفون و يراوغون و يغالطون المتعاملين معهم حتى يقبلوا بحضورهم تلك المنتديات.
ويقينا أن خط الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية الذى رسمه الحزب الشيوعي الفيليبيني المسترشد بعلم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية-اللينينية-الماوية وكرسه عمليا يفضح ، فضلا عن حزب العمال و حزب العمل ، دعاة الوطنية الديمقراطية من"أوطاد" و"أوطاج"/ حركة الوطنيين الديمقراطيين الذين ساندوا إلى حدود فى الثمانينات خط الحزب الشيوعي الفيليبيني والغارقين منذ سنوات عدة فى الإقتصادوية / النقابوية إلى العنق ، هذه النقابوية التى تكشف إنحرافات عن خط الثورة الوطنية الديمقراطية الحقيقي الماوي القادر وحده على تحقيق نجاحها كما بينه الحزب الشيوعي الفيليبيني. فقد تخلت هذه المجموعات فعليا عن العمل الإيديولوجي والسياسي الرامي إلى تأسيس الحزب الشيوعي بهدف إستراتيجي هو إفتكاك السلطة لفائدة البروليتاريا والشعب وخدمة للثورة البروليتارية العالمية وإنغمست فى الإقتصادوية وفي العمل النقابي النقابوي مستعملة تقريبا كافة الأشكال البيروقراطية والإنتهازية والوصولية للحصول على مواقع فى هذه النقابة أو تلك لغايات ومآرب أبعد ما تكون عن خدمة الثورة الوطنية الديمقراطية التى على ما يبدو أنها دون التصريح العلني والواضح الجلي فى تنظيراتها إختارت لها سبيل الإنتفاضة فى المدن ثم التوجه إلى الريف لا سبيل حرب الشعب طويلة الأمد ومحاصرة الريف للمدن ملتقية بذلك مع الإصلاحيين ونازعة عنها كليا الطابع الثوري رئيسيّا الذى كان يسمها فى وقت ما ومتنكّرة للطرح الشيوعي الثوري للثورة الوطنية الديمقراطية /الديمقراطية الجديدة كتيار من تياري الثورة البروليتارية العالمية . إنهم تحريفيون ينطبق عليهم قول ماو تسى تونغ الوارد فى المقدّمة : " و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية. إنّ المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون إليه ليس بالخطّ الإشتراكي فى الواقع بل هو الخطّ الرأسمالي."
لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
عاش الحزب الشيوعي الفيليبيني ! عاشت حرب الشعب الماوية فى الفيليبين !
عاشت الماركسية - اللينينية- الماوية ! عاش علم الثورة البروليتارية العالمية !
عاشت الأممية البروليتارية !

3- رسالة مفتوحة إلى أنصار حركة الوطنيين الديمقراطيين :
أنبذوا التحريفية و عانقوا علم الثورة البروليتارية العالمية !
" إنّ النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجيا البرجوازية. إنّ المحرّفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون إليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخطّ الرأسمالي" ( ماو تسى تونغ ، "خطاب فى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية " ، 12 مارس – آذار 1957).
-------------------------------
جاءت ولادة "اليسار" الماركسي- اللينيني فى تونس ( وغيرها من بلدان العالم) نتيجة الصراع العالمي بين التحريفية المعاصرة ،السوفياتية منها بالأساس و الفرنسية و الإيطالية و اليوغسلافية... من جهة و الأحزاب و المنظمات الماركسية-اللينينية و على رأسها الحزب الشيوعي الصيني منذ الخمسينات و خاصة خلال الستينات. و جاء الطرح الوطني الديمقراطي بطبيعة المجتمع شبه المستعمر شبه الإقطاعي و الحاجة إلى ثورة وطنية ديمقراطية بقيادة بروليتارية تمهّد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية تكريسا للمقولات الماركسية- اللينينية الواردة فى " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية" الذى صاغه الحزب الشيوعي الصيني و نشره عبر العالم، و نقيضا للأطروحات التروتسكية و التروتسكية الجديدة القائمة على إعتبار المجتمع رأسماليا و إعتبار الثورة المطلوبة " ثورة إشتراكية ". هذه من الحقائق الموضوعية التى لا ينكرها إلاّ جاهل بالتاريخ المعاصر أو معيد لقراءته من وجهة نظر مثالية ذاتية.
و تعود جذور "حركة الوطنيين الديمقراطيين" إلى المجموعات التى دافعت عن الطرح الوطني الديمقراطي الذي برز منذ بداية السبعينات فى تناقض مع الطرح التروتسكي و التروتسكي الجديد فى تونس.
1- من مجموعة ثورية رئيسيا إلى مجموعة تحريفية إصلاحية :

" إنّ طبيعة الشيء يقررها فى الدرجة الأولى الطرف الرئيسي للتناقض، الذى يحتلّ مركز السيطرة. لكن هذا الوضع ليس ثابتا، إذ أن الطرف ارئيسي و غير الرئيسي لتناقض ما يتحوّل احدهما إلى الآخر، فتتبدّل طبيعة الشيء تبعا لذلك."( ماوتسي تونغ " فى التناقض" ، صفحة 483 من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة"، المجلّد الأول).
--------------------------
و بما أننا لا ننوى فى هذا المقال المقتضب الدخول فى التفاصيل التاريخية لنشأة هذه المجموعة و علاقاتها بالمجموعات الوطنية الديمقراطية الأخرى و ما تتقاسمه معها و ما تختلف فيه ، نكتفى بقول إنّ الإسم المشترك لهذه المجموعات يشير إلى تأكيدها على طبيعة الثورة المطلوبة بروليتاريا فى المستعمرات و أشباه المستعمرات. ( سبق و أن ناقشنا التسمية عند نقدنا لمشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين اللينينيين).
و لئن أمكننا أن نعدّ المجموعة و غيرها من المجموعات الوطنية الديمقراطية رئيسيّا ثورية فى بداياتها فلأنّها كانت تتبنّى و تناضل عمليّا من أجل التغيير الثوري و من أجل خطّ إيديولوجي و سياسي ثوري رئيسيّا. و عندما نقول رئيسيّا فهذا يعنى فى مظهرها أو طرفها الرئيسي الذى لا ينفى وجود الثانوي غير الثوري ضمن خطّ هذه المجموعة و غيرها من المجموعات الوطنية الديمقراطية و نشاطها حينذاك. و من ثمّة ساهمت هذه المجموعات فى دفع حركة الصراع الطبقي فى القطر خاصّة على الجبهة الطلاّبية و فى نشر الأطروحات الوطنية الديمقراطية داخل الجامعة أساسا. بيد أنّها ككلّ وحدة أضداد/ تناقض و كلّ ظاهرة و سيرورة شهدت فى مسارها صراعات بين الرئيسي و الثانوي ، بين الحاجة إلى تعميق القطيعة مع التحريفية بكافة أرهاطها و تعميق الخطّ الثوري إيديولوجيا و سياسيّا و تنظيميّا نحو المساهمة فى إيجاد الحزب البروليتاري الثوري كحلقة ومهمّة مركزيين لقيادة النضال من أجل إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية عبر حرب الشعب من ناحية و الإنعزالية و الإنتهازية اليمينية من ناحية ثانية. و ِقد عرفت شأنها فى ذلك شأن غالبية المجموعات الوطنية الديمقراطية الأخرى التى لم تستطع أن تقطع جذريّا مع التحريفية و أن تتبنّى علم الثورة البروليتارية العالمية نظريّا و أن تطبّقه عمليّا و تتقدّم صوب إنجاز المهمّة المركزية المتمثّلة فى إيجاد الحزب الشيوعي الثوري ، عرفت تحوّلا كمّيا فنوعيّا فى طابعها فصارت رئيسيّا مجموعة إصلاحية منذ نهاية الثمانينات.

2- لا وطنية و لا ديمقراطية ، أطروحات تحريفية إصلاحية :

و اليوم ، خلال السنة و نيفّ تقريبا ، أكثر من أي زمن مضى، زادت الطبيعة التحريفية الإصلاحية تعمّقا و غدت أوضح حتى بالنسبة للذين لهم أدنى إطلاع على الماركسية-اللينينية حتى لا نقول الماركسية-اللينينية –الماوية وهو التعبير الأصحّ عن علم الثورة البروليتارية العالمية اليوم. و بإختصار شديد ، يتنكّر أنصار حركة الوطنيين الديمقراطيين لما سبق و أن دافعوا عنه من مقولات ثورية . فبعد رفعهم – إلى جانب آخرين- شعار الحركة الطلاّبية " القطيعة التنظيمية و السياسية مع النظام" ، لم يخجلوا من إعتبار رشيد عمّار و جيش دولة الإستعمار الجديد ، دولة البرجوازية الكمبرادورية/ البيروقراطية و الإقطاعية المتحالفين مع الإمبريالية ، جيشا وطنيّا و بذلك يطمسون المسألة الوطنية فى العمق.

فإذا كان هذا الجيش فى تونس وطنيّا و بالتالى إذا كانت الدولة التى هو عمادها الجوهري وطنية ( " يعتبر الجيش ، حسب النظرية الماركسية حول الدولة ، العنصر الرئيسي فى سلطة الدولة."– ماو تسي تونغ " قضايا الحرب و الإستراتيجيا" 6 نوفمبر-تشرين الثاني 1938 ،المؤلفات المختارة ،المجلّد الثاني) ، ما الحاجة إلى ثورة وطنية ؟ و إذا ما أنجزت فى تونس " ثورة ديمقراطية إجتماعية " حسب الناطق الرسمي لهذه الحركة ، ما من حاجة إلى ثورة ديمقراطية ومن هنا ما عادت هناك حاجة فى النهاية إلى الثورة الوطنية الديمقراطية.

و هكذا يتمّ الإلغاء التام و الكلّي لضرورة الثورة الوطنية الديمقراطية و يتمّ إفراغ الوطنيين الديمقراطيين من مضمونهم ما يثير سؤالا منطقيّا و شرعيّا : لماذا إذن التمسّك بهذه التسمية " حركة الوطنيين الديمقراطيين" فى حين أنّ المهام المطروحة عليهم حسب تصريحاتهم قد أنجزت و الحال أنّه لم تعد هناك حاجة لا لثورة وطنية و لا لثورة ديمقراطية و لا لثورة وطنية ديمقراطية طبعا ؟

من الوطنية الديمقراطية لم يبق لهم سوى الإسم الذى لا يعبّر عن رؤيتهم للواقع و عن تطلعاتهم و أهدافهم فلينزعوه عنهم فيستريحوا و يريحوا و ليطلقوا على أنفسهم إسم " حركة الديمقراطية الإجتماعية " مثلا فيكونوا من الصادقين!

أمر هذه المجموعة قد يحيّر الكثيرين غير أنّه مفهوم تماما من طرف الذين يعلمون أن الحركة الماركسية- اللينينية التى قادها ماو تسى تونغ فى الستينات و السبعينات سعت فعلا لتعرية الأحزاب الكبرى و الأحزاب فى السلطة ،و ليس المجوعات أو المنظّمات، التى تحمل إسم الشيوعية و لا تملك من الشيوعية غير ذلك الإسم إذ هي فى الواقع تحريفية برجوازية لا غير؛ و الذين درسوا عن كثب الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و صراع البروليتاريين الماويين ضد التحريفيين الساعين لإعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ، داخل الحزب الشيوعي الصيني ذاته ؛ و الذين درسوا بجدّية مسار التحولات الكمّية منها و النوعية التى شهدتها الدولتين الإشتراكيتين السوفياتية و الصينية من دولتين بروليتاريتين إلى دولتين برجوازيتين و التى شهدهما كلّ من حزب لينين و ستالين ، الحزب الشيوعي السوفياتي و حزب ماو تسى تونغ ، الحزب الشيوعي الصيني ، من حزبين بروليتاريين ثوريين إلى حزبين تحريفيين برجوازيين أعادا تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي بعد وفاة ستالين و فى الصين بعد إنقلاب 1976 ؛ و الذين يدركون فحوى مقولة ماو تسى تونغ فى مطلع النقطة الأولى من هذا المقال و يفهمون المادية الجدلية حقّ الفهم.

3- الإنتقائية و الإقتصادوية :
لقد تعامل قادة هذه الحركة مع علم الثورة البروليتارية العالمية ككل، والماركسية كأولى مراحله و اللينينية كمرحلته الثانية و الماوية كمرحلته الثالثة، بمنهج إنتقائي لا أكثر و لا أقلّ فحيث رغب الجماعة فى مهاجمة مجموعة أخرى أو تيّار أو حزب للظهور بمظهر الثورية لجؤوا إلى مقتطفات من كتابات رموز الشيوعية لا سيما ماركس و لينين غير أنّهم ما عادوا يتبنّون المثل العليا و المبادئ الشيوعية. إنّهم يتعاطون مع علم الثورة البروليتارية العالمية ببراغماتية ، يستغلّونه لأهداف و غايات نفعية ضيّقة لا من أجل نشر الشيوعية و النهوض بالمهام النظرية و العملية للمساهمة فى التقدّم بالثورة محلّيا وقوميّا و عالميّا ، من منظور بروليتاري ثوري و يمارسون بعد ذلك ما يحلو لهم بعيدا عن الماركسية- اللينينية.
و على سبيل المثال لا الحصر ، فى إحدى الوثائق الناقدة لحزب العمل الوطني الديمقراطي أيّام مساعي تأسيسه ، ثمّة إعتماد على مقولات لينينية لدحض الأطروحات التحريفية أصلا لمرتدّى " العود" الذين ما عادوا هم أيضا شيوعيين و لا وطنيين ديمقراطيين من منظور البروليتاريا. و لكن فى المدّة الأخيرة ، شاهدنا جماعة الحركة الوطنية الديمقراطية و خاصة ناطقها الرسمي يخبطون خبط عشواء و يتنكّرون أيّما تنكّر للينينية. ففضلا عن كونهم لم يطبّقوا المبادئ اللينينية فى بناء التنظيم الثوري و تسييره و موقفه البروليتارية ، يطعنون اللينينية بالترويج لمفاهيم ديمقراطية برجوازية ، "ديمقراطية إجتماعية " غير طبقية و لدولة ليست أداة إضطهاد طبقي و لجيش دولة الإستعمار الجديد على أنّه جيش وطني إلخ.
" لا يمكن التحدث عن " الديمقراطية الخالصة" ، بل عن الديمقراطية الطبقية فقط ( و نقول بين هلالين إنّ " الديمقراطية الخالصة" ليست فقط صيغة جاهلة تنمّ عن عدم فهم لنضال الطبقات و لجوهر الدولة على حدّ سواء ، بل هي أيضا صيغة جوفاء ولا أجوف، لأنّ الديمقراطية ، ستضمحلّ ، إذ تتطور فى المجتمع الشيوعي و تتحوّل إلى عادة ، و لكنها لن تصبح أبدا ديمقراطية " خالصة".) إنّ " الديمقراطية الخالصة" ليست سوى تعبير كاذب لليبيرالي يخدع العمّال."( لينين " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي" ، صفحة 18، دار التقدّم موسكو ، الطبعة العربية).
و زيادة على هذا ، لعقود الآن ، تجذّر داخل المجموعة إنحراف إنتهازي يميني إقتصادوي إذ صبّوا جهودهم رئيسيا على المسائل المطلبية المباشرة للجماهير أي على الجبهة الإقتصادية و أولوا النزر القليل من الجهد – أو أغفلوا عمدا عامدين- للنضال على الجبهتين الإيديولوجية و السياسية فى تضارب تام مع ما عرضه بإقتدار لينين فى مؤلّفه المنارة الثورية " ما العمل؟". و بلغ بهم الأمر مثلما بلغ ب"الوطد" أن عقدوا تحالفات ليست فقط مشبوهة بل و رجعية صراحة مع البيروقراطية النقابية ذراع النظام الحاكم فى الحركة النقابية ، وذلك فى أكثر من موقع و من قطاع و من جهة ( مثلا ، ما حصل فى الإتحاد الجهوي بتونس العاصمة أو فى المؤتمر الأخير للإتحاد...). و هذا ما يشهد به و شهده الكثيرون و لا يحتاج منّا إلى بيان.
و قد تحوّل عدد من المنتمين إلى هذه الحركة إلى مجرّد بيروقراطيين يسعون وراء السلطة و الجاه و المال و يعارضون بشراسة العمل الثوري الحقيقي أينما وجدوا. و لا غرابة فى أن تدير المجموعة بحركة بهلوانية ظهرها لسنوات من الدعاية المناهضة لعضو من المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل كان من رموز ال"وطد" ، ليحتضنون و يضمّوه إلى صفوفهم على أنّه مناضل لا يشقّ له غبار! و بعد نقد لاذع لحزب العمل الوطني الديمقراطي الإنتهازي الشرعوي ، تقام المساعي حثيثة للتوحّد معه ! إنّما الطيور على أشكالها تقع !
4- الوطنية و الأممية :
فى الأصل ، كانت المجموعات الوطنية الديمقراطية تتبنّى الشيوعية هدفا أسمى و إيديولوجيا. و كما مرّ بنا أتت التسمية للتأكيد على طبيعة الثورة فى تعارض مع الأطروحات التروتسكية و التروتسكية الجديدة المتعلّقة بصدد طبيعة الثورة على أنّها " ثورة إشتراكية " او ديمقراطية وطنية كما يزعم البعض. ووطنية هذه المجموعات ، مرّة أخرى فى الأصل، نابعة من فهم الثورة الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات كتيّار من تيّاري الثورة البروليتارية العالمية و تيارها الآخر هو الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية مثلما أوضحت ذلك وثيقة الحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية" منذ بداية الستّينات ، فى إطار صراع محتدم مع خطّ التحوّل السلمي التحريفي المفضوح الذى كان يعتبر أنّ الإستقلال قد تمّ و لا ضرورة للثورة الوطنية الديمقراطية المناهضة للإمبريالية و الإقطاعية و البرجوازية الكمبرادورية/البيروقراطية و أنّ المطروح هو إستكمال الإستقلال السياسي بالإستقلال الإقتصادي لا غير.
و إضافة إلى تنكّرها للتاريخ العالمي و المحلّي و الإطار العام لنشأتها ضمن مجموعات وطنية ديمقراطية أخرى ، إختارت المجموعة التى ننقد أن تدير ظهرها إلى الحركة الشيوعية العالمية برمّتها مطبّقة الإنعزالية فى أجلى صورها ذلك أنّها إنقطعت عن الإطلاع على الصراعات الدائرة داخل الحركة الشيوعية العالمية على النطاق العالمي و كأنّها ليست جزءا منها. و لم تساهم فى توضيح المسائل النظرية و محاور الصراع بين الماركسية و التحريفية عموما ثمّ بين الماركسية- اللينينية- الماوية و الخوجية و لم تساهم فى التصدّى للهجمة العالمية للإمبريالية والرجعية ضد الشيوعية (حملة "موت الشيوعية " منذ التسعينات) . ما فعلته هو مزيد التوغّل فى الإقتصادوية لتصبح جوهريّا مجموعة نقابية شغلها الشاغل الحصول على بعض المواقع مهما كلّفها الأمر و ظلّت أحيانا تصدر بين فترات متباعدة بعض النصوص المتفاوتة الأهمّية.
كمجموعة شيوعية فى الأصل ، لم تدرس الأدبيّات الشيوعية العالمية و التجارب الإشتراكية و الصراعات داخل المنظّمات الشيوعية العالمية و أرضياتها و ما إلى ذلك بما يعنى أنّها لم تسعى لتطوير المعرفة بالشيوعية كعلم و لم تربط علاقات أمميّة مع واحدة من عديد المنظّمات العالمية و تنخرط فيها من أجل النضال بغاية إيجاد منظّمة أممية للبروليتاريا العالمية. و بإختصار غاب الخطّ الأممي كلّيا لدى المجموعة مثلما غاب فهم الهدف الأسمى الشيوعية و الدفاع عنها و غاب إعتبار الثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة تيارا من تيّاري الثورة البروليتارية العالمية كما غاب النضال من أجل التعريف بتجارب البروليتاريا و الثورات الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة و حرب الشعب فى أنحاء العالم منذ الثمانينات – مثال البيرو و الفليبين و النيبال و الهند إلخ .
تلاشى الخطّ البروليتاري بشتى جوانبه الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية و أهيلت عليه جبال من التراب ليحلّ محلّه منذ عقود الآن خطّ ديمقراطي برجوازي لا وطني و لا ديمقراطي من وجهة النظر البروليتارية ، يمدح دولة الإستعمار الجديد و جيشها و يطمس المسألة الوطنية و يطمس المسألة الديمقراطية و جوهرها الثورة الزراعية و الأرض لمن يفلحها و المساواة بين المرأة و الرجل و الحريات السياسية للجماهير الشعبية و الدكتاتورية ضد أعداء الشعب داخليّا و خارجيّا. من أين لمثل هذا الخطّ التحريفي الإصلاحي أن يتناول تناولا ثوريّا الأممية البروليتارية و يكرسها فى الواقع الملموس؟
خاتمة :
لقد أثبتت تجارب البروليتاريا و الشعوب و الأمم المضطهدة عالميّا أنّ التحرّر الوطني الديمقراطي غير ممكن التحقيق بقيادة قوى دينية و لا بقيادة قوى قومية أو أية قوى أخرى عدا البروليتاريا و بأفق التمهيد للثورة الإشتراكية كجزء لا يتجزّأ من الثورة البروليتارية العالمية .
هذه الحقيقة كانت تدافع عنها العديد من عناصر حركة الوطنيين الديمقراطيين فى الماضى البعيد الآن و كانت تنتقد الإصلاحية فى الثمانينات و لكن ها هي تتخلّى عن التحرّر الوطني الديمقراطي الحقيقي لا الوهمي و تضحى هي ذاتها إصلاحية تسعى جهدها لإصلاح دولة الإستعمار الجديد و خدمتها و النشاط فى إطارها لا الثورة عليها فإضطرّت بموجب تحريفيتها و إصلاحيتها هذه إلى التحالف مع الإصلاحيين و منهم حزب العمال " الشيوعي " التونسي و إلى تضليل المناضلين و المناضلات و الجماهير العريضة بشأن طبيعة الدولة و طبيعة جيشها وهي تصوّر الإنتفاضة على أنّها ثورة و الجيش العميل على أنّه جيش وطني و ما إلى ذلك من الترويج للوفاق الطبقي و التحوّل السلمي و المشاركة فى الأنتخابات المسرحية و إعتبار مؤسسات دولة الكمبرادور و الإقطاع بالتحالف مع الإمبريالية مؤسسات وطنية و الإعتراف بشرعية حكومة النهضة وقبلها المشاركة فى الهيئة العليا ... و التحالف مع البيروقراطية بشتى الطرق و مشاركتها بعض المواقع ...
هدف الشيوعيين الأصيلين لا المزيفين هو تحقيق الشيوعية كهدف أسمى. و على الشيوعيين أن يكونوا شيوعيين و ينشروا مبادئ الشيوعية لا الأوهام البرجوازية. وتتجسد الشيوعية في اشباه المستعمرات بالالتزام بمبدا الصراع الطبقي والنضال الوطني والتمسك بالقطيعة مع اجهزة نظام دولة الإستعمار الجديد والحفاظ على استقلالية البروليتارية الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية و عدم التذيّل بأي شكل من الأشكال للبرجوازية عامة .و ما نستشفّه مما تقدّم هو أنّ حركة الوطنيين الديمقراطيين لا تنتمى إلى الشيوعية و الشيوعية منها براء ، هي بالأحرى حركة ديمقراطية برجوازية لا تختلف كثيرا عن "العود" و "الحزب الإشتراكي اليساري" و "حزب العمّال"الشيوعي " التونسي"... إلاّ فى جزء من التاريخ الخاص بكلّ منهم هي بالأساس مجموعات ديمقراطية إشتراكية. و لم تفاجئنا تحافاتهم الإنتهازية الماضية و لن تفاجأنا تحالفاتهم الإنتهازية القادمة أيضا.
و نتوقف هنا لندعو النزهاء من أنصار هذه الحركة إلى أن يراجعوا الخطّ الذى ينتهجونه و يقيموا تاريخهم ومسارهم تقييما صحيحا من منظور بروليتاري و أن يرسموا لأنفسهم آفاقا ثورية لا إصلاحية و أن يختاروا عن وعي الإنحياز إلى البروليتاريا و الجماهيرالشعبية الكادحة و تبنّى علم الثورة البروليتارية العالمية لا الإيديولوجيا البرجوازية علما و أنّ هناك أفراد من ضمن هذه الحركة عشّشت فى أذهانهم و سلوكاتهم وممارساتهم التحريفية و ما من أمل بتاتا فى إصلاحهم.
و من البديهي أنّنا نرحّب بمساهمات أخرى تصبّ فى الإتجاه الذى رسمنا كما نرحّب بالنقد البنّاء من وجهة نظر بروليتارية و سنسعى للإستفادة حتى من النقد من أية وجهة نظر أخرى على أن يلامس الحقيقة التى هي وحدها الثورية مثلما علّمنا لينين العظيم وشدّد على ذلك ماو تسى تونغ قائلا:
"على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة ، تتفق مع مصلحة الشعب . و على الشيوعيين أن يمونوا فى كلّ وقت علىأهبة لإصلاح أخطائهم ، فالأخطاء كلها ضد مصلحة الشعب" ( " الحكومة الإئتلافية" ، 24 أبريل-نيسان 1945، المؤلفات المختارة المجلّد الثالث).
============
4- تعليق مقتضب على تمهيد"هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا- لينينيا؟"
" إن المعرفة هي مسألة علم ، فلا يجوز أن يصاحبها أدنى شيء من الكذب و الغرور ، بل المطلوب هو العكس بكل تأكيد أي الصدق و التواضع." (ماو تسى تونغ– مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ، مجلد1، صفحة 439).
----------------------------------
وثيقة "هل يمكن ..." "بحث" حول ماو تسى تونغ، قائد الحزب الشيوعي الصيني الذى توفي سنة 1976 ، أجراه أوائل التسعينات تيار موجود على الساحة السياسية منذ الثمانينات بشكل واضح ،"الوطد" . وأول ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذا التيار سكت عن تقييم التجربة الإشتراكية فى الصين و الحزب الشيوعي الصيني لسنوات رغم أن المسألة ليست من الأهمية بمكان و حسب بل أهم المسائل و أكثرها تحديدا بالنسبة للشيوعيين قطريا و عالميا ، منذ الصراعات ضد التحريفية المعاصرة و منها بخاصة السوفياتية التى أعادت تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي الإشتراكي سابقا ثم الستينات و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و بوجه خاص منذ إنقلاب 1976 بالصين و صعود التحريفية و بالتالي إفتكاك البرجوازية الجديدة للسلطة السياسية و المضي فى طريق إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين الإشتراكية سابقا . فما من حزب و ما من تنظيم شيوعي أو يدعى الشيوعية إلا و صاغ موقفا من التجربة الإشتراكية الصينية فى ظل قيادة ماوتسى تونغ .أما أصحاب "البحث" فما كان ذلك يشغلهم البتة لو لم يدفعوا الى ذلك دفعا حيث أن دواعى "الدراسة" المقدمة تتلخص ،على حد" التمهيد " فى "وضوح و نقاء إيديولوجيين "(ما كانوا يمتلكونهما قبلا و لسنوات!!) و فى أن "الحديث" حول ماو تسى تونغ "كثر" و "إختلفت المواقف منه".
أبدا ، القضية ليست نهائيا كما يطرحونها فى العنوان و فى دواعى "البحث" ، ليست قضية شخص ماوتسى تونغ بالذات بقدر ما هي قضية تقييم الحزب الشيوعى الصيني و التجربة الإشتراكية فى الصين و مساهمتهما فى الثورة البروليتارية العالمية من أواسط الثلاثينات الى أواسط السبعينات. و ما الأمر بالهين إذا ما علمنا أن الحزب الشيوعي الصيني يعد ثاني أعظم الأحزاب الشيوعية فى العالم بعد الحزب الشيوعي السوفياتي و أنه كان على رأس الثورة الديمقراطية الجديدة التى أطاحت بالإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية فى الصين سنة 1949 و أنه الحزب الذى وقف فى وجه التحريفية التى عصفت بالحزب الشيوعي السوفياتي و إنتهت به الى تغيير لونه الى حزب برجوازي و من ثمة تحول البلد الإشتراكي الى بلد إمبريالي –إشتراكى (إشتراكي قولا و إمبريالي فعلا) كما أن الحزب الشيوعي الصيني قاد ثورة تحويل الصين من بلد متخلف الى بلد إشتراكي قوي يقرأ له ألف حساب و أنه صانع أول ثورة ثقافية بروليتارية كبرى فى العالم ...و كل هذه الأحداث مرتبطة طبعا بماو تسى تونغ بيد أنه لم يصنعها بمفرده بل ساهم فى صنعها كقائد للحزب الشيوعي الصيني و الشعب الصيني.
و لئن جعل أصحاب "هل يمكن..." بمثاليتهم القضية قضية شخصية فليطمسوا أهمية المسألة من ناحية و من ناحية أخرى ليفتحوا ثغرة تسمح لهم فيما بعد بزعم أن ماو لا يمثل الخط الشيوعي الثوري داخل الحزب و بأن الحزب الشيوعي الصيني عرف "بلاشفة" غير الماويين (ص61 من "هل...") دون أن يحددوا من هم و لا ما هي برامجهم و مواقفهم من الصراعات إلخ و هذه الخدعة فيها ما فيها من إنتهازية تتكشف فصولها فى ثنايا صفحات المدعى بحث.
ثم إن " كثر الحديث " عن ماو تسى تونغ يثيرسؤالا محيرا ألا وهو أين كان جماعة أهل الكهف هؤلاء المدعين الماركسية – اللينينية و الحال أن المقولات و المؤلفات الماوية معلومة بين الشيوعيين فى تونس و تبنتها أكثر من مجموعة و الحال خاصة أن ماوتسى تونغ كان وراء الصراع الذى أسفر عن وجود منظمات وأحزاب ماركسية- لينينية حتى فى تونس وقفت كحركة عالمية فى وجه التحريفية المعاصرة السوفياتية منها و الإيطالية و الفرنسية ...وذلك بالأساس خلال الستينات و السبعينات ؟
و فوق ذلك ، كان ماو حتى قبل وفاة ستالين و بالخصوص بعدها أحد أعلام الحركة الشيوعية العالمية و لا أدل على ذلك من جملة لهوشيه منه صاغها فى " تقرير سياسي ألقي فى المؤتمر الوطني الثاني لحزب العمال الفتنامى المنعقد فى شباط (فبراير) 1951 [أي نعم فى 1951!!] وهي تقول :" لنا فى الإنسانية شقيقان و صديقان كبيران فائقا الإحترام و لهما نظر ثاقب هما الرفيق ستالين و الرفيق ماوتسىتونغ" (الصفحة 346-347 من "مختارات حرب التحرير الفتنامية " دار الطليعة ،بيروت).
ستالين و الأممية الثالثة ما إعتبرا يوما الحزب الشيوعي الصيني فى ظل قيادة ماو تسى تونغ تحريفيا أو برجوازيا صغيرا و إنما حزبا بروليتاريا منتميا الى الحركة الشيوعية العالمية و مساهما فيها بنشاط عمليا و نظريا ويأتى أهل الكهف ليطعنوا فى ثوريته و ثورية الماوية التى قادته لأربعة عقود فينقضون وجهة نظر ستالين و الأممية الثالثة مستهزئين بهما و ملحقين بهما الإحتقار و الحال أنهما عايشا و عاينا التجربة الثورية الصينية و تابعاها عن كثب بل و ساهما فيها و بالتأكيد كانا مطلعين على دقائق كتابات ماو التى هي وثائق الحزب الشيوعي الصيني، هذا فضلا عن أن الأممية الثالثة لها هي و ستالين نصوصا و وثائق عدة بصدد الصين. فمن نصدق القيادة البروليتارية العالمية و قد تعاملت مع الحزب الشيوعي الصيني فى أدق تفاصيل نشاطه التكتيكي و الإستراتيجي و كان لها مبعوثها للصين وممثلين للحزب الشيوعي الصيني فى الأممية أم أهل الكهف الذين يفصلهم عن الثلاثينات و الأربعينات و الخمسينات أربعون سنة فأكثر والذين لم يتفحصوا نصوص و مواقف الشيوعيين الصينيين و لا نصوص و مواقف القيادة البروليتارية العالمية بخصوص الصين ؟
بحكم أننا لا ننبذ تاريخ الطبقة العاملة العالمية مثلما يفعل أهل الكهف و ننظر إليه نظرة مادية ونقدية بناءة، فإننا نصدق تاريخ الحزب الشيوعي الصيني و ستالين و الأممية الثالثة خاصة و أن الوقائع و الأحداث التاريخية أثبتت صحة موقفهما الأممي ( و إن وجدت خلافات معينة بينهما و بين الحزب الشيوعي الصيني فإن تاريخ الصراع الطبقي فى الصين أكد سداد وجهة النظر الماوية ) وأثبتت صحة الأطروحات النظرية و الممارسات العملية للماوية التى قادت الى إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة سنة 1949 .
هذا فيما يتصل بمرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة وماركسية - لينينية ماو التى لا غبار عليها الى الخمسينات و قد يتبادر لذهن المرء أن يقول حسنا ، من الممكن أن يكون قد إرتد بعد ذلك . هذه الفكرة قابلة للنقاش و من حق أصحاب "هل يمكن ...؟" الخوض فيها على أن يتم ذلك بأسلوب علمي ماركسي-لينيني أي تغيير السؤال المطروح كعنوان "هل يمكن...؟" بما أن ستالين و الأممية الثالثة أجابت بلا جدال بنعم إنه ماركسي - لينيني له وزنه داخل الحركة الشيوعية العالمية فيضحى السؤال تبعا لذلك هل إرتد ماو تسىتونغ؟ و إن عثروا على حجج دامغة لا يطالها الشك يضيفوا متى؟ كيف ولماذا؟ و توخى هذا الأسلوب هو وحده اللينيني فعلا إذا آلينا على أنفسنا الإقتداء بنموذج تعامل لينين مع كاوتسكى مثلا حيث درس و بين بالمكشوف و الملموس متى و كيف و لماذا صار كاوتكي مرتدا و أي من مؤلفاته موثوق بماركسيتها . لكن هيهات أن يتبع الجماعة هذا المنهج العلمي الذى يوصلهم و لا شك الى غير ما ينشدون. فغايتهم ليست الحقيقة و إنما إدانة ماو تسى تونغ بأية طريقة مهما كانت فى خطوة حاسمة للتخلص من عبئ الثورة و الدفاع عن أرقي تجارب الثورة البروليتارية العالمية شأنهم فى ذلك شأن الذين إرتموا فى أحضان القومجة و الخونجة أمام الحملة العالمية ضد الشيوعية و إعلان موتها تأبيدا للوضع العالمى المتميز بفقدان البروليتاريا لكافة دولها الإشتراكية السابقة.
و فى ثنايا الوثيقة التى ننقد يصدر الجماعة و بعدمية لا يحسدون عليها ، حكما بالإرتجالية على جميع المواقف و الكتابات التى تعرضت لماو تسى تونغ بالتقييم . ف"الطابع المميز لكل هذه المواقف أنها إرتجالية فلم يكن حكمها على ماوتسى تونغ أو له نابعا من نظرة شمولية بل طغت عليها الأحكام الذاتية و المسبقة أو حتى التى كان لأصحابها مصلحة تحالف أو تعاون مع نظام ماو تسى تونغ ، مثل أنور خوجا، فى فترة ما ، بل إن أصحاب هذه المواقف و التقويمات يلتقون طبقيا و فكريا مع ماوتسى تونغ فلم تكن مواقفهم إزاءه من منطلق ماركسى بل كانت من منطلق مصلحى فقط" .
هكذا الطابع المميز لكل هذه المواقف هو أنها إرتجالية!!! و من العجب العجاب أن "هل يمكن ...؟" تتبنى فى نهايتها أحد الثلاث مواقف الموصومة" بالإرتجالية " فتعتبر مثل إرتجاليين آخرين أن ماوتسى تونغ "مناضلا برجوازيا صغيرا "(صفحة 61 ) !!!
علاوة على ذلك، يثور إستفهام بحجم جبل شاهق: مرت خمسة عشرة سنة تقريبا - زمن كتابة :"هل يمكن...؟"-على وفاة ماو تسى تونغ زعيم الحزب الشيوعي الصيني أعظم حزب فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية بعد الحزب الشيوعي السوفياتي بقيادة لينين و ستالين ، مرت هذه السنين و لم ينتج الشيوعيون لا قطريا و لا عربيا فقط بل و عالميا ("كل المواقف") عملا جديا بصدد ماو ؟ لئن كان الأمر كذلك (وهو ليس كذلك)، فالشيوعيين فى العالم بأكمله غير جديين لم يكتبوا ولو عملا واحدا قيما يعتد به . إنّهم جميعا مجرد أطفال كثيري الكلام عن الثورة لا غير.
و لكن ولو حاولنا الفرار من بلاد الى أخرى كلما عثرنا فيها على مؤلفات تتناول جزئيا أو كليا أعمال ماو تسى تونغ و أفكار لإنتهينا فى الأخير الى قرار الرحيل الى القمر فالمواقف الجدية غير الإرتجالية إزاء ماو تسى تونغ برجوازية كانت أم بروليتارية تغطى كوكب الأرض طولا و عرضا و حسبنا أن نبذل جهد أخذها من رفوف المكتبات القديمة و الحديثة .
و من المنطقي جدا أن نتساءل عن سبب الإستخفاف بكل المواقف السابقة على "هل يمكن...؟" . لا غرو أن هذا الأسلوب المعادي للتحليل الملموس للواقع الملموس هو أسلوب مثالي ذاتى يركن الى الكذب و التزوير منبعه الفكر البرجوازي و النرجسية كنقيض للتواضع البروليتاري و هؤلاء "الباحثون " يحطون من شأن "الكل" ليظهروا بمظهر الأبطال بدون منازع ، ينعتون أعمال "الكل" ب"الإرتجالية" ليسوقوا بنرجسية عملهم على أنه الأفضل إطلاقا علما و جدية و عمقا وهو على عكس ذلك .
و من الملفت للنظر أيضا أن الجماعة غالبا ما يخلطون الأوراق عمدا عامدين حيث من غريب ترهاتهم أن يعلنوا أن أنور خوجا يلتقى "طبقيا و فكريا مع ماو تسى تونغ" ؟! غريب لأن القاصى و الداني يعلم مدى العلاقة التناقضية بين الخوجية و الماوية ،لا سيما بعد وفاة ماو تسى تونغ . ألم يقرأ هؤلاء كتابات خوجا بهذا المضمار؟ لا نعتقد أنهم لم يقرؤوها و ذلك لسببين إثنين :
1- الأول هو أن خوجا نشر منذ أواخر السبعينات عديد المقالات و الكتب تنتقد ماو و أسوؤها صيتا مؤلفه "الإمبريالية و الثورة " المنشور سنة 1978 أي قبل أكثر من عشر سنوات من كتابة "هل يمكن ...؟" فهل من الجدية عدم الإطلاع على كتاب له دلالة عالمية ألفه قائد حزب العمل الألباني الذى كان الشيوعيون عالميا يتابعون أخباره ؟ و " الإمبريالية و الثورة " إتخذه الخوجي محمد الكيلاني فى كتابه المنشور بتونس فى أواخر الثمانينات "الماوية معادية للشيوعية" لا مرجعا وحسب و إنما عينا منها نهل كتلميذ خوجي جل إن لم نقل كل أفكاره و موضوعاته.
من المؤكد أنهم إطلعوا عليه و لمسوا مدى الجدية التى يتضمنها (جدية دغمائية تحريفية) و لم يستشهدوا به أولا حتى لا يكرروا بالمكشوف و المفضوح و مباشرة ما ورد فى "الماوية معادية للشيوعية" فيتقدموا فى صورة ببغاء بلا قناع و ثانيا حتى يخدعوا القراء على أنهم مختلفين مع الخوجيين المفضوحين - فى الحقيقة جميعهم متفقون الى أبعد حد فى النقاط المحورية لهجومهم الدغمائي التحريفي الشرس على ماو .
و الثاني هو أن الجماعة لا يتورعون عن الإستشهاد المرة تلو المرة بكتاب آخر لأنور خوجا معنون "تخمينات حول الصين "ج1 ،طبعة تيرانا 1979 و إسم هذا الكتاب المرجع لدى الجماعة موثق بالصفحة 31 من "هل يمكن..." . ماذا يجري إذا ؟ يرتكز بحث الجماعة المبالغين فى الجدية و الحكمة و الرصانة على كتاب من كتب "الإرتجاليين " ليستقوا منه الآراء التى يعتبرونها عين الصواب !!! هل هذه بلاهة أم أنهم يستبلهوننا ؟ على كل حال ليس هذا الأسلوب فى الدراسة من العلم فى شيئ بل يدوس ما دعانا إليه إنجلز منذ أكثر من قرن من الزمن : "الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس .و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمة مضاعفة أبدا..."( انجلز ، ذكره لينين فى "ما العمل؟").
من التمهيد ذاته تفوح رائحة فكر برجوازي نتن ، رائحة الدغمائية التحريفية للخوجيين المتستّرين فما هي الدرر التى تجود بها الخاتمة ، ناهيك عن ثنايا"بحثهم"؟ هذا ما سنكتشفه فى الأعداد القادمة.
=============================================================================================================================



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الفليبين إلى تونس :تحريفية حزب العمّال - الشيوعي - التونس ...
- تونس : لا للأوهام الديمقراطية الرجوازية !( فقرة من- تونس :أن ...
- تونس : على الشيوعيين أن يكونوا شيوعيين و ينشروا مبادئ الشيوع ...
- تونس : الدولة و الثورة الحقيقية فى أشباه المسعمرات والمستعمر ...
- تونس : عودة إلى مسألة ثورة أم إنتفاضة؟
- تونس: أنبذوا الأوهام و إستعدّوا للنضال! - خطوة إلى الأمام خط ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد الصراع الطبقي و الطبقات ف ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد - الدكتاتورية المشتركة - ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد -التحوّل الإشتراكي للرأسم ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد - الإصلاح الزراعي على الن ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد الصينيون و التجربة السوفي ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد ماو و القيادة الجماعية -م ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد علاقة الجيش بالحزب -مقتطف ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد - الدور القيادي للحزب فى ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد - الماوية وفهم الدغمائية ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد الماوية وتعويض الجدلية با ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد علاقة الماوية بالفلسفة ال ...
- تزوير الخوجية للوثائق الماوية بصدد الماوية و عصر الإمبريالية ...
- دروس فى الإستشهاد الإنتهازي الخوجي أو كيف تكون معاديا للماوي ...
- فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية:-الماوية معادية للشيوعية ...


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!( عدد 6 / جانفي 2012)إلى التحريفية و الإصلاحية يؤدّى التنكّر للماوية !