|
الحِذاء الضّيِق
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3623 - 2012 / 1 / 30 - 10:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سألوا أحدهم : " لماذا تلبسُ حذاءاً ضيقاً ؟ قال : لو تدرون كَمْ أرتاح عندما أنزعهُ !" .. حال هذا الرجُل يشبه حال حكومتنا المُوقرة ونظامنا العتيد ، في تعامله مع الشعب ... فكما يبدو ، ان الرجُل اعلاه ، مُصابٌ بنوعٍ من الماسوشية ، يُريد ان يُعاني ويتعذب من جراء لبسه لحذاءٍ ضّيِق ، فقط من أجل أن يشعر بالراحة عندما ينزعهُ !... لكن هنالك فَرقٌ بسيط بين صاحبنا ، وبين الحكومة ... فهو رُبما لسذاجتهِ ، يتعمد ان يشعر بالمرارة والعذاب ، بسببِ تَصّرُفٍ أخرق يقوم بهِ .. ثم يُزيل هذا السبب بنزعه الحذاء .. فيشعر بالسعادة والراحةِ فوراً ... أما الحكومة ، فهي ليستْ غبية الى هذه الدرجة .. بل تلجأ الى الخباثةِ وحتى الى السادية .. فهي لاترضى ان تتعذب أو تُعاني ، بل تعمل على إزعاج وتعذيب الشعب ، من خلال إغراقهِ بالأزمات المتلاحقة ، أي تُلْبِسَه حذاءاً ضيقاً ، لكي تقوم بعد ذلك ، بتفكيك الأزمة على مراحل ، وبالقَطّارة ... ثم تُحّمِل الشعب مِنّة .. وتقول له : ماذا تُريد بعد ؟ لقد وّسَعْنا الحذاء قليلاً .. فإجنح الى الراحة !. وعن الحكومة في بغداد ، فلستُ أعني رئيس الوزراء فقط ، او كتلته ، بل أعني جميع المُشاركين أيضاً ، من القائمة العراقية والتحالف الكردستاني وغيرهم .. فجميعهم في الحقيقة ، مُشتركون بدرجةٍ او بأخرى .. في هذه المهزلة .. يخلقون الأزمات ، ويُصّعِدون المواقف ، وتؤثر عليهم سياسات دول الجوار وغيرها ، ويؤججون الشارع ، ويسوقون الوضع الى حافة الهاوية .. إنهم وبصورة مُتعمدة ومع سِبق الإصرار " يُلبِسون الشعب حذاءاً ضيقاً " .. لكي يكون منزعجاً على طول الخط ، متوتراً ، مقهوراً ، مُنشغلاً بأمور ثانوية تافهة .. وسط فوضى إنعدام الأمان والإستقرار ، وشحّة الخدمات وغموض المستقبل ... من خلال مُهاترات الطبقة السياسية الحاكمة ، السمجة ، وتحميل بعضهم البعض المسؤولية ، عن هذا التَردي في كُل المجالات . ماذا بعد ؟ إنسحبَ الأمريكان .. فَلماذا هذه التفجيرات اليومية في بغداد والمحافظات ؟ مَنْ يقوم بها ومَنْ تستهدِف ؟ إذا كانتْ لل " المقاومة " أية شرعية ، حين كانَ الجنود الأمريكان جاثمين على صدر العراق ، فأنهم رحلوا اليوم .. فَما هي أهداف العبوات والعمليات الانتحارية وكواتم الصوت ؟ لماذا يتمتع المواطن الاردني مثلاً ، بِحَدٍ أدنى مقبول من كافة الخدمات الأساسية ، من قبيل الكهرباء والماء الصالح للشرب والخدمات الصحية والتعليمية والسكن ، علماً ان الأردن دولة فقيرة مُقارنةً بالعراق ؟ العراق الذي يفتقر مواطنوه الى كافة هذه الحقوق أعلاه . لماذا يُقتَلُ بضعة أنفار ، في أية دولةٍ في العالم ، فتقوم الدُنيا ولا تقعد ، وتُستَنْفَر وسائل الإعلام وتُعقَد الجلسات الطارئة ، لتدارك الوضع وإيجاد الحلول السريعة الكفيلة بوقف سَيلان الدماء ؟ في حين ان اليوم الذي لاتنزف فيه دماء عراقية ، ولا تسقط فيه ضحايا بريئة .. ليسَ يوماً عادياً .. وان عشرات ومئات الأشلاء في بغداد والمحافظات ، أسبوعياً .. صارَتْ شيئاً تقليدياً .. لايُحّرِك مشاعر العالم ، وكأننا لسنا بشراً مثل الآخرين ! ... تُرى متى سنتوقف عن خداع انفسنا وعن تحميل مسؤولية أوضاعنا المأساوية للآخرين ؟ فتارةً نقول الإحتلال الأمريكي وأخرى دول الجوار ، أو الحظ التعس او الظروف ؟ ان السبب الرئيسي في ذلك : هو ان الطبقة السياسية في غالبيتها العُظمى ، فاسدة ، مُهتمة بِمصالحها الذاتية ، متواطئة .. ونحن أي الشعب ، سلبيين ، عاطفيين ، كسالى ... وإلا ، فأن الوقت قد حانَ فعلاً .. لِنزع الحذاء الضّيِق ، وضَرب الطبقة السياسية الفاسدة ، بهِ .. على اُم رأسها !!.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البرلمانيون والشُقق الفاخرة
-
المُعاملة بالمِثل
-
ضرورة الهَدم ..وضرورة البناء
-
لا .. لقتلِ النساء بدوافع الشرَف
-
مّرة واحدة كُل شهرَين !
-
الحَيوان الذي يوقِظنا
-
العراق .. والحرب القادمة
-
-سمير جعجع - في أقليم كردستان
-
ممنوعٌ الدخول
-
تهاني .. وتبريكات
-
إطلالة على اللوحة الكُردية
-
إنطباعات 4
-
إنطباعات 3
-
إنطباعات 2
-
إنطباعات 1
-
الرأي السديد
-
العصائبُ والتَيار
-
إصلاحات جذرية .. دهوك نموذجاً
-
هل تحبون المسيحيين ؟
-
مُجّرَد دعايات كُردستانية
المزيد.....
-
فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا
...
-
أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
-
مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
-
المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
-
زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه
...
-
تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو
...
-
-نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA
...
-
مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
-
الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|