أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ليث العبدويس - إلى بَغدادَ دَمعي.. مَعَ التَحيّة














المزيد.....

إلى بَغدادَ دَمعي.. مَعَ التَحيّة


ليث العبدويس

الحوار المتمدن-العدد: 3622 - 2012 / 1 / 29 - 22:14
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


قَدَرُ العِراقِ أن يَضِلَّ الطَريقَ إلى الحُريّة، وَكَمْ مِنَ باحِثٍ عَنْ النورِ ارتَكَسَ في حمأةِ ديجورٍ كَثيف، قَدَرُهُ أنْ يَستَمِرَّ في حالة الاحتِضار الأبدي، مُعَلّقٌ بينَ السماواتِ والأرضينِ، وبينَ الحياة المُرّةِ والموتِ اليومي تتأرجَحُ مصائِرُ شَعبٍ يُكابِدُ مَعَ مَطلَعِ كُلّ صَباح شَكلاً جديداً مِنْ أهوال القيامَة.
ضاقِتْ عليهِ المَخارِجُ والدُروبُ والمسالِكُ، وَنَهَضتْ أمامَ مُقلَتيهِ اللتانِ جرحتهُما الليالي السودُ ظِلالٌ ثَقيلةٌ لِدولَةٍ أمنيّةٍ جَديدةٍ تَفِحُّ البُغضَ وَتزفِرُ الكراهية، دُموعُ العِراقِ تأبينٌ مؤثِرٌ يُعلِنُ موتَ الديمُقراطيّة وانتِحارَ الحُرّيات وَتقاعُدَ الليبراليّة، بَلَدي عالِقٌ في مملَكة الرَماد، حيثُ كُلُّ شيءٍ يتَشِحُ بالسَواد، وَكُلُّ شيءٍ يُنذِرُ بِواقِعَةٍ وَشيكة، واللُغَةُ همهَماتٌ كَتَحشرُجِ الموتى، كارتِعاشات الذَبيح، كصوت انطِباق القُبور، فَهَل الفَجيعَةُ حتميَتُكَ يا وَطَني؟
وَطَني أدمَنَ تعاطيَ المِلحِ حتى تَخشَبَتْ مِنهُ الأصابِعُ وَتَكلَّسَتْ الشِفاه، قَدَرُهُ أنْ يَسمِلَ مُعذَبوهُ عينيهِ البابِليتينِ الجَميلَتينِ ويقطَعوا لِسانَ كِلكامِش الصادِحَ فيهِ وَيُلقوهُ في غياهِبِ التيهِ والضياع، وينتَزِعوا مِنْ دُروبِهِ الشائِكاتِ كُلَّ علاماتِ الدَلالة، فيا للنَذالة!.
قَدَرُهُ أنْ هولاكو الوَثَني لَمْ يَزلْ يُمطِرُ كتيبَةَ كَلبِهِ (كَتبَغا) بألفِ أمرٍ لِحَرقِ بَغداد، وأنَّ ألفَ طوسيٍ يَخون، وألفَ عَلقَميٍ يُرجِفُ في أرجاء المَدينَةِ الخائِفة، وَبغدادُ عَذراءُ التاريخ الأخيرة، تَكتُمُ شهقَةَ الذُعرِ خَلفَ أطلالٍ لِتمثالِ الرَشيد نَسَفَتهُ جِرذانُ المَجاريرِ الكَريهة، بغدادُ تَلوذُ بِصَمتِها المُهاب، تُخفي تَحتَ جِلبابِها الطاهِرِ آخِرَ رَضيعٍ أَمَوي، آخِرَ سيفٍ معقوفٍ مِنْ فُتوحاتِ الأندَلُس، آخِرَ كأسٍ لِيَسوع، آخِرَ تَنقيحٍ للياليها المُدبِراتْ، آخِرَ فيروزَةٍ في تاجِ الخِلافةِ نَجَتْ مِنْ نَهبِ القراصِنةِ الملاحِد، وألفُ مُغتَصِبٍ حَقير يَترَنّحُ في أرجاء الَمدينة، يَنتَشونَ اليوم بانتِصارٍ هَزيلٍ على (جان دارك) العربيّة، فهنيئاً لَهُمُ تَسافُلُ ظَفرِهِم، وهنيئاً لبغداديَ الحسناءُ مرتَبَةَ القُدُسيّة.
حَزينَةٌ أنتِ إنْ هُم أنزَلوا رايةُ الأمجادِ التَليدةِ مِنْ قُصرِكِ المَنيف؟ حَزينَةٌ إنْ هُم نَصّبوا الأخرَق حاكِماً بأمرِهُ على سُكّانِ الَكرخِ وأهلِ الرَصافة؟ ذلكَ المعتوهُ الذي بُحّتْ حُنجُرَتُهُ المَشروخَةُ مِنَ التسوّلِ، ذلكَ الذي أتلَفَ الأفيونُ فيهِ المروءة والرِجولة، يا عروسَ الشَرقِ التي جردوها مِنْ كُلِ زينة، سَرقوا مِنها المَحاجِرَ وقواريرَ الكُحلِ الحِجازي الأصيل، سرقوا مِنها ذاكِرةَ الوُجودِ والدواةِ والقَلَم.
إشمَخي (إنطوانيتُ) وأنتي تُساقينَ إلى المَقصَلَة، أطَعَني بِكبرياء المُلوكِ رِقابَ الرِعاع النابِحينَ بِزوالِكِ، زَهوكِ أطوَلُ مِنْ أعمارِ كُلّ قاتِليكِ، وقامَتُكِ أعلى مِنْ كُلّ شواهِدِ قُبورِهِم المُتهَدّمة.

ليث العبدويس – بغداد – [email protected]



#ليث_العبدويس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيّابُ لَمْ يَكُن رَكيكاً يا وَطني
- مُذكرات لاجئ سياسي 2
- مُذكّرات لاجئ سياسي
- نَحنُ.. والبَحرُ..وإسرائيل
- سوريا وَفَلسَفةُ الثُعبان المُقَدَّس
- رِسالةٌ إلى بشّار الأسَدْ
- وَقَفاتٌ عِندَ مُسلْسَلٍ مَمْنوع
- خرْبَشاتٌ طُفوليّة على جِدار العيدْ
- جرائِمُ الشَرَف.. وَقفةٌ شُجاعة
- ليبيا.. انتهاءُ عامِ الرَمادة
- وحشٌ طليقٌ في الشام
- -جمهورية- انكلترا المُتَحِدة
- فينيقُ لُبنان..ورمادُ الطائِفيّة
- هوامش على دفتر الثورة
- الصومال.. محنةُ الضمير.. محنةُ الإنسان
- الإرهاب الإسلامي ..تهافت النظرية
- هل شارف عصر الطغاة على الانتهاء؟


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ليث العبدويس - إلى بَغدادَ دَمعي.. مَعَ التَحيّة