أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور نجم الدين - ما مهمات الاشتراكيين؟ 2 - 2















المزيد.....

ما مهمات الاشتراكيين؟ 2 - 2


أنور نجم الدين

الحوار المتمدن-العدد: 3622 - 2012 / 1 / 29 - 12:06
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مما سبق يتضح لنا أن مهمات الاشتراكيين الكومونيين تحددها الطبيعة التاريخية للنظام العالمي القائم لا طبيعة الأنظمة السياسية القائمة في الشرق. أما نقطة الانطلاق لتحديد مهمات الاشتراكيين فهي دراسة تاريخ الثورة في النقطة التي تتوقف فيها في محاولاتها الأممية السابقة، فالفشل نصيب الثورة ما لم تتحول إلى ظاهرة أممية، وهذا ما أثبتته تاريخ كل الثورات اعتبارًا من ثورة الكومونة وإلى يومنا هذا.

ليس كلُّ يومٍ يومَ الثورة، فالثورة تأتي من خلال تفاقم التناقضات على المستوى الأممي، والمستوى الأممي فقط. لذلك، فإن الاشتراكيين الكومونيين يتابعون خطوات تطور حركة الشغيلة مع تعمق الأزمة العامة للرأسمالية، فلا توجد حركة أممية متصارعة مع الرأسمالية العالمية، دون انتشار وباء الأزمة في القارات الخمس، ودخول العالم مرحلة الكساد العظيم. وكما أشرنا إليه في (هل نحن على انفجار عالمي جديد؟ المنشور في الحوار المتمدن، عام 2008 في ستة أجزاء) فلا يدخل العالم هذه المرحلة، "إلا في فترات زمنية طويلة ... وهنا بالتحديد يجري الاصطدام بين كل ما ينتمي الى الانتاج الرأسمالي، وما يحدث آنذاك، هو: انتقال الفائض في الإنتاج في الدوائر الإنتاجية المنعزلة والبلدان المتفرقة، أي من الفائض النسبي للانتاج، إلى فائض الإنتاج المطلق، ويشمل كلَّ القطاعات المختلفة وأهم دول الصناعية في العالم، وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان، ويهاجم الزمن آنذاك بعنف الزراعة كما الصناعة، والبنوك كالشركات المساهمة، إلخ .. ويتوقف رأس المال عن النمو الطبيعي ويؤدي إلى تنويم قسمه، وتعطيل قسم من الأيدي العاملة، وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، وانخفاض أسعار الآلات الإنتاجية، ثمَّ شلُّ وظيفة المال بوصفها وسيلة دفع، وتخفيض الأجور، وتدمير رأس المال، ويهاجم التوقف في الإنتاج المواد الأولية أيضاً ... هذه العملية تتكرر دورياً ما لم يتحول الإنتاج إلى إنتاج مبرمج في المستوى الأممي. وهكذا، فالاختلال وإعادة التوازن، أي الأزمة والازدهار، أمر محتوم في الإنتاج الرأسمالي، ولكن هل التوازن الإنتاجي يعاد بصورة أزلية؟ هل تتوفر الأسواق لاستثمار رأس المال على مدى التاريخ الإنساني؟ وهل باستطاعة الإنسانية الاحتفاظ بوجودها في ظل هذا الإنتاج المختل في الأساس؟ كلا، بالطبع وألف كلا، وإذا كان الجواب نعم، فيعني أنَّ البشرية قد قرَّرت سلفاً الانقراض، لأنَّ تلوث البيئة و الصراع التزاحمي الحاد، أي الانفجار الدوري العنيف المحتوم، الذي يسبب اشتعال الحروب المدمرة بصورة دورية، سيهدد وجود الحياة على الكرة الارضيةً.
ولكن السؤال الذي نحن بصدده هنا، هو: هل تتقلص السوق العالمية أكثر فأكثر، وتتكثف معها أسرع فأسرع، الدارات الاقتصادية البالغة عشر سنوات في الوقت الحاضر في المستوى الأممي؟ (راجع الجزء الأول).
نعم، دون شك تتكثف الدارات أكثر فأكثر وأسرع فأسرع، وتتقوى معها شيئاً فشيئاً، القدرة الانفجارية للأزمات، وتكرارها بالصورة المنتظمة في الخمسين سنة الأخيرة، والبالغة عشر سنوات في المستوى الأممي، يعني انتظامها في دارات أقصر فأقصر في المستقبل القريب كنتيجة لنفس الأسباب التي عرضناها خلال دراستنا، وكلُّ تقصير في هذه الدارات سيجر العالم كلَّه نحو الاصطدام بالمركز، الأمر الذي ينتهي إمَّا بفناء البشرية، وإمَّا بثورة في أسلوب الإنتاج والتوزيع في المستوى الأممي، ونحن بالفعل على أعتاب انفجار عالمي جديد، ونقترب من زمن الثورة الأممية، بقدر الاقتراب من الدارات الاقتصادية الأقصر من الدارات البالغة عشر سنوات لحد الآن.
ولكن هل تنتصر الثورة؟ إنَّ الجواب العرضي هو: إنَّ الثورة تحدث، ولكن درجة انتصارها، تتوقف على توازن القوى الأممية التي تتلخص بالنسبة للشغيلة في الانتظام في طبقة أممية، وتجاوز كل الأوهام السابقة، وترك كلِّ التقاليد القديمة الميتة التي لا ترجع بأي نفع في محاولة ثورية للاستعاضة عن الإنتاج المتناقض القائم بإنتاج كوموني مبرمج، يخضع لخطة مسبقة للمجتمع الإنساني، تعود إدارتها إلى مجتمع المنتجين أنفسهم بدل الحشرات البيروقراطية التي تعيش على مسامات المجتمع" (انظر: http://www.ahewar.org/m.asp?i=2282

والآن –وبعد ثلاثة سنوات فقط من هذا التحديد- آن الأوان من جديد لانفجارات أكثر عنفًا مما رأته البشرية في السابق، فبقدر ما يسد الطريق أمام تجديد الإنتاج -تجديد رأس المال- واسع النطاق، بقدر ما تهدد الرأسمالية حياة البشرية بأكملها. وإن الاشتراكية تصبح ضرورة عاجلة للبشرية. فرغم كل الإجراءات في العالم، وفكرة مراقبة مشتركة وإدارات إنتاجية موحدة، فستبقى هذه التدابير مجرد معالجات مؤقتة لمجابهة حالات الخطر. فهذه الأمنيات لا تطابق قوانين الإنتاج الرأسمالي، أي الاقتصاد التزاحمي. وإن مجرد إفلاس الآلاف من المؤسسات الرأسمالية العملاقة وإغلاقها، وازدياد البطالة والفقر بأعداد هائلة في العالم، دليل ساطع على عجز الرأسمالية في مسايرة قيادة الإنتاج بحيث ترضي طلباتها هي نفسها. لذلك، فهي تهدد حياة البشرية بأسرها. وليس من المستغرب أن يبدأ طبقة الشغيلة في العالم أجمع بالزحف والهجوم المعاكس لمجابهة القوى التي تهدد حياتها إلى حد الموت من الجوع. وما مهمات الاشتراكيين ضمن الحركة التي تتقدم إلى الأمام دون الانقطاع؟

مهمات الاشتراكيين:

إن عودة الشغيلة إلى ساحة النضال في اليونان، ورفع شعار "الاحتلال" في وول ستريت ومدن أمريكية وأوروبية أخرى، تعني عجز الليبرالية -الديمقراطية- عن إعطاء أي حل للمشاكل التي تواجهها الرأسمالية العالمية. وهذا العجز هو الذي يسبب رفع المطالب الاجتماعية إلى ما وراء النظام الديمقراطي وعدالته الاجتماعية. وما هذا المطلب التاريخي إن لم يكن الاشتراكية؟ فالتاريخ يطرح مجددًا ضرورة أسلوب جديد في الإنتاج وعلى أنقاض الديمقراطية -الليبرالية- التي هي في الأساس نظام استثمار الإنسان للإنسان. لذلك فلا ترفع الشغيلة بأي شكل كان، شعارات ديمقراطية في الشرق مثلما لا ترفعها في أمريكا وأوروبا.

إن طبيعة حركة الشغيلة على المستوى الأممي، هي التي تحدد مهمات الاشتراكيين لا طبيعة الأنظمة السياسية في الشرق. ومادامت الحركة المعاصرة، تظهر بوصفها حركة أممية ناتجة من أزمة اقتصادية وسياسية لرأسمالية عالمية، فلا مجال لنشر أوهام ديمقراطية في وسط الشغيلة وبحجة إنهاء المهمات الديمقراطية البرجوازية في الشرق. وهذا العمل، سينتهي دون شك، بجر توازن القوى لصالح الرأسمالية العالمية.

وهكذا، فمساهمة الاشتراكيين في تقوية موقع الحركة الاشتراكية في كل مكان، في الشرق كالغرب، مساهمة ضرورية للغاية. فالأحداث تتطور قريبًا نحو صراع حاسم بين الطبقات على المستوى الأممي. فماذا يعني إذًا التمسك بشعارات برجوازية وسط بؤرة ثورية تهدد مصالح الرأسمالية كلها في العالم؟
فها هي حركة الشغيلة تعود من جديد إلى ساحة النضال من أقصى العالم إلى أقصاه، وتشبه في كثافتها -أي في طابعها الأممي- حركات الشغيلة في 1905 و1917 – 1923 بالذات. فعند عجز الرأسمالية عن السيطرة على الخلل الاقتصادي وأزماته وانتشار وبائه في كل مكان، ستضطر الشغيلة إلى اتخاذ موقف صريح إزاء هذه الحالة على المستوى العالمي. أما درجة انتصارها في هذا الصراع، فتتوقف على الإمكانية التاريخية لاستعدادها لتجاوز الحدود التي تظهر فيها الثورة وتخمد فيها أيضًا، ومع أوهامها التي تجلبها لنا حدودها الكلاسيكية القديمة. وفي محاولاتها السابقة لم يصل الشغيلة إلا إلى تلخيص أول الدروس والتجارب الضرورية لكيفية تطوير حركتها باتجاه ثورة كومونية. فمهمات الاشتراكيين الكومونيين هي إذن فهم هذه الدروس والانطلاق منها.

نقطة انطلاق الاشتراكيين:

يجب الانطلاق تحديدًا من النقطة التي وقفت فيها الثورة في السابق. فماذا يعني إذن تغذية روحنا بأوهام ديمقراطية برجوازية عن الثورات؟ إن تقدم حركة الشغيلة في الوقت الحاضر إلى المستوى الأممي، يعني بالنسبة للاشتراكيين، انتهاء فترة السلم الاجتماعي بين طبقتي المجتمع الرأسمالي في العالم، وتجاوز النضالات الآنية التي تستهدف مطالب آنية للشغيلة هنا وهناك، والانتقال إلى ساحة أوسع للصراع -ساحة أممية- ومن ثم الاقتراب من ساعة الصفر. فماذا يعني إذن تغذية الشغيلة من قبل اليسار بأوهام الديمقراطية في الشرق؟
يعني ببساطة محاولة لشق حركتها الأممية، وتحديد نشاطاتها، ونزعها من أسلحتها، ثم إيجاد أساس لتراجعها إلى الوراء، والحفاظ على السيادة العالمية للرأسمال، وفي النهاية ليست المحاولة هذه، سوى تعزيز موقع الرأسمالية في تحضيراتها لمجابهة الوضع الراهن، فانظروا إلى يجري حولنا، في إيران مثل وول ستريت، في مصر مثل اليونان، وسترون ما تحضيرات الرأسماليين للسيطرة على أزماتها المتكررة.

تحضيرات الرأسماليين وتحضيرات الاشتراكيين:

إن خطر اشتداد التناقضات الطبقية الداخلية في أمريكا وأوروبا، الناتجة من الحالة الاجتماعية التي لا تواجهها الرأسمالية إلا في فترات تاريخية معينة، هو الذي يؤدي إلى دفع الديمقراطية الليبرالية إلى تهديد إيران مثلا، وهذا التهديد ليس في الواقع سوى محاولة لتحويل الصراعات الطبقية الداخلية المحتملة إلى صراعات وطنية وقومية ودينية، وتشويه ما يقع وراء هذه الصراعات الموجودة في الساحة العالمية وتفسيرها بالصراع مع الاسلام، واحتكار مصادر الطاقة في نفس الوقت.
وإزاء وضع كهذا، تتعهَّد الرأسمالية السعودية، بتلبية حاجات المواد الخام -النفط- للصناعات الأوروبية والأمريكية أثناء حرب محتملة مع إيران.

وما مهمة الاشتراكيين إزاء هذا الوضع؟ هل هي نشر آمال وهمية بين الشغيلة في الشرق؟ هل الحل هو إقامة الديمقراطية في الشرق؟ ولكن أليست الديمقراطية ذاتها هي التي تهدد بالحرب والاحتكار؟ أليست الديمقراطية المتفسخة هي التي تعزز الثروة الشخصية للرأسماليين وتحافظ على البطالة والفقر بناء على قوانين ديمقراطية وتهدد بجلب كوارث جديدة للبشرية؟

في الوضع المتأزم العالمي الراهن، يضع الاشتراكيون آمالهم بتحول الحروب مثل حرب الخليج، ووراء القتال بين القوات العسكرية المتنافسة في السوق العالمية هنا وهناك -في ايران مثلا- إلى انتعاش حركة الشغيلة وتأثيراتها على المنطقة ثم العالم كله. وإذا فشلت السعودية عن تلبية احتياجات الدول الصناعية من النفط بسبب إضراب عمال النفط أو انتقال الصراعات الداخلية الموجودة فيها إلى إضرابات عامة في السعودية، وإذا أثر هذا الوضع على قناة السويس بالذات -وشل حركتها التجارية حتى ولو لفترة قصيرة- فسيتغير الوضع ويصبح توازن القوى لصالح حركة الشغيلة في العالم. وهذه التحولات المحتملة الممكنة في الوضع الراهن في الشرق، هي الذي يعطينا مفتاح بحث العلاقة بين الطبقات في العالم، ثم تحديد مهمات الاشتراكيين، لا الآمال اليسارية المزيفة والوعود بديمقراطية جميلة تسير يدًا بيد مع الغرب وأمريكا لسحق آخر معقل لحركة الشغيلة الناهضة بوجه الاستبداد في اليونان كتونس، في أمريكا كمصر، فالديمقراطية كالدكتاتورية، نظام يحافظ على حقوق الإنسان في التملك الخاص.

وهكذا، فان انتصار الديمقراطية الليبرالية في الشرق، يعني في الواقع هزيمة جديدة للشغيلة في محاولاتها الأممية لمجابهة الرأسمالية العالمية، وإفساح المجال أمامها لتدبير مجازر لا مثيل لها في تاريخ البشرية. ففي الوضع العالمي الراهن نجد بديلين لا ثالث له: إما إعادة التوازن المختل والسيطرة على الأزمة المعاصرة من خلال مجازر عالمية جديدة، وإما الثورة الاشتراكية!
لذلك، فمهمة الاشتراكيين الانطلاق مما خلفته الثورة من الدروس سابقًا، وما يدور حولنا في العالم المعاصر، ودرجة تطور حركة الشغيلة في الغرب كالشرق. وهذا لاكتساب رؤية واضحة عن الحركة المعاصرة بوصفها حركة منفصلة عن مطامح اليسار الديمقراطي والذي هو التربع على مقاعد سلطة الدولة، وهذه الحركة تستهدف في تطورها إكمال ما يمكن تكميله من مهمات الثورة ذاتها، وتجاوز ضعفها في السابق. فإذا كانت قوة الثورة تكمن في تحطيم الدعامة الأساسية للدولة -حامية الملكية الخاصة- وهي الجيش، والشرطة، وأداة القمع الروحي للمجتمع، ثم إقامة التعاونيات الاشتراكية -الكومونات الإنتاجية- ونقل الإدارة من الطفيليين إلى المنتجيين أنفسهم، وهي طريق إقامة أسلوب جديد في الإنتاج، فان ضعفها -أي حصرها في بقعة ضيقة في العالم- قد انتهى دائمًا بتعزيز الوهم الشائع الذي ينبثق في الأساس من الإجلال الخرافي للدولة، فكأن تنظيم المجتمع غير ممكن دون حشرات الدولة الطفيلية.
إذًا، فالطابع الهجومي للحركة الأممية، أي عدم التوقف في منتصف الطريق، هو التكتيك الوحيد لتطوير اتجاه الثورة. أما الثورة لا توجد قبل انتظام الشغيلة في حركتها، أي قبل إنتاجها حركة مجالسية -حركة السوفييتات- في رقعة واسعة نسبيًا من الأرض. وهذا نظرًا لأن الاحتياطات والتوفير في رأس المال، تعطي الرأسمالية بالفعل، فرصة تجديد حياتها أثناء الأزمات التي تعجزها عن تجديد الإنتاج تجديدًا مثمرًا، أي مجابهة الخسارات وارتفاع معدل الربح.

تعويض الخسارات:

إن تعويض الحالة التي ينخفض بموجبها المعدل العام للربح، وإمكانية إعادة التوازن المختل، والسيطرة على الأزمات يعني ببساطة انتعاش الحياة إلى الأسلوب القديم في الإنتاج. وإذا لم يسد التاريخ الطريق أمام رأس المال في استثمار كميات وافية للعمل -حيث إن العمل هو المصدر الفعلي لإنتاج رأس المال- فلا يدق ناقوس الخطر للرأسمالية بوصفها نظامًا عالميًّا، حتى إذا كوَّنَّا الكثير من الأوهام والنظريات والتصورات الفلسفية والأساطير للتعبير عن رغباتنا الخالصة لتحقيق هذا الهدف.
إن تراكم رأس المال منذ قرون، يعني بكل تأكيد إعطاء النظام الرأسمالي العالمي إمكانية فائقة في التوفير ومن ثم تعويض الخسارات، وتغذية قواها العسكرية الهدامة، وانخفاض نفقات الإصلاحات، فالعلوم وتطور الأجهزة الدقيقة مثلا، ضمان انخفاض قيمة رأس المال الثابت الذي يؤدي بالضرورة لتناسب الحالة التي تهبط فيها المعدل العام للربح. هذا، إضافةً إلى إن انخفاض قيمة رأس المال المتحول الذي يستخدم لشراء قوة العمل –الأجور- يؤدي إلى انخفاض نفقات تجديد هذه القوة، ففي توفير الناجم عن الاستهلاك الجماعي للوسائل الإنتاجية، تحافظ الرأسمالية أيضًا على وسائلها -رأس المال الثابت- على حساب الاستهلاك الجماعي لحياة العامل. ولو لم يكن هذا التوفير أو الاحتياطات، فلما كان تخفيض قدرة انفجار الأزمات، وتراجع الثورة، وثم إطالة عمر الرأسمالية أمر ممكن تاريخيًا.
وهذا ما يجعل تكتيك الهجوم بدل الدفاع، أمرًا ضروريًّا للغاية، فمهمة الاشتراكيين تتلخص في نشر التقاليد الثورية للكومونة ودروسها، وأسباب تراجع الثورات البروليتارية في السابق، وأهمية تلاحم الاشتراكيين حول بعضهم بعضًا، وفهم الطبيعة التاريخية للديمقراطية بوصفها نظام يحمي حقوق الإنسان في التملك الخاص، فمن غير الممكن أن يعطينا الديمقراطية، وسيلة القضاء على حق الإنسان في التملك الشخصي للوسائل الإنتاجية. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلما كانت الرأسمالية العالمية تعزز الديمقراطية -نظام المنافسة الحرة- في الغرب وأمريكا، والمحاولة لتطويرها في الشرق أيضًا. فالهدف بالنسبة للشغيلة يختلف كل الاختلاف عن الديمقراطيين. ان ضبط الحركة العشوائية لاقتصاد المجتمع، أي السيطرة على القوانين الاقتصادية للمجتمع الرأسمالي، هو الخطوة الأولى للتحرر الاجتماعي من المجتمع الذي يقيس وسائل الحياة بمقياس القيمة. ولا يمكن تحقيق هدف كهذا، دون سد الطريق أمام تحول المنتجات إلى البضائع، إلى القيمة. ولا يمكن تحقيق هذا الهدف الاجتماعي في فترة تسمى المرحلة الانتقالية، مثل المرحلة التي لم تبرر في الواقع سوى عدم توزيع اشتراكي. وإن ما يبرر هذه الفكرة البرجوازية هو علم الاقتصاد السياسي الذي يبرر عدم اكتفاء الثروة لانتصار علاقات التوزيع الاشتراكي -الكوموني- في الإنتاج. فما الاشتراكية؟

الاشتراكية:

إن وقت العمل الضروري يعني وقت اكتساب المعيشة بالنسبة للشغيل -الجسدي أو الذهني-، أما وقت العمل الإضافي فهو وقت لإنماء رأس المال متمثلا في ثروة خاصة للأفراد.
فما الاشتراكية إذن إن لم تكن السيطرة على هذا المقياس للعمل؟ وما الاشتراكية إن لم تأتِ من خلال التعاونيات الإنتاجية والاستهلاكية التي ستلغي بالضرورة قانون إنتاج القيمة بوصفه قياس العيش؟

ان الهدف هو تنظيم الإنتاج وإدارته من قبل المنتجين أنفسهم. وهذه هي الاشتراكية، أي التشريك الجماعي لوسائل الإنتاج وثروات المجتمع.



#أنور_نجم_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما مهمات الاشتراكيين؟ 1 - 2
- ما بديل الكساد العظيم: الهمجية أم الاشتراكية؟
- النظام الاستعماري يسبق النظام الرأسمالي -3-3
- النظام الاستعماري يسبق النظام الرأسمالي -2-3
- النظام الاستعماري يسبق النظام الرأسمالي -1-3
- الدولة وثورة الكومونة – 5-5
- الدولة وثورة الكومونة – 4-5
- الدولة وثورة الكومونة – 3-5
- الدولة وثورة الكومونة – 2-5
- الدولة وثورة الكومونة – 1-5
- مهزلة الليبرالية وضرورة الاشتراكية
- كل شيء لأجل تطوير الحركة الاشتراكية العالمية: التضامن لا الج ...
- الأخلاق الإسلامية والأخلاق الشيوعية
- الاشتراكية بداية التاريخ
- نقد الأخلاق عند لينين
- الأزمة المعاصرة في تأملات الليبراليين الأخلاقية
- رسالة من مصر: ما الأهمية التاريخية لانتفاضة مصر؟
- الموجة اللاحقة: إسرائيل، السعودية، الصين، وقناة السويس
- اشتراكية لينين صورة كاريكاتورية لرأسمالية الدولة
- رسائل من تونس: ما الخطوة اللاحقة؟


المزيد.....




- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور نجم الدين - ما مهمات الاشتراكيين؟ 2 - 2