أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية حسن عبدالله - الثورة السورية من وجهة نظر الامم المتحدة ... والمعارضة الوطنية















المزيد.....

الثورة السورية من وجهة نظر الامم المتحدة ... والمعارضة الوطنية


نادية حسن عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3621 - 2012 / 1 / 28 - 12:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الثورة السورية من وجهة نظر الامم المتحدة ... والمعارضة الوطنية
الدكتورة شذى الجندي

28 ديسمبر/ كانون الثاني 2012

تسارعت وتيرة التحذيرات من انزلاق الأوضاع في سورية إلى وضع خطير، والنتائج التي يمكن أن تترتب عليها. وظهرت الكثير من المخاوف والتحذيرات التي وردت على لسان أكثر من مسئول سوري وعربي وغربي من مخاطر ذهاب الحالة السورية إلى أوضاع خطيرة
.
لم تقم الثورة السورية لتكون مشروع حرب أهلية، إنها ثورة الحرية والكرامة واستعادة الحقوق والوصول إلى الديمقراطية، وإن أي ردود أفعال طائفية هي طعنة للثورة في الظهر. يتكلم الكثيرون ان "الخوف من الحرب الأهلية يتعمق في سوريا ويفاقم الأزمة" و "إن فشل مهمة الجامعة العربية في وقف العنف في سوريا، والضغط المحدود من المجتمع الدولي والحكومة العنيدة، عوامل جعلت الصراع يدخل البلاد في حالة من الفوضى وأزمة لا مخرج لها."
كما صرحت المفوضة العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بأن الحرب الأهلية قائمة الآن في سوريا بعدما تجاوز عدد القتلى 6000 شخص.
وبعث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسالة قوية إلى الرئيس السوري بشار الأسد أكد فيها أنه فقد شرعيته، حيث قال بان في تصريح لصحيفة الحياة اللندنية إن الأسد فقد شرعيته ويجب أن يكف عن قتل شعبه، وعليه اتخاذ إجراءات جريئة للإصلاح قبل أن يفوت الأوان، وأكد بان في الوقت ذاته أن هناك دائما مجالا للاستدراك كي لا تصبح الحرب الأهلية في سوريا حتمية ورأى بان أن الوضع القائم في سوريا الآن تترتب عليه إفرازات خطيرة على السلام وعلى الاستقرار في المنطقة.
وقال بان في كلمة ألقاها في الاجتماع الرفيع المستوى بشأن الإصلاح والتحول إلى الديمقراطية في بيروت اليوم "أقول مرة أخرى للرئيس السوري بشار الأسد: أوقف العنف. توقف عن قتل أبناء شعبك، فطريق القمع طريق مسدود، والدروس المستفادة من العام الماضي بليغة وواضحة: فرياح التغيير لن تتوقف، والشعلة التي أضيئت في تونس لن تخبو"
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، إنه يخشى احتمال نشوب حرب أهلية في سوريا وما لذلك من عواقب على جيرانها. وقال العربي: «نعم أتخوف من حرب أهلية والأحداث التي نراها ونسمع عنها الآن يمكن تؤدي إلى حرب أهلية، وليس هذا في مصلحة الشعب السوري ولا في مصلحة الدول العربية؛ لأن سوريا دولة مؤثرة». ووصف تقارير من البعثة عن الأوضاع في سوريا بأنها تبعث على القلق، لكنه قال: لا شك في أن وتيرة القتل انخفضت بوجود المراقبين.
وحذر سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي من الحرب الأهلية، كما حذر أردوغان من نشوب “حرب أهلية وحرب ديانات” في سوريا . وقال في مؤتمر صحافي إن “تطورات الوضع في سورية تدفع في اتجاه حرب أهلية، حرب عنصرية، وحرب ديانات ومجموعات . ولا بد لهذا أن يتوقف". أما المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، يقول نحن نتمسك بالطابع السلمي للحركة الاحتجاجية ونحن قلقون من الانزلاق إلى حرب أهلية حقيقية يقود إليها القمع الدموي والأعمى". ومن المؤكد ان آخرين سينضمون إلى هذا النادي في الأيام القليلة المقبلة.

في الخطاب السوري الرسمي والمعارض هناك نفي بشكل عام للحرب الأهلية. وفي حديث الشارع السوري تأكيد حاسم بأنها صارت أمرا واقعا وليس مجرد خطر يحذر منه الخارج أو يخشاه. إن اللغة التي يتحدث بها الشارع السوري التي تطالب بالتدخل الدولي والحماية الدولية تعكس موقف الشعب السوري الذي يتميز بالانفعال والتوتر من المواقف العربية والدولية الهزيلة.

موقف النظام السوري من الحرب الأهلية
إن مسؤولية الحرب الأهلية (إن حصلت) تقع على عاتق النظام، بسبب شدة القمع المطبق وإطلاق اليد لاستخدام القمع والقتل والتنكيل طلبا للحسم ونتيجة إصرارهم على الخيار الأمني والعسكري واستهانتهم بالمعالجات السياسية وبالدعوات المتعددة للبدء بإصلاحات جدية ترضي المحتجين وتخفف حدة التوتر والاحتقان.

أن النظام يرفض الحلول السياسية ويصر على إنكار مطالب الناس وإظهارهم كأدوات تآمرية وطائفية، وهو الذي يؤجج التعصب لدى الآخرين ويجبرهم على اعتماد منطق العنف والغلبة.

إن النظام يفعل كل ما بوسعه لدفع الأمور نحو العسكرة، عبر شحن الغرائز والانفعالات وتشجيع العصبيات وتأجيج ردود الأفعال الثأرية وتغذية ما يمكن من صراعات متخلفة. هذا النظام يتحدث عن الجماعات المسلحة والعصابات المسلحة والإرهابيين ويربط الثورة بتنظيم القاعدة، لحقن المجتمع بالمخاوف والشكوك والإيحاء للعالم بأن نزاعا أهليا على وشك أن يندلع.

وهناك عدة تفسيرات حول السبب في دفع النظام إلى الحرب الأهلية، فيقول قائل إن من مصلحة النظام أن تتلوث كل قوى المجتمع بدماء الأبرياء حتى لا يستطيع أي منهم أن يوجه الاتهام للنظام فيما بعد بارتكاب الجرائم دون أن يدين نفسه أولاً. كما إن الحرب الأهلية تدفع المجتمع نحو التفكك والتحلل، فيسهل بالتالي قيادته والسيطرة عليه.
النظام لا يمتنع عن استثمار شبح الحرب الأهلية في الداخل السوري لتحقيق بعض المكاسب.
بمعنى آخر, إن النظام يريد حرباً أهلية يسيطر عليها زمانياً ومكانياً، فهو يريد الحرب فزاعة يخيف بها السوريين دون أن يسعى لتحقيقها على أرض الواقع.

وبالمصطلح القانوني الدقيق النظام السوري يريد ( اضطرابات و أعمال عنف متفرقة ) لا تصل إلى حد الاقتتال الداخلي. وهذا يفسر إلى حد ما اختلاف الخطاب الإعلامي والسياسي اللذين يقدمهما النظام للداخل والخارج ففي خطابه للمجتمع الدولي يؤكد النظام أن ما يحدث في سوريا ليس حرباً أهلية ويقطع بعدم إمكانية وقوع هذه الحرب, وفي خطابه الموجه للداخل السوري يحذر فيه من حرب لا تبقي ولا تذر.

موقف المجتمع الدولي

المجتمع الدولي يرفض فكرة الحرب الأهلية لأنها ستكون مكلفة ومؤثرة على الاستقرار السياسي ودول الجوار، خاصة إسرائيل، بسبب حساسية موقع النظام السوري وخصوصية تحالفاته ودوره المتشابك مع الكثير من الملفات الشائكة والخطرة في المنطقة. إن تقاعس الغرب وتردده في مساعدة الشعب السوري لن يبدو مستغرباً إذا ما تذكرنا مصلحة العدو الإسرائيلي في بقاء الوضع السوري مستقراً لدرجة تضمن بقاء حدوده الشمالية آمنة كما كانت مصانة في عهدة نظام الممانعة والمقاومة.

موقف المعارضة وموقف الحراك الشعبي

اعتبرت المعارضة السورية خطاب الرئيس بشار الأسد، الذي ألقاه اليوم الثلاثاء (10 كانون الثاني/ يناير 2012)، بمثابة "وأد للمبادرة العربية أو أي مبادرة أخرى لتسوية الأزمة، وأن الخطاب أوضح بشكل جلي أن النظام سيواصل سياسة القتل والقمع ضد الشعب السوري". وقال رئيس المجلس الوطني السوري الدكتور برهان، غليون خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة اسطنبول التركية، إن الخطاب قطع الطريق على أي مبادرة عربية أو غير عربية لتجنيب سوريا الأسوأ. وقال غليون إن الخطاب كشف عن الإصرار من جانب النظام على دفع الشعب للانقسام والحرب والأهلية من خلال التلويح بمشروع إصلاح وهمي تحول مع الوقت إلى "خرقة بالية" ولم يعد هناك أحد في سوريا يؤمن به.

بالمقابل شدد رئيس هيئة التنسيق في المهجر الدكتور هيثم مناع على أن حلف "الناتو" ليس جمعية خيرية. وقال تدرك شعوبنا المستضعفةُ أكثر من غيرها أنه عندما توافقت مصالح الحلف على التدخل عسكريأً في ليبيا، لم يفت عليه فرصة إشباع غريزته النفطية، ومن ثم إطالة أمد الحرب فيها بدعمٍ من تجار السلاح والحروب في العالم، استجلاباً لأموال القذافي وتثبيتاً لمصالحم الدولية.

وتسآل الدكتور المناع، كيف يمكن لإعلام المعارضة السورية الدعائي أن يطلق حملات تحريضية انفعالية لا تستند إلى تحليل سياسي واقعي! تدعو إلى إشعال فتيل حرب تبدأ في سورية من دون إمكانية التكهن أين ستنتهي ؟ وقال هل يعلم دعاة الحرب من المعارضة السورية ما هو البديل المقبل، كي يتشدقوا وبكل ثقة بطلب تدخل الناتو؟ من قال إن القتل والخراب سيكونان أقل في حالة الثورة المسلحة أو التدخل العسكري؟

ويقول ميشال كيلو، أنه وزملاءه من مثقفين ومعارضين سوريين مستقلين، اقترحوا على الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في القاهرة، أن تكون الجامعة هي الجهة التي تتولى حصرياً العمل على حل الأزمة السورية، بالاتفاق مع المعارضة والنظام، بشرط أن تلتزم الجامعة العربية بمنع تكرار السابقة الليبية تحت أي شكل من الأشكال، وألا تعطي أي ضوء أخضر عربي لمجلس الأمن أو للحلف الأطلسي مثلما حدث في ليبيا. ويكمل شرح وجهة نظره، لافتاً إلى أنه «على جميع أطراف المعارضة التصدي لمخاطر التدخل الأجنبي وتسليح الثورة، وأن تعي أنه لا يوجد شعب محصّن طبيعياً ضد الحرب الأهلية». من هنا، خلص إلى ضرورة مواجهة مثل هذه المخاطر من خلال التخلّي عن مصطلحات شاعرية مثل «لا توجد» (حرب أهلية)، و«شعبنا يدرك» أو «شعبنا محصن». تشاؤم يختصره بالإقرار بأن "الأمور بدأت حالياً بالتدحرج نحو دوامة العنف، وهناك بعض البؤر التي دخلت في منطق الحرب الأهلية، ومن واجبنا جميعاً أن نقف في وجهها حتى لا تنتشر وتصبح حالة عامة".
أما موقف الثوار في الداخل السوري فهو مختلف حيث يعتبر ممثلون لمجالس الثوار في الداخل السوري أن «تحرك المجلس الوطني السوري لم يرق حتى الآن إلى مستوى الحراك الثوري، ولم يثبت قدرته على تلبية متطلبات الثوار الذين يواجهون آلة القتل بصدورهم العارية». «الثوار يعيبون على المعارضة السورية عدم قدرتها حتى الآن على توحيد رؤيتها لما يجب أن تفعله تجاه ما يتعرض له المدنيون من مذابح في كل المناطق السورية، بحيث إن قسما من المعارضة ما زال ينادي بسلمية الثورة، والقسم الآخر يطالب بحماية دولية وتدخل عسكري دولي». وقال: «ما يثير الاستغراب أن البعض في المعارضة (الخارجية)، لا يزال يصر على سلمية الثورة" وسأل «تجاه المجازر التي ترتكب في حمص وحماه وإدلب هل يمكن لأحد أن يتحدث بعد عن ثورة سلمية؟». وشدد على أن «هذا النظام لن يسقط إلا بتدخل عسكري خارجي سواء أكان عربيا أم تركيا أم دوليا، لأن هذا النظام الذي استولى على السلطة بالقوة لن يرحل إلا بالقوة، سيما أن هذا النظام لا يقيم أي اهتمام للثورة ويعتبر شهداءها إرهابيين». وأضاف «على المجلس الوطني أن يحزم أمره ويوحد موقفه، وإذا كان يعتبر نفسه ممثلا حقيقيا للثوار عليه أن يتوجه فورا إلى مجلس الأمن الدولي ويطلب تدخلا دوليا لحماية المدنيين، خصوصا أن هذا النظام المجرم يطبق اليوم سياسة الأرض المحروقة، بحيث لا يتورع عن قصف المدنيين بالدبابات ويقتل النساء والأطفال"
في حديث مع أحد الثوار، البارحة، أكد ان صوت الشارع هو الأقوى وان الحراك الشعبي هو أساس الثورة، وان ما يريده الثوار هو إسقاط نظام الأسد بالتظاهرات والملاحم اليومية، وبالتالي كان أفضل شعار معبر عن رأي الشعب السوري في ساحاته :"نحن باقون،ولن نركع إلا لله ،وانتم ذاهبون"، وهذا يعني بان استمرار القتل اليومي للشعب السوري من قبل نظام الأسد، بظل العجز العربي والتجاهل الدولي لذلك، سيؤدي بالنهاية إلى حرب داخلية لان الثوار الذي يحاولون إسقاط الأسد سلميا، ولن يردعهم شيء لإسقاطه حتى بقوة السلاح الذي سوف يرفع ضده للدفاع عن النفس أولا ولتنفيذ شعار الثوار، لذلك يجب على العالم أن يتدارك الوضع والعمل السريع على حماية الشعب السوري الأعزل الذي يطالب بمظاهراته بالتدويل والتدخل الخارجي والحظر الجوي والمناطق الآمنة .
كل هذه المؤشرات العديدة التي ظهرت في الآونة الأخيرة يجب أخذها بعين الاعتبار، خاصة إذا ما سمعنا صوت الثوار في الداخل الذي يمثلون صوت الثورة، واذا وضعنا في حسابنا أن انسداد الأفق السياسي للأزمة السورية وعدم وجود مشاريع تالية لمرحلة ما بعد سقوط النظام، يعكس حقيقة الاختلاف والتباين ليس فقط بين أطراف المعارضة بل في داخل المجتمع ككل.
لماذا الحرب الأهلية؟
من الجدير بالذكر هنا أن القانون الدولي يستعمل مصطلح ( النزاع المسلح غير الدولي ) بدل المصطلح التقليدي الشائع الحرب الأهلية ) ( civil war ) ولم تحدد قواعد القانون الدولي العام مفهوماً محدداً لذلك المصطلح إلا في أنه صراع مسلح ليس له الصفة الدولية. وربما يعود السبب في ذلك إلى أن القانون الدولي بشكل عام، والقانون الدولي الإنساني أو ما يعرف بقانون الحرب بشكل خاص وضع أصلاً ليحكم الصراعات الدولية. ولم يلحظ النزاعات المسلحة غير الدولية إلا في معرض الحديث عن الأفعال التي يحظر على الاطراف المتنازعة إتيانها. والحقيقة أن أول النصوص التي تتحدث عن ( النزاعات المسلحة غير الدولية ) هو النص العام المشترك لاتفاقيات جنيف الأربعة، هذا وقد وردت أحكام النزاع المسلح غير الدولي أيضاً في بروتوكول إضافي لاتفاقية جنيف لعام 1949، وقع عام 1977.
تجمع كل الدراسات والابحاث والوثائق والتقارير ان الحرب الأهلية هي أسوأ كابوس يمكن أن يعيشه شعب من الشعوب، حربٌ الكل فيها قاتلٌ والكل مقتول، يتقاتلون ويَقتلون ويُقتلون لأنهم مختلفون، وإذا بدأت لا تكاد تنتهي، وإذا انطفأت نارُها أخيراً بقيت منها بقيةُ جمر تتّقد تحت الرماد.

نتائج الحروب الأهلية مدمرة ولا نريدها أن تشتعل في سورية، حيث تتصف هذه الحروب بالضراوة والعنف وبالنتائج الاقتصادية والاجتماعية المدمرة على المدى القريب، والمؤثرة بعمق على المدى البعيد، لأنها قد تشمل مناطق آهلة بالسكان وتكون خاضعة لهجمات متقطعة وغير منتظرة، وتفرق بين الأهل والجيران فتشل الحياة الاقتصادية وتمزق النسيج الاجتماعي، ويحتاج المجتمع إلى عدة عقود من الزمن لإعادة البناء والتوازن والوئام.

ومن نتائج هذه الحروب أيضاً غياب الدولة وضعفها وانتشار الميليشيات وانعدام الأمن والسكينة وتعطل مناشط الحياة الاقتصادية والاجتماعية وانهيار خدمات التعليم والصحة والبنى التحتية ووضع المجتمع رهينة للقوى الخارجية سواء كانت دولاً أو هيئات أو منظمات.
هذا طبعاً غير النزوح الجماعي عن مناطق التماس ووقوع الضحايا من كل الأعمار وانتشار العنف والفساد وازدهار تجارة السلاح ونقص الغذاء والدواء.
وهنا تكمن الخطورة في الحرب الأهلية من حيث أنها أولاً لا تخضع لقواعد الاشتباك المتعارف عليها عسكرياً ، بل هي حرب تستند إلى مشاريع خاصة وشرعية ذاتية تغيب عنها كل القواعد القانونية والأخلاقية، وتخرج في كثير من الأحيان عن سيطرة أطراف النزاع.

وكثيرا ما تشكل الحروب الأهلية فرصة لتدخل الدول الكبرى أو المجاورة في مجريات الأمور الداخلية للدولة المعرضة لمثل تلك الحروب. ذلك أن وقوع مثل تلك الحروب يضعف كثيرا من سيادة الدولة ويزيل التماسك الداخلي في وجه التدخل الخارجي، كما أن احتمالات التغير في موازين القوى داخليا قد يؤثر على الدول المجاورة سلبا وإيجابا فترى بعض الدول في انتصار فريق على فريق تهديدا لأمنها، أو للتوازن في تلك المنطقة من العالم أو على صعيد أوسع.

هناك من لا يأخذ هذه التحذيرات على محمل الجد، ويعتبر أن مقومات الحرب الأهلية وعناصر اندلاعها غير متوافرة في سوريا، ويرى الحديث عنها مجرد تهويل ربما غرضه تبادل الضغوط والابتزاز، وإذ يعترف أصحاب هذا الرأي بتصاعد بعض وجوه العنف والعنف المضاد وما خلفه ذلك من أذى اجتماعي وإنساني واهتزاز للاستقرار الأمني في بعض مناطق التوتر والاحتقان، لكن الأمور لم ولن تصل برأيهم إلى مرحلة الحرب الأهلية.

وفي ظل ما سبق لم يبقى للنظام السوري، في ظل تزايد أعداد القتلى، والضغوط العربية على دمشق، وشبح الحرب الأهلية الذي يخيم على البلاد، والاتهامات التي يمكن أن يواجهها "الأسد" بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، سوى ثلاث خيارات كما يؤكد حمدي مبارز: الأول هو الهروب، كما حدث مع الرئيس التونسي "زين العابدين بن على"، والثاني أمام "الأسد" هو أن يستمر في حربه ، ويقع مزيد من القتلى في سوريا وتتحول البلاد إلى حرب أهلية ، وربما يتدخل الغرب ، وهذا الخيار لا يترك فرصة لتوقع ما يمكن أن تصل إليه الأمور . أما الخيار الثالث فهو التفاوض، فقد طرح "الأسد" في حطابه، كلاما عن الإصلاح الدستوري، وإمكانية إجراء استفتاء في مارس المقبل حول نظام متعدد الأحزاب في سوريا، إلا ان هذا الكلام لا يجد من يصدقه، فقد تم الحديث من قبل عن تعهدات مماثلة، ولم يتم الوفاء بها . وحتى إذا حاول "الأسد" القيام بإصلاحات حقيقية، فأنه سيكون عرضة للهجوم من مراكز القوى في نظامه. والسيناريو الاخير لما قد يحصل قد يكون شبيه بالنموذج المصري الذي ربما يتكرر في سوريا، وينتهي الأمر إلى محاكمة رمزية للأسد كما يحدث للرئيس المصري "حسنى مبارك" حاليا، وان يظل القرار في سوريا للعسكر، ويتكرر نفس السيناريو المصري.



.



#نادية_حسن_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمتنا الثورة السورية دروسا في الجغرافية
- ما هي المعاني التي تحملها قافلة الحرية إلى سورية؟
- نحو استراتيجة للدولة المدنية – المفاهيم – 8 - تعزيز ثقافة ال ...
- من له الحق في توزيع صكوك الوطنية وسندات ملكية حب سورية؟
- دور الأمم المتحدة في حفظ السلام - المناطق العازلة والمناطق ا ...
- نحو استراتيجية وطنية للدولة المدنية – المفاهيم –7- الشفافية ...
- نحو استراتيجية وطنية للدولة المدنية – المفاهيم –6- مواجهة تح ...
- نحو استراتيجية وطنية للدولة المدنية – المفاهيم – 5- فصل السل ...
- نحو استراتيجية وطنية للدولة المدنية – المفاهيم – التداول الس ...
- نحو استراتيجية وطنية للدولة المدنية -المفاهيم- التعديدية الس ...
- نحو استراتيجية وطنية للدولة المدنية: القانون وحقوق الإنسان - ...
- الاستراتيجية الوطنية للدولة المدنية: المبادئ الأساسية للمواط ...
- الناتج المحلي الإجمالي للسعادة الوطنية ومؤشرات السعادة الوطن ...
- هل يمكن اعتبار تشكيل مجالس وهيئات للثورة بداية لنوع من التعد ...
- يوم من حياة أم معتقل...
- شو يعني حرية يلي عم يطالب بها المتظاهرين؟
- هل نحن في حاجة إلى الديمقراطية التوافقية في المرحلة الانتقال ...
- حماية حقوق الانسان للمرضى والجرحى والمصابين وضحايا التعذيب ف ...
- الطريق للتغير نحو الديمقراطية في سورية
- انتهاك حقوق الإنسان كان الدافع الأساسي والمحرك الرئيسي للثور ...


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية حسن عبدالله - الثورة السورية من وجهة نظر الامم المتحدة ... والمعارضة الوطنية