أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - نضال حسن - الباستيل لم يسقط بعد، رفيقي جورج لا زال هناك....















المزيد.....

الباستيل لم يسقط بعد، رفيقي جورج لا زال هناك....


نضال حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3619 - 2012 / 1 / 26 - 17:20
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


"حرية، عدالة، مساواة"؛ أليست تلك هي الأعمدة القيمية للجمهورية الفرنسية التي عُمرت بالاستناد إلى ما حققته الثورة الفرنسية بعد إعلان موت الرب والإقطاع والملك، لتنطلق شعلة الإرادة الحرة المؤسسة لجمهوريتها أو جمهورياتها. هذا على اقل تقدير ما أتتنا به أمهات التنظيرات الفرانكفونية، لتثير تلك الهالة الأيقونية الباهرة بقيمية الجمهورية، ثم أين تلك أل "فرنسا" التي وقفت بعينيها لتقاتل الغزو النازي لترابها الوطني مستعينتاً بما تيسر من إمبراطوريات حليفة آنذاك!، ألم تفاخر فرنسا الدولة بمؤسساتها المحايثة لقيم الثورة المؤسسة! وبالجنرال شارل ديغول وجيشه الحر!. كذلك الحال بقنصلياتها التي تضع على رأس سلم أولوياتها – كما تشير مواقعها الالكترونية- تحفيز الفكر الحر والإرادة الواعية لدى شباب مستعمراتها السابقة التي نالت استقلالها الوطني، أم أن علم التاريخ ليس الفاعل الوحيد بالتأشير إلى تجربة فرنسا الاستعمارية في فيتنام والجزائر وسوريا ولينان وما تيسر من مستعمرات على امتداد قارتين سُحق سكانها الأصلانيين في مواجهة آلة الرأسمال الاستعماري الفرنسي - على الأقل في القرن العشرين- إن ظهرت الحاجة لتخصيص التأصيل-؛ فيتفق مع هذا العلم فاعل أخر يتمثل في النهج الفرنسي القائم اليوم ليعيد إنتاج البنية ذاتها بتمثيلات مستحدثة.

لا متسع هنا للمحاكمة أو المماحكة الأخلاقية، والسياسية كذلك، هذا أن ما حصل واستمر حصوله على امتداد الثلاثة عقود الأخيرة في تعاطي فرنسا دولتاً وقضاءاً مع المناضل العربي جورج إبراهيم عبد الله، إنما يشكل تناقضا جوهريا مع ما قامت عليه هذه الجمهورية من قيم، والتي حرست بعناية كإرث أيقوني على التراب الفرنسي، على الرغم من نسفها كلياً أثناء حقبة الكولينيالية الفرنسية في الجزائر على السبيل الغير حصري.

جورج عبد الله اليوم يعيش كأسير حرية في بلد الحريات، بل وسجين رأي على مرمى حجر أو زجاجة مولوتوف من الصالونات الباريسية، التي لا زال جان جينيه وايمي سيزار وجان بول سارتر حاضرين بحسهم في شرفاتها.

بعد أن تم اعتقاله منذ العام 1984 بحجة حيازته لأوراق ثبوتية زائفة، على الرغم من تأكيد الدبلوماسية الجزائرية صحة وشرعية الجواز الجزائري الممنوح لجورج عبد الله، ومن ثم تجديد محاكمته بعد انتهاء محكوميته الأولى بحجة مسؤوليته عن أعمال اغتيال وتفجير والإخلال بالاستقرار في المجتمع الفرنسي، حيث تلا ذلك تجديد احتجازه مرارا بشكل سنوي أمام القضاء الفرنسي، هذه المرة أو المرات لا لبند يتعلق بفعل ارتكبه أو اتهم بارتكابه بل لأنه لم يعدل عن قناعاته وأرائه. هذه القناعات والآراء التي تشكلت لدى إنسان عربي لبناني، عاصر الغزو الإسرائيلي-الأمريكي للتراب اللبناني، وويلات الحرب الأهلية، من ثم تشظية وطنه، فخرج متشيعاً لا لعائلة أو طائفة أو حزب، أو حتى دفاعا عن إقطاع أو امتيازات باستثناء امتياز الحرية والكرامة، والانحياز لقضية الشعب الفقير وعروبته. هي تلك القناعات التي حوكم عليها جورج عبد الله أمام القضاء الفرنسي، وابقي مختطفاً وراء القضبان لسنين خلت، لا لجرم إنما لإيمانه بالحرية وبالفعل المقاوم للحيف بحق شعبه واحتلال بلده.

ثم من المستفيد أو المهتم بإبقاء جورج عبد الله رهن الاختطاف الفرنسي! ولصالح من؟. لا يفترض بالإجابة الآن وهنا أن تصطبغ بالطابع المدرسي، بل أن تتخذ شكلاً أكثر عملياً، ففيما يبدو أن الفاعلين كثر، والولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب إسرائيل لا تبقيان ضغطا إلا وتمارسانه في هذا الاتجاه. وهذا ما يتضح من خلال مراجعة مواقف وزراء العدل الفرنسيين المتعاقبين وصولا إلى "المدام اليو ماري" التي وصفته "بالإرهابي، الذي لا يمكن إطلاق سراحه"، على الرغم من أن التهم الموجهة إليه، والتي تتمحور حول عمليات اغتيال وتفجيرات؛ لم تثبت بالدليل الجنائي أو الاستخباري -ولو رجعت المدام ماري جيلاً أو جيلين فرنسيين-، لكانت قد استذكرت أن مفهوم "إرهابي" كان مستخدما من قبل "الجستابو" النازي لوصف رجال المقاومة الفرنسية ضد احتلال بلدهم، فكيف يمسي جورج عبد الله إرهابيا في ثورته على احتلال أرضه!، بالترافق مع أن "الضحايا" الذين يمثلهم الادعاء العام الفرنسي، ما هم إلا ملحقين عسكريين لسفارة الكيان الذي احتل بلده الأم، ونكل بشعبه على طريق استعباده وإنهاء وجوده، وللإمبراطورية الداعمة لمشروع هذا الكيان الاستعماري.

كذلك تجدر الإشارة في هذا الموضع إلى أن من يحكم عليه بالسجن المؤبد من قبل القضاء الفرنسي يحق له إطلاق السراح المشروط بعد مرور 15 عام من الحكم؛ على أن لا يشكل خطرا على استقرار المجتمع الفرنسي، فكيف للمناضل عبد الله أن يهدد استقرار المجتمع الفرنسي، في حال تم إطلاق سراحه ليعود إلي بلده الأم لبنان – حيث عائلته وشعبه- كما طلب بلسانه وطلبت هيئة الدفاع بلسان حاله، كما انه لم يكن سابقا يشكل مكمن خطر على فرنسا مجتمعاً ودولة؛ هذا أن جورج عبد الله مقاتل في سبيل حرية الإنسان وكرامته، ولم يكن يوماً مجرماً أو مرتزقاً لأحد، والتحدي مفتوح أمام من يدعي القدرة على إثبات العكس من ذلك.

في ظل ظروف هذه المحاكمة التي تأتي ضمن الإطار الأعم للصراع العربي الصهيوني وسلسلة الصراع بين الشعوب ومستعمريها؛ لم يستمت المناضل عبد الله في محاولات نفي التهم المنسوبة إليه أو تبرئة ذاته وخلق الحجج والبراهين، إنما دافع بكل جرأة عن الفعل المقاوم وعن البندقية المقاومة وكذلك عن مبدآ حق الشعوب في الحرية والاستقلال وتقرير مصيرها، كما حقها في حمل البندقية للدفاع عن حقوقها المشروعة، ناظرا إلى قضيته كحالة جمعية وكمحاكمة لقضية شعب يسعي للحرية وليس كحالة فردية، واضعا نفسه في خندق الشعب الفقير مجددا ودوماً، مواجهاً للعسف بمصير شعبه.

بنائاً على ما سبق، يمسي التساؤل مشروعاً حول وضعية جورج عبد الله لبنانياً؛ أفلم يكن ولم يزل جورج عبد الله مواطنا لبنانيا صالحا كامل الحقوق، سابقاً لذلك بإيفاء الواجبات اتجاه وطنه!!. فلا يفهم العامل المحفز لإغفال قضيته من قبل الدولة اللبنانية ومؤسساتها المختصة، كما حكوماتها المتعاقبة باستثناء حكومة دولة الرئيس سليم الحص ما بين العامين (1998و2000)، إلا ضمن الفهم المؤسس على "المؤامرة" أو حيثيات هذه المؤامرة بمعنى اللتواطئ، فنجد أن جورج عبد الله لا يتمتع بحماية الدولة اللبنانية، أو يطالب بإطلاق سراحه من قبلها؛ على الرغم من كونه مقاوم عربي لبناني، فكيف لو افترضنا انه احد رجال الميليشيات الذين استماتوا دفاعا عن المشروع الطائفي، وعن تفتيت لبنان، وعن عزله وبتره من محيطه العربي ومن تذوقوا الفرح بشرب الأنخاب مع مجرم الحرب أرييل شارون بجماجم أطفال شاتيلا، أكانت الحكومات اللبنانية المتعاقبة - مجددا من اجل الإنصاف- باستثناء دولة الرئيس سليم الحص، سترفض حتى استقبال عائلته لمناقشة ملفه كمواطن ومقاوم لبناني!! أليس من واجبات الدولة اللبنانية حماية ترابها ومواطنيها بحسب دستورها! فلتحمي أو تنصف -على اقل تقدير مأمول- من اضطلعوا بواجب الدفاع عن ترابها ومواطنيها من مواطنيها أنفسهم أمام آلة الاحتلال والقتل المذهبي والتطهير العرقي.

كما لا يجوز الاعتقاد أن الفلسطينيين خاليي الطرف في هذه المعادلة، هذا أن جورج عبد الله قاوم ويقاوم مستعمري فلسطين، وفقاً لفهمه العروبي التقدمي لمجريات التاريخ ولمسؤولياته اتجاهها. أولم يكن من أكد على ما نسيه العديد من قيادات الصف الأول والثاني والثالث... في البنية السياسية الفلسطينية؛ آي حق العودة وتقرير المصير، انطلاقا من ارتباط مجمل القضايا العربية بوحدة المصلحة والمصير بحسب فهمه لها وموقفه منها الذي ترجمه فعلا ايثارياً. وكان قد صرح من زنزانته في سجن "لانميزان" بان (واهم من يتصور أمنا و ازدهارا على أنقاض الشعب الفلسطيني.. طبعا الرد الطبيعي و الملح الآن هو التمسك بكل الوسائل لفرض "حق العودة" أساس و جوهر القضية الفلسطينية)، وهذا ما ينتظر أصحاب الحقوق الفلسطينية سماعه من صناع القرار الفلسطيني وملاحظته فعلا مترجماً ضمن حركة الواقع، إضافة إلى أن جورج عبد الله كان من استجاب لنداء " وراء العدو في كل مكان"، لا ليتم نسيانه هو ذاته وراء القضبان، إنما ليصهر ذاته مع الكتلة الشعبية في الكفاح من أجل العودة والتحرير لفلسطين. فعلى من وجه النداء أن يتبع ندائه ويراقب حيثياته، كي يقف على المسؤوليات المترتبة على شعاره السياسي. ف "أيوب صاح ملئ السماء، لا تجعلوني عبرة مرتين" (محمود درويش، جواز السفر). حيث يفترض أن يقف كل لدى مسؤولياته، ويوقف شرعنة اختطاف جورج عبد الله، ويعمل من اجل تحريره.



#نضال_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظة متواضعة ،بين اشكالية حنظلة الفرد ، واغتيال الفكرة
- صديق الوطن :ميلاد التحرير
- لماذا الانقسام وليس الاستعمار وآوسلو؟
- كومونوتان -جنتان
- جمول حبيبتي .... جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ,اوتوبيا ال ...
- الحركة النسوية الفلسطينية بين الحزب السياسي وعولمية التمويل ...
- الابارتهايد بشع كفكرة، لا تجملوا جدار التوسع والفصل العنصري
- مماحكة ممكنات انبثاق حركة اجتماعية فلسطينية بعد قرن من النضا ...
- وليم نصار نحو فلسطين للتضامن مع سعدات والاسرى ،بعد اطلاق الب ...
- ما استجد باريسيا !!
- لا انفكاكية التنميات
- مع وليم نصار مجدداً-شعرية الفودكا والانتصار للرفيقات .
- ايفو موراليس 444
- لواء الثورة ,الضحية الدائمة,فلا تقتلوه مرتين - مقال حول فلم ...
- إلى د. وليام نصار حول أزمة الثقافة العربية


المزيد.....




- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - نضال حسن - الباستيل لم يسقط بعد، رفيقي جورج لا زال هناك....