أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - هل يستطيع الليبراليون تجديد الإسلام؟!















المزيد.....

هل يستطيع الليبراليون تجديد الإسلام؟!


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3618 - 2012 / 1 / 25 - 21:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانت مسألة تجديد الإسلام الشغل الشاغل لكثير من المفكرين العرب والمسلمين، منذ القرن التاسع عشر الميلادي. ولكن جهود معظم هؤلاء ذهبت أدراج الرياح. ولم تفلح هذه الجهود إلا بالإصلاح والتجديد الضيق جداً. ورغم هذا الإصلاح والتجديد الضيق، الخاص بشؤون المرأة في الدرجة الأولى، إلا أن الإصلاح والتجديد لم يستمرا طويلاً. فعادت المرأة العربية المسلمة إلى سيرتها الأولى، التي كانت عليها في القرن التاسع عشر الميلادي، وعاد الحجاب، والنقاب، ودعوة المرأة إلى لزوم بيتها، وعدم الخروج منه، كما نرى ونسمع الآن، من دعوات السلفيين الجُدد في مصر.

ماذا يعني تجديد الإسلام؟
قبل أن نسترسل في معرفة قدرة الليبراليين على تجديد الإسلام، دعونا نعرف ماذا نعني بعبارة "تجديد الإسلام"؟
الشاعر والمفكر الهندي المعروف (محمد إقبال) كتب كتاباً مهماً، وعلامة بارزة في هذا الموضوع وهو: "تجديد التفكير الديني في الإسلام" وترجمه عن الانجليزية الراحل عباس محمود العقاد. وقد أعجبني في عنوان هذا الكتاب أنه "تجديد التفكير الديني في الإسلام" وليس تجديد الإسلام. فما يلزمنا هذه الأيام حقاً تجديد "التفكير الديني"، تجديداً يرقى إلى تحديات العصر الحديث، وقيمه المنتشرة. ويقول محمد إقبال في مقدمة كتابه مبرراً ضرورة الدعوة إلى تجديد "التفكير الديني" في الإسلام:
"إن الجيل الحديث، بحُكم ما أدركه من تطور، في نواحي تفكيره، قد اعتاد التفكير الواقعي ، ذلك النوع من التفكير، الذي زكَّاه الإسلام نفسه، في المراحل الأولى، من تاريخه الثقافي، على الأقل."

ولكن العربَ أمةٌ عريقةٌ
ونحن – كعرب – أمة عريقة جداً. فهل هذه العراقة سبب نكوصنا الدائم إلى ماضينا، وعجزنا عن قبول التجديد?
فالمفكر التونسي العفيف الأخضر، يؤكد، أن الأمم ذات التراث العريق، تغدو بنكوصها إلى ماضيها المجيد، عاجزة عن قبول التجديد!
فالتراث يستوجب التغيير، والتجديد، والحركة، لكي يستطيع خدمة الحياة التي تستحضره. وإلا، فإنه يصبح تراثاً متحفياً للفرجة، والتذكُّر. والحداثة هي:"الحالة الناتجة عن تطور زمني، يسمح للوضع القائم المتجدد تلقائياً، أن يُعبِّر بشكل أو بآخر، عن روح العصر". كما يقول الباحثان التونسيان، رشيدة وفتحي التريكي.

إشكالية التراث من عوائق الحداثة
إن واحداً من عوائق تقدم الحداثة في المجتمع العربي، وفي الفكر العربي، هو إشكالية التراث، وكيفية التعامل مع هذا التراث.
إنه قدر الأمة العربية، التي يجب أن تتعايش معه حتى تعيش. والهروب منه، هو هروب إلى الأمام. وترتيب البيت معه، أقل عسراً من ترتيب البيت بدونه. وتجديد التراث أقل خطورة من إهماله، وإن كان التجديد، يتطلب وقتاً طويلاً، وثمناً غالياً.
فالتراث العربي، ليس مجرد موضوع ما، وإنما هو محور رئيسي من المحاور، التي دارت حولها إشكاليات سياسية، واقتصادية، وفكرية، واجتماعية كثيرة، ومنها إشكالية الحداثة. فقد ظـل الفكر العربي حائراً، تائهاً، ملتبساً، غامضاً، متردداً في تعامله مع التراث.

ما هي خطوات تجديد "التفكير الديني"؟
إن التجديد في "التفكير الديني" يعني اتخاذ الخطوات الفعلية التالية:
1- أن يتولى المثقفون قضية تجديد التفكر الديني، والليبراليون خاصة، لعمق ثقافتهم، وتنوعها، واتساع أفقها. فوظيفة المثقف الحر، في هذه الحالة، الدفاع عن الحقيقة ضد الغوغاء (الجماهير)، وعن العقل ضد النقل، وعن التفكير ضد التكفير، وعن التجديد ضد التقليد، وعن الحداثة ضد القدامة، وعن الصيرورة ضد الاستمرارية، وعن المتغيرات التاريخية ضد الثوابت العابرة للتاريخ؛ أي الصالحة زعماً لكل زمان ومكان، وعن التقدم المعرفي والاجتماعي ضد التمسك السقيم العقيم بما قبل العلم وقبل التاريخ، وعن ضرورة نقد الذات لجعلها معاصرة لعصرها ضد تمجيد الذات النرجسي المتخلف والمُخلّف للوعي، وعن الانتماء فكراً ووجداناً للقرية الكونية ضد الانطواء الفصامي على الهوية. وأخيراً، الدفاع عن الحضارة ضد السقوط في الهمجية.
2- أن يكون المدخل الوحيد للإصلاح هو "التجديد الديني" في المواد، والمناهج، التي تتعلق بمقرّرات المدارس، والحوزات، والجامعات الشرعية، التي تلقن التعليم الشرعي، أو التجديد في مواضيع المعارف، ومناهج التربية في التعليم العام، بما يناسب مقتضيات واقعنا، وخصوصياتنا الحضارية. وضوابط التجديد، ومناهجه، وأهل اختصاصه، مدوّن ومعلوم في عقول العلماء الثُقاة، أو أهل الاختصاص من أهل الذكر.
3- أن لا يخضع الإصلاح والتجديد للدعوات الخارجية، إلا بالتوافق العرضي غير المقصود. ويجب أن نتعظ بقول الساسة الأمريكان أنفسهم، قبل أكثر من ربع قرن بأن "من يتدخل في مناهجنا الدراسية، سنعتبره بمثابة إعلان حرب علينا". ولهذا، يصبح التحدي الأول لأي نقاش في هذه القضايا، هو كيفية عزل مسألة، الضغوط الخارجية الأميركية عن الضرورات الملحة، للمضي قدماً في طريق التجديد الفقهي الإسلامي، انطلاقا من حاجات مصيرية ملحة، نابعة من داخل المجتمعات العربية والإسلامية، تتطلبها مقتضيات التطوير العصري والنهوض الحضاري. لأن الاستسلام لفكرة أن الحديث عن التجديد في "التفكير الديني" باعتباره مؤامرة أميركية ضد العرب والمسلمين، يؤدي إلى الوقوع في فخ إنكار الحاجة إلى التجديد الديني، وتأجيل الخوض في هذه القضية لآجال طويلة غير معلومة، مما يساهم في تفاقم المأزق الحضاري العربي الإسلامي لعقود طويلة قادمة، ربما تؤدي إلى خروج العرب من التاريخ، أو بالأحرى الخروج من المستقبل. فتزداد الأوضاع العربية سوءاً وتأزماً، بدلاً من المسارعة إلى تبني خطط الإصلاح والتجديد في كل مناحي الحياة، في المجتمعات العربية والإسلامية، كما يقول الأكاديمي السعودي عبد الملك سلمان ("العرب بين التجديد الديني والإصلاح السياسي".)
4- وأخيراً، أن تبتعد الأصولية الدينية عن (اللغوصة) في قضية تجديد "التفكير الديني" في الإسلام، حيث أن الأصولية تعني هوساً بالنقاوة؛ أي نقاوة العرق، ونقاوة الهوية، ونقاوة اللسان من اللحن والدخيل من الألفاظ، ورُهاب التطور والتجديد.
وإذا أردنا الاستفادة من العولمة المستقبلية في العالم العربي، فعلينا العمل على تعميق الحس النقدي، والحض على الابتكار والتجديد.

شهادة العقاد في قدرة الليبراليين
يُقرُّ الراحل عباس محمود العقاد في كتابه : "الإسلام في القرن العشرين.. حاضره ومستقبله" أن الليبراليين هم الأقدر على تجديد "التفكير الديني" ويأتي بمثال المؤرخ البريطاني آرنولد توينبي، والباحث البريطاني جب Gibb أستاذ العربية والدراسات الإسلامية في جامعة اكسفورد، الذي يقرُّ – هو الآخر - ويعترف بأن "تجديد التفكر الديني" في الإسلام، يبدأ من جانب الليبراليين. وأن التجديد ينتشر في العواصم - - حيث يقيم الليبراليون – وقلما يسري التجديد في الأقاليم. ويقول الباحث والأكاديمي ولفرد كانتول سميث أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة "عليجرة" الهندية، بأن دُعاة التجديد، أثبتوا قابلية الإسلام للتحضر، والتمدن. ("الإسلام في القرن العشرين"، ص 119). كذلك فإن كتاب تريتون Tritton ، أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة لندن أكد، أن ليبراليين كمحمد إقبال الهندي والشيخ محمد عبده المصري، هما أقدر من غيرهما على هذا التجديد (ص120).



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبراليون والتيار الديني.. معاً على الطريق!
- إن المثقفين لفي ضلال مبين!
- ولكن.. ماذا بعد؟!
- كيف نقرأ الملهاة السياسية الأردنية؟
- هؤلاء أعداء الثورة السورية
- من هم المميعون للثورة السورية وما مصلحتهم؟
- -الولاية العامة- كما يفهمها الثوار الأحرار
- لماذا النظام السوري من أقوى الأنظمة الدكتاتورية؟
- ضرورة محاسبة السواطير لا النواطير فقط!
- علي بابا والأربعون حرامياً
- المثقفون والثورة
- امسك حرامي!
- عقلانية الخليجيين ورعونة الأردنيين
- النظام السوري في النزع الأخير!
- نعم: لا تنتخبوا العَلْمانيين في مصر!
- -سيّدنا-: لا فُضَّ فوك!
- تحديات الثورات العربية وعقباتها العظمى!
- -الأسد- ملك في غابة من الرمال اللاهبة!
- هل أصبحت حماس ورقة التوت الأردنية؟
- الخرافة: تحوُّل ذئاب دمشق الى حملان في لحظات!


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - هل يستطيع الليبراليون تجديد الإسلام؟!