أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حميد حران السعيدي - حكايات من زمن البسبس ميو... 11















المزيد.....

حكايات من زمن البسبس ميو... 11


حميد حران السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3617 - 2012 / 1 / 24 - 20:46
المحور: كتابات ساخرة
    


ما ان جلس أبو كريم بعد ان أوصله حفيده ـ الذي أصبح دليله لأنه ابتلى بضعف البصر ـ حتى رفع الشيخ صوته موجها ً التحية المعتادة بعد السلام (الله بالخير أبو كريم) ,ردها العجوز باحترام وأكمل حمد لله على السلامة (محفوظ) متى جئت من بغداد ؟
ـ ليلة البارحة وهناك صادقت ابو علي المعلم صاحبك وقد سألني عنك كثيرا ً وهو يخصك بالسلام
ـ وعليكم السلام .. وكيف حاله وما هي إخبار ابنه سلام خارج العراق ؟
ـ لم اسأله عن ذلك وقد صادفته في حفلة زواج دُعيت لها, وقد ظهرت عليه علامات التقدم بالسن ونسي أسماء أكثر أهل القرية, سألني عنك وعن أولادك والمرحومة (ام كريم) والمرحوم (عجيل)الذي كان معكما أيام [إصلاحكم الزراعي] .
ابا كريم عرف ان الأمر سيدخل فيما لا يريد الخوض به, فهو يعرف طباع محدثه ويستطيع تقدير ما يسمع منه, شماتة وسخريه سيُظهر فيها غوائل حقده, سيتذكر عملية توزيع الأراضي العائدة لوالده على الفلاحين, وسيصب جام غضبه عليه لأنه آخر الأحياء من أعضاء الجمعية
الفلاحية التي أشرفت على التوزيع, ومما يعزز حدسه ان الرجل قد ذكر (ابو علي) معلم القرية الذي كان رأس الحربة في تلك العملية التي ما زالت تؤذي ذاكرته رغم انه كان صغير السن آنذاك, سأل الله في سره ان يكتفي هذا الرجل بهذا القدر لأنه لا يريد ان يدخل معه في سجال لا يقدم ولا يؤخر, سيما وان الطبيب قد منعه من التشنج والعصبية بعد ان شخص إصابته بمرض (تصلب الشرايين). قطع الشيخ سلسلة أفكار العجوز عندما سأله : ما الذي استفدتموه من توزيع أراضينا ؟ ولماذا أردتم إذلالنا ؟
تظاهر ابو كريم باللامبالاة رغم ما ظهر على قسيمات وجهه من إمارات القلق والاضطراب, تشاغل عن الجواب بسؤال الشخص الذي يجاوره في المجلس فيما إذا كان حفيده قد جاء ام لا .. وكم تمنى ان يأتي ليصحبه الى البيت ويكفيه مالا تحمد عقباه, فقد أصبح لا يستطيع العودة الى البيت بدونه بعد نزول (الماء الأسود) في عينيه .. سكوته أغرى الشيء بتوجيه المزيد من الأسئلة و بنبره أكثر حده ممزوجة بشيء من السخرية : أين ذهب زعيمكم الأوحد ؟ والأرض إلا ترون ما حل بها بعد ان كانت عمار ؟ اخذ الرجل الغريب الجالس الى جوار الشيخ على عاتقه رد الجواب فقال له زعيمهم عاقبه الله في الدنيا وبالآخرة والأرض حرمهم الله من منافعها فأصبح نبتها لا يصلح حتى للمواشي.
رفع ابو كريم رأسه متجها ً صوب الشخص الغريب راكزا ً نظارتيه محاولا ً التمعن به, لم يستطيع تمييز وجهه ولكنه حدس في سره انه لابد وان يكون واحد من الذين تضرروا من الإصلاح الزراعي وانه من شيوخ المناطق الأخرى وقد رافق الشيخ في رحلة إيابه من بغداد, لذا فقد عقب بهدوء(محفوظ يكفينا ما نسمعه من شيخنا, إما أنت فتستطيع ان تتشفى بأبناء عشيرتك الذين استولوا على أراضيكم) ... وهنا علق الحاج ثامر (العتب على النظر يا ابو كريم, الذي سمعته ليس غريبا ً انه من أبناء القرية)
ـ لكني تصورته احد أصدقاء الشيخ من مشايخ المناطق الأخرى وقد جاء مصاحبا ً له من بغداد .
ـ فعلا ً جاء معه من بغداد, لكنه كما قلت لك من أبناء المنطقة وأنت تعرفه حق المعرفة .
ـ من هو ؟ ـ انه (عبد الله ابن محسن آل شاتي)
ـ وقع جواب الحاج ثامر على رأس ابو كريم وقع ألصاعقه ... أعاد الجواب على الحاج ثامر
ـ قلت لي انه عبد الله بن محسن ... قال ذلك بعد ان شحب وجهه وإصابته نوبه من الارتعاش بدت واضحة على يده اليمنى حين امسك بنظارته.
ـنعم انه هو ... هل نسيت ؟
ـ لا لم أنسى, ولكني أردت ان أتأكد فقط, أردت ان اعرف هل ان الذي شتم الزعيم وشمت بجدب الأرض هو هذا الشخص !!
ـ بلى, انه هو وأنت تعرف إنهم سكنوا في بغداد منذ 1989 بعد ان مات والدهم وباعوا الأرض وهو قد تطوع بالجيش.
شخصت إبصار الجميع نحو العجوز وهم يلاحظون ما اعترته من نوبات ارتعاش وشحوب, وتعجب الجميع من صمته الذي لم يطل, فتوجه نحو الشيخ وبأعلى ما يمكن ان يرفع به الصوت قائلا ً: من حقك ان تشتم الزعيم ومن حقك ان تقول ما تريد قوله عن الإصلاح الزراعي والجمعية وعني وعن ابو علي المعلم لأننا وزعنا أراضيكم, فما حصل لكم بعد ذلك من سحب الامتيازات وحرمانكم من بعض أمجادكم كان صعبٌ تحمله عليكم, لقد انقلبت حياتكم بعد تطبيق هذا القانون وتناقصت إيراداتكم وتمردت عليكم (الخدم والحشم)
ومن كان يستظلُ بظلكم, اكرهني واكره جماعتي الذين اشتركوا معي في توزيع الأرض ما وسعك ذلك ... ولكن لا تتصور إننا أردنا إذلالكم كما قلت, إننا أردنا ان نأكل من ثمر أتعابنا وهذا هو ملخص الموضوع, لقد تحملت شتمك للزعيم وثورته عشرات المرات في زمن النظام السابق, لان رجال ذلك النظام كانوا يفتخرون بأنهم قتلوه, وان الرد على جنابك في ظل سلطتهم كان انتحار , إما الآن فبإمكاني ان أرد عليك, لكني لا أمنعك من شتمه بعد ان سمعت من هذا (الكلب العقور) ـ وأشار الى عبد الله بن محسن ـ ما سمعته من شماته بالثورة وزعيمها ... وهنا قاطعه الشيخ بحده ما هذا يا ابا كريم ؟ لا اسمح لك ان تشتم ضيفي .
ـ انه ليس ضيفك, فهو ابن المنطقة, انه من الذين تحملت منك بسببهم مالا يحمله مثلي, هذا الرجل كان ثمره من ثمار الزعيم, لكن يبدو انه أصبح ثمرة (حنظل) فالحاج ثامر وعبد علي ومجباس والكثير من الحضور يعرفون ان والده رحمه الله قد كان له رغبه بوالدته, وقد خطبها أكثر من مرة وكان أبوها يرفض تزويجها منه لأنه لا يستطيع ان يوفر لقمة العيش لها ... وحين وزعت الأرض بعد صدور القانون أصبح محسن آل شاتي من بين الفلاحين الذين حصلوا على الأرض وعندها فقط
رضي (ابو سعديه) ان يزوجه ابنته, وكان هذا (الحيوان الجالس الى جانبك) هو أول مواليدها, واذكر انه ولد في يوم جرح الزعيم, حيث ان أبوه لم يرافقنا للمدينة لان زوجته كانت في حالة طلق (ويا ريتها ما ولدت), وحين عدنا في اليوم الثاني بشرناه بسلامة الزعيم, فقال مسرورا ً (الفرحة فرحتين فأنا صار عندي ولد) أتدري يا شيخ :- لو كان أبوه حيا ً وسمع منه ما سمعت لقال له (تف يا ابن الحرام) ـ تعمد ابو كريم ان يوجه فمه نحو عبد الله عندما بصق ـ ثم نهض وتعثر بطرف ثوبه, كاد ان يسقط على الأرض بعد ان فقد القدرة على تمالك أعصابه وأصبح جسمه كله مرتعشا ً, هب بعض الموجودين لنجدته أعانوه على الوقوف وهو يتوجه نحو باب المضيف قائلا ً (المضيف الينشتم بيه الزعيم حرام ينطب)...






#حميد_حران_السعيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات من زمن البسبس ميو ... 10
- حكايات من زمن البسبس ميو...9
- حكايات من زمن البسبس ميو......6
- في ليله عيد الميلاد
- الليبرالية و الربيع العربي
- محنة هوية ..... أم أزمة ثقة
- حكايات من زمن البسبس ميو ........ 8
- لست بحاجة لشهادتك
- حكايات من زمن البسس ميو.....7
- حكايات من زمن البسبس ميو-5-
- حكايات من زمن البسبس ميو (4)
- حكايات من زمن البسبس ميو 3
- حكايات من زمن البسبس ميو -2-
- حكايات من زمن البسبس ميو (1)
- انهيار الاصنام
- مارشال اسلامي
- ارحمونا يرحمكم الله
- دور المثقف في مواجهة الاخطاء
- ولكم في تساقط الدكتاتوريات عبر
- ما الذي قاله الهلالي في حديث الكف


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حميد حران السعيدي - حكايات من زمن البسبس ميو... 11