أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - نصوصنا السماوية نحترمها... لكنها بشرية 2














المزيد.....

نصوصنا السماوية نحترمها... لكنها بشرية 2


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 3617 - 2012 / 1 / 24 - 19:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تمر علي اوقات اتساءل فيها، ماذا سيحدث لو نزل الرسول الكريم إلينا، وتحدث مع مَن نصبوا انفسهم حماة للدين في مجتمعاتنا، وقال لهم: "لا. ليس هذا الدين كما اردته. لم أقل ذلك. تلك الأحاديث لا صلة لي بها".
أتدريان كيف كانوا سيردون عليه؟
انظرا إلى طريقتنا في الحوار اليوم، إلى طريقتنا في التعامل مع الدين، ثم الحديث عن الدين، و إسألا نفسيكما، كيف كان سيكون ردهم؟
أكاد أجزم أنهم سيقولون له: "بل كفرت!"
سيقولون للنبي الكريم: "كفرت".
فكل من يناقض طريقة رؤيتهم للدين يصبح "كافر". حتى النبي نفسه!
هل لاحظتما كيف كانت ردة فعل السلطة الدينية في السودان على تصريحات الشيخ الترابي عندما افتي بجواز صلاة الرجل والمرأة جنباً لجنب في المسجد، وحضور المرأة مراسم الدفن.
لست في حاجة إلى فتوى كي أدرك أن فعل ذلك أمر طبيعي.
فكلانا، رجلاً وإمرأة، إنسان!
تماماً، كما أني لست من معجبي الشيخ الترابي، خاصة وأني لم انس له موقفه من المفكر السوداني محمود محمد طه، والذي مهد الطريق لإعدامه في الثمانينات.
لكني رغم ذلك لم اتمالك من التعاطف معه عندما كفروه.
أي والله كفروه.
الرجل لم يقل إنه يكفر بالله او برسوله.
كل ما قاله إن هناك عادات اتخذت مع الوقت قدسية وإن هناك إمكانية لتغييرها...
لكن هؤلاء، من نصبوا انفسهم حماة للدين اليوم، حولوا تفسيرهم هم للدين إلى صنم.
صنم يعبدونه.
يعبدونه هو.
لا الله.
لأن الله عزيزي القارئ عزيزتي القارئة ليس هدفهم.
الله أيها العزيزان لا علاقة له بما نتحدث عنه هنا.
فأنا لا أتحدث عن الإيمان بالله من عدمه.
أنا أتحدث عن طريقة للتعامل مع الدين، تحولت مع الوقت إلى صنم، لا نستطيع المس بها دون أن نتحسس رقابنا خوفاً عليها.
ولأني مدركة لذلك أكمل معكما حديثي عن نصوصنا السماوية، التي نحترمها، لكن هذا لا ينفي عنها صفة البشرية.
كتبها وجمعها ودونها بشر.
سأكرر هذه العبارة كثيراً. إلى أن تفقد هالة الخوف التي نحيطها بها.
لأن الخوف يلجم العقل. ونحن نعيش في مرحلة لا يصح فيها الخوف. كي نستحق أن نحيا، علينا أن نكسر جدار الخوف.
لذا إسمحا لي أن أبدأ بالأحاديث النبوية أولاً.
وكي أبدأ سأقص عليكما حكاية.
حكاية حقيقية. فلا تستعجلا. ثم لا تتململا.
فحديثي معكما طويل.
---
في البدء كانت الكلمة.
والكلمة كانت إنسان.
والإنسان هو المحبة.
----
لازلت اذكر تلك التجربة.
في محاضرة في الجامعة.
طالبة بكالوريوس في العلوم السياسية، تخصصها الفرعي الإدارة العامة.
أستاذنا في إحدى مواد تخصص الإدارة العامة، كان نوعاً فذاً. يبتعد عن التلقين، ويحثنا على التفكير.
وأراد أن يؤكد لنا أهمية وضوح المعلومات وشفافيتها في أي منظمة. أراد أستاذنا الفاضل أن يظهر لنا كيف تتحول المعلومة بقدرة قادر إلى إشاعة لا علاقة لها بتفاصيلها الأولى. أراد أن يظهر لنا كيف يمكن لمعلومة تتناقلها الشفاه أن تتحول إلى مشكلة بالنسبة لأي منظمة.
طلب من تسعة طلاب وطالبات الخروج من قاعة المحاضرة. ثم اختار أحد الطلاب، وقص عليه حكاية.
عن حادثة سير.
ثم طلب منه أن يحكي القصة نفسها إلى أحد الطلاب التسعة.
الطالب التاسع حكي ما سمعه للطالب الثامن، والطالب الثامن قص القصة على الطالب السابع، والطالب السابع حكى القصة للطالب السادس، والسادس للخامس، والخامس للرابع، والرابع للثالث، والثالث للثاني، والثاني للأول.
كل واحد من هؤلاء لم يسمع ما قيل للأخرين. فقط ما قاله له الشخص الذي تحدث إليه.
بين الدكتور والعشرة طلاب وفي ظرف ثلاثين دقيقة تحولت حادثة السير إلى جريمة قتل. وجريمة القتل دخلت فيها تفاصيل حولتها بقدرة قادر إلى نص يصلح لفيلم بوليسي.
هل تعمد هؤلاء الكذب؟
لا.
كان عليكما أن تريا وجوههم بعد أن استمعوا إلى تفاصيل القصة الأصلية.
لكنهم سمعوا قصة، وكل منهم اضاف إليها قليلاً، وحورها قليلاً، حتى تغيرت كثيرا، لتتشكل وتأخذ صورة أخرى. لا علاقة لها بالقصة الأصلية.
لا علاقة لها بالقصة الأصلية.
تلك المحاضرة ظلت حاضرة في ذهني. ليس فقط لأهميتها فيما يتعلق بإدارة المنظمات. فانتشار إشاعة يمكنه بالفعل أن يتحول إلى كارثة بالنسبة للمنظمة.
لكنها ظلت عالقة في ذهني لسبب اخر.
تساءلت يومها، إذا كانت القصة قد تغيرت أمام عيني خلال ثلاثين دقيقة، فكيف لي أن أصدق الأحاديث المروية عن الرسول الكريم؟
كيف اصدقها وأنا أعرف أن تدوين الأحاديث النبوية وسيرة النبي الكريم، لم يبدأ إلا بعد قرنين من وفاته؟
بعد مائتي عام من وفاة الرسول دونت الأحاديث.
فكيف اصدقها؟
عاد إلي السؤال من جديد عندما سمعت بخبر منع كتاب الباحث إبراهيم فوزي "تدوين السنة" في دولنا العربية.
وتساءلت من جديد، لمَ يمنعوا كتاباً بحثياً إذا كانوا واثقين من أنفسهم؟
شنوا حملة شرسة على باحث أكاديمي، ومنعوا كتابه.
كالكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطي.
لكننا نلجأ إلى نفس الأساليب في القرن الواحد والعشرين؟
ولذا تساءلت من جديد، ماذا لو أن رسولنا الكريم نزل إلى هؤلاء، وقال لهم." لا، لم أقل تلك الأحاديث".
ولذا أكاد أجزم أن ردهم كان سيكون صراخاً.
يزعقون في وجهه الكريم: "بل كفرت".
"بل كفرت".
"فنحن أدرى منك بما قلته".
----
في المقال القادم أحدثكم عن كتاب "تدوين السنة" للباحث إبراهيم فوزي.
موعدنا الأسبوع المقبل.



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوصنا السماوية نحترمها... لكنها بشرية 1
- أحلامنا .... نحن من يحققها
- حرية بدون -ولكن-!
- إنسان حر 15
- للمرة الألف، الهوية إنسان! (14)
- إسلامٌ -جديد-
- يوم دفنت أبي... مع أخي
- أخلعي الحجاب!
- الهوية إنسان 12 (ب)
- الهوية إنسان 12 (أ)
- كيف أؤمن بالله؟
- مواطنون لا ذميون 10
- إلهام مانع في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: افاق التغي ...
- الشريعة تنتهك حقوق المرأة 9
- قانون مدني علماني عادل
- الشريعة ليست عادلة 7
- -معاً مع حسن البنا ضد الحداثة-!
- الوطن... الإنسان!
- أمة تكره؟
- لأن الأمة لم توجد قط!


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - نصوصنا السماوية نحترمها... لكنها بشرية 2