أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرزاق عيد - العلاقة بين مفهوم الثورة والجهاد في الثورة السورية















المزيد.....

العلاقة بين مفهوم الثورة والجهاد في الثورة السورية


عبد الرزاق عيد

الحوار المتمدن-العدد: 3616 - 2012 / 1 / 23 - 08:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شكرا لكل المحاورين لموضوع العلاقة بين مفهوم الثورة والجهاد على مداخلاتهم التي تعكس اهتماما حقيقيا صادقا ومخلصا بشأن مستقبل ثورتنا السورية المباركة... لكن لابد من بعض التعليقات والتعقيبات على ما ورد.
إن كثيرين يعتبرون أن الدعوة إلى شعار الجهاد يمثل الأغلبية الشعبية ، وهذا غير دقيق ، لأننا في سوريا منذ الثورات الوطنية الكبرى في العشرينات، مرورا بحروبنا مع إسرائيل، لم تسم هذه الحروب بـ(الجهاد) بل بحروب التحرر الوطني، وصولا إلى حربنا اليوم ضد عصابات الاستيلاء الأسدي التي هي الأشد وطأة في تاريخنا الحديث والقديم، حيث الثورة السورية اليوم تستحق حكم (جهاد الدفع) الذي تم الإجماع فقهيا على أنه "فرض عين"، في حين أن (جهاد الطلب) هو "فرض كفاية"، وذلك لأنه يطلب العدو في أرضه... بالإضافة إلى معطى إجرائي أظهره حوارنا هذا، حيث أن المؤيدين لوجهة نظرنا بأن مفهوم (الجهاد) يحور مفهوم (الثورة) من تناقض بين الحرية والاستبداد إلى مفهوم التناقض بين الكفر والإيمان، بلغ حوالي من 516 مؤيد، بينما المحاورين بين مؤيد ومعارض لم يتجاوز عددهم ال143 ...وهذا يعطي مؤشرا أوليا حول مستوى الوعي السياسي المدني السوري ، ومؤشرا على عدم دقة اعتبار أن الشعارات التي تمالئ الوعي العام الساذج باسم الدين أو القومية هي الكاسبة والرابحة ...
لكن حكمنا هنا القائل بأن ثورتنا تتجاوز كل الصيغ الفقهية لتصنيفات الجهاد، هو حكم مجازي تمثيلي نعتبر من خلاله أن بشاعة هذا النظام تتجاوز بشاعة الاستعمار والعدو الخارجي، فهذا القول يغدو بذلك حديثا في مجال معياري وليس في مجال إجرائي. ولهذا كان لا بد أن نتوقف عند السياق التاريخي للمصطلح (علميا-بحثيا ) وليس معياريا مجازيا، مع ذلك لن نطيل في هذا الأمر الذي فصلت فيه وفرعت علوم أصول الفقه... هذه العلوم بمجموعها تتمركز حول كلمة الجهاد باعتبار موضوعه هو (الحرب مع عدو خارجي) خارج العقيدة وخارج الوطن، وذلك قبل ولادة مصطلحات الوطن والأوطان، أي الحرب ضد عدو يقاوم الدعوة الإسلامية وانتشارها...... فإن من آمن ودخل الإسلام فقد سقط عنه واجب الإخضاع بالجهاد فهل هذه حالنا مع النظام الأسدي ...؟ حيث لو آمن آل الأسد وشبيحتهم بدعوة الثوار –الذين والأمر كذلك علينا أن نسميهم المجاهدين- هل يسقط عنهم واجب إسقاط النظام بالجهاد ...؟ أي في حالة الانتقال المذهبي لبيت الأسد و ناصيف وشوكت إلى المذهب الديني لمحمد سعيد بخيتان الداعي لقتل نصف الشعب السوري لإخضاعه ...فهل نتوقف عن الدعوة إلى إسقاط النظام ؟
وهناك السياق السياسي لمفردة (الجهاد)، وهو قول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر، إذ يجب مقاومته بالجهاد عبر قول كلمة الحق بوجهه، وذلك بالنسبة لبعض الفقهاء، وبالنسبة للبعض الآخر كالبوطي (أن تطيع الأمير أو ولي الأمر ولو سلخ جلد ظهرك) ... ولعل الفقه السلطاني في العصور الوسطى بعد القرن الرابع الهجري الذي حدثنا عنه أحد الأصدقاء بحنين وإعجاب وتقدير، قد تعاظم هذا الفقه السلطاني الذي راج رواجا واسعا طمعا في خبز السلطان الذين سماهم الإمام الغزالي بـ(فقهاء السوء)، لأنهم أحلوا علوم الدنيا محل علوم الآخرة، حيث علوم الآخرة هي علوم المكاشفة وعلوم المعاملة، وعلوم المعاملة هي بدورها علوم القلب الذي هو خارج ولاية الفقيه وفق تعبير الإمام الغزالي ...الذي عوّل – تصوفيا- على جهاد النفس (مجاهدة النفس الأمارة بالسوء) لتهيئيها ذوقيا لعلوم المكاشفة... وبهذا نستطيع الاستنتاج بدون إطالة القول: أن الجهاد بمعنى الحرب كان يعني دائما (المقاومة الخارجية دفاعا عن العقيدة)، أما الدفاع عن العقيدة داخليا فلا يستدعي فعل وتسمية الجهاد... ولذا فحروب الردة ضد المرتدين في الداخل لم تسم (جهاد الردة) ...
نحن هنا في سياق الثورة السورية علينا أن نتحدث بلغة السياسة المدنية والحقوقية والدولية والعالمية، أما إذا أردنا أن نتحدث بلغتنا الثقافية الوطنية، فان الإسلام يشكل العنصر الأساسي لمكونها التاريخي ...عند ذلك فنحن ندخل في الشأن الذاتي للهوية الوطنية وخصوصياتها التداولية التي لا يمكن تعميمها على مستوى الموقف الثوري الوطني العمومي، بأن نسمي أحد أيام الجمعة بيوم (الجهاد) لأنا بذلك سننتقل من الخاص الثقافي الإسلامي إلى العام الكوني الوضعي المدني (القانون الدولي) غير المعني حقوقيا وقانونيا بخصوصيات الثقافات (الدينية والمذهبية) للشعوب والأمم، إلا من منظور إنساني إجرائي حقوقي وقانوني (عالمية حقوق الإنسان)، حيث عالمنا الذي يصغر يوميا أصبح ذا حساسية إعلامية تواصلية مذهلة... فما أن تطلق دعوة من هذا النوع إلا وخلال دقائق تطفق الوسائل الإعلامية تتناقلها وتحللها عبر جيش من المحللين والخبراء... حيث كلمة (الجهاد) اليوم تتداول بصيغتها العربية في كل لغات العالم لتشير في السياق الغربي إلى دلالة محددة اليوم ترمز لها القاعدة وطالبان... هذا ما قصدناه عندما تحدثنا عن الجهاد الذي يحيل إلى ثنائية (فسطاط الكفر والإيمان - دار الإسلام ودار الحرب..) أي بالضبط ما يريده العدو العصاباتي الأسدي منا أن نكون وجه الأصولية السلفية لوجهه العلماني الحداثي المدّعي لكسب التأييد العالمي ضد شعبه الأصولي !!! ...
أما على المستوى الذاتي الخاص بذات الوطن والأمة، فمن حق أي فرد أو مواطن أن يواجه عصابات النظام الأسدي على طريقته ووفق قناعاته وثقافته ومذهبه ...أي من حق أي واحد منا أن يختار العنوان الذي يتناسب مع مكوناته الثقافية والقومية الدينية والمذهبية بوصفه عنصرا تعبويا تحريضيا مجازيا معياريا لخوض معركته في سبيل الحرية والتحرر من الاستبداد والاستعباد..
بالنسبة لي –شخصيا- فسأروي هذه الواقعة– الطرفة، فقد سبق أن أرسلت إلى الشهيد السوري الكردي الكبير الشيخ معشوق الخزنوي قبل تصفيته على أيدي الجلاوزة الأمنيين القتلة رسالة شفوية مع أحد الأصدقاء الأكراد، بأن يفتي ببشرى إلهية لكل الذين حطموا تمثال الطاغية الأسد في القامشلي من الأخوة الأكراد بأنهم يستقون لقب (الجهاد)، وأن الله يبشرهم بثواب أكبر من ثواب أسلافنا الذين أسقطوا الأصنام يوم فتح مكة، لأن أسلافنا أسقطوا أصناما لا تضر ولا تنفع... بينما هم شبابنا الأكراد بالأمس وشبابنا العرب اليوم أسقطوا ويسقطون شيطانا (أسديا: الأب والابن) شريرا من أبشع وأنجس الشياطين الذين عرفهم التاريخ الإسلامي، وعلى هذا فإن الله (سيعفو عنهم ما تقدم من ذنبهم وما تأخر...)
إذن يجب أن نميز بين الخاص الثقافي الوطني والقومي والعام الفكر العالمي والإنساني، حيث ضرورة أن نتجنب أي تعارض بين منظومتنا للحرية والكرامة الإنسانية مع المنظومة القانونية الدولية لحقوق الإنسان العالمية، لنستطيع المزيد من العزل الأخلاقي والقانوني لمجرمي النظام وطغمه وشبيحته رغم معرفتنا ببطء مسار مسائل الحقوق الدولية ... لكني أقول وفق خاصنا الثقافي الوطني والديني بأنني على يقين بأن شهداءنا اليوم لهم من الثواب أضعاف ما للمجاهدين (جهاد الطلب أو جهاد الدفع) من أجدادنا من السلف الصالح المجاهد، وذلك لأن (مجاهدينا) اليوم المقاتلين في سبيل الحرية لا يدافعون عن العقيدة فحسب، بل يدافعون عن الشرف والعرض والكرامة مالا نعرفه من العدو الخارجي الاستعماري والصهيوني، و يزودون عن حياة النساء والأطفال، وفي مواجهة قتل الأطفال والجرحى في المستشفيات ما لم نعرفه من عدونا الصهيوني ...يجاهدون دون مالهم وكرامتهم ..وكل ذلك جهاد أكثر كلفة اليوم على يد العصابات الأسدية مما لم نعرفه في حروبنا مع العصابات الصهيونية ...
إذن فالخاص الثقافي الديني والقومي حق ممارسته مشروعة لكل الشعوب، فالحديث عن (الشهادة والجهاد) وهي مفردات خاصة بهويتنا لا ينبغي علينا أن نفرضها كلغة حقوقية وقانونية عالمية ودولية كمواقف مشهرة ومفروضة على الثقافة السياسية الإنسانية والفكر العالمي، ونطالب العالم أن يتضامن معنا وفق قوانينا الثقافية بل وفق قانونياته العالمية وقيمه الكونية، فذاك حق له، كما حقلنا التداولي حق علينا دون فرض أو إكراه... فبإمكاننا أن نتحدث عن الشهادة والجهاد بوصفها مفرداتنا التي ليس لها مواز باللغات الأجنبية، وذلك في مجالس عزائنا وأفراحنا وأتراحنا، أو في المساجد والكنائس ودور العبادة... حتى ستالين الأشد تطرفا في العلمانية التي تبلغ حد الإلحاد ..فإنه حضّ على استثمار الكنيسة الأرثوذكسية كنيسة الشعب الروسي في الحرب العالمية الثانية..
لكنه على مستوى الخطاب الدولي والعالمي، كان عليه أن يحاور بلغة دنيوية - مدنية - حقوقية ، ولهذا فمن حق شبابنا المسلم أن يستشهد (جهاديا) بوصف الجهاد قيمة تعبوية في الإسلام ، لكن دون أن نفرض على العالم مفاهيمنا عن الجهاد أو الشهادة، فهي شأننا الديني والتعبدي الذي لا يحق لأحد أن يماري به...
ولهذا فأنا أصوت اليوم لـ(جمعة الجهاد) في مجالسنا ومساجدنا وجنازاتنا وكنائسنا... لكن أن نتجنب ترسيم كلمة الحرية والكرامة عبر (حامل الجهاد) الملتبس الدلالة والمعنى على مستوى الثقافات واللغات العالمية والدولية، بعد أن نسي العالم جهادنا بمعناه العظيم في الماضي لإنشاء حضارة إسلامية ظلت الأعظم خلال أربعة قرون... ولم يبق أمامه من الجهاد سوى المفخخات والتفجيرات الانتحارية، التي تقتل من الأهل أكثر مما تقتل من الأعداء ...وحاشا لمعارك شبابنا الرائعين نحو الحرية، وحاشا لشهدائنا الذين بلغوا ذروة سؤدد الجهاد والمجاهدة بمعناها الإنساني والمدني والحضاري أن نمكن عصابات طغم التشبيح الأمني الأسدي أن يواروا إرهابهم ووحشيتهم خلف اتهام شبابنا الملائكي بالإرهاب...



#عبد_الرزاق_عيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليت الرئيس المنصف المرزوقي كان منصفا مع الشعب السوري !؟
- حول ما جرى معنا في أربيل كردستان
- التكتل الديموقراطي لربيع دمشق
- حول اتهام الشباب السوري الغاضب في مصر بالتشبيح ...!!
- نداء تضامن مع مطالب الثورة السورية الداخلية ب-الثلث المعطل- ...
- حول ممكنات قيام برلمان سوري معارض !!!
- غياث مطر المفترس الحنجرة أسديا... بين - أم سعد- الفلسطينية ، ...
- نقترح سيدة لرئاسة المجلس الوطني الانتقالي المقبل
- -يسألونك - عن خطة طريق برهان غليون بعد إعلان قائمة أنقرة !!!
- -يسألونك- عن عدم ترشحك لمؤتمرات الخارج !!!
- - يسألونك - عن إعلان دمشق ودوره الغائب !!!
- -يسألونك- ماذا تبقى للديموقراطيين المصريين الشباب من الثورة ...
- - يسألونك - عن الرأي في لقاء وفد المعارضة السورية بالخارجية ...
- و(يسألونك) عن مؤتمر الدوحة إن كان مؤتمرا للمعارضة السورية
- كيف يصبح الربيع العربي ربيعا كرديا؟!
- خذلني بنو أهلي (الحلبيون ) عن الفخار بنسبي المخزومي لخالد بن ...
- اتحاد (تنسيقيات) الثورة السورية / وسقوط الخوف من (البعبع) ال ...
- أيها المنشقون اتحدوا
- بيان حول دعوة برنارد هنري ليفي للقاء 4 تموز في باريس
- ما الجديد في مؤتمر سميراميس ؟


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرزاق عيد - العلاقة بين مفهوم الثورة والجهاد في الثورة السورية