أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب ضاهر - ليس وقتها














المزيد.....

ليس وقتها


رحاب ضاهر

الحوار المتمدن-العدد: 1068 - 2005 / 1 / 4 - 11:56
المحور: الادب والفن
    


في تلك الساعة من النهار لم يكن الوقت يسمح للخيال بالتوسع كثيرا ولا لاجنحة الشوق بالطيران فحرارة شهر "اب" تمتص جلدي كعلق وحشي والشمس منكبة على راسي تحاول ان تفجر ابار صراخ محتمل ، حينها لم تكن قد خطرت على بالي لاني قلت حين افترقنا انك نزوة وتحصل مع كل الطلاب على مقاعد الدراسة وعبرت حدود النسيان الى حيث اخترت ان تسافر دوني . وانخرطت انا في عملي ولم يعد يتسع الوقت للذكريات بالانفلات من اوراق الماضي لتوضع على طاولة الحاضر ومعاودة قراءتها، فكيف لمدنية كبيروت تسرق العمر وتصادر الحب كبضاعة مهربة ان تمنح فرصة لذكرى حب له هيئة نزوة ان يتنفس خارج نفق النسيان ؟!!!!!
كيف التقي بك في ممر الذكريات والقي عليك التحية بهدوء وانا اقف يوميا نصف ساعة على الرصيف بانتظار سيارة اجرة لتقلني من "الضاحية" الى مقر عملي في "كليمنصو " وحين استقلها يبدا السائق بتأففه من غلاء البنزين ويشاركه باقي الركاب من عرض وطرح ليومياتهم التي تشبه يومياتي ، ادخل الى مكتبي في البنك حيث تذوي عيني امام شاشة الكومبيوتروتنمحي بصمات اصابعي على مفتاحية واحول عقلي الى الة حاسبة يجب ان لاتخطئ في صرف النقود للزبائن واعود اخر النهار في زحمة السير التي تقتل انفاسي لاضع تعبي تحت الماء الفاتر واغسل غباربيروت عني، هكذا اعيش يوم لبناني بامتياز يوما فوق يوم اكدس النهارات وارسلها الى مستودعات مليئة بالرطوبة والعتمة دون ان اجد دقيقة لاخرج ذكرياتي لاشمسها قليلا حتى لاتتأكل.
ويومها حرارة بيروت في تلك الساعة من شهر "اب " لا تطاق ولامجال لذكريات الحب ان تظهر في ذلك القيظ وانا اقف بانتظار سيارة اجرة تقلني الى عملي . لم يكن وقتها متوقعا ان تمر بي رائحة عطرك (تيد لابيدوس) فتنعش المخيلة وتحرض ذاكرتي على اخراجك من دهاليز الاغفال ، كنت اخاف عليك في تلك اللحظة من "ضربة شمس" فحاولت ان اتوسد وسادة السهو وتأجيل فكرة ان احتضن وجهك بيدي لوقت اكثر اعتدالا واخف ضجيجا فازدحام السير يخنقي وسائق التاكسي لايتوقف عن الثرثرة وكأن الحر لايصل الى لسانه فيجفف ريقه ويستمر في تعديل المراة ليسرق شيئا من وجهي ودخان سيجارة المراة الجالسة قربي يطبق علي واكاد ان اخنقها لكني اروض غضبي واروض خيالي للبقاء معي فأنا مقيدة في مقعدي والمباني تحتجزنظراتي فلاتعود الي ولاتسمح لها بالعبور بعيدا واعصابي تلتف على بعضها كحلزون جائع . ورشة عطر لابيدوس تهاجم ذاكرتي بعنف وقوة كمحفار ينبش في ذكريات مضت وليس وقتها الان .
اهدء من الحاح المخيلة واقنعها ان المكان ضيق لايتسع لعبور ذكريات الحب هنا والطرقات مزدحمة ،اقلب طيفك ذات الشمال وذات اليمين حتى لا تؤذيك الحرارةالمرتفعة وتزعجك ثرثرة الركاب قربي و احاول الهرب من ضوء يحرضني على الطيران.
يعبث السائق بابرة الراديو فياتي صوت لعشق ليس وقته هذه الخنقة فيتأمر على ذاكرتي مع رشة عطر لابيدوس:
"ياقمر يطلع كل مساء من نافذة الكلمات"
تضيق بي بيروت وابحث عن قطرة ماء ، عن طاقة هواء اسافر اليها
وتأخذني الكلمات معها
"وان دخولك في قلبي هو اعظم خبرا في الدنيا"
وانا مقيدة مكاني انادي نظراتي لترتفع بي ،اتسلق طوابق المباني التي ابعدت السماء كثير ا عني. .
"هل عندك شك. . . ..

استمر بالارتفاع بحثا عن بقعة من السماء حاصرتها فوضى بيروت
ويستمر صوت كاظم بمساعدتي. . . ارتفع رويدا رويدا واحس بانفصالي عن جلدي الذي يتراكم عليه غبار بيروت ارتفع واكاد المس وجه السماء
لكن ...
اهوي بسرعة وارتطم بالمباني
ياتي صوت المذيعة تقرا نشرة الاخبار
لبنان بين التمديد والتاجيل
مواجهات بين الفلسطينين وقوات الاحتلال
انفجار في الفلوجة. .



#رحاب_ضاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتنة المرايا 4
- فتنة المرايا
- فتنة المرايا - 2
- فتنة المرايا-1
- سندريلا
- معرض بيروت للكتاب
- ايميلات عشق
- ايميلات عشق لرجل غائبا حتى في حضوره
- المتجردة
- حوار فضائي مع الشاعر سلطان الحداثة
- قارئة الفنجان
- عميلة!!
- سود شراشفنا
- new look
- خطان متوازيان
- أسئلة كثيرة يطرحها خالد غازي في نساء نوبل.. في دراسة عنهن
- مريم نور والنصب البديل
- خالتي ام مرهج
- بيضاء
- لنطفئ شمس بيروت -1


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب ضاهر - ليس وقتها