أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد طلعت - من قبو السجون إلى قبة البرلمان المصري (1) الإخوان المسلمون في عهد مبارك















المزيد.....



من قبو السجون إلى قبة البرلمان المصري (1) الإخوان المسلمون في عهد مبارك


محمد طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 3613 - 2012 / 1 / 20 - 18:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الإخوان المسلمون في مصر تعد إشكالية ذات أبعاد متعددة منها الظاهر ومنها الباطن، ولكنها ظاهرة واضحة كشمس في الحياة السياسية المصرية، برغم وإن اتهمها البعض بعدم الشرعية فى وصفهم لها بالجماعة المحظورة.
تنتشر أنشطة الإخوان المسلمين بشكل متنامي في حياة الشعب المصري حيث تقدم الخدمات التحتية من مساعدات اقتصادية وخدمات طبية وتوظيف الشباب العاطل عن العمل، فضلا عن الدعم الاجتماعي والأعمال الخيرية، مما اكتسبت الجماعة شهرة بين أواسط الشعب المصري خاصة فى الفئات الفقيرة ومحدودي الدخل، حيث توغل فكر الجماعة في هذه الطبقات التي التزمت بمظهرية التدين طمعا في الخير الوفير الذي تقدمه جماعة الإخوان المسلمين للأعضاء المنتسبين لها، فانتشرت في الفترة الأخيرة من عام 2000 إلى عام 2010 ظاهرة النقاب والذقون والجلباب الأبيض احد أهم مظاهر الإخوان المسلمين الشكلية بين سكان الريف المصري وهذا يعد خطوة جديدة تحسب لجماعة الإخوان المسلمين في كسب أعضاء جدد من الريفيين المؤيدين لها، بعد فترة توجس وخيفة من قبل سكان الريف المصري اتجاه جماعة الإخوان المسلمين لنجاح الإعلام الرسمي ونظام مبارك في ربط فكرة الإرهاب بجامعة الإخوان المسلين التي صدقها الريفيون وابتعدوا عن كل من ( بذقن أو نقاب أو من يتحدث فى الدين السياسي)، ويعد هذا مكسب خطير للجماعة إذ نجحت في الوصول إلى سكان الريف المصري وخاصة الفقراء وهذا نتيجة عن نجاح الجماعة في الأساس بتوصيل خدماتها الاقتصادية والاجتماعية لسكان الريف حيث بناء العيادات الطيبة والمراكز الإسلامية المتكاملة من تعليم وحفظ قران ،الخ
وعلى الرغم من انتشار الجماعة في الريف المصري والتي تعد ظاهرة ملفته للنظر فى عهد مبارك إلا أن هذا الانتشار انتشار هش قائم على المنفعة من قبل الأعضاء الجدد المنتسبين للجماعة سواء الريفيون أو سكان المدن طمعا في أموال وفرص العمل التي تتيحها جماعة الإخوان المسلين.
يعد المأزق الحقيقى حاليا فى العشر سنوات الأخيرة الأعضاء الجدد حيث انتمائهم للمال على حساب الدعوة والفكر الديني السياسي الخاص بفلسفة الجماعة. ولعل هذه ضربة قوية على ظهر الإخوان المسلمين فى مصر. قد نجح نظام مبارك في تعقب الكوادر القيادية في الإخوان المسلين بسجن والاعتقال فضلا عن ضرب اقتصاد الجماعة بتصفية أعمال رجال الأعمال المنتمون للإخوان المسلمين ووضعهم داخل سجون مبارك. هذا وقد نجح النظام المباركي في تمييع وتسطيح فكر الإخوان المسلين لدى عامة الشعب سواء في الصفوة أو المثقفين أو العامة من البسطاء والفقراء حيث نجح النظام في رسم صورة(العفريت أو الشبح المدمر) الكذب والتجارة بالدين وإلصاقها في جماعة الإخوان المسلين وعلى مدار فترة حكم الرئيس محمد حسنى مبارك الذى استطاع بربط صفة الإرهاب أو الإرهابي بكل أعضاء جماعة المسلين من أصحاب الذقون والجلباب الأبيض ورسم صورة مشوه عن كل من يرتدى هذا ويتحدث فى الدين بفضل الإعلام المصري التابع لنظام مبارك حيث لم تخلى جريدة مصرية من مقال أو صورة يومية تشهر بالإخوان المسلين وكل من ينتسب لهم. وعلى هذا فقد ترسخ فكر يقيني عند كافة الشعب المصري بان الاقتراب من جماعة الإخوان المسلين كما الاقتراب من قنبلة على وشك الانفجار!
هذا وقد نجح أيضا النظام المباركى فى تحجيم الإخوان المسلين وإظهارها أمام العالم بأنها جماعة محظورة وغير مرحب بها من المصريين كما يلصق النظام دائما كل جرائم الإرهاب والعنف فى مصر إلى أعضاء الإخوان المسلمين. فضلا عن حديث مبارك الدائم في الميديا العالمية عن الإخوان المسلمين بأنهم مجموعة رجعية من الأصوليين تريد الحكم بسيف وبأقوال الماضى، كما نجح أيضا كل أجهزة مبارك المخابراتية في بث الرعب في نفوس قادة العالم من أي تعاطف اتجاه الإخوان المسلمين على أساس أنهم مجموعة منحرفة وقلة تريد خراب العالم ورجعيته، فضلا عن ربط جماعة الإخوان المسلين بإيران وحزب الله فى لبنان وحركة حماس فى فلسطين مما نزع أي تعاطف دولى أو تأييد عالمى للإخوان بفضل ما ينشره رجال مبارك للعالم عن الإخوان المسلمين، مما نظر إليها العالم على إنها منظمة إرهابية، ولعل فى إحدى الوثائق السرية المُسربة إلى موقع ويكيليكس إلى تصريحات رئيس جهاز المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان، خلال الاجتماع الذي انعقد عام 2008 بالسفير الأمريكي في القاهرة فرانسيس ريتشاردوني ، خير دليل على سيطرة ونجاح النظام المباركى في تشويه صورة الإخوان في الميديا العالمية وأمام قادة العالم إذ يربط عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية والرجل الثاني والقوى في النظام المباركى بين الإخوان المسلمين وإيران (إيران – الحكم الإسلامي الشيعي- الشبح الذي يهدد أمن ومستقبل العالم) حيث أبلغ سيلمان السفير الأمريكي بالقاهرة : مصر تعاني من التدخل الإيراني في شئونها الداخلية سواء عن طريق تنظيم القاعدة، حزب الله اللبناني أو جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وقد قمنا بتحذير إيران أكثر من مرة، وبالفعل استجاب رئيس المخابرات الإيرانية وأكد أن إيران ستتوقف عن التدخل." و أضاف سليمان حسب نص البرقية أن مصر ستعمل على الحد من النفوذ الإيراني من خلال مراقبة عملائها(إيران) سواء في حركة حماس أو جماعة الإخوان المسلمين. وأوضح رئيس جهاز المخابرات المصرية أن الرئيس حسني مبارك على استعداد للتفاوض مع أحمدي نجاد الرئيس الإيراني في حال توقفت إيران عن التدخل في شئون مصر الداخلية.
وهذا يعكس مدى قدرة النظام في تحجيم دور جماعة الإخوان المسلمين سواء على المستوى المحلى أو العالمي. وإدراج جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية تعمل على قلب نظام الحكم في مصر.
هنا في هذه الدارسة نحاول أن نرصد أهم الخطوات التي قام بها نظام مبارك في تسطيح وتشويه فكر جماعة الإخوان المسلمين على كافة الأصعـدة الداخلية والخارجية خلال الثلاثين سنة الأخيرة 1981إلى 2010،(فترة حكم مبارك لرئاسة مصر)، وسوف نبدأ بنبذة عن تاريخ الإخوان في مصر .
تعريف الإخوان المسلمون:
الإخوان المسلمون المصرية حسب موقعها الرسمي على الانترنت "جماعة من المسلمين"، تدعو وتطالب بما يسموه "تحكيم شرع الله، والعيش في ظلال الإسلام، وهى جزء من تيار الإخوان المسلمين العالمي والفرع المؤسس لجماعة.
منهج الجماعة
تعتبر الجماعة أن الحرية فريضة، وحق فطري منحه الله لعباده، على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وعقائدهم، والحرية تعني حرية الاعتقاد، والعبادة، وإبداء الرأي، والمشاركة في القرار، ومزاولة حق الاختيار من خلال الاختيار الحر النزيه، فلا يجوز الاعتداء على حق الحرية، أو حق الأمن، ولا يجوز السكوت على العدوان عليها أو المساس بها.
العلم دعامة من دعائم الدولة الإسلامية، والتفوق فيه واجب على الأمة، والعمل سبيل لتأكيد الإيمان، كما هو سبيل لتقدم الأمة، وتوفير كافة سبل الدفاع عن أمنها، والذود عن حرياتها، وردع العدوان، وأداء الرسالة العالمية التي أوجبها الله عليها في تأكيد، وتثبيت معاني ومعالم السلام، والتصدي للهيمنة، والاستعمار، والطغيان، وسلب أو نهب ثروات الشعوب.
أساس التعاليم، والمفاهيم، والأخلاق، والفضائل، والقوانين، والتركيبات، والضمانات، والضوابط، والإصلاحات هو كتاب الله، وسنة رسوله اللذان إن تمسكت بهما الأمة فلن تضل أبدًا.
والإسلام في فهم الإخوان المسلمين (يستوعب كل شئون الحياة لكل الشعوب، والأمم في كل عصر، وزمان، ومكان، وجاء أكمل وأسمى من أن يعرض لجزئيات هذه الحياة، خصوصًا في الأمور الدنيوية البحتة، فهو إنما يضع القواعد الكلية لكل شأن، ويرشد الناس إلى الطريقة العملية للتطبيق عليها، والسير في حدودها). وإذا كانت الصلاة عماد الدين، فالجهاد ( ذروة سنامه )، والله هو الغاية، والرسول هو القدوة والإمام والزعيم، والموت في سبيل الله أسمى الأماني. وإذا كان العدل هو أحد دعائم الدولة (في مفهوم الإخوان)، فإن المساواة واحدة من أهم خصائصها، وسيادة القانون المستمد من شرع الله؛ لتحقيق العدل يؤكد على المساواة.
العلاقة بين الأمم والدول هي علاقة التكافل والتعاون وتبادل المعرفة، وسبل ووسائل التقدم على أساس النِّدِّيةِ، ولا مجال للتدخل، كما لا مجال لفرض النفوذ والهيمنة والسيطرة أو تهميش ومصادرة حق الآخر.

نبذة قصيرة عن تاريخ الإخوان في مصر:
نشأت جماعة الإخوان المسلمين في الإسماعيلية برئاسة الشيخ حسن البنا عام 1928م كجمعية دينية تهدف إلى التمسك بالدين وأخلاقياته، وفى عام 1932م انتقل نشاط الجماعة إلى القاهرة ولم يبدأ نشاط الجماعة السياسي إلا في عام 1938م. وقد عرضت الجماعة حلا إسلاميا لكافة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعانى منها مصر، كما رفضت الدستور والنظام السياسي القائم على أساس أن دستور الأمة هو القرآن، كما أبرزت الجماعة مفهوم القومية الإسلامية كبديل للقومية المصرية. وحددت الجماعة أهدافها السياسية الخاصة بإقامة دولة إسلامية تحكم يشرع الله، وعلى مر تاريخ الإخوان الذي كان بدايته الاغتيال لكل من خالف رأى الجماعة إلى المهادنة والعمل العام وما بين الشد والجذب مع النظام المصرى الرسمى الذى حل الجماعة ولم يعترف بها فى أخر عهد الملك فاروق ، إلى ضرب الجماعة وتفتيت عناصرها بسجن والمعتقلات فى عهد جمال عبد الناصر ، إلى الظهور والعمل التخريبي فى عهد محمد أنور السادات والذى أدى إلى مقتل السادات بيد احد أعضاء هذه الجماعة ، إلى التسطيح والتهميش وعدم ثقة الشعب المصري بالإخوان فى عهد مبارك.
تعداد الإخوان:
ذكر د.عبد الحميد الغزالي المستشار السياسي للمرشد أن عدد الإخوان في مصر وصل إلي 15 مليون إخواني منهم 10 مليون يسمون إخوان عاملين والخمسة مليون الآخرون مؤيدون لأفكارها وذلك في حوار له مع صحيفة المصري اليوم بتاريخ 29 أكتوبر 2009م :«نحن في مصر، والحمد لله، وصلنا إلى رقم 15 مليون إخواني، حيث يوجد 10 ملايين يسمون «إخوان عاملين» في الجماعة، بينما الخمسة الآخرون مؤيدون لأفكارها، وهذه ليست أماني ولكنها إحصائيات حقيقية».
يوجد اختلاف في إحصاء عدد الإخوان في مصر نظرا لأنه لا يوجد في الوقت الحالي تعداد رسمي لأعضاء الجماعة المحظورة قانونا، والتي يتعرض أعضاؤها للاعتقال والمحاكمة بتهمة الانتماء إليها، ولكن تشير دراسة قام بها ضياء رشوان باحث في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية إلى أن عدد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مصر يتراوح حاليا "ما بين 2 مليون و2.5 مليون شخصا"، وقال رشوان:"إنه حدد هذا الرقم بناء على المقارنة بين الإحصائيات التي كانت متاحة لعدد أعضاء الإخوان في الأربعينات ونسبتها مع عدد السكان وقتها وعدد السكان حاليا".
من جهة أخرى ذكر الدكتور عبد الستار الميلجي وهو قيادي سابق بجماعة الإخوان المسلمين تم فصله من الجماعة، في حوار صحفي أجراه مع جريدة المصري اليوم في 25 يوليو 2008، أن مجموع عدد جماعة الإخوان المسلمين لا يتجاوز 100 ألف شخص "بالمحبين والمتعاطفين وجيران المحبين والمتعاطفين" حسب وصفه، كما أكد أن الإخوان العاملين لا يتجاوزون 5 آلاف من الإخوان، منهم 85 أعضاء في مجلس شوري الجماعة. كما ذكر أن هناك نحو 10 محافظات مصرية لا يوجد بها إخوان على الإطلاق.
ومعنى هذا الاضطراب حول تعداد الإخوان الحقيقي فهو من ناحية الأمنية لنظام مبارك خط أحمر وغير مسموح الإعلان عنه فإذا ذكر التعداد الحقيقي للإخوان فى مصر؛ فربما يمثل مشكلة كبرى بالنسبة للنظام المصري أمام الرأي العام، فإذا كان التعداد كبيرا فهذا سوف يمثل مأزق خطير لنظام مبارك أمام العالم، خاصة وأن نظام مبارك في وصفه لجماعة الإخوان بأنها جماعة إرهابية، والشعب بكل طوائفه ترفضها. وبالتالي من البديهي أن يتكتم النظام المصري عن التعداد الحقيقي للإخوان المسلمين - وإبقائها مجرد قلة منحرفة- والذي يعرفه جيد النظام المصري بالنسمة وبالاسم.
ومن ناحية أخرى يدل على الحرص الشديد من قبل جماعة الإخوان فى التكتم على أعداد أعضائها غير المعروفين للجهات الأمنية حتى لا يتم القبض عليهم، حيث تقوم الجماعة بتدريب الكوادر من الشباب والشخصيات غير المعروفة على الساحة خلفا للكوادر المشهورة والوجوه المعروفة لدى العامة والأمن، فإذا تم القبض أو الاعتقال لهذه الكوادر خرجت الشخصيات البديلة التي كانت في الظل لتنشط.
صراع الأخوان على الشرعية تحت ظل نظام مبارك:
إن محور الصراع الذي خاضته وما تزال حركة الإخوان المسلمين مع أنظمة الحكم المصري منذ بداية منتصف القرن الماضي هو الحصول على الاعتراف الرسمي بها من قبل الذين تولوا مقاليد الحكم، أو بمعنى آخر الحصول على "الشرعية القانونية"، ويأخذ على الذين درسوا تاريخ هذه الحركة التي يعتبرها أكبر وأقدم حركة إسلامية في العالم العربي ـ الإسلامي، إنهم عددوا الكثير من الأسباب التي كانت وراء هذا الصراع، لكن مفهوم الشرعية لم يحظ بالاهتمام الكافي. وحتى نفهم طبيعة هذا الصراع من قبل الإخوان والسلطة، فسوف نتحدث بدايات وتاريخ هذا الصراع ومنه سوف نصل إلى النتيجة المنطقية التى من خلالها سوف نفهم طبيعة صراع الاخوان على الشرعية والحصول عليها من قبل النظام المصري وخاصة في عهد مبارك.
1- بدايات بذور هذا الصراع في العهد الملكى. في تاريخ هذه الحركة نجد إنها كانت على وئام وتعاون مع الملك فاروق في أربعينات القرن الماضي، وهذا الوئام حاء نتيجة قوة الجماعة فى فرض تواجدها على الساحة المصرية الأمر الذي أدى الاعتراف بها من قبل سرايا الملك وسلطة الاحتلال الانجليزي فضلا عن تحالفها المعلن أو السري مع بعض الأحزاب، حيث خاضت "الانتخابات البرلمانية، وتولى أتباع البنا (حسن البنا مؤسس الحركة) مناصب رفيعة في المؤسسات الحكومية. كما حرصت الجماعة في تلك الفترة على عدم مناقشة القضايا التي تتعلق بالشرعية السياسية للنظام. والسبب في ذلك، إلى " أن الدولة المصرية كانت معترفة رسميا بالجماعة".
2- الصراع مع ثورة عبد الناصر.لدى قيام الثورة عام 1952 اعترفت الحركة بشرعيتها وقدمت المساعدة للانقلاب العسكري الذي قام به الضباط الأحرار. لكن، وبدءا من عام 1954، توترت الأجواء بين الرئيس عبد الناصر وبين الحركة التي انتقلت إلى المعارضة فرفضت التعاون مع عبد الناصر ورفضت أيضا الاعتراف بشرعية مؤسسات الدولة، سواء داخل الحكومة أو داخل مجلس الشعب. إلا أن الملفت أن موقف الحركة من شرعية السياسة التي اتبعها عبد الناصر في الخمسينات والستينات "اتسم بالغموض" مع أن عبد الناصر اعتمد على أشكال متنوعة من الشرعية لدعم قيادته، بما في ذلك " الشرعية الكاريزمية والشرعية الشعبية السياسية وشرعية الانجاز"، فحقق مكاسب اجتماعية للطبقة الوسطى من تقديم خدمات اجتماعية مدعومة، مجانية التعليم وتوفير الوظائف في القطاع العام،ومن ثم لم تتمكن الجماعة من تقديم أي نشاط خدمي تكسب به تأييد قوى الشعب، فضلا عن قيام نظام عبد الناصر بحل واعتقال أعضاء الجماعة فى السجون، وعلى رأسهم ابرز مفكريها آنذاك "سيد قطب" الذي حكم عليه بالإعدام، وكانت ضربة قوية لصفوف الجماعة.
3- الصراع مع السادات.مع مجيء الرئيس أنور السادات "جرى تقويض العقد الاجتماعي" الذي كان ساريا إبان عهد عبد الناصر، وآثر الرئيس الجديد الاعتماد أكثر على نمطي الشرعية القانونية والتقليدية ببعدها الديني. في الجهة المقابلة خرج قادة الحركة من السجون واستغلوا " روح التسامح التي تميز بها نظام السادات" في بدايته، فأعادوا بناء هيكلية تنظيمهم وتوسيعه، ونظموا حملة لاكتساب شرعية خاصة بهم من خلال نشاطهم الاجتماعي وتمكنوا من التأثير بقوة في الجامعات ومن إحياء سمعتهم الدينية، ومع ذلك فشلوا في الحصول على الاعتراف الرسمي بتنظيمهم.
4- الصراع في ظل نظام مبارك.على اثر اغتيال السادات عام 1981 تولى السلطة نائبه الرئيس حسني مبارك، فتبدلت الأجواء واظهر الإخوان المسلمون تسامحا ملحوظا مع الرئيس الجديد. ومن الأسباب التي دعتهم لهذا السلوك. خلفية الرئيس الجديد الذي لم يتبوأ أي منصب سياسي قبل توليه منصب نائب الرئيس عام 1975. أي أنه لم يكن على خلاف أو على خصومة مع أي قوة سياسية معينة، وإنه لم يكن ينتمي لجيل الضباط الأحرار أي لم يرث آراء عبد الناصر العدائية تجاه الإخوان المسلمين. وقد ضعت قيادة الجماعة أمامها هذه الخلفية، وأرادت أن تنتهز فرصة الانتشار الأكثر في المجتمع المصري، من خلال تحقيق هدفين اثنين هما: مواصلة إعادة التنظيم، وإعادة الاندماج بالمجتمع وبالسياسة بشكل كامل. إلا أن عقبة واجهتها لتحقيق الهدف الثاني هو أن الرئيس مبارك " لم يكن مستعدا للسماح القانوني للتنظيمات الإسلامية..." ولجنة الأحزاب كانت ما تزال محكومة منذ العام 1976 بقوانين التعددية الحزبية التي تحظر تشكيل أحزاب على أسس دينية. ولتفادي هذه العقبة لدى حلول الانتخابات البرلمانية تحالفت مع حزب سياسي له توجه سياسي مختلف هو حزب الوفد. أما في ما خص الهدف الأول، أي إعادة بناء التنظيم وتوسيعه، اعتمدت الحركة على إستراتيجية تقوم على استقطاب مزيد من الأعضاء عبر الفضاءات التقليدية في المساجد والأحياء السكنية، واستخدمت الخطابات والأحكام الدينية في تنفيذ مشاريع اقتصادية، مثل شركات توظيف الأموال التي كانت لتوفير الدعم والتمويل لفتح الآفاق وتوسيع النفوذ أمام الجماعة. حيث تبنت الجماعة إستراتيجية تقوم على تقديم الخدمات والمعونات الاجتماعية عبر شبكة إتباع منظمة بشكل دقيق ومنظم غطت شرائح متنوعة من مختلف أطياف المجتمع المصري ومن أهم هذه الخدمات: العناية والعلاج وتأمين الصحي، تأمين الكتب المدرسية لمختلف الطلاب، وتأمين المساكن اللائقة لأعضاء هيئات التدريس في الجامعة وخصوصا الشباب منهم... كما استطاعت الحركة الدخول إلى الميدان النقابي حيث سيطرة على نقابتي الأطباء والمهندسين عام 1985، ونقابة البيطريين والصيادلة عام 1988... وأخيرا حققت فوزا مهما في نقابة المحامين عام 1992 التي كانت تعتبر القلعة التقليدية للتيار القومي العلماني.
نظر نظام مبارك إلى هذا الفوز بطريقة مختلفة إذ أن مجلس هذه النقابة يشكل فضاء مسيسا لطبيعته المختلفة عما هو سائد في باقي النقابات. وقد رافق هذا النشاط "الخدمي" تطور جذري في تنظيم الأخوان المسلمين، وهو اعتماد اللامركزية في الإدارة والانتخابات في ما خص القادة على مختلف المستويات. فالإدارة المركزية في القاهرة هي المسئولة عن السياسة العامة للحركة، في حين أن القيادات المحلية في كافة المحافظات هي المسئولة عن القرارات المتعلقة بالسياسات المحلية في كل محافظة، والالتزام بانتخاب المسئول في أي موقع حتى المرشد العام. على رغم هذه التطورات المهمة لم تحصل الحركة على الاعتراف الرسمي بها، مع إنها حازت، برغم انها حازت على شرعية الانجاز والتغلغل في نسيج المجتمع المصري .
وبدأ الصراع - منذ مطلع التسعينات حتى اليوم- الحقيقي بين الإخوان ونظام مبارك يأخذ شكله السافر والقاسي في طبيعة الصدام بين الإخوان ومبارك، ومع ذلك استمرت الحركة تشارك في الانتخابات البرلمانية، وفي بعض المراحل أصبحت تشكل أكبر كتلة برلمانية معارضة في مجلس الشعب، واستمرت العلاقات بين الطرفين بين مد وجزر تحكمها التطورات الداخلية والخارجية معا، وأيضا في العمل الاجتماعي لكنها لم تجد حلا لعقدة "الشرعية القانونية".
الانتقادات الموجهة للإخوان المسلمين
نجح نظام مبارك وأجهزة إعلامه ومخابراته وأمنه في شن حملة دعائية كبرى ضربت الإخوان في مقتل أمام الرأي العام مما جعل المواطن المصري البسيط يتوجس خيفة من جماعة الإخوان المحظورة وفقا لتوصيف الخطاب الرسمية لحكومة مبارك. حيث وظفت كل طاقتها- الحكومة المصرية- في ترسيخ عده مفاهيم معينة لانتقاد وإحراج حركة الإخوان المسلمين عبر الثلاثين سنة الأخيرة، ومنها:
• الانتقادات على المستوى الرسمي لنظام مبارك:
1- انتقادات حسنى مبارك فى المحافل الدولية للإخوان. اتهم الرئيس المصري حسني مبارك جماعة الإخوان المسلمين بأنها "جماعة لها تاريخ إرهابي" وذلك في حوار صحفي له مع مجلة دير شبيغل - Der Spigel الألمانية، نشر في ديسمبر 2004، حيث قال "إن جماعة الإخوان المسلمين لها تاريخ إرهابي، لقد قتلوا واحداً من رؤساء الوزارة قبل الثورة لاختلاف آرائهم السياسية وفي عام 1954 حاولوا قتل الرئيس جمال عبد الناصر، وكرروا محاولاتهم عدة مرات"، مضيفا بأن الأحزاب الدينية "تهدد السلام الاجتماعي".
بينما كان رد الجماعة على انتقادات مبارك. فقد رفضت الجماعة اتهامها بالإرهاب وأعلنت أنها تدين الإرهاب وأن موقفها ثابت من العنف والإرهاب وقالت إن تاريخها ناصع البياض وأن ما حدث في الماضي كانت أعمال فردية أستنكرها الإخوان ومرشدهم حسن البنا حينها، وعلق د. محمد حبيب النائب الأول للمرشد علي محاولة قتل جمال عبد الناصر في حادثة المنشية قائلا: «إن هذا الحادث تمثيلية كبرى أحكم تدبيرها بهدف القبض على الإخوان المسلمين والزج بهم في السجون والمعتقلات وإزاحتهم من الطريق للاستئثار بالسلطة والانفراد بالحكم».
2- تمرد بعض أعضاء الجماعة من الداخل وانفصالهم عن الجماعة. ترك بعض من أبناء الجماعة لها وابرز من تركوا الجماعة هم من عرفوا بأعضاء حزب الوسط، وكان على رأسهم المهندس أبو العلا ماضي وهو نقابي وعضو سابق في الجماعة، وهناك أيضا مختار نوح وثروت الخرباوي وآخرين، مما يستغل البعض هذا الانفصال على عدم تماسك الجماعة وضعفها الداخلي وصراع أعضائها واختلافاتهم الكثيرة وفقا لغياب بند الديمقراطية التى لا تؤمن به الجماعة. فضلا على وجود فجوة كبيرة داخل الجماعة في فهمهم لمسألة الديمقراطية، حيث يفهمونها كممارسة وليس كقيم، أي يدخلون الانتخابات ويطلقون مظاهرات لكن لا يوجد إيمان لديهم بقيم الديمقراطية من مساواة وحرية وعدالة.
ولكن الإخوان المسلمون يردّون على هذا بأن كل قرار يتم تنفيذه داخل الجماعة لا يتم إلا بالشورى. ومن الطبيعي أن يختلف الأشخاص في الآراء ولكن كما يوجد في أي حزب هناك ما يسمى بالالتزام الحزبي ويعني تنفيذ المنتمي للحزب لكل قرارات الحزب حتى وإن خالفت رأيه الشخصي، كما أنه من الطبيعي أنه عند أخذ الشورى فإنها لن تؤخذ من كل أفراد الجماعة ولكن تؤخذ من قيادات الجماعة.
3- تواجه الجماعة أربع إشكاليات في مواجهة المجتمع المدني المصري وهي الديمقراطية والمرأة والأقباط والعلاقة مع الغرب.
4- استغلال الدين لتأثير على عامة الشعب. حيث تتهم جماعة الإخوان المسلمين من قبل الحكومة المصرية وعدد من المحللين بتهمة استغلال الدين للوصول سياسيا إلى السلطة، من خلال شعار "الإسلام هو الحل"، هذا وتفرض الجماعة شعارها الإسلامي متحدية النظام والمجتمع المدني معا وبرغم ما ينص الدستور وفقا للتعديلات التي تم إقرارها في مصر في مارس 2007م على منع استغلال الدين لأغراض سياسية.
5- اتهامات تاريخية وفتح الملفات القديمة للجماعة. هناك اتهام للجماعة في تاريخها الذي يتضمن عددا من عمليات الاغتيال السياسية التي أودت بحياة عدد من الزعماء والمسئولين المصريين، أمثال رئيس الوزراء المصري بين عامي (1944 - 1945) أحمد ماهر باشا الذي أغتاله محمود العيسوي أحد المنتمين للحزب الوطني فيما يقول البعض أن العيسوي كان ينتمي للإخوان، ورئيس الوزراء المصري بين عامي (1945 - 1948) محمود فهمي النقراشي، والقاضي أحمد الخازندار الذي أصدر أحكاما قضائية على عدد من المتهمين في جرائم والمنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، والذي تم اغتياله علي يد أفراد من النظام الخاص بالجماعة. كذلك اتهم رفعت السعيد الجماعة بتفجير عدد من مراكز الشرطة المصرية في العام 1946.
• الانتقادات على المستوى الأكاديمي والثقافي وسط النخبة المصرية:
1- انعزالية مصر وحبس الحريات إذا حكمت جماعة الإخوان مصر. ففي 2008 صدر كتاب بعنوان (ماذا لو حكم الإخوان؟) توقع عزلة دولية لمصر في حال حكمها الإخوان المسلمون، ومن بين ما جاء في الكتاب " ليست لديهم رؤية إستراتيجية للعلاقات الخارجية وسيكون هناك انعدام للتعامل معهم وستصبح العزلة مصيرنا مثل حماس وإيران وحزب الله " أيضا توقعت مؤلفة الكتاب "فاطمة سيد أحمد" قيام تمييز عنصري في حال حكم الإخوان مصر، حيث جاء: "أن الإخوان المسلمين يعملون على إقامة دولة دينية وأن تلك الدولة ستمارس التمييز ضد الأقلية المسيحية،...هم في ذلك (أي الإخوان) يحاكون ما تفعله إسرائيل مع عرب 48 الذين يمثلون الأقلية أيضا في المجتمع الإسرائيلي ". كما ذكرت المؤلفة أن الإخوان يخططون لما وصفته ب"حرب شوارع في مصر"، إذا تطلب الموقف ذلك، ولعل العرض العسكري لطلاب الإخوان بجامعة الأزهر في 2009 خير دليل على ذلك.
2- صفقة البقاء والوجود الشرعي بين نظام مبارك والإخوان. وجهت اتهامات لجماعة الإخوان في مصر بعقد صفقة مع النظام الحاكم منذ وصول مرشحيهم للبرلمان المصري عام 2005 يتعايش من خلالها الحزب الوطني الحاكم مع الإخوان في ظل توافق الجانبين على اقتصاد السوق والعلاقات الطيبة مع الولايات المتحدة، وعلى التهدئة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وأيد هذا حذف المحكمة العسكرية تهمتَي الإرهاب وغسيل الأموال من القضية التي تُحاكم فيها مجموعة من قادة الجماعة، على رأسهم النائب الثاني للمرشد العام خيرت الشاطر، والاكتفاء بتهمة الانتماء إلى تنظيم محظور، التي تتراوح عقوبتها بين 3 و5 سنوات؛ كما أيدتها تصريحات محمد حبيب نائب المرشد التي قال فيها أن الإخوان لن يدخلوا في مواجهة مفتوحة مع النظام بمفردهم، وأنهم يقبلوا بجمال مبارك كرئيس لمصر بشروط إلا أنه عاد ونفي ذلك. وعلى الرغم من نفي مهدي عاكف مرشد الجماعة وغيره من قيادات الإخوان وجود صفقة أو القبول بجمال مبارك إلا أن بعض المحللين السياسيين يؤكدون وجود الصفقة التي بمقتضاها سيقبل الإخوان بتوريث الحكم في مقابل وجودهم في مجلس الشعب وتخفيف الأحكام على قيادات الإخوان الخاضعين لمحاكمات عسكرية.
حصاد الإخوان في الثلاثين عاما الأخيرة في حكم مبارك:
الإخوان ومحاولة إثبات الشرعية 1984-1987
استفادت الإخوان من مرونة الرئيس حسنى مبارك في بداية حكمه ومحاولته في لم الشمل على المستوى الداخلي والخارجي، ومن هنا كانت بداية الإخوان في حياء تواجدها في المجتمع المصري وتغير المفاهيم الخاطئة التي رسخها عهد جمال عبد الناصر والسادات، وبدأت على الفور في الاندماج في الحياة العامة وذلك وفقا لما أمر به المرشد العام للإخوان وقتئذ عمر التلمسانى الذي استغل فتح باب الانتخابات وفقا للقائمة الحزبية عام 1984، وتحالف مع حزب الوفد ودخل انتخابات مجلس الشعب تحت جناح حزب الوفد حيث نجحت الإخوان في الحصول على ثمانية مقاعد في البرلمان، مما فتح شهيتهم على خيار تشكيل حزب سياسي مستقل، كون الحزب سيوفر لهم قناة قانونية للعمل السياسي، ومع ذلك لم يكن هذا الخيار سهلا في ضوء نظرة الإخوان السلبية للثقافة السياسية القائمة على الحزبية.
دفع هذا النجاح الجماعة إلى إعداد مسودات لبرنامج حزبي، وفعلا تم تشكيل مسودتين، الأولى كانت برنامجا لحزب أطلق عليه حزب الإصلاح المصري، وهدفه، إصلاح شؤون الدولة المصرية بحيث تصبح قادرة على توفير الخدمات والعمل على ضمان الحرية والأمن لمواطنيها.
أما مسودة برنامج الحزب الثاني -والذي سمي بالشورى- فكان هدفه إقامة دولة مصرية إسلامية تجمع بين دولة إرشاد تدار على ضوء الإسلام ودولة رعاية اجتماعية.
وفي منتصف الثمانينيات عادت القلاقل الاجتماعية والدينية للظهور، وكان عام 1986 من أكثر الأعوام تطورا منذ وصول مبارك إلى السلطة، حيث شهدت القاهرة أسوأ موجة من الاضطرابات، ونزل مئات رجال الشرطة إلى الشوارع(انتفاضة الأمن المركزى)، وبدؤوا بنهب وإحراق الفنادق والسيارات والمنشآت التي تملكها الدولة.
ثم جاءت المسيرة الخضراء التي طالبت بتطبيق الشريعة وتطورت إلى أعمال عنف لتصعب الوضع على النظام السياسي الذي بدأ يعطي دورا أكبر للقوى الأمنية.فعندما سلم مبارك ملفات الدولة الداخلية للأمن وقد قام الأمن بدوره في قمع أية دعوة إصلاحية سواء حزبية أو إخوانية أو معارضة ونجح الأمن في إسكات كل صوت يطلب بالتغير مع تهميش وتمييع كل هذه الأصوات.
على الرغم من الأجواء الأمنية التي سيطرت على الدولة إلا أنها كانت وقفة للإخوان لإعادة الفكر وتطوير الذات بعد أن تأكدت بأن أي عنف من قبلها سوف يقابل بكل تصدى وحزم من قبل أمن الدولة، حيث غيرت الإخوان اتجاه العنف والتصادمات مع الأمن إلى القضاء المصري مما فتح هذا أفقا جديدا لحركة الإخوان المسلمين للحصول على الشرعية عبر المحاكم، وبدأت الحركة فعلا باستغلال المساحات المتوفرة في المجتمع، ووسعت من عملها في الجامعات والنقابات المهنية.
وسرعان ما أصبح الإخوان القوة الأكثر فاعلية في الجامعات، فقد فازوا في انتخابات الاتحادات الطلابية، وبقوا مسيطرين عليها حتى أواخر التسعينيات، وكذلك الأمر في النقابات المهنية التي كانت بالنسبة لهم أكثر أهمية من الجامعات، كون أعضاء النقابات المهنيين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة ممن لديهم هموم أكثر تعقيدا من هموم الطلاب في الجامعات.
وقد اتجه الإخوان نحو توفير الخدمات والسلع أكثر من التركيز على الخطابات السياسية، وبدؤوا بتشكيل معارض لبيع السلع المعمرة كالغسالات والبرادات والأثاث المنزلي، ونجح هذا التوجه في تحقيق فوائض كبيرة في الميزانيات لأول مرة في تاريخ النقابات، الأمر الذي منحهم شعبية كبيرة.
مع نهاية الثمانينيات تنامت أعمال العنف من قبل الجماعات الإسلامية، وارتاب النظام من تحفظ الإخوان المسلمين في دعم حملة مبارك ضد عمليات الإرهاب.
إن تزايد الممارسات القمعية للنظام وضعت شرعيته على المحك بعدما أصبح عرضة للمساءلة نتيجة ضعف المؤسسات السياسية التمثيلية وتعطيل حكم القانون وغياب الإنجازات.
وفيما كان النظام يستخدم القمع مع المعارضين، لجأ إلى المؤسسات الدينية الرسمية، وشهدت وسائل الإعلام الرسمية أسلمة تدريجية لمجابهة التأثير المتطرف المتنامي للإسلاميين، حيث بدأ النظام بتوزيع وإعطاء تصاريح لإنشاء صحف إسلامية بهدف تقديم رؤيته وسطية معتدلة للإسلام ودوره في المجتمع.
وفي سياق هذه التطورات كان الإخوان يحرزون تقدما في الانتخابات الطلابية، حيث فازوا عام 1987 بأغلبية المقاعد في الاتحادات الطلابية، والأمر نفسه حصل في النقابات، ويعود ذلك إلى إشرافهم الإداري والمالي المتفوق، وخدمات الرعاية الاجتماعية التي حققوها.
قوة تنظيم الإخوان المسلمين 1987 -1990
أدت المشكلات التي واجهها مبارك مع عنف الإسلاميين إلى زيادة تدريجية في تطرف سياساته تجاه المجتمع مع المحافظة على تجاوب معتدل مع المعارضة السياسية.
طالبت المعارضة بإلغاء نتائج انتخابات عام 1984 لأنها اقتصرت على الأحزاب واستبعدت الأفراد المستقلين، ورفعت دعوى إلى المحكمة الدستورية العليا وطالبت بحل مجلس الشعب، الأمر الذي دفع مبارك عام 1986 إلى إدخال بعض التعديلات على القانون الانتخابي، ونتيجة لذلك حل مجلس الشعب وأجريت انتخابات تشريعية جديدة عام 1987. وحرص النظام على سيطرة الحزب الوطني الديمقراطي على البرلمان، وجاءت حصيلة الانتخابات كما كان متوقعا، حيث فاز الحزب الوطني بأغلبية 309 مقاعد من أصل 444 مقعدا، وبرغم فوز الحزب الوطني بالأغلبية وعدد مقاعد أكثر إلا إنه بمقارنة الأعوام السابقة فيعد الحزب الوطني هو الخاسر الأكبر، فهذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها الحزب الحاكم منذ عام 1952 على أدنى عدد من المقاعد.حيث كان يفوز بـ الـ 444 مقعدا كاملة، وهذه التضحية الكبرى من قبل نظام مبارك لتعطى مساحة ما من الحرية الشكلية وتهدئة المعارضة، ورسالة أخرى للمجتمع الدولي ا نفى مصر حياة حزبية عادلة وانتخابات حرة نزيهة.
أما بالنسبة للإخوان فقد حصلوا في البرلمان الجديد على 36 مقعدا، وكان الأعضاء الجدد أقل سنا من الأعضاء السابقين وأكثر علما، ونظرا لأدائهم الناجح في البرلمان والمجتمع تحولوا رمز القوة والحق ومساندة الفقراء فهم فقط من يصححون الأوضاع داخل المجلس والمسمار القوى في ظهر الحكومة، أو هكذا كانت الصورة عنهم لدى عامة الشعب. وهذا لم يأتي من خلال مناقشة أعضاء الإخوان تحت قبة البرلمان للقضايا الدينية فقط، بل بدؤوا بمناقشة القضايا الأوسع التي تهم الجمهور، كمجال حقوق الإنسان ووضع قطاع الصحة والإعلام والتعليم... إلخ.
تسييس الشرعية 1990 -1994
1- ومع بداية التسعينات من القرن الماضي بدا الصراع العلنى حول شرعية وجود الإخوان السياسى على الساحة المصرية، حيث إن الإخوان المسلمين لم يكتفوا بمتراكمة شرعية مجتمعية، بل ذهبوا نحو تسييس هذه الشرعية، الأمر الذي أدخلهم في صراع حاد مع السلطة. وعليه قرر الإخوان مقاطعة الانتخابات البرلمانية عام 1990، وقد ارجع الإخوان سبب المقاطعة إلى الفساد السياسي واستمرار عمل النظام بقانون الطوارئ، وقد شكلت هذه المقاطعة التوتر الرسمي الأول بين الإخوان والنظام. حيث وضعت النظام أمام الرأي العام في موقف حرج ومأزق دولي في غياب الشفافية في التعامل مع التعددية والحرية السياسية فى مصر، ومن جانب أخر كانت ورقة ضغط من الإخوان لنظام للحصول على بعض المكاسب أو الاتفاقيات الخاصة بين الإخوان والنظام.
وفي ظل غياب منابر سياسية رسمية للتعبير عن آرائهم ومطالبهم، اتجه الإخوان نحو التسييس المتزايد للنقابات والجامعات، ولعب هذا التسييس دورا مؤثرا في النظام، ويعود ذلك إلى أداء الإخوان المدهش والمنظم في ميدان الخدمات الاجتماعية.
وخلال خمس السنوات التي غاب فيها الإخوان عن البرلمان، زادت الحركة من تركيز أنشطتها في النقابات، وفي عام 1992 حققت الجماعة نجاحا غير متوقع في انتخابات مجلس نقابة المحامين، والأمر ذاته في عدد من النقابات من بينها نقابة المهندسين.
2- وفى ظل هذه الإحداث وابتعاد الإخوان عن البرلمان حاولت أن تستفيد من هذا الابتعاد إلى تكثيف جهودها في الظهور الشعبي تحت شعار (الإسلام هو الحل) وقد خدمت "الظروف" والإحداث العالمية والكوارث الطبيعية الإخوان لتتسيد الموقف العام ولتفصح عن ذاتها كقوة فاعلة له نظام وقوة نشطة في أنحاء الجمهورية، وذلك كان من خلال حادثتين هما:
الحادثة الأولى: في غزو العراق للكويت، ومن ثم ضرب العراق لخروجها من الكويت(حرب الخليج الثانية). كان موقف الإخوان متفقا مع موقف النظام في إدانة غزو العراق للكويت، لكن مع التدخل الأجنبي حدث انقسام بين الموقفين، إذ عارض الإخوان هذا التدخل، وقد وظفوا وجودهم القوي في النقابات للتعبير عن آرائهم السياسية المعارضة لموقف النظام، وبدأت النقابات بتشكيل تحالفات بين أنشطتها غير مسبوقة في تاريخ النقابات منذ عام 1952. مما بدا لنظام مبارك أن ثمة أمر خطير تجهز وتعد له الإخوان.
الحادثة الثانية: في زلزال مصر 92، حيث شكلت الهزة الأرضية التي ضربت مصر عام 1992 حدثا آخر لم يكشف للدولة عن مدى قوة الهيكل التنظيمي للإخوان وحسب، بل أظهر كيف يمكن أن توظف تلك القوة سياسيا. فمرة أخرى وظف الإخوان مواردهم في النقابات وخارجها في إنقاذ ضحايا الزلزال، مستفيدين من وجودهم في نسيج المجتمع في المناطق الحضرية والريفية للتنسيق بين هذه المساحات لضمان نقل سريع لمواد الإغاثة. وتفاقم الوضع مع النظام عندما تحدثت المحطات الإخبارية العالمية عن الأداء الجيد للإخوان في عمليات الإغاثة، ثم زادت نقمة النظام على الإخوان عندما قاموا بتسييس عملهم الإنساني بوضع شعارات على خيم الإنقاذ كتب عليها "الإسلام هو الحل"، وقد بدا للنظام أن الإخوان يعملون كحكومة ظل. مما استوجب الأمر من قبل نظام مبارك إلى إجهاض هذه الجماعة والعمل على ضعفها وتفتيتها.
تصفية نفوذ الإخوان المسلمين 1995 -2000
أجريت الانتخابات البرلمانية عام 1995 على أساس نظام الانتخابات السابقة القائم على المرشحين المستقلين، وليس على القوائم الحزبية. وقد أحرز الحزب الوطني نصرا كبيرا بحصوله على 417 مقعدا في مقابل ستة مقاعد لحزب الوفد وخمسة للتجمع وواحد للإخوان المسلمين، وشهدت انتخابات 1995 أسوأ التدخلات وأكثرها قمعا من قبل النظام لمنع المعارضة من الفوز، إذ ضيقت الشرطة على المئات، وحولت عددا من أعضاء الإخوان إلى المحاكمات العسكرية. ومما لا شك فيه فإن المحاكمات العسكرية وجهت ضربة قوية للتنظيم في الصراع مع النظام، وبدا الإخوان أمام خيارين: إما أن تلجأ الحركة إلى العنف وتضرب مصداقيتها الشعبية التي ميزتها عن المتطرفين، أو أن تمارس سياسة ضبط النفس إلى أن تمر العاصفة. وقد استقر رأي الإخوان على الخيار الثاني، مع عدم السلبية المطلقة تجاه ما يجري بحقها.
وزاد النظام في تصعيد حملته ضد الإخوان في الجامعات والنقابات المهنية، وأقر تعديلات قانونية تمنح صلاحيات للقضاة في الإشراف على الانتخابات النقابية، فضلا عن حق إسقاط ترشيح أي مرشح.
ثم قام النظام بعد ذلك بمحاربة الأصول المالية للحركة، وكان من أهم الخطوات التي اتخذها وقفه التبرعات التي كانت تمر عبر النقابات إلى الضحايا بعد حادثة الزلزال، وكان ذلك ضارا على صعيد عائدات النقابات، الأمر الذي أجبر المصريين على إيداع تبرعاتهم في حسابات حكومية، وقد نال نظام مبارك ما أراد وقد اضعف الإخوان بعد أن قص جناحها القوى في النقابات
الجولة قبل الأخيرة تقنين وتهدئة الصراع 2000 -2007
جاءت انتخابات عام 2000 تحت إشراف قضائي كامل، وهي سابقة منذ تجربة التعددية الحزبية، واتسمت بدرجة عالية من النزاهة، ونتيجة للظروف التي حكمت علاقة الإخوان بالنظام خلال السنوات السابقة، قصر الإخوان مرشحيهم على 75 مرشحا تجنبا لاستفزاز السلطة، فاز منهم 17 نائبا فقط.
وفي انتخابات 2005، جاءت الإحداث الداخلية والعالمية فى صف الإخوان، حيث شارك الإخوان بقوة في انتخابات 2005، وفاز الإخوان بـ88 مقعدا. وذلك لسببين: الأول، تزامن هذه الانتخابات مع الانتخابات الرئاسية، والسبب الثاني الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة على مصر لتحقيق مستوى أعلى من النزاهة السياسية.
الجولة الأخيرة في العسل المر مابين الإخوان ومبارك 2007-2010
شهدت هذه الفترة فترة الارتخاء واللعب بالمفردات السياسية والصفاقات غير المعلنة من تحت المائدة مابين الإخوان و نظام مبارك، الأمر الذي استفادت منه الإخوان ووظفت قدراتها على البناء الداخلي والانتشار الأكبر بين صفوف الشعب وقد خدمها في ذلك عدة عوامل منها:
1- على المستوى المحلى، يمر النظام بمرحلة انتقالية يمهد فيها لما بعد الرئيس مبارك، وهي مرحلة معقدة تتداخل في صياغتها مراكز قوى مختلفة. وكانت هذه الصفقة الأكبر بين النظام والإخوان إذا أعلن المرشد العام انه لا يمانع من حكم جمال مبارك لمصر.
كما أعلن محمد بديع المرشد الجديد لجماعة الإخوان المسلمين،إنه لن يدخل في أي مواجهة مع النظام خاصة فيما يتعلق بـ "ملف التوريث"، كما اتبع المرشد العام النهج السلمي فضلا عن أن تجنب وضع الجماعة في مواجهة مباشرة مع الحكومة من خلال اتخاذ خطوات مثل الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في الشوارع أو أي محاولة لتحويل الحركة إلي حزب سياسي رسمي. فضلا عن قوله:"إن جماعة الإخوان المسلمين لم تكن يومًا عدوًا للنظام". كما رحبت من قبل الجماعة بشخص جمال مبارك وعدم ممانعة توليه حكم مصر إذا خرج من قصر أبيه مبارك ورشح نفسه كمستقل مثله مثل باقي الأعضاء الآخرين
وفى المقابل كان الخطاب الرسمي لدولة في إعلامها الإعلامي والصحافي ابتعدت عن تشويه الجماعة والسماح لها بالعمل وفقا لما هو مخطط وتحت عيون الأمن والإفراج عن بعض المعتقلين، كما تم تحويل القضايا المتهم فيها أعضاء الجماعة من المحاكم العسكرية إلى المحاكم العادية.
وهذا يؤكد ثمة صفقة تمت بين الطرفين لتهدئة الصراع بينهم وتخفيف حدة التوتر والإحراج الداخلي الذي تسببه الإخوان للنظام في خروجها مع المتظاهرين، فلم تشهد أي مظاهرة مصرية لحركة المعارضة الرافضة لتوريث جمال مبارك في مصر خلال هذه الفترة أي تواجد أخواني.
وفى الوقت نفسه جاء حديث المرشد الحالي محمد بديع غير حديث المرشد السابق مهد عاكف الذي كان يرفض تماما التوريث وشخص جمال مبارك. وبين تغير المسار هذا حول توريث جمال مبارك في موقف الجماعة قد يعطى مؤشر على تأكيد مرور صفقة هدنة بين النظام ومبارك والإخوان.
2- على المستوى الدولي: تخلي الولايات المتحدة عن أجندتها حول الإصلاح السياسي في المنطقة العربية. ومع ضعف إدارة اوباما إزاء الملف المصري. كانت الفرصة الذهبية للنظام مبارك في تهيئة المناخ العام لتوريث الحكم وعقد صفقات مع جهات المعارضة والأحزاب الشكلية ومن ثمة كانت الإخوان على أول قائمة هذه الصفقات في عقد الهدنة حتى يمر التوريث بسلام.
لكن ماذا سوف تستفيد حركة الإخوان من هذا؟ ربما أنها تعمل بمبدأ أو فقه التقية في التعايش السلمي مع من لا ملة له إلى أن تأتى الفرصة لتعلن خروجها وتفرض عصيانها المدني في ظل ضعف القوى المعارضة في مصر وترهل النظام المصري وتخبطه السريع في تمرير قضية التوريث.
وهذا ما تطرحه الأحداث الأخيرة التي جرت في انتخابات البرلمان المصري لعام 2010، لتهب جماعة الإخوان معترضا هذه المرة في محاولة منها لإثبات الذات والوجود على الساحة المصرية بعد أن ذهب بعض المحللين إلى نوم الجماعة في العسل وقبولها دور الضحية المستلذة بتعذيبها من سياط نظام مبارك لها في تهميشها وتسطيحها المخل الذي قام به نظام مبارك خلال الخمس سنوات الأخيرة.
عودة الصراع مرة أخرى في انتخابات مجلس الشعب 2010
شهدت انتخابات مجلس الشعب 2010 حالات تزوير وخروج القوى المعارضة من مقاعد البرلمان في الجولة الأولى، حيث خرج الوفد والإخوان من انتخابات اعتبرتها القوى المعارضة فاسدة ومزورة في حين تعتبرها القوى الرسمية والحزب الحاكم انتخابات حرة عادله، حيث فاز الحزب الوطني الحاكم بـ 209 في الجولة الأولى ومن المقرر أن يصل في الإعادة إلى بـ 398 مقعدا، في حين لم يحقق الإخوان المسلمون أي مقعد، حيث باغتت جماعة الإخوان المسلمين الجميع بإعلان انسحابها من الجولة الثانية لانتخابات مجلس الشعب جولة الإعادة .
وأصدرت الجماعة بيانا بررت فيه أسباب الانسحاب وقالت فيه ما حدث في هذا اليوم وما سبقه من أيام من تزوير وإرهاب وعنف على أيدي رجال الأمن وبلطجية الحزب الوطني، حتى وصل الأمر إلى التعدي على بعض القضاة والمستشارين، وقد جرت محاولات كثيرة لاستفزاز الإخوان المسلمين وجرهم إلى ممارسة عنف مضاد، وهو ما لم يستجب له الإخوان وأعلنوا- ولا يزالون يعلنون باستمرار- رفضهم الواضح وإدانتهم لأية ممارسات عنيفة، وقد رأى الشعب كل الجرائم التي رصدتها .
وأضاف وما حدث أثبت أن النظام مغتصب للسلطة مزور لإرادة الأمة مستمر في طريق الفساد والاستبداد، كما أن عدم المشاركة في جولة الإعادة هو إعلان لاحتجاجنا على هذا الاغتصاب والفساد ويزيد من عزلة النظام عن الشعب، ويثبت أنه يهدد مبدأ المواطنة ويكرس رفض الآخر، كما يكرس الفساد والديكتاتورية والاستبداد .
وأكد البيان عدم مشاركتنا في هذه الجولة الانتخابية لا يعني تغيير في إستراتيجيتنا الثابتة بالمشاركة في جميع الانتخابات، ولكنه موقف فرضته الظروف الحالية، وكل حالة تقدر بقدرها، وسوف نستمر في كل الإجراءات القانونية التي تلاحق المزورين والمفسدين لإبطال هذا المجلس المزور ولإحقاق الحق وإعادته إلى صاحبه الحقيقي وهو الشعب .
ومن خلال قراءة البيان هذا يتضح نقطتين:
أولا: خروج الجماعة عن ركب النظام الذي أراد لها أن تكون مجرد ديكور مسرحي لتهيئة الأجواء لتمرير التوريث عندما يطرح على مجلس الشعب، ورفض الإخوان هذا يأتي رفضا سياسيا لتمرير رسالة إلى نظام مبارك بأن اللعبة مازلت في يد الإخوان وعلى نظام مبارك أن يتعقل في معاملة الجماعة، وفقا لمقولة المرشد العام في البيان" وكل حالة تقدر بقدرها" والمعنى أن الإخوان سوف تتعامل مع الموقف كما تراه هي وفقا لتطبيق الشريعة الإسلامية التي تنص على الخروج على الوالي الفساد ولعل أشارة المرشد في البيان في قوله:"أن النظام مغتصب للسلطة مزور لإرادة الأمة مستمر في طريق الفساد والاستبداد"، وهذا معناه رفض تام لسلطة مبارك أو من سوف يورثه من خلال تمريره في مجلس الشعب الذي تم تزوير انتخاباته.
ثانيا: يأتي انسحاب الإخوان من مجلس الشعب في هذه الفترة التاريخية الحرجة في تاريخ مصر، رغبة منها في تأسيس عمل جماهيري يكون أكثر اتصافا بفئات الشعب حتى تمهد المشهد المصري لبروزها وتأصيل فكرة ( الإسلام هو الحل)، وفى أول رد فعل لشباب الجامعات من الإخوان فقد خرجوا في مظاهرات داخل الجامعات المصرية بتنديد التزوير الذي حدث فى الانتخابات رافعين أشارات( لا لتزوير) ( الإسلام هو الحل)، وهذه رسالة أخرى مفادها أن الإخوان سوف ينشطون مدنيا داخل ووسط عامة وفئات الشعب المختلفة.
وفى أول رد فعل على قرار انسحاب الإخوان فقد تضامنت معهم قوى المعارضة المختلفة وقد تضامن حزب الوفد مع الإخوان وقرر الانسحاب من جولة الإعادة في انتخابات برلمان 2010، أما على المستوى الرسمي من قبل نظام مبارك فلا تعليق يذكر غير تمسك الحزب الوطني بنزاهة الانتخابات وأن التاريخ سوف يسجلها لمصر في عدالة الانتخابات وحريتها.
وهكذا ينتهي الصراع بشكل مأسوي بين الطرفين(نظام مبارك - الإخوان) قبيل انتخابات الرئاسة في مايو 2011.
ومع افتتاح مشهد عام 2011 وبسلسلة من التصدعات الأخيرة في ورقة مصير نظام مبارك وحاشيته الأخيرة مع صعود التيار الإسلامي بقيادة جماعة الإخوان المسلمين التي حسمت كفة رحيل مبارك وتنحيه أثناء فيما أطلق عليها "ثورة 25 يناير الشعبية"، والتي تصدرت جماعة الإخوان المشهد الميداني في الأيام التي تلت(25يناير) عندما تأكدت من سقوط النظام وأن عليها التواجد وتحريك قوتها المتدربة والمنظمة محددة أهدافها منذ البداية فيما تريد وفيما تسعى إليه من حكم مصر بعد مبارك.
وإلى دراسة أخرى نلتقي بها معكم حول مصر في ظل حكم الإخوان سواء في البرلمان أو الرئاسة.!


_____________
الباحث هنا لم يثبت هوامش مصادره ومراجعه بأخر الدراسة نظرا للمساحة الإليكترونية وطبيعتها الفكرية من توصيل الرسالة الفكرية صافية بلا تشتت القارئ الاليكتروني فيما يعرض عليه من كثرة الهوامش ومتابعتها، والقارئ الذي يسعى إلى المصادر والمراجع فعليه بالعودة الجميلة بنفسه إلى أروقة المكتبات..!
فإن ترك بحثي وذهب إلى المكتبة كي يتأكد من صحة معلوماتي، فأنا كذلك قد انتصرت وحققت نجاحا أسعى إليه..!



#محمد_طلعت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيط الوهمي بين الأديب والفيلسوف.. وصناعة الحياة العربية قا ...
- رفس الجحوش - احك ياسواد- النهيق الاول:أيام الوصل والمحبة


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد طلعت - من قبو السجون إلى قبة البرلمان المصري (1) الإخوان المسلمون في عهد مبارك