|
أمنيات صغيرة
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 3613 - 2012 / 1 / 20 - 01:13
المحور:
الادب والفن
أمنيات صغيرة
هناك أوهام ٌ كبيرة ٌ ترضع ُ منها الأمنيات ُ الصغيرة ُ حليب َ بهْجَتها : وجه ٌ طيّب ُ القلب ْ . صديق ٌ يخونك.َ. من ْ أجْلِك ْ . جسد ٌ يشتهيك ْ . امرأة ٌ لا تذهب ُ عنك َ بعيدا ً .. دون سبب ْ . وطن ٌ يحْنو عليك َ كالأم ّ .. حتّى لو كنت َ ابنا ً عاقا ًَ . وأن ْ أراك َ صُدْفة ً في ممرات ِ الروح ِ فأشْعر ُ أنني لست ُ وحدي في هذا الوقت ِ من العُمْر ِ وأعلن ُ إنني سوف َ أحبّك َ .. إلى أن ْ أعيش ْ .
***
عاشت ْ أمّي خائفة علي ّ . وماتت ْ أمّي خائفة علي ّ . وفي كوابيسي الحلوة ِ بالأبيض والأسود ِ / كنخل ٍ مُجْتّث ْ / تزورني أمّي وحيدة ً إلاّ من الليل ِ ورائحة ِ التمر ِ لتخبرني بأنها .. / وهي هناك / لا تزال ُ خائفة ً علي ّ .
***
ليس َ كثيرا ً ما ابتهلت ُ به ِ للسماوات ِِ يوما ً فلم ْيَسْتَجب ْ لأبتهالي أحَد ْ : امرأة أحبها أكثر ممّا تحبّني بكثيرْ . ووطن ٌ يحبّني أقل ممّا أحبّه بكثيرْ . وبيت ٌ بحجم ِ الكفِّ في باحته ِ نخلة ٌ أستطيع ُ أن ْ أموت َ في شرفته ِ وحيدا ً كالسعف ِ اليابس ِ في أعلى الروح ْ . وأب ٌ لا يموت ُ إلا ّ بعد َ أنْ أبلغ َ العشرين من العُمر ِ .. وأم ّ ٌ لا تموتْ .
***
كمْ توسلت ُ إلى السماوات ِ أنْ أصادِفهَا وحدي في الطريق ِ من البيت ِ إلى المدْرَسة ْ وأرمّم ُ بها ما تداعى من الروح ِ شوقا ً إليْها .. فإذا بي لست ُ وحدي وإذا بدروب ِ القلب ِ مسدودة ٌ بالمتاريس ِ بينما يجوب ُ النهارات َ المُطفأة َ في جسدها الحُلو ِ جيش ٌ من ا لأوغاد ِ الأوائل ِ والأوغاد ُ الْجُدُد ْ .
***
كم ْ تضّرعتُ إلى الستائر ِ نصف المُسْدَلة ِ في " الطوبجي " أن ْ يمنحني أحد ٌ ما شبرا ً من هذه ِ الأرض َ / التي كان قطار ُ الحرب ِ العراقيّة ِ - الأيرانيّة ِ يمّرُ بها / وأن ْ تغمرُني في العربات ِ المكتّظة ِ بالجنود ِ و " العرَق ْ الزَحْلاوي ّ " لحظة ُ دفء ٍ أشعر ُ فيها لوهلة ٍ أنني أنتمي لهذي المنازل ِ في " اليرموك ِ " و " القادسيّة " التي سَأقتَل ُغدا ً من أجل ِ نسوَتِها - الحُلم ُ الخادرات ِ في أسِرّتِهن ّ وصبيانها النائمين َ إلى الظهْر ِ بكفالة ِ روحي .
***
كم ْ توسّلت ُ .. أنْ يخبو ضوء ُ الفانوس ِ في " صرائف ِ" القهر ِ فلا تَدِب ّ ُ علينا البعوضات ُ السمينة ُ من السقوف ِ الخفيضة ِ كسماوات ِ الصعاليكْ . كم ْ توسّلت ُ .. أن ْ تبقى عصافيرُ الرغبة ِ الطافرة ُ من أعينهن ّ مضاءة ً في الكورنيشات المُندرسَة ِ والحدائق ِ البائدة ِ وأن ْ لا تكتّظ َ أماكن ُ العشق ِ ببنادق ِ الكلاشينكوف ِ وبالوجوه ِ الصفيقة ِ كالبساطيل ْ. كم ْ توسّلت ُ .. لكي لا تفرّ من ْ مستودع ِ الأمنيات ِ بنات ُ الجيران ِ وطالبات ُ المدارس ِ وخبز ُ " التّنْور ِ " وأن ْ تُباغِتُني شفتاها / ولو لبرهة ٍ / في " ليلة ِ القدْر ِ " فأقضي ما تبّقى من العُمر ِ بأنتظار ِ ليلة ٍ أخرى لا أقدارَ فيها .. عداها . وكم ْ توسّلْت ُ .. لكيْ أحصل َ من هذا العُمر ِ على أشياء َ صغيرة ٍ جدا ً وتوسّلْت ُ .. لكي ْ أستطيع َ أن ْ أقول َ لها خِلْسَة ً : أحبّك ِ .. وأمضي جافلا ً وتمضي جافلة ً من هذه ِ الوقاحة ِ العابرة ِ للقلب ِ .. فلم ْ يستجب ْْ لأدْعية ِِِ اليُتْم ِِ هذي أحد ْ .
***
ليست المجرّات ُ موحشة ٌ كما يدّعون ْ فأطلب ِ اللجوء َ إليها وأكتَسِب ْ جنسيّة َ الكواكبَ الأكثر َ بُعدا ً عن مملكة ِ الجُذام ِ هذه ْ ودَع ْ أمّك َ / ولو للحظة ٍ / تطمَئّن ُ عليك ْْ .
***
أوهام ُ كبيرة ٌ .. وأمنيات ٌ قليلة ٌ .. وصَخْر ٌ كثير ْ .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من الليل ِ .. إلى الليل
-
أبراج الحظ الوطنية
-
على بُعد ِ ليل ٍ .. من الأندلس ْ
-
لم َ لا
-
سيرة ٌ من ثلج .. لكائنات ٍ من مطر ٍ وطين
-
مصفوفة الروح
-
أنتم لا تطرقون الباب .. وسيدتي لن تجيء
-
مشكلة الدجاجة .. وإشكاليات الديك
-
الدور الأقتصادي للدولة في العراق : اشكاليات ومحددات التأسيس
...
-
طغاة .. وكرنفالات .. وقبائل
-
جنود أيلول .. قطارات سبتمبر
-
تأبين ٌ متأخر ْ .. للمقهى البرازيليّة
-
بغداد .. سينما
-
الكتابة في درجة خمسين مئوي
-
بين بغداد .. وضحاها
-
توصيف النظام الاقتصادي في دساتير الدولة العراقية 1925-2005
-
البيان الأخير لحوت العنبر
-
الأداء الأقتصادي للقطاع الخاص في العراق :(الخصائص والمحددات
...
-
العراق والكويت والولايات المتحدة الأمريكية : مأزق الملفات ال
...
-
القراءة الخلدونية ( حكايات جديدة لأطفال ٍ في الستين من العمر
...
المزيد.....
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|