أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف حسين الحلبي - البحر الذي ينوء بالهيجان














المزيد.....

البحر الذي ينوء بالهيجان


نايف حسين الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3611 - 2012 / 1 / 18 - 22:57
المحور: الادب والفن
    


هذا اليوم هو التاسع من آذار، البحر مضطرب وأمواجه تعصف بالمكان ورياحه عاتية، منظر قلما تجده على شواطئ الكويت.

المكان يبعث على الفرح والحب، نسمات رطبة وعليلة تنعش الروح، ورياح مشبعة بالهواء النقي، كنت متحسباً لهذه الأجواء
من البرد، لذلك كنت احرص على تواجد جاكت من الصوف، وشال " لفحة"، على الدوام في سيارتي التي لم تبعد عني أكثر
من بعدي عن شاطئ البحر.

الأجواء اقرب للبرودة، والرياح تبعث على التفاؤل والانشراح، نسمات مشبعة بالأوكسجين النقي.... قمت ببعض من تمارين
التنفس لإدخال اكبر كمية منها إلى رئتي بعد إلقاء التحية والسلام على البحر، وعلى كل من يعيش بداخله، كما كنت افعل في كل مرة،

وقمت ببث ذبذبات من المحبة في أرجاء المكان في جلسة من التأمل، للتعبير عن امتناني لكل الكائنات المرئية وغير المرئية،
ولهذا التناسق البديع، ولهذا الكون الجميل المتناغم.

وهذه من الآداب التي أقوم بها عند الدخول لأي مكان، فهنالك أشياء لم نرها، لأننا لم ندركها بداخلنا، ولم تكن متبلورة في عقولنا،
وهنالك خلق لم نستطع تلمسه أو استشعاره، فكل ما ندركه هو ضمن مداركنا وأحاسيسنا .

تعبث في فكري ألان أشياء كثيرة، ولكني؛ لا أريد لها أن تأخذني من عالمي هذا الذي بين يدي، فلا أريد أن ابتعد عن اللحظة التي
أعيشها ألان.

أنا في مكان يحلم به الكثيرون من أبناء العالم، بل يحلم به المليارات من الأشخاص، وعلي أن لا ابتعد بفكري وعقلي لأكثر من هذا،
علي أن أكون مع البحر ألان وأعيش هذه الأجواء الجميلة واستشعر نسماته واستمتع بها.

ولكن!! لا بأس الجلسة من بدايتها ألان، ومن الطبيعي أن يحدث هذا الإرباك لعقلي، ويجعلني أتوه بعض الشيء، ولكن عليّ لجمه
وقيادته حيث أريد قبل أن يعكر علي صفو المكان.

لعل بعض تمارين التنفس هذه قد فعلت فعلها، و هذا النسيم العليل قد تغلغل في شراييني ليعمل على تهدئة عقلي. ويبعده عن
ألعابه البهلوانية. إن طريقة اعتذاري - من صديقي مرتضى الباكستاني قبل مجيئي لهذا المكان - جَلبت الرضا لنفسي.

عذرا أريد الجلوس لوحدي بعض الوقت، كانت الصورة واضحة لديه، وفهم الرسالة، وعرف ما أريده، وكانت ضرورية
لرسم حدودي ، وساعدني وضوحي وصراحتي معه على ألابتعاد عن الكثير من مواقف التذمر والرسائل الغير مباشرة،
والتي في الغالب لم يتم قراءتها بشكل صحيح وتترك لدي أثار سلبية.

نعم إن مليارات من الناس تحلم بهذه الجلسة، وهذه الإطلالة الجميلة، وهذه الوحدة التي أنا بها ألان، فلماذا لم أعشها؟

ولم استمتع بها بكليتها، واسخر كل ما لدي من ملكات لها؟؟
ولماذا تبعدني عنها الأشياء، أو تبعدني عنها أفكاري؟؟

الحقيقة إذا لم استمتع بهذه اللحظات فلمْ استطيع الاستمتاع بشيء بعد الآن،
ما الذي أريده أكثر من ذلك؟ من لا يعيش هذه المتعة لاشك انه يحمل بداخله مخزون غبي، أو عقل ملوث.
لماذا أربك نفسي بحمل كل أوساخ الماضي، لأضعها في هذا المكان الجميل ليكون حجر عثرة يفصلني عن متعة ما أنا به ألان ؟

ولكن لا!!! علي أن اُطهر نفسي من أدرانها في هذه الأجواء، لا أن أحملها أكثر مما تحتمل، هذه الجلسة قد لا تتم إلا في جزر نائية،
وبمناطق يصعب الوصول إليها لأناس مثلنا، ولا تتاح إلا للمتنفذين من أبناء العالم، وسادة القوم، أو من امتلأت جيوبَهم وانتفخت
كروشهم.

لذا!! علي أن استشعر السعادة بكل إبعادها في عقلي أولا، وفي نفسي، وفي روحي، وهذا ما حدث، وكان لي في كل وقفة هنا قصة
وحكاية مع البحر، ومع تراتيل أنغامه وعبق حبه وسر أسراره، فراحت الحياة تجري في عروقي من جديد، وتبعث بي دفئ المكان،
وجعلتني أحيا بعالم لم أشهده من قبل ولم أعشه، ولم أرَ بمثل جماله, الوحدة والسكينة دخلت أعماقي وحررت روحي وعقلي من براثن
جهلي، لأعيش مع الطبيعة، مع الله، مع النور القابع في أعماقي.

فقط هي لمسات طفيفة، كانت كفيلة بإزالة الغبار المتراكم عبر سنين طويلة على منابع النور التي بداخلي، وكفيلة برسم شخصيتي
الحقيقية،
المتحررة من أسر المجتمع والمنفلتة من عقال الذات والانا والمعتقدات التي تنخر عظامي وتجعلني مستلب لها ..

عالم يشدني بسحره وجماله لأعيش مع كل نفحة حب إلهية تنبعث من أعماقي ، طاردتني الكثير من الأفكار التي تريد أن تبعدني
عن ما أريد
الوصول إليه، ولكنني ابعدتها عني بكل قوتي، وأصبحت ممسكا بزمام أمري، وعملت على إبعادها بقطع المنابع التي تغذيها.

فقط هي لحظة انسجام مع الذات، ووقفة تفكر بسر أسرار هذا الكون الشاسع، وبالطريقة التي استطيع بها الانسجام والتآلف
معها، وكان كل ما حولي يوحي إلي بأشياء جميلة،

أيقظت عقلي من غفوته، وحررتني من عقدة الخوف التي في أعماقي، ومكنتني من الولوج لسبر أغوار ذاتي بكل حرية، لتسبح
عبر فضاء رحب في عالم اللامحدود.



#نايف_حسين_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصالح مع نفسك في أصعب الظروف
- الطريق الى الله
- لحظة تأمل قاسية
- تعلم الأصغاء للأخرين
- العالم المجنون
- العناية الإلهية
- الوحدة والغراس الطيبة
- الحياة والموت
- الجدل
- ملاك الخير
- امس وصل العتب ورحلة لم تكتمل
- الشمعة والليل
- حلم كنانة
- الكتابة - وجهتي الاولى بيروت
- اخاف ان تخضعني لتجربتك
- لحظة ملل
- جلسة على شاطئ بنيدر


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف حسين الحلبي - البحر الذي ينوء بالهيجان