أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال القرى - قراءة اولية تقييمية لنقاش تشكيل تيار لبناني علماني وطني















المزيد.....

قراءة اولية تقييمية لنقاش تشكيل تيار لبناني علماني وطني


جمال القرى

الحوار المتمدن-العدد: 3611 - 2012 / 1 / 18 - 22:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا بدّ من إجراء قراءة تقييميّة اولية لمحاولة الربط بين فشل حملة اسقاط النظام الطائفي، وبين الدعوة لفتح نقاش جدّي، ومن أجل الإضاءة على بعض الصعوبات التي تعترض اقامة لقاء مدني علماني ديموقراطي لبناني، والافادة منها لاحقاً، بهدف إحداث خرقٍ في بنية النظام اللبناني الطائفي، لإصلاحه ومن ثم تغييره.
مما لا شك فيه، ان غالبية المدنيين والعلمانيين اللبنانيين ينتمون بشكل عام الى "اليسار"، او يصبّون في مصبّه، وهم من المفترض أن يكونوا قوى اجتماعية، تنشأ من قلب صراعات المجتمع، وتواجه سياسة السلطة، بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والمواطنة....،وتنحاز حكماً للفئات الفقيرة والمهمّشة. وهو ليس حالة فكرية جامدة، بل متحركة ومتطورة، بتحرّك وتطور المجتمع، وإلا يدخل في أزمة بنيوية تشلّه، وتفقده معناه وجدواه.
في لبنان، يعيش اليسار أزمة حادّة، جزء منها يستقيها من أزمة مكوّنه المجتمعي الطائفي، وآفاقه المسدودة، وآخر، نتيجة انعكاس أزمة اليسار العربي والعالمي عليه خصوصاً في ظلّ المتغيّرات العالمية، وهو، لم يتلمّس طريقاً لحل ازماته، بل ان كل ما يقدّمه لا يزيده الا غربةً وتراجعاً، نتيجة ثبات مفاهيمه وايديولوجيته وادواته، وتربّعه على عرشٍ يطالب أي دعاة تغيير للإلتحاق به، وهو النخبوي الذي حقّق في تاريخه انجازات كبيرة وكثيرة، الى حين تخلّى عن دوره، والتحق بقوى الطائفية السياسية زمن الحرب واشترك في معاركها، ولم يُجرِ مراجعة نقدية لمواقفه. عدا عن أنه وكما اتّضح، انه لا يملك برنامجاً، جُلّ ما في الإمر، ان كل ما بقي لديه ليست سوى أفكاراً نخبوية، لا تمّت الى واقع الجماهير بشيء، ممّا زاده غربةً وفشلاً وتشرذماً وانشقاقاً، اضطرّه، وبما تبقّى لديه من مؤسسات، للهروب الى حضن قوى طائفية جديدة، وقوى اقليمية، في حين ان مجموعات منه، انتقلت الى حضن قوى طائفية أخرى، وباءت بالفشل بعد ذوبانها بها، ومجموعات قرّرت البقاء بعيداً عن اي اصطفاف.
في ظلّ المتغيّرات العالمية الكبرى، ونتيجة العولمة التي ظهرت كبُعدٍ اقتصادي وثقافي عالمي، تتحكّم بالعالم كله من خلال منظومتها الاقتصادية والسياسية عبر النظام العالمي الجديد، أضحت كل أنظمتنا العربية، الشريك الذي تنفُذُ من خلاله الى داخل مجتمعاتنا، وتحوّلها الى أدوات تخدمها، وتُنفّذ سياساتها مقابل البقاء في السلطة. أدّت هذه السياسات الى إلغاء الطبقة الوسطى، وألحقتها بالطبقات الدنيا التي ازداد فقرها فقراً، وتهميشها تهميشاً، وتفشّت البطالة، وغاب السكن، وقلّ التعليم، وتراجع الغذاء، وتصحّرت البيئة، وضُربت الصناعات المحلية، وانتُهكت الحقوق، وزاد التناحر الطائفي والمذهبي والاتني، وليحلّ بالمقابل، اقتصاد ريعي خدماتي مصرفي، تُفيد منه رؤوس السلطات واتباعهم ومن يدور في فلكهم، على حساب غالبية اعضاء المجتمع، ونشأ بذلك ما يُسمّى ب"اقتصاد السوق".
فرَض هذا الواقع تغييراً جذرياً، إذ أصبحت الاعداد المتضرّرة من تلك السياسات الاقتصادية، غفيرة ومتنوعّة ومنتشرة في كل دول العالم، جُلّها من فئة الشباب المهمّش والعاطل عن العمل، والذي بدأت مجموعات منها بتحرّكات احتجاجية واسعة في الشوارع، وذلك إثر استفحال الأزمات المتكرّرة التي يسببها "اقتصاد السوق". هذه الاحتجاجات لم تعد حكراً على الاحزاب او المجموعات اليسارية بشكلٍ عام، ولا على اليسار التقليدي بشكلٍ خاص، إذ لم يعد قادراً لا برنامجاً ولا فكراً ولا تحرّكاً على مواكبتها، فهو لا يزال متسمّراً في تاريخه، يغرف منه، في حين انها اصبحت، هي، قوى فاعلة تستفيد من ايجابيات العولمة ، تستخدمها للحدّ من سلبياتها، ولتتجاوز بذلك "اقتصاد السوق".
هذه القوى، هي نفسها التي تحرّكت منذ أكثر من عام، في ما سُمّي بالربيع العربي. ولأنها طالبت بالتحديد بالخبز( اصلاح اقتصادي يتجاوز مفاعيل اقتصاد السوق)، وبالحرية( المشاركة في القرار السياسي)، وبالكرامة( احترام حقوق الفرد والانسان)، فهي حكماً سعت ولا تزال الى كسر الحلقة الاساسية التي تربط رأس النظام، بالنظام العالمي، مما يحيلنا الى أن نجاحها، يخلّصها من الاستبداد ومن "الهيمنة الامبريالية" معاً، وليس كما يحلو للممانعين بالفصل فيما بينهما، وتصوير ان محاربة الامبريالية تستوجب التحالف مع دول الممانعة لمواجهتها، حتى ولو كانت استبدادية، وكأنهما ليسا حليفين، او وجهان لعملة واحدة، وكأنّ الامبريالية ستزول بإعلان الحرب عليها، وهي لا تحمل بداخلها بذور تناقضها .
على إيقاع هذه المتغيّرات، تحرّك الشباب اللبناني، الشبيه الظروف الاجتماعية والاقتصادية بندّه العربي، والمختلف عنه بخصوصيته الطائفية اللبنانية المعقّدة، والمحكومة من رؤوس استبدادية يصل عددها الى 18، ليخوض اول مغامرة جريئة له، بالخروج في مظاهرات ضمّت الآلاف من العلمانيين والمدنيين، المطالبين بإسقاط النظام الطائفي، ولتنتهي سريعاً بعد فشلها، ليس بإحداث خرق في بنية النظام، بل بأنها أولاً،اصطدمت من داخلها بوجود شباب علماني ويساري حَرَفَ التحرّك عن أهدافه، كونه يشكّل طرفاً في اللعبة السياسية الداخلية والاقليمية، عبر تمثيله لأحزاب وتيارات متحالفة مع قوى 8 آذار، بمحاولته انتشال قيادة التحرّك المستقّلة، لإغراقها بشعارات فئوية تحمّل فريقاً واحداً مسؤولية تدهور الاوضاع، وتخوّن كل ما عداها من المستقلين، ولعدم السماح برفع شعارات تضامن مع الشعب السوري، ولعَصم فريق آخر بحجة الممانعة والمقاومة. وثانياً، لأنها حكماً، لم تكن قد بلورت بعد رؤيتها السياسية وبرنامجها. وثالثاً، لأن هناك تباين واضح في المواقف من الثورات العربية، وخصوصاً السورية منها. ورابعاً، هو عامل الاستقواء بقوى الامر الواقع، والتي ليس من مصلحتها إحداث أي تغيير يُذكر.
أدّى فشل التحرّك، الى فرزٍ جديد بين العلمانيين والمدنيين، فالفئة، الطرف الهارب من الفشل الداخلي، ها هو يسعى الى محاربة الامبريالية كأولوية على جدول أعماله، ثم يعود بعد إنجازه وحلفائه مهمتهم بنجاح، الى العمل على التحرّر الداخلي، وعينه على الشارع، خوفاً من مغامرة جديدة. أما الفئة الشبابية الأخرى، والمستقلة بغالبيتها، والمتنوعة المشارب الفكرية ، فيُظهر النقاش تمتّعها بثقافة واسعة ومغايرة للثقافة الايديولوجية، منفتحة، كثيرة الاطلاع والمرونة، لا تشعر انها بحاجة للمرور بوساطة الاحزاب السياسية، ولا بأي نوع من الايديولوجيات للتعبير عن نفسها. فهي على مايبدو مستمرة بالقيام بقناعاتها الاصلاحية عبر الانخراط في تحرّكات شبه يومية من خلال مؤسسات المجتمع المدني، او من خلال خلق تجمعات مدنية تُعنى بأمور البيئة، وتطالب بحقوق الانسان وحقوق الطفل، وتشرح معنى المواطنة، وتناضل لاستصدار قوانين تحمي المرأة من الاجحاف المجتمعي والقانوني اللاحق بها، وتسعى الى إصلاح قانون الانتخاب ، والى اقامة نقابات مستقلة، وفضح الفساد، وتبيان مخاطر النظام الطائفي القائم، وتخضير الاقتصاد وسبل تخليصه من التبعية ليصبح لاحقاً اقتصاداّ منتجاً......ريثما تستطيع لاحقاً من تجميع كل طاقاتها المتفرّقة حتى الآن، في اطار سياسي شامل، جامع ومتنوع يضم ديموقراطيين وليبراليين ويساريين، وانتخاب قياداتها من صفوفها. ويبدو انه وبالرغم من تجربة هؤلاء الشباب السياسية القصيرة نسبياً، فقد استطاعوا ان يرسموا لأنفسهم خطوطاً عريضة مهمة، إذ بسرعة يحاولون ان يتعلّموا من أخطائهم، وبجرأة ملفتة، وبالتحديد، يحمّلون بعض النخب الثقافية مسؤولية ما حصل من اخفاقات، نظراً للدور الذي تلعبه كحامية للسلطات، او بالعكس، كمروّجة للنيوليبيرالية ، ويصبح دورها بالتالي معوّقاً لهم، ولا ضير عندهم من التسميات، فلتكن يسارية او ديموقراطية، او حتى تسميات من خارج المألوف، المهم عندهم هو تجميع ما يصبون اليه مجتمعين في برنامج يحملونه، وهو برنامج ليس نخبوياً، ولا تُسقطه نخب، هو يحمل هموم وقضايا المجتمع، وينبع من آلامه وآماله، بانتظار فرصة التغيير لبناء دولة المواطنة، دولة مدنية علمانية وطنية.
تثبت النقاشات التي جرت حتى الآن، ان هؤلاء الشباب لم ولن ييأسوا، وسيستمرون في نقاشاتهم من اجل تقريب وجهات النظر فيما بينهم. هم فعلاً مختلفون، واهمية اختلافهم عن الاجيال السابقة تكمن في طاقاتهم وانفتاحهم وجرأتهم وثقافتهم الواسعة، وفي تحمّلهم للمسؤولية، وإنهم مع اترابهم في العالم العربي وغير العربي سيشكّلون لاحقاً قوة تتجاوز اقتصاد السوق، قوة تعمل من أجل أنسنة العولمة، ولو بدا الامر احياناً كأنه تراجع او خسارة في بعض الاماكن او المواقع نتيجة التفاف قوى محلية متحالفة مع قوى خارجية، من اجل إعادة انتاج استبداد آخر بحلّة جديدة، فإن ارادتهم التي كسرت المحظور التاريخي، ستستطيع كسر اي محظور آخر.



#جمال_القرى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة سريعة ومقتضبة في الثورات العربية
- دعوة لفتح نقاش جدي
- الفتوحات العربية في روايات المغلوبين


المزيد.....




- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال القرى - قراءة اولية تقييمية لنقاش تشكيل تيار لبناني علماني وطني