أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالله خليفة - قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي 2، 3، 4















المزيد.....

قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي 2، 3، 4


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3607 - 2012 / 1 / 14 - 23:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


قناة الجزيرة تزييف الوعي العربي الحلقات 2، 3 ، 4 ،
قناةُ الجزيرة: وتزييف الوعي العربي(2)
قامت الأسرةُ الحاكمةُ في قطر بإنقلابها على الأبِ المؤسس بإلغاء أبسط العادات الإسلامية حيث ينصُ القرآنُ على توقير الأب والأم وعدم قول الأف لهما، وهذا يعني إعتماد الإصلاح المتدرج وتطوير الحياةِ الأسرية والأوطان بشكلٍ عقلاني.
فبعد طعن الأسرة يحلُ كلُ شيء، وتُستباح المحرمات، وتتحللُ الجماعةُ المغامرةُ من الأخلاق، وتبيحُ أي شيء من مغامرات سياسية ومن تلاعب بالأموال العامة وتُدخلُ دولَ الخليج في علاقاتٍ خطرة مع أنظمةٍ وجماعات شمولية إرهابية، وتصيرُ مصلحةُ هذه الجماعة فوق أي عرف وأخلاق وأسس عقلانية وديمقراطية!
وحين تعلمنا المحطةُ بأخلاقِ الإسلام كل يوم يجب أن تعلمَ نفسَها أولاً وتعلمَ الأسرةَ الحاكمة فيها التي إستباحتْ كلَ شيء! أما الساكتون من (علماء الإسلام) على ذلك فهؤلاء من نفس العينة فهم خدم السلاطين المراهقين هذه المرة.
إذن تأسست قناةُ الجزيرة على أسسٍ إيديولوجية إنتهازية مائعة مع غياب نظرة ديمقراطية نابعة من القوى المحلية الوطنية، مثل طبيعة السلطة التي تكونت في قطر حيث الفردية، غير المتجذرة في نمو حضاري ديمقراطي نابع من فئات عليا وسطى تنامت في المجتمع وفرضت مقاييسها التحديثية.
أي أن ظهورها كنخبة فردية متحللة من قوى تقليدية مؤثرة أو شعبية أتاح لها أن تتحرك وسط خيارات دينية محافظة وقومية مضمرة بشكل إنتهازي مغامر قوي، فغدا صعودها بأي طريقة متحللة من الأخلاق والمبادئ ومدعية بها كذلك!
هي ثوريةٌ كاذبةٌ لكن تحاول لصق نفسها بالثورية دون أن تنجح في ذلك للأسباب الموضوعية المذكورة سابقاً، نظراً للمنحى الديني المحافظ القائم على سلطة قبلية سيطرت على موارد دولة غنية بالنفط والغاز، وتحكمت في كيفية توزيع هذه الثروة، دون أن تدخل نفسها في تحويل بلدان الخليج العربية بشكل تنموي نهضوي وديمقراطي مشترك.
من هنا تتشكل سياسة العروض والرغبة في الإبهار ومتابعة الأحداث الساخنة دون موقف نضالي حقيقي، مثل إستخدام الأسماء الكبيرة في الفقه والصحافة القومية، فالنجومية ضرورية وهي تعني القدرة البترولية الغازية على شراءِ الذممِ والأسماء وأدلجتها لصالحِ سياسة العروض.
إن الارتكاز على شخصيتين مثل الشيخ يوسف القرضاوي والأستاذ محمد حسنين هيكل، هو شكلٌ لتلك العروضية المؤدلجة الإبهارية دون مضمون كفاحي حقيقي.
فهو إستخدام لشخصياتٍ توقفتْ عن الحفر الديمقراطي الحديث سواءً في الإسلام أو في القومية العربية، فالشيخ القرضاوي يقدمُ آراءً فقيهةً جزئيةً مطلية ببعض الحداثة، لا تجعله مجدداً وذا حَفرٍ عميق في الفقه والتراث الإسلاميين، فهو يكرسُ المذهبيةَ السنية المحافظة، مرتداً حتى عن مؤسسي التنوير الإسلامي كالأفغاني ومحمد عبده، وليست له علاقة بالتجديدات الجارية بقوة في عمليات التجديد في الوعي الإسلامي، يشتغل مثل المحطة لتصعيد قوى الأخوان والشركات المالية الدينية للهيمنة على العالم العربي.
لقد تخثرَ فقيهاً ونظرياً، وهو ما يؤسسهُ عيشهُ في بلدٍ محافظ كقطر، مؤسس لوعي أخواني تقليدي يتحرك للسيطرة على العالم العربي، فلم يعارك حتى التحولات الفكرية والاجتماعية في مصر منبع هذا الشكل الوسطى المتذبذب من الوعي المذهبي المرتبط بفقهِ الإقطاع، وليس بفقهِ الثورةِ الإسلامية المؤسِّسة.
وهذا بسبب العمل مع دولة إقطاعية المضمون مشكلةً لرأسماليةِ دولةٍ شمولية مستغلةٍ لثروة ضخمة بشكل إستبدادي وربطت نفسها بسياسة المغامرات للدول الشمولية والجماعات الأرهابية .
فهنا تتحول التجديدات الثانوية الفقهية للشيخ إلى عرقلة لتطور المسلمين المحتاجين لثورة فكرية ديمقراطية تنأى بالاستخدام المذهبي الذكوري المتسلط للدين، وتخلق مقاربة بينهم وبين الرأسمالية الديمقراطية العالمية في أقل إحتمالاتها الممكنة في المنطقة الخليجية العربية وتعمل على توجيه الثروة والثورة للتغيير العربي الإسلامي التوحيدي. وهذا ما يفعله راهناً بدعوة الناخبين في مصر(يوم21 نوفمبر 2011)بعدم إنتخاب من يشرب الخمرة لأنه فاسق حسب رأيه وهو حكمٌ خطيرٌ يتناقضُ مع قوله بضرورة إنتخاب الأكفأ، وهل يؤدي شرب البيرة إلى تعطيل العقل والفساد السياسي كما تفعل أنت في عاصمة المغامرة؟ ألا يعطل عقلك الديني ما تأخذهُ من أسرةٍ حاكمةٍ لها هذا التاريخ غير المشرف المغامر الخطير على نضال المسلمين ووحدتهم؟!
هذا نموذجٌ لرفعِ الحكم الفقهي الشكلي إلى مصافِ القانون المقدس، وترك التوجيه المقدس في القرآن عن العائلة!
إن تغييبَ الشيخ للمنحى الثوري التأسيسي في الإسلام هو مواكبةٌ إيديولوجيةٌ للإقطاع الحاكم في قطر، مثله مثل تغييب هيكل لمنحى التجديدات الديمقراطية في القومية، فهو قد قام بتحويل عمل المناضل الرئيس جمال عبدالناصر إلى أسطورة أخرى مثلما عمل القرضاوي بتحويلِ الثورة المحمدية إلى أسطورةٍ وهي حراكٌ تاريخي محددٌ له جوانبه الايجابية والسلبية، بدلاً من أن يقوما بدرسِ أسبابِ الثورتين الاجتماعية وصراع الطبقات فيهما، بتجمدِ الديمقراطية في الثورة الأولى وتحولها إلى إقطاع سياسي، وعجز الناصرية عن التحولِ إلى الديمقراطية نظراً لهيمنة رأسمالية الدولة الشمولية مثل الحالة في قطر التي تخلقُ ثورةً زائفةً باسم الثورة الحقيقية التي ترفض الولوج في أولياتها وتترك مراقبة الثروة للشعب عبر برلمانٍ منتخبٍ بل تقوم بتوزع الثروة على الإعلاميين المُضِّللين وفئات النفاق والاستغلال المختلفة.
إن خطابات الضيفين الدائمين على الجزيرة الفضائية السَابقي الذكر نموذجين لتجميد الأفكار الثرة للإسلام والقومية وتحنيطها في أشكالٍ متيبسة، لا تقتحمُ الواقعَ، أو الأوضاع العربية المتفجرة، فتضيئها، وترشد خطواتها وتخلق عقلانية في نضالها، بل تقدم فقهاً ووعياً لما يشتيه السلطانُ الشمولي العابثُ بالأموال العامة ومصير العرب والمسلمين!
ومن هنا فتاريخ القرضاوي الأخواني المضاد للناصرية، وتاريخ هيكل المضاد للأخوان، يمكن أن يتلقيا في برامج منفصلة، وكل منهما يبثُ خطابَه بدون إغتناء مشترك، وبدون تجاوز لخطابات شمولية غدت متحجرةً متصحرةً، في عالمٍ يغلي بالتحولات، لأنهما تيبسا عن المضامين الحية للواقع المضاد للعالم الإقطاعي المحافظ المؤسَّس في الإسلام والمؤسَّس في القومية العسكرية الشمولية معاً!
نحن نأخذُ الشيخَ والأستاذَ في التلفزةِ المؤدلجةِ الجزيرية، كجزءٍ من عروضٍ واسعة، يُقصد بها جذب المشاهد والتعكز على الأسماء ثم تسريب مضامين سياسية عبر موادٍ أخرى مضللةٍ هادفةٍ لترسيخ وعي معين، ونشر سياسات خطيرة مضادة لتطور الأمة العربية والمسلمين، علينا متابعة ظهوره وتشكله.



__________



عبدالله خليفة
الجزيرة: وتزييفُ الوعي العربي(3)
نظراً للخطِ السطحي المذهبي السياسي اليميني الذي نشأتْ به فضائيةُ الجزيرة فإن الموادَ الطافحةَ المثيرة التي ظهرتْ في السنوات الأولى لعمرِها كانت القاعدة وبن لادن وصدام حسين وغزو العراق وغيرها من المواد التي هي بذاتها عروض.
زمنية بن لادن تحدد المنحى الأولي للجزيرة وطاقمها ومستواهم الإعلامي وقدرتهم الفكرية.
إن زمنيةَ صعود بن لادن تتماشى مع الوهابية العريقة في السعودية وقطر، فهي الشكل الجامد الإقطاعي البدوي للاختلاف مع البشر ومع المسلمين أو ضدهم.
هي المعاندة الطفولية للاستعمار، الناتجة من تغلغل الحنبلية في الجزيرة العربية وزيادة جمودها وتصحرها، وتحولها لعصابات ذبح وسرقة وإعتقال للمسلمين في أزمنةٍ سابقة، ثم تدفقت الثروةُ على بعضِ أصحابِها فحولوا الثروة لثورة إرهاب أو عروض إعلامية مبهرة زائفة تشترك في ذبح البشر أو السكوت على إيديولوجية الذبح!
إلتقاء الشكلين من العروض السياسية والإعلامية والإرهابية هو نتاجٌ لذاتِ المذهبية الشكلانية إسلامياً، التي تتحولُ في يد شيوخِ سلطةٍ وشيوخِ دينٍ إلى دكتاتورية سياسية سلمية أو عنيفة، كلٌ في موقعه!
الجانبان هنا يأخذان المذهبَ المحافظ وقد تحول إلى هيمنة طبقية إستغلالية غير ديمقراطية وينتقيان ما شاء لهما الهوى السياسي، أحدهم يحولهُ إلى هجوم بالطائرات على البرجين والثاني يعرض ويبهرُ بهذا الأجرام وينشرهُ في كل مكان!
لم يقم الطاقمُ الإعلامي بدرسٍ مسبقٍ طويل للظاهرات الاجتماعية والسياسية في الإسلام المعاصر، خاصة تاريخ الحنبلية وعلاقاتها بالوهابية، وكيف جاءت وكيف حدث التجميد لتطور الإسلام في العصر الوسيط ولتطور القبائل في الجزيرة العربية وأين ذهبت مداخيل النفط عن تغيير الحياة التقليدية العنفية لهؤلاء!
ولهذا يعمم هذه الصورة الإرهابية الدموية للإسلام كصورة بطولية!
إن الوعي الأخواني المشكل بتسطحٍ لرؤيةِ الإسلام بعينٍ يمينية إستغلالية إنتهازية كليلة النظر سوف يفصل بين ظاهرة بن لادن والواقع المحافظ للجزيرة العربية وأنظمتها الاقطاعية المسيطرة على الثروة النفطية وبين المغامرات الإرهابية لبن لادن.
وسيكون لقاء بن لادن المقاول الاقتصادي النفطي والظواهري المتعلم المصري غير مدروس كلقاء فئات إستغلالية ثرية في الجزيرة العربية للمثقفين والمتعلمين الدينيين والسياسيين العرب وإستخدامهم للأدلجة العصابية المذهبية والقومية، في مرحلةِ التأسيس للخطاب الأخواني بشكله الدموي حينذاك وللخطاب القومي المتجمد بشكله المستمر.
إن المقدم المنبهر بعروضه والقادم من الأخوانية الفلسطينية أو المصرية هو نفسه يدخلُ حمامَ الدم كجزء من نضال قوي، نافخاً في شخصية بن لادن محولاً إياه لبطل خارق، ورمز إسلامي، ويستحيل عليه تقديم قراءات عقلانية لمثل هذه الظواهر، ويتابع كمؤلفِ أرسين لوبين الأحداثَ البوليسية السياسية مفصولة عن المذابح وحمامات الدم التي تجري للبشر، ومن هنا تغدو هروبية بن لادن وإختفائه في إفغانستان واللجؤ إلى الكهوف لا تثير فيه أي شيء من تاريخ الفرق الدينية الإرهابية كالخوارج التي نبذت المدنيةَ والسلم والديمقراطية والحضارة، فلا يستطيع أن يفهم هذا كتحللٍ لجماعات دينية خرجت من الحياة المدنية الحديثة، ومن الطبيعة البشرية، لعالم الحيوان، بل يعرض ذلك كبطولاتٍ ويتابعها في جبال قندهار ورسائل بن لادن المفخخة للبشرية، مشدوهاً مذهولاً(لعظمة هذه البطولات)!
إن الأخواني وقد أُلتقط من حارات مصر الفقيرة أو من غزة يتم ذلك بمستويات عدة لابناء الفئات الوسطى المتجمدة فكرياً وسياسياً، فيتم إغراقه في غاز قطر، وسواء كان ذلك على مستوى شيخ هام كالقرضاوي أو على مستوى كاتب كبير كهيكل أو كمذيع مثل أحمد منصور، أو مثل الظواهري الذي يُحال على الخدمة الحربية في إفغانستان، هم أفراد من فئات وسطى تاهت عن طبقتها البرجوازية، التي لم تستطع أن تقوم بمهمتها النضالية الديمقراطية في بلدها وتؤسس الحداثة، تحليلاً للإسلام بتوجيهه نحو الديمقراطية، أو بتعرية القومية كدكتاتورية، أو كنقدٍ ضد ذروة التدهور عبر الظواهري الذي يصير إرهابياً وخارجاً كلياً من المدنية.
إن الجزيرةَ تغرقُهم بالغازِ الإعلامي المالي، لإنتاجٍ خطابات متطرفة حماسية تجذبُ وتخدعُ الجمهور، ويخطفُ الأضواءَ بطلُ المرحلة بن لادن، الممثل لعجز تلك الفئات عن النضال الديمقراطي الحاسم في بلدانهم، فيتحول على العكس إلى ضرباتٍ كارثية في بلدان العرب والمسلمين، وسلخ لشعوبهم وسرقات لثرواتهم البترولية!
ولكن مقدم(الشو) منبهرٌ ويحولُ هذه الكوارثَ إلى عروضٍ جديدة!
إن المضمون المفقود هو جزءٌ من وعي المسئولين القطريين العاجز عن فهم الديمقراطية وعن تصعيد فئات وسطى متحضرة في بلدهم، فلا يستطيع أن يعرض بالنقد الإعلامي وبالشرح الفكري هذه الظواهر المتداخلة وأسبابها العميقة، ولهذا يظهر بن لادن في الجزيرة كبطلٍ عالمي وليس كظاهرةٍ تدميرية!

ـــــــــــــ

أفق
عبدالله خليفة
فضائيةُ الجزيرة وتزييف الوعي العربي(4)
تزدادُ العروض الأمريكية في منطقة العالم العربي الإسلامي المتداخلة، وهو ما يؤسسُ مواسمَ طافحةً بالنشاط الدموي أو بالإعلام الجزيري المخضب كذلك من هذه النافورات المتدفقة بالجثثِ والمدنِ المحترقة والسياراتِ المفخخة ونشر رياح الأشلاء ومن ثم الشعوب المهاجرة ومن ثم أخيراً الشعوب الثائرة!
البطل الصحراوي المطرود للكهوف يخلي المكان للبطل المدني الذي لم يتأثر بالمدنية وظل مجرماً.
صدام حسين والجزيرة الفضائية لحظة أخرى من غياب الدرس والبحث والتنوير وتسييد اللوثة القومية هذه المرة بدلاً من اللوثة الدينية، وفي اللوثتين منحى الجزيرة التسطيحي الغائر، حيث لم يقدر ضيفاهما المستمران من تحليل الإسلام أو تحليل القومية العربية وإنتاج مادة معرفية تنويرية إنسانية، فتكون مادةُ العرضِ هي ذاتها خاوية رغم الإبهار، ولكنها تجسد كذلك الإفلاس الفكري المتواري.
صدام وأمريكا، ثنائي معروض بإطلاق، مثل ثنائيات الوعي الديني القومي الشمولي، فهنا الحق وهناك الباطل، هنا النور وهناك الظلام، هنا العرب والإسلام والأخيار وهناك أمريكا والغرب والأشرار!
ورغم سحق صدام للعراق وشعبه، فهو يظل بطلاً في هذا الوعي الشمولي المسطح، ومن هنا فإن البطولات العربية الإسلامية غالباً ما تُؤخذ منتقاة من ظروفها الحقيقية وتداخلات التقدم والتخلف، ويُلغى الشريط الذي يحدد منابت رموز الدين الطبقية كقوى إستغلالية تطورية في فترة ما، ثم تتحول إلى أيقونات مقدسة تغدو أدوات للقوى الاستغلالية المتخلفة المفككة الممزقة لبلدان المسلمين والمواطنين عموماً، لكن الوعي الطائفي يُؤخذ كرأس الحربة في هذه العمليات.
إن صدام يُلحق بهذه الرمزية الدينية، فهو سوف يبني دولة عربية نهضوية كبرى ويحقق الانجازات كما فعل الأسلاف العظام! وتُستغل هنا كلمات الفتوح والعروبة والإسلام بتشنج عاطفي من أجل بلع شفرات الحلاقة المسمومة التي سوف تُدس في حناجر الناس.
في وعي محمد حسنين هيكل الشمولي يغدو الزعيمُ بؤرةً مركزيةً تقوم بلعب دور التحويل ولهذا فإن صدام العراق في تلك اللحظة المأساوية الكارثية في مسلسل الحقيقة يغدو قائد التصدي لأمريكا قائدة سحق العرب وتقزيم تطورهم القومي التوحدي، ولهذا فهو رغم مذابحه رجل المرحلة الذي لا يوجد رجل آخر مكانه يقوم بهذه المهام الجسام!
هنا تظهر وتتوالى العروضُ الفنيةُ المؤدلجةُ المتممة لهذا الهراء الفكري، فالزعيم يسبحُ في النهر بطلاً وينشرُ جيوشه ويطلق الصواريخ ويجتمع بالساسة وعلماء الدين والأدباء والمثقفين وكلهم يثني على دوره الخلاق التاريخي!
اللحظتان المؤدلجتان الفارغتان من أي وعي عربي إنساني ديمقراطي، وهما لحظة تأييد الدكتاتور، ولحظة التخلي عنه، تظهران تجاه القاعدة وبن لادن، وتجاه صدام حسين معاً.
الوجهان يعبران عن عدم الحفر الموضوعي في المادة السياسية، ففي اللحظة الأولى يتم التهويل للرمز الفردي، وربطه بمقدسات وعظمة الأمة التي هي بلا مراحل ولا طبقات، مجردة معممة متجوهرة حسب إيديولوجية الفئة الطائفية اليمينية صاحبة الرأسمال العولمي الطفيلي أي غير الصناعي والمنتج، فهنا الزعيم الطائفي الذي قاد بعض جماعاتها للكهوف والتخلف والهجمات الأجرامية الاستفزازية، أو الزعيم (القومي) الذي ذبح شعبه وتلاعب بتاريخه وسلمه جثة محروقة للغرب، يغدو رمزاً للأمة وإرادتها، وهي عملية نفخ سياسية دعائية لتحريك الجماعات المؤمنة بهذا الخط وغرزه في الجمهور وإستغلال عواطفه وربطه بهذه الجماعات لعملياتٍ سياسية راهنة وقادمة.
تصير العمليات التي تخرج من فضائية الجزيرة والعمليات التي تخرج من القاعدة الأمريكية الكبرى قرب الجزيرة في قطر نفسها، شكلين لفعلٍ واحد هو تزييف وعي الشعوب العربية والسيطرة عليها وتفتيتها طائفياً.
الغزو للعراق الذي تم بأدوات وعي أمبريالية أمريكية والذي كرسه النظام الدكتاتوري السابق المحبوب للجزيرة في اللحظة الأولى المدحية، تم هذا الغزو لتفكيك العراق وتصعيد القوى المحافظة الطائفية، ولم يشتغل على تكوين برجوازية نهضوية وطنية قائدة في أقل الخيارات المعقولة، وهذا الاشتغال الأمريكي حرباً تلاقى مع إشتغال الجزيرة دعاية وتضليلاً للعراقيين وبقية العرب.
مثلما لعب ذات الفعل على شخصية بن لادن وإفغانستان تضليلاً ثم تفكيكاً للمجتمع الإفغاني وتحطيم بنيته عبر خلق الصدامات بين القومية المذهبية البشتون وبقية القوميات، بين طالبان والحكومة (المركزية).
ومن هنا فإن الإيديولوجية السائدة تحريضاً في الجزيرة وهي الإدعاءات الثورية، هي مجرد لحظة أولى، تُعمم وترمز وتُجرد بدون تحليلات ملموسة معمقة للبُنى الاجتماعية المرصودة، وبدون إحداث مناقشات ديمقراطية حولها من أجل رؤية الطرق بتحولها الديمقراطي، وبتجميع كافة القوى الاجتماعية والتيارات على حلول توحيدية تطويرية.
وكان السودان نموذجاً آخر لهذا التصعيد الثوري الديني الزائف ثم تم هدم السودان التدريجي عبر الانفصالات والحروب الأهلية.
ولهذا فإن لغة الطبول والاستعراض والمصادمات والتعريض والإدعاءات تستهدف تفجير العواطف وخلق حالات من الإثارة وعدم إعمال العقول وعدم تقارب القوى السياسية العربية الديمقراطية والتقدمية والدينية، ومن أجل نشر التنوير والديمقراطية الوطنية وبقاء الاستقلال.
وكذلك فإن صرف الأموال الهائلة على هذه العمليات الدعائية والسياسية يستهدف تصعيد هذه القوى الطائفية والرأسماليات الطفيلية وقوى الإقطاع الديني، وتوسيع نفوذ المؤسسات المالية القطرية والغربية وهدم القطاعات العامة المنتجة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأفكارُ والمراحل التاريخية
- صناعةُ الزعامةِ في المرحلةِ الطائفية
- خلاصة الأنواع الأدبية العربية(2-2)
- خلاصة الأنواعِ الأدبية العربية (1-2)
- طريقان نحو الحداثة العربية الإسلامية
- قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي
- التياراتُ الدينيةُ والرأسمالية(1-2)
- الثوراتُ العربيةُ أعودة للوراءِ أم قفزة للإمام؟
- الشعاراتُ والدعاياتُ حسب الزبائن
- المقاتلون من أجلِ السلام نائمون
- الطابعُ الديمقراطي للحراك العربي
- تآكل التحديثيين ونتائجه
- وحدة المسلمين تحل قضايا كبرى
- نهضةٌ والثقافةُ الديمقراطيةُ المطلوبة
- أزمةُ الوعي والحراكُ الفاشل
- أزماتُ الرأسمالياتِ الحكومية والأيديولوجيات المأزومة
- المذهبيون السياسيون ومرحلةُ هدم الدول العربية
- المصائرُ الحقيقيةُ الممكنةُ داخليةٌ
- الفتنة والثورة
- برجوازية قروية تحكم مصر


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالله خليفة - قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي 2، 3، 4