أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل بشير الصاري - عذراً .. لا تعجبني هذه الأسماء














المزيد.....

عذراً .. لا تعجبني هذه الأسماء


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 3605 - 2012 / 1 / 12 - 21:06
المحور: كتابات ساخرة
    


في آخر العام الدراسي الماضي أذكر أني عبَّرت لطلاب كلية التربية عن ضيقي واشمئزازي من بعض أسماء وألقاب الأفراد والعائلات في ليبيا وفي غيرها من بلدان العالم العربي ، وقلت إن بعض العائلات تجني على أولادها وبناتها حين تسميهم بأسماء تذلهم وتعرضهم للسخرية والمهانة حين يكبرون ويدخلون معترك الحياة ، وأذكر أني ذكرت بعض تلك الأسماء والألقاب ، وشاهدت حينها عددا من الطلاب والطالبات يبتسمون ، بل منهم من أخفى عني ملامحه وهو مستغرق في ضحك متواصل .
وأنا ممن يستهويهم جمع الأسماء والألقاب الغريبة والمضحكة ، ولدي قوائم منها جمعتها من الأصدقاء ومن دليل الهاتف في كل بلد عربي أزوره ، وأعترف أن لدي حساسية منها ، فأنا لا أستطيع تمالك نفسي من الضحك إذا قرأت أو استمعت إلى أسماء من فصيلة الأسماء التي تندر بها الفنان عادل إمام في أفلامه مثل : سلومة الأقرع ـ عطوة المفك ـ بخيت المهيطل .
كنت أضحك وأستغرب حين اسمع اسم رئيس وزراء تونس السابق ( الباجي قايد السبسي ) ، وقبله في عهد الحبيب أبو رقيبة ( الباهي الأدغم ) ووزير الكهرباء في ليبيا ( احتيوش أحمد احتيوش ) ، والآن تتناقل الأنباء اسم وزير تعليم عربي لقبه ( الدحيات ) .
ومنذ سنوات اعتذرت عن حضور اجتماع صلح عائلي قيل لي إن من بين الحضور رجلين مسنين أحدهما لقبه اليابس والثاني لقبه المحكوك ، ولو حضرت فلن أتوقف عن الضحك ومراقبة سحنة وملامح اليابس والمحكوك وهما يتكلمان أو يضحكان .
وفي العاصمة تونس وقريبا من نهج روسيا على ما أذكر قرأت يافطة معلقة مكتوب فيها : ( مقهى الحاج شَمنْططو ) .
وفي مدينة سوسة التونسية ظللتُ مرة الطريق ، فتوقفتُ وسألتُ أحد الأطفال عن وجهتي فدلني عليها ، وأخرجت له من جيبي قطعة شكولاته ، ثم سألته عن اسمه فأجاب : خلفون ، ولما لاحظ استغرابي من اسمه قال : اسمي خلفون المنجي بن خليفة بن خلف الله ، فشكرته وقلت : عشت يا خلفون .
ومنذ بضع سنين كاد يغمى علي من الضحك حين قرأت لكاتب ظريف في أحد المواقع يتصور فيه أن اسم وزير الزراعة الإيراني هو : ( زارع أكبر باذنجاني ) ، واسم أحد وزراء المملكة المغربية هو ( الطويل بو تمرة ) .
وشاهدت العام الماضي الفنان المصري حمدي غيث في مقابلة تلفزيونية يقول معرفا بنفسه : أنا من قرية في صعيد مصر عادة ما يتندر باسمها ممثلو الكوميديا ، وهي ( شلشلمون ) ، والنسبة إليها شلشلموني .
وفي ساعة متأخرة من الليلة الماضية هاتفني صديق قائلا : سجِّلْ عندك هذا الاسم ... هو اسم جندي من الجنود : ( دربال حفالش ) ، فقلت له : يا رجل توقعت أن الاسم من تأليفك أو من تأليف عادل إمام .
ويعلم الله كم سعدت حين تولى منذ سنوات الدكتور ( شكري غانم ) رئاسة الحكومة في ليبيا ، وقلت بيني وبين نفسي : إن اسمه يجمع بين الأناقة والموسيقية ، لأني سأصدم إذا جاء بدلا منه من يحمل لقب بطاطا أو المنتوش أو شلافيط أو الملحوس أو سباطة أو الرخروخ أو شيخ القفة أو شيخ الركب أو بوطقة أو قذاف الدم أو فحيل البوم .... إلخ .
ويمكن القول إن كثيرا من أسماء الأسر العربية هي أسماء حيوان أو نبات أو فاكهة أو صنف من الشجر أو الألوان ، وبعض أسماء الأسر لها دلالة على مهنة ما ، فاسم ( السنفاز) مثلا يعني في الدارجة الليبية طاهي نوع من عجين الطعام يُرقَّق ويدوَّر ويُقلىَ في زيت الذرة ، أما اسم ( البرطاع ) أو ( الرخروخ ) أو ( عفط ) أو ( المشروك ) ، فهي أوصاف قصد بها مطلقوها السخرية من أشخاص رأوا أن هذه الأوصاف تنطبق عليهم ، وهذا شائع في المجتمعات القروية والبدوية ، حيث يتندر الناس فيما بينهم في أوقات السمر، فقد يُسمى الفلاح المولع بزراعة البطاطا بـ ( البطاطا ) ، وقد يُسمى النزق ومن به سفهٌ بـ ( البرطاع ) ، والرجل الضعيف ومن يمشي مشية الهوينى بـ ( الرخروخ ) .
وبرغم أن إطلاق مثل هذه الأسماء كان لغرض التندر والسخرية ، لكن مع هذا شاعت حتى حلت محل الأسماء الأصلية ، وانتقلت بمرور الوقت وازدياد أفراد الأسرة وتفرعها إلى الأحفاد ، وهكذا حمل أبناء الأحفاد وزر اسم جدهم الأول الذي أطلقه عليه أصدقاؤه تندرا به وسخرية منه ، وحين تأتي الآن إلى الكلية أو للعمل فتاة من ذرية ذاك الجد ويُطلب منها تدوين اسمها واسم عائلتها ترتبك وتخجل ، وتزداد المأساة حين يكون اسم الفتاة شعبيا مثل : مَشْهية ـ يِزه ـ سِدْينة ـ بطة ـ عطيات ـ طماطم ، لأنها تشعر في قرارة نفسها أن اسمها دون الأسماء العصرية ذات الوقع الموسيقي الجذاب .
ومن الملاحظ أن بعض العائلات التي تحمل أسماء غريبة ومضحكة تحاول أن تخفف من وطأة اسمها بتسمية أبنائها أسماء عصرية ، ولكن مع هذا الترقيع ، فإن الاسم العصري تبدو موسيقاه ودلالته متنافرة مع اسم الأب والأسرة ، مثل : سامي هيبلو البرطاع أو باسكال بلعيد السنفاز .
ولو أن هذه الأسر تسمت بأفضل اسم من أسماء جدودها لكان أفضل لها من هذا الترقيع ، فمن الخطأ الفادح أن أسرة تعود أصولها إلى قبائل تميم أو وائل أو ربيعة أو بني وليد أو بني سليم أو بني هلال ، أو تعود إلى أسماء مدن وبلدان مثل : طرابلس ـ نابلس ـ المغرب ـ مصر ، يحمل أبناؤها الآن ألقاب تثير الضحك والأسى معا مثل : الكرداش ـ كرموس ـ المنفوخ ـ صيصة ـ المزايطة ـ اللفع ـ العجول ـ مرمروني ـ مهمهاني ـ السكران ـ المحش ـ حتش ـ البالطة ـ البطمة ـ ذكر البط ـ الدجاجة ـ الجحيشان ـ بو طلاق ، بو غماز .
أخيرا ... أقول إن حسن وجمال الأسماء دليل على حسن وجمال نفسية مسميها ، ودليل أيضا على نضج وعيه وثقافته ورفعة ذائقته الفنية ، لذا فإني أدعو أن تستبدل الأسر التي تورطت في أسماء غير مقبولة بأسماء مألوفة ومأنوسة ، وأن يختاروا لأبنائهم وبناتهم أعذب الأسماء وأخفها وقعا على الأذن ، ولا تشي بإيحاءات مقززة أو مضحكة أو مخجلة ، وليعلم من لا يعلم أن هناك ذكورا وإناثا يعانون نفسيا من أسمائهم أو من أسماء عائلاتهم أو من الاثنين معا ، وليتقبل الجميع اعتذاري ، فما أردت من مقالتي هذه إلاَّ إبداء الرأي وإدخال السرور على النفوس .



#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاكهة صغار الملحدين
- مراتب المؤمنين بالله
- نبي المسلمين بين محبيه وشاتميه
- بين يدي إبليس
- القذافي .. ضحية التهريج الإعلامي
- ترانيم قداس عام جديد
- الحب كما تصوره الرومانسيون الأوائل
- ثرثرة حول غربة الشعر الحديث
- كيفية الصلاة على الميت الملحد
- المقولات العشر 2
- المقولات العشر 1
- مزيدا من الحوار المتمدن
- إشكالية مصطلح الإيقاع
- وقفة مع ( مواكب ) جبران
- العقيدة العلوية في الماضي والحاضر
- بدايات الشعر في ليبيا
- موقف الرازي من النبوة
- ابن الراوندي مفسرا للقرآن
- تزوجتُ اثنتينِ لفرطِ جهلي
- متعة السؤال ونكد الجواب


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل بشير الصاري - عذراً .. لا تعجبني هذه الأسماء