أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج فارس - معضلة الحماية والمعرفة الإلهية المسبقة....















المزيد.....

معضلة الحماية والمعرفة الإلهية المسبقة....


جورج فارس

الحوار المتمدن-العدد: 3604 - 2012 / 1 / 11 - 20:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مقال لي منشور على صفحات الحوار المتمدن بتاريخ 3/5/2010 بعنوان "وجود الإله... هل يعني عدم حدوث كوارث؟" على الرابط التالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=213984

في هذا المقال وصل مؤخراً تعليق صغير في الشكل لكن كبير في المضمون يحمل التساؤلات التالية:
لو أراد أبناؤك الذهاب لمكان خطر وفق اختيارهم وإرادتهم، هل ستمنعهم من الذهاب إليه فتسلب حريتهم أم ستسمح لهم بالذهاب فتسمح لهم بالتعرض للخطر رغم علمك بهذا؟
ولو علمت أنهم سيموتون موت بشع نتيجة اختيارهم قبل أن تتزوج فهل إن تزوجت ستنجب هؤلاء الأولاد وبعلمك أنهم سيموتون موت بشع وفق إرادتهم؟ أم أنك تفضل عدم إنجاب أولاد لأنك تعرف مسبقا خيارهم في اختيار الخطر فلا داعي لإنجابهم ورؤيتهم معذبين؟
انتهى....

نجد أن هذه التساؤلات تسير في اتجاهين إثنين، فالأول يتحدث عن العلاقة ما بين الحماية والحرية، فيما يتحدث الثاني عن العلاقة ما بين المعرفة المسبقة للمصير وإتخاذ القرار بالخروج للوجود، وكلا الإتجاهين يصبان في نهاية واحدة تدور حول وجود الإله من عدمه.
قبل الخوض في المناقشة أود من القارئ الكريم ألاّ يتوقع مني تقديم إجابة معينة، فليس من عادتي أن أفعل ذلك، ولكني أود وضع بعض المفاتيح ليقوم من خلالها القارئ بصنع إجابته الخاصة التي تكون كافية بالنسبة له، وهذا هو هدفي المنشود، لأني أؤمن أن مفاتيح التفكير هي أكثر أهمية مجرد إجابات جامدة.

مابين الحرية والحماية؟

ببساطة ودون الدخول في تعقيدات، الحرية هي حق ومسؤولية. الحق يحدد طبيعة هذه الحرية فيما تحدد المسؤولية كيفية استخدامها. وهنا لابد أن نتساءل:
هل الحماية هي ذريعة كافية لسلب الحرية؟
هل الحماية تعني البقاء أسرى في مناطق آمنة بعيداً عن الخطر؟
ما هي العلاقة بين درجة الوعي ومستوى الحرية المتاحة؟
وما هو الإرتباط بين مستوى الحماية المطلوب مع درجة الوعي بالحرية المتاحة؟
وأيهما أكثر أهمية سلب الحرية في سبيل الحماية، أم الحرية حتى ولو تحت الخطر؟ وهل من توافق يجمع الإثنين معاً؟

الطفل الصغير في بداياته يكون غير مدرك للأخطار من حوله مما يُلزم الأهل على تضييق مساحة الحركة والحرية بالنسبة له، فيبقى حبيس سريره وكرسيه، ورويداً رويداً مع نموه وزيادة وعيه تتم زيادة مساحة حريته حتى يصل للمرحلة التي يصبح فيها قادراً على الإعتماد على نفسه بشكل كبير وهنا يتحول دور الأهل من دور الرقيب والآمر الناهي إلى دور المرشد صاحب الخبرة التي توضع في خدمة الابن ليحسن في تحديد خياراته واتخاذ قراراته، وفي النهاية يصبح مستوى الحرية كبير جداً ليصبح الإبن هو الرقيب على صحة والديه وحاجاتهما مع تقدمهما في العمر وعندها يكون قد وصل لمرحلة الإعتماد الكلي على النفس.

وهكذا فإن دائرة الحرية المتاحة والممنوحة يجب أن تكبر مع زيادة الوعي والقدرة على التعامل مع المحيط، وزيادة هذه القدرة تتطلب مزيداً من الحرية وهكذا دواليك، وبالتالي تصبح الحماية المبالغة هي عملية سلب للحرية وإيقاف لعجلة التطور الشخصي وتدخل في شؤون من نحب.
وهل الحب هو ذريعة كافية للتدخل العشوائي في حياة من نحب؟

دعونا نتخيل معاً التالي:
ماذا لو تم منع رائد الفضاء الأول من السفر من قبل أهله بحجة الحماية من التعرض للخطر المجهول الموجود في الفضاء؟
وماذا لو تدخل الأهل لمنع العلماء من الوصول إلى البراكين والمناطق الطبيعية الخطرة والمحيطات المجهولة بحجة حمايتهم؟
وماذا لو مُنع....... ؟؟؟

أرى بأن التقدم الحاصل لدينا نحن كبشر حصل لسبب أساسي وهو الخروج من مناطق الراحة الآمنة والولوج في مناطق الخطر، ودون هذه العملية كنا لنبقى محدودي المعرفة والقدرة.
فالحماية تتحول إلى سلب للحرية عندما لا تكون متناسبة مع مستوى الإدراك والقدرة، وبالتالي فإن أفضل طريقة للحماية هي العمل على زيادة المدركات وزيادة القدرة على التعامل مع المحيط بالتدريب، وهنا يتم خلق الإنسان الواعي الناضج المدرك لمحيطه والقادر على التعامل معه.
وبالإنتقال إلى الإله أرى بأن المطلوب منه فيما يخص الحماية هو إتاحة الفرصة لنا لزيادة إدراكنا وقدراتنا، وكذلك مرافقتنا إلى مناطق الخطر. وهذا ما أؤمن أنا به شخصياً.....

ما بين المعرفة المسبقة للمصير وإتخاذ القرار بالخروج للوجود:

تعددت الأسباب ولكن الموت واحد. أجمل ما في هذه العبارة أنها قيلت بلسان البشر وليست منسوبة لأحد الآلهة وإلاّ لكانت فقدت بريقها وتأثيرها على الكثيرين ممن لا يؤمنون بوجود الآلهة.

الجميع يعلم أن أطفاله يكبرون وسيموتون يوماً ما ومع ذلك لم يتوقف أحد عن الإنجاب لهذا السبب.
الجميع يعلم أن الحياة تسير من سيء إلى أسوأ بسبب زيادة عبء متطلبات الحياة واتساع رقعة الحروب وظهور أشكال جديدة من الأمراض وتلوث البيئة، ومع ذلك لم أقابل أحداً في حياتي لم ينجب أطفالاً لهذه الأسباب.

في النهاية الجميع سيموت، ولكن لماذا نختصر حياة المرء في طريقة موته؟ لماذا نهمل سنوات حياته كاملةً ونلقي الضوء على طريقة موته؟
ماذا لو لم يأتي أينشتاين إلى الحياة بحجة أنه سيكون مصاباً بالتوحد؟
ماذا لو لم يولد بيتهوفن بداعي أنه سيموت أصم؟
ماذا لو لم يأتي لويس برايل إلى عالمنا بذريعة أنه سيصاب بالعمى؟
وماذا لو لم يولد سقراط بحجة أنه سيعاني في حياته وسيموت مسموماً؟
ماذا لو لم يولد جاليليو بداعي أنه سيعيش أواخر حياته أعمى ومشلول؟
وماذا عن كارل ويلهلم شيل، فروزييه، ماري كوري، اليزابيث أشيم، روبرت ويلهلم بانس، الأم تيريزا، والكثير الكثير غيرهم... ماذا لو لم نسمح لهم بالمجيء إلى عالمنا بذريعة المآسي التي ستصيبهم؟
وأعود لأسأل، لماذا نسلط الضوء على النهاية متناسين ما قد يقدمه الإنسان للعالم خلال سنوات حياته؟ فكم من أناسٍ عاشوا قليل السنوات مازال تأثيرهم يحرك الحياة، وكم من آخرين عاشوا الكثير ولم نسمع بهم أبداً...

لو كنت أباً وعلمت أن ابني سيموت مبكراً لكنت سأعلّمه أن تأثير حياته على الآخرين لا علاقة له بعدد السنوات التي سيعيشها بل بما سيقدمه لهم خلال تلك الفترة.
شخصياً أرى بأن من أحدثوا التغيير في العالم هم أولائك الذين تركوا مناطق راحتهم وتوجهوا لمناطق الخطر ودفعوا الثمن غالياً من حياتهم. وأؤمن بأن الإله يدرك هذه الحقيقة وما ينقصنا نحن كبشر هو أن ندركها نحن ايضاً...

إن معرفة الإله المسبقة قد لا تعني منعه ظهور الكثير من الأشخاص ولكن من المؤكد أنها ستعني محاولته العمل على تغيير هؤلاء الأشخاص للتأقلم مع واقعهم وتقديم أفضل ما لديهم، وهذا العمل يظهر كخيار من أحد الخيارات التي يواجهها الإنسان كشخص يملك الحرية في اختيار ما يريد، ويبقى أنه في النهاية سيبقى مسؤولاً عن اختياراته.
لمن يريد الإستزادة في موضوع محاولة الإله العمل من أجل تغيير الإنسان بإمكانه الرجوع إلى مقالي المعنون " إلى المبجّل أبيقور... حول صلاح وقدرة الكائن الأسمى" وهو على الرابط التالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=194715

الحرية، الحماية، المعرفة المسبقة والقرار بالخروج للوجود... هل تثبت وجود الإله أم تنفيه؟

تعتمد إجابة هذا السؤال على التركيبة التي يتوصل إليها المرء أو التي يصنعها بنفسه والتي تضم العناصر المذكورة سابقاً، فكل تركيبة ستقود لإجابة معينة، مع العلم أن ترتيب هذه التركيبة سيتأثر بثقافة الشخص ومنطقه الخاص وخلفيته الدينية والإجتماعية وتجاربه وخبراته الشخصية.

أما عن تركيبتي التي أؤمن بها، فهي كالتالي:
يوجد إله محب، يعرف مسبقاً ماذا سأكون، أخرجني للحياة، أعطاني حرية ودربني على استخدامها، يعمل دائماً على إخراج أفضل ما لدي، وحمايته لي ليست وعداً بطريق مفروش بالزهور وبعدم الموت بل بأنه سيكون معي حيثما أذهب وهذا يكفيني..

وسأترك لكل قارئ أن يضع تركيبته الخاصة بنفسه.

وشكري العميق للجميع...



#جورج_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات إلهية... بهوية إنسانية...
- على شاطئ البحر... لقاء مع الإله...
- ثورة... ولكن من نوع آخر...!
- موجة التزييف... وإعلاء راية الحق....
- مجرد أفكار متناثرة....(من هنا وهناك)....
- ما لم يفعله المسيح...
- الإله مالك مصنع تصميم وإنتاج وبرمجة الآلات الإنسانية...!
- رسالة إلى إله اللا إنسانية...
- قدسية الأنبياء...
- النص أم الإنسان.... من يقدّس الآخر؟
- إنسانية الإنسان... ودور الألوهة...
- أبي وأنا وإلهي.... وأيضاً إله القنابل...
- إلهٌ من صُنعِ العبيد...
- وجود الإله... هل يعني عدم حدوث كوارث؟
- كل شيءٍ يبدأ من الداخل...
- الإيمان بالغيبيّات...
- الوجود الأزلي... ما بين المادية والألوهة
- حول وجود قوة ماوراء كونية واعية...
- إلهٌ ما... وحقائق...
- قصة الحياة والموت...


المزيد.....




- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج فارس - معضلة الحماية والمعرفة الإلهية المسبقة....