أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن العطار - أحلام بعمر الفراولة















المزيد.....

أحلام بعمر الفراولة


سوسن العطار

الحوار المتمدن-العدد: 1066 - 2005 / 1 / 2 - 09:59
المحور: الادب والفن
    


سأعيد قلبي إلى القفص حيث ينتمي، تأكدت الآن انه لا يصلح للطيران خارج فضاءاته الرحبة التي اعتاد أن يصفقها بجناحيه ولا يفكر باجتيازها، يحلم فقط، و قد اقبل قالب السوبرمان المعد لأجلي خصيصا، سأكون مطيع و لا مزيد من التمرد وأعيش كما قدر لي مشروع موت يتأجل هذه الأيام ومشروع مطارد في الأيام السابقة ومشروع أسير محرر في باقي أيام نصف عمري الذي بعثرته قانعا بين زنزانة الحبس الانفرادي وعلى برش الإضراب عن الطعام، ولا أفكر بالندم أبدا على شبابي الذي طار ولم استمتع به، راقبته يذبل كنبتة أضنتها الرطوبة، ومراهقة لم اعرف حلاوتها قط، كل ما اعرفه عنها اندفاعها وحماسها وابتسامات تلقائية ترسمها شفاهنا عندما نتذكر، أراقبها في فتيان العائلة الذين أشجعهم أن يعيشوها بكل ما أوتوا من مراهقة.
سألتني كم كان عمرك عندما دخلت السجن أول مرة
أجبت 16 عاما
ابتسمت بخبث: يعني لم تراهق
قلت بحسرة وأسف: لا
قالت: لا تندم هي فترة مؤجلة يعيشها الإنسان مهما كانت سنه
هل أعيشها الآن، هل أنا مراهق، أنا الذي تجاوز الأربعين بسنوات، هل اندفاعي تجاهها يفسر ذلك، يا الله ما الذي تفعله بي ؟ ما الذي افعله بنفسي ،أنا العقلاني الذي امسك قلبي ورغباتي بقبضة يدي ، انتفض كالملهوف حين يرن هاتفي الجوال ، وأصاب بخيبة أمل تلميذ اجتهد عندما اكتشف أن ليست هي، أفكر فيها بمقدار تفكيري في الطائرة التي انتظر أن تقصف ما تبقى من عمري و أحلامي و لهفتي وجنوني ، وتقصف معها أيضا حيرتي ومراهقة يبدو أنني لن أعيشها، غير مقدر لي،أتمنى لو عشتها ألا تفقدني اتزاني ولا تقترب إطلاقا من كبريائي.

**
يغيظني غرور الرجل واعتزازه برجولته وشعوره بالتفوق واستعداد المرأة التلقائي لحضوره، ومن لا تستجب لا تكون أنثى أو خلل ما أصاب حواسها، هل يفهم الرجل أن الشبق ليس هم المرأة الأول وربما ليس الثاني، هل يفهم أن الشبق هو المتمم للحب ؟ و أن شبقا بلا حب يشبه فنجان قهوة اعد على عجل من بن قديم رطب بلا نكهة وبلا هال؟ ولكنه الشبق الذي يتهمني بمقاومته والمكابرة والعناد:" أنت تقمعين نفسك، انظري في المرآة، تحدثي إلى نفسك كوني صريحة معها، بيننا كيمياء لا تنكريها " والى آخر الكيمياء التي لاتنتهي عنده ولاتبدأ عندي لو حاولت، ربما لا تعنيني كيميائه لأنني لا اشعر بأي منها تجاهه، أنا في الحقيقة أتعافى من سقوط الرمز في نظري وأحاول التفكير فيه كرجل وأحاول أن أحبه و أحب حبه لي، ولعله فهم ذلك متأخرا فكف عن الاتصال، وربما شعر حقيقة أنني انتظر اتصاله فأبقاني على جمر –كما اعتقد – لمدة طويلة لعلي انضج واتصل، قررت بعدها ألا أرد على اتصاله، شعرت بصفعة شديدة تحسستها لفترة طويلة على جوالي، أنا من طلب أن يتصل، أنا من قال له انتظر اتصالك، خف ألمها وزالت عندما اتصل قبل فترة ورفضت الإجابة.

قال في آخر مكالمة "أنت كسرتني "، لم اقدرها ولم اعي حجم الهزيمة فيها، " ولم يكسرني احد سواك"، قلت" ولا حتى السجن؟" قال "اقسم بالله لم يكسرني السجن ولم يكسرني احد سواك " ضحكت طويلا واعتذرت طويلا على جفافي في مكالمتي قبل الأخيرة و لاطفته جدا كما لم افعل من قبل وطبعا مع وعد بيت النية على عدم الوفاء به بان أتلقى مكالماته،
قلت "اتصل إن أردت سماع صوتي"، قال "هذا يعني ألا أغلق التلفون أبدا"، ولكنه أغلقه وكان هذا أخر ما سمعت منه.
سأضع قلبي في سلة المهملات حيث ينتمي، ولن أعيده إلى الرف لان منظر الغبار الذي يتكاثف عليه يستفزني لنفضه واستعماله وخدشه وإعادته إلى الرف مرة أخرى نادما، أما سلة المهملات فهي ليست كذلك،

**

لا يفارق حواسي عطرها المشاغب ولمس يدها وابتسامتها الحائرة، لم أصادف أنثى – عموما مصادفاتي قليلة- تعطيني رقم هاتفها الجوال في سيارة تاكسي بكل جرأة، ولا تعير انتباها للسائق وللركاب، كيف عرفت انني احتاجه، هكذا وبكل بساطة تعطيني كل أرقامها في العمل في البيت دون أن اطلب، كما لو كانت تعطيني محرمة ورق احتجتها فجأة أو حبة اكامول لصداع انتبهت انه اجتاحني فجأة، في الحقيقة كان عقلي معطل، قبل أن تبدأ الحديث كنت أطارد خيط العطر أحاول أن أحزر من أين يغزوني، من شعرها من رقبتها أعلى صدرها، حاولت أن أكون مهذب لا المس ما ليس لي، ولكن شعرت أنها لي ومحاولة الابتعاد لن تجدي نفعا سواء منها أو مني، لا أريد أن أبدو غير مهذب أو ضعيف لا يستطيع السيطرة على نفسه، قد تلاحظني وترميني بنظرة تخلو من الاحترام الحاضر تلقائيا في علاقاتي مع الناس والذي أجاهد للحصول عليه هذه المرة، ولا أريد أن امتنع وأبدو جامد كقطعة بلاستيك بلا حواس، تنظر إلي باستهجان وتقول في نفسها يا للرجل البلا إحساس، كانت في متناول حواسي كلها وأنا أحاول الامتناع، كانت هي أيضا تحاول الامتناع ولكنها كانت عالقة كشريحة جبن في ساندويتش بين المرأة البدينة التي شكرت حضورها وبيني أنا الممتلئ، لا زال يطارد خيالي عطرها يحتل ذاكرتي، أتذكرها كلما شممت رائحة الريحان، لا كان شبيها برائحة أوراق نبات العطرة.. بالضبط لا اعلم، اعلم أن حضوره طاغي ومسكر، منذ اقتربت شعرت أن بيننا كيمياء عبرت عنها في لقاءي الأول بها على انفراد
سألتها في أول لقاء عن اسم عطرها وابديت استغرابي من اسمه لاحظت ذلك
- ماذا؟
- اظنه اسم عطر رجالي
ضحكت من سذاجتي و اكتشفت فقر تجاربي مع النساء ومع العالم خارج محيطي كنزيل زنزانة ومحرر منها
- ومنه أيضا عطر ستاتي، كيف تختار عطرك ؟
- لا اختار، هي هدايا من الأهل ومن الأصدقاء
- ستحصل على زجاجة هدية قريبا
ولم تأت الهدية ولا زلت انتظر

**

انهار جزء من الطود الشامخ أمامي، والرمز سقط كشهاب من السماء دون أن يترك اثر، المتمرد الذي لا ينكسر ولا يلين، يخضع لقوانين الطبيعة والكيمياء، رجل عادي كباقي الرجال، كنت اعرف انه نزق وحاد ومتطرف ولا علاقات نسائية لديه،...لو كانت الخدمة التي اطلبها لنفسي لما فكرت إطلاقا في طلبها ولكن حياة الآخرين تستحق العناء والإحراج..... ،هل حقيقة توجد كيمياء من أول نظرة ، كلام مراهقين لم أؤمن به حتى عندما كنت مراهقة ، يطريني حضور الأنثى في إلى جانب المثقفة ولكن هذه المرة لا اعلم هل علي أن اشعر بالإهانة أم بالإطراء،أم أن المفاجأة لا تترك لي متسعا للتفكير ،هل الكيمياء- التي لم افهم هل هي فيزيائية ام منطقية – هل أعمته عن الحزن الطافح من عيني ولم ير ترددي في الحديث إليه أم أنني نجحت في إخفاءه ، كنت أتهيب لقاءه أتهيب مجرد الحديث إليه لزمتني كل الجرأة التي ادعيها لأتحدث إليه واعرفه بنفسي ، الأسماء التي لها رنين تخيفني وتغريني بالاقتراب ذهبت وأنا أسير خطوة للأمام و أتمنى لو بامكاني أن أسير عشرة للوراء ،
لم انم جيدا الليلة الماضية وبقيت مؤرقة حتى بعد الثالثة، وصحوت أكثر من مر ة وأنا اضبط نفسي متلبسة بالتفكير فيه وفيما يحدث، ورغم الأرق صحوت نشيطة وسعيدة، يبدو أنني وصلت الدرجة الرابعة من النوم بل وتجاوزتها.ا

**

هي تطلب خدمة هذا سبب ابتسامتها الحائرة وسبب جرأتها، ليتها كانت في متناول يدي لأديتها عن طيب خاطر وشكرتها على السماح لي بالمساعدة، وفي نفس الوقت تستنكر علي عملي في سلطة أعارضها، كيف يكون ذلك أتنكر لسنوات عمري في السجن، وأتنازل عن مبادئي واعمل في جهاز قمعي! سأناقشها للصبح ولا تقتنع، متطرفة ! لا تفهم أن أتنازل واقبل لقمة العيش، تظن أنني اعتدت الجوع بإرادتي أنا الذي جاع قبل السجن وفي السجن، ليس بعد الآن لا مزيد من الجوع العبثي، ارغب جدا أن اشبع وارغب أن أجرب أشياء أخرى وارغب جدا أن اشبع منها وارتوي وأبقى جائع، تلك المتطرفة الرافضة التي تسمح لنفسها بطلب خدمة من سلطة تعارضها ومن شخص تعارض أن يعمل فيها.
اما انا سمحت لها بالاقتراب وتعرفت عليها عن قرب هناك كيمياء، منذ رايتها تصعد السيارة شعرت أنني أعرفها من زمان وان بيننا ألفة وتفاهم وأشياء كثيرة مشتركة، تلك العينان فيهما الكثير.. جعلاني أركز النظر فيهما في مرآة لسيارة بصراحة اشعر أنني اعرفها من زمان

**

امتنع عن الإجابة، لو ينسى رقمي، لا أريد أن يكون رقمي احد آخر عشرة أرقام تم الاتصال بها، لا أريد التعرض للمسائلة والبحث عن شخصي ومن أكون وما علاقتي به، يؤكد لي كل مرة أن لا احد يعرف بأمري، وأنا اشكك واشكك بتفهمه لمطلبي، أحاول تقبل فكرة غيابه انقطاعه، اهييء نفسي لمسائلة الرفاق بعد استشهاده من يكون صاحب الرقم من تكون صاحبة الرقم
اعلم كيف سيدور الحوار المتكرر منذ فترة
- أهلا.. أنت ،ظننت انهم قصفوك
- نعم وأنا الآن في الجنة
- أذن لست بحاجة لي لديك من الحور العين ما يكفي
- لا أنا في جنة انفرادي ، تعرفين الشهداء درجات،أريد أن أراك
- أين؟
- أينما تشائين
- غزة.
- تعلمين أن الحاجز يتربص بي وان غزة هي المستحيل
أقول هذا ما لدي.
يوميا أمر من أمام بيته، اضبط نفسي متلبسة بالنظر إليه، أود لو أشاهده من بعيد وأتظاهر باني لا أراه، أريد أن يراني أيضا واراه يبتسم لمروري دون أن يعلم أنني أراه، ولكنني انظر وأنا اعلم انه لم يعد يزور البيت،
إلى متى اهرب حتى يأتيني خبر استشهاده، أو حتى قيام الدولة وبسط السلام على ارض السلام، ولكن السلام ليس على مرمى حجر ولا هو على مرمى عمر.


**

أخيرا دبت الروح في الحواس البلاستيكية، السيدة انتراكتيكا تذوب، أو أن جبل الجليد اختفى ولم يعد له وجود، كانت غاضبة كيف لا اتصل طوال تلك المدة، لم اقصد إهمالها ولم تكن المدة طويلة، عودتها أن أغيب عنها لأسباب تعرفها جيدا وتتفهمها، ولكن لماذا الغضب هذه المرة، هناك شيء يتحرك واعلم انه يتحرك باتجاهي، كانت نزقة وكنت سعيدا، أتعبتني برفضها لقاءي والرد على اتصالاتي، وها هي الآن تعترف، يشي بها غضبها وإحساسها الذي كانت تظن انه مهمل طوال تلك الفترة.
في الحقيقة سنحت لي أكثر من فرصة للحديث معها وامتنعت لأنني لن أتقبل رفضا آخر اعلم أنها موجودة اسمع رنة هاتفها الجوال ولكنها تمتنع، اعذرها أحيانا، لماذا الدخول في حلقة معروفة نهايتها، ليس لها نهاية الافلا م العربية، علاقة مبتورة بصاروخ من طائرة أباتشي او اف 16
وامتنعت لان المراهق ينضج أحيانا ويكبح جماح اندفاعاته، وامتنعت لأنني ارفض أن تكون استجابتها تحت ضغط إلحاحي أو محاولة تأدية واجب وطني تجاهي، هي تعلم أن أيامي قليلة.. اشعر بذلك، وارفض أن تحاول تجميلها وجعلها محتملة، أو تبث في أملا أن عمري أطول مما أظن وان أحلامي عمرها أطول من روح حبة فراولة.

**

مع كل قصف وكل حادث اغتيال أغلق أذني، لا أريد أن اعرف المستهدف، أتنفس الصعداء بعد سماعي اسم الشهيد واحزن، و أهيئ نفسي بعد قليل لضبط أعصابي أكثر والعمل على ذلك بجد اكبر في المرة القادمة،
رغبت بشدة بالاتصال به أثناء إضراب الأسرى، حاولت أن اعرف إن كان يتواجد في خيمة الاعتصام أحيانا، وهل يظهر علنا لفترة طويلة، ربما يكون من ضمن المضربين المعتصمين في الخيمة، حاولت بجد وبطرق شتى مباشرة وغير مباشرة أن اعرف، ولكنني لم اعرف! كنت سأتصل به على الفور وأسيل في أذنه كلمات كان يستجديها ولا يحصل عليها، سأقولها وأحلى منها هذه المرة، لو أني اعرف...
فكرت كثيرا أن اتصل فهو بكل الأحوال اضرب ما يكفي في نصف عمره الذي قضاه في السجون..... ، حاولت التشاغل يشتى الطرق عن أخبار الأسرى فتابعت الألعاب الاولمبية التي أحبها ولكن بشغف غير عادي مفتعل ومقصود، لم أشاهد الأخبار لا أريد أن أرى ما يحدث في الفلوجة، اعرفه تماما فانا أراه على الطبيعة في الشارع المجاور، وتابعتها أكثر من متابعتي لإضراب الأسرى، يحق لي أحيانا فانا أريد أن أنساه وأنساهم ولعنت أبو الكهرباء ، انتظر الألعاب الاولمبية منذ أكثر من قرن، والآن تنقطع الكهرباء ولا أشاهد حفل الافتتاح الخرافي إلا قليلا، شاهدته بخيال ممسوس بهاجس أن تنقطع الكهرباء في أثينا ولا يتمكن الشاب من إشعال الشعلة ،أو يكون خللا ما يعطل وصول التيار للطائرين في الهواء فيسقطون ... وخيالات مثقوبة أخرى.

**


اعلم علم اليقين أنني أعيش في الوقت الضائع، وان حياتي الحقيقية كانسان قد عشتها أو هي مؤجلة تماما إلى ما شاء الله، وما تبقى إلا قليلا أو اقل قليلا، الموت يتربص بي أدرك ذلك ولن أعيش بانتظار الموت الذي هو على قاب قوسين أو أدنى، تأكدت الآن أن لا دموع خاصة ستذرف علي، دموع عادية حزينة مرة مرارة الألم كباقي الدموع التي تذرف على الشهداء، أمي تتقبل غيابي عودتها على ذلك نصف عمري الحبيس والنصف الآخر كمطارد ، والحياة تستمر بوجودي وبغيابي كما استمرت بغياب الشهداء والعظماء الذين اعتقدنا أن لا حياة لنا بدونهم ، وحتما ستستمر حياتها فأنا لا اعلم مدى حضوري فيها، أريد أن أودعها ولتات الطائرة أنا بانتظارها، أحب أن يأتيني الصاروخ من طائرة اف 16 أو طائرة استطلاع متطورة، سيكون أجمل تلقي الموت من الصاروخ القادم من السماء عن عبوة غبية متفجرة يزرعونها في سيارتي، هكذا اشعر بإطراء اكبر في موتي، أقوى دول العالم تطور طائرات وصواريخ من اجلي خصيصا، أحب أن أكون وحدي حين يأتيني الصاروخ الأعمى، لا احمل في رقبتي أرواح غير روحي أجهد في الاعتذار إليها وتبرير موقفي في موتي، لا أريد أن تختلط أشلاء أحد بأشلائي، لأنني لا أريد أن يدفن معي أحد فأنا أقدس خصوصيتي، أو يسرق مني الأضواء في موتي طفل أو امرأة حامل، أنا الذي يهرب منها في حياته أريد تتويج انتهائها كما يليق.

**

يا الله لا أستطيع النوم، لا أستطيع أن احدد موقف مما يحدث لي، وافقت على لقاءه لأنني كنت متأكدة أنني قوية وامسك زمامي تماما، لم يكن في حساباتي انه يستطيع اختراق ضفافي، كان اللقاء غير متوقع وفي مكان غير متوقع و لم أتوقع أن أوافق، لا اعرف هل تركته يبتز اللقاء أو أنني وافقت بسهولة، فكرت بالاعتذار ولكن ليس لدي رقم يخصه، تأملت أن يتصل ويعتذر عن اللقاء لأسبابه التي أتفهمها ولكنه لم يفعل وأنا على التنفيذ،لا يمكن أن اتركه يخاطر بالذهاب ولا اذهب.
كان اللقاء في بيت صديق، بدا هادئا و مسترخيا كمن يستقبل ضيوف في بيته،
عن بعد مددت يدي للسلام ولم أستعيدها أبقاها بين يديه، شعرت انه يحاصرني ويقترب ويضغط على يدي وأنا اشعر أن الضغط على جسدي كله، مددت يدي الأخرى تلقفها وواصل الضغط مرة بعنف ومرة يتحسس برفق،
لأول مرة اشعر بالكيمياء، أخاف الانجراف وارغب به بشدة، أريد الانسحاب ولا تترك يداه فرصة
-اترك يدي أرجوك
- إن استطعت اسحبيها
- أرجوك
- ماذا خائفة، أنت الآن لا تكذبين، يوجد كيمياء اتشعري بها الآن
و أنا أواصل رجائي بالابتعاد وترك يدي، و أمنى نفسي ألا يفعل في حين كان يقترب أكثر
على وشك أن ارفع الراية البيضاء، واقترب أكثر واعترف عن طيب خاطر، واستعيد زمام نفسي وابدأ أنا الغارة، لو ترك يدي ستكون من اجل إغلاق الباب الذي أبقيته عمدا مواربا، انه يتركهما الآن ليمسك خاصرتي ولأول مرة تلتقي شفاهنا في قبلة أفقدتني وعيي وأنستني الباب الموارب.
طرق خفيف على الباب أعاد إلي صوابي وجعله ينتفض، كان الصديق يحمل القهوة، فنجانين فقط، سنبقى في خلوتنا بدون الصديق
-ماذا يحدث بادر بالسؤال
- لا شيء أحضرت القهوة فقط، ولا يهمك كل شيء تحت السيطرة
و أنا الآن استعيد السيطرة على نفسي، واحتاج القهوة لتعيد إلي صوابي الذي فقدته لفترة لا اعلم هل هي الدهر كله أم فترة إعداد فنجان قهوة أم لحظات
جلسنا على الكنبة، ضرب عليها بيده وابتسم: لا تلائم
وأكمل كمن يعتذر: في الحقيقة لا وقت لدي و إلا ما أعاقتني الطرقات
كنت اخفض راسي محاولة التشاغل بفنجان القهوة، نظرت إليه بحدة جاهدت في تصنعها ما الذي تقوله ؟
- تريدين، رعشة يديك ورجف جسدك كله يقول
- أنت مغرور
- الباب الذي ابقيتيه مواربا، السلام عن بعد يقول، عطرك هذا بالذات يقول أليس هو نفس عطر اللقاء الأول، كفي عن التمنع، على كلا لم تتمنعي اليوم هو ظرفي الذي يمنعنا قد أغادر قبل أن أكمل فنجاني.

أغسطس 2004
[email protected]



#سوسن_العطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برد في أثينا …. مطر على الحاجز
- حالة فصام – الجزء الثاني
- قصة قصيرة : حالة فصام
- شمعتين لياسر
- قصة قصيرة: سائق تاكسي نزق
- حياتي التي اعيشها
- أحلام مستغانمي وأحلام الرجال.... عابرون في خيال عابر
- قصة قصيرة : شرفة في القمر
- الكوتا النسائية تمييز ضد المجتمع
- طفلة في العائلة


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن العطار - أحلام بعمر الفراولة