أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - آفاق














المزيد.....

آفاق


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3604 - 2012 / 1 / 11 - 12:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



هنالك من لهم أحلام كثيرة لا تعد ولا تحصى إلا أنا ليس لي إلا حلم واحد ولكنه كبير جدا بحجم كل أحلام البشر.

مضت الدقائق والساعات والأيام والأسابيع والسنون وقد طال انتظاري في محطة النقليات أبحث في وجوه المسافرين عن وجهٍ يشبه وجهي,وعن حقيبة سفر مثل الحقيبة التي في يدي,وعن سكينٍ حادةٍ وطويلةٍ ومشحوذةٍ تشبه السكين المزروعة في خاصرتي من عَمانَ إلى إربد, وعن لونٍ يشبه لوني حين تهاجمني الشمس في فصل الصيف وعن شَعرٍ يشبه شعرَ رأسي الذي خالطة البياض منذ أكثر من 15 خمسة عشر عاما أي أنني شبتُ وكبرتُ قبل أواني وتفتحت ورودي وعناقيدي قبل أن يطل عليّ فصل الربيع ونضجت عيوني قبل أن ينضج التين والعنب,وكبرت جدا وأصبحت بعمر السبعين سنة وأنا في مقتبل الخامسة والعشرين سنة من عمري,وكنت دائما ما أقوم بتكبير سني عشرة سنوات حين يسألني الناسُ عن عمري واليوم أجد نفسي أحاول جاهدا التصغير من عمري,وعجبي!!,عشت وكبرتُ وترعرعتُ وما زلتُ أبحثُ عن عيون فيها نبع ماءٍ لا يجفُ ولا ينضبْ مثل عيوني وعن قلبٍ يدق بسرعة جنونية مثل قلبي حين بلامسه الهواء أو حين يُفاجئ بقطرة ماء باردة,فمن أين آتي بكل هذا الفيض من الدموع لا أدري!! ومن أين لي كل هذا العنفوان ومن أين لي ببداية كلها آلام وتحديات مثل بدايتي!! ولولا أن هنالك في داخلي نبعُ ماءٍ كبير لجفت دموعي منذ عقدين من السنين وأكثر,أنا ما زلتُ هنا وما زلتُ أبحث في عبق المكان عن كلمات مثل كلماتي وعن حروف تضاهي حروفي وعن حبوب منومة مثل الحبوب التي آكلها كل مساء,أنا أفتقد للأصحاب الذين يشبهونني وأنا افتقر إلى المرأة التي تَشبهني ولم أعثر طوال حياتي على أدوات التعريف التي تليق بمقامي فلا أجد في أدوات التعريف العربية أداة تعريف تتناسب مع جنسي ولوني وفكري وحياتي, حتى أن ليل الناس لا يشبه ليلي ولا نهارهم يشبه نهاري,وطول السنة عندي مختلف عن طولها عند غيري من الناس,كأنني من كوكب آخر.

وما زلت أقف على باب الدار أنتظر بآخر الركاب بأن ينزل في آخر المحطات على باب بيتي ,وما زلت أنتظر نزول المطر وما زلت مثل الصبيان أفرح لنزول المطر وما زلتُ أذكرُ أمي حيت كانت تضربني على لعبي تحت حبات المطر وما زلت غير مكترثٍ لضربها لي وحتى اليوم ما زلتُ أنزل إلى الشارع كلما سمعت بصوت حبات المطر وهي تضرب بالشبابيك وصدقوني بأنني أخرج من البيت عند نزول المطر عامدا متعمدا فأركض تحته وأغسل وجهي ورأسي لكي أتعمد بماء المطر ولكي أتطهر منه ولكي يطهرني مما علق بي من أوساخ وقاذورات, وما زالت التعاليم القديمة تفرض نفسها عليّ بكل قسوة وما زلت أنتظر بأن تخرج الشمس من بين عيوني,وما زلت أغرق في أحلامي الجنونية وما زلت أنتظر بأن يتغير لون السماء إلى الأبيض الداكن وما زال عندي اعتقاد بأن للسماء باب يفتح كل صباح ويُغلق كل مساء ونوافذ تطل على حدائق الله,وما زلت مقتنعا بأن الله يشبهني في كل التفاصيل وبأن يده مثل يدي وعيونه مثل عيوني ودرب الأحزان الذي مشى عليه هو نفس الدرب الذي ـسير عليه منذ أن بدأت أمشي على اثنتين.. وما زلت أعتقد بأن السماء تشبه بيتي في كل النواحِ وفي كل التفاصيل وما زلت أنتظر بالعشب الأخضر بأن ينقلب لونه,فمتى سينقلب الأبيض على الأخضر؟, ومتى ينقلب الشتاء على الصيف؟ومتى سينقلب الليل على النهار ومتى سينقلب الخير على الشر ومتى ستزول آخر الغمامات عن عيوني لأرى كل شيء بوضوح دون أن يعكر اللون الرمادي والضباب الرؤية عليّ!!, ومتى سأخرج من قاع القُمقم ومن عنق الزجاجة الذي وضعت نفسي فيه ؟ومتى سأخرجُ من عزلتي ومن الحصار الذي فرضته أنا على نفسي بمحض إرادتي,ولو كنت أعرف ضريبة النجاح التي سأدفعها ثمنا لنجاحي لاخترت بأن أكون راسبا في كل شيء فضريبة النجاح باهظة الثمن وضريبة الفشل لا تعادل 1% من ضريبة النجاح في بلدٍ عربي مثل بلدي يحترم الفاشلين والحثالة ويحارب الناجحين.

أربعون عاما مضت من عمري وأنا أنتظر بالأحلام حتى تصبح حقيقة وما زلت أنتظر بالحقيقة بأن تعلن عن وجودها,إنها هنا موجودة في كل مكان وفي كل زاوية فمتى ستتحول الجمادات إلى كائنات صادقة ورشيقة!!, مضى من العمر الكثير والكثير وما زلت أشد على أسناني أثناء النوم وفي بعض الأيام أشخرُ شخيرا مزعجا والمصيبة أن كل أهل البيت يسمعون شخيري إلا أنا لا أستطيع أن أسمعه وكل أهل الدار يرونني على طبيعتي إلا أنا عاجز عن رؤية نفسي,وفكرت ذات مرة بأن أزرعَ عيني في الحائط لكي أشاهد نفسي فأنا أشتهي أن أرى نفسي ولو مرة واحدة في العمر وأنا أشتهي أن أستمع لنفسي وللصوت القادم من السماء,وأنا أشتهي بأن أتفرغ لنفسي ولو ليوم واحد أعيش به وحدي وتكونُ به روحي مع روحي وليس مع روحٍ أخرى غريبة عني لا تفهمني ولا أفهمها, أنا هنا قد استبد بي الألم والجوع الحار يكاد أن يفتك بي وما زلت أصلي للرب و ليهوى ولله ولبوذا من أجل أن أنهض من حلمي الطويل وأنا سليم العقل قبل أن أفقد عقلي نهائيا فما زال بي بعض المخ وما زالت بعض الملايين من الخلايا حية وما زلت ألبس ملابسي التي سأستقبل بها آخر الذين سيهبطون من السماء إلى الأرض, والكل رحل والكل تركني لوحدي,جدي,جدتي الحنونة,أبي.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصل الانسان من حيوانات مختلفة
- أفكار غريبة عن المسيح
- مثلك مثل كل الناس
- الرب عام 2012
- أصعب شيء عندي
- أين ذهب حزب الوفد؟
- الموت في فصل الشتاء
- أبو يوسف السوري
- فكرة القومية
- 2011 سنة العجائب
- صناعة اللحوم
- نقد الإسلام السياسي
- أسئلة محيرة
- أردني مرفوع الراس
- وحدي في البيت
- هل كان سلوك محمد مطابقا لدعوته؟
- الاسلام لا يتحمل المسئولية
- إسلام أبي هريرة
- الانسان الطمّاع
- من أجلي أنا


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - آفاق