أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - عبدالرحمن أبوعوف وثنائية الإبدع والقمع















المزيد.....

عبدالرحمن أبوعوف وثنائية الإبدع والقمع


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3603 - 2012 / 1 / 10 - 14:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رحل عن عالمنا الناقد عبدالرحمن أبوعوف فى ديسمبر2011. وفى كتابه (القمع فى الخطاب الروائى العربى) أشكال القمع كما تجلتْ فى كتابات بعض المبدعين. والأعمال التى تناولها لأجيال مختلفة. وترجع أهمية الكتاب إلى رصد صورالقمع فى المجتمعات التى تناولتها هذه الأعمال حيث أنّ للقمع أشكالامتعددة ، منها التسلط السياسى وأبرزها ((قمع الدين والمقدس وقمع التراث والمألوف والتقاليد والعُرف والمجتمع الذكورى وقمع النص وقمع اللغة))
من الأمثلة المهمة تناولها لصورالقمع فى بعض روايات عبدالرحمن منيف ، والتركيزعلى أشكال القمع فى مجتمع البداوة ، خاصة فى رائعته (مدن الملح) ولأنّ منيف مبدع دافع عن العدل الإنسانى المنشود ، لذلك فهولايكتفى بالإبداع الأدبى ، وإنما قال ((لقد زاد القمع واتسع إلى درجة لاتُصدّق. لقد اكتشفتُ فى لحظة من اللحظات أنّ الضحية والجلاد وجهان لعملة واحدة ، أى أنّ الإثنين ضحية النظام المُسيطر)) وعقب أ. أبوعوف قائلا ((إنه لايمكن المساواة بالمطلق بين الجلاد والضحية. أواعتبارهما من ضحايا النظام فقط)) أعتقد أنّ المسكوت عنه فى جملة (النظام المُسيطر) هومنظومة قيم البداوة التى قصدها عبدالرحمن منيف ، والتى أفرزت مجتمع (السيد / العبد) أوالجلاد والضحية. وهوما عبّرعنه (حيدرحيدر) على لسان بطل روايته (مرايا النار) إذْ قال ((أى شىء لامعنى له قبل إبادة هذه السلالة البربرية. سلالة البدو والرعاة ، همج القرن العشرين)) ثم لخص الموقف قائلا ((نحن الآن فى عصرالزواحف ، بينما البشرالآخرون يغزون الكواكب)) وفى موضع آخركان أكثروضوحًا ((كيف يمكن أنْ تستمرهذه السلالة الرعوية المنحطة فى السلطة لأكثرمن ربع قرن بعد أنْ دمّرتْ البلاد وحوّلتها إلى مزارع أسرية وطائفية وعسكرية ونهبتْ اقتصادها ووضعته فى مصارف أمريكا والغرب. ولايوجد من يتجاسرعلى صرخة : لا لكل هذا العُهر)) وفى روايته (وليمة لأعشاب البحر) صورة أخرى للقمع الذى تعرّض له الشيوعيون العراقيون على أيدى القوميين العرب والبعثيين وأدّتْ إلى ((هروب المناضل العراقى الشيوعى مهدى علام إلى جحيم عربى آخر))
أما الكاتب المغربى (محمد زفزاف) فهويُلخص قيم البداوة البشعة فى روايته (الحى الخلفى) وكيف قهرتْ قيم البداوة البشرالخاضعين لها فهُم ((كما وُلدوا فى البادية بدون هوية وبدون عَلم للدولة ، فهُم يفعلون نفس الشىء فى الضواحى أوفى أماكن أخرى مثلما يفعل الذباب. وهم بدون هوية دائمًا إلاّوقت الانتخابات إذْ يخرجون كجرذان قاموا ليقولوا بصوت واحد (نعم) وبعد ذلك يعودون إلى جحورهم المظلمة))
شكل آخرمن القمع تعرّض له أبوعوف ، هوالعوامل الطاردة التى أرغمتْ أبناء شعبنا المصرى ، أحفاد الثقافة القومية الزراعية المُتحضرة ، لقبول العمل لدى أحفاد رعاة الغنم ، وهو ما عبّرعنه إبراهيم عبدالمجيد فى روايته (البلدة الأخرى) على لسان بطله إسماعيل الذى أدرك الفرق بين مجتمع البداوة ومجتمع الزراع ولخصه فى هذه الجملة الدالة ((لقد امتلك البدوى الثروة. فالويل كل الويل لأبناء الحواضروالمدن))
أما قهرالسلطة فإنّ أبوعوف قدّم عرضًا وتحليلا لإبداع عدد من الكتاب المصريين ، ومن أمثلة ذلك المعتقلات التى ملأ بها عبدالناصركل مختلف مع نظامه القمعى. ووصل القهرلدرجة إجبارالضحية على الهتاف باسم جلاده الأكبر(عبدالناصر) كما حدث مع المعتقلين الذين كانوا يهتفون باسم عبدالناصر، وهوما رصده محمد المنسى قنديل فى روايته (انكسارالروح)
ولأننى أتفق مع أ. أبوعوف فى معظم تحليلاته للأعمال التى تناولها بالعرض أوبالنقد ، إلاّ أننى أختلف معه فى بعض ما جاء فى كتابه على النحوالتالى :
ذكرفى (ص أ، ص 10) عبارة (الحاكم المستبد) وهى تركيبة تحمل التناقض فى داخلها ، إذْ لايمكن الجمع بين العدل والاستبداد ، والعادل لايكون مستبدًا والعكس صحيح ، كما أنها مقولة رسّختها أنظمة الاستبداد وروّجتْ لها ، فى حين لفظتها الشعوب المُتحضرة .
ويعتقد الكاتب أنه كان ثمة ((حصاروانهيارللمشروع الناصرى للنهضة والتحرر والوحدة والعدالة)) وألحّ على تكرارهذا المعنى فى ثمانى صفحات متفرقة. وأ. أبوعوف وهويكتب كتابه كان عمرانقلاب أبيب / يوليو52حوالى 50سنة. وأعتقد أنّ مرورهذا الزمن على حركة البكباشية ، أتاح للباحث قدرًا من المعلومات تؤكد على أنّ (المشروع الناصرى) نجح فى وأد (المشروع الليبرالى) الذى ناضل مثقفون وطنيون لترسيخه قبل يوليو52 وهوالمعنى الذى اعترف به صراحة عبدالناصر، إذْ ردّ على الاعتراضات الموجهة ضد ضباط يوليوبسبب اعتقال بعض الوفديين فقال ((إحنا موش بنحاكم الوفد. إحنا بنحاكم سياسيين قدامى. بنحاكم نظام قديم. بنحاكم نظام رأسمالى اسمه النظام الليبرالى)) (مذكرات إبراهيم طلعت- مكتبة الأسرة- عام 2003ص 245) كما أنّ (المشروع الناصرى) كسرالروح القومية لدى شعبنا المصرى عندما اعتقل كل من رفض التطابق مع دكتاتورية الضباط ، وأنّ (المشروع الناصرى) نجح فى قتل آلاف المصريين فى حروب لاعلاقة لمصربها ، وتبديد ثروات مصرفى هذه الحروب التى حققت أهداف أمريكا التى حلتْ محل الاستعمارالقديم . ثم كان أهم انجازللمشروع الناصرى هواحتلال سيناء .
والملفت للنظرأنّ الكاتب اعترف بأنّ نظام عبدالناصركان شموليًا (ص194) واستعرض بأمانة انعكاسات سلطة يوليوعلى كتاب الستينات و((بروزدورالمؤسسة العسكرية والدولة البوليسية)) (ص46) وكذلك شهادة بهاء طاهرفى روايته (وقالت ضحى) عن هتاف المصريين الشهيربعد انقلاب يوليو(يسقط حكم البكباشية) (ص52) أوتعليق حمادة يسرى فى رواية (مقهى قشتمر) لنجيب محفوظ على موت عبدالناصرقائلا ((موته يُعتبرأمجد أعماله)) (ص242)
وردّد أبوعوف تعبير(عنصرىْ الأمة) أكثرمن مرة (خمس صفحات متفرقة) دون أى تعقيب من جانبه يُوضح للقارىء أنه تعبيرغيرعلمى ، ناهيك عن أنه تعبيرعنصرى لأنه يُكرّس لانقسام الشعب الواحد إلى شعبيْن على أساس دينى. فى حينْ أنّ شعبنا المصرى شعب واحد بغض النظر عن تعدد الأديان والمذاهب. ولعلنا نتأسى بالفنان المبدع سيد درويش عندما غنى ((اللى تجمعهم أوطانهم.. عمرالأديان ما تفرقهم))
كتب أبوعوف أنّ المقصود بالحارة فى (أولاد حارتنا) لنجيب محفوظ هو(تاريخ البشرية) فى حين أنّ نجيب محفوظ كتب قصة الخلق نقلا عن التراث العبرى (أنظردراستى فى مجلة فصول – ربيع 92وفى كتابى (أنساق القيم فى الإبداع المصرى- هيئة قصورالثقافة- عام 2000)
أشاد أبوعوف بثلاثية محفوظ كثيرًا ، وذكرمنبهرًا بها أنها (أكمل وأفصح رواياته فى رصد كلية وشمولية الحياة المصرية قبل ثورة 19وحتى أزمات النظام الملكى والليبرالى)) (ص259) وأيضًا ((أنا لا أشعرباليتم فى هذا العالم مادام فيه هذا الرجل- الموقف)) (ص176) ولعلّ هذا الاعجاب (وهذا حقه) تسبّب فى استبعاد كتب التاريخ التى أرّختْ لثورة 19 وقدّمتْ وثيقة مغايرة لما قدّمه محفوظ عن شعبنا. إذْ قدّم السيد عبدالجواد ممثل شريحة التجاربكل مساوئه وأبرزها انعزاله عن الحركة الوطنية ، وهذا ضد تاريخ هذه الشريحة المصرية التى ساندتْ الثورة (أنظرتحليل لويس عوض فى كتابه أوراق العمر- ص 117، 118، 156، 157) أما د. عبدالقادرالقط فكتب ((كانت المرأة من الطبقة المتوسطة تلزم البيت وترعى شئون زوجها وأولادها ولكنها لم تكن (أمينة) بل كانت (أميرة) فى بيتها ولم يكن زوجها (سى السيد) بل شريك حياة يحب زوجته ويحترمها)) وعن السيد عبدالجواد كتب أنه ماكان ((ليُصبح على هذا القدرمن التسلط أوليقدرعلى ممارسة حياته المزدوجة ، لوكان لزوجته أمينة بعض الصفات الواقعية للزوجة يمكن أنْ تحد من سلطاته. وهكذا رسم نجيب محفوظ شخصية أمينة عنصرًا مساعدًا تتجلى من خلاله شخصية زوجها البعيدة عن طبيعة المجتمع القاهرى حينذاك)) كما أنّ ((المستبد لايصنع نفسه بقدرما يصنعه الآخرون العاجزون . وهكذا انتهى عجزأمينة وخضوعها الدائم إلى مواقف تتجاوزصلة الزوجيْن لتُصبح مجرد وسيلة لتأكيد الشخصية الروائية النموذجية)) ولخص د. القط رأيه فى هذه الجملة الدالة ((وسواء أكانت المسئولية على الرجل أوالمرأة ، فإنّ هاتيْن الشخصيتيْن لايمكن أنْ تُصوّرا واقع الأسرة المصرية فى ذلك الزمان ولايمكن أنْ يكون لهما واقع يُجسّد الصلة بين الرجل والمرأة على هذا النحوالشاذ)) (مقال سى السيد بين الواقع والفن- أهرام 13/9/99)
وذكرأ. أبوعوف أنّ جيل الستينات وعى ((انهيارالنظام الملكى وافلاس الليبرالية الحزبية المهترئة)) (ص45) وإذا كان من المتفق عليه أنّ الناقد الأدبى يضع قراءته للتاريخ فى كفة ، وقراءته للإبداع فى كفة ، فهل الليبرالية الحزبية قبل يوليو52 تستحق الرجم أم شمولية حزب ضباط يوليوالواحد الأحد ؟ وهل نُدين الليبرالية التى تعنى تعدد الأفكار، هذا التعدد الذى يُثرى الحياة الاجتماعية والسياسية ، لصالح أحادية الحزب الواحد ، تلك الأحادية التى كمّمتْ أفواه شعبنا ؟ وإذا كانت الحقيقة قبلتنا الوحيدة ، فإلى أين يتجه انحيازنا : إلى البرلمان الذى كان يُناقش الموازنة العامة للدولة ويرفض زيادة المخصص للملك ، أم للبرلمان الذى يُوافق على أى مشروع يعرضه عليه الضباط ؟ وهل من الأمانة العلمية الترويج ل (افلاس الليبرالية) أم الأدق الإشارة إلى أنّ ماحدث هوالقضاء على الليبرالية بقيادة البكباشية ؟
وكتاب أ. أبوعوف جديربالقراءة رغم هذه الملحوظات ، بمراعاة أنه بانوراما للإبداع الذى تناول القمع بأشكاله المختلفة. من قمع السلطة إلى القمع باسم الدين وقمع النص وقمع اللغة.



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمن الحرية وحصاد عام من الدم
- جميل عطية إبراهيم والتأريخ بلغة فن الرواية
- العلاقة بين (المواطنة) و (القومية)
- النبل والبؤس فى طاحونة الحياة
- سناء المصرى : ضميرحى وعقل حر
- التنوير المصرى والجامعة الأهلية
- بورتريه لابن عمى المليونير م . م
- تونا الجبل : ميلاد مُتجدد للحضارة المصرية
- ميس إيجيبت وجدل العلاقة بين الثقافتين المصرية والعربية
- سليمان فياض : الواحد المتعدد
- النص الدينى والتفسيرات المتعددة
- العالمانية والاستقرارالاجتماعى
- هل يؤمن الأصوليون الإسلاميون بالديموقراطية
- مأزق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل
- الأدب واتعبيرعن التغيرات الاجتماعية
- لاتُصالح ودوائرالثأرالجهنمية
- كفيل مصرى لأى خليجى فى مصر
- رد بأن مقالى عن اللغة القبطية
- المشروع الفكرى للراحل الجليل بيومى قنديل
- سيناريو مُتخيّل عن استقالة شيخ الأزهر والمفتى


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - عبدالرحمن أبوعوف وثنائية الإبدع والقمع