أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - إطلالةٌ على مدنِ الرّماد














المزيد.....

إطلالةٌ على مدنِ الرّماد


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 3602 - 2012 / 1 / 9 - 20:42
المحور: الادب والفن
    



تتنازعُ على اصطيادي شِباكٌ كثيرة
وسهامٌ تترصدُ ظهوري
هذا يريدُ قنْصي
وذاك ينشبُ مخالبَه أمامي
وآخرُ يضيّعني في متاهاتٍ حالكة
أهدرُ وقتي في الخلاص
مُلْتَفِتاً هنا وهناك
مرّةً انزوي في ربْعٍ آمِنٍ
أتلمسُ دربي ، لاأبصرُ سوى التيه
الشرودُ يصرخُ بوجهي غاضبا
أرتجفُ هلعاً
السماءُ تمطرُني بالتراتيل والأذكار
تارةً تهددُني بالويل والثبور
وترهبُني بالغلّ والقيود
ووعيدِ العذابِ والحميم
لكنها قلّما ترغّبني بما أشتهي
من خمورٍ ونساءٍ وخيال جامح
المقابرُ تتنازعُ على جسدي
تبغي ردمي في بقاعِها
الشيطانُ يظللُني بالشهوات
يُظهر لي جسَداً شهيّا
امرأةً سهلةَ القياد
عزازيل يلاحقُني أينما ارتحلت
يسترقُ النظرَ من نافذتي
كلما أراه يتلصصُ حولي
أشهرُ إصراري بوجهِه المقيت
فيفرُّ هاربا
يخافُ هيبتي
لكنه يترقبُ ضَعفي
يريدُ اختطافَ روحي ، ملمسي الناعم
وهي ما تبقّى لي من ركام الحياة
الكلُّ ينهشُني ؛ يريدُ الإطاحةَ بي
لاأريدُ أن أكونَ ضحيةً مقطعة
كثورٍ هائجٍ تغرزُ فيه السهام
وسط حلبةِ الماتادور
يصفّق المعتوهون والساديون لهزيمتي
تزبدُ أفواههم لُعابَ التشفِّي
بين لصوص النهار
ومُدبّري المكائد
هناك ضيوفٌ ثقالٌ يزورونني
بين حينٍ وحين
فذاك " مُخيفٌ" يزاحمُني مهجعي
يفترشُ غرفتي
يقاسمُني زادي
ينغّصُ عليّ عيشي
أرضي أضحتْ خرِبةً تساقطَ سورُها الشاهق
كلٌ يرمي نفاياتِه ودَرَنَه في أديمِها الطاهر
حدودُ بلادي قربوها ، لوّثوا طهْرَها
زاحفين كالجرادِ النهم
لعقوا بألسنتِهم نقاءَ عذوبتي
لهاثُهم أصابني بالقيء
توسّلتُ بسرْبِ النوارس
أنْ : خذوني معكم طائرا شريدا ، جريحا
لم ألقَ آذاناً صاغية
سألمُّ متاعي وأعبرُ مدنَ الخطايا
أعفّرُ وجهي برمادِها
أتسكعُ في " بومبي " الغارقةِ بالإثم
لاأحد يشاطرُني في خطواتي
سوى الكلابِ الضالّة
والسحالي الزاحفةِ من البحر
تبحثُ عن رممٍ صدئة
من ركامِ الضحايا
من الغرقى الآثمين
ضحايا " فيزوف " الأحمق
هو الآن نائمٌ
يغطّ في سباتٍ عميق
أتوسّلُ إليه أن : انهضْ
ارمِ حممَك في أجسادنا الغارقةِ بالدنَس
لفّنا بترابِك الناريّ كفَناً مشدودا فينا
أمطرْنا بسجّيلِك المجمر
افتحْ لنا بابَ سعيرِك على مصراعيها
فقد بلغت قلوبُنا الأفواه
تخطّتْ الحناجرَ منذ أمَدٍ بعيد
وطفحَ الرّجسُ حتى علا هاماتِنا
علِّقْ عوراتنا ومخاصينا على ناصيةِ المواخير
نزايدُ عليها بصفقاتٍ مريبة
نسْلُنا عتمتْ نطفتهُ
تمزقتْ أصلابُنا في ظهورِنا اليابسة
تمرُّ العواهرُ ؛ تتطلعُ إليها
تتحسسُ ضروعَها اليابسة
وتنتقي أيهما الأشرسُ والأكثرُ فسادا وعقْما
أنتِ يا مدينة البغاء
التمسي دعاءً مُبْكياً
لعلّ الرؤوفَ الرحيمَ الحاني
يصغي إليك بكلّ جوارحِه
ويفتحُ صدرَه رحبا
هاهي " سادوم " عادتْ إلى رشْدِها
وديعةً ، هانئة تغطّ في أحلامِها الوردية
غفرَ السميعُ المجيبُ لها
وعدلتْ عن غيّها
"روما" نزعتْ دخانَها الأسودَ الكالح
بصقتْ في وجهِ "نيرون"
واكتستْ حُلَّتَها الحمراء
"مسِّين" لملمتْ جراحَها
وعادتْ بهيّةً ناضرةَ الخدّين
لكنّ مدينتي ما زالت تكتسي السواد
تخاف البهاء والاخضرار
لم تزلْ تقاويمُ الحزنِ تعرّش على رأسها
فهذا تاسوعاءُ رابض بقلبها
وعاشوراءُ يؤرجحُها يمينا وشمالا
والأربعون يجرجرُها مسافاتٍ طوال
شُلَّتْ قدماها
تقطّعتْ بها السبل
أنهكَها التعبُ ، أغرقتْها الدماء
حزّتْ السكاكينُ ظهرَها الحاني
صدرُها احْمرَّ من اللطم
وجنتاها يبستْ من حرقةِ الدمع
عافها محبوها وحيدةً تتلقى النبال
مَن منكم يسرعُ لنجْدتِها ؟؟
أما من مُنجِدٍ يلاذُ به
أما من حَمِيٍّ تغلي دماؤهُ نبلاُ ؟!!
ذبلتْ أعوادُكم كخريفٍ هامد
واصْفرّتْ نخوتُكم من الهزالِ والسقام
أكادُ أنعيها في صفحاتِ الوفيات
معلقاً الشريطَ الأسودَ المائلَ على يسارها
لعلّ أحداً يزيلهُ ويعيدهُ أخضرَ يانعاً
سأنتظر، واضعاً يدي على يأسي

جواد كاظم غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما خبّأه ابنُ طفيل في قِماطِ حيِّ بن يقظان
- أريدكِ نافذتي...شُرْفتي المشْرَعة
- والذي قيْدُهُ يزينُ يديهِ
- السيمورغ
- اللعبُ مع الصغار -هنيهةُ وأخواتها-
- حفيدتي الكَنَدِيّة
- كيف لي أنْ أرأبَ الصدْع
- قصائدٌ مدفوعةُ الثمن
- إنّما الدنيا لِمَن وهَبا
- هناء أدور....نهنئكِ
- أسفحُ بكاءً على فيضِ أنوثتها
- الناسخُ والمنسوخ
- ما لنا وما عليهم
- مواجعُ طرَفة بن العبد قبل النزعِ الأخير
- يشيخ وفي نفسه شيء من-نوبل-
- أما آنَ لي أنْ ألقى قمري الضائع
- أكادُ أختنقُ من نفثِ دخانكم
- رمادٌ يؤطّرُ أرضَ السواد
- ما قالتهُ ذاكرةُ الرّجْع البعيد
- بانتظار - بهجة - العيد


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - إطلالةٌ على مدنِ الرّماد