أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حسن محرم - خلجنة المجتمع المصرى















المزيد.....

خلجنة المجتمع المصرى


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 3602 - 2012 / 1 / 9 - 13:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ربما بدأت عملية تحويل المجتمع المصرى الى الصورة الصحراوية الخليجية فى العادات والتقاليد والأفكار منذ مدة طويلة ولكن أبرز هذه المحاولات تبدأ منذ سبعينيات القرن الماضى وتحديدا بعد الهزيمة العربية فى عام 1967 التى زلزلت المجتمع المصرى ودفعت بشرائح واسعة منه الى فقدان اليقين فى صواب الفكرة القومية ونكوص الكثيرين الى الأفكار الغيبية من مسلمين ومسيحيين، فمن ظهور العذراء فى كنيسة الزيتون الى السجود لله شكرا على الهزيمة واعتبار المرشد الجديد انها عقاب الله على اعتقال الاخوان وتعذيبهم فى سجون عبد الناصر.
بعد حرب اكتوبر مباشرة بدأ السادات مشروعه الإنفتاحى على الغرب وفتح الأبواب للمصريين فى تغريبتهم الجديدة نحو دول الخليج التى انتعشت اقتصادياتها بارتفاع اسعار النفط وتواكب ذلك مع الافراج عن الاخوان وتمكينهم من منابر المساجد وتقديم دعم مباشر للجماعات الدينية فى الجامعات لمواجهة الأفكار اليسارية والناصرية، وبعودة الطيور المهاجرة الى بلدان الخليج حاملة معها أسوأ ما أفرزته هذه المجتمعات البدوية من أفكار شديدة التخلف لإحلالها مكان العادات والأفكار المصرية الجميلة والتى تمتد جذورها الى مصر الفرعونية كالإحتفال بسبوع المولود واربعين الموتى وعيد شم النسيم وغيرها من الإحتفالات.
لقد شاءت الظروف ان اقضى سنوات عديدة بإحدى الدول الخليجية، وتمكنت من زيارة جميع دول مجلس التعاون الخليجى والتعرف عن قرب على تفاصيل الحياة هناك، وتكونت عندى عدة ملاحظات حول هذه العادات والسلوك الخليجى أوجزها فيما يلى:
1- توجد قشرة ظاهرية من التدين الشكلى كالحرص على أداء الشعائر الدينية والغلو فى تطبيقات مظاهر خارجية للدين بينما على الضفة الاخرى توجد ممارسات ممعنة فى البعد عن الدين كالكذب الفاضح والنفاق الاجتماعى والإنحرافات السلوكية.
2- النظرة الدونية للمرأة واعتبارها كإناء لتفريغ الشهوة فقط مع سيادة الأفكار الذكورية بشكل مطلق رغم الإعلاء الشكلى لدور المرأة فى الوظائف الحكومية وخاصة فى مجالات التعليم والصحة والاعلام.
3- الإنحراف فى النظرة والسلوك الجنسى تجاه النساء والرجال على السواء، فاللواط بين الرجال والسحاق بين النساء شيئ شائع وغير مستنكر، ربما يرجع ذلك جزئيا للكبت الجنسى نتيجة لعدم الإختلاط، ولكن الذى لفت نظرى بشدة هو التساهل الشديد تجاه حمل السفاح ونكاح المحارم، وكثيرا اثناء عملى كطبيب كان يأتى الأب أو الجد لإستخراج شهادة ميلاد لطفل سفاح لإبنته او حفيدته محاولا نسبها اليه، وحتى هؤلاء الأطفال يعاملون بعطف من الجميع ويسمونهم أبناء الحارة.
4- النظرة الدونية تجاه الأجناس الأخرى الوافدة على كثرتهم مقارنة بالسكان الأصليين واعتبارهم عبيدا لديهم ويكثف نظام الكفالة من هذه الظاهرة ومعاملتهم الخادمات كملك يمين واعتداء رجال الأسرة عليهن، مع الإحترام المبالغ فيه والتمييز للوافدين من الجنسيات الغربية.
5- انتشار البغاء فى المدن الرئيسية والقرى ايضا مع وجود مراكز للبغاء فى بعض المدن وعلى رأسها دبى، وتنوع البغايا من البلدان الآسيوية والعربية وبلدان الإتحاد السوفييتى السابق مع انتشار الخمور بالفنادق والشقق الخاصة وسهولة الحصول على الخمر بواسطة الأجانب المسموح لهم بشرائها أو إدخالها.
6- عمليات النصب الواسعة ونهب أموال الوافدين باعتبارهم الطرف الأضعف قانونيا وعدم سداد مستحقاتهم وتعريضهم بشكل مستمر للحبس والإبعاد بحجج واهية بعد نهب ما جمعوه نتيجة عملهم وجهدهم لسنوات طويلة.
كل ذلك قد يعتبرونه طبيعيا داخل مجتمعاتهم الريعية التى تتمتع بعوائد النفط الكبيرة، ولكن المشكلة هو محاولة استخدام هذه الموارد فى تصدير هذه االسلوكيات الى المجتمعات الأخرى مستغلين فى ذلك الظروف الإقتصادية لهذه المجتمعات شعوبا وحكومات، فى شكل هبات وقروض ومشاريع استثمارية داخل هذه البلدان تعمل فى اطار النهب المنظم لموارد مادية وبشرية والعمل على تغيير انماط الحياة والسلوك لهذه المجتمعات بنفى الإتجاه المعتدل والوسطى للدين وفرض الأشكال المتطرفة والمتشددة المستقاه من أفكار محمد بن عبد الوهاب المستندة الى الفقه الحنبلى وفتاوى ابن تيمية والتى وصفها الشيخ محمد الغزالى بفقه البداوة، فمن ادعية الركوب والنزول ودخول الغائط والمعاشرة الجنسية واستحداث ادعية جديدة كدعاء نزول البحر للاستحمام أو ارتداء الملابس،واصبحت ابسط الامور الدنيوية محل سؤال المواطن المصرى لطلب الفتوى فيها , وظهرت فتاوى مثل تحريم شفرة الحلاقة وحرمانية خلع المرأه ملابسها امام الحيوانات ..... الخ , ثم انتشرت ظاهرة التجارة بالدين والفتاوى المعلبة فى الفضائيات , مثل التداوى بالاعشاب التي جاءت كنتيجة لانتشار ما سمىّ بالطب النبوى , وراجت تجارة الكتب التى تدعو لنبذ علوم الطب الحديثه والاتجاه لطب الاعشاب , ومقالات الاعجاز العلمي التي نسبت كل الاكتشافات الطبية الحديثة للاسلام , بل واتجهت لعلاج الامراض المستعصية على العلم مثل السرطان والسكر والإيدز بالحجامة او التداوى ببول الابل , واتجه المواطن المصري لتلك العلاجات نتيجة لتأثره بالاعلام وفقره ومرضه , وانعكس ذلك بالتبعية على سلوكياته التي انحازت للخرافة على حساب الاهتمام بالعلم والثقافة .
نضرب بعض الأمثلة السريعة على التقاليد المصرية الأصيلة التى يحاولون طمسها:
1- في اليوم السابع للميلاد يتم إقامة حفل كبير يحضره كل الأقارب والجيران والمعارف ، ويتم "زف "المولود إلى خارج البيت تحمله أمه في "منخل "مزين بالورورد ،وتزداد الزينة إذا كان المولود أنثى ، وقبلها بليلة يتم وضع "قلة" بها ماء في إناء واسع يوضع فيه ماء ويبذر فيه 7 حبات من الفول والأرز، وذلك تيمناً بالعمر المديد والخير الوفير ، وفي الاحتفال توزع حلوى خاصة بالسبوع ، ويحمل الأطفال الشموع ، وتقوم جدة الطفل بـ"دق الهون "والذى يتسبب دقه فى ضجيج بجوار أذن المولود وتطلب منه أن يطيعها ويطيع أمه (بديلا عن طاعة اوزوريس أم الإله في العادات الفرعونية القديمة ) ثم تقوم بإلباس المولود ـ لو كان أنثى ـ قرط من الذهب، ثم يوضع الطفل على الأرض وتعبر أمه فوقه سبع مرات لحمايته من الشر طوال عمره ويغنون له "حلقاتك ..برجالاتك ،حلقة دهب فى وداناتك" أما في النوبة ، فمن العادات أيضاً فى هذا اليوم أن يحمل الطفل إلى النيل وتبلل جدته يدها بماء النيل وتضعها على رأسه وترمى ما تبقى من حبله السري في النيل ، وأصل هذه العادة يعود إلى النوبيين الذي اعتقدوا بأن النهر سيقوم بحماية المولود طوال حياته، يتم محاولة استبدال هذه االعادات الجميلة بما يسمى "العقيقة" وهى ذبح شاه واكل لحمها مع المرق، ولم ينسى هؤلاء ان يميزوا ضد المرأة فتكون العقيقة شاة للمولودة الأنثى وشاتين للمولود الذكر.
2- فى الأعراس " ولمعرفتى الأقرب للعادات الريفية" فالفرح يبدأ لمدة طويلة قبل الزواج، منذ اعداد القمح لوليمة العرس عندما تتجه النساء فى سرب طويل يحملن على رؤوسهن القفف مملوءة بالحبوب الى الترعة لغسيله الذى يصحب بالغناء، ثم يفردونه فى الشمس ليجف، بعد ذلك واثناء العجن واعداد الكعك والخييز يتم الغناء أيضا، ولكل مرحلة غناؤها، فالأغانى الطويلة لقطر الندى تصحب هذه المرحلة، بعدها تأتى ثلاث ليال من الأفراح هى ليلة "الحنة" و"كتب الكتاب" و"الدخلة"، واثنائها تصدح النساء بالغناء والرقص، والرجال بالغناء وبالرقص ايضا على طريقتهم، ثم تزف العروس على هودج لبيت عريسها، ناهيك عن طقوس اعداد الاثاث وتنجيد المراتب وزفة الفرش الى آخر ما يصاحب ذلك من زغاريد وملابس ملونة واطفال يمرحون ويلهون، كل ذلك يحاولون استبداله بحفل زفاف كئيب يحرم فيه الغناء والرقص ويتم الفصل الحازم بين الجنسين ولا يسمح الا ببعض التواشيح والغناء الدينى.
3- فوجئنا بمن يدعو للاهتمام بالمظهر والطقوس على حساب الجوهر , فانتشرت ظواهر مثل الحجاب والنقاب مع استخدامها كوسيلة دينيه مظهرية بلا سلوك دينى حقيقي يدعمها , وانتشرت تناقضات مثل الاهتمام بالصلاة وتقبل الرشوة , او قضاء بعض موظفي الهيئات الحكومية وقت طويل فى الصلاة على حساب خدمة الجمهور , وظهرت الميول التحريمية فى شتى مناحى الحياة , فانحاز رجال الدين للتحريم على حساب التحليل لدرء الشبهات , واستخدمت تفسيرات القراّن المتشدده والاحاديث النبوية الضعيفة كاداة لفرض الفكر التحريمي , واكتسب رجال الدين قداسة وحصانة لم تكن معروفة سابقا في الاسلام الذي نهى عن وجود رجال دين , واصبح نقدهم محظور ومواجهتهم ممنوعه , ووجدنا كل من يطلق لحيته ويرتدى الجلباب يسمى "شيخ" ويعامل باحترام مبالغ فيه ويطلق الفتاوى اينما ذهب ووجدنا شيوخ الازهر يحرمون تداول كتاب او مشاهدة فيلم معين , وطلبة الازهر يتظاهرون لفقرة في كتاب لم يقرأه اغلبهم , وشيوخ الفضائيات يزعقون بحرقة لاعتراضهم على مشهد سينمائي , ثم انتقلت العدوى لاعضاء مجلس الشعب فوجدنا الاستجوابات تنهال بسبب روائي او مخرج لانه لم يراعي شروطهم الاخلاقية والدينية فى عمله ويتركون في نفس الوقت مسئول فاسد يمرر مبيدات مسرطنة او يحتكر سلعة استراتيجية، على الناحية الاخرى انتشرت الرشوة والتحرش الجنسى وانعدمت الاخلاق واختفى الضمير وحلت المظاهر محل التصرفات , وظهر التناقض فى سلوكيات المصريين ما بين التزمت والفوضى , وتغيرت العادات للتماشى مع عادات بدوية اختلطت بالدين , واختفت الشخصية المصرية تحت تأثير الاعلام الصحراوى.
هناك دعوات مشبوهه لضم مصر الى مجلس التعاون الخليجى وذلك بواسطة بعض دول ذلك المجلس وذلك حتى تتأبد عملية الإستيلاء على مصر وديمومة السيطرة عليها وتحويل المجتمع المصرى ككل الى النمط الخليجى السادر فى افكاره وسلوكه الصحراوى، ويحضرنى هنا بيت شعر للمتنبى ( أغاية الدين أن تحفوا شواربكم..يا أمة ضحكت من جهلها الأمم).
وقى الله بلادنا كل سوء ولا حول ولا قوة الا بالله.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- nknown
- القضية الوطنية والمسألة الفلسطينية فى الثورات العربية
- لائحة طلابية جامعية.. فى زمن الثورة
- يسار مغامر. أم مراهقة ثورية
- الإخوان المسلمون...إختلافات ورؤى 2- إخوان السودان و الدكتور ...
- الإخوان المسلمون .. إختلافات ورؤى 1-حركة النهضة التونسية
- كلام فى الثورة
- الشيوعية والأخلاق
- رثاء الرفيق الراحل ( رفيق عبد الستار الشناوى ).
- عن الثورة والحزب
- الإخوان والعنف...مؤامرة 1965
- هذه الثورة ..طبيعتها وآفاقها
- الحسن والحسين... ذكر نصف الحقيقة
- واحد من الشهداء
- الإخوان والعنف .... حادث المنشية 1954 نموذجا
- حزب الإخوان...مخرج أم مأزق؟
- حقيقة الجهاد الأفغانى....تصحيح المفاهيم
- حادثة السقيفة...والصراع على السلطة
- المصالحة بين فتح وحماس.. ليست الأولى ولن تكون الأخيرة
- مصر ومشاكلها الزراعية ‎( فى ذكرى شهيد الفلاحين المصريين صلاح ...


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حسن محرم - خلجنة المجتمع المصرى