أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لويس ياقو - مصنع الفولاذ














المزيد.....

مصنع الفولاذ


لويس ياقو
(Louis Yako)


الحوار المتمدن-العدد: 3602 - 2012 / 1 / 9 - 08:50
المحور: الادب والفن
    


ولن تموت المدينة مادام رمزها الرئيسي موجودًا،
مادامت هناك طريقة تبقيه ساكنًا بكل جبروته في ذات الرقعة القديمة،
لن تموت المدينة مادام "مصنع الفولاذ" موجودًا...
مفتوحًا كان أم مغلقًا،
حيًا كان أم ميتًا،
مادام هيكله الخارجي الذي تآكل من أمطار المواسم قائمًا،
مادامت أحشاءه الفارغة إلا من ظلم السنين باقية،
لن تموت المدينة...
***
جلست المرأة العجوز تتأمل المصنع العتيق؛
المرمي على حافة الطريق عند منتصف المسافة
بين بيتها والمحلات التي تردد إليها كل يوم للتبضع...
ورغم أنها لم تملك مايكفيها من النقود لشراء حاجاتها اليوم،
فهي ستكون على مايرام...
لكم هي فخورة لإنها قضت أجمل سنين عمرها تعمل في "مصنع الفولاذ" المبجل هذا،
لا زالت تتأمل "المصنع" القابع على الطريق والأبتسامة مرسومة على وجهها...
لكم يبدو جميلاً وعظيمًا رغم أن ابوابه موصودة منذ ثلاثين سنة،
ولكن هذا لا يهم، المهم إنه موجود رغم ما يحيطه من غبار وصدأ...
ولن تموت المدينة...
***
وهاهم أهل الحي يتحدثون مع بعضهم البعض بلغة الحوار لأول مرة منذ سنين طويلة،
هاهم يناقشون أهمية "مصنع الفولاذ" المبجل الذي طالما رفد المدينة بالحياة،
بل هو الحياة ذاتها...
وكيف لا والمدينة وجدت على أكتافه الفولاذية؟
رغم أنهم نسوا لغة الحوار،
هاهم اليوم يتحاورون وكلهم اتفاق ووئام
هاهم يعّرفون العالم أجمع بأهمية "مصنع الفولاذ"...
يعتريهم الفخر تارة، والغضب تارة أخرى...
كيف تجرأ بعض الغرباء على القول بأن "مصنع الفولاذ" ليس سوى صدأ وغبار؟
ما أغباهم هؤلاء الغرباء، فلنغفر لهم لأنهم لايعرفون قيمة مصنعنا هذا،
"لقد وهبناه أجمل سنين عمرنا،" قال أهل المدينة بصوت واحد...
لقد وجد "مصنع الفولاذ" ليبقى لا ليفنى،
الجميع مشغولون بالتحاور حول "مصنع الفولاذ" الذي يجب أن يتعلم هؤلاء الغرباء أحترامه،
يجب أن يتعلموا تمجيده كما نفعل نحن،
فهو حقًا عظيم ومجيد..
ولن تموت المدينة...
***
وخيم الليل، وسكن الظلام "مصنع الفولاذ،"
وأشعلت الأنوار الملونة التي صممها أفضل خبراء الأنارة
الذين جيء بهم من المدينة المجاورة...
وهاهي الأنوار تتراقص على أكتاف "مصنع الفولاذ" تارة،
وعلى بقية أجزاء جسمه الصدئة تارة أخرى،
لتكشف للعالم جمال هذا الرمز الذي يجب أن يدوم...
ولن تموت المدينة...
***
وطل الصباح، وامتلأ الجو بعبير الأزهار التي تحيط بالمصنع من كل جانب،
وجاءت المرأة العجوز التي تعودت على زياة المصنع كل يوم،
جاءت والأزهار بيد والكاميرا بيد أخرى،
وهي تلحظ امرأة بدت من لهجتها وهي تنادي طفلها وكأنها من بلد غريب ومتخلف،
وطلبت من الغريبة بأن تلتقط لها صورة وهي واقفة أمام "مصنع الفولاذ" بكل فخر،
"هل أنت جاهزة للصورة؟" قالت المرأة الغريبة...
"واحد، إثنان، ثلاثة!"
لن تموت المدينة...
***

وكسر رجال شرطة المدينة باب بيت بلغ عنه الجيران اليوم،
رائحة الجيفة المنبعثة منه تكاد تملأ الزقاق، بل المدينة بأجمعها،
وهرع رجال الشرطة إلى الداخل
ليجدوا جثة تتعفن لإمرأة عجوز،
وأول ما وقعت عين النقيب عليه وهو يبحث عن دليل للجريمة،
كانت صورة داخل إطار فولاذي بجانب التلفاز،
وفي الصورة رأى امرأة عجوز تحمل باقة من الأزهار؛
واقفة أمام "مصنع الفولاذ"... بكل فخر...



#لويس_ياقو (هاشتاغ)       Louis_Yako#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لويس ياقو - مصنع الفولاذ