أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الأديان بشرية الهوى والهوية -نحن نتجاوز الآلهة وتشريعاتها (2)















المزيد.....

الأديان بشرية الهوى والهوية -نحن نتجاوز الآلهة وتشريعاتها (2)


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3600 - 2012 / 1 / 7 - 19:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأديان والمعتقدات هى تاريخ الإنسان مسطراً فيه فكره وتعاطيه مع الحياة والوجود , ولكنها ليست ذات رؤية تأملية وكتابات فلسفية تعرض فكراً مجرداً كما فلسفات افلاطون وسقراط وابيقور بدون أن تغرق نفسها فى المشهد الحياتى بتفاصيله وحيويته فهى أنساق وأطر إجتماعية للجماعة البشرية تعنى بتقديم نظام وتشريع قبل أن تعنى بالفكر الخالص ... لذا لم تخلو الأديان والمعتقدات من ترجمة رؤى وأفكار ومصالح نخب وطبقات مهيمنة لصياغة نظام ونسق يراد له أن يتحقق حاملة فى أحشائها مشاريع سياسية وإجتماعية محددة تريد أن تتواجد فصاغ مبدعيها من كهنه وأنبياء تلك الرغبات من خلال النص ودثروه بالمقدس حتى يكون له الإحترام والقوة والتأثير , لذا عندما نمر على النصوص والسرد الديني سنجده غارق حتى أذنيه فى واقعه بكل ملامحه وصوره وغاياته معبراً عن فكر وسلوك ومنهجية إنسان ذلك الزمان .

المؤمنون يغفلون عمدا ً أو إنبطاحاً تحت تأثير القداسة الممنوحة للنص أن التراث الدينى ملك زمانه بكل ملامحه وشخوصه فيتوهمون أن النصوص جاءت من إله قاطن فى سماء بعيدة ليكون هكذا نهجه ومنهاجه ودستوره للإنسان على مر العصور و الأزمنة غير خاص بجماعة بشرية محددة .. هم لا يفطنون عمدا ً أو إنبطاحاً أنهم ينصرفون عن الكثير من النصوص والتشريعات الإلهية بحكم تطورهم الحضارى بل سنجد من يخجل ويتوارى فى تبريره للتراث الدينى الذى أصبح متناقضاً مع منظومة عصره , وسنرى أيضاً من يهمل هذه المنظومة التشريعية القديمة مفضلاً عليها مفردات حداثية , بل سنجد مجتمعات تجرم من يتعاطى مع الشرائع القديمة المقدسة وكل من يحاول إستدعائها .!
دعونا نلقى الضوء على قطرات من فيض التراث الدينى الذى أهملناه وتجاوزنا تشريعات وأوامر إلهية لم يعد لها وجود فى عالمنا بل سنستنكر وندين من يحاول تفعيلها لنثبت أننا أمام نصوص بشرية دماًً ولحماً جاءت من فعل الأرض الحاضنة .

*عندما تُذكر آية " فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "التوبة 5.
هل يمكن ان نعتبر هذه الآية تشريع وأمر إلهى قابل للتطبيق والتفعيل فى كل زمان ومكان بإعتباره ناموس إلهى أم لا ؟!..سيطل علينا من يقول لنا أن القرآن كلام الله والآية التى نحن بصددها نص وأمر إلهى قابل للتفعيل والتطبيق على الدوام , وليست رهينة زمانه بدليل أنه لم يخص فصيل محدد بقوله " المشركين " لتفتح المجال أمام قتال كل المشركين , لذا يحق للمسلم عندما تنسلخ الأشهر الحرم أن يسارع لقتل المشركين فى أى مكان .. كما نلاحظ صيغة الأمر " فإقتلوا" ليأخذوهم ويحصروهم ويقعدوا لهم كل مرصد حتى يتوبوا ويقيموا الصلاة ويأتوا الزكاة - لا حظ أهمية إتيان الزكاة -.
إذن مقومات هذا الإدعاء حاضرة كونها بداية أمر إلهى ثم يأتى قتال المشركين فلم يخص فصيل محدد منهم حتى نعتبره أنه كان لزمانه مما يعطى الآية الشمولية فى التطبيق ويصبح أمراً قابل للتطبيق فى أى زمان ومكان , فما أن تنقضى الأشهر الحرم حتى ينهض المسلمون لقتل المشركين ويقوموا بعملية حصرهم ويقعدوا لهم كل مرصد فإذا تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فحينئذ يخلوا سبيلهم .
أما إذا قلنا هى غير قابلة للتطبيق والتفعيل فهى جاءت لمعالجة حدث معين نكون هنا قد أرحنا وإسترحنا وهذا يدعم رؤيتنا بأن النص الدين هو لمعالجة موقف سياسى حتم على النبى أن يطلقها ليعالج حدث معين .
بالطبع الآية فى مفهومها اللغوى تأخذ الشمولية فهى ليست معنية بتوجيه الأمر لمشركى قريش -بالرغم أنها كذلك - ولكننا نتعامل مع نص تشريعى له صفة الإطلاق لنسأل طالما هى صالحة وشاملة بهذا الشكل فهل سيبادر مسلمى الهند على سبيل المثال بقتل الهندوس بعد انسلاخ الاشهر الحرم أم لا ؟! .. وهل لو أهملت الدولة الإسلامية هذا الأمر الإلهى وبادر فريق بذلك فهل يعتبر عملهم هذا عملا طيباً جهاديا ً أم مداناً .؟!
نسأل لماذا لم يُفعل المسلمون على مدار تاريخهم هذه الآية خاصة بعد إنتهاء الغزوات الإسلامية فهل هو نكوص منهم أم ضعف أم عدم قناعة , ونسأل أخيرا هل يستطيع أن يمارس المسلم المعاصر المتحضر هذا الأمر الآن أم سيرفض تطبيقه بحكم عدم قناعته بقتال المشركين والكفار كون كفر البشر أو شركهم حرية شخصية لا ينازعهم أحد عليه .
خصوصية الزمن ستنال من قدسية كلام الله المتسم بالديمومة جدلا ً كما سيحق لنا أن نتشكك من مصدر إنتاجها وفى أضعف الأحوال ستلقى بظلالها على باق النصوص لنقول لا داعى لتفعيلها , فهى ملك زمانها لتسقط مقولة كلام الله الصالح لكل زمان ومكان .
بالطبع الآية معنية بحدث سياسى محدد ولا يجب تحميلها أكثر من طاقتها , وهذا يثبت ما نؤكده دوماً أن النص فكر بشرى جاء لمعالجة موقف محدد وتدثر بالمقدس , وإذا كان هناك من يرفض هذه الرؤية فعليه ان يبرر لماذا النص غير صالح فى زماننا بالرغم من اليافطة الكبيرة التى يتم رفعها دوماً بأن كلام وأوامر الله بعيدة عن الهوى وصالحة لكل زمان ومكان . !

* عندما تُذكر آية {{ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ }} - فهنا سنجد رخصة تسمح للمسلم بإقتناء ملك اليمين سواء أكان مصدرهم السبى أو الشراء فلا غضاضة فى ذلك .
أى عاقل سيقول بأن هذا التشريع خاص بزمانه حيث كان هناك جوارى فأعطى الإله الرخصة للمسلم بأن ينكح ويتسرى بما طاب وما شاء من الجوارى والأماء , ويكتمل لهذا الرأى وجاهته بالقول أن هذه الرخصة غير صالحة فى زماننا لأننا نجرم العبودية والسبى .. بالفعل هذا كلام عاقل ومنطقى فما كان صالحاً فى الماضى البعيد غير صالح فى زمن مغاير ولكن لنا تحفظنا بدايةً بأن هذه الرخصة لم تكن تحتاج لتشريع إلهي لأن القبائل الوثنية ومجتمعات عديدة كانت تمارسها كسلوك ومنظومة مجتمعية فهى ليست بالشئ الجديد .
من سيرفض تفعيل رخصة ملك اليمين فهذا يعنى أن الإنسان يتجاوز الله بتشريعاته !! ,, فما حلله الله نراه غير مناسباً لعصرنا بل سندين هذا الفعل بحكم وثيقة حقوق الإنسان , ولكن ماذا لو فعلها أى مسلم وإقتنى مجموعة من الإماء والجوارى كما يحدث بشكل سرى فى بلاد الحرمين حيث شيوع هذه التجارة من مصادرها فى تشاد والنيجر وموريتانيا كمراكز لهذه التجارة السرية- فهل سيكون مقبولا أم لا .؟!
فى الحقيقة نحن أمام تشريع إلهى واضح الملامح لذا لن تستطيع أن تُجرم من إقتنى نساء وجعلهم ملك يمينه يستمتع بهن وفقا للشريعة والنهج الإلهى فلا تحريم بهذا الشأن فهى رخصة ممنوحة ولكن سيكون هذا الأمر مرفوضاً ومُداناً ومُجرماً من قبل مواثيقنا وتشريعاتنا البشرية .
إذا كان الإنسان ألغى ملك اليمين لعدم تناسبها مع العصر فمن هذا المنطلق يحق له إلغاء تشريع تعدد الزواج طالما أن العصر يفرض متطلباته ورؤيته وتطوره الموضوعى كما ألغى ملك اليمين , فلا تكون حال تونس مثلاً التى ألغت تعدد الزوجات بحالة ذات شذوذ وجنوح .
فلنفتح سؤال آخر فى هذه النقطة - هل يحق للمسلم إقتناء نساء يهوديات من جهاده ضد إسرائيل أو صربيات فى نضاله ضد الصرب أو هندوسيات فى قتاله ضد الهندوس فى كشمير ؟!. ..بالطبع سيكون غير مقبول أن يُسبى المقاتل المسلم النساء بحكم تمدينه وإحترامه لنواميس ومواثيق العصر لنكون هنا أمام تمظهر آخر يتجاوز فيه الإنسان شرائع السماء

* عندما تذكر آية "وأما أنا فأقول لكم أن مَنْ طَلَّق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني" (متى 32:5).. "وأقول لكم أن مَنْ طلق امرأته إلا بسبب الزنى وتزوَّج بأخرى يزنى" (متى 19: 9).
هى آية قاطعة حادة وتعتبر من التشريعات القليلة فى المسيحية بل قل هى الوحيدة ولكننا نجد المسيحيين فى العالم يديروا ظهورهم لهذه الآية ويشرعوا لأنفسهم الطلاق رغم رفض بعض الكنائس لهذا المنحى الذى يخالف شريعة المسيح الواضحة بأنه لا طلاق إلا لعلة الزنا .. فالواقع الإنسانى يثبت صعوبة ديمومة العلاقة الزوجية فى حالات كثيرة ليصبح إستمرارها فعل مدمر ومخرب بل ألم ومعاناة تصيب اصحابها , لذا ينصرف المسيحيون الذين يعانون من هذه العلاقة الجبرية القدرية ليبحثوا عن حريتهم من خلال المحاكم المدنية ولكن ليس معنى هذا أنهم لفظوا الإيمان بالمسيح المخلص ولكنهم إنصرفوا عن أقواله وتشريعه فيما يقف حجر عثرة فى حياتهم .!
إذن يمكن القول بأن التشريع إذا كان سمائياً فسيكون منسجماً مع الطبيعة الإنسانية ولن يكون بهذه الحدة الذى تتطلب إهماله وتجاوزه ليخلق الإنسان تشريعا له أكثر مرونة .. ومن هنا نجد أن النص بشرى يمثل رؤية صاحبه الذى وجد أن الطلاق غير مرغوب فيه وبالغ فى تعنته غير متفهماً للظرف الإنسانى ليأتى الأتباع ليكسرونه وينصرفون عنه .

* عندما تذكر " آية أبناء المستوطنين النازلين عندكم تستعبدونهم إلى الدهروتتخذون منهم عبيداً وإماءً , أخوتكم من بنى إسرائيل فلا يتسلط إنسان على أخيه بعنف" (لاويين)
هذه الآية بالكتاب المقدس واضحة بإستعباد المستوطنين وإتخاذهم عبيد وإماء ونلاحظ هنا أن الآية تعنى الشمولية فلم تذكر فصيل أو شعب محدد كما فى الكثير من السرد التوراتى لذلك يمكن أن تتخذ كتشريع إلهى فى الفعل والتفعيل فلها الديمومة بقوله " تستعبدونهم إلى الدهر " .
لنسأل هنا طالما هو أمر مقدس حاد وبهذه العمومية فهل يستطيع أتباع الكتاب المقدس ممارسة فعل الإستعباد وإتخاذ العبيد والإماء .. فإسرائيل المتلحفة بصهيونيتها الشديدة القسوة والعنف لن تستطيع أن تتخذ من الفلسطينيين عبيدا ً وإماء بالرغم من هذا الأمر الإلهى المزعوم الذى يفتح الطريق للتفعيل , وهذا يعنى أننا أمام نص بشرى مفعم بعنصريته وهمجيته أطلقه صاحبه بسادية شديدة ليأتى الإنسان المعاصر فى أسوأ حالاته الهمجية ليتجاوز تشريعات ونهج إلهى مزعوم .

* عندما تذكر آية "فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء "
الآية غير محددة لفصيل محدد أو زمان معين بالرغم أنها فى الحقيقة معنية بحالة سياسية محددة بالتأكيد ولكن ورودها بهذا الشكل العام يعطيها نسق الشمولية والتشريع لتكون أمراً ألهياً صالحاً للتفعيل فى أى زمان ومكان , ولكننا لن نجد المسلمين المعاصرين قادرين على تفعيلها فلن يخوضوا قتالا امام الكافرين متى لاقوهم لتبقى الآية فى حيز ظرفها الزمانى والمكانى بالرغم انها تشريع وأمر إلهى أخذ شكل الشمولية والعمومية ولم يقصد فصيل محدد .. ولو وضعنا الآية على المحك وقلنا ماذا لو قامت أى دولة مسلمة بتفعيل هذه الآية فهل تكون باغية وهل سيقبل المسلم ممارسة قتل الآخرين حتى ولو كانوا كفار , وهل سيقبل المجتمع الدولى أم أن الآية معنية بالظرف الزمانى والمكانى التى هى فيه .. بالتأكيد هى معنية بهذا الأمر وهذا يؤكد بشرية النص وأنه جاء للتعاطى مع واقعه وتدثر بإدعاء المقدس لتثير الحمية فى نفوس المقاتلين .

* عندما تذكر آية "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم"
هذه الآية نزلت فى عبد الله ابن ابى سلول الذى كان يجبر ستة من جواريه على ممارسة البغاء ليكون النهى فى الآية ليس على فعله كقواد قذر ينشر الرذيلة عن طريق العاهرات ولكن من ممارسة هذا العمل بإجبار الفتيات على الممارسة وهن مكرهات !!
لنا هنا ملاحظات تثير التناقض وتصب فى منحى أننا أمام رؤية بشرية قلباً وقالباً ..فهل من المقبول أن ينصرف نبى الإسلام الداعى للصلاح والطهارة والعفاف والرافض للزنا وكل هذه الموبقات عن كل هذا و يختزل القضية فى إستنكار فعل إكراه الفتيات على ممارسة البغاء !.. أليس من المنطقى والمقبول أن يقول : تبا لك يا ابن سلول أيها القواد القذر على ما تفعله من فحش وفساد فى الأرض وسيطبق عليك حد الحرابة جزاءاً على فعلك الفاسد المشين ولك عند الله عذاب شديد فى جحيمه الأبدى .

نحن أمام آية أخذت منحى التشريع فهل هى قابلة للتفعيل والتطبيق أى لو وجدنا مسلم أحضر مجموعة من الفتيات يمارسن البغاء فهل سيكون مقبولاً فعله حتى ولو حرص أن لا يكرهن . !!
لو حاول البعض القول أن الإماء غير متواجدة فى زماننا فسنقول له عفواً فالآية قالت " فتياتكم " لتكون شاملة الحرائر والأماء ولكن سنتجاوز هذا لأن الآية جاءت بالفعل لتتعاطى مع الإماء التى بحوذة ابن سلول .. إذن لو وضعنا حال إستقدام مجموعة من الصربيات أو الرومانيات ليفتح لهن بيتاً للدعارة فهل سيكون مقبولاً ممارسة هذا النشاط فى بلد مسلم ولنذكر أيضا أن هاتى الفتيات ستمارسن الجنس مع المؤمنين وغير المؤمنين .
نعلم جيداً أن الإسلام أكثر الأديان فى التنديد بالزنا والفواحش وبشكل حاد وقاطع بل لا يقبل بأى مظاهر تتسم بالخلاعة والفجور حتى لو ظهر فى صورة أو قصة أو مشهد والثقافة الإسلامية تحسم هذا بلا جدال فلا يزايد عليها أحد ولكننا أمام نص مقدس يضع هذا الأمر على المحك , فهل يمكن لأحد أن يكون قوادا يفتح دار للبغاء شريطة ان لا يجبر الفتيات على الممارسة بل برغبتهن .. ولاحظ أنه لو حتى تم الإجبار فأن الله سيغفر لهن .!!..بالطبع سيرفض أى مسلم هذا الفساد والفجور ولن يقبل بهذا الفعل حتى لو كانت الفتيات إماء من أسرى حرب البوسنه أو غير مؤمنات , وحتى لو إقتصر نشاطهن على الغرباء الغير مسلمين ولن ينتظر كونهن مكرهات أم لا فالمشهد بكامله غير مقبول .
ماذا نقول عن هذه الآية فهى جاءت من سابع سماء وبمثابة تشريع لتجد رفضاً وإمتعاضاً من قبل المسلمين المعاصرين فى تفعيلها ,ولكن رؤيتنا التحليلية ستكون حاضرة لتفسر هذا الموقف , فالقضية أن نبى الإسلام لم يعطى رخصة للعهر كمنهج وتشريع ولكنه توائم مع وضع سياسى وإجتماعى قائم فهو لا يريد التصادم مع ابن سلول الذى يمتلك مساحة من القوة والعزوة والنفوذ يجب الحظر من التصادم معه فى ذلك الحين .. أى أننا أمام نص بشري لحما ودماً تعالج ظرفاً وتوازناً سياسياً .. ولو رفض أحد أنها رؤية ونص بشري تخلص النص من حرجه فعليه أن يبرر أنها نص إلهى جاء من سماء بعيدة لتترفق بالقوادين والعاهرات وفسادهم وتمنحهم الرخصة .

ماذا نخلص من هذا .. الأديان هى أنساق بشرية إجتماعية جاءت من فكر وإبداع إنسان ذلك الزمان والمكان لتتعاطى مع واقعه السياسى والإجتماعى وتصدر رؤيته وتفاعله مع واقعه ولم يجد الأنبياء والكهنه سوى الإدعاء بأن ما يطلقوه من رؤى وأحكام بأنها أقوال السماء .. هم أرادوا التلحف بالمقدس حتى يكون لأقوالهم الفعل والتأثير .
كل التشريعات والأنساق هى بنت زمانها ومن الخطأ الحكم وتقييمها بعيون معاصرة حتى نكون منصفين , أما إذا كان هناك من يعتقد بأن النصوص مقدسة وليست كتابات بشرية بل هى صادرة من الله الذى يرى هكذا تشريع ونظام وسلوك يريده لأتباعه ومريديه على مر الزمان والمكان فهنا عليه ان يقرأ الإشكاليات المطروحة ثانية وكيف يستقيم نهج وتشريعات إلهية بإنصراف الإنسان عنها وإمتعاضه منها , فهى تشريعات وأوامر غير صالحة لكل زمان ومكان لأنها ببساطة بشرية لحماً ودما ً وأعصاباً ,

لسنا بصدد النيل من شرائع قديمة فمن الحماقة محاكمة التاريخ بعيوننا فهكذا كان التاريخ , ولكن من يريد إسقاط التاريخ على الواقع فليعلم أنه أمام نصوص بنت زمانها ولا مكان لمقولة نصوص وأوامر إلهية صالحة لكل زمان ومكان فلن يكون لها مكان من الإعراب , ويبقى أن نعتنى برؤية أن الدين هو إنتاج عصره جاء ليفى حالة سياسية وإجتماعية سائدة تطلب ذلك وليس له علاقة بالسماء , فالسماء لا تنتج شئ سوى الأمطار

دمتم بخير
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطرة الماء تتساقط فتسقط معها أوهامنا الكبيرة - خربشة عقل على ...
- الأخلاق والسلوك ما بين الغاية ووهم المقدس - لماذا يؤمنون وكي ...
- نحن نخلق آلهتنا ونمنحها صفاتنا -خربشة عقل على جدران الخرافة ...
- الحجاب بين الوهم والزيف والخداع والقهر - الدين عندما ينتهك إ ...
- هل هو شعب باع ثورته ويبحث عن جلاديه أم هو اليُتم السياسى .. ...
- مراجعة لدور اليسار فى الثورات العربية ونظرة إستشرافية مأمولة
- مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات الجماهير ...
- فى داخل كل منا ملحد !..إنه الشك يا حبيبى - لماذا يؤمنون وكيف ...
- الثورة الناعمة عرفت طريقها .. شعب سيصنع ثورته من مخاض الألم
- تثبيت المشاهد والمواقف - الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (32)
- تحريف الكتب ما بين رغبة السياسى والإخفاق الإلهى - تديين السي ...
- المؤلفة قلوبهم بين الفعل السياسى والأداء الإلهى - تديين السي ...
- العمالة الغبية والثقافة الداعية للتقسيم فى مشروع الشرق الأوس ...
- إبحث عن القضيب !! - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (15)
- هل التراث والنص بشع أم نحن من نمتلك البشاعة - الدين عندما ين ...
- مشهد ماسبيرو يزيح الأقنعة والأوهام ويكشف الرؤوس المدفونة فى ...
- إشكاليات منطقية حول الإيمان والإله - خربشة عقل على جدران الخ ...
- التتار الجدد قادمون - الدين عندما يمنتهك إنسايتنا ( 30 )
- العلبة دي فيها فيل - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 9 ...
- فلسطين ذبيحة على مذبح يهوه والمسيح والله الإسلامى - تديين ال ...


المزيد.....




- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- المتطرف -بن غفير- يعد خطة لتغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى ...
- فيديو/المقاومة ‏الإسلامية تستهدف قاعدة ميرون -الاسرئيلية- با ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الأديان بشرية الهوى والهوية -نحن نتجاوز الآلهة وتشريعاتها (2)