أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاروق عطية - أنا لست إمبرياليا ولكن















المزيد.....

أنا لست إمبرياليا ولكن


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 3598 - 2012 / 1 / 5 - 21:57
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


عندما بدأت الكتابة لسلسلة مقالات بعنوان حكايتى مع النظام والتى بدأتها بالنظام الملكى, لم أضع فى فكرى ولم يجل بخاطرى أن يكون مقالى نقدا أو تقييما للعصر أو بمعنى آخر لم يخطر ببالى أن أتقمص شخصية الشاهد على العصر, وذلك لأننى لم أكن بالنضوج الفكرى حتى أقيّم هذه الفترة من الحياة المصرية, ولكننى فقط أردت أن أبث خواطرى عن فترة عشتها فى الطفولة والصبا وكانت بالنسبة لى أحلى أيام العمر. ففى الصبا كنا نتصور أن الملك شخصية خارقة يستطيع فعل أى شيئ لا يستطيع فعله عامة البشر, فكنا حين نطلب من بعضنا القيام بعمل صعب كرفع حجر ضخم مثلا نقول: إن استطعت فعل ذلك فأنت الملك. إضافة أن الشعب فى هذه الفترة من الحياة المصرية وخاصة فى صعيد مصر كانوا من البساطة أو السذاجة حتى أنهم يصدقون أقوالا شائعة أن الملك لا يأكل مثلنا ولكنهم يستخلصون له ما يفيد من الطعام حتى قيل أن خلاصة كبش ثمين يؤتى به للملك كى يتناوله فى فنجال. وبالنسبة لنا كصبية كنا نحب الملك ونتغنى بالأناشيد التى تمجده ونعتبره القدوة والمثل.
بعد نشر المقال فى الحوار المتمدن وعلى صفحتى ككاتب بالفيس بوك وصلتنى تعليقات كثيرة منها ما نشر كتعليقات ومنها ما أرسل لى على بريدى الخاص, منها ما هو إيجابى ومشجع ومستحسن ومنها ما هو سلبى ومثبط ومستنكر معتبرا فترة الملكية من أسود الأيام التى عاشتها مصر وأن الثورة المصرية قد طهّرت البلاد منها. والبعض قد اتهمنى بأننى أعيش الوهم وأننى أحن لعصر بائد وأننى رجعى إمبريالى متخلف وغيرها من الألفاظ النمطية التى اعتدنا سماعها من الثورجية ومدعى الوطنية. وفى ردى على بعض المعلقين بالحوار المتمدن قلت: (أنا أعتز بما أدليتم به من آراء والاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية. فقط أريد أن أوضح أننى لم أكتب ناقدا أو شاهدا على العصر, إنما أكتب عن إنطباعى الشخصى لتلك الفترة فى سنّى المبكرة. ويبدو أننى لم أشرح الموضوع جيدا وأعدكم بأن أكتب مقالا آخر بعد عودتى من إجراء عملية جراحية موضحا لكل ما أثير من آراء ومقارنا بين زمن الملكية وزمن ما سمى بالثورة من جميع الوجوه وشكرا), وهأنذا بعد أن منّ الله على بالشفاء أعود إليكم للتوضيح, وأنا لا أنكر أننى مفتون ومعجب بفترة الحكم الملكى ليس حبا فى الملكية أو كرها فى الجمهورية ولكن لأسباب منطقية لا تخفى على فكر قارئى العزيز.
هل ينكر أحد أن مصر عاشت ديموقراطية حقيقية فى فترة حكم جلالة الملك فاروق الأول, وكانت الأحزاب تتبادل الحكم وأن أى عضو بالبرلمان كان يمكنه إسقاط الحكومة ولم يكن هناك مصفقين مهللين للحاكم, وأن البرلمان كان يراقب الحكومة ويقوم بدوره فى التشريع وسن القوانين, وأن من شروط عضوية البرلمان أن يكون العضو بالغا من العمر ثلاثون عاما ميلاديا وأن يكون مقتدرا ويؤدى ضريبة لا تقل عن 150 جنيها ولا يقل دخله السنوى عن 1500 جنيها مصريا, أو يكون مالكا لخمس فدادين على الأقل وذلك ليس تشجيعا للإقطاع ولكن لكى يكون عضو البرلمان ميسورا وليس أسيرا للعشرين جنيهات التى كان يتقاضاها العضو شهريا نظير عضويته. أما بعد حركة الضباط فقد ساد حكم الحزب الواحد وأصبح عضو البرلمان مجرد مرددا لصوت سيده ومصفقا ومؤيدا للحكومة وأنه بحكم عضويته يحصل على الكثير من المزايا التى لا تعد ولا تحصى وانتفى الدور التشريعى والرقابى للبرلمان, ولا دور للمعاضة إذا كانت هناك معارضة, وأصبح البرلمان مجرد صورة كاريكاتيرية للديموقراطية المزيفة التى نقدمها للعالم على أن الحكم فى مصر برلمانى والعالم يعى ويعلم يضحك علينا ولا يخفى عليه بواطن الأمور.
هل ينكر أحد أن قادة الفكر والتنوير فى فترة الحكم الملكى كانت ظاهرة طيبة انتفت وتلاشت بعد حكم العسكر: فى الفن كان سيد درويش وعبد الوهاب وأم كلثوم ومحمد فوزى والسنباطى والقصبجى ويوسف وهبى وأحمد علام وجورج أبيض ونجيب الريحانى وعلى الكسار ويحيى شاهين وفاتن حمامة ومديحة يسرى وماجدة وفردوس محمد ومارى منيب وأمينة رزق وغيرهم الكثير, وفى الأدب طه حسين والعقاد وفكرى أباظة ومحمد التابعى ولويس عوض ونجيب محفوظ وسلامة موسى وإحسان عبد القدوس وغيرهم الكثير, وفى السياسة مصطفى النحاس وابراهيم عبد الهادى وعلى ماهر وأحمد ماهر والنقراشى وفؤاد سراج الدين وغيرهم الكثير, أما بعد حكم العسكر تلاشى كل المفكرين ورواد التنوير واختفى الزعماء وطل علينا باعة الوهم ومدعى الفن والثقافة من مساحى الجوخ وتبويس اللحى.
يتهمون فترة الملكية بتفشى الفساد وأنا لا أنكر أنه كان هناك فسادا, فالفساد موجود فى كل مكان وزمان ولكن حين نقارنه بالفساد الذى ساد البلاد فى فترة حكم العسكر تتضح لنا الصورة البشعة للفساد الذى عم كل شيئ فى مصر من الوزير للغفير بدون استثناء فأصبحت الرشوة ظاهرة طبيعية ويدلعونها بالإكرامية أوالعمولة لدرجة ألا تستطيع إتمام أى عمل إلا بالرشوة وتفتيح المخ. كانت الكفاءة هى المقياس للترقى والوصول للمراكز العليا فى البلاد ولكن الآن أصبحت الكفاءة لا قيمة لها أما المقياس السائد للترقى هو مدى الانتماء للحاكم والحزب الأوحد ومدى قرابتك لأولى الأمر, وفُضل أهل الثقة على أهل الكفاءة. كانت المواطنة فى فترة الحكم الملكى ظاهرة لا يمكن إنكارها أما فى فترة حكم العسكر حدث ولا حرج عن التمييز بين أفراد الشعب الواحد لدرجة حجب الوظائف السيادية عن فصيل هام فى الدولة بحجة أنهم ذميين فلم تتح لهم فرص الترقى للوظائف العليا أو التمثيل البرلمانى واعتبروا مواطنين من الرجة الثانية أو الثالثة.
يقولون أن جلالة الملك فاروق كان فاسدا وأعتقد أنه لم يكن كذلك, ولكن قد استبدلنا ملكا فاسدا بعشرات الملوك الأكثر فسادا فعشنا تحت رعب مراكز القوى بعنتها وجبروتها وكممت الأفواه وأصبح الفرد بخشى على نفسه حتى من أقرب الناس إليه.أصبحنا نعيش حياة ديكتاتورية قمعية من يقول كلمة الحق يختفى فيما وراء الشمس ومن يمتدح السلطان يحظى بالخير الوفير, وكانت النتيجة نكسة بعد نكسة وهزيمة تتلوها هزيمة.
يقولون أن مصر فى الحكم الملكى كان يتحكم فيها الإقطاع والرأسمالية المستغلة, وقد قامت الثورة للقضاء على الإقطاع والرأسمالية المستغلة. ولكن الحقيقة هى أنه كان هناك إقطاع ولكنه لم يكن مستغلا بل كان يوفر الإمكانيات التكنولوجية للزراعة واستصلاح الأراض البور ويتيح فرص العمالة للفلاحين دون استغلال أو غبن, ولم نسمع عن الاستغلال الإقطاعى إلا من خلال الأفلام السينمائية التى روج لها أنصار العسكر من أشباه الفنانين والمثقفين. وشتان بين الإقطاع الفاعل لزيادة غلة الإنتاج فى الزمن الجميل وبين الإقطاع المستغل لأراضى الدولة والاستيلاء عليها بأبخس الأثمان بغرض الإصلاح الزراعى وتسقيعها ثم بيعها بأسعار فلكية كمدن سكنية. أما الرأسمالية فى زمن الملكية كان يتمثل فى عدة أشخاص أمثال عبود باشا وطلعت حرب باشا وفرغلى باشا وغيرهم من الرأسمالية التى قادت البلاد للتصنيع الثقيل وإنشاء البنوك الوطنية والصناعات الهامة لنمو البلاد, وشتان بينها وبين الرأسمالية الحالية التى استغلت مقدرات الوطن وعملت على تصفية القطاع العام وشرائه بأبخس الأثمان والاتجاه إلى الصناعات الاستهلاكية السريعة الربحية والتى لا تعود بفائدة تذكر لنمو الاقتصاد الوطنى.
أنا لست إمبرياليا رجعيا ولكنى أحن للزمن الجميل الذى كانت تعيشه مصر فى بحبوحة وتحضر والسير قدما للحاق بركب الدول المتقدمة ولو سارت الأمور كما كان مرسوم لها دون تدخل العسكر لما وصلنا لهذا الدرك من التأخر وربما كنا أحد النمور العالمية مثل الهند أو أو اليابان ولكن لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايتى مع النظام:1 (الملكى)
- جاليتنا المصرية إلى أين؟
- ملكى أكثر من الملك
- أنا كافر ولى الفخر
- سلفى بدون لحية منكوشة وجلابية
- رسالة تنوير للسيد المشير
- حمارى وانا حرّ فيه
- الأخوان بين هتك العرض وتبويس اللحى
- القطط كمان وكمان
- محاكمة العصر
- حكايتى مع القطط
- فرُقع لوز الأراجوز
- تعبيرات خاطئة نعيش عليها
- الذين يسوقون مصر للفاشية
- حكايتى مع الكلاب
- حكايتى مع الحمير
- عيّل والعيالُ كثيرُ
- الخمر ولله الأمر
- رئيس جمهورية بعمة وجلابية
- هرج التَلَفيون وحدوتة عبير


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاروق عطية - أنا لست إمبرياليا ولكن