|
إضاءة / وداعا صديقي ( طه الربيعي )
حامد كعيد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 3597 - 2012 / 1 / 4 - 22:38
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
نهاية عقد الستينات من القرن الماضي كنا مجموعة أصدقاء نلتقي بكازينو حلية يؤمها اليسار العراقي تسمى ( مقهى أبو سراج ) ، وهذه المقهى تقع على - شط الحلة - نهر الفرات مباشرة ، أرائك متعددة للمثقفين ، وأخرى لهواة ( الدومينو ) ولعبة النرد ( الطاولي ) و لهواة ( الشطرنج ) ، وأخرى لهواة لعبة ( البلياردو ) والمنضدة ، وأرائك أخرى لقراء الجرائد ، من خلال هذه المقهى تعرفنا على وجوه ثقافية وفنية وسياسية كثيرة ، ولا يمر أسبوع دون أن نحتفي بصديق قادم من محافظة أخرى ، ومن خلال المقهى توطدت علاقتنا بأسماء أدبية وفنية وثقافية كثيرة ، ومن الأسماء التي كانت تزور هذه المقهى الشاعر الشعبي شاكر السماوي ، وأخيه ناظم السماوي ، وأخيه سعدي السماوي ، والملحن المرحوم كمال السيد ملحن رائعة ( مشيت وياه للمكير ) ، والشاعر كاظم الرويعي ، والشاعر عريان السيد خلف ، و( عبد الرحمن أطيمش ) ، والقائمة تطول ، كنا نواظب الجلوس بهذا المقهى صباحا ومساءا ، بعيد المساء تتوزع مجاميع الأصدقاء بين نادي المعلمين ، ونادي الموظفين ، ونادي العمال ، ونادي الزراعيين ، ونادي الضباط ، نشأت ألفة ومحبة وربما رفقة بين الكثير من أصدقائنا الحليين ، وبدأت مسألة ( الكروبات ) تتبلور جلية بين هذه المجاميع التي تربطها وشيجة الصداقة والأخوة ، مجاميع الفنانون ، مجاميع الشعراء الشعبيون ، مجاميع شعراء وأدباء اللغة الفصحى ، المجاميع الفنية ، غناء ، تمثيل ، رسم ، موسيقى ، بين كل هذه المجاميع قاسم مشترك وهو الصديق الراحل ( طه فرحان الربيعي ) ، طه الربيعي أحب العربية وتخرج من جامعتها وأكمل دراسته ونال شهادة ( الماجستير ) ، وطه الربيعي له رأي ويد بكل جانب من الجوانب المعرفية لذا كان يلتقي مع الجميع ثقافيا وفنيا وسياسيا ، له طريقته بالكتابة ، فأن أرخ أجاد ، وأن نقد بنى ، وأن تفوه جلب لحديثه الشيق قلوب وسمع الآخرون ، آذار عام 1974 م أحتفل الحزب الشيوعي العراقي بعيده الأربعين لتأسيسه ، وساهم في هذا ( الكرنفال ) عدد من شعراء الحزب ومنهم الشاعر شاكر السماوي ، عريان السيد خلف ، علي بيعي ، وشعراء آخرون ، ونذكر الكراس الذي صدر تحت عنوان ( أغاني للوطن والناس ) ، كنت حينها عسكريا وأردت دخول تلك الاحتفالية ، قبل دخولي وأنا أرتدي ملابسي العسكرية شاهدني شاكر السماوي وطه فرحان الربيعي ، قالا لي أين ذاهب وأنت برتبتك العسكرية ؟ ، قلت الى الاحتفالية ، قالا لي هذا جنون ؟ ، أجبت أليست هي الجبهة الوطنية ، قالا سوية أية جبهة وطنية هذه ، غادر المكان حالا وسنوافيك بعد الاحتفال الى مقاهي كورنيش دجلة ، أجبتهما سأخلع ملابسي العسكرية وأشتري قميصا مدنيا وأدخل للمهرجان ، قالا هذا قريب الى الممكن ولا تجلس مع أي شاعر من أصدقائنا ، طه فرحان الربيعي يحضر لكل النشاطات الثقافية الشعبية وغيرها ، له علاقات حميمة مع الكثير من الوطنيين الذين هاجروا أو هجروا ، ومع الباقين ، كتب مواضيع نقدية كثيرة ملأت صحيفة طريق الشعب وجريدة الصباح ، طه الربيعي ذلك المدرس الجاد بعمله ، تلاميذه أصدقائه ، المدرسون أخوة وأصدقاء ، علاقاته متوازنة مع الجميع ، أحيل على التقاعد عام 2010 م ، أدمن رفقة أصدقائه القدامى والجدد ، وجد لنفسه ولنا أيضا مقهى بسيط بسوق ( الهرج ) ، كتب لصفحتي – أدب شعبي - التي أعدها بجريدة الفيحاء الحلية الكثير من المواضيع والرؤى النقدية البناءة ، يكنونه أصدقائه للطرفة والتندر ( طه السني ) ، قال لمدير تربية بابل مازحا ( أستاذ بعد لتسموني طه السني ) ، قال مدير تربيته لماذا يا ( طه ) ؟ ، أجابه ( أستاذ هاي السنه بعاشور طبخت للحسين وعلكت على بيتي رايه بعد شسوي ) ، أجابه مدير التربية مازحا أيضا ( والله يا طه لو تتطبر هم أنسميك طه السني ) ، اليوم 4 / 1 / 2012 م فقدنا صديقا صادقا وأمينا ووطنيا لم يهادن النظام السابق ، وبقي وفيا لفكره ومعتقده ، رحمك الله صديقي أبي ( سرور ) ، وبفقدك فقدنا مسرتنا الأخوية الطويلة ، هيأ لنا بآخرتك أيها الراحل اللذيذ العزيز مقهى نلتقي بها مع أحبتنا وأصدقائنا الراحلين ، للإضاءة ............فقط .
#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إضاءة / ( جلال الطالباني ) رئيس لمن !!!
-
إضاءة / سارق للمرة الثانية
-
إضاءة / أيها الساسة تريدون ولا نريدكم
-
( غيوم الصبر)
-
( ضمير أبيض ) !!! صوت المحبة / عدنان حافظ بابل
-
الثقافة أخلاق !!! أم الأخلاق ثقافة
-
المواكب الحسينية الحلية تأريخيا / موكب عزاء ( طرف الوردية )
-
نزيف الكرامة
-
( يالشايل محبتك سر ) الشاعر سعد الشريفي
-
الوهم / لمناسبة الحديث عن عودة البعث المجتث
-
عرض كتاب الشيخ عبد الكريم الماشطة أحد رواد التنوير في العراق
-
عرض ديوان شعري ديوان الشاعر السيد سليمان الكبير
-
إضاءة / عودة البعث
-
( حزب الحمير ) قصيدة شعبية
-
إضاءة / كما سمعتُ !!!
-
موال ( سرك دفن )
-
إضاءة / الشاهد المستقل !!! يفتقر إلى الشاهد
-
إضاءة / أرضة المحاصصة تنخر بيت الله !!!
-
الشيوعي الأخرس ( حاتم صكبان ) !!!
-
إضاءة / المرأة ينبوع عطاء
المزيد.....
-
الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح
...
-
تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه
...
-
الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
-
حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
-
استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا
...
-
الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ
...
-
بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
-
صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
-
انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
-
باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|