أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سهر العامري - الطائفية مرض الماضي يعيش في الحاضر !















المزيد.....

الطائفية مرض الماضي يعيش في الحاضر !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1064 - 2004 / 12 / 31 - 09:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقف الواحد منا أزاء ما يقرأ في التاريخ العربي - الاسلامي في حيرة من أمر بعض من رجال الدين الذين أحلوا الطائفية المذهبية محل الدين نفسه ، وراحوا يقيسون الاشياء بمقايسهم هم ، ويقيمون الاحداث حسب أهوائهم ، يحلون ما يحلون ، ويحرمون ما يحرمون ، وقد كان هؤلاء هم أول من حمل مشاعل الطائفية تلك ، والذين أرادوا أن يوجهوا الدين معها وجهتهم ، وبما يخدم أهدافهم هم ، ومن يمثلون من دون النظر لمصالح عموم الناس ، وخاصة الفقراء منهم ، هؤلاء الذين طالما انساقوا وراءهم دون هدي ، ورؤية واضحة 0
لقد ظل الباعث الاساسي للاصطفاف الطائفي على الدوام باعثا سياسيا صرفا ، وليس باعثا دينا ، رغم كل المحاولات الجادة ، والعديدة التي أراد الطائفيون من ورائها أن يلبسوا تكتلهم هذا رداء دينيا على مدى العصور ، والازمان التي مر بها العرب والمسلمون 0هذا في الوقت الذي ترى فيه رجال دين من جميع الطوائف ينفون فيه عن أنفسهم صفة الطائفية ، لكن الواحد منهم يظن ، مع ذلك ، أنه هو المسلم الحق ، وأن طائفته هي الفرقة الناجية من النار من بين الثلاث والسبعين فرقة اسلامية التي جاء ذكرها في حديث من أحاديث الرسول محمد أختلف في روايته على حسب أهواء كل طائفة من هذه الطوائف ، وعلى هذا فالطائفي ، حسب وجهة نظره ، يكون هو المسلم ، وما عداه من المسلمين يكونون كفرة ، زنادقة ، مرقوا من الدين مروق السهم من الرمية ، وبسبب من ذلك فقد شهد التاريخ العربي - الاسلامي الكثير من التطاحن بين الطوائف الاسلامية ، واستعرت حروب بينها اكثر مما استعرت بين المسلمين واعدائهم ، ممن لم يدخلوا في دينهم طوعا ، أو كرها ، وقد أريقت في الحروب التي دارت بين المسلمين أنفسهم دماء كثيرة ، ذهب ضحيتها مبكرا ثلاثة من بين أهم قادتهم الذين تولوا قيادة دولتهم الأولى ، وهم الخلفاء الراشدين الثلاثة : عمر وعثمان وعلي 0
بعد ذلك وقع الخصام الاكبر ، ما بين احفاد عبد مناف من بني هاشم ، ومن بني أمية ، هذا الخصام الذي انتقل من عصر ما قبل الاسلام الى العصر الاسلامي ، والذي خسر فيه بنو أمية المعركة التي أثاروها بوجه الدين الجديد خسارة حفظ لهم فيها حديث للرسول محمد ماء وجوههم ، وذلك بقوله بعد فتح مكة : من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن ، ولكن الشعور بمهانة الخسارة هذه ظل يلاحق الجيل الثاني منهم حتى بعد عودتهم للحكم زمن معاوية بن سفيان في دمشق ، والذي طالما كان يكرر قولا عُرف عنه كلما ارتفع آذان الصلاة بمسجدها ، مخاطبا الرسول الكريم به هو : لله درك يا ابن أبي عبد الله ما رضيت إلا ان يذكر اسمك خمس مرات في اليوم 0
وحين قامت الدولة الأموية التي غلّبت الطابع القبلي على الاسلامي في بدايات حكمها ، وقبل توسعها ، ثم الطابع العربي بعد توسعها فيما بعد ، مساهمة من دون أن تدري بظهور حركات عربية واسلامية كثيرة يرفض اصحابها من العرب حكم العصبية الاولى ، ويرفض اصحابها من غير العرب الحكم الاموي الذي حابى العرب دون سواهم من المسلمين ، وعلى أرض من هذا الواقع تكاثرت الفرق ، والجماعات في الاسلام ، والتي كانت كل واحدة منها مستعدة للتعاون مع أية حركة تنصفهم من الظلم الذي انزله به الحكام من اتباع الحكومة الأموية ، والتاريخ يشهد على أن الكثير من الثورات التي قامت ضد الحكم الاموي قد ضمت في صفوفها الكثير من المسلمين من غير العرب ، ويأتي في مقدمة هؤلاء الفرس ، رغم أن نفرا قليلا منهم قد تسنم بعض المناصب المهمة في الدولة الاموية مثل : موسى بن النصير ، قائد شمال افريقيا ، وفاتح بلاد الاندلس ، والمولود في مدينة عين التمر من العراق ، وعبد الحميد الكاتب ، آخر كتاب الدولة الأموية على زمن الخليفة الأموي ، مروان بن محمد ، آخر خلفاء بني أمية 0
وحين قامت الدعوة العباسية ، كحزب سياسي ، سري ، انضم الى صفوفها العرب وغير العرب من المسلمين ، ووفق هيكليته تنظيمية محكمة ، لا تختلف كثيرا عن هيكلية الاحزاب التي تشكلت في عصرنا الحالي ، ومنها الحزب البلشفي الذي قام بتشكيله لينين ، والذي تطور فيما بعد الى الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي0 وحين وصل قادة تلك الدعوة الى الحكم بفعل تنظيمهم المحكم هذا ، وبفعل المشاركة الواسعة والغفيرة لجماهير المسلمين فيه ، بادروا الى اشراك انصارهم من غير العرب في الحكم ، كما أنهم افتحوا المجال واسعا لهم للتعبير عن آراهم بحرية ، والى الحد الذي صار فيه شاعر مثل الشاعر حماد عجرد يخيف فقيها في الدين هو أبو حنيفة النعمان ، ذلك الصديق الذي طالما عاقر الخمرة معه ، وقاسمه حياة المجون ، وأخيرا طلب التنسك والفقه ، وصار يدعو حمادا الى ما صار اليه ، ويلح عليه في دعوة هذه ، ولكنه تراجع وصمت بعد ذلك خوفا ، حين وصلت اليه ابيات شعرية من حماد عجرد ، منها :
إن كان نسك لا يتـمّ *** بغير شتمي وانتقاصي
أو لم يكن إلا بــهِ *** ترجو النجاة من القصاص
فلطالما زكيتي *** وأنا المقيم على المعاصي
أيام تأخذها وتعـ *(م) * طي في أباريق الرصاص ِ
لقد اسهمت هذه الحرية بانبثاق حركة فكرية نشطة في العراق في القرن الثاني الهجري اسهاما خلاقا ، كان من ثمراتها قيام دار الحكمة زمن الخليفة المأمون ، وحركة النقل التي تمّت فيها ترجمة الكثير من كتب اليونان في الفلسفة ، وفي شتى علوم المعرفة الأخرى الى اللغة العربية ، والتي اشترك فيها هذه المرة ، وبشكل جلي ، اتباع الديانات الاخرى من صابئة ، ونصارى ، ويهود 0
لقد امتد النشاط الفكري هذا الى الدين الاسلامي ، وصارت بعض الفرق تجادل في القرآن نفسه ، فالقران حمال أوجه مثلما يرى الامام علي ، وصارت كل فرقة تأخذ منه ما تريده هي ، كما توسع شراحه ومفسروه في شرحه وتفسيره للعامة ، واضافوا من عندهم الكثير ، لكن ظلت المعضلة الرئيسه امام المتصارعين هي معضلة الحكم ، والتصرف بثروات الدولة الطائلة التي كانت تبعثر في وجوه ملذات أمير المؤمنين ! من خلفاء بني العباس الكثيرة ، ما عدا وضعها في تطوير آلة الانتاج ، مثلما فعل ذلك رجال رأس المال في انجلترا القديمة ، حين طوروا النول الصناعي في الورشات الغزل الصغيرة ( manufactory) ، ومن ثم سخروها لخدمة العمل ، والناس ، ولكنها لم تكن كذلك في امبراطورية هارون الرشيد التي تمطر الغيوم فيها ، اينما رحلت ، واينما أتجهت ، فقد مضت تلك الاموال الهائلة في الملذات ، والترف ، وبناء القصور ، والبذخ على مظاهر الابهة الفارغة 0
والواضح هنا أن التركيبة الاجتماعية للشعوب التي انضوت تحت راية الاسلام كانت هي الاساس في الوجود السياسي للطوائف الاسلامية ، بعيدا عن عقل هذا الطائفي أو ذاك الذي راح يصرّ على أن طائفته هي الأقرب الى الدين من بقية الطوائف الأخرى ، وانها هي الطائفة المنزهة عن الباطل دون سواها ، وهو لهذا يكون مستعدا لحرق كل انسان يرى ما لايراه هو ، ومستعد لتسخير اتباعه ، والدين نفسه لخدمة اهدافه ومراميه ، واصدق مثال على ذلك هو ما يقوم به ابن لادن ، أمير المؤمنين الجديد ! في منظمة القاعدة اليوم ، والذي راح يرسل من خلال السيارات المفخخة اتباعه الى الجنة ، كي يتناول الواحد منهم العشاء مع الرسول الكريم فيها ، وفي ذات مساء اليوم الذي يصطلي فيه هذا الواحد بنيران الدنيا وسعيرها قبل نيران سقر وجحيمها 0
لقد تحولت الطوائف الاسلامية في الحقبة الزمنية التي نعيشها اليوم الى احزاب سياسية اسلامية! تحكم باسم الله ، وصار كل قائد من قادتها هو الملك الفرنسي ، لويس السادس عشر الذي كان يرى في نفسه أنه ظل الله على هذه الارض ، وصار الواحد من هؤلاء القادة يوزع كذلك صكوك الغفران على اتباعه للدخول الى الجنة ، مثلما كان يفعل ذلك اتباع الكنيسة في اوربا أيام العصور الوسطى ، وعلى هذا فبيننا ، نحن العرب ، وبين خلاصنا مما نحن فيه من محن اليوم ، هو هذه القرون المديدة التي تفصلنا عن رجل منقذ ، مثل مارتن لوثر ، يطيح بملوك الطوائف هؤلاء ، ويمزق صكوك غفرانهم ، وبذا سيكون السؤال التالي حين نوجهه لانفسنا وجيها جدا ، وهو : كم نحن متخلفون أذن عن ركب الحضارة المتقدم الذي سارت فيه أمم ، وشعوب كثيرة ! ؟
إن طائفية اليوم ، بعد هذا ، هي موروث ثقافي ، ضار ، جاءنا من العصور الاسلامية التي خلت ، والتي شهدت تطاحنا داميا بين المسلمين على السلطة ، أستغل فيه الدين استغلالا كبيرا، تماما مثلما يجري اليوم على الساحة العربية ـ الاسلامية ، هذه الساحة التي تشهد اليوم فراغا ثقافيا كان للامس القريب يسده فيها دعاة القومية بغوغائيتهم ، والى حد ما دعاة الفكر الماركسي باحلامهم ، ومع كل هذا فثقافة الطائفيين اليوم لا تعدو كونها عن استعارات من ثقافة الماضي التي لا يمكن لها أن تصمد طويلا امام ثقافة رأس المال المحمولة على اكتاف جند براغماتية جون ديوي المبشرين بالنار ! والزاحفين نحو المنطقة العربية - الاسلامية بقوة ، بالضبط مثلما لم تصمد عباءة هاشمي رفسنجاني القديمة ، والتي أراد لها الخميني أن لا تتبدل يوما ما ، وفي مثالية فجة لا تبعد كثيرا عن مثالية لينين الذي رفض ذات مساء كيلوغرام من لحم أهدته له أحدى الجمعيات الفلاحية في ظروف الحرب الاهلية ، طالبا ، بدلا من ذلك ، أن يوزع الكليو المذكور على فقراء من الفلاحين أنفسهم 0



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظرف الشعراء (32 ) : ربيعة الرقي
- قيض من فيض التخريب الايراني في العراق !
- ظرف الشعراء ( 31 ) : أبو الشمقمق
- الحزب الشيوعي العراقي : العمل الجماهيري والانتخابات !
- إبن فضلان سفير العراق المقيم في أوربا
- ظرف الشعراء ( 30 ) : أبو الهندي
- ظرف الشعراء ( 29 ) : العتابي
- بين البصرة وبهرز الحجة اطلاعات يصول !
- كلهم على طريق ?لاوي !
- دالت دولة الارهاب !
- الى الشيخ حارث الضاري وآخرين لا تعلمونهم !
- الفلوجة كانت ستكون عاصمة الدولة الطائفية !
- حججكم واهية يا ذيول صدام !
- بوش الى الأبيض ثانية !!
- العراق بين كيري وبوش !
- ظرف الشعراء ( 28 ) : قيس بن الملوح العامري
- المصالحة الوطنية مصالحة بعث لبعث !
- معهم في الكويت ضدهم في العراق !
- الجنوب المذبوح أبدا !
- ظرف الشعراء ( 27 ) : العكوك


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سهر العامري - الطائفية مرض الماضي يعيش في الحاضر !