أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - شبح الشيوعية لم يعد يحوم في السماء















المزيد.....

شبح الشيوعية لم يعد يحوم في السماء


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3596 - 2012 / 1 / 3 - 15:02
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


قبل 164 عاماً رأى ماركس وإنجلز مجتمعين شبح الشيوعية يحوم في سماء أوروبا ومع ذلك وبعد كل هذا التاريخ الطويل الطافح بالصراعات الطبقية الدموية وبالحروب، بل وبعد وصول أوار الصراع الطبقي بقيادة لينين وستالين إلى عنان السماء، فإنني وكمقلد أمين لماركس لم أعد أرى هذا الشبح يحوم لا في سماء أوروبا ولا في سماء العالم كذلك. الرفيق الخطابي من مراكش كتب معلقاً على مقالتي الأخيرة " عن أي يسار يكتب كتبة اليسار!؟ " يقول بأنه يحترمني كشارح للماركسية، لكنه لا يحترم بصيرتي التي لا تبصر شبح الشيوعية يحوم في سماء العالم كما يبصره هو نفسه !! ولا أدري كيف يميز الرفيق الخطابي بين شرحي البصير للماركسية أو المحترم بتعبيره، وبين بصيرتي التي لا تبصر شبح الشيوعية!! وهنا يقتضيني الأمر لأن أعلن بثقة تامة أن أولئك الشيوعيين الذين ما زالوا يرون شبح الشيوعية في السماء ليسوا ماركسيين حقيقيين وأن عليهم أن يعوا بأنهم يضللون شعوبهم ويبيعونها الأفيون، خاصة وأنهم لم يتعرفوا بعد على أسباب انهيار المشروع اللينيني العظيم. وليسامحني الرفيق الخطابي الذي أقدر خلافه معي تقديراً عالياً طالما أنه لم يسلم في قضية مركزية في العمل الشيوعي كما يسلم الآخرون من أشباه الماركسيين ـ وهذا بالطبع أول واجبات الماركسي تجاه إلتزامه الفكري ـ ليسامحني لأنني لا أرى شبح الشيوعية يحوم في سماء العالم والسبب الرئيسي في ذلك هو فقر الشيوعيين في الوعي الماركسي ثم تسلل شيوعيي البورجوازية الوضيعة إلى قياداتهم من مثل تروتسكي وبوخارين وخروشتشوف وهذا ما تسبب بانهيار المشروع اللينيني الشيوعي بعد أن هبط الشبح على الأرض بالحنكة الثورية البروليتارية للقائدين لينين وستالين.

أنا أعلم تماماً أن وجهة نظر رفيقنا الخطابي عن راهنية الثورة الاشتراكية يتبناها شيوعيون كثيرون في العالم، لكن أحداً منهم لا يجرؤ جراءة الخطابي على إعلانها ومناقشتها بالتدقيق اللازم كونها قضية محورية في العمل الشيوعي. لكن جراءة رفيقنا الخطابي سوف تجلب له أعباء لا يقوى على حملها. ماركس وإنجلز رأيا شبح الشيوعية يحوم في سماء غرب أوروبا لأن نظام الإنتاج الرأسمالي كان يتقدم سريعاً على أرض بلدان الغرب الأوروبي مثل إنجلترا وفرنسا وألمانيا، والرأسمالية تلد حفاري قبرها، أي البروليتاريا كما هو معروف. الرفيق الخطابي يعي بالطبع هذه الحقيقة ولذلك أكد أن الثورة الاشتراكية ملازمة لمرحلة الإمبريالية وهي الحقيقة التي أكدها الرفيق ستالين في مؤلفه القيّم " أسس اللينينية " حين قال في العام 1924 أن اللينينية هي ماركسية عصر الإمبريالية. نحن لا نناقش مسألة الاشتراكية كوريث وحيد للإمبريالية، بل نناقش أمراُ استثنائاً خارج مسار التاريخ وهو أن الإمبريالية انتهت كما في الإعلان الرسمي للأمم المتحدة في العام 1972 دون أن ترثها الاشتراكية. بل إن ما هو أدعى للنقاش هو أن الرأسمالية ماتت في السبعينيات بينما الثورة الاشتراكية العالمية ومركزها موسكو كانت تحتضر على فراش الموت في ذات الوقت !!

الرفيق الخطابي يقر بموت الثورة الاشتراكية العالمية ومركزها موسكو لكنه لا يقر بموت الرأسمالية الإمبريالية ودون أن يفصح عن الأسباب في كلتا الحالتين. لئن غضضنا النظر عن أسباب موت المشروع اللينيني، وهو ما لا يجب أن نفعل، فلنا أن نسأل الخطابي عن أسباب إعتقاده بالبعث الحيوي الرأسمالي الذي يقول به كتبة البورجوازية الوضيعة. هل ما زالت مراكز الرأسمالية الامبريالية في الغرب الأوروبي والولايات المتحدة على حالها كما كانت قبل الحرب العالمية الثانية، بل ازدادت توحشاً كما يتراطن المفلسون سياسياً ؟ لئن كان الجواب بالإيجاب فذلك يستوجب تحديد الظواهر والوقائع التي توحي بذلك. كيف للقائلين بالبعث الرأسمالي الإمبريالي أن يعللوا العجوزات في الميزان التجاري لسائر الدول الرأسمالية الامبريالية سابقاً ؟ النظام الرأسمالي له جوهر واحد لا يختلف وهو الإتجار بقوى العمل المتجددة يومياً في الطبقة العاملة عن طريق تحويلها إلى ثروة سلعية تستبدل بنقود في السوق. لم تعرف البشرية عبر تاريخها الطويل نظاما للإنتاج مثل النظام الرأسمالي ينتج الثروة بوفرة كثيفة لا تستطيع الجماهير الشعبية استيعابها وفق علاقات الانتاج الخاصة به. ومن هنا تحديداً برز كارل ماركس يقول بوجوب تغيير علاقات الانتاج بل تحطيمها نهائياً بغير بديل. كيف يمكن وصف الولايات المتحدة بالرأسمالية وطبقتها العاملة لا تنتج سلعاً كافية لسد حاجات شعبها فتسدها باستيرادها من الصين؟ كيف يمكن وصفها بالرأسمالية وهي مدينة للصين " الشيوعية " بأكثر من 1200 مليار دولار بالإضافة إلى 700 مليار تعمل في الانتاج و 500 مليار لليابان ومئات المليارات لدول أخرى ؟ كيف يمكن وصفها بالرأسمالية وهي مدينة اليوم للعالم بأكثر من 17000 مليار دولار وأوشكت أن تعلن إفلاسها قبل أسابيع قليلة بعد أن تجاوز الدين الخارجي فقط نسبة 150% من مجمل انتاجها السنوي بل هو في الحقيقة ثمانية أضعاف انتاجها السنوي (800%) بعد اسقاط قيمة الخدمات التي لا تصنع ثروة !؟ أين هي خاصية الرأسمالية الأولى وهي الانتاج الكثيف (Mass Production) !؟ الولايات المتحدة تجاوزت النظام الرأسمالي وطرحته خلفها منذ السبعينيات. منذ مؤتمر رامبوييه (G5) في نوفمبر 1975 كانت الولايات المتحدة أول من انتهك قدس أقداس الرأسمالية وهو النقد، القلب النابض في جسدها، وشرعت تطبع تريليونات الدولارات المكشوفة بضمان الدول الغنية المشاركة في إعلان رامبوييه. ليس من عاقل يمكن أن ينسب الولايات المتحدة إلى الرأسمالية بعد قيامها بتزوير دولاراتها وقصورها الفاضح عن تغطية نقدها. هناك مجموعة من الأخصائيين بالشؤون المالية خلصت قبل سنوات قليلة إلى نتيجة تقول أن الولايات المتحدة قد قامت خلال العقود الثلاثة الأخيرة بطباعة 600 تريليون من الدولارات المكشوفة وأغرقت بها أسواق العالم. يعيش العالم اليوم تحت سقف أكذوبة كبرى هي القيمة الرأسمالية للدولار. قريباً وقريباً جداً سيكتشف العالم أن الدولار لا قيمة له على الإطلاق وسينكشف العالم خلال سويعات قليلة وتنهار مختلف الروابط الانسانية بالإضافة إلى علاقات الإنتاج. ستعود البشرية جمعاء عشرة قرون إلى الخلف وما ذلك إلا بسبب انهيار المشروع اللينيني على يد العسكر الروس بقيادة البورجوازي الوضيع خروشتشوف.

ذهب الرفيق الخطابي إلى القول لو أن لينين قرأ قراءة النمري في الصراع الطبقي لما كان مشروعه الذي تجسد في الدولة الأولى للعمال في التاريخ ولما كان هناك المعسكر الإشتراكي. لا أعرف كيف أجاز الرفيق الخطابي لنفسه أن يقارن قراءة لينين للصراع الطبقي في المجتمع الروسي في نهاية الحرب العالمية الأولى في العام 1917 وجيوش الامبراطورية الألمانية على أبواب بطرسبورغ وموسكو، وقراءتي لانهيار النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي خلال الربع الأخير من القرن العشرين. لينين قرأ بحق هشاشة الطبقة البورجوازية الروسية التي لم تستطع التقدم ببرنامج ثورتها في شباط من ذات العام وهو الأمر الذي كانت الأممية الثانية قد أشارت إليه في العام1912 وطالبت الاشتراكيين الروس بإنجاز الثورة البورجوازية. خاض لينين نضالاً صعباً في نيسان1917 وما بعده لإقناع قيادة الحزب الشيوعي بوجوب الإنتفاض لاستلام السلطة، فكانت الانتفاضة في أكتوبر بموافقة غالبية القيادة وليس بالإجماع، ولعل عامة الطبقة البورجوازية كانت أقرب إلى رؤية لينين من الصفوف المتقدمة في الحزب الشيوعي. في العام 1914 كانت الرأسمالية العالمية قد وصلت أعلى مراحلها ولذلك كانت الأممية الثانية قد قررت في مؤتمرها العام في شتوتغارت 1907 أن يكون نشوب أي حرب استعمارية قادمة في أوروبا هو ساعة الصفر للثورة الاشتراكية العالمية. يغيب عن بال عامة الشيوعيين أن انتفاضة أكتوبر لم تكن أساساً ثورة ولم تكن اشتراكية بل كانت إستكمالاً لبرنامج الثورة البورجوازية. ما حولها سريعاً إلى ثورة اشتراكية هو البورجوازية نفسها التي قامت في آذار 1918 بثورة مسلحة مضادة خسرتها وخسرت معها دورها في التطور الاجتماعي السلمي.

أما قراءتي فهي لعالم لا ينتمي لعالم 1914 بشيء حين كانت مراكز الرأسمالية تتحارب من أجل كسب أسواق جديدة لتصريف فائض الانتاج لديها. اليوم نفس هذه المراكز لديها شح كبير في الإنتاج مما يضطرها إلى استيراد حاجياتها من الخارج وهو ما يغرقها في ديون لا تقوى على خدمتها. فالعالم كل العالم كان مديناً في العام 1970 بسبعين ملياراً من الدولارات فقط لكنه اليوم مدين بسبعين ترليوناً أي أن ديون العالم تضاعفت ألف مرة، ونصيب الدول الموسومة بالرأسمالية من مجموع هذه الديون الفلكية يصل إلى 80% أي أكثر من خمسين ترليوناً. ألا يعني هذا أن هذه الدول لم تعد رأسمالية وألفباء الرأسمالية هي تحويل الجهد البشري إلى ثروة ؟ الدول التي كانت تتحارب في سباق محموم لتصدير بضائعها وأموالها الفائضة تستكين اليوم في استيراد احتياجاتها المعاشية من جنوب شرق آسيا. كيف لي أن أقرأ قراءة الثورة الاشتراكية وقد انكمشت طبقة البروليتاريا البريطانية من 32 مليوناً في الخمسينيات إلى 12 مليوناً فقط الآن، وأن نقابات عمال مناجم الفحم في بريطانيا في السبعينيات كانت تضم 600 ألف عاما وهي اليوم لا تضم أكثر من 6 آلاف فقط !؟ كما أن طبقة البروليتاريا في الولايات التحدة تقلصت من 70 مليوناً في الخمسينيات إلى 30 مليوناً اليوم !؟ هل مع هذه الحقائق الصارخة على الأرض يمكن لأحد أن يرى شبحاً للشيوعية في السماء؟

الرأسمالية العالمية وبعد أن فقدت محيطاتها نتيجة لثورة التحرر الوطني 1946 ـ 1972 تحولت بصورة آلية مع بداية تراجع الثورة الاشتراكية من الإنتاج الرأسمالي إلى الإستهلاك النقيض للرأسمالية وظهر منذ نهاية السبعينيات ما يعرف مجازاً بالاقتصاد الاستهلاكي (Consumerism) . فبدل أن تلد الأم الرأسمالية ابنتها الشرعية الاشتراكية تم إجهاضها بحقنة الاقتصاد الاستهلاكي.
هذه هي القراءة اللينينية أيها الرفيق الخطابي؛ ننظر إلى الأرض قبل أن ننظر إلى السماء فلا نجد شبح الشيوعية يحلق فيها.

www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن أي يسار يكتب كتبة اليسار !؟
- مواجهة مع أحد المرتدين
- نهاية إقتصاد السوق
- رفيقنا الشيوعي الأميز علي الأسدي
- ليست الأخطاء هي التي أفشلت الاشتراكية
- العمل الشيوعي في عالم خارج التاريخ
- في نقد الإشتراكية السوفياتية
- من الديموقراطية إلى الشيوعية
- خيانة الاشتراكية وانهيار الإتحاد السوفياتي
- دور النقد في انهيار الرأسمالية
- المثقفون وسقوط التاريخ
- اللغو البغو تلغيه وقائع التاريخ
- نذر الكارثة الإقتصادية تقرع طبولها
- الإفساد بالأدلجة
- نقد فظ لشيوعي ناعم
- ماذا عن وحدة اليسار
- الإشتراكية والديموقراطية
- لن تكون رأسمالية في روسيا
- إنتهت الرأسمالية إلى الإنحلال وليس إلى الثورة !!
- حاجة العالم للينين مرة أخرى


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - شبح الشيوعية لم يعد يحوم في السماء