أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - رجَّع راسك فوق















المزيد.....

رجَّع راسك فوق


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3595 - 2012 / 1 / 2 - 04:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


لا أقصد بالطبع تحريف شعار رددته حناجرنا في ميادين مصر ورجَّ أركان الدنيا بعد إزاحة المخلوع، وإنما أقصد المعنى الحرفي للعبارة.. فما يحدث هذه الأيام يوحي بأن البعض منا نسي الوضع المعتدل لجسده، ووضع رأسه إلى أسفل بينما حذاؤه مشرع في الأعلى.. وهو المبرر الوحيد الذي يفسر موقف من يصرون على رؤية الأمور مقلوبة.
تندلع ثورة ضد طاغية فاسد، فيهاجمون الثوار لأنهم يريدون هدم كل شيء! وإذا بك تضرب أخماسا في أسداس باحثا عن معنى كلمة "ثورة" في أذهان هؤلاء، أليست هي إسقاط النظام القديم بالكامل وإقامة نظام مختلف تماما عما ثار ضده الثوار؟ ولا تجد تفسيرا، سوى أنهم نسوا الوضعية الطبيعية للجسد الإنساني، ووضعوا رؤوسهم "تحت".
تنجح الجولة الأولى من الثورة وتذهل العالم، ويزيح الثوار الطاغية وكبار رموزه، بعد صدام دموي مع أجهزة قمعه الوحشية، فيعتقل الثوار، وتهدر آدمية آهالي الشهداء والمصابين، على مرآى ومسمع من العالم؛ ليخرج علينا من يلقون باللوم على من خرجوا يعتصمون سلميا مطالبين بحقوق أبنائهم، لتتأكد أن ما يوجد أعلاهم لا يمكن أن يكون "الرأس"!
توضع رموز النظام الساقط في السجن، ويشهد العالم معاملتهم بتحضر لامثيل له، فيحتجز الطاغية في مشفى سبع نجوم محاطًا بمظاهر الترف، وينقل إلى قفص المحكمة محمولا على فراش باهظ التكلفة ناظرا إلينا بلا مبالاة عبر القضبان وهو يلعب في أنفه. ويرتع ولداه ورجاله بلا قيد حديدي ، يتعاملون مع الجميع باستعلاء الفاهم أن ما يجري مجرد مسرحية للضحك على الذقون! بينما يلقى القبض على النشطاء، ويتعرضون لتعذيب بشع ويحالون إلى محاكم عسكرية، ويصدر خلال أربع وعشرين ساعة الحكم بسجن بعضهم؛ من دون أن يطرف جفن لهؤلاء الذين وقفوا على رؤوسهم ليروا الصورة معكوسة!
يشهد العالم الشباب الأعزل، الذي صفق له انبهارا بعظمة ثورته، وهو يقتل رميا بالرصاص في شوارع البلاد، أو يضرب ويسحل بوحشية. ويرى كيف يتكالب عدة وحوش لايمكن أن تكون آدمية على شاب، لكسر إردته قبل تكسير عضمه. وكان هؤلاء الهمج يستطيعون ـ لو أرادوا ـ التغلب عليه بكثرتهم وحمله إلى سيارة الشرطة مقبوضا عليه، لكنهم أرادو التظاهر برجولة مفتقدة لا يمكن أن تظهر إلا في مواجهة شاب أعزل. وتتعرض سيدة مسنة للإهانة والضرب المبرح على أيدي ثلة من المجرمين، وتسحل فتيات وتنتهك أعراضهن على مرآى من الدنيا. ومع ذلك تجد من يبررون الجريمة ـ بصفاقة منقطعة النظير ـ بأن هؤلاء العزل كانوا يقذفون الجيش بالحجارة، أو أن فتاة تم ضربها وسحلها لأنها كانت "تشتم" الجنود. وتبحث عن أقرب حائط لتخبط فيه رأسك، باحثا عن أكثر الأوصاف تهذيبا، لوصف من يسارعون إلى إلقاء المسئولية على الضحية، وإيجاد تبريرات للجناة لم يكونوا ـ هم ـ قادرين على تلفيقها من البداية! لكن من وضع الحذاء في الأعلى والرأس في أسفل، يرى الصورة هكذا: كل من يقذف حجرا على من ألقوا الغاز الخانق والرصاص بأنواعه عليه وعلى زملائه، أو حتى يشتمهم، يستحق تكسير عظامه أو فقء عينيه، وإذا كان فتاة فلا بد أنها تستحق هتك العرض لأنها "عرت" سوءات أشباه الرجال وأظهرتهم على حقيقتهم.
نشاهد المجرمين العتاة يعاملون باحترام عند نقلهم إلى المحكمة بلا قيود حديدية في أيديهم، يدخلون القفص ويحييهم الجنود والضباط، ويتبادلون معهم الدعابة، ويردد البعض كالببغاء أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. بينما لا يرون غرابة في أن يصفد النشطاء المحطمة عظامهم بالأغلال، ويوثق قيدهم في سرير المستشفى، بعد إحالتهم ـ وهم الضحايا ـ إلى المحاكمة كمتهمين؛ فهنا يكون المتهم مدان، حتى ولو ثبتت براءته.
ثم تطلع علينا احدى الصحف القومية العريقة، يتصدر صفحتها الأولى سبق صحفي عن مؤامرة خططت لها دول أجنبية لاغتيال عدد من رموز الثورة، حددتهم بالاسم، ناسبة الخبر إلى" مصدر في البيت الأبيض" كشف بشكل تفصيلي عن مخطط لإيقاع الفوضى في البلاد. وتنقل الصحيفة عن المصدر أن اختراق المخابرات الأمريكية لاتصالات هاتفية ورسائل بريد إليكتروني حدد جهات التمويل وحجم التمويل.. من دون أن تلمح حتى إلى أن جهة ما في هذا البلد اهتمت بالأمر. وبعد نشر هذه الخطة بتفاصيلها.. هل نتوقع قريبا اغتيال عدد من الثوار على "أيد خفية" .. لا علاقة لها بفلول نظام يتشبث بالحياة ويقاوم السقوط، ومجلس لعسكري عينه المخلوع؟ وهل يستطيع من يقفوا على رؤوسهم أن يستوعبوا كيف تقف أجهزة الأمن القومي، والمخابرات العامة، والمخابرات الحربية، عاجزة عن كشف أجانب يعيثون في البلاد ترويعا وقتلا، مع وجود تقارير الأصدقاء القادرين على التصنت على الاتصالات الهاتفية والبريد الإليكتروني؟ فماذا كانت هذه الأجهزة تفعل إذا، طوال هذه الشهور؟
أعتقد أنه قد آن الأوان كي يعدل هؤلاء وضعية أجسادهم ، حتى يروا أن تكسير العظام ليس له أي صلة بتحطيم الإرادة.. وأن شعبا خرج مصرًا على استرداد حريته وكرامته لن يعود من دونهما بعد أن دفع الثمن، ومازال.
لو اعتدل هؤلاء، ونظروا بالعيون التي في رؤوسهم جيدا، لشاهدوا كيف يعود الثوار بعد أن يدفنوا زملاءهم، إلى الميادين أصلب عزما وأقوى إرادة، يرددون "يانجيب حقهم.. يانموت زيهم"! ولعلهم بعد أن يعيدوا رؤوسهم إلى مكانها الطبيعي، يفهمون مغزى أن يفقد أحمد حراره عينه اليمنى يوم 28 يناير، فيعود إلى الميدان مصرا على مواصلة الثورة ليفقد العين اليسرى بعدها بعشرة شهور، وما أن يخرج من المستشفى فاقدا نعمة البصر تمامًا، حتى تنير بصيرته طريقه الي التحرير مشجعا زملاءه ونافخا فيهم من روحه طاقة تفوق طاقات الجبابرة. ربما يفهمون معنى أن تتحدى غادة كامل وحشًا غير آدمي أبدى بسالة وجسارة في ضربها وسحلها وإهانتها، لتقول له إنها ستعود إلى التحرير بمجرد أن يتركوها! وأن يكون ميدان التحرير أول مكان يطأه علاء عبد الفتاح بمجرد فك أسره، وهو يعلم أنه مطلق السراح مؤقتا. ولعلهم يفهمون من أين استمدت الشابة الرائعة عزة هلال الشجاعة، لتحاول تخليص "ست البنات" من أيدي الوحوش، فتنال نصيبها من إجرامهم، ويهب شباب مصر ورجالها الحقيقيون "إيهاب أشعيا، وحسن شاهين ونور أيمن نور" إلى نجدة أخواتهم، ويتلقون جزاء ذلك ضربا وحشيا وسحلا.. لكنني لا أثق كثيرا، أنهم سوف يفهمون من أين واتت الفتاة الرائعة هند بدوي، الشجاعة كي تطرد المشير من غرفتها في المستشفى عندما جاء لزيارتها.. هل يستطيع هؤلاء أن يستوعبوا أن معيدة الجامعة التي أوسعها جنود المشير ضربا وكسروا عظامها، لم تضعف أمامه وهي في تلك الحالة المزرية على سرير المستشفى ويدها في القيد الحديدي، وواجهته بهذه الجرأة؟ لا أعتقد فأمثال هؤلاء جبلوا على لعق أحذية ظالميهم لا الوقوف في وجوههم. أقول، ربما، لو أعادوا رؤوسهم إلى مكانها الطبيعي لفهموا.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاذبون!
- عبقرية صناعة الأعداء
- خالد.. بشارة الفجر
- ذكاء هنا.. وأخطاء هناك
- جدع يا باشا!
- إلا شباب الثورة!
- مشاركة القوى اليسارية في الربيع العربي
- أي علاء!.. وأي أم علاء!
- ضابط ابن ناس
- للصبر حدود
- احذروا غضب الشعوب
- متى ترتوون من دمائنا؟
- غضب آخر سوف يجيء!
- علموا أبناءنا في إيطاليا!
- الدبة.. وصاحبها!
- بوادر جولة ثانية
- عصام وحسن ..ورأب الصدع
- حتى الرمق الأخير
- شعب واحد
- خطاب مفتوح إلى السيد المشير


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - رجَّع راسك فوق