أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل بشير الصاري - القذافي .. ضحية التهريج الإعلامي














المزيد.....

القذافي .. ضحية التهريج الإعلامي


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 3594 - 2012 / 1 / 1 - 18:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يكاد يختلف اثنان بأن شخصية القذافي كانت مثيرة للفضول ، فلكم أثارت خطبه الحماسية وتصريحاته الاستفزازية وملابسه المميزة وتصرفاته الغريبة في مؤتمرات القمة انتباه كل من شاهده واستمع إليه .
لقد استطاع القذافي أن يفرض حضوره على وسائل الإعلام المحلي والخارجي منذ الأيام الأولى لانقلابه في 1969م ، وأن يكون النجم اللامع في المشهد السياسي العربي إبان حقبة السبعينيات ، وتمكن حينها من اكتساب تأييد جماهيري كبير وشعبية واسعة داخل ليبيا وخارجها ، وأن يقدم نفسه بوصفه فارس أحلام العروبة الذي سيعيد لها مجدها التالد وعزها الذاهب .
ولا شك أن مبايعة جمال عبد الناصر له أمينا على القومية العربية قد زادت من شعبيته ، وظلت إذاعة الجمهورية العربية الليبية وإذاعة صوت الوطن العربي أسابيع تذيع رسائل مبايعة لأمين القومية الجديد ، مرسلة من قبل منظمات ثورية وهيئات سياسية ومن قبل مجموعات من الشباب العربي المتحمس ، كلهم يعلنون أنهم نذروا أنفسهم ومالهم فداء لتحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بقيادة أمين القومية العربية البطل الثائر العقيد معمر القذافي .
وفطن المنافقون والمرتزقة وأكثرهم من مصر وسوريا ولبنان والعراق إلى غرام القذافي بوهج وسائل الإعلام ، فأخذوا يزخرفون له الكلام ، ويضربون له الدفوف ، ويكيلون ألوانا من المديح للزعيم الأوحد ، وتبارى الصحفيون المأجورون في الثناء على الشاب المتدفق حماسة وثورية ، وتفننوا في إطلاق النعوت عليه ، فشاعت في صحفهم : القائد المفكر ـ القائد المسلم الثائر ـ القائد المعجزة ـ قائد الثورة العالمية ـ بطل العروبة ـ رسول الثورة العربية .
وتمادوا فزعموا أنه يتمتع بمزايا وخصال لا يتمتع بها الرؤساء والقادة العرب كالصدق والإخلاص والذكاء والشجاعة ، وأرجعوها إلى نشأته البدوية في سرت .
وذكر بعضهم أن العقيد القذافي سيحيل بذكائه الصحراء الليبية إلى ما يشبه هوليوود وهونج كونج ، وأن الخارطة السياسية للعالم العربي ستتغير على يديه ، وعبَّر أحد الصحفيين اللبنانيين عن عظيم فرحته بنقل بشرى عظيمة ومفاجأة سارة إلى ملايين العرب والمسلمين ، فقد ذكرت له مصادر موثقة أن الأخ معمر انتهى من وضع اللمسات الأخيرة لخطة جهنمية ستؤدي بإذن الله إلى تحرير فلسطين من النهر إلى البحر .
وجاء عدد من رجال الفكر والسياسة والإعلام من أوروبا والأميركتين يشاهدون هذه البدعة العجيبة ويحاورون فلتة القرن العشرين بشأن تهويماته وترهاته عن الحرية وسلطة الشعب والاشتراكية والمرأة والدين وسلاح النفط وتحرير فلسطين .
كذلك بات القذافي ملهما لكثير من الكتَّاب والأدباء والشعراء والفنانين ، فهذه الصحفية الإيطالية ميريلا بيانكو تكتب عنه كتابا بعنوان ( القذافي رسول الصحراء ) ، وهذا كاتب من الأرجنتين يكتب عنه كتابين ( القذافي وعملية القدس ـ القذافي نقطة الانطلاق ) ، وكاتب آخر يصدر كتاب ( الفارس الخامس ) ، ورابع يصدر كتاب ( رئيسي ابني ) .
كما أن الشاعر محمد الفيتوري وصف القذافي في قصيدة رائية بأنه من أفذاذ البشر :
فليسمع الحالمون ن الراقدون على بطونهم ، والدجى من فوقهم حجر
أن المقادير تستثني الرجال ، وإن تشابه البشر الأفــذاذ ، والبـشر
وخص الشاعر أحمد سليمان الأحمد القذافي بقصيدة طويلة استهلها بقوله :
أعطاك ربك كالنبي الكـوثرا
وقضى بأن يبقى عدوك أبترا
كذلك أبدى الشاعر نزار قباني قائد الثورة النسائية إعجابه بقائد الثورة الليبية ، ووصفه في مقالة بصحفية لبنانية أنه ظاهرة استثنائية كالبرق والرعد .
وهناك أيضا بالإضافة إلى المطرب محمد حسن عدد كبير من المطربين والمطربات من دول عربية تغنوا بالقذافي وجماهيريته وكتابه الأخضر ، لعل أبرزهم وديع الصافي وإحسان صادق .
وصار القذافي النجم المحبوب لبعض من الشباب الأرعن في ليبيا وزمر من الشباب العربي من ذوي الاتجاهين القومي واليساري ، فقد عدوه قدوة لهم ، فأخذوا يرددون شعاراته ويحفظون مقولاته وأجزاء من خطاباته ، وكانوا إذا شتم حاكما عربيا شتموا ، وإذا اتهم بلدا عربيا بالعمالة والرجعية اتهموا ، وإذا سخر من شعيرة إسلامية سخروا ، ولقد رأينا بعضهم في ليبيا من يحاكيه في ملبسه ومشيته ونبرات صوته .
وكان لا بد للسكران من نشوة السكر، ولا بد أن يصاب القذافي بالدوار من هذه الضجة الإعلامية وأن تزيد من جهله وغروره ، وتختم على سمعه وبصره بغشاوة حتى لا يرى الأشياء كما هي ، ولا يراه الآخرون على حقيقته إلا بجهد جهيد .
ولكن هذا الصخب الإعلامي لم يدم طويلا قد توقف بعد مرور عقد على انقلاب القذافي ، ولم يبق له من أثر إلا على المستوى المحلي بالطبع ، فقد صحا الذين صفقوا له طويلا من نشوة الحماس له ، وتبين لهم أن هذا الشاب الذي سيطر على مقاليد الحكم في ليبيا ، وألغى العمل بالدستور ، وأعدم معارضيه في الداخل والخارج ، وتحالف مع المجرمين والإرهابيين سيكون وبالا على بلده وعلى جيرانه وعلى المنطقة بأسرها .
وبقدر ما كال بعضهم المديح له كال له الهجاء ، وكتب يتهمه بالكذب والتهريج والإرهاب ، وُوصف القذافي في بعض الصحف التي كانت تروج لشعاراته بجحا الساذج وبمصاص الماء كاليغولا وبسانت جوست أحد منظري الثورة الفرنسية الذي دعا إلى استعمال العنف من أجل إقامة المدينة الفاضلة .
وإذا أردنا الآن أن نعلل لتلك الزوبعة الإعلامية التي صاحبت وصول القذافي للسلطة فإننا نقول إن القذافي قد جاء إلى شعب تغلب عليه الأمية السياسية والفكرية ، وإلى أمة منخورة بهزائم عسكرية وسياسية ونفسية ، وحين سمع البسطاء في ليبيا شعاراته البراقة عن الحرية والاشتراكية والسلطة الشعبية ، وحين دغدغ البسطاء من العرب بتصوراته الساذجة للوحدة العربية وتحرير فلسطين ظنوه نسرا من النسور فتعلقوا به وطاروا معه ، لكنهم سرعان ما سقطوا معه على الأرض ريشا مبعثرا .



#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترانيم قداس عام جديد
- الحب كما تصوره الرومانسيون الأوائل
- ثرثرة حول غربة الشعر الحديث
- كيفية الصلاة على الميت الملحد
- المقولات العشر 2
- المقولات العشر 1
- مزيدا من الحوار المتمدن
- إشكالية مصطلح الإيقاع
- وقفة مع ( مواكب ) جبران
- العقيدة العلوية في الماضي والحاضر
- بدايات الشعر في ليبيا
- موقف الرازي من النبوة
- ابن الراوندي مفسرا للقرآن
- تزوجتُ اثنتينِ لفرطِ جهلي
- متعة السؤال ونكد الجواب
- الثورة ... والثوار ... والثيران
- قصيدة في هجاء القذافي
- الإسلام في منظور كتَّاب رسائل الحكمة الدرزية
- معاناة أستاذ مادة اللغة العربية
- خواطر حول الدروز والدرزية (2)


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل بشير الصاري - القذافي .. ضحية التهريج الإعلامي