أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عبدالرؤوف المل - صمت الفراشات وبريق قلم اهتز...















المزيد.....

صمت الفراشات وبريق قلم اهتز...


ضحى عبدالرؤوف المل

الحوار المتمدن-العدد: 3594 - 2012 / 1 / 1 - 18:11
المحور: الادب والفن
    




وحده القلم الصامت بين أنامل تهتز، وحروف تتراكض كالفراش المبثوث هيبة ووقاراً، جعلني أفكر بصمت!.. وأتساءل مُربّ ام معلّم؟!.. وكل ما فيه ينساب بانسجام حديثاً وحركة وانفعالاً مدروساً لا يخلو من اتزان وحكمة تنطرح بهاء وسخاء من خلال كلماته التي تتأنّى وتترفّق بلطف وهي تخرج من بين شفاه لم تهدأ خلال عمر مثمر قطفت منه الثقافة جزءًا كبيراً، فأينعت سراجاً مستنيراً وفكراً فلسفياً جوهره العلم...
وحدها تلك اللمعة الشاردة في عينيه جعلتني أشعر بالذكريات المنطوية داخله، وذاك الغنى الروحي العميق الذي أورثه ذاك الهدوء والصبر وحسن الاستماع...
تركت القلم مغشيّاً عليه مُمدّداً على ورقتي وأمسكتُ برواية واحة الغروب لعلّني أهرب من التفكير في مسيرة حياة رجل لم أحدثه كثيراً لكنه طبع فيّ تساؤلاً زاد فضولي في معرفته أكثر وأنا مؤمنة أننا في عصر عولمة سريع التطور، فكيف استطاع ان يكون معجماً متنقلاً وهو في جهاد نفس وفكر مملوء بالحداثة...
أمسكتُ القلم من جديد وكأني أمسكتُ كوناً لأكتب ما حدثني عنه بهدوئه وصمته بين نفس ونفس وتنهيدة عمر كاستراحات روح ظامئة الى العلم...
ربما!... تكوَّن كشرنقة وأصبح فراشة ملونة وزرع حرفاً واحداً في عقل كل من مرَّ بين يديه ليجمع أبجديته على أفق لبنان والعالم، جلستُ أمامه وشعرت بهدوء غريب وكأني أمام نبع ماء يبلّلني بالندى، فثقل المعاني كالعشايا كالشمس!.. كالقمر المضيء في ذكرياته...
متناقضات كثيرة حملتني على أجنحة فراشته وهو يتكلّم عن الأم، عن المدرسة الأولى العفوية في حياة الطفل والتي تستمر حتى رحيله عن دنيا أبدع فيها عقلاً وثقافة وتعبيراً...
دمعة هي بسمته، وقطرة ماء هي حاضره ومستقبله، حبّه ترجمات لغات وحزن هي كلمته، يتألق الحرف بين شفتيه حين يترجم حرفاً فرنسياً قاله، فأذنه تأبى الايقاع الغربي رغم إتقانه لغات كونية فانية، فإشارات يديه تدل عنه بكل تفاصيل لغته خاصة وفلسفته..
ربّما!... فلسفة رهبان، او فلسفة روحية مختومة بالإيمان، رغم أننا نتعدّد في الأديان إلاّ ان الايمان نقطة ماء تجعل كل شيء حياً من حولها...
لم يحدودب ظهره رغم السنين المتعاقبة، على جسده إلاّ ان القلم ترك رجفة على يده، فالحروف التي مرّت على يديه تركت أثراً في أنامل من ضوء كسفن فنيقية أبحرت...
بحر يفيض ملوحة فيطهّر كل فكر شارد رغماً عنه، ليصبح موجاً ذا تنهيدات من مدّ وجزر وهو يصمت حيناً ويتكلم حيناً. شعرتُ للحظات كأن الأرض تضيق وتتسع والسنونو يرحل ويجيء والفصول تتعاقب وأنا جالسة أنصت لينبوع كلماته كالقوافي التي تستقر في قلوب العشاق..
نظر نظرة استغرقت ثوان، وكأنه ينظر الى الأفق المملوء بالأسرار، وهو يحدّثني عن طفولته التي منها انطلق ليكتب في ضوابط اللغة ما استقر في قلبي قبل ذاكرتي ولا أظن أني سأخطئ بعد ذلك بفعل مضارع او فعل أمر، فعلامات التعجب في لغته علامات ناطقة تجعلك تدرك سرّ أي تساؤل تطرحه على نفسك وأنت تحدثه...
يداه مرميتان فوق بعضهما على رجليه وعيناه تحت النظارات تتأملان ببصيرة ذاك العالم الدفين في داخله، وكأن الحياة صندوق مقفل يفتحه ليخرج الجواهر التي تضيء معاني شتى احتفظتُ فيها في جلسة منحني إياها القدر، وجعلتني أتأهب من جديد كي أحتفظ بما سمعته منه وجعلني أشعر وكأنني ما تعلمت شيئاً في حياتي وأنا التي قرأت آلاف الكتب الدينية والأدبية، لكن كتابه كتاب فريد أتمنى ان يكون كتابي....
لم يبق إلاّ عشر دقائق....
يا ليت الزمن يتوقف هنا، فلا يسير بثوان تائهة ولا دقائق تهرول فينتهي الوقت. همس كالنسيم قائلاً: «ربما هؤلاء المعلمون يتحملون ذلّ جهلهم فيستمرون في ترويض العقول التي بين أيديهم». جملة جعلتني أستفيق من غفلة وتساؤل أمضيت فيه سنين، لماذا لم نُتقن كمدارس إسلامية فن الإبداع؟.. في التعليم؟!...
هل لأننا حفظة.. فقط حفظة لا نتغلغل في عمق المعنى؟!.. فقد توارثنا «الببغائيات» بطريقة هزلية تقليدية بعيدة عن أي فن إبداعي لنفس وروح أبدعت يد الله في خلقها، ولأرواح تمتلك بوادر حسية دقيقة، فتلتقط ما تلتقط من خير وشر وحسن وقبيح....
هل بات قضيب الرمان دليل حديث «واضربوهم عليها وهم أبناء عشر»؟!... ربما!.. أكون جاهلة فيما فعلت إلاّ أنني لا أذكر أني أمسكت قضيباً لإرهاب طفل، او هويت بكفّ يدي على خدّ طفل لأن خدي لا زال يشعر بألم لامس وجهي وأنا طفلة يلقونني الحرف كما يلقنون الميت الشهادة ومن بعدها أعلنوا أنني غبية، فدفعوا بي الى الرهبان لأنني لست من حفظة القرآن..
ذكريات مرّت رغماً عني وهو يحدثني مرات ومرات عن كوادر التعليم التي قادها ما جعلني أشعر بدمعة تدغدغ عيني التي تنظر اليه كمربّ وضع بذرة في روحي ستُربّى وتكبر وتُزهر كما أزهرت الساعة التي التقيته بها، فالعلم غذاء الروح وقنديل مُضاء بلا زيت يضيء أعمارنا، فترتوي أزهارنا بضوء يظلّلها لتكبر...
ربَّت بأنامله قبل ان ينتهي الوقت وكأنه ربَّت على كتفي وأنا جالسة على مقعد دراسة مختلف نجلس تلميذة وأستاذ على مقعد واحد، فاشتاقت نفسي الى تلاميذي الصغار والحنين للعودة اليهم ولكن بفكر جديد وقلب سليم وعقل لا يقبل الترويض، فهل سأستطيع هذا بعد ما باتت مدارسنا أشبه بدكاكين الوراقين قديماً؟!...
ربما تلاشى شعوري بالرهبة منه، لكنه جعلني أقبع في زاوية أفكاره أنتظر شرارة ضوء لا زال يتلمسها من قلب أمه وهو يراها كفراشة تطير روحاً وما زالت تحيا في روحه. أيهذي الوقت!... بعدما أغلقت أبواب المكاتب في المبنى ليته يوشوش الزمان ليضيء فجر الأماني لأركض في حقول البيان ليهزج كياني قصصاً أكتبها لأبنائي ليسرجوا طريق العلم كما أسرجه هذا اللسان العربي الناطق بلغات كونية تنسج للغة الضاد رداء لتتوجها كملكة اللغات، فمخارج الحروف تستريح بين شفتيه تارة، وتتأرجح مع نسمات أنفاسه تارة أخرى، وقف شامخاً ونظر بعين الشمس فزادتها إشراقاً وأنا أتمايل بنشوة عطر فاض علماً ويقيناً أننا لا زلنا في الحياة أطفالاً...
لملمت خطواتي وسمعي يُعري كلماته، فتزداد المعاني سراً أمسكت القلم وكأن بيني وبينه رحلة طويلة، فالحروف هنا زهور لم تفه عطرها حقاً، ورحلتي معه بدأت ولن تنتهي شعراً ونثراً حتى يختمني بختمه وربما لن أستطيع معه صبراً...
مع تحياتي وتقدير لأب روحي،
وأستاذ جلست معه ساعة خلّدها الزمان بين وحي وحضور طاف، فأضحى حباباً وهديلاً أينع معرفة جعلتني أكثر ثراء، الى... أستاذي كمال خوري.


بقلم ضحى عبدالرؤوف المل




#ضحى_عبدالرؤوف_المل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا الذي بيني وبيني... رسائل من قلبي إليك...
- في قلبي ألَق من لمسة حب...
- شُعلة حُبّ لا تُنسى...
- سافر بي كي ينطق الياسمين
- تيّمني هواه وشجاني...
- عروش القرنفل...
- غاوية...
- رحيل الى الصبا... رسائل من قلبي إليك..
- ماذا بعد الرحيل؟!..
- ثق أنني في كل صمت أتأملك....
- من أحب بَكى ....
- في أعشاش الحنين
- آه .. والدمعة جمر
- رسائل من قلبي إليك....
- سيدي!...
- أشكو ألمي...
- إسمع يا بني
- هل تلاقينا!...
- طلاق
- كل شىء أو لا شىء


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عبدالرؤوف المل - صمت الفراشات وبريق قلم اهتز...