أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رفعت السعيد - هل هى الفوضوية؟














المزيد.....

هل هى الفوضوية؟


رفعت السعيد

الحوار المتمدن-العدد: 3593 - 2011 / 12 / 31 - 10:15
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


دفعنى ما يجرى حولنا والحالة الانفعالية التى يتعامل بها طرفا الصراع الدائر فى ميدان التحرير وما حوله من شوارع وأزقة إلى التأمل، وإلى استخلاص أننا إزاء حالتين من العنف المتبادل، السلطة من جانب وقطاع معين من الجماهير من جانب آخر.

وإذا كان يحلو للسلطة أن تشير دوماً إلى طرف ثالث باعتباره المحرض والممول والمحرك لعرائس من أطفال الشوارع والبلطجية، فإن كل التصريحات والاعترافات- التى لا يعلم إلا الله مدى صدقها أو تطابقها مع الواقع- لا تعدو أن تشير إلى تحريض بدائى ولا يمكنه بأى حال أن يفسر ما يجرى، فالاشتباكات التى تتوالى وتجسد رفضها بالعنف الجائر ويتعرض مرتكبوها للقتل أو الإصابات أو السجن، لا تفسرها رشوة مكونة من خمسين جنيها وعلبة سجائر ووجبة من ساندويتشات فقيرة.

هذا بالإضافة إلى كون الكثيرين من متظاهرى العنف ليسوا ممن يمكن رشوتهم أو استدراجهم أو إقناعهم مقابل خمسين جنيها أو أكثر. وهنا يثور سؤال ملح، من أين يأتى هذا العنف؟ ولماذا؟ للإجابة على هذا السؤال احتجت إلى سلسلة من الحوارات التى تبدت فى البداية وكأنها مملة أو مكررة أو مجدبة، لكنها تفتحت فى نهاية الأمر على فهم أخشى تماما أن يكون التفسير المنطقى لما يجرى.

استمعت بإمعان لعديد من هؤلاء الشبان. طبعا اخترت عينات ليست من أطفال الشوارع ولا من البلطجية، فهم بعيدون عن اهتمامى، لأنهم ليسوا العنصر الأساسى فيما يجرى، هم مجرد رتوش أتت ربما للتغطية على الحقيقة، أو لإظهارها فى غير صورتها الحقيقية. وألخص ثمار حواراتى فى عدة جمل موجزة.

هؤلاء الشبان يعانون حالة من الإحباط المتراكم فهم متعطلون، ومن أسر أقل من المتوسطة فى قليل من الحالات وأسر تحت خط الفقر فى حالات هى الأكثر عدداً.

هم يشعرون فى مجملهم بأنهم خدعوا، وأن ثورتهم سرقت منهم، وحتى الذين طمحوا إلى تمثيل الثوار فى مجلس الشعب فشلوا فى أحيان كثيرة ولم تفلت منهم إلا نماذج تستحق التأمل فى كيفية إفلاتها.

وهم خرجوا فى ٢٥ يناير من أجل دولة مدنية ديمقراطية عادلة فإذا بالثمار تأتى معاكسة تماماً، وإذا بالإخوان والسلفيين يتبارون فى احتجاز ضوء شمس الثورة بعيداً عن فضاء الوطن.

وهم يحملون المجلس العسكرى مسؤولية الصعود المتأسلم والصمت عليه وتشجيعه.

والميدان، الذى كان مزارا للثورة والثوار يحجون إليه كلما أرادوا أن يستمتعوا بدفء الجماهير، فقد بريقه فى جمعة قندهار، إذ تحول إلى شىء مختلف تماماً، رايات طالبانية وصور لبن لادن، وحتى عندما رحل عنه التتار المتأسلم تحول إلى سوق تفتقد المذاق الثورى وتفتقد الحماس والقدرة على الإبداع، ويختلط فيها البلطجية بالثوار.

وهم لا يصدقون كل ما يقدم لهم من وعود، وأكدوا عدم السماح باستخدام الشعارات الدينية فى الانتخابات.. وتركوها لتكون أساس الدعاية الانتخابية.

وضعوا حداً أقصى للإنفاق الانتخابى ولم ينفذ.

وعندما شعر محدثى بأننى أتململ قال يكفيك هذه العينة، وثق أنها مجرد عينة.

وبعد هذه الحوارات بدأت أقترب من بعض من الفهم، نحن إزاء شباب غاضب، رافض، لا يصدق، مقهور، عاطل، فقير، بلا مستقبل. ويتراكم ذلك كله فى أعماقه ليخلق مناخاً رافضاً لكل شىء، فأنا إذا ناقشتهم كانوا يرفضون، يرفضون. يرفضون ثم يتوقفون فإذا سألتهم: وماذا تريدون؟! لا يجدون إجابة أو يقدمون إجابات هشة وغير منطقية. وهنا أعود إلى التاريخ لأكتشف ثمار هذه الحالة من الرفض الكلى للمجتمع القائم بخيره وشره، بل الرفض لمجمل المنظومة الإدارية والحكومية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتشريعية.

وهم يؤكدون أنهم يواجهون عنف النظام بعنف مقابل ويؤكدون رفضهم حجج النظام بأنه يمتلك الحق فى فرض سطوة قانون هم يرفضونه ويرفضون من وضعوه، مؤكدين أنه لا شرعية لحق الدولة فى فرض نظامها عبر العنف أو حتى عبر القانون الذى يعتبرونه جائراً.

وذلك كله ليس ابتكاراً جديدا، بل هو سلوك يتسلل عبر توالى القهر المجتمعى والاقتصادى والسياسى إلى أعماق عديد من الشبان، فينقمون على المجتمع ككل وعلى منظومة قوانينه وسلوكه وأخلاقياته ويجردون النظام القائم من كل مشروعية.

وهذه الأفكار قد تبدو الآن غير مرئية، لكن التأمل المتأنى يكشف لنا أنها إرهاصات لحركة قد تكون جنينا، والويل لنا إذا انتشرت. والجنين يتبدى، ليس فى هذه الأحداث الدامية، وإنما أيضاً فى بداية خلق تنظيم فوضوى ربما كان جنينه هو الذى ملأ مداخل محطات المترو فى ميدان التحرير بالشعار التاريخى للحركة الفوضوية.

هل هى بداية؟ مجرد بداية؟ أخشى ذلك ويكفى أن أقرر أن واحداً من الفوضويين أراد إرباك المجتمعات الأوروبية فى صراعات دامية فاغتال ولى عهد النمسا، وكانت الثمرة هى الحرب العالمية الأولى التى قدمت البشرية على مذبحها خمسة ملايين قتيل ودمرت وهدمت دولاً عديدة وأعادت تشكيل دول أخرى، واعتبر الفوضويون أن هذا هو انتصارهم التاريخى الأكبر.

والسؤال الملح هو: هل الفوضويون قادمون؟ وهل سنمضى فيما نحن فيه فنمنحهم المساحة والقدرة على مزيد من الدمار.. أم نلجأ إلى الحل: العدل، الديمقراطية، الليبرالية، الدولة المدنية، المساواة، حق الاعتقاد، حقوق الإنسان، الشفافية، حق العمل، حق السكن، حق العلاج الطبى...إلخ.

أم أن البعض يفضلها فوضوية حتى يمارس ما يشاء، كما يشاء؟، ويبقى أن أقرر أنها مجرد إرهاصات لحفنة محدودة، فحذار أن نتركها حتى تنمو.

أرى تحت الرماد وميض نار

ويوشك أن يكون له ضرام

فهل نتعظ؟



#رفعت_السعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تخلّفنا؟
- عيده المئوى .. نجيب محفوظ والمسيحيون
- بيزنس الإفتاء
- مرة أخرى.. هل الليبرالية كفر؟
- الإخوان - الجهاديون - السلفيون .. العلاقات المتشابكة
- محاولة لفهم ما يجرى
- هل الليبرالية كفر؟
- عن الإرهاب الإخوانى
- المتأسلمون وتحالفاتهم
- الشيخ صفوان أبوالفتح
- فلماذا أسميناهم متأسلمين؟
- عن تجديد الفكر الديني
- ومهما كان الثمن.. وكانت التضحيات سنمضي إلى الأمام
- حول تعديل الدستور - جحا الاخر
- حول تعديلات الدستور : جحا .. والجمل .. والحمار ... هل أصبح ا ...
- حول تعديل الدستور:حكاية جحا .. ولجنة الدكتورة أمال
- كائن لامحل له من الإعراب.. يتخطي القواعد ويستولي علي مقاليد ...


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رفعت السعيد - هل هى الفوضوية؟