جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3591 - 2011 / 12 / 29 - 20:49
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
حزب الوفد المصري ليس ولدا صغيرا ضاع من يد أمه وليس ولدا آخر ذهب إلى السوق وضاع هنالك في أزمة البيع والشراء أو في أزمة المولد أو شم النسيم, وإنما هو حزب ضاع في خضم التغيرات التي طرأت على مملكة مصر التي اختفت فيها المملكة لنظهر فيها الجمهورية بدل ظهور حزب الوفد وبالتالي كانت الثورة على النظام الملكي قد رافقها الثورة أيضا البيضاء على حزب الوفد المصري وبما أن مصر انتقلت من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري فبل أن تموت كل أحزاب الملك مع موت الملك ولا بد أن يغرق مع الملك كل الذين كانوا في سفينة الملك .
الحقيقة التي لا يريد أحد أن يعترف بها من أنصار حزب الوفد المصري هي أن حزب الوفد المصري كان يعيشُ ويقتات على مص دماء الفلاحين والمساكين والدراويش ومصادرة عرقهم وكفاحهم وتعبهم وشقائهم يعتي بالعربي الفصيح كان حزب الوفد حزب مصاصي الدماء ,وكان أعضاء الحزب عبارة عن (دركولات-مصاصي دماء) مثل الجراذين ومثل أي طُفيلي يعيش على مص الدماء وكان الملك فاروق غير متفرغ إلا لنزواته الجنسية وسهراته الخلاعية,أما عن كيفية التعامل مع الناس فهذا لم يكن بحسبانه, ولم يكن الفلاح المصري يشغل انتباهه لا هو ولا حتى إدارة الديوان الملكي وظهر حزب الوفد المصري واختفى في ظروف غامضة سنكشف عن أهم ملامحها في هذا المقال.
ما السبب الذب أدى إلى اختفاء حزب الوفد المصري عن أرض الوجود؟ رغم أنه عاد بعد أن سمح محمد أنور السادات بتشكيل الأحزاب السياسية في أوائل الثمانينيات, غير أنه لم يعد قويا كما كان في الماضي,وكيف سيعود قوسا؟ وما الذي كان يجعل منه جسما قويا؟ وعاد بشكل صوري وكانت فيلا(زينب الوكيل)-آخر معاقل الباشوات- زوجة الباشا(مصطفى النحاس)قد تمت مصادرتها في القاهرة وجعلها سجنا ومنفى للواء(محمد نجيب) أول رئيس مصري من الضباط الأحرار مسجونا تحت ضغط الإقامة الجبرية.
كان طابع حزب الوفد طابعا ليبراليا يعتمد على قوة أعضاءه ونفوذهم وسيطرتهم على الفلاح المصري الغلبان ومصادرة تعبه وعمله,وكان الحزب يأكل لحم الفلاحين وأجورهم,وكان الحزب بواسطة الباشوات يمسك بقبضة من حديد على كل الغلاية الذين لا يجدون قوت يومهم لذلك سفك حزب الوفد المصري الليبرالي كثيرا من العرق وكثيرا من كفاح الناس الفلاحين الغلابة الذين كانوا يعملون كعبيد وليس كأجراء أو عمال عند الباشوات الانتهازيين الأنذال,وقد كان الباشا المصري يعيش بكد العامل وتعبه في ظل نظام ملكي إقطاعي حقير يصادر الحريات العامة ويستقوي بمساعدة الباشوات على الغلابة وعلى المحرومين من لقمة الخبز وهو حزب لم يكن يؤمن بدور الفقراء في رسم السياسة الداخلية والخارجية بل كان يؤمن بأن الأغنياء من النبلاء والأعيان والباشوات هم فقط من يستطيع العمل السياسي وصنع القرار أما الفلاحين المصريين فقد كانوا في نظر حزب الوفد جرابيع ولا (يسووش حاجه)وجميعهم تحت السيطرة,وفي استطلاع أجرته إحدى الصحف -بعد وفاة سعد زغلول بعشرين عام- سُئل أحد الفلاحين:أنت حتنتخب مين؟ فقال :اللي يقول عليه الباشا سعد زغلول هو اللي يمشي وطبعا حنتخب الباشا سعد,كان لحزب الوفد سيطرة قوية على الفلاح المصري الأصيل لأنه كان يعمل عند الباشوات وكان كل الباشوات أعضاء في حزب الوفد المصري وشركاء للحزب في السرقة ونشر الفساد وإغراق الفلاح المصري بالديون وإفساده أيما إفساد, وكان لكل باشا قرية كبيرة من ألف دونم أو من أقل من ذلك أو بما يزيد على ذلك وكان عليها الباشا زعيما أو ملكا يحكم في رقاب الناس ويعاقب من يريد عقابه وكان الباشا لوحده عبارة عن مؤسسة حاكمة إداريا لا ترحم أبدا, وكان الفلاح المصري يعمل ليل نهار في أراضي ومقاطعات وإقطاعيات الباشوات على مونة البطن وعلى ما يسد به جوعه فقط لا غير وهذا كان هو سبب قوة حزب الوفد وهذا هو ما يفسر لنا سر وسبب اختفاء حزب الوفد المصري الذي بدأ بسعد زغلول وانتهى تقريبا بعد نهاية مصطفى باشا النحاس.
حزب الوفد تشكل في القاهرة بزعامة المحامي الباشا سعد زغلول,ولكن أكثر شخصية مؤثرة به كانت شخصية خلف سعد زغلول وهو الباشا الليبرالي (مصطفي النحاس) الذي كان يعتبر بحق من أهم وجوه ومشاهير السياسة في جمهورية مصر العربية وكان يذكر اسمه بين الناس وفي الصحف أكثر من ذكر اسم جلالة الملك فاروق النذل وبعد وفاة سعد زغلول شكل الحزب الحكومة أكثر من 6 مرات ولا نكاد نقرأ عن مثقف مصري أو سياسي في الفترة الواقعة من سنة 1919إلى سنة1952 إلا ونجد له علاقة بحزب الوفد الذي كان حزب الأغلبية قبل أن يظهر الإخوان المسلمين على أرض الوجود وامتد اسمه من الوفد المصري الذين ذهبوا لحضور مؤتمر فرساي...إلخ, وطالما كان حزب الوفد من أهم الأحزاب الجماهيرية فأن السؤال الذي يطرح نفسه هو أين ذهب هذا الحزب هو ونشاطه ؟.
قد لا أجد أنا شيئا مهما للضباط الأحرار قد أحرزوه في مصر إلا تحديد الملكية الفردية ب 200 دونم لكل مواطن ,وهذا القرار هو الذي أدى إلى اختفاء حزب الوفد عن أرض الوجود, فمع هذا القرار قرر مجلس قيادة الثورة في بداية الخمسينيات من القرن المنصرم بإلغاء لقب الباشاوية من سجلات الدولة المدنية وبالتالي غار الباشوات في (60 داهيه) ولم يعد لهم وجود وكشفت النقاب عن حقيقة حزب الوفد المصري الذي كان بزعامة مصطفى النحاس ثاني زعيم للوفد بعد سعد زغلول,وكشفت الناصرية عن حقيقة الوفد حين وقف الوفديون ضد تقسيم الأراضي على الفلاحين وتحديد الملكية الفردية ل200 دونم لكل مواطن وليس لكل باشا ذلك أن الباشاوية ألغيت تماما وبما أن كل أعضاء الوفد من الباشوات فلهذه الأسباب اختفى وجود حزب البعث, وصحيح أنه عاد بعد أن سمح الرئيس الراحل محمد أنور السادات بترخيص الأحزاب,غير أن وجوده إلى اليوم ليس كما كان في الماضي.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟