أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عمر جاسم محمد العبيدي - التطورات السياسية في سوريا من الملكية الى الاستقلال 1918-1946















المزيد.....



التطورات السياسية في سوريا من الملكية الى الاستقلال 1918-1946


عمر جاسم محمد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3591 - 2011 / 12 / 29 - 12:57
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ماجستير في التاريخ الحديث - جامعة الموصل - كلية الاداب
- التمهيد:
تطور الأوضاع السياسية والاجتماعية في سوريا قبل قيام الحكومة العربية.

ربطت فرنسا علاقات الصداقة مع الدولة العثمانية،التي نشأت بين فرانسوا الأول والسلطان سليمان القانوني(1521-1566م)،فأخذت أواصرها تقوى بماضيها في الحروب الصليبية في بلاد الشام،ثم راحت تبلور هذه العلاقات المزدوجة بالباب العالي وبطوائف المنطقة العربية،تارة "بحق تاريخي" لها في المنطقة،وأخرى بروابط روحية وحماية دينية أو بصلات ثقافية متزايدة( )،فبعد أن فقدت فرنسا إمبراطوريتها في الهند،اتجه فلاسفة الاستعمار الفرنسي إلى المشرق ليرسموا الخطوط الشاملة لاقتحام الطريق البري إلى إمبراطوريتهم في الهند و منافسة الاستعمار الانكليزي الغالب في المنطقة الآسيوية( ).
ويشير البعض إلى أن الأطماع الفرنسية في المشرق وسوريا بالتحديد تعود إلى فترة الحروب الصليبية،حيث حاولت فرنسا التغلغل في سوريا عن طريق الإرساليات التبشيرية،ودراسة الأوضاع العامة للبلاد عن طريقها،فأسست العديد من المدارس التبشيرية التي كانت بمثابة الخطوة الأولى للتغلغل في سوريا( )،فشرعت فرنسا في حماية تجارتها في الشرق والمسيحيين الشرقيين،واستغلت البرجوازية الفرنسية على نطاق واسع ضرورة الدفاع عن حقوق المسيحيين الشرقيين كذريعة للتغلغل في سوريا( ).
وباتفاقية عقدها نابليون مع السلطان العثماني في سنة 1802 والتي أيدت الامتيازات الفرنسية وأصبحت مصالحها في بلاد المشرق مصالح لايستهان بها،فتكونت روابط ودية بين فرنسا والمسيحيين في سوريا ولبنان،وبدأت التدخل في مصالح لبنان وأجبرت الباب العالي على الاعتراف بالحكم الذاتي فيه،وقامت بتأسيس معاهدة ثقافية ودينية مثل جامعة اليسوعيين في بيروت،واسهم هذا بدوره في انتشار النفوذ الثقافي الفرنسي انتشارا غير يسير( ).
وفي مطلع صيف 1914 سادت في سوريا أوضاع سياسية واجتماعية غير طبيعية كان ذلك في العقد الأخير من السيطرة العثمانية،وذلك بسبب السياسة التي انتهجها الاتحاديون( )ضد أبنائها،ومنها سياسة التتريك،وكثرة الضرائب،ومصادرة الأملاك والأموال العامة،فعم السخط بين الأهالي خاصة بين الفئات المثقفة(الانتلجنسيا)التي شكلت جمعيات وأحزاب ومؤتمرات ومنتديات سياسية للمطالبة بحقوق العرب في الحرية والعدالة والمساواة أسوة بأبناء الملة العثمانية( ).وكانت القوة والتقاليد في الغالب هي تقاليد إقطاعية تحكم الأمور في الأرياف،وفي تلك الظروف عمدت الدولة العثمانية إلى تعيين جمال باشا ناظر وزير الحربية قائدا عاما للجيش العثماني في سوريا لإحكام السيطرة على الأوضاع المتأزمة،فقام بإعدام الكثيرين ونفي آخرين فعرف بـِ"السفاح"( ).
عملت القوات العثمانية على المواجهة في جبهتين عسكريتين،الأولى الجبهة البريطانية في صحراء سيناء والمناطق الساحلية من البحر الأبيض المتوسط،والثانية كانت ضد الجيش العربي الذي تشكل عام 1916 بقيادة الشريف حسين،وبإمرة ابنه الأمير فيصل والذي انطلق من الحجاز( ).
بدأ الجيش العربي بالتحرك عندما أطلق الشريف حسين الرصاص من إحدى نوافذ قصره على ثكنات الجيش العثماني في 10 حزيران 1916( )،وفي عام 1917 أتم الشريف حسين السيطرة على الحجاز،ثم شكل ثلاثة جيوش بقيادة أولاده الثلاثة(علي وعبد الله وفيصل)،وكانت مهمة الأخير التوجه إلى دمشق،وتحالف فيصل مع القبائل في بلاد الشام،وبدأت بالسيطرة على المدن السورية،وذلك في الأول من تشرين الأول 1918،وتبعتها مدن حماه وحمص وحلب،وعلى إثرها شكلت أول حكومة عربية في سورية(1918-1920)بقيادة الأمير فيصل( ).
- المبحث الأول:
سوريا في عهد الحكومة العربية(1918-1920)والموقف الفرنسي منها.

بدا دخول فيصل دمشق وكأنه تحقيق لآمال رجال الحركة العربية في الاستقلال( )،فقد كانت الجمعيات العربية في دمشق هي العقل المفكر للثورة العربية،فهي التي وقعت ميثاق دمشق،وأقنعت الشريف حسين بتعميم العلم( )الخاص بالثورة العربية،وهو نفس العلم الذي صممه رجال جمعية العربية الفتاة سنة 1914،ونصب الأمير فيصل ملكا على سورية،ورفعت أعلام العرب فوق تلك البلاد،وقوبل هذا الحدث بفرحة كبرى في الأوساط العربية،وقد أيدت بريطانيا هذا الحدث،لهدف يختلف تماما عن أهداف العرب،لإيمانها بان حكومة عربية بقاعدتها القومية الواسعة،كانت قادرة على امتصاص حماسة وتضحيات الثوار،وجعلها مسالمة( )،والأمر الأخر يحمل في طياته أهدافا خفية في إضعاف مواقع الفرنسيين في سوريا ومن ثم الالتفاف على اتفاقية سايكس-بيكو،مما أثار حفيظة الفرنسيين،وأخيرا في وضع ومستقبل الحكومة العربية،اذ اتهمت فرنسا حلفائها البريطانيين بمد يد العون لهذه الحكومة،والذي اعتبرته فرنسا عملا معاديا موجها ضدها ويستهدف الحلول مكانها في سورية( ).
على أي حال فقد وصل فيصل بن الحسين دمشق،وأعلن في 5 تشرين الأول 1918 عن تشكيل حكومة عربية مستقلة،وعهد إلى رضا الركابي بالقيادة العامة للحكومة( ).
انصرف فيصل إلى تشكيل حكومة ذات صبغة عسكرية،وقد استطاع ان ينشيء في سورية قواعد دولة عربية مستقلة،عاصمتها دمشق،وكان حريصا على اظهار الصبغة العربية للدولة( )،فقام بإنشاء المؤسسات لدولته،وعين الضابط المعروف في الجيش العثماني السابق الفريق علي رضا الركابي حاكما عسكريا لدمشق،وكان يرنو إلى مد نفوذ حكومته إلى لبنان،فعين اللواء شكري باشا الأيوبي حاكما على بيروت التي رفع فوق مقر الحكومة فيها العلم العربي في السابع من تشرين الأول 1918( )،وعين حبيب باشا السعد حاكما لجبل لبنان باسم الملك حسين،فشكل فيصل حكومة عربية من سوريين وفلسطينيين ولبنانيين وعراقيين،وأخذوا يعملون يدا واحدة في مجابهة دسائس الاستعمار،ووضع أساسا لدولة عربية حديثة بعيدة عن العصبية الإقليمية والطائفية،وهناك من يرى ان تأسيس الحكومة كان بمثابة "أول تحقيق عملي لليقظة القومية الحديثة"بعد قرون عديدة من هيمنة الحكم العثماني،واثبت انه ينفذ ما يتعلق به من منهاج الأسرة الهاشمية عندما أصبح ملكا على سوريا( ).
استبشر الناس بالعهد الجديد،ولكن هذا الاستبشار لم يدم طويلا بسبب إقدام فرنسا وبريطانيا على تنفيذ بنود اتفاقية سايكس-بيكو السرية،لذلك اخذ العرب ينتظرون نتائج تضحياتهم وتحالفهم مع بريطانيا لتأسيس الدولة العربية المنشودة،ولما انعقد مؤتمر الصلح في باريس في 18 كانون الثاني 1919 لبحث نتائج وتسويات الحرب،سافر فيصل لحضوره والمطالبة بحقوق العرب،ومع نخبة من أعضاء جمعيتي الفتاة والعهد( )،فتبين لهم أن"بونا شاسعا بين ما يطالب به العرب وبين ما ترضى الحكومة البريطانية أن تعترف به"( ).فقد أقر مؤتمر الصلح فصل البلاد العربية عن تركيا ووافق على ميثاق عصبة الأمم الذي تنص مادته الثانية والعشرون على نظام الانتداب( ).
واجه فيصل صعوبات جمة في مسألة مشروعية تمثيله العرب في المؤتمر،فقد حاولت فرنسا بشتى الطرق أن تعرقل انضمام فيصل،فكانت سياستها مع الأمير هي إحاطته بجميع مظاهر التعظيم والترحيب،وإشغاله بالزيارات بشكل تقطع عليه طريق المشاركة في المؤتمر،ومهما يكن من أمر فان حكومة فيصل وقعت منذ ولادتها بين ازدواجية الانكليز ورغبات ومطامع الفرنسيين( ).
كان الأمير فيصل والشعب في سورية يعلقان آمالا كثيرة على لجنة(كنج كراين)،التي أقر مؤتمر الصلح إرسالها إلى سورية لتقصي الحقائق ومعرفة رغبة الشعب في الدولة المنتدبة،فخاب الأمل عندما عُلِمَ أن بريطانيا وفرنسا رفضتا الاشتراك في هذه اللجنة،حيث وقفتا ضد إيفادها،إلا أن الرئيس الأمريكي ويلسن أصر على تنفيذ قرار مؤتمر الصلح بصرف النظر عن آراء الآخرين،فأمر الوفد الأمريكي بالسفر إلى سوريا ودراسة الوضع ميدانيا( ).
استعدت الأوساط الوطنية لاستقبال اللجنة وتثبيت رأي الشعب أمامها وهو الرأي الذي لايرضى بأقل من نيل الاستقلال التام،وقد وصلت اللجنة في 25 حزيران 1919،وفي الثالث من تموز قام وفد يمثل المؤتمر السوري الذي ضم الشخصيات الوطنية بتقديم مقررات المؤتمر إليها،وتتلخص بطلب الاستقلال التام للبلاد السورية وإقامة حكم ملكي نيابي على أساس اللامركزية،واختيار الأمير فيصل ملكا عليها،والاحتجاج على نظام الانتداب،ورفض أية مساعدة فرنسية،ورفضت مطالب الصهاينة بتنفيذ وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين( ).
بقيت اللجنة في الأراضي السورية قرابة 42 يوما،واستمعت فيها إلى وجهات نظر اغلب قطعات الشعب من المثقفين ورجال الجمعيات والنقابات ورؤساء الطوائف،وقدمت إليها عرائض كثيرة كانت كلها تؤكد على وحدة واستقلال البلاد السورية( )،وبعد أن عادت اللجنة إلى باريس وقدمت توصياتها التي تتلخص بما يأتي( ):
-تفضيل نظام الانتداب في سورية على أن يكون لمدة محدودة وسريعة لإيصال البلاد إلى مرحلة الاستقلال.
-أن يكون لسورية وفلسطين انتداب واحد.
-منح لبنان حكما ذاتيا داخل إطار الوحدة السورية.
-أن يكون نظام الحكم في العراق وسورية نظاما ملكيا دستوريا،ويصبح فيصل ملكا على سورية.
-في حالة اختيار دولة الانتداب على سورية،فتفضل اللجنة الولايات المتحدة على سورية وبريطانيا على العراق،ولايكون لفرنسا أي دور في اية حال.
رفضت بريطانيا وفرنسا هذه التوصيات،وتجاهلت تقرير اللجنة تجاهلا تاما،وأخذتا تنسقان جهودهما لتنفيذ مخططاتهما في سوريا وجرى اتفاق بين هاتين الدولتين(عرف باتفاق لويد جورج-كليمنصو)على أن يحل الجيش الفرنسي محل الجيش البريطاني في أيلول 1919،وتم إبلاغ فيصل بما تم الاتفاق عليه،وأرسلت فرنسا تعزيزات عسكرية إلى الشام وكيليكية،وعينت الجنرال (غورو)قائدا عاما للقوات الفرنسية في سوريا ومقيما عاما( ).
ولمواجهة هذا الاتفاق اجتمع المؤتمر السوري في 8 آذار 1920 فأعلن استقلال سوريا موحدة بحدودها الطبيعية وذات سيادة تحكمها ملكية دستورية على رأسها الملك فيصل،وطالب المؤتمر بإجلاء القوات البريطانية والفرنسية عن سوريا فورا،ودعا إلى إلغاء تصريح بلفور المتعلق بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين( )،وفي 26 نيسان 1920 عقد مؤتمر في سان ريمو شاركت فيه كل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا واليابان ،وحصلت فرنسا على موافقة المؤتمر بالانتداب على سورية ولبنان،وحصلت بريطانيا على الموافقة بالانتداب على العراق وفلسطين،فقام اللنبي (Allenby) بإبلاغ فيصل بنتائج مؤتمر سان ريمو،فازداد التوتر بين سورية وفرنسا فأرسل الجنرال غورو إنذارا إلى الأمير فيصل لتنفيذ مستلزمات الانتداب،وتضمن الإنذار شروطا قاسية منها:تسليم سكة حديد رياق-حلب إلى القوات الفرنسية،وقبول الانتداب الفرنسي،وإلغاء التجنيد الإجباري،ومعاقبة الأشخاص الذين استرسلوا في معاداة فرنسا،وأخيرا قبول العملة الورقية التي أصدرها البنك السوري( ) .
قام فيصل باطلاع قناصل الدول الأجنبية على فحوى إنذار غورو،وناشد دول الحلفاء للتدخل بغية إنقاذ استقلال سوريا الذي تهدده القوة الفرنسية بالانهيار،ودعا إلى تشكيل لجنة دولية للتحكيم في هذا الموضوع،ووعد بالالتزام بالنتائج التي تتوصل إليها هذه اللجنة،وأرسل برقيات إلى حكومات بريطانيا وفرنسا وايطاليا وبلجيكا والولايات المتحدة،للوقف بوجه القوات الفرنسية التي تتأهب لدخول سورية،ولكن كل هذه الجهود باءت بالفشل،فوصلت الأنباء عن احتلال القوات الفرنسية محطة رياق النقطة التي يلتقي فيها الخط الحديدي القادم من دمشق وحلب.( )
أثارت هذه الأخبار استياء الجهات الرسمية والشعبية،فدعا فيصل إلى عقد اجتماع حضره كبار المسؤولين وممثلوا الأحزاب ووزير الحربية،لمناقشة الموقف،فكان إجماع الرأي على مقاومة التقدم الفرنسي،كما عقد المؤتمر السوري جلسة في 13 تموز وطلب من وزارة الحربية الإدلاء ببيانها،فقدم وزير الحربية بيان الحكومة الذي جاء فيه"أننا لانريد الا السلام والمحافظة على شرفنا واستقلالنا..إننا لانريد الإخلال بالصلات الحسنة مع حلفائنا..إننا نرفض المفاوضات..ونقبل كل حل لايمس استقلالنا وشرفنا..ونحن مستعدون كل الاستعداد ومصممون على الدفاع عن شرفنا وحقوقنا"( ).
أعلنت الحكومة السورية الأحكام العرفية،واتخذت مجموعة من التدابير الدفاعية لحماية دمشق،التي كانت قد اضطربت حكومة وشعبا،وعمت المظاهرات والاحتجاجات للتنديد بالسياسة الفرنسية الداعية إلى تقويض الحكم العربي في سورية( ).
أجرى وزير الحربية يوسف العظمة مجموعة من الترتيبات العسكرية،وعين القادة العسكريون لإدارة المعارك في كل الجهات ولفحص التحصينات،وكان من ابرز هؤلاء القادة ياسين الهاشمي الذي قدم تقريرا للملك فيصل يعبر فيه عن حقيقة الموقف،وكانت فحوى التقرير"إن الجيش اضعف من أن يثبت للمقاومة والدفاع وليس لديه من العتاد ما يكفي لصد هجوم أكثر من بضع ساعات"وعقد مجلس الوزراء جلسة القادة العسكريين لمعرفة إمكانية الدفاع،فأدلى كل واحد برأيه فاضعفوا احتمال أي نجاح في المقاومة( ).
مال فيصل إلى قبول شروط الإنذار رغم معارضة وزير الحربية يوسف العظمة،وعلى الرغم من ذلك فأن القوات الفرنسية راحت تواصل زحفها صوب دمشق،فخرج الشعب وعدد قليل من أفراد الجيش المنحل بقيادة يوسف العظمة،فتم لقاء القوات الفرنسية قرب منطقة ميسلون،فاستبسل الوطنيون،ولكن دون جدوى فاستشهد يوسف العظمة في 25 تموز 1920 وعدد كبير من أفراد الجيش العربي،فواصلت القوات الفرنسية تقدمها حيث أصبح الطريق مفتوحا أمامها إلى دمشق( ).
وجهت الحكومة الفرنسية كتابا إلى الملك فيصل تطلب فيه ضرورة مغادرة سورية بأسرع وقت وحددت له صباح 28 تموز آخر موعد للمغادرة،فاحتج فيصل على هذا البلاغ،وأكد بأنه لايعترف للحكومة الفرنسية بأي حق في نزع السلطة منه،والتي منحها له مؤتمر الصلح،وحاول في هذه اللحظة الحرجة الاستنجاد ببريطانيا،وكان يأمل بان اللنبي سيتدخل لدعمه ضد القوات الفرنسية الزاحفة،الا أن السلطات البريطانية لم تقدم أي شيء،فعزم على الرحيل وغادر دمشق في اليوم التالي،وعلى اثر ذلك سقطت الحكومة العربية بعد أربعة أشهر من قيامها( )

- المبحث الثاني:
- تطور السياسة الفرنسية تجاه سوريا (1920-1939).
- أولا:التطورات السياسية.
ما إن أكملت القوات الفرنسية احتلالها لسورية حتى قام الجنرال غورو بإبلاغ الحكومة السورية التي شكلها الملك فيصل قبل خروجه من سورية،بأنها ستحضى بثقة فرنسا طالما قبلت المشاركة في العمل تحت الانتداب الفرنسي،الذي يرمي إلى تنظيم البلاد ومنح الحرية للشعب السوري،وحدد شروطا لاستمرار هذه الثقة وتقديم المعونة،وهي أن تقدم الحكومة تعويضا لفرنسا قدره مئتا ألف دينار من الذهب،ومعاقبة المعادين لفرنسا،وتخفيض الجيش على أن يكون قوة صغيرة مهمتها حفظ الأمن،وتعود أمورها إلى رئيس أركان الحرب في جيش الشرق،وستقمع فرنسا بكل شدة كل من تسول له نفسه إعاقة مهمة فرنسا في انتدابها على سوريا( ).
بهذه الطريقة بدأ الانتداب الفرنسي حكمه في سوريا ،وبدلا من أن ينفذ توصيات عصبة الأمم في إيصال الشعوب إلى استقلالها،بدأت مرحلة جديدة اعتمد فيها الفرنسيون على سياسة تجزئة سوريا إلى كيانات ودويلات صغيرة،على أسس عرقية ودينية ومناطقية،كان الهدف منها السيطرة على البلاد وإضعاف الحركات والثورات التي اندلعت عقب الاحتلال الفرنسي( )،كان هذا التقسيم على مرحلتين:
بدأت الأولى منها بين عامي 1920-1922 إذ شكلت سلطات الانتداب الوحدات السياسية الآتية:(دولة لبنان الكبير،حكومة حلب،حكومة دمشق،سنجق لواء الاسكندرونة،بلاد العلويين،جبل الدروز).والمرحلة الثانية ما بين عامي 1922-1925،تم خلالها تشكيل الوحدات السياسية الآتية:(الاتحاد السوري،حكومة حلب وحكومة دمشق وبلاد العلويين،وسنجق الاسكندرونة الذي أصبح له استقلال مالي وإداري داخل الاتحاد السوري،ودولة لبنان الكبير،ودولة جبل الدروز)( ).
في 27 تموز أذاع الجنرال غورو بيانا أعلن فيه الإدارة العرفية في سوريا،بعد أن وجه إنذار إلى الملك فيصل لمغادرة سورية،فغادرها يوم الثلاثاء 28 تموز 1920،وقام بحل الجيش العربي،وجمع السلاح بالقوة من أيدي المتطوعين والأهالي،ونقل عدد غير قليل من ضباط الجيش المنحل إلى جزيرة إرواد( )،واصدر قرارا ألغى بموجبه معظم القوانين والأنظمة التي وقعت في العهد الفيصلي،وأمر بالرجوع إلى العمل بالقوانين العثمانية القديمة والأنظمة الجديدة التي ستصدر عن المفوضية الفرنسية في سوريا( )،كما ابقوا الحكم رمزيا بيد حكومة علاء الدين الدروبي( )،وألغى غورو وزارتي الخارجية والحربية،وسارع إلى إقامة لجنة انتدابية في دمشق تقوم بالإشراف على أعمال الحكومة،وقد أنشأت هذه اللجنة هيئات في بقية المدن السورية،وقام مستشارا فرنسيا إلى جانب كل وزير وكل محافظ( ).
استهدفت فرنسا من وراء تجزئة سوريا،تعزيز الطائفية،وخلق التناحر فيما بينهم من اجل تمزيق وحدة الشعب السوري،وإضعاف أو اماتت الحركة العربية القومية في سوريا،والقضاء على الانتفاضات والحركات الثورية التي اندلعت في أعقاب الاحتلال الفرنسي،وتسهيل السيطرة على سوريا سيطرة تامة،وخلق قوميات من طوائف دينية مختلفة،واعترف الكولونيل كاترو رئيس مكتب الاستخبارات في أجهزة الانتداب في سوريا في تقريره"إننا جزأنا سوريا مراعاة على الخصائص الطائفية،وليس على وحدة البلاد الجغرافية"( )،وكما رفض أبناء الشعب السوري الانتداب الفرنسي منذ البداية،كذلك رفضوا تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية،ويلاحظ أن الفرنسيين اتجهوا إلى البدو،إذ شجعوا نزعات البدو القبلية،وعينوا لهم إدارة خاصة وأقاموا صلات قوية بينهم وبين مشايخهم،واستبدلوا بمن اشتبهوا فيه من هؤلاء المشايخ أشخاصا آخرين،وانعموا عليهم بالمرتبات ليضمنوا طاعتهم وموالاتهم لهم( ).
لم يقبل الشعب السوري سياسة فرنسا الاستعمارية،بل تحداها بكل الوسائل المتاحة،فقامت انتفاضات شعبية مسلحة في جميع أنحاء سوريا،كانتفاضة سنة 1920،وانتفاضة أبناء دير الزور،وقد توجت هذه الانتفاضات بالثورة السورية الكبرى( ) سنة 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش( ).
في نيسان 1922 قدم كراين* إلى دمشق لغرض السياحة،فتحولت هذه الزيارة إلى فرصة للشعب السوري كي تعبر عن مشاعره الوطنية والقومية،فأضربت مدينة دمشق وتظاهر الرجال والنساء،مما دفع السلطات الفرنسية إلى فرض الأحكام العرفية،وقامت باعتقال بعض زعماء الحركة الوطنية،وأصدرت بحقهم أحكاما بالسجن تتراوح بين عشر سنوات والمؤبد،ومن ثم إيداعهم في جزيرة ارواد السورية،ثم أفرج عنهم في 12 تشرين الأول 1923 لامتصاص نقمة الشعب الثائر.فكان رأي رجال البرلمان الفرنسي أن غورو لم ينجح في سياسة العنف ولا في سياسة الاسترخاء،قرروا استدعاءه وتعيين الجنرال ماكسيم ويغاند مفوضا ساميا على سوريا ولبنان( ).وصل المفوض السامي الجديد إلى بيروت في مايس 1923،ولم تختلف سياسته عن سلفه،أصدر في 5 كانون الأول 1924 قرارا نصت مادته الأولى على أن حكومتي حلب ودمشق تتحدان ابتداء من أول كانون الثاني 1925 ، وتؤلفان دولة واحدة تسمى (الدولة السورية)( ).
وصل التذمر من أعمال الفرنسيين والنفوذ في سوريا أشده حينما استدعت الحكومة الفرنسية في 1924 الجنرال ويغاند،وكانت إزاحته نتيجة رغبة الحكومة -لتي استلمت السلطة في باريس حزيران 1924 برئاسة المسيو هيرو-في تطبيق آرائها ليس فقط في فرنسا وحدها بل في مستعمراتها،ولهذا رشحت الجنرال ساراي( ).
في الأول من كانون الثاني 1925 أصدر الجنرال ساراي أمرا بإلغاء الأحكام العرفية التي كانت مفروضة على سوريا منذ عام 1920 ، وبالعفو عن خمسين محكوما من المحاكم العرفية الفرنسية،واصدر بلاغا آخر قال فيه أن أبوابه مفتوحة وانه مستعد لسماع مطالب السوريين،كل ذلك عند وصوله إلى بيروت في 2 كانون الثاني 1925،إذ كشف النقاب عن أن رئيس مجلس الوزراء المسيو هيرو زوده بتعليمات قبل سفره،جاء فيها أن المفوضين السابقين غورو و ويغاند لم يهتموا إلا بالأقليات المسيحية فقط،رغم ضآلة عددهم بالنسبة إلى المسلمين الذين يمثلون الأكثرية بالنسبة لسكان سوريا( ).
في هذه الأثناء الفت دمشق وفدا كبيرا من رجالها قصد بيروت وقابل الجنرال ساراي،فقابله يوم السبت الموافق 17 كانون الثاني 1925،وسلموه لائحة مفصلة بمطالب الشعب السوري،تضمنت الوحدة السورية الشاملة،دعوة الجمعية التأسيسية،وان تنتخب انتخابا حرا لتضع سوريا قانونها الأساسي،وإلغاء الإدارة العسكرية ،ومنع تدخل المستشارين حتى في الأمور البسيطة،والحرية الشخصية وإصدار عفو عام عن جميع المحكومين والمبعدين السياسيين،وجعل اللغة العربية هي اللغة الرسمية في المحاكم،وإرجاع إدارة أوقاف المسلمين والخط الحديدي الحجازي الذي هو اكبر وقف إسلامي إلى المسلمين...،إلى آخره من المطالب( ) ،وفي آذار 1925 قدم هلال عز الدين مندوب الحركة الوطنية في جبل الدروز عريضة**الى الجنرال ساراي كشف فيها عن مساوئ سياسة الحاكم العسكري بجبل الدروز الكابتن كاربييه( ).
رغم ان الجنرال ساراي جاء الى سوريا من اجل تقديم اصلاحات تتلائم مع مبدأ حزبه السياسي،فانه لم يكن موفقا في تحقيقها،فقد اصطدم بتذمر شديد زادته الازمة الاقتصادية اضراما،كما ان قراره بالغاء الاحكام العرفية لم يغير شيئا من الحكم الاستبدادي العسكري،وقد جاء في هذا القرار:"ان كل عمل عسكري يمس سلامة الجيش الفرنسي او مصالحه يحاكم امام القضاء العسكري"( ).
استدعت فرنسا الجنرال ساراي وعينت المسيو دوجوفنيل بدلا منه،والذي صرح بان فرنسا قد تستشرف عقد معاهدة تحالف فرنسية-سورية لتحل محل الانتداب اقتداء بما فعلته بريطانيا في العراق،ولجأ إلى التفاوض مع الزعماء الوطنيين،لكن ما لبثت المفاوضات أن توقفت عند عودته إلى فرنسا( )،ومجيء هنري بونو بدلا عنه في آب 1926،وبمجيئه تكون مرحلة جديدة قد بدأت لتستمر عشر سنوات كان الواضح فيها دأب بونو إلى التواصل لمفاوضة الحركة الوطنية وكسب ودها،فوفق في ذلك بعض الشيء لاسيما عندما التزم الحياد في الانتخابات العامة التي أجراها،فنال ثقة الوطنيين،إلا أن نقطة الخلاف الأساسية بينه وبين الحركة الوطنية هو موضوع وحدة الأراضي السورية والتي لم يستطع بونو حلها( ).
في حزيران من عام 1932 شكل بونو حكومة لها مظهر دستوري رأسها شخص يسمى رئيس الجمهورية وحوله مجلس النواب شكلا لاحقيقة،وقد اجتمع هذا المجلس في 7 حزيران وانتخب محمد علي العابد رئيسا للجمهورية ،وحقي العظم رئاسة الوزراء( ).
أخذت الحكومة على عاتقها إبرام معاهدة مع فرنسا فخاضت مفاوضات مع بونو،إلا أن هذه المفاوضات لم تسفر عن نتيجة بسبب مماطلة المفوض السامي،مما دفع نواب الكتلة الوطنية إلى الانسحاب من المجلس النيابي،واستقالة بعض الوزراء،فعمل بونو إلى تشكيل حكومة جديدة يمكن لها أن توافق على معاهدة يعدها هو،فألف وزارة برئاسة حقي العظم،وسعت هذه الوزارة إلى إبرام المعاهدة والتصديق عليها،لكنها فوجئت بإضراب المدن السورية كافة،وفي 2 تموز 1933 استدعي بونو إلى فرنسا وعين محله دو مارتيل،فتم التوقيع على معاهدة 1933 ، لكن المجلس النيابي لم يصادق عليها بسبب المعارضة داخل المجلس وخارجه حيث كانت المعارضة تصر على أن معاهدة لاتقوم على أساس وحدة سوريا غير جديرة بالقبول( ).
قام دومارتيل بتعطيل مجلس النواب إلى اجل غير مسمى،فتسارعت الأحداث إلى درجة ان الأمور خرجت من نطاق السيطرة عليها،ففي كانون الثاني 1936 تحولت مناسبة تأبين ابراهيم هنانو الزعيم الوطني إلى مظاهرة وطنية في عموم البلاد،مما دعا دومارتيل إلى اغلاق مكاتب الكتلة الوطنية واعتقال اعضائها،فقام الشعب السوري بإضراب عام،استمر خمسين يوما،امتد من 18 كانون الثاني حتى آذار 1936،وجرت مصادمات عنيفة في العلمون وجسر الشغور ومناطق اخرى( ).
انصاع دومارتيل إلى مطالب الحركة الوطنية فأصدر في 25 شباط تصريحا يدعو فيه زعماء الحركة إلى التفاوض من اجل إبرام معاهدة على أسس جديدة تراعى فيها امال الشعب،واقترح ان يذهب وفد سوري إلى باريس للتفاوض مباشرة مع وزارة الخارجية الفرنسية،مما اثلج صدور رجال الحركة الوطنية واستقبلوا ذلك بالترحاب،وتوقف الأحزاب،وبدأت مرحلة اخرى في تاريخ الانتداب الفرنسي على سوريا( ).
ابتدأ عهد جديد من التعاون والتفاهم،وطرا تحسن ملحوظ على العلاقات بين السلطات الفرنسية والحركة الوطنية،وقبل نهاية شهر آذار من عام 1936 وصل الوفد السوري إلى باريس،وبدأت المفاوضات،فاكتشف أعضاء الوفد السوري أن البون مازال شاسعا بين المفهوم الوطني لمعنى لمعاهدة،وبين الفهم الفرنسي،فكان الوفد يطالب بمعاهدة على غرار المعاهدة العراقية-البريطانية عام 1930*،تبرم على أساس الاعتراف بوحدة سوريا،الا ان الحكومة الفرنسية لم تكن على استعداد لتلبية هذا المطلب،لكن وصول الجبهة الشعبية إلى سدة الحكم في فرنسا**،ادى إلى ان توافق الحكومة على توقيع المعاهدة حسب المفهوم الوطني،وذلك في 19 أيلول 1936 وأجازها المجلس النيابي قبل نهاية العام( ).
بعد توقيع المعاهدة شهدت سوريا تحركا واسع النطاق لحل مشكلة لواء الاسكندرونة التي اثارتها تركيا( )،فاصدرت عصبة الامم قرارا بتأليف لجنة استفتاء سنة 1937،فجرى تزوير الانتخابات على الرغم من التفوق الواضح للعرب في عدد السكان على الترك،وبعد التأزم في العلاقات الدولية وقف العالم على حافة حرب عالمية ثانية ،قامت فرنسا بتسليم اللواء إلى تركيا في تموز 1939 مقابل مساعدتها او ضمان حيادها في الحرب،وبهذا تكون فرنسا قد خالفت روح اتفاقية 1936 التي نصت على وحدة الأراضي السورية،كما أن تباشير الحرب العالمية الثانية وسقوط حكومة الجبهة الشعبية في فرنسا سنة 1938 دفع فرنسا إلى تشديد قبضتها على سوريا باعتبارها موقعا إستراتيجيا يمكن أن يساعدها في الحرب إذا ما اندلعت،لذلك رفضت التصديق على المعاهدة( ).






















- أولا:التطورات الاقتصادية.
عانى السوريون ظروف اقتصادية صعبة،فضلا عن التدهور والمعاناة اثر انتهاء الحرب العالمية الاولى التي القت بنتائجها لاسيما على الفئات المتوسطة والفقيرة،وكذلك اثر انتهاء الحكومة العربية في دمشق 1920 ،اذ وقعت سوريا تحت الانتداب الفرنسي،ولم يكن الانتداب الا جزء من مخططات الغرب الاوربي لشرعنة الاحتلال ومراعاة المصالح الاستعمارية،والعمل على ديمومة خطوط الامداد الاقتصادية من سوريا عبر استغلال واستنزاف الموارد المحلية( ).
فرضت فرنسا بعد احتلالها لسوريا،سياسة اقتصادية،جعلت من خلالها سوريا مصدرا مهما لاستيراد الخامات وسوقا واسعة لتصريف منتجاتها الصناعية،ومن اجل تطبيق هذه السياسة سعت فرنسا إلى ايجاد قوة محلية موالية تعتمد عليها،فقد استمر النظام الاقطاعي خلال مراحل الانتداب الفرنسي،اذ حكمت سوريا قلة تتألف من خمسين اسرة تقريبا كانت تقطن مدن حلب ودمشق وحمص وحماه،وكانت اسماء هذه الاسر تتكرر نفسها دائما مثل:مردم والاتاسي والحكم،فضلا عن اسر اخرى معظمها اقطاعية( ).
ان هذه الطبقة المتنفذة مثلت ثقلا اساسيا في المجتمع السوري من خلال سيطرتها على الزراعة وامتلاكها للخبرة الماليو والسياسية،فضلا عن تقوية فرنسا لهم عن طريق تركيز ملكية الاراضي الزراعية بيد الاقطاعيين وتجريد الفلاحين من اراضيهم( )،وأن سوريا ومنذ اليوم الاول للانتداب الفرنسي ونتيجة للسياسة الاقتصادية المتبعة في البلاد تعرضت إلى سلسلة من الازمات المتلاحقة،وبسبب هذه السياسة وفقدان الاستقرار الامني،فقدت الثقة في السوق التجاري السوري،وضاق حجمها،واعلنت 118 حالة افلاس رسمية لمختلف الاعمال لالمحلية،وبدأت الضرائب تزداد والاجراءات الكمركية المتشددة،فضلا عن تقسيم سلطات الانتداب سوريا إلى دويلات صغيرة،واجتياح البلاد موجة من الغلاء في المواد الاساسية؛ترتب عليها تعطل واضح في المعاملات التجارية للاسواق المحلية السورية،ولجوء سلطات الاحتلال إلى فرض قيود على تصدير بعض المواد بحجة تأمين حاجة الجيش مثل (التبغ)( ).
وسنتناول ابرز القطاعات الاقتصادية في سوريا،وهي الزراعة،والصناعة،والتجارة.
أ-الزراعة:
بدأت فرنسا بتطبيق سياستها في القطاع الزراعي السوري بما يخدم مصالحها،فبدأت بربط الاقتصاد السوري الزراعي بالاقتصاد الفرنسي،وأرسلت إلى سوريا بعثات فرنسية متخصصة لدراسة قطاع الزراعة،وإجراء التجارب على بعض الأصناف الزراعية( ).
يعد القطاع السوري قطاعا زراعيا،لان الزراعة هي القطاع الرئيسي في البلاد والذي يتفوق على سواه من القطاعات الأخرى،ويعمل في القطاع الزراعي بين( 60-70%) من السكان،في حين يعمل في القطاعات الأخرى (10-15%) من السكان،وكان للإنتاج الزراعي النسبة العظمى في صادرات سوريا حتى سنة 1912( ).
ظل هذا الوضع ينطبق على الاقتصاد السوري في مرحلة الانتداب،وظلت العلاقات الإقطاعية في الريف عائقا أمام تطور الزراعية؛بسبب كون الفلاح لايملك الحرية والمال الكافي للتطور،فسارت العلاقة بين الفلاح ومالك الارض سيرا يشوبه الشك،مما انعكس سلبا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في سوريا بشكل كبير جدا( ) .
بدأت فرنسا بعمليات مسح الاراضي الزراعية عبر شركة خاصى تدعى "Regiede Cadastre" لإضفاء قدر كبير من الامان بالنسبة لملكية الارض،وعدم حدوث النزاعات وتدعيم الحيازات القابلة للنمو،واقامة اساس افضل للضرائب،وقد تمت عملية المسح عبر التقسيم الى مثلثات،ثم المسح الطوبغرافي،والى المسح التفصيلي،وتعيين حدود قطع الاراضي بمعوانة لجان خاصة،وقضاة عقاريين ،وبناء على السجلات العقارية الجديدة صدر في سنة 1933 قانون جديد للاراضي،وبدأ العمل بنظام جديد لسندات الملكية بدلا من نظام (الطابو)القديم،ونظام(الدفتر خانة) الذي كان معمولا به في الاقضية،وقد مثل هذا الانجاز ذا الاهمية القصوى خطوة كبيرى الى الامام بالمقارنة مع التشويش الذي كان يترافق مع الاعراف القديمة،وفي عام 1939 كان قد تم مسح قسم كبير من الاراضي الصالحة للزراعة،أي حوالي (1/4: 3) مليون هكتار،وذلك مع ان العمل امتاز بالبطء في الاعوام 1937-1939 لاسباب مالية،وجدير بالذكر ان المسح النفصيلي لم يشمل اية منطقة من جبل الدروز( ).
شهدت هذه الفترة انجازات عديدة لجهة تحسين المحاصيل والمنتوجات،فقد جرت محاولات استيراد البذور من الخارج ،او التلقيح الاصطناعي لايجاد انواع جديدة من الحبوب والفواكه،قادرة على انتاج محاصيل اكبر ونوعيات افضل،وكان قصب السكر والخروع والبطاطا والحنطة السوداء من المنتوجات الجديدة التي دخلت البلاد ،في حين خضعت زراعة التبغ لدراسة طويلة،وكان ادخال القطن الامريكي واتساع زراعته من الدلائل المشجعة كثيرا،وبالفعل اصبحت سورة خلال بضع سنوات بين البلدان التي تنتج كميات كبيرة من القطن،ولجأت سلطات الاحتلال الى التخفيف من الضرائب الجمركية،وشنت ضد الاوبئة والحشرات حربا استخدمت فيها كل ما امكن من المعرفة،وتأسست غرفة للزراعة في المدن الرئيسة( ).
واذا كانت هذه التجارب والانجازات لم تحدث اثرا كبيرا في الزراعة السورية البدائية وغير التقدمية؛فان بوسع الفرنسيين ان يزعموا انهم افادوا الاهالي الريفيين باقرار الامن في المناطق المحاذية للصحراء وانشاء الطرق الفردية،وخزانات المياه،لكن الذي يلاحظ ان في عهد الانتداب كانت الطريقة المتبعة في سوريا تتميز بترك نصف الاراضي دون زراعتها،مما يؤدي الى نقص مساحة الاراضي المزروعة،كما ظل استخدام الوسائل القديمة في الزراعة،فترتب على ذلك مردودا ضعيفا،مع العلم ان الكثير من الاراضي المزروعة لاتتلائم جيدا مع استخدام الالات الحديثة( ).





ب-الصناعة:
أما في حقل الصناعة،والتي كانت تعتمد على أصحاب الحرف والأعمال اليدوية،فقد تعرض نشاطها للانحسار والتضييق على يد سلطات الانتداب،فأصيبت الصناعة بشلل تام بعدما كانت قد توسع إنتاجها مع سعة الأسواق العثمانية،ولاسيما في المدن العربية مع تزايد حاجة اسواقها المحلية،وقد ادى قبام الحواجز الكمركية وترسيم الحدود مع تركيا والدول العربية بالتأثير السلبي المباشر على الصناعة السورية وعدم تصدير منتجاتها إلى الخارج( ).
انتشرت المعامل اليدوية في اغلب المدن السورية،وعمل في هذه الصناعة حوالي عشرة الاف عامل( )،وكانت سوريا تصدر كميات كبيرة من صناعاتها النسيجية إلى بعض الاقطار المجاورة،الا ان هذه الصناعات اخذت تتراجع في منتصف القرن التاسع عشر،بسبب تدفق البضائع الاجنبية وغزوها للاسواق بجودتها واسعارها الرخيصة،وقد خلقت وضعا جديدا لم يكن لصالح المعامل اليدوية؛فقد لحق الخراب بالصناعات الحرفية،اذ اعلنت العديد من المعامل اليدوية افلاسها( ).
لم يكن بامكان سوريا ان تضع تعريفتها الكمركية لحماية صناعتها و اقتصادها الوطني؛بسبب خضوعها للانتداب الفرنسي،ولم تكن قادرة على حماية صناعتها الناشئة،فقامت فرنسا بانشاء بعض المشاريع الاستثمارية والتي لاتقبل الخسارة،كالمواصلات والماء والكهرباء واصدار النقد وتحديث الموانيء والفنادق واستثمار اموالها في صناعة الاسفلت والتنقيب عن البترول،وقام بعض اصحاب الاموال السوريين باقامة بعض المشاريع مثل معامل الغزل والنسيج( ).
ولعل من أهم العقبات التي قامت بوجه الصناعة السورية هي سياسة الباب المفتوح المتبعة من قبل سلطات الانتداب،وكذلك العمل على جلب السلع العالية الجودة والرخيصة،كما ان الرساميل الاجنبية لم تدعم الصناعة السورية،ولم تستطع الرساميل الوطنية مجارات الشركات الاجنبية.واستمر هذا التراجع طيلة فترة الانتداب،بسبب السياسة الفرنسية التي كانت ترمي إلى جعل البلاد مصدرا للمواد الاولية،وقطع الطريق امام نشوء صناعة وطنية سورية،وتم ذلك من خلال سيطرة الشركات الفرنسية الاحتكارية على المجال الصناعي،وقد جعلت هذا المجال يدور في فلك خدمة عجلة الحرب الاستعمارية( ).
لقد مارست السلطات الفرنسية دورا بارزا في تدهور الصناعة السورية،فعدلت انظمة الكمارك،ورفعت رسوم كثير من مواد الصناعة التي تحتاج اليها الصناعات السورية،وكثير من المواد الضرورية الأخرى،وقد ارتفعت الضرائب حتى بلغ بعضها 50% و 100% زيادة عن السابق( ).
لقد كان التطور الاقتصادي في سورية في ظل الاستعمار حاله كحال الدول المستعمرة الأخرى،والتطور البطيء والأحادي الجانب للصناعة القائمة على المعامل والمصانع،كما أعاق الفرنسيون بتجميدهم لعملية تراكن الرأسمال الوطني وحرية نشاطه،وضعف الأسواق الصناعية،كان من أهم سمات الاقتصاد السوري قبل حصول البلاد على استقلالها السياسي( ).

ج- التجارة:
إن الموقع الجغرافي لسوريا منحها ميزة تجارية مهمة،فهي صلة وصل بين الشرق والغرب،اذ تصلها حدودها البرية باسيا في حين تصلها سواحلها البحرية باوربا وافريقيا،وقد كان لحلب ودمشق اثر كبير في تبادل منتوجات هذه القارة،مما جعلها منطقة صراع دولي،ومنطقة صراع على النفوذ لبعض الدول العربية مثل العراق ومصر( ).
استغلت فرنسا موقع سوريا بشكل امثل،وحوالت ان تجعل منها قاعدة مهمة من قواعدها الاقتصادية،وارضاء الاطماع الرأسمالية الفرنسية،لذا فتحت الاسواق السورية امام السلع والبضائع المصنعة في فرنسا،حيث قامت فرنسا باخضاع سوريا لسياسة الباب المفتوح بموج المادة (11) من صك الانتداب،الذي طبق على جميع الدول الداخلة في عصبة الامم بالرسوم والمعاملة نفسها( ).
ان مدة الاحتلال الفرنسي لسوريا تميزت بالاستثمارات التي فرضتها ظروف الدول المستعمرة،اذ كانت فرنسا بامس الحاجة للاموال لمجابهة متطلبات عملية تجديد اقتصادها الذي دمرته الحرب العالمية الاولى،و كذلك إلى اعادة بناء جيشها،ومده بالاسلحة،فقد تعرضت السوق السورية إلى ازمات متلاحقة منذ الايام الاولى للاحتلال الفرنسي،كان سببها السياسة الاقتصادية التي مارستها فرنسا لرفع الرسوم الكمركية،وزيادة الضرائب،وتقسيم سوريا إلى دويلات،فقد افقرت هذه السياسة الشعب السوري بدلا من رفاهيته،وأخلت بميزان التجارة( ).
واذا ما قورنت نسب التصدير إلى نسب الاستيراد لوجدنا البون الشاسع والفرق الجلي،فبالاضافة إلى عجز الميزان التجاري بسبب سياسة الباب المفتوح،حرمت سوريا من وضع أي تدبير كمركي،او عقد أي اتفاق اقتصادي على قاعدة المعاملة بالمثل،فضلا عن قلة الانتاج وعدم كفايته،فقد ضلت سوريا طيلة عهد الانتداب الفرنسي تستورد الكثير من المنتجات الغذائية الاساسية للاستهلاك المحلي،واستنزفت الثروة القومية بشكل ليس له مثيل،فعمت البطالة وانتشر الفقر وتدنى مستوى المعيشة( ).
ففي بداية عام 1925 اجبرت السلطات الفرنسية التجار السوريين على تصديق شهادات المنشأ وقوائم الشراء من القنصليات الفرنسية من الخارج لقاء رسوم مرتفعة،وقد احتجت غرفة تجارة دمشق على هذا الإجراء وأرسلت كتابا بهذا الخصوص إلى المفوض السامي الفرنسي الجنرال ساراي،ويتضح من ذلك أن السياسة الاقتصادية التي اتبعتها فرنسا في سوريا كان لها اثر كبير في تقهقر الاقتصاد السوري خلال تلك الحقبة( ).
ومن الامور الجديرة بالذكر هو مدى استفادة سورية من موقعها الجغرافي في تجارة المرور(الترانزيت)فقد بلغت(20%)من الواردات المستهلكة في البلاد،و(60%)من الصادرات من المنتوجات المحلية،وقد بلغت نسبة تجارة الترانزيت السورية الخارجة إلى تركيا والعراق وفلسطين وشرق الاردن (37%)،وان نسبة تجارة الترانزيت التي تدخل سوريا من هذه الدول المذكورة هي (62%)،ولكن هذه التجارة اصابها نوع من الشلل،بسبب عدم ربط كل من سوريا والعراق وتركيا بشبكة من المواصلات كسكك الحديد او السيارات انذاك،ومن اهم العقبات التي جابهت التجارة السورية تمثلت بافتقارها للموانيء الحديثة المجهزة والقادرة على استيعاب حركة السفن ،فضلا عن افتقارها للخبرات الادارية والمالية،كما يغلب على تجارة سورية اعتمادها على البضائع التي يجلبها عملاء يتقاضون نسب معينة لقاء ما يجلبوه من بضائع،ومع ذلك فقد استحدثت فرنسا اجراءات لتدعيم وضع التجارة الخارجية التي أظهرت عجزا دائم،فعقدت اتفاقيات تشمل شروط التجارة مع البلدان الأجنبية المجاورة،ثم خلق بنى تحتية قوامها المصارف سنة 1936،فقد كان هنالك ثلاث بنوك فرنسية وبنك ايطالي وآخر مصري-سوري،فضلا عن بنك سوريا الرسمي( ).

- ثالثا:التطورات الاجتماعية.
كان الوضع الاقتصادي المتردي بوجه عام،يساعد على قيام تجزئة اجتماعية لها دور كبير في عدم استقرار المجتمع السوري،وهذه التجزئة لم تكن حديثة،وإنما تعود إلى خلفيات تاريخية ظهرت في مراحل متعاقبة من تاريخ تطور الدول العربية الإسلامية،وعززتها سياسات متخلفة وخاطئة استغلت فيما بعد لتحقيق مآرب استعمارية خبيثة( ).
كانت الفجوة بين الشعب والحكومة في سوريا في العهدا العثماني كبيرة جدا،على نحو ماكانت عليه في جميع البلاد الشرقية،ولكن هذه الفجوة اختفت فجأة في بداية العهد الفيصلي،وهو العهد الذي اشتد فيه الحماس الشعبي وأخذ الاحكام-وفي مقدمتهم فيصل-يحاولون التقرب من الشعب والاختلاط به والاستماع إلى صوته ،ثم مالبثت نلك الفجوة ان عادت،لان المرحلة الاجتماعية التي كان يعيش فيها الشعب السوري لاتسمح ببقاء تلك الفترة طويلا،نتيجة جملة عوامل كان من شأنها ان تبعث التذمر في اوساط الشعب،ففضلا عن التجنيد الاجباري الذي فرضته الحكومة على المواطنين الذي كان من اهم عوامل التذمر( )،كانت العلاقة مابين الريف والمدينة متسمة بطابع سيطرة التجار والملاكين الكبار في المدن على مقدرات الطبقة الفلاحية في الارياف،بمكان اصبحت فيه العديد من القرى ملكا صرفا لهم( ).
كانت ظواهر التحول والتحديث والتطور المتسارع التي المّت بالمجتمع السوري فيما بين الحربين العالميتين-وهي ظواهر انتقال يصعب اعتبارها مفيدة دائما-وبمكن ردها إلى عوامل عدة إلى جانب التأثيرات الفرنسية المباشرة-وبحكم الضرورة اقل بروزا بين القبائل وفي قرى الريف والمدن الكبرى،فالواقع ان الحياة الريفية احتفظ فيها الاقطاعيون او ملاك الاراضي بهيمنتهم،وظلت حياة قاحلة غير متفائلة( ).
بمنأى عن الريف والمدينة،فقد كان المجتمع السوري يتميز بنوع من الاصول الدينية والعرقية بشكل واضح،وان كان يمثل المسلمون العرب السنة الاغلبية فيه ،الا اننا نجد ان (82.5%) من السكان يتكلمون العربية ،و(68.8%) مسلمون سنة،ويكون المسلمون السنة الناطقون باللغة العربية (57.54%) من السكان،وتبلغ نسبة الاقليات الدينية الرئيسية نسبة إلى عدد سكان سوريا كالاتي:العلويون(11.5%)،والدروز(3%)،والاسماعلية(1.5%)،والروم الارثوذكس(4.7%)،وهم يشكلون اهم مجموعة من مجموع مسيحيي سوريا البالغ عددهم(14.1%).أما الأقليات القومية الأساسية فهي تتشكل من : الأكراد (8.5%)، والأرمن(4%) ،والتركمان(3%) ، كما يوجد عدد اقل من الشركس،وان معظم الأكراد والتركمان والشراكسة هم من المسلمين السنة،وينتمون من الناحية الدينية إلى أغلبية،في حين يمثل الأرمن المسيحيون أقلية عرقية ودينية،وتتحدث الأقليات العلوية والدرزية والاسماعلية والروم الأرثوذكس اللغة العربية( ).
ان هذا التنوع الديني والطائفي والقومي كان يمكن ان يشكل عنصر قوة وحيوية في المجتمع السوري لولا السياسة التي اتبعها الحكم العثماني وحكم الانتداب الفرنسي،التي دفعت هذه الجماعات إلى ان تعيش في سوريا جماعات مستقلة يغلب عليها الشك ،واحيانا العداء فيما بينها،وساعد على ذلك التركيز الجغرافي لبعض هذه الطوائف في مناطق معينة،حيث تركز العلويون خاصة حول اللاذقية وجبالها الوعرة،وتركز الدروز حول السويداء في الجنوب مما ادى إلى وجود التضامن الداخلي لهذه الجماعات( ).
قامت سلطات الانتداب بتحسين بعض الامور الاجتماعية،فبدأت الاهتمام بحقل الصحة العامة والمساعدة العامة والتوجيه الاجتماعي ووضع المقاييس والتفتيش،والتي كانت من مهمام الفرنسيين وكان يرأس هذه الامور كبير الاطباء في الجيش الفرنسي،وكان له الحق باقتطاع قسما من الاموال لانشاء مؤسسات طبية( ).
وفيما يخث التعليم في مدة الانتداب الفرنسي،انشأت فرنسا العديد من المدارس في سوريا عن طريق الإرساليات التبشيرية التي قدمت إلى سوريا منذ عام 1860،حيث كانت فرنسا تمون هذه الإرساليات( )،ويكفي القول هنا انه خلال السنوات 1890-1900 كان (86%)من طلاب سوريا يدرسون في المدارس المسيحية والاجنبية والمحلية،وعندما احتل الفرنسيون سوريا في 24 تموز 1920 عمدوا إلى زيادة تلك المدارس ومدها بالمال والاساتذة،وقامت الارساليات بدورها بفتح العديد من المدارس في المدن السورية المختلفة،فضلا عن ان الفرنسيين كانوا مهتمين بدراسة اللغة العربية،لاسيما اللهجات السورية،فقد وضع المستعرب الفرنسي سارتليمي في سنة 1903 قاموسا عربيا – فرنسيا للهجات السورية( ).
كانت الصورة مطابقة على صعيد الخدمات التعليمية،التي كانت موضع اهتمام لسلطات الانتداب،فكانت تشرف على المدارس الفرنسية،والترخيص بانشاء مدارس جديدة خاضعة للنفوذ الفرنسي،والتنسيق بين البرامج والاساليب المتبعة في مختلف الدول،والاهتمام بالصلات المتنوعة مع المؤسسات الام في فرنسا( ).
وفي هذه الحقبة كانت الزيادة في عدد الطلاب جديرة بالثناء،وقد تحققت هذه الانجازات رغم صعوبة تأمين العدد الكافي من المدرسين والأبنية والتجهيزات،على أية حال،سواء على مستوى الابتدائية أو التكميلية أو الجامعة(في دمشق وحدها)فان التوسع كان مستمرا وسريعا،وكانت النتائج المحققة أفضل منها في أي حقبة ماضية( ).


- المبحث الثالث:
تطور السياسة الفرنسية أبان الحرب العالمية الثانية (1939-1945).

كان لرفض فرنسا التصديق على معاهدة 1936 تأثير سيء على الحياة السياسية في سوريا،فقد حصل انقسام في الكتلة الوطنية المسيطرة،وتكونت معارضة قوية عرفت بالحزب الدستوري،وتعاقبت الازامات الواحدة تلو الاخرى تعاقبا سريعا مؤدية إلى توقف الاعمال الحكومية( ).
في 7 تموز 1939 عطل المندوب السامي الفرنسي غبرييل بيو الدستور،وعين مجلس ادارة خاضع لسلطة ليقوم بادارة البلاد،وحل المجلس النيابي،فاستقال رئيس الجمهورية،وقام المندوب السامي باعادة انظمة الحكم السابقة لجبل الدروز واللاذقية وفصلهما عن سوريا،وما ان اندلعت الحرب العالمية الثانية حتى قامت السلطات الفرنسية بفرض حالة الطواريء على سوريا،تحسبا لقيام أي عمل مناهض لها من قبل السوريين،فاعتقلت زعماء الحركة الوطنية( ).
وفي الاول من ايلول 1939 بدأت فرنسا تحشد قوة كبيرة في سورا ولبنان عرفت بـِ"جيش الشرق" بقيادة الجنرال ويغان لحماية مصالح فرنسا في الشرق ( )،الا ان فرنسا تعرضت لهزائم كبيرة على يد الالمان كان امبرها انهيار قوة فرنسا في اوربا ودخول الالمان باريس في 14 حزيران 1940 ،وعلى اثرها عقدت الهدنة بين فرنسا والمانيا وعين المارشال بيتان رئيسا للجمهورية الفرنسية،ونقلت العاصمة من باريس إلى فيشي،اما ديغول فرفض الهدنة مع المانيا وشكل حكومة فرنسا الحرة في لندن ثم انتقلت إلى الجزائر،لذا عرفت بحكومة ديغول،وكان لمجيء حكومة فيشي الموالية للالمان سببا دفع المندوب السامي الفرنسي لان يذيع بيانا يستهدف فيه كسب ود الشعب،فاعلن ان مصلحة فرنسا تقوم على استقلال سوريا التام( ).
في هذه الاثناء عاشت سوريا حالة من الكساد الاقتصادي البعيد عن التفاؤل،كانت قد جاءت في اعقاب سلسلة من خيبات الامل التي نجمت عن مواقف الحكومة الفرنسية،وتعزيز الاوضاع والاستعدادات العسكرية،فبدأوا بتعطيل الحياة الدستورية،ولجؤا إلى فرض نظام غير سياسي عجز عن تلبية مطالب السوريين،واثار استياء زعمائهم،ومع ذلك فأن الفترة الواقعة بين نشوب الحرب والهدنة الفرنسية – الالمانية السابقة الذكر،امتازت بهدوء ولم تعكره كثيرا التقلبات التي طرأت في العالم الخارجي،او القيود التي فرضتها ظروف الحرب،إلا أن هذا الاستقرار لم يدم طويلا،اذ كان تخوف بريطانيا من ان تستخدم سوريا قاعدة لدعم دول المحور ، الأمر الذي دعاها ان تستعجل غزو سوريا بالاشتراك مع قوات فرنسا الحرة التابعة للجنرال ديغول( ).
اتاحت التبدلات الدراماتيكية التي حصلت في سوريا الفرصة للبريطانيين بان يستعيدوا لدرجة ما مكانتهم الحسنة عند العرب،تلك المكانة التي كانت قد مرت في ادوار عصيبة نتيجة المشكلة الفلسطينية،وسرعان ما اتضح ان التغييرات البريطانية والفرنسية للعهود المقطوعة في 8 حزيران 1941 كانت تختلف فيما بينها،فقد كان الجنرال ديغول يتبع سياسة المماطلة والتسويف ويحاول تأجيل اللحظة التي تتحرر فيها سوريا ويصر على ان تحصل فرنسا على منزلة ممتازة حتى بعد عقد المعاهدات( ) .
وعلى اثر اندلاع ثورة مايس 1941 في العراق،سمح المندوب السامي الفرنسي للطائرات الالمانية بالنزول في المطارات السورية لمساعدة العراقيين ضد بريطانيا،مما اثار مخاوف بريطانيا من سيطرة المانيا على سوريا واستخدامها قاعدة لعملياتها العسكرية في الشرق الاوسط( )،لذا اتحدت رغبة تشرشل رئيس الوزراء البريطاني مع رغبة ديغول لوضع نهاية لحكومة فيشي في وسوريا ولبنان،ولاجل كسب قادة سوريا إلى جانبهم،اعلن الجنرال كاترو باسم الجنرال ديغول بيانا اعترف فيه باستقلال سوريا ولبنان والغاء الانتداب، في اذار 1941،وعلى الرغم من المقاومة التي لاقتها الجيوش الفرنسية والبريطانية من قبل اتباع حكومة فيشي،الا انه في 4 تموز 1941 اضطر الفيشيون إلى طلب الصلح مقابل تخليهم عن سوريا ولبنان،وبذلك اعادت قرنسا سيطرتها على مستعمراتها في الشرق بمساعدة بريطانيا،فصرح الجنرال كاترو الذي كان قد تولى المهمة الصعبة من وجهة نظر الفرنسيين،ان سوريا سوف تكون لها السلطة بتعيين الممثلين الدبلوماسيين في الخارج،ولها الحق في تشكيل قواتها الوطنية،وتكون مجبرة على منح فرنسا وحلفائها المساعدات والتسهيلات اثناء الحرب. ( )
ومن اجل اعادة الهدوء والاستقرار إلى سوريا قامت فرنسا بتعيين الشيخ تاج الدين الحسيني رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة في سوريا،وبقيت البلاد بدون مجلس نيابي إلى ان اجريت الانتخابات النيابية عام 1943،فازت فيها الكتلة الوطنية،فانتخب فارس الخوري رئيسا للمجلس،وانتخب المجلس النيابي شكري القوتلي رئيسا للجمهورية في 17 آب 1943،ونقلت جميع السلطات التشريعية والتنفيذية إلى الحكومة السورية،ماعدا بعض القوات الخاصة،وشكلت وزارة برئاسة سعدالله الجابري حيث تعاقبت على رئاستها فارس الخوري وسعدالله الجابري،وجميل مردم إلى آخر سنة 1946( ).
بدأت الحكومة الجديدة نشاطا واسعا لاستكمال متطلبات الاستقلال على الصعد الداخلية والدولية كافة،وأصدرت مجموعة من التشريعات والأنظمة في مجالات التربية والتعليم والصحافة ، لغرض تثبيت دعائم الاستقلال والنهج الاستقلالي( ).
إن فرنسا اخذت تماطل وتضع العراقيل امام استقلال سوريا التام،وذلك لغضبها من النهج الذي سارت عليه الحكومة الجديدة،فاخت ترسل التعزيزات العسكرية إلى سوريا لفرض شروط جديدة تقيد الاستقلال،فطلبت فرنسا من سوريا عقد معاهدة جديدة معها،وكانت الغاية منها الحصول على امتيازات تبقي مصالحها في سوريا،فارتفع صوت الحكومة بالاحتجاج واسهمت الكتلة الوطنية بتعبئة الرأي العام،وحثت الناس على التدريب على السلاح،وخوض المعركة الفاصلة ضد الفرنسيين،فقامت القوات الفرنسية في 29 حزيران 1945 بقصف المدن والقرى السورية،وجرت المعركة في مدخل مدينة حماة التي سقط فيها ما يقارب (24) جنديا وضابطا فرنسيا،جراء المجازر الوحشية التي ارتكبتها فرنسا بحق الشعب السوري،ولكن بريطانيا تدخلت واوقفت الاعمال الوحشية وقدمت احتجاجا إلى حكومة فرنسا تحمل عبارات صارمة،وذلك لحفظ الامن والاستقرار في الشرق( ).
مضت الحركة الوطنية في نشاطها الدبلوماسي حتى تم جلاء اخر جندي فرنسي من سوريا في 17 نيسان 1946 ، ومن الجدير بالذكر ان ظروف الحرب واحتلال المانيا لفرنسا ساهمت في قطع علاقات سوريا الاقتصادية مع العالم الخارجي،فانقطع تصدير البضائع السورية إلى أوربا،فبسبب المعارك التي قامت على ارض سوريا،اثر ذلك بالشكل السلبي على الاوضاع الاقتصادية خاصة في السنوات الاولى،على اية حال،تم جلاء الفرنسيين من ارض سوريا وعد يوما وطنيا يجتفل فيه الشعب السوري من كل عام،وقد أصبحت سوريا دولة مستقلة بحدودها الحالية التي يحدها من الغرب البحر الابيض المتوسط بمسافة طولها(173كم)والجمهورية اللبنانية بمسافة(278كم)،ومن الشمال تركيا بمسافة طولها(808كم)،وشرقا العراق بحدود طولها(592كم)،وجنوبا الأردن بحدود(353كم)،وفلسطين بمساة طولها(70كم)،وبذلك يكون طول حدود سوريا (2274كم)،في حين تبلغ مساحتها(185.180كم2)( )
- المصادر والمراجع:
أولا:الكتب العربية والمترجمة:
1. احمد ،كمال مظهر .
• أضواء على قضايا دولية في الشرق الأوسط،دار الحرية للطباعة،(بغداد:1978).
2. الارمنازي، نجيب .
• سورية من الاحتلال حتى الجلاء،ط2،(بيروت:1973)
3. انطونيوس ،جورج.
• يقظة العرب،ط3،ترجمة:ناصر الدين الأسد وإحسان عباس،(بيروت:1969).
4. بيهم ،محمد جميل.
• العروبة ومواكبها خلال العصور،دار الطليعة للطباعة والنشر،(بيروت).
5. توري ،جوردن .
• السياسة السورية والعسكريون 1945-1958،ط2،ترجمة:محمود فلاحة،(بيروت:1969).
6. حجار ،جوزيف .
• سوريا بلاد الشام،تجزئة وطن،ط1،دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر،(دمشق:1999).
7. الحصري ،ساطع .
• العروبة أولا،(بيروت:1978).
8. --------.
• البلاد العربية والدولة العثمانية،(بيروت:1960).
9. --------.
• يوم ميسلون،(بيروت:1969).
10. -------.
• الإقليمية جذورها وبذورها،ط2،(بيروت:1964).
11. الحكيم ،حسن .
• مذكراتي،صفحات من تاريخ سوريا الحديث 1920-1958،ط1،دار الكتاب الجديد،(بيروت:1965).
12. الحمش ،منير .
• تطور الاقتصاد السوري الحديث،ط1،(دمشق:1983).
13. حنا ،عبدالله .
• الحركة العمالية في سوريا ولبنان 1900-1945،ط1،(دمشق:1973).
14. -------.
• القضية الزراعية والحركات الفلاحية في سوريا ولبنان(1920-1945)،(بيروت:1978).
15. الرافعي ،عبد الرحمن .
• الجمعيات الوطنية صحيفة من تاريخ النهضات القومية،ط1،مطبعة النهضة،(مصر:1922).
16. السباعي ،بدر الدين .
• أضواء على رأس المال الأجنبي في سوريا،ط2،(دمشق:1970).
17. سعيد ،أمين .
• الثورة العربية الكبرى،ط1،القاهرة.
18. ------.
• الوطن العربي،مطبعة الهلال،(بيروت).
19. السمان ،احمد .
• محاضرات في اقتصاديات سوريا،معهد الدراسات العربية العالمية،(القاهرة:1955).
20. سيل ،باتريك .
• الصراع على سوريا(دراسة للسياسة العربية بعد الحرب1945-1958)،ترجمة :سمير عبده،محمود فلاحة،ط1،طلاس للدراسات والترجمة والنشر،(دمشق:1996).
21. الشلق ،زهير.
• من أوراق الانتداب،(بيروت:1989).
22. عتريسي، طلال.
• البعثات اليسوعية(مهمة إعداد النخبة السياسية في لبنان،دراسة وثائقية)،ط1،الوكالة العالمية للتوزيع،(بيروت:1987).
23. العدول وآخرون ،جاسم محمد حسن.
• تاريخ الوطن العربي المعاصر،دار ابن الأثير للطباعة والنشر،جامعة الموصل،(2005).
24. عز الدين ،نجلاء.
• العالم العربي،دار إحياء الكتب العربية،مطبعة عيسى البابي الحلبي،(القاهرة).
25. العزاوي ،قيس جواد .
• الدولة العثمانية،قراءة جديدة لعوامل الانحطاط،ط2،الدار العربية للعلوم،(بيروت:2003).
26. العقاد ،صلاح .
• المشرق العربي المعاصر،ط1،مكتبة الانجلو مصرية،(القاهرة:1971).
27. علي، محمد كرد.
• خطط الشام،(بيروت:1972).
28. قاسمية ،خيرية .
• الحكومة العربية في دمشق(1918-1920)،دار المعارف،(مصر:1971).
29. قدري ،احمد .
• مذكراتي عن الثورة العربي،ط1،(دمشق:1924).
30. قدورة ،زاهية.
• تاريخ العرب الحديث،دار النهضة العربية،(بيروت:1975).
31. قرقوط ،ذوقان .
• المشرق العربي في مواجهة الاستعمار،ط1،دار الطليعة،(بيروت:1975).
32. -------.
• تطور الحركة الوطنية في سوريا(1920-1939)، ط1، دار الطليعة للطباعة والنشر،(بيروت:1975).
33. كوثراني، وجيه .
• بلاد الشام السكان ،الاقتصاد والسياسة الفرنسية في مطلع القرن العشرين،معهد الانماء العربي،(بيروت:1985).
34. لنشوفسكي ،جورج .
• الشرق الأوسط في الشؤون العالمية،ترجمة :جعفر خياط،مكتبة دار المتنبي،(بغداد:1964).
35. لوتسكي ،فلاديمير .
• تاريخ الأقطار العربية الحديث،ترجمة:عفيفة البستاني،(موسكو-1971).
36. لونغريغ ،ستيفن هامسلي .
• تاريخ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي،ط1،(بيروت:1978).
37. محافظة ،علي .
• موقف فرنسا وألمانيا وايطاليا من الوحدة العربية 1919-1945،مركز دراسات الوحدة العربية،(بيروت:1985).
38. المعاهدات العراقية-البريطانية،مع الاتفاقيات الملحقة بها، المطبعة العربية( مصر:1926).
39. المقداد ،محمود .
• تاريخ الدراسات العربية في فرنسا،عالم المعرفة،(الكويت:1992).
40. موسى ،منير مشابك .
• الفكر العربي في العصر الحديث،دار الحقيقة للطباعة والنشر،(بيروت:1973).
41. النجار ،حسين فوزي .
• السياسة والإستراتيجية في الشرق الأوسط،مكتبة النهضة المصرية،(القاهرة:1953).
42. نوري وآخرون ،مفيد محمد .
• دراسات في الوطن العربي،دار ابن الأثير للطباعة والنشر،(الموصل:1972).
43. الهلالي ،عبد الرزاق .
• قصة الأرض والفلاح والإصلاح الزراعي في الوطن العربي،(بيروت:1967).
44. الوردي ،علي .
• لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث،ط2،دار دجلة والفرات،(بغداد:2009).
45. ورنر ،جفري .
• العراق وسوريا 1941،ترجمة محمد مظفر الادهمي،(بغداد:1986).
46. وزان ،صلاح .
• من التخلف الى التطور الاشتراكي في القطاع الزراعي،وزارة الثقافة والارشاد القومي،(دمشق:1967).



ثانيا:الرسائل والاطاريح:
47. الدليمي ،صباح مهدي .
• الثورة السورية الكبرى 1925،رسالة ماجستير غير منشورة،كلية الآداب ،جامعة بغداد،1989.
48. سالم ،مواهب معروف.
• جمال باشا حياته ودوره السياسي،رسالة ماجستير غير منشورة،كلية التربية للبنات،جامعة بغداد:2004.

49. عبد اللطيف عبد المجيد كامل .
• دور فيصل الأول في تأسيس الدولة العراقية الحديثة،رسالة ماجستير غير منشورة،معهد الدراسات القومية والاشتراكية في جامعة المستنصرية،(بغداد:1990).
50. العلي ،احمد حسين .
• أكرم الحوراني ودوره في الحياة السياسية السورية(1946-1961)،أطروحة دكتوراه(غير منشورة)،كلية الآداب،جامعة الموصل:1996.
51. الياسري ،فاهم نعمة ادريس.
• جريدة العالم العربي،دراسة فكرية سياسية،رسالة ماجستير غير منشورة،كلية التربية،جامعة القادسية:2002.
ثالثا:الدوريات:
52. رباط ،ادمون .
• (الثورة السورية الكبرى 1925-1927)،ترجمة :محمد المجذوب،مجلة تاريخ العرب والعالم،العدد الخامس والخمسون،(أيار:1983).
53. عبد المجيد، وحيد.
• (المسألة الطائفية في النظام السوري)،مجلة السياسة الدولية ،القاهرة،العدد التاسع والخمسون،سنة 1980.
54. محافظة ،علي.
• (لواء الاسكندرونة)،مجلة المؤرخ العربي،العدد الثالث والعشرون،(بغداد:1983).




#عمر_جاسم_محمد_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزامير مرهونة
- تركيا والاحلاف العسكرية الدولية والاقليمية(الحليف الاستراتيج ...
- الهزل المقدس
- عبد الرحمن الجبرتي مؤرخ الحملة الفرنسية يبشر بالعلمانية في م ...
- الكنائس والاديرة في الموصل العهد العثماني (1516-1918) ثنائية ...
- كيسنجر والصراع العربي-الاسرائيلي (رؤية لما قبل الربيع العربي ...
- نظام التعليم في فرنسا (ظهور العلمانية واختفاء الدين)
- دعوة مفتوحة لسلام شامل واستئصال مصطلحات النزاع الشامل
- العمل التطوعي ودوره في تنمية المجتمع ..تجارب شخصية في الموصل


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عمر جاسم محمد العبيدي - التطورات السياسية في سوريا من الملكية الى الاستقلال 1918-1946