أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - الأديب : فيصل حقي - والرغبات المسحوقة















المزيد.....


الأديب : فيصل حقي - والرغبات المسحوقة


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 3590 - 2011 / 12 / 28 - 22:02
المحور: الادب والفن
    


تياه في التفاعل مع الحدث , يدخل في أدق الجزئيات , فيصنعهما , أي التفاعل , والحدث / لأنهما قد تلاحما , وما أن ترى ذلك حتى تراه يخرج من الفعل , أكثر حرية , وإذ ْ به يطل مرة أخرى , من سموات ٍ بعيدة ٍ , ليصف لك الحدث , ويُصَغِّره بمكبرة ٍ, أو يُسَلـِّط ُ عليه الضوء , حتى تكاد أن تراه , يرى أدق تفاصيله 0 أسلوبه بسيط ينساب مع خصوصيته في رسم الأحداث والشخوص , التي عالجها قبل إنشائها في الوجود , في كيمياء ذاته المتأنية , أقصد أنَّ أَرَقــَهُ جعل المحكي عنه , يخرج متكاملا ً بعد أن أنجزه في معمله الداخلي , وهكذا ترى لبوس شخوصه بسيطا ً , أي المُعبرَّ عنه , إذ ْ إن ّ ناسَهُ , يخرجون أكثر اتزانا ً وتناسبا ً مع الفعل , دون أي َّ تشويه ٍ , أو تزويق ٍ يخالجهم , فهم صادقون في معاناتهم , وأكثر ايجابية في التعبير عن ذواتهم , كما هي , لا ممطوطة , ولا مضغوطة , حياتهم تشبههم , لا كما أراد الكاتب وهو محق , بل كما خرجوا تماما ً من جذور الحياة , كلٌ لا يشبه ُ إلا ّ نفسَه ُ , أو ما شـُبَِّهَ للكاتب , وهذه مسألة أخرى تحتاج منا إلى إدخال التفكيك في دراسة النص والشخوص / وهذا يتطلب دراسة البنية الداخلية في القصص , والخارجية منها , ولن نفعل ذلك في دراستنا هذه لأنَّ هذا يحتاج بحثا ً خاصا ً في ماهية أبطال العمل , وتركيبتهم والمبنى اللغوي / ومدى دخول الكاتب في عوالمه / 0
يستخدم عناوين حركية / جملة صادقة / شخوص تبحث عن الخلاص / ذات متأرقة / تحاول الخروج من جلدها / يضيق عليها كل شيء حتى الهواء المحيط / فهو رصاصيٌ مصبوبٌ على الذات المتأرقة , التي تكاد أن تفلت ولو من خرم إبره , تنصهر بالفعل حدَّ التلاشي , وتهرب فيه حتـّى التناهي , هو لا يتماهى مع المحيط , ولكنه يتماهى مع ذاته التي تتسع المحيط / قلق , غير صبور ,
أما النصوص / القصص/ عند الكاتب فسوف ندخل في بعض عوالمها , رغم الزوايا الحادة التي استطاع المؤلف , أن يكون بارعا ً فيها , إذ إنه يخطفك فجأة من ذاتك , ليلقي بك وبلا تؤدة في عوالمه الآسرة , لا لواقعيتها , أو بساطتها , أو تعقيدها فقط , ولكن لدخولها " فجأة " في عوالم إنسانية صادقة , غير هَيّاب ولا وَثــّاب بما قد ينتابك , ولكن ليتركك أسير هذه العوالم , التي تتفجر قدرة فياضة للدخول في عوالمه التي يراها0
شخوص محمومون بفعل الحياة وألقها , واستنباطاتها الداخلية , المملوءة ألما ً ً وشوقا ً إلى ماهية حقيقية غير مصطنعة , ولكي لا نطيل عليك أيها القارئ الجميل تعال ندخل وإياك إلى عوالم قصص الكاتب : فيصل حقي ونقف عند بعض قصصه في مجموعته / رغبات مسحوقة / ونقف أولا ً عند قصة (( البحث عن عبد الألى أحد )) 0
* تبدأ القصة هكذا { جميل أن تكون ثقافة المرأة دربا ً لزواجها , لكن ّ القبح كل القبح أن تتثاقف من أجل الزواج } , هي الحكمة ُ إذا ً , أو شيء ٌ آخر, بدأه الكاتب بحكمة ٍ , لينبهنا إلى ما يـُريد , ولكن هل الكاتب بسيط إلى هذه الدرجة ليفعل ذلك ؟ لا أظنّ هذا , بل هو يريد أبعد من ذلك بكثير , أي يريد توريطنا في اللعبة , ولا مانع لدينا طالما ارتضينا قراءة النص , أن ندخل معه فيها , ومن البداية – انظروا { تفحص رجل الأمن بعينيه الخبيثتين الماكرتين رد فعل درويش الدرويش , بعد أن دفع إليه ظرفين ممزقين من الجانب الأيمن , ومغلفين بقصاصتين صفراويتين كتب على كل منها " فتح من قبل عين الدولة الخارجي " بعد أن خلف وراءه شرخا في تفكير درويش الدرويش وسلسا من البول في سرواله , بعد أن طلب منه المثول في الثامنة ليلا ً لعين الدولة 00
* بحلـْق ٍ جَــف ّ فجأة ورغبة في التبول اللا إرادي , وأصابع كورق الأشجار في أيلول , بحث عن عنوان المرسل : عبد الألى أحد 00 ازداد اتساع الصدع مد يده , سند الطرف الأيسر من رأسه فهو لا يعرف أحدا ً بهذا الاسم , ثم قبل الطرف الآخر المرسل : عبد الألى أحد !؟ 00لماذا يكتب له رسالتين بآن واحد 00 ومن يكن عبد الألى أحد هذا تمعن غلاف الرسالة الثانية وانتبه في دوامة الانفعال إلى أن الرسالة كانت معنونة باسم أخته درويشة الدرويش 00
فض الغلاف وشرع بالقراءة 0
الغالية درويشة الدرويش 00
بكل ما يحمله القلب من صفاء وبكل ما يحمله الياسمين من شفافية كلون خدك الأسيل أرسل لك بطاقة لجسر فوق نهرنا العظيم الدافق الواصل بين بلدينا 0
رغم كل الحدود المصطنعة 0 الحامل من طمي بلادكم كل الخير لأرضنا 00 وكان هذا العامل الثاني الذي حرضني للكتابة إليك رغم ترددي فأنا أعلم ما ستحدثه رسالتي إليك من دوامة كدوامة نهرنا لكني فكرت كثيراً فمادام النهر قادرا ً على نقل محبته فلم لا نرد جزءا من المحبة والعطاء 00
وطالما النهر قد تجاوز كل الحدود ولم يعترف بها فلم نقيم سدا لأبسط العلاقات الإنسانية وأقدمها !!
الغالية درويشة 00
تأملتك بعد اصطدامي بك بشكل عفوي على سلم الطائرة , ولحسن حظي أني استمعت إليك طيلة ساعات وساعات وأنت تتحدثين لزميلتك , فوق المحيط فقد كنت في المقعد الخلفي , عن تراب وطنك وحجارته وعن بيتكم المجاور للنهر 00 وعن أخيك بشكل مسهب ملهمة إياها فكرة الاقتران به 00 لم استرق السمع بل كانت عفوية حديثك وثقافتك المبرمجة ولثغك بحرف الراء مثار انتباهي 00 وصدقيني جميل أن تكون ثقافة المرأة دربا لزوجها 00 واعذريني لأني دونت اسمك وعنوانك ورقم هاتفك دون استئذان 00
ملاحظة : كتبت رسالة مفصلة إلى أخيك أطلب فيها يدك منه أن نلت موافقتك واعذريني لجرأتي إن كتبت لك عينين جميلتين ونهدين مثيرين يتحديان أي حاكم عربي لا يطلب من أجلهما عقد قمة عربية طارئة ومستديمة 00
أخلص تحياتي لك وللأهل
" عبد الألى أحد"
فض غلاف الرسالة الأولى وشرع بالقراءة 0
فتظل الحكمة مرافقة نصوص الكاتب " عندما تملك مفردات لغة ولا تستطيع أن تعبر بها من خوف , فكيف تمسك بناصية الإبداع " هنا نرى بطل القصة – عبد الألى أحد – يُعَرِّف عن نفسه " كلانا وجهان مختلفان لعملة نقدية واحدة يرفض الجميع التعامل بها موحدة , أنت في الشمال وأنا في الجنوب , ولا يفصل بيننا إلا هذه الحدود الموروثة , رغم الأسلاك المراقبة الكترونيا ً , والحفر العميقة والستائر الترابية المجمعة ودوريات الأمن المضاعفة , فإن النهر يكسرها , ولا يعترف بها , ولا زال يراهن على عامل الزمن باجتياز الحدود كل ثانية " إذا ً النهر هو الوحيد الذي صنع قوانينه منذ الأزل , ولا يعترف بقوانين البشر المصطنعة هو الحلم بلـَمِّ الشمل , فالتاريخ الحديث مشــَوّه , والقرارات مزيفة , والرفض هو السمة الأقوى عند – عبد الألى أحد- فالثورات منكسرة , والمفاهيم القيمية مختلطة , والكل يريد ضياعه , ولكنه رافض لكل مفاهيمهم وقيمهم , ولشكل وجودهم , لأنه يريد الشكل الآخر الأكثر تجذرا ً مع الحياة , فحقيقة جبال , " البيرنيْه " هذه الحقيقة الوجودية فلسفيا ً نراها تدخل الأدب , لا من أجل أن تكون شعارا ً , ولكن لأنها تعزز قيم الوجود , فالحزن والألم , وحالة القيء على الاستقواء , لا تعني , الانكسار أو الإحباط , ولكنها أيضا ً فعل داخلي لعمق الصيرورة الأبدية ,لهذا الكائن العظيم , " الدينكيشوتي " الذي اسمه – عبد الألى أحد – ويستمر عبد الألى أحد – البحث عن الذات الجمعية , لأمة موحدة يحلم أن تكون الأنهار هي التي ترسم الحدود0
- كلما قرب من الحلم يضيع , ويظل حلمه متكسرا ً كموجات النهر الذي لا يشبه إلا نفسه وفي أعماقه ليحتفظ بحلمه الجميل , وأسرار الوجود التي لا تكسرها الحدود المصطنعة0
(( بحثنا عنه في كل مكان ولم نجده , أرجوكم أن تهتفوا لنا على العنوان نفسه , تهالكت درويشة على أريكتها إلى آخر القصة )) 0
ضاع إذا ً / عبد الألى أحد / أو لم نعد نعرف أخباره (عشرون رسالة ), وأخرى تقذف منسية في النهر هي عدد الدول العربية الموجودة على الخارطة , فقط مرسوم شكلها , وظل الحكم الوحيد هو النهر , الحقيقة الباقية التي لا تعترف بالحدود المصطنعة , ربط جميل وموفق , وإحساس بالألم الكبير , لأن القضية كبيرة , والرموز عميقة ومـُحْكَمة , وأظن أن – عبد الألى أحد – بدأ يطل علينا الآن برأسه 0
* * *
أن هذا الأدب الجميل لا يرى النور , هذا الأدب الحقيقي والواقعي الصادق , بل الصادم , كما هي الحال في قصص / فيصل حقي / , يبدو هذا ولكن لما لم ير النور , لما لم يــُنـْشـَر / يؤكد الكاتب : أنهم يخافونه , يخافون الأدب الذي يعري الأشياء ( أي يعريهم )ومن هنا تعرف كم هم جبناءُ في حريتهم , وصغارًٌ أمام الحقائق , يكتبون عن الحرية والأدب ولا يكونون أحرارا ً ً في مواقفهم , يخافون الخوف , ويقتلون الحرية , فالرقيب يهمهم , فيوصدون نوافذ الحرية في داخلهم , فيحرموننا تجارب عميقة وأدبا ً من نوع آخر عند فيصل حقي , وأمثاله من الأدباء المهمومين بالإنسان , والتعبير عنه بلا زيف / يقول الكاتب في إحدى قصصه : ( بقدر ما تملك من أموال وسلطة تكون أفكارك السخيفة مقنعة للطرف الآخر ) 0
في مجموعته القصصية – رغبات مسحوقة – يظهر لك فيصل حقي , قاصا ً حقيقيا ً كآجر مشوي بنار التاريخ , متحديا ً كل أشكال الكتابة , ليقول لنا أن الكتابة هي , هم الحياة , وعمقها وجوهرها , لا يحاول الدخول في أشكال التجريب , والمدارس الأدبية , التي أضحت موضة الآن لمن هب ّ ودب , دون الدراية الفكرية والثقافية , بل والحياتية فيها , مما جعل البعض يلعب على " فانتازيا " اللغة , فيشوه الاثنين معا ً , أو يكتب لنا في القصة الصوفية , أي ذات البعد المتصوف وهو , حرباء في داخله , يفرغ سمومه على الطـُرَّاق, وينهش بـِكـَلَبه ِ الجهنمي العامة , والخاصة , متوهما ً أن حالة التشظي النفسي والقيمي , تجعل منه أديبا ً , غير عارف أنّ الأدب , هو أعلى مراتب القيم " أدبني ربي فأحسن تأديبي " تماما ً مثلما هي الحال مع الأديب فيصل حقي ولكي نسوق لكم مثال الأدب القيمة , أي القيمة الأدبية والإنسانية والاجتماعية والأخلاقية , في الكتابة الأدبية وذلك بالعودة إلى قصة الوسام في المجموعة ذاتها 0

* * *

رغبات مسحوقة / ميراث منذر الصوفي / رحلة ياسر البرغوث / الدولاب / الوجه الآخر / ظلال من الفرح / مرابض تبادلية /ألسنة من اللهب / الرحيل في أحداق زومايا/البحث عن عبد الألى أحد / الوسام / الساعة / 0
اثنتا عشرة قصة هي عالم المجموعة القصصية للكاتب فيصل حقي0
من العناوين يبدو لك أن شخوص العمل , مترعون بالهم والانكسار والخيبات / فالحياة دولابٌ تلف بهم , وتقذف كل واحد منهم خارج تراب وطنه , وترميه إما قريبا ً من بلاده , ينظر إليها بعين الأسى , حيث لا يفصله عنها إلا المتاريس والخنادق , أو على أبواب السفارات الأجنبية التي لا ترضى إلا بإذلالك , وتطويعك للذي تـُـريد , عناوين الهم والخيبات , هي عناوين قصص الكاتب , أما الدخول إلى عالمه , أي عالم قصصه فترى الشخوص , مملوئين بالانتصار الداخلي , والاستهزاء بالحياة التي تحاول الاستهزاء بهم , وتحويل اليومي والعادي والمعاش إلى قوة حياتية ذات قيمة , وذلك كما هي في قصة - رغبات مسحوقة 0
الأرض هي جوهر الانتماء ,ومن لا ينتمي إلى الأرض , لا ينتمي إلى الآخر , ( انطلقت السيارة باتجاه العودة في سباق بين الموت والحياة وهي تحمل المصابين , مخلفة وراءها مُدَوَّنة , فيها الأوامر الصادرة للشيخ – دلي- باقتطاع الجزء المتاخم لضفة النهر وتسليمه للمستر- جون ) هي الأرض إذا ً , الأرض الذي سقاها بدماء قلبه , وحولها من صحراء إلى جنة معطاء , وركل ذاته بعيدا ً عن عالم البداوة والعشيرة إلى عالم آخر جعل فيه الأرض حياة ً له , وجلب العارفين من أهل الخبرة والمشورة , ليأخذ برأيهم في جلب مكملات هذه الأرض من آلات زراعية تتناسب والعالم الجديد الذي كيَّف نفسه معه / جَرّار/ حصادة / بيك آب / ورغم ذلك لم يتخلَّ عن حياة البداوة في المسكن والملبس , إضافة إلى النعاج , " وزركان " ذلك الغالي الأوفى , إذ هو الوحيد الذي لم يخنه بين الطامعين والحاسدين , تشد من عضده / مريم القهار / زوج ٌ/ أختُ رجال ,إذ هي : عشيرة كاملة تشد من إزره , وتساعده على شظافة العيش , ووحوش الفلاة , وقسوة الطبيعة , هما الاثنان هي وزركان , وكذلك الصغير نهير يشعرونه بطعم الحياة , وقوة الانتماء إلى هذه الأرض , التي سميت بفضله وادي الشعير , أو وادي الذهب الأسمر , كما كان يقول حساده , ولكن لم تكن تخطر بباله أن " الشيخ " سوف تصل معه النذالة للتآمر عليه , وعلى أرضه ليقتسمها مع " المستر جون " آه يا بلد كل شيء فيك قابل للمساومة هكذا قال في نفسه , حتى الأرض, أرض الآباء والأجداد , وانطلقت الرصاصات من رشاشه , مدوية صوب الشيخ , - والمستر جون – ومن معهم , ما دمت حيا ً لن تمس أقدامكم النجسة هذه الأرض الطاهرة , والكلب معه, كلبه الوفي – زركان – يذودهم أيضا ً أنتابه السعار بعد أن سمع أزيز الرصاص, وانتخى لصاحبه , وكذلك زوجه " مريم" بدأ الحقد يغلي في دمائها وتتراقص في رأسها الأفعوانات , إذ وقفت متحدية رصاصهم , رافعة رأسها بكل إباء , غير هّيّابه ولا مهمومة برصاصهم , وكذلك ابنها نهير استنجد فازعا ً لأبيه , وقد عَلـّمه الرماية وركوب الخيل , وانهال الرصاص عليهم كالمطر , وكذلك على المستر/ جون / وأذنابه من العربان وما هي إلا لحظة حتى مر ّ وادي الشعير في رأس أبي نهير , وهو يضغط على الزناد وبإتجاههم (( ما من أحد حاول عبور وادي الشعير , ليلا ً أو نهارا ً وحده إلا وكانت جثته وجبة دسمة لذئب مفترس , أو ضبع متوحش , أو أفعى سامة , أو سرية من العقارب اللاسعة )), إلا عنادك يا أبا نهير , ما فوقه عناد , حتى تأتي إلى هذه الأرض الجرداء , وتحولها إلى جنة نعيم , خسئت " يا مستر جون " لن نأخذها وأزلامك إلا على جثتي , وأزداد الرصاص , وفجأة سمع صوتا ً مكتوما ً يشبه الأنين, وإذا مريم القهار ينز الدم منها , لقد أصابها الملعون , وتكوم الحقد في داخله ليصليهم بوابل من رصاص ٍ حاقد ٍ , والكلب أيضا ً بدأ يجأر بنباح موجع لقد أصابوه هو الآخر , ونهير هو الآخر يصب الرصاص عليهم , إذ أصبحت العائلة جسدا ً واحدا ً حتى الموت 00 هذا هو الجو الذي يضعنا به وبعفوية صادقة القاص: فيصل حقي , غير هياب بشكل الكتابة , ولا بلونها , ولا بتقانتها , حروفه تـَنِزّ عفوية , وهي حية لآنّ دماء ها موصولة بدماء حية , دماء بشرية من لحم ودم , والتاريخ كله يأتي إليه مُجَمّعا ً بلحظة ِ الوعد ِ المشؤوم , إذا ً إنه وعد بلفور " فهم نهير الدرس الأول الذي أرّقه كثيرا ً وبلمح البصر , بعد أن وضع / زركان / على باب الخيمة انطلق كالسهم عائدا ً برشاش أبيه , التفت بحقد أعمى وبصق على كل شيء , ثم ولج داخل الخيمة " 0
هو ربط جميل ٌ , وَمُقْنِعٌ وعفوي ٌ , الأرض تساوي الدم , ومن يتخلّ عن أرضه , يتخلى عن كل شيء , هذا الربط الجميل بين وادي الشعير , وفلسطين / فالأرض واحدة والتأمر هو التآمر , والسيد " جون " يجد دائما ً أصحاب النفوس الضعيفة للتآمر معهم , عندما تتعامل مع قصص , فيصل حقي , فلا تدخل في التنظير , فالعمل قصصي ليس في الحدث فقط وليس في المضمون كذلك , ولكن أيضا ً بتكثيفه , أي الأحداث , وعمق الشخوص التي تبدو لك من لحم ودم وتجعلك تعيش معها , ناسيا ً جمال اللغة والشكل الخارجي , لأن الكاتب يعوضك عن ذلك بالداخل , بالحيوي المتجذر في النص , وفي العفوي الخادم للفكرة , وبالوضوح السلس , وبهذا الفيض الجلي الكامن في الشخوص من الآنسنة الضاجة بالعواطف والحياة 0
لا شك أن أبطال قصص الكاتب – حقيقيون وصادقون / ولا ينتابهم زيف ولا ريبة فيما هم فاعلون / فالكاتب وعبر شخوصه يــُعَرِّي الواقع المنافق , المربوط بسلاسل / المصلحة / , بعيدا ً عن الخَطـَابَة المباشرة , فشخوصه يشبهون كل الأحرار في هذا العالم العربي , الذي حاول تزييفه , دعاة السياسة المنافقة , والذين لا ترتبط مصالحهم بأوطانهم إلا عبر/ المستر – جون / والمرابض التبادلية التي تطلق أهدافها إلى المجهول , فهو , يدين مرحلة كاملة, منذ زمن " وعد بلفور " إلى اللحظة الراهنة ولكن بأسلوب أدبي شيق , أداته في ذلك شخوص ينبضون بالحياة , ويتحدون القيود والظلم , من أي مصدر كان , ربما عندما نقف عند قصصه نرى السهل الممتنع , كما يقال , فهو ببساطته , وحركته مع الأحداث , تكاد أن ترى عادية الشخوص والحدث , ولكن ما أن تحاول الدخول في هذه العوالم , حتى ترى التركيب المتشعب , والعمق غير العادي لهذه العوالم , والأكثر عمقا ً هو هذه الفضاءات الرحبة , إنسانيا ً ونفسيا ً
لبشر ضاق عليهم الوطن , ورغم ذلك لا يستطيع أحد أيا ً كان هزيمهم , رغم المعاناة غير العادية 0
* فيصل حقي: كاتب عميق يختزل تجربة وطن , شخوصه بشر من لحم ودم , مهمومون بقضايا الأمة , غير شخصانيين , ولا ينامون على آرائك من نعيم , قريبون جدا ً من الحياة , بل هم أصحابها , يركز دائما ً على جوهر الحياة , بعيدا ً عن الشكل الخارجي , فالداخل عند عالمه عميق وشفاف وإنساني , وناسه لا يشبهون إلا البشر الحقيقيين , لم تلوثهم الحياة , وهم أضداد لكل أشكال الزيف , قصص – فيصل حقي – يحتاجها كل من يريد أن يعرف مرحلة مرت بتاريخ هذه الأمة , ليعرف عنها أو ليتعظ منها , زاده في ذلك أدب واقعي وجميل 0
۞ الأديب فيصل حقي : من مواليد الرقة عام 1948 0
شاعر وقاص , - من مؤسسي جماعة ثورة الحرف بالرقة
- نشر أول قصيدة له في عام 1968 في مجلة الثقافة السورية 0
- من مؤسسي جمعية أصدقاء المركز الثقافي في الرقة عام 1969 0
- عضو عامل بالجمعية الثقافية الجاحظية بالجزائر 0
- حائز على العديد من الجوائز الأدبية 0
* مؤلفاته الأدبيـــــــــــة :
1- البطة والإوزة والحمامة – قصص للأطفال – دار ألم نشرح الجزائر- 2007 0
2- شجـــــرة الأســــــــــرة – قصص للأطفال – دار ألم نشـــــــــــرح - 2007 0
3- البحر واختطاف الزوار – للأطفــــــــــــال – دار ألم نشـــــــــــرح 2007- 0
4- الشمس تذهب إلى المدرسة – للأطفــــــــال- دار ألم نشــــــــــــرح- 2007 0
5- عيد ميـــــــــــــــــلاد آندي – للأطفـــــــال – دار ألم نشــــــــــرح - 2007 0
6- في مدينة الملاهـــــــــــــي – للأطفـــــــال – دار ألم نشـــــــــــرح- 2007 0
7- الجدة واللص الغبي – دار ألم نشرح- 2007 0
8- ذكاء صياد – للأطفـــــــــال – دار ألم نشرح- 2007 0
9- الطاغية والرعيان الثلاثة – للأطفال – ألم نشر- 2007 0
10 – الديك المتشرد للأطفـــــــــال – دار ألم نشرح -2007 0
11- لقمان الحكيم – للأطفـــــــــال – دار ألم نشرح- 2007 0
12- الفتنة أشد من القتل – للأطفال – دار ألأم نشرح- 2007 0
13- على أسوار بغداد – للأطفال – دار ألم نشرح - 2007 0
14 – رغبات موؤدة – شـــــــــعر – دار ألم نشرح - 2007 0
15 –رغبات مسحوقة – قصـــــص- دار ألم نشرح -2001 0



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعر
- الجميلة ُ درعا
- الفنان والنهر
- الرقة تتغرَّب على ضفتيْ , النهر
- حكامنا العرب
- سيدة الألم
- * وطن ٌ كذاب
- شآم الكرامة 0
- المنتدى الثقافي الديمقراطي بالرقة / سوريا . ...
- يا مبارك , لماذا بدلت المعارك ؟
- صباحك ِ ُ فلُّ مهداة : إلى طلّ الملوحي
- الحوار المتمدن رمز للمعرفة والحرية
- قناة الجزيرة , أخطر من القاعدة , وأَشَرُّ من الفتنة
- ميشيل عون / الصغار وما يسطرون
- رمضان كريم
- رصد الأحوال الشعرية في القصيدة العربية , في النصف الثاني من ...
- ملائكة الملل
- الأغنياء يزدادون غناً والفقراء يزدادون موتاً
- رجلٌ معصوم ٌ من كردستان - الإهداء إلى : عصمت محمد
- أحزاب لبنان والعراق تتعارك وكأنها دول


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - الأديب : فيصل حقي - والرغبات المسحوقة